• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نهاية عام وبداية عام (خطبة)
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    التواصل العلمي الموضوعي بين الصحابة: عائشة وأبو ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    راحة القلب في ترك ما لا يعنيك
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإلحاد
    د. عالية حسن عمر العمودي
  •  
    يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإسلام يدعو إلى العدل
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    من مائدة التفسير سورة قريش
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    عناية النبي - صلى الله عليه وسلم- بحفظ القرآن ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    خطبة: فوائد الأذكار لأولادنا
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    إمامة الطفل بالكبار
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    القران الكريم في أيدينا، فليكن في القلوب
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    مقام العبودية الحقة (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    الصدقات والطاعات سبب السعادة في الدنيا والآخرة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الخشوع المتخيل! الخشوع بين الأسطورة والواقع
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    الانقياد لأوامر الشرع (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    الوقت في الكتاب والسنة ومكانته وحفظه وإدارته ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

عناية النبي - صلى الله عليه وسلم- بحفظ القرآن مدونا ومكتوبا في السطور

عناية النبي - صلى الله عليه وسلم- بحفظ القرآن مدونا ومكتوبا في السطور
الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي

المصدر: البُرْهَانُ فِي حَقِيقَةِ حُبِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ لِلقُرْآنِ (بحث محكم) (PDF)
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/6/2025 ميلادي - 28/12/1446 هجري

الزيارات: 153

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - بحفظ القرآن مدونًا ومكتوبًا في السطور


كتابة القرآن في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:

قضى الله تعالى ألا ينزل القرآن جملةً واحدة كغيره من الكتب السماوية السالفة، بل أنزله منجمًا موزعًا على الحوادث، مُقسمًا على الأزمان، وذلك لِحِكَمٍ جلية ومصالح جمة؛ منها: أنه كان ينزل بحسب الوقائع والحوادث التي كانت تحصُل في المجتمع في عهد التشريع، فتنزل الآيات مبيِّنة حكمَ الله فيها، وبحسب الأسئلة التي كانت توجَّه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المسلمين أو غيرهم، فتنزل الآيات جوابًا عنها، وبحسب الشُّبَه التي كانت تختلج في صدور أعداء الإسلام، فتنزل الآيات لدحْضها بالحجج الدامغة، وبحسب ما كانت تقتضيه حال المسلمين من تقرير عقائد الدين وشرائعه وأحكامه وفضائله، ومنها أنه نزل تدريجيًّا؛ ليكون أبلغ في التحدي وأظهر في الإعجاز، ومنها أنه نزل كذلك للتدريج في تربية الأمة العربية تربية دينية وخلقية، وإعدادها لمنزلة الخلافة في الأرض، ومنها تيسير حفظه وفَهْمه، والعمل بمقتضاه، ومنها تثبيت فؤاد النبي - صلى الله عليه وسلم - في مواطن الخصومة؛ حتى لا يبرح به الحزن على عدم إسراع قومه إلى الهداية، وليتفرغ لتبليغ الدعوة بعزيمة قوية وقلب مطمئن.

 

وكان القرآن ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيحفَظه ويبلِّغه للناس، ويأمر كتاب الوحي بكتابته، ويدلهم على موضع المكتوب من سورته، فيقول لهم: ضَعوا هذه السورة بجانب تلك السورة، وضَعوا هذه الآية في الموضع الذي يذكر في كذا وكذا، ومن الصحابة من يكتفي بتلقيه من فيه - صلى الله عليه وسلم - فيحفَظه، ومنهم من كتب السورة أو الآيات أو السور، ومنهم مَن كتبه كله وحفِظه، والذين اشتَهروا بكتابة القرآن بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عثمان وعلي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان وأبان بن سعيد، وخالد بن الوليد وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وثابت بن قيس، وغير هؤلاء من أجلاء الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - ولم ينقض عهده - صلى الله عليه وسلم - إلا والقرآن الكريم مكتوب كله، بَيِدَ أنه لم يكن مجموعًا في مكان واحدٍ ولا مرتب السور، وإنما لم يأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بجمْع القرآن في مصحف واحد؛ لأن اهتمام الصحابة إنما كان بحفظه واستظهاره، وأيضًا لما كان يترقَّبه مِن ورود زيادة أو ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته - صلى الله عليه وسلم - وأُمِنَ توقُّع النسخ، ألهَمَ اللهُ الخلفاءَ الراشدين جمعه في مكان واحد، وفاءً بوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة.

 

والخلاصة:

أن القرآن كان مكتوبًا كله في العهد النبوي، ولكنه لم يكن مجموعًا في مصحف واحد، ولا مرتبَ السور، بل كان مفرقًا في العسب والرِّقاع وغيرها، وكان محفوظًا في صدور الصحابة، إلا أن منهم مَن كان يحفظه كله لملازمته للرسول - صلى الله عليه وسلم - كالخلفاء الأربعة وغيرهم، ومنهم مَن كان يحفظ معظمَه، ومنهم من كان يحفظ بعضه؛ والله أعلم"[1].

 

الأدلة على كتابة القرآن الكريم في عهده - صلى الله عليه وسلم -:

لقد وردت أدلة كثيرة تدل على كتابة القرآن الكريم في عهده - صلى الله عليه وسلم - ومبادرته بالأمر بكتابته، ومن أبينها ما يلي:

1- إطلاق لفظ الكتـاب على القـرآن الكريم في مواضـع عدة من القرآن الكريم، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ﴾ [البقرة: 2].

 

فالكتاب يدل على أن القرآن مكتوب.

2- أن الكتابة من الصفات الثابتة للقرآن الكريم؛ حيث قال عز وجل: ﴿ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً ﴾ [البينة: 2]؛ قال الفخر الرازي في تفسيره لهاتين الآيتين:

"فاعلم أن الصحف جمع صحيفـة، وهي ظرف للمكتوب"[2].

 

3- ما ورد من الأحاديث الدالة على وجود القرآن الكريم مكتوبًا في عهـد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن ذلك:

أ- ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُسَافر بالقرآن إلى أرض العدو) [3]،[4].

 

ب- وفي لفظ لمسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلـم - قال: (لا تسافروا بالقرآن، فإني لا آمنُ أن يناله العدو)[5].

 

ج- ما ثبت عند البخاري من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - أنه قال: لما نزلت: ﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النساء: 95] - قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: ادع لي زيدًا وليجيء باللوح والدواة والكتف، أو الكتف والدواة، ثم قال: اكتب: ﴿ لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ ﴾، وخلف ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرو ابن أم مكتوم الأعمى[6] - رضي الله عنه - فقال: يا رسول الله، فما تأمرني؟ فإني رجل ضرير البصر، فنزلت مكانها: ﴿ لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ﴾ [النساء: 95] [7].

 

وسيأتي معنا ذكر هذا الحديث بطوله مرة أخرى بعد قليل حين الكلام عن أدوات الكتابة المستعملة في العهد النبوي بإذن الله تعالى.

 

وغير ذلك من الأخبار الدالة على أن القرآن الكريم كان مكتوبًا في عهده - صلى الله عليه وسلم - والتي من أبرزها كذلك ما يلي:

1- إذنه - صلى الله عليه وسلم - بكتابـة القرآن الكريـم، ثبت عند مسلم من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلـم - قـال: (لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن، فليَمْحُه) [8]، [9]، فهذا الحديث يدل على نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابة عن كتابة شيء غير القرآن [10]، وأن القرآن كان مأذونًا لهم في كتابته[11].

 

2- ومنها ما ثبت عند مسلم من حديث أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ...."[12].

 

ولاشك أن المقروء لابد أن يكون مكتوبًا، وهذا الحديث وأضرابه كثير جدًّا.

 

3- ومنها ما ثبت عند البخاري من حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: "بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفُ وَمَرْيَمُ وَطه وَالأَنْبِيَاءُ هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلادِي؛ أي: من قديم ما قرأته"[13].

 

ولاشك أنه - رضي الله عنه - إنما قرأ هذه السور من لوح مكتوب كذلك.

 

والأدلة على ما يدل على كتابة القرآن الكريم في عهده - صلى الله عليه وسلم - كثيرة جدًّا ومعروفة.

 

وقد ساق الباحث ما يدلل عليها تجنبًا للإطالة، ولعل في الإشارة ما يغني عن كثير من العبارة، والحمد لله رب العالمين.

 

ذلك ومع أن إداوة الكتابة في هذا العهد المبارك كانت بدائية للغاية، لحكمة أرادها الله كما سيأتي معنا بيان ذلك بالتفصيل، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتَّخذ كُتّابًا للوحي ينسخون ما يملي عليهم وما يحفظونه بين يديه - صلى الله عليه وسلم.

 

كُتَّاب الوحي:

"وكُتَّاب جمع كاتب، والكاتب عند العرب هو العالم، ومنه قوله تعالى: ﴿ أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الطور: 41] [14].

 

وقد اتَّخذ الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - كُتَّابًا للوحي، منهم من كان يكتب أحيانًا، ومنهم من كان متفرِّغًا للكتابة ومتخصِّصًا لها، وكان هؤلاء الكُتَّاب مِن خيرة الصَّحابة - رضي الله عنهم أجمعين - وقد مرَّ معنا ذكر أبرزهم، وكانوا يكتبون على ما توفَّر عندهم من جريد النَّخل، والحجارة، وقِطع الجلد، والرِّقاع من الورق، والعظام، ثم يوضع المكتوب في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد اعتنى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بكتابة القرآن الكريم كاعتنائه بحفظه، فلم يكتفِ بحفظه في صدور المسلمين، بل جمع مع ذلك حفظَه في السُّطور زيادةً في التَّوَثُّق والضَّبط والاجتهاد، وكلَّما نزل شيءٌ من القرآن الكريم أمر - صلى الله عليه وسلم - صحابته بكتابته، فيقول: (ضَعُوا هؤلاءِ الآياتِ في السورةِ التي يُذْكَرُ فيها كذا وكذا)[15] ، وذلك مبالغةً في الضبط والاحتياطِ لكتاب الله تعالى، ولم ينقضِ العهد النَّبويُّ إلا والقرآن مجموعٌ على هذا النَّمط[16].

 

والرواية سالفة الذكر وإن كانت ضعيفة إلا أن لها شواهد أُخَر صحيحة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما أخرجه أحمد في المسند بإسناد حسن عن عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسًا إِذْ شَخَصَ بِبَصَرِهِ ثُمَّ صَوَّبَهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يُلْزِقَهُ بِالأَرْضِ، قَالَ: ثُمَّ شَخَصَ بِبَصَرِهِ، فَقَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلام - فَأَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ هَذِهِ الآيَةَ بِهَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90][17].

 

ومنها كذلك ما ثبت عند البخاري من حديث ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا ﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ﴾ [البقرة من آية: 240]، قَدْ نَسَخَتْهَا الأُخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا، قَالَ: تَدَعُهَا يَا بْنَ أَخِي، لا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ" [18].

 

والمصنفات التي اعتنى فيها أصحابُها بتراجم الأعلام عرفوهم بكتاب الوحي؛ كالخلفاء الأربعة وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان وزيد بن ثابت، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.

 

وكان "الوحي إذا أُنزل على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر أحد الكتَّاب كزيد أو غيره أن يكتب ذلك الوحي"[19].

 

قال الباقلاني (ت: ٤٠٣ هـ )- رحمه الله-: "وما على جديد الأرض أجهل ممن يظن بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنَّه أهمل القرآن أو ضيَّعه، مع أنَّ له كتَّابًا أفاضلَ معروفين بالانتصاب لذلك من المهاجرين والأنصار"[20].


وكان من أهداف تلك الكتابة زيادة التوثيق والاحتياط والحفظ والصيانة لكتاب الله تعالى بكتابته وتقييده في السطور، إضافة إلى حفظه في الصدور، وكانت عادة العرب الحفظ لا الكتابة؛ إذ لم يحفظ عنهم كتابة أشعارهم إلا ما ندر، والشاذ والنادر لا يُقاس ولا يُعول عليه.

 

ولا شك أن هذا من أعظم البواعث على حفظه حتى لا يتفلت شيء منه؛ أيُّ شيء.

 

ويمكن إجمال أهم بواعث كتابة القرآن في العهد النبوي فيما يلي:

1- موافقة المكتوب في السطور للمحفوظ في الصدور، فيحصل بهذا التوافق نوعُ ترابط ومُعاضدة بين المحفوظ والمكتوب، وبذلك تقوى عواملُ حفظ القرآن من الضياع، ويبقى سليمًا محفوظًا من التحريف والتبديل والتغير والزيادة والنقصان، ولذا كان المعول عليه عند جمعه وكتابته - الجمع بين الحفظ في الصدور والكتابة في السطور.

 

2- حفظ القرآن مكتوبًا فيه نوع إعانة للنبي - صلى الله عليه وسلم - على تبليغه على الوجه الأكمل والأتم، فالاعتماد على حفظ الصحابة وحده غير كاف، فهم قد يعتريهم نسيان؛ لأنهم بشر غير معصومين، وقد يموت أو يقتل كذلك حفَّاظه، كما حدث في مقتل جمعٍ مِن القراء في بئر معونة، وكذلك يوم اليمامة، والكتابة لاشك في ثبوتها وبقائها.

 

لماذا لم يجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن في مكان واحد؟

نذكر أهم أسباب ذلك إجمالًا فيما يلي:

أولًا: لأن القرآن الكريم لم ينزل جملة واحدة كما هو معلوم، بل نزل منجمًا حسب الحوادث والنوازل على مدى ثلاث وعشرين سنة، ولم يكتمل نزوله إلا قبيل وفاته - صلى الله عليه وسلم - بزمن يسير.

 

ثانيًا: لترقُّبه - صلى الله عليه وسلم - تتابع نزول الوحي، والذي قد يرد فيه من النسخ ما يرد، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - بصدد أن ينزل عليه الوحي بنسخ ما شاء الله تعالى نسخه من الآيات، سواء كان هذا النسخ، نسخ حكم، أم نسخ تلاوة.

 

ثالثًا: وكذلك خشيته - صلى الله عليه وسلم - من اختلاط القرآن بغيره، ولا سيما في بادئ الأمر[21].

 

رابعًا: أجاب البعض كذلك بأن خشية تحريف القرآن كانت مأمونة؛ لأن جمهرة غير قليلة من الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يحفظون القرآن، وهم خيرُ هذه الأمة، والفتنة في ذلك مأمونة.

 

خامسًا: إضافة لما سبق ذكره، فإن أدوات الكتابة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت قليلة جدًّا ونادرة، وإن عدم توافرها بكثرة قد يكون من أهم الدواعي والأسباب المؤدية لعدم جمعه في مكان واحد كذلك.

 

سادسًا: من المعلوم أن ترتيب آي القرآن وسوره كان مرتبًا بحسب تناسب الآي وترابطها ترتيبًا موضوعيًّا وسببيًّا، ولم يكن مرتبًا على حسب ترتيب النزول، فقد يكون نزول الآية أو السورة متقدمًا نزولًا ومتأخرًا ترتيبًا، وعلى العكس من ذلك أيضًا، ونسوق لذلك مثالًا يتضح به المقال ألا وهو: آية الاعتداد بأربعة أشهر وعشر، وهي قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [البقرة:234]، فإنها ناسخة لآية الاعتداد بحول كامل، وهي قوله تعالى: ﴿ والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَّتَاعًا إِلَى الحول غَيْرَ إِخْرَاجٍ ﴾ [البقرة: 240].


ولقد ذهب جمهور العلماء إلى أن الآية الأولى ناسخة للآية الثانية كما مر معنا آنفًا.

 

وقد كانت العدة حولًا كاملًا، ثم نسخ ذلك بأربعة أشهر وعشر، وآية الاعتداد بأربعة أشهر وعشر هذه وإن كانت متقدمة تلاوة على آية الاعتداد بآية الحول، فإنها متأخرة عنها نزولًا، فإن ترتيب المصحف ليس ترتيبًا نزوليًّا كما هو معلوم، وإنما هو ترتيب توقيفي.

 

هذا وقد ذهب بعضُ أهل العلم إلى عدم وجود نسخ في الآية، وإنما هو نقصان من الحول كصلاة المسافر لَما أُنقصت من أربع إلى اثنين لم تكن نسخًا، إنما كانت تخفيفًا.

 

وفي تفنيد ذلك القول يقول القرطبي (ت:671هـ) - رحمه الله-:

"وهذا غلطٌ بيِّن؛ لأنه إذا كان حكمها أن تعتد سنة، ثم أُزيل هذا ولزِمتها العدة أربعة أشهر وعشرًا، فهذا هو النسخ، وليست صلاة المسافر من هذا في شيء"[22].

 

ذلك مع أن الآية الأولى كُتِبَت في المصاحف قبلها، وهي متأخرة نزولًا عنها بلا شك، لوجوب تأخر الناسخ عن المنسوخ، ولو أن القرآن جُمِعَ كاملًا في مكان واحد، لكان في ذلك من العنت والمشقة والتكلف والحرج ما الله به عليم؛ لأنه عُرضة لتغيُّر مواضع الآيات والسور، خاصة مع تنجيم القرآن وتتابُع نزوله في ثلاث وعشرين سنة، فكتابة القرآن مفرقًا في الجمع الأول في العهد النبوي ضرورة حتمية لا مفرَّ منها أبدًا.


وقد مرَّ معنا ذكرُ طرفٍ من ذلك، وأُعيد بيانُه هنا لمسيس الحاجة لبيانه، وبأسلوب مغايرة وزيادة بيان وإيضاح.

 


[1] يُنظر: الكتابة العربية وقت الإسلام وبعده، عبد الفتاح القاضي، المصدر: مجلة كنوز الفرقان؛ العددان: (التاسع والعاشر)؛ السنة: (الرابعة)، رمضان وشوال 1371هـ؛ بتصرف، ويُنظر: الأعمال الكاملة للعلامة المقرئ محمد بن علي الحداد شيخ عموم المقارئ المصرية: (ص: 513).
[2] تفسير الفخر الرازي ج32 - ص 42.
[3] البخاري الجهاد والسير (2828)، مسلم الإمارة (1869)، أبو داود الجهاد (2610)، ابن ماجه الجهاد (2880)، أحمد (2/ 7)، مالك الجهاد (979).
[4] الحـديث أخرجـه البخاري في كتاب الجهـاد، باب السفر بالمصاحف إلى أرض العـدو صحيح البخـاري ج4 - ص15، ومسلم في كتاب الإمارة، باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار؛ صحيح مسلم ج3 - ص1490.
[5] البخاري الجهاد والسير (2828)، مسلم الإمارة (1869)، أبو داود الجهاد (2610)، ابن ماجه الجهاد (2880)، أحمد (2/ 7)، مالك الجهاد (979).
[6] خلاف في اسمه، قيل: عبد الله، ويقال: الأكثر في اسمه عمرو؛ الباحث.
[7] صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (4704): 4/ 1909.
[8] مسلم الزهد والرقائق (3004)، الترمذي العلم (2665)، الدارمي المقدمة (450).
[9] الحـديث أخرجه مسلم في كتاب الزهـد، باب التثبت في الحديث، وحكم كتابـة العلم؛ صحيـح مسلم ج4 - ص2298.
[10] نهي النبي لكتابة الحديث النبوي كان هذا في أول الأمر خشية أن يلتبس القـرآن بالسنة، أو لأجل أن يخص القرآن بالعناية.
[11] جمع القرآن الكريم حفظًا وكتابة، د. علي بن سليمان العبيد: (ص: 21) وما بعدها. وسيأتي بعد قليل الكلام عن حديث أبي سعيد الخدري وتوجيهه.
[12] رواه مسلم برقم: (804).
[13] رواه البخاري برقم: (4739).
[14] ابن منظور، لسان العرب، بيروت: دار صادر، صفحة 699، جزء 1؛ بتصرُّف.
[15] رواه ابن حجر العسقلاني، في موافقة الخبر الخبر، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 1/ 44، "حسن"، والحقيقة أنه ضعيف، ويُنظر: تحقيق الألباني: ضعيف، ضعيف أبي داود: (140)، عندنا برقم ( 168 / 786 ). ولكن له شواهد صحيحه تشهد له؛ الباحث.
[16] عبد الله شحاته، علوم القرآن، القاهرة: دار غريب، صفحة 20-21؛ بتصرُّف.
[17] المسند: (4/ 218) في سند الحديث ليث بن أبي سليم، وهو صدوقٌ اختلط جدًّا ولم يتميز حديثُه فتُرِكَ؛ يُنظر: تقريب التهذيب ص542، وكأنه اشتبه عليه عثمانُ بن مظعون بعثمان بن أبي العاص.
[18] رواه البخاري برقم: (4536)
[19] دلائل النبوة للبيهقي : (ص:241).
[20] الانتصار: (ص:99).
[21] أما ما رواه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ"؛ رواه مسلم (3004). قال الحافظ في الفتح: فإنه وإن كان في بداية الأمر؛ خشية أن يختلط الحديث بالقرآن الكريم، إلا أن بعض المحدثين: كالبخاري وغيره قد أعل الحديث بالوقف على أبي سعيد الخدري"؛ يُنظر: فتح الباري:(1/ 208). وأهل العلم يرون أن كتابة حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد مرت بمرحلتين: الأولى: النهي عن كتابة الحديث، وكان ذلك في بداية الأمر؛ مخافة اختلاط القرآن الكريم بغيره؛ يُنظر: معالم السنن (4/ 184)، وفتح الباري (1/ 208). الثانية: الإذن بكتابة الحديث، وذلك بعد أن استقرت الدعوة، وأمن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الالتباس بالقرآن الكريم، فالنهي عن الكتابة متقدم، وآخر الأمرين الإباحة؛ يُنظر: معالم السنن (4/ 184). يقول ابنُ القيم - موضحًا هذا الأمر -: "قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن الكتابة والإذنُ فيها، والإذنُ متأخرٌ، فيكون ناسخًا لحديث النهي"؛ تهذيب مختصر سنن أبي داود (5/ 245).
[22] تفسير القرطبي: (3/ 174)، البحر المحيط: (2/ 224).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الافتقار إلى تسجيل ما تبقى من روايات القراءات العشر
  • مفهوم القرآن في الاصطلاح
  • كثرة أسماء القرآن وأوصافه
  • الإيمان بالقرآن أصل من أصول الإيمان
  • محبة القرآن من علامات الإيمان
  • أهم مظاهر محبة القرآن
  • عناية النبي بضبط القرآن وحفظه في صدره الشريف

مختارات من الشبكة

  • عناية النبي صلى الله عليه وسلم بحقوق المرأة من خلال خطبة الوداع (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • عناية النبي صلى الله عليه وسلم بشعبان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • عناية النبي صلى الله عليه وسلم بالعقيدة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عناية النبي صلى الله عليه وسلم بالتوحيد وغرسه وتعظيمه في النفوس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عناية النبي صلى الله عليه وسلم بدعوة الأطفال(محاضرة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • عناية النبي صلى الله عليه وسلم بالشباب وسبل الاستفادة منهم في الواقع المعاصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مولد النبي صلى الله عليه وسلم وبيئته ونشأته والعناية الإلهية قبل بعثته(مقالة - ملفات خاصة)
  • أهمية العناية التامة بالاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح رحمهم الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بالموهوبين(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الدهامي في محاضرة بعنوان: عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بالموهوبين(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/12/1446هـ - الساعة: 15:51
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب