• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    القران الكريم في أيدينا، فليكن في القلوب
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    مقام العبودية الحقة (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    الصدقات والطاعات سبب السعادة في الدنيا والآخرة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الخشوع المتخيل! الخشوع بين الأسطورة والواقع
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    الانقياد لأوامر الشرع (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    الوقت في الكتاب والسنة ومكانته وحفظه وإدارته ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    تفسير سورة العلق
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    النهي عن الوفاء بنذر المعصية
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الدرس السادس والعشرون: الزكاة
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الخلاصة في تفسير آية الجلابيب وآية الزينة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    خطبة: وقفة محاسبة في زمن الفتن
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    فضل التبكير إلى صلاة الجمعة والتحذير من التخلف ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    مختصر رسالة إلى القضاة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    كيف أكون سعيدة؟
    د. عالية حسن عمر العمودي
  •  
    أوقات إجابة الدعاء والذين يستجاب دعاؤهم
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الانقياد لأوامر الشرع (خطبة)

الانقياد لأوامر الشرع (خطبة)
د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/6/2025 ميلادي - 27/12/1446 هجري

الزيارات: 203

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الانقياد لأوامر الشرع

 

الخطبة الأولى

الحمد لله كما حمد نفسه، وكما هو أهله ومستحقُّه، وكما حمده الحامدون من جميع خلقه، وأستعينه استعانة من فوَّض إليه أمره، وأقرَّ أنه لا منجى ولا ملجأ منه إلا إليه، وأستغفره استغفار مقرٍّ بذنبه، معترفٍ بخطيئته، وأشكره على سابغ نعمته، وعظيم مِنَّته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقرارًا بربوبيته، وإخلاصًا له في وحدانيته، أشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، خيرته من بريته، ائتمنه على وحيه، واصطفاه لرسالته، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى عترته وصحابته، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

فأوصيكم- عباد الله - ونفسي بتقوى الله تبارك وتعالى، تدرَّعوا بها شدةً ورخاءً، سرَّاءً وضراءً، واعمروا بها أوقاتكم صباحًا ومساءً، فبها تُدفَع المحنُ والبلايا، والفتن والرزايا، وبها تُبوَّأ الجنانُ عاقبةً وجزاءً، ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].


أيها المؤمنون، إن الله عز وجل لما مَنَّ علينا بأن هدانا للإسلام خاتم الشرائع وأفضلها، وأرسل إلينا أفضل رسله وخاتمهم، وأنزل علينا أكمل كتبه وأشرفها، إنه لما منَّ علينا بهذا كله جعل الاستسلام والانقياد لشرعه والطاعة له هي مناط القبول عنده والرضا؛ ولذا فمن لم يستسلم لله وينقَدْ إليه بالطاعة ويتخلص من الشرك فليس بمسلم.

 

ولما كان في نصوص الشريعة وأحكامها ما يخالف شهوات بعض الناس وشبهاتهم كان تلقيهم لتلك النصوص والأحكام مصحوبًا بنوع من التردد والتقاعس مع التثاقل والحرج في صدورهم.

 

وهذا المزلق الخطير لا يستغرب حين يصدر ممن ليس لهم حظ في الإسلام من اليهود والنصارى وأشياعهم؛ فهم كما قال الله: ﴿ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ﴾ [النساء: 89].

 

ولكن الغريب في ذلك أن ينزلق في هذا المسلك الخطير بعض المسلمين ممن فرحوا بما عندهم من العلم الدنيوي، فأخذوا يزنون النصوص الشرعية بميزان عقولهم، فما وافق عقولهم قبلوه وما لم يوافق عقولهم أوَّلوه وحرَّفوه بما يوافق الهوى، فجعلوا عقولهم حاكمةً مهيمنةً على الشرع، فلم يعد لهذه النصوص الشرعية في قلوبهم تعظيم أو تقديس أو انقياد.

 

وإن مما يُخشى على المؤمن في دار المحنة ركوبَ مطية الفتنة، وبوادر الهوى المضلة، ما حلت في قلب إلا أفسدته، ولا مجتمع إلا أهلكته، يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: ((إن مما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى))؛ رواه أحمد من حديث أبي برزة رضي الله عنه.

 

عباد الله، إن تعظيم الرب تعالى وتمجيده مستلزم لتعظيم أحكامه ونصوص شرعه من القرآن والسنة، قال الإمام ابن القيم رحمه: "أول مراتب تعظيم الحق عز وجل تعظيم أمره ونهيه؛ وذلك لأن المؤمن يعرف ربَّه عز وجل برسالته التي أرسل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كافة الناس، ومقتضاها الانقياد لأمره ونهيه، وإنما يكون ذلك بتعظيم أمر الله عز وجل واتِّباعه، وتعظيم نهيه واجتنابه، فيكون تعظيم المؤمن لأمر الله ونهيه دالًّا على تعظيمه لصاحب الأمر والنهي، ويكون بحسب هذا التعظيم من الأبرار المشهود لهم بالإيمان والتصديق وصحة العقيدة والبراءة من النفاق الأكبر"؛ ا هـ.

 

ومن حياة النبي في الطاعة والامتثال، ما روى مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها: ((ما رأيت رسول الله منذ نزل عليه: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾ [النصر: 1] يصلي صلاة إلا قال فيها: سبحانك ربي وبحمدك، اللهم اغفر لي)).

 

أيها المؤمنون، إن لتعظيم النصوص الشرعية من القرآن والسنة دلالات وعلامات مَن افتقدها فهو على خطر عظيم، فمن علامات تعظيم النصوص الشرعية عدم الاختيار أو المشورة في قبول حكم الله تعالى؛ بل التسليم الكامل المطلق دون تردد أو شك ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

 

قال ابن كثير رحمه الله: "فهذه الآية عامة في جميع الأمور؛ ذلك أنه إذا حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بشيء فليس لأحدٍ مخالفته، ولا اختيار لأحدها هاهنا، ولا رأي ولا قول"؛ اهـ.

 

عباد الله، أن الغاية من إرسال الرسل الطاعة: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [النساء: 64]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7].

 

ومن علامات تعظيم النصوص الشرعية عدم وجود الحرج عند سماع النص الشرعي، ويتأكد هذا عند تطبيقه، قال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، فدلَّت الآية على وجوب الانقياد لحكم الله ظاهرًا وباطنًا برحابة صدر وطمأنينة نفس.

 

ومن العلامات أيضًا عدم التنطُّع في البحث عن الحكمة أو العلم والتعمق في ذلك، فتلك الصفة تنافي كمال التسليم والانقياد لله؛ بل قد يستمرئ صاحبها ذلك فتجرّه إلى الاعتراض على بعض الأحكام الشرعية.

 

فالواجب على المسلم الإمساك والتأدب مع مقام التشريع، فالله عز وجل لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.

 

ومن علامات تعظيم النصوص الشرعية الغضب لله تعالى إذا انتهكت محارم الله ومحاولة التغيير ما استطاع المرء إلى ذلك سبيلًا.

 

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ‎(ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها)؛ أخرجه البخاري.

 

فمتى كان العبد غيورًا على محارم الله مسارعًا إلى إنكارها وإصلاح أهلها كان ذلك دليلًا على تعظيمه للنصوص الشرعية ومراعاة حدودها وآدابها.

 

ومن علامات تعظيم النصوص الشرعية أن يمسك عما ليس له به علم، وأن يحذر من الخوض في ذلك، وأن يجعل نصب عينيه قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36].

 

فالخوض في معاني كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم دون علم أو سؤال، من القول على الله بلا علم، وهذا من الذنب العظيم فضلًا عما يجرّه من المفاسد، من ضلال الآخرين وإضلالهم.

 

وإنه لمن المؤسف أن يجعل كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وأحكام الشرع المطهر ميدانًا للحوار والنقاش والجدل من أناس ليس لهم حظٌّ من العلم الشرعي، وأحيانًا من العقل، فيحصل في هذه الحوارات من السَّفَه والتأويل والتحريف للنصوص الشرعية ما يضعف تعظيمها والانقياد لها في نفوس من يستمع إلى مثل هذه الحوارات في مجالس الناس أو فيما يبث في الفضائيات، فيستسهل الناس الأمر، ويتعوَّدوا القول على الله بغير علم، وكأن ما يطرح في الحوار قضية سياسية أو أدبية.

 

إن الأقوال الصالحة مرهونة بالأعمال الصالحة:

قال الحسن البصري: ليس الإيمان بالتمنِّي ولا بالتحلِّي.. من قال حسنًا وعمل غير صالح، ردَّه الله على قوله، ومن قال حسنًا وعمل صالحًا رفعه العمل، وذلك بأن الله تعالى يقول: ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾ [فاطر: 10].

 

عباد الله، لقد ضرب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة وأصدقها في المبادرة لامتثال أمر الله ورسوله، وتعظيم نصوص الشرع والوقوف عندها، والغضب عند مخالفتها وانتهاكها. وحرصهم هذا وتعظيمهم ليس مقصورًا على ما كان واجبًا فحسب؛ بل تعدَّى ذلك إلى المستحبَّات، ويكفيهم شرفًا وفخرًا تزكية الله لهم وثناؤه عليهم.

 

روى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 284]، قال: فاشتدَّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب فقالوا: يا رسول الله، كُلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت هذه الآية ولا نطيقها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا، بل قولوا: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير، قالوا: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير، فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم، فأنزل الله في إثرها ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ.... ﴾ [البقرة: 285])).

 

وتذكروا أيها المؤمنون أن الله عاب على أمم سابقة ما تلقوا به النصوص الشرعية ﴿ قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ﴾ [البقرة: 93]، وقال تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ﴾ [الجمعة: 5].

 

وما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم في هذا الشأن كثير يصعب حصره، فمن ذلك ما ورد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ إذ لما برأ الله عائشة رضي الله عنها من خبر الإفك، قال أبو بكر رضي الله عنه: (والله لا أنفق على مسطح شيئًا أبدًا، وكان ممن وقع في شأن عائشة، وكان أبو بكر ينفق عليه قبل ذلك، فلما نزل قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22]، قال أبو بكر رضي الله عنه: بلى والله، إني أحب أن يغفر الله لي، فأرجع إلى مسطح النفقة، وقال: والله لا أنزعها أبدًا)؛ متفق عليه.

 

وجاء في شأن عمر الفاروق رضي الله عنه من ذلك الكثير؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم عيينة بن حصن، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان الحر من النفر الذين يدنيهم عمر، فقال عيينة لابن أخيه: يا بن أخي، لك وجه عند هذا الأمير، فاستأذن لي عليه، قال: سأستأذن لك عليه، فأذن له عمر، فلما دخل عليه قال عيينة: هيه يا بن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هَمَّ به، فقال له الحر بن قيس: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، وإن هذا من الجاهلين، قال ابن عباس: والله، ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافًا عند كتاب الله.

 

عباد الله، إن العلم لا يُراد به إلا العمل: قال الخطيب: والعلم يراد للعمل كما يراد العمل للنجاة، فإذا كان العلم قاصرًا عن العمل كان العلم كلًّا على العالم، ونعوذ بالله من علم عاد كلًّا، وأورث ذلًّا، وصار في رقبة صاحبه غلًّا.

 

قال الفضيل رحمه الله: إنما نزل القرآن ليُعْمَل به، فاتخذ الناس قراءته عملًا.

 

قال أبو رزين رحمه الله: عند قوله تعالى: ﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ﴾ [البقرة: 121]، يتَّبِعونه حقَّ اتِّباعه، يعملون به حقَّ عمله.

 

ومن تعظيم الفاروق رضي الله عنه لشأن النبي صلى الله عليه وسلم وأمره ما أخرجه الإمام أحمد بإسناد حسن أنه رضي الله عنه قلع ميزابًا للعباس على ممر الناس، فقال له العباس رضي الله عنه: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي وضعه في مكانه، فأقسم عمر رضي الله عنه: لتصعدن على ظهري ولتضعنه في موضعه.

 

وعن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: إن عبدالله بن رواحة رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فسمعه يقول: اجلسوا، فجلس ابن رواحة مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبته، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ((زادك الله حرصًا على طواعية الله ورسوله))؛ أخرجه البيهقي.

 

وروى الشيخان عن عبدالله بن عمر مرفوعًا: قال: ((نعم الرجل عبدالله لو كان يصلي من الليل))، قال سالم: فكان عبدالله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلًا.

 

روى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: بينما نحن نصلي مع رسول الله إذ قال رجل من القوم: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، فقال: ((من القائل كذا وكذا؟)) قال: رجل من القوم: أنا يا رسول الله، قال: ((عجبت لها، فتحت لها أبواب السماء))، قال ابن عمر: فما تركتهن منذ سمعت رسول الله يقول ذلك.

 

وقال البخاري رحمه الله: ما اغتبت أحدًا قط منذ علمت أن الغيبة حرام، إني لأرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدًا.

 

وقال الإمام أحمد رحمه الله: ما كتبت حديثًا إلا وقد عملت به حتى مر بي أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبة دينارًا، فأعطيت الحجَّام دينارًا حين احتجمت.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور: 51، 52].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وله الأمر كله، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وآله، أما بعد:

فإن واجبَ الجميعِ التعاونُ على البرِّ والتقوى والنصيحةِ المخلصةِ الخاليةِ من كلِّ شائبةٍ للهِ ولكتابِهِ ولرسولِهِ ولأئمةِ المسلمينَ وعامتهم، النصيحة التي يعرفُ الجميعُ طرقَها، وذلك من صميم ديننا الإسلامي الحنيف، وقد رَدَّدَ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارًا، وقال صلى الله عليه وسلم: ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ)) ثلاثًا، قُلْنَا: لِمَنْ يا رسول الله؟ قال: ((قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ))؛ أخرجه مسلم وغيره من حديث تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه.

 

ومن النصح للمسلمين حتى تتم الطواعية والانقياد لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم طلب العلم بقدر المستطاع، وفهم العلم فهمًا صحيحًا، وتعويد النفس على العمل بما تعلم، وأخذ الإسلام من جميع جوانبه، والأخذ بسنن الهدى، وقراءة سير السلف الصالح، وضرورة الإكثار من العمل دون الكلام.

 

ألا وصلُّوا- عباد الله- على رسول الهدَى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ عليه ما تعاقب الليل والنهار، وصلَّى عليه المتقون الأبرار، وعلى آله وصحبه المهاجرين والأنصار، وعلى التابعين وتابعيهم وعنا معهم برحمتك يا عزيز يا غفَّار.

 

وارضَ اللَّهمَّ عن الخلفاءِ الأربعة الرَّاشدين...

 

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين.....

 

اللهم أرِنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتِّباعه، وأرِنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.

 

اللهم إنا نسألك أن تهدينا إلى السنن، ونعوذ بك من الفِتَن.

 

اللهم اهدنا إلى السنن، وأعذنا من الفتن، وارزقنا الاقتداء بنبيِّك والاقتداء بسنته والتمسُّك بها في هذا الزمن الذي سيطرت فيه الفتن.

 

اللهم أعِنَّا على التمسُّك بسُنَّة رسولك وحبيبك صلى الله عليه وسلم. اللهم إنك عفوٌّ تحبٌّ العفو فاعْفُ عنا يا كريم.

 

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلهم هداةً مهتدين، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتَّقاك، واتَّبَع رضاك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين.

 

اللهم اجمع كلمتهم على الحق، وردَّهم إلى دينك ردًّا جميلًا.

 

اللهم إنا نعوذ بك من جَهْد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.

 

اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، لا إله إلا أنت، رب كل شيء ومليكه، نعوذ بك من شرور أنفسنا، ومن شر الشيطان وشركه، وأن نقترف على أنفسنا سوءًا، أو نجرَّه إلى مسلم.

 

عباد الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الواجبات المرعية في تلقي الأوامر الشرعية
  • واجبنا تجاه الأوامر الشرعية (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • كيفية الانقياد لأوامر الله(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرع الله رحمة وشرع البشر عذاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح باب: وجوب الانقياد لحكم الله تعالى من كتاب «رياض الصالحين»(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الانقياد المنافي للترك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سهولة الانقياد للنظم الربانية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الانقياد الذي ينفي الترك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الانقياد التام لله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الانقياد.. معناه وثماره (مرئي)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • برنامج تنبيهات (الانقياد)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • فقه الانقياد(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/12/1446هـ - الساعة: 10:21
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب