• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مناجاة
    دحان القباتلي
  •  
    قاعدة الخراج بالضمان (PDF)
    عمر عبدالكريم التويجري
  •  
    خاطرة: ((شر الناس منزلة عند الله))
    بكر البعداني
  •  
    من مائدة السيرة: بدء الوحي
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    همسة حاضر في ذكرى غائب
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    واو الحال وواو المصاحبة في ميزان التعريف
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    خطبة: أهمية طلب العلم في حياة الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    { ومأواهم النار }
    د. خالد النجار
  •  
    تفسير سورة الليل
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    تسبيح الجمادات والمخلوقات غير العاقلة: حقيقة أم ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    العقل وواجب المحافظة عليه
    الدخلاوي علال
  •  
    بيان الخصائص التي اختص الله تعالى بها الأنبياء ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    تفسير سورة الشرح
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    أشراط الساعة والرد على الشبهات المتعلقة بها (PDF)
    رند بنت عبدالحميد عبد الله الزامل
  •  
    فقه اليقين بموعود رب العالمين (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    لا يستوي الخبيث والطيب
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / خواطر إيمانية ودعوية
علامة باركود

تسبيح الجمادات والمخلوقات غير العاقلة: حقيقة أم مجاز؟

تسبيح الجمادات والمخلوقات غير العاقلة: حقيقة أم مجاز؟
د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/6/2025 ميلادي - 21/12/1446 هجري

الزيارات: 107

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تسبيح الجمادات والمخلوقات غير العاقلة: حقيقة أم مجاز؟

فائدة من كتاب: "إتمام الرصف بذكر ما حوته سورة الصف من الأحكام والوصف"

 

الحمد لله الذي خلَق السماوات والأرض وما بينهما، وأتقَن كلَّ شيء خلقه بحكمته وإرادته، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

يتناول هذا البحث إشكالية علمية وعقَدية تتعلق بمفهوم تسبيح الجمادات والمخلوقات غير العاقلة في الإسلام، يستعرض العملُ أطروحات العلماء ومناهجهم في تحليل هذه الظاهرة بناءً على النصوص الشرعية، مع البحث في الدلالات اللغوية والنقلية التي تكشف عن أبعادها.

 

تتجلى أهمية هذا الموضوع في كونه يتجاوز الجانب التفسيري للنصوص؛ ليؤكد أبعادًا عقدية تعزِّز الإيمان بعظمة الخالق سبحانه وتعالى، وتُبرز إبداعه في خلقه، لذلك يُعد هذا البحث إسهامًا في إثراء النقاش العلمي والمعرفي في هذا المجال.

 

ذكر الشيخ الأستاذ الدكتور أحمد النقيب أستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية في كلية التربية، جامعة المنصورة، مصر - في الكتاب الماتع: "إتمام الرصف بذكر ما حوته سورة الصف من الأحكام والوصف" عند تفسير قول الله عز وجل: ﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الصف: 1].

 

قال الشيخ حفظه الله: (وهنا إشكال): هل يستفاد من ظاهر اللفظ (ما) أن السماوات والأرض وما فيهما من جمادات ومخلوقات غير عاقلة، تسبِّح الله تسبيحًا حقيقيًّا؟

 

القول الأول: التسبيح الحقيقي: من يحمل التسبيح على حقيقته؛ ليقوم به الكون كله عاقله وغير عاقله دون تأويل؛ يقول الأزهري: ومما يدل على تسبيح هذه المخلوقات تسبيحًا تعبَّدت به: قول الله عز وجل للجبال: ﴿ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ﴾ [سبأ: 10]، ومعنى (أوِّبِي): سبِّحي مع داوُدَ النهار كله إلى الليل، وكذلك قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ﴾ [ الحج: 18]، فسجود هذه المخلوقات عبادة منها لخالقها، لا نفقهُها عنها كما لا نفقه تسبيحَها، وكذلك قوله: ﴿ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ ﴾ [البقرة:74]، وقد علم الله هبوطها من خشيته، ولم يعرِّفنا ذلك، فنحن نؤمن بما أُعلِمنا، ولا ندَّعي بما لا نكلِّف بأفهامنا من علمٍ...[1].

 

من ذلك قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس: 65]، وقوله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [فصلت: 20].

 

القول الثاني: التسبيح المجازي: نعم يتصوَّر وقوعُ التسبيح من الذوات العاقلة، أما غير العاقلة فإن الإشكال قائمٌ؛ إذ يترتب عليه إيقاعُ التمييز للجمادات، وهذا ما لا يُسلم به غيرُ واحد من أهل العلم، ووجَّهوا كل النصوص التي يُفهم من ظاهرها إفادةُ التمييز من (تسبيح - سجود - إرادة - إباء - إشفاق)، ووجودها على غير ظاهر اللفظ[2].

 

القول الأول بالتسبيح الحقيقي هو القول الراجح:

والحق أن القول الأول بالتسبيح الحقيقي تؤيِّده النصوص الصحيحة الصريحة وتظهره، ومن ذلك قول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: (ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكَل)[3]؛ يقول ابن حجر رحمه الله تعالى: (إن ذلك كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غالبًا)[4].

 

وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - "كان للنبي صلى الله عليه وسلم جِذع نخلة يخطب عليه، فلما كان يوم الجمعة رفع إلى المنبر، فسمعنا لذلك الجذع صوتًا كصوت العِشار (*)، حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فوضع يده عليها فسكنَت[5]، وفي رواية أخرى: (يَئِنُّ أنينَ الصَّبي الذي يُسَكَّن)[6].

 

وأيضًا عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أن أبا سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك، فأذنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنٌّ ولا إنس ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم[7]، ومن ذلك أيضًا عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربي منَعته الطعام والشهوة، فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفِّعني فيه، قال فيشفعان)[8].

 

قول الشيخ الألباني في المسألة بترجيح التسبيح الحقيقي:

قال العلامة الألباني رحمه الله تعالى: "وهذا القول يحتمل أنه حقيقة بأن يجسِّد الله ثوابهما، ويخلق الله فيه النطق"، ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 284]، ويحتمل بأنه على ضرب من المجاز والتمثيل، والأول هو الصواب الذي ينبغي الجزم به هنا، وفي أمثاله من الأحاديث التي فيها تجسيد الأعمال ونحوها: كتجسيد الكنز شجاعًا أقرع، ونحوه كثير، وتأويل مثل هذه النصوص ليس من طريقة السلف رضي الله تعالى عنهم، بل هي طريقة المعتزلة ومَن سلك سبيلهم من الخلف، وذلك مما ينافي في أول شرط في الإيمان ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ [البقرة: 3][9].

 

ومن ذلك أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خلق الله الخلق حتى إذا فرَغ منه، قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلَك وأقطَع من قطعك؟ قالت بلى يا رب، قال: فهو لك[10].

 

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى" قوله: (قامت الرحم فقالت)، قال ابن أبي جمرة: يحتمل أن يكون بلسان الحال، ويحتمل أن يكون بلسان المقال، قولان مشهوران، والثاني أرجح، وعلى الثاني فهل تتكلم كما هي، أو يخلق الله لها عند كلامها حياة وعقلًا؟ قولان مشهوران، والأول أرجح لصلاحية القدرة العامة لذلك، ولِما في الأولين من تخصيص عموم لفظ القرآن والحديث بغير دليل، ولِما يلزم منه مِن حصر قدرة القادر التي لا يحصرها شيءٌ[11].

 

ومن ذلك أيضًا ما أخرجه مسلم من قوله صلى الله عليه وسلم: (إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلِّم علىَّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن)[12] ؛ يقول النووي رحمه الله تعالى: "فيه معجزة له صلى الله عليه وسلم، وفي هذا إثباتُ التمييز في بعض الجمادات، وهو موافق لقوله تعالى في الحجارة: ﴿ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ ﴾ [البقرة: 74]، وقوله: ﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ ﴾ [الإسراء: 44].

 

وفي هذه الآية خلافٌ مشهور، والصحيح أنه يسبِّح حقيقة، ويجعل الله تعالى فيه تمييزًا بحسبه[13]؛ ا.هـ.

 

وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن جبل أحد: (هذا جبل يُحبنا ونُحِبه)[14].

 

ومن ذلك ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فتعالَ فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود)[15].


قول الشيخ العلامة محمد الشنقيطي في المسألة بترجيح التسبيح الحقيقي:

والأحاديث والنصوص الدالة على إثبات التمييز للجمادات أو الحيوانات أو النباتات حتى حيوان البحر، ذلك كله لعبادة الله تعالى، والنصوص كثيرة دالة على هذا المطلوب[16]، وممن أصَّل لهذه المسألة وأفاض فيها، فأتى بالكلام المانع والقول الماتع العلامة محمد الشنقيطي؛ حيث يقول[17]: "ومما يلفت النظر أن التسبيح الذي في معرض العموم كله في القرآن مسند إلى (ما) دون (من) إلا في موضوع واحد، هو قوله تعالى: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ﴾ [الإسراء: 44]، وهذا شاهد على شمول (ما) وعمومها المتقدم صراحة بذواتهنَّ، وهنَّ من غير العقلاء بما في كل منهنَّ من أفلاك وكواكب وبروج أو جبال ووهاد وفِجاج، ثم عطف على غير العقلاء بصيغة (من) الخاصة بالعقلاء، فقال: (ومن فيهنَّ)، وإن كانت (من) قد تستعمل لغير العقلاء إذا نزلنَ منزلة العقلاء؛ كما في قول الشاعر[18]:

أَسَرْب القَطا هل مَن يُعير جناحَه
لعلي إلى مَن قد هَويت أَطير

وبهذا شَمل إسنادُ التسبيح كلَّ شيء في نطاق السماوات والأرض، عاقل وغير عاقل، وقد أكَّد هذا الشمول بصريح قوله تعالى: ﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ ﴾ [الإسراء: 44]، وكلمة شيء أعم العمومات؛ كما في قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الرعد: 16]، فشملت السماوات والأرض والملائكة والإنس والجن، والطير والحيوانات والنبات والشجر والمدر، وكل مخلوق لله تعالى.

 

وقد جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة إثباتُ التسبيح من كل ذلك على حِدَة:

أولًا: تسبيح الله تعالى نفسه: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا ﴾ [الإسراء: 1]، ﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُون ﴾ [الروم: 17]، ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُون ﴾ [الأنبياء: 22].

 

ثانيا: تسبيح الملائكة: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾ [البقرة: 30]، وقوله: ﴿ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾ [الزمر: 75]، وقوله: ﴿ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ﴾ [الأنبياء: 20].

 

ثالثًا: تسبيح الرعد: ﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ﴾ [الرعد: 13].

 

رابعًا: تسبيح السماوات والأرض: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْض ﴾ [الإسراء: 44].

 

خامسًا: تسبيح الجبال: ﴿ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاق ﴾ [ص: 18].

 

سادسًا: تسبيح الطير: ﴿ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ﴾ [الأنبياء: 79].

 

سابعًا: تسبيح الإنسان: ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ﴾ [الحجر: 98]، ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 74]، ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾ [مريم:11].

 

فهذا إسنادُ التسبيح صراحة لكل هذه العوالم مفصَّلة ومبينة واضحة، وجاء مثل التسبيح ونظيره، وهو السجود مسندًّا لعوالم أخرى، وهي بقية ما في هذا الكون من أجناس وأصناف في قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ﴾ [الحج: 18].

 

ويلاحظ هنا أنه تعالى أسند السجود أولًا لمن في السماوات ومن في الأرض، (ومن) هي للعقلاء؛ أي: الملائكة والإنس والجن، ثم عطف على العقلاء غير العقلاء بأسمائهنَّ من الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب، فهذا شمول لم يبقَ كائن من الكائنات ولا ذرة في فلاة إلا شَمله.

 

وبعد بيان هذا الشمول والعموم، يأتي مبحث العام الباقي على عمومه، والعام المخصوص، وهل عموم (ما) هنا باق على عمومه أم دخله تخصيص؟ قال جماعة من العلماء منهم ابن عباس: إن العموم باق على عمومه، وإن لفظ التسبيح محمول على حقيقته في التنزيه والتحميد، وقال قوم: إن العموم باق على عمومه لم يَدخله خصوصٌ، ولكن التسبيح يختلف، ولكل تسبيح بحسبه، فمن العقلاء: بالذكر والتحميد والتمجيد؛ كالإنسان والملائكة والجن، ومن غير العاقل - سواء الحيوان والطير والنبات والجماد - فيكون بالدلالة بأن يشهد على نفسه، ويدل على أن الله تعالى خالق قادرٌ، وقال قوم: قد دخله التخصيص.

 

ونقل القرطبي عن عكرمة، قال: الشجرة تسبِّح، والأسطوان لا يسبح، وقال يزيد الرقاشي للحسن وهما في طعام وقد قدم الخوان: أيسبِّح هذا الخوان يا أبا سعيد؟ فقال: قد كان يسبِّح مرة[19].

 

يريد أن التسبيح من الحي أو النامي سواء الحيوان أو النبات، وما عداه فلا[20]، وقال القرطبي: ويستدل لهذا القول من السنة بما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما من وضع الجريد الأخضر على القبر، وقوله صلى الله عليه وسلم فيه: (لعله يخفِّف عنهما ما لم يَيبسا)[21] ؛ أي: بسبب تسبيحهما، فإذا يَبسا انقطع تسبيحهما؛ ا.هـ.

 

والصحيح من هذا كله الأول [22] الذي قاله ابن عباس رضي الله عنهما، وهو الذي يشهد له القرآن الكريم لعدة أمور:

أولًا: لصريح قوله تعالى: ﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44].

 

ثانيًا: أن الحامل لهم على القول بتسبيح الدلالة، هو تحكيم الحس والعقل، حينما لم يشاهدوا ذلك ولم تتصوَّره العقول، ولكن الله تعالى نفى تحكيم العقل الحسي هنا، وحظر[23]على العقل تصوُّره بقوله تعالى: ﴿ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44].

 

ثالثًا: قوله تعالى في حق نبي الله داود عليه السلام: ﴿ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ﴾ [الأنبياء: 79]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ ﴾ [ص: 18]، فلو كان تسبيحها معه تسبيح دلالة كما يقولون، لَما كان لداود عليه السلام خصوصية على غيره.

 

رابعًا: أخبر الله تعالى أن لهذه العوالم كلها إدراكًا تامًّا كإدراك الإنسان وأشد منه؛ قال تعالى عن السماوات والأرض والجبال: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأبينَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [ الأحزاب: 72]، بينما سجل على الإنسان ظلمًا وجهالة في تحمُّله إيَّاها، ولم يكن هذا العرض مجرَّد تسخير، ولا هذا الإباء مجرَّد سلبية، بل عن إدراك تام؛ كما في قوله تعالى:﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11]، فهما طائعتان لله، وهما يأبيان أن يحملا الأمانة إشفاقًا منها.

 

وفي أواخر هذه السورة الكريمة - سورة الحشر - قوله تعالى: ﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [الحشر: 21]، ومثله قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [ البقرة: 74]، وهذا هو عينُ الإدراك أشد من إدراك الإنسان.

 

وفي الحديث: (لا يسمع صوت المؤذن من حجرٍ ولا شجر إلا شهِد له يوم القيامة)، فبمَ سيشهد إن لم يكُن مدركًا الأذان والمؤذن.


وعن الطير قال تعالى عن الهدهد يخاطب نبي الله سليمان عليه السلام: ﴿ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِين * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴾ [النمل: 22-24].

 

ففي هذا السياق عشر قضايا يدركها الهدهد، ويُفصح عنها لنبي الله سليمان عليه السلام:

الأولى: إدراكه أنه أحاط بما لم يكن في علم سليمان.

 

الثانية: معرفته بسبأ بعينها دون غيرها، ومجيئه منها بنبأ يقينٍ لا شك فيه.

 

الثالثة: معرفته لتولية المرأة عليهم مع إنكاره ذلك عليهم.

 

الرابعة: إدراكه ما أُوتيت به سبأ من متاع الدنيا من كل شيء.

 

الخامسة: أن لها عرشًا عظيمًا.

 

السادسة: إدراكه ما هم عليه من السجود للشمس من دون الله.

 

السابعة: إدراكه أن هذا شرك بالله تعالى.

 

الثامنة: أن هذا من تزيين الشيطان لهم أعمالهم.

 

التاسعة: أن هذا ضلال عن السبيل القويم.

 

العاشرة: أنهم لا يهتدون.

 

وقد اقتنع سليمان بإدراك الهدهد لهذا كله، فقال له: ﴿ قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [النمل: 27]، وكانت سفارة موفقة جاءت بهم مسلمين في قوله تعالى: ﴿ وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [النمل: 44].

 

وكذلك ما جاء عن النملة في قوله تعالى عنها: ﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [النمل: 18]، فقد أدركت مجيء الجيش، وأنه لسليمان وجنوده، وأدركت كثرتَهم، وأن عليها وعلى النمل أن يتجنبوا الطريق، ويدخلوا مساكنهم، وهذا الإدراك منها جعل سليمان عليه السلام يتبسَّم ضاحكًا من قولها، وأن لها قولًا علِمه سليمان عليه السلام.

 

فقد جاء في السنة إثبات إدراك الحيوانات للمغيبات فضلًا عن المشاهدات، كما في حديث الموطأ في فضل يوم الجمعة: (وإن فيه خُلق آدم، وفيه أُسكن الجنة) إلى قوله صلى الله عليه وسلم: (وفيه تقوم الساعة، وما من دابة في الأرض إلا وهي تُصيخ بأذنها من فجر يوم الجمعة حتى طلوع الشمس إشفاقًا من الساعة إلا الجن والإنس)[24]، فهذا إدراك وإشفاق من الحيوان، وإيمان بالغيب، وهو قيام الساعة، وإشفاق من الساعة، أشد من الإنسان.

 

وقصة الجمل الذي ندَّ على أهله وخضع له - صلى الله عليه وسلم - حتى قال الصديق: لكأنه يعلم أنك رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: (نعم إنه ما بين لابتيْها إلا وهو يعلم أني رسول الله)[25].

 

فهذا كله يُثبت إدراكًا للحيوان بالمحسوس وبالمغيب، إدراكًا لا يقل عن إدراك الإنسان، فما المانع من إثبات تسبيحها حقيقةً على ما يعلمه الله تعالى منها؟ وقد جاء النص صريحًا في التسبيح المثبت لها في أنه تسبيح تحميد لا مطلق دلالة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ﴾ [الرعد: 13]، وقرنه مع تسبيح الملائكة، ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ﴾ [الرعد: 13]، وهذا نص في محل النزاع، وإثبات لنوع التسبيح المطلوب.

 

خامسًا: لقد شهِد المسلمون منطقَ الجماد بالتسبيح، وسَمعوه بالتحميد حسًّا؛ كتسبيح الحصا في كفه صلى الله عليه وسلم، وكحنين الجذع للنبي صلى الله عليه وسلم حتى سمعه كلٌّ من في المسجد، وما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم حجرًا في مكة ما مررتُ عليه إلا وسلَّم عليَّ)، وما ثبَت بفردٍ يثبُت لبقية أفراد جنسه، كما هو معلوم في قاعدة الواحد بالجنس والواحد بالنوع.

 

ومن هذا القبيل - في أعظم من ذلك - ما رواه البخاري في كتاب المناقب عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدًا وأبو بكر وعمر عثمان، فرجف بهم فقال: (اثبُت أُحد فإن عليك نبيًّا وصديقًا وشهيدين)[26].


وفي موطأ مالك: لَما رجع صلى الله عليه وسلم من سفر، طلع له أُحد، فقال: (هذا جبل يُحبنا ونُحبه).

 

فهذا جبلٌ من كبار جبال المدينة يرتِجف لصعود النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، فيُخاطبه النبي صلى الله عليه وسلم خطاب العاقل المدرك: (اثبُت أُحد، فإنَّ عليك نبيًّا وصديقًا وشهيدين)، فيَعرِف النبي ويَعرِف الصِّديق والشهيد فيثبُت، فبأي قانون كان ارتجافه؟ وأي معقول كان خطابه؟ وبأي معنى كان ثبوته؟ ثم ها هو يُثبت له صلى الله عليه وسلم المحبةَ المتبادلة بقوله: يُحبنا ونُحبه.

 

وإذا ناقَشنا أقوال القائلين بتخصيص هذا العموم من إثبات التسبيح للجمادات ونحوها، لما وجدنا لهم وجهةُ نظر، إلا أن الحس لم يشهد شيئًا من ذلك، وقد أوردنا الأمثلة على إثبات ذلك لسائر الأجناس، ونقدِّم تنبيه الشيخ - يقصد الشيخ عطية سالم بشيخه هنا الشيخ الشنقيطي- على تأكيد ذلك بقوله تعالى: ﴿ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء: 79] ردًّا على استبعاده.

 

ومن الأدلة القرآنية في هذا المقام، ما جاء في سياق قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ [الإسراء: 44]، جاء بعدها قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا ﴾ [الإسراء: 45]، وهذا نص يكذِّب المستدلين بالحس؛ لأن الله تعالى أخبر بأنه جعل بين الرسول صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة، وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا يَحجبه عنهم، وهذا الحجاب مستور عن أعينهم، فلا يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه محجوب عنهم، ولا يرون الحجاب؛ لأنه مستور، وهذا هو الصحيح في هذه الآية.

 

وقد قال فيها بعض البلاغين: إن مستورًا هنا بمعنى ساترًا، ويقال لهم: إنَّ جَعْلَ "مستورًا" بمعنى ساتر: تَكرار لمعنى حجاب؛ لأن قوله تعالى: ﴿ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا ﴾ [الإسراء: 45]، هو بمعنى ساتر؛ أي: يستره عن الذين لا يؤمنون بالآخرة، وليس في ذلك زيادة معنى، ولا كبير معجزة، ولكن الإعجاز في كون الحجاب مستورًا عن أعينهم، وفي هذا تحقيق وجود المعنيين، وهما حجبه صلى الله عليه وسلم عنهم، وستر الحجاب عن أعينهم، وهذا أبلغ في حفظه صلى الله عليه وسلم منهم؛ لأنه لو كان الحجاب مرئيًّا؛ أي: ساترًا فقط مع كونه مرئيًّا، لربما اقتحموه عليه، وأقوى في الإعجاز؛ لأنه لو كان الحجاب مرئيًّا، لكان كاحتجاب غيره من سائر الناس، ولكن حقيقة الإعجاز فيه هو كونه مستورًا عن أعينهم، وهذا ما رجَّحه ابن جرير.

 

وقد جاءت قصة امرأة أبي لهب مفصلة لهذا الذي ذكرناه؛ كما ساقها ابن كثير قال: لما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة تبت يدا أبي لهب وتب إلى قوله: ﴿ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﴾ [المسد: 4، 5]، جاءت امرأة أبي لهب وفي يدها فِهْر، ولها ولولة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع أبي بكر رضي الله عنه عند الكعبة، فقال له: إني أخاف عليك أن تؤذيك، فقال صلى الله عليه وسلم (إن الله تعالى عاصمني منها)، وتلا قرآنًا، فجاءت ووقفت على أبي بكر، وقالت: إنَّ صاحبك هجاني، قال: لا وربِّ هذه البنية، إنه ليس بشاعر ولا هاج، فقالت: إنك مصدق وانصرفت؛ أي: ولم تره وهو جالس مع أبي بكر رضي الله عنهما [27].

 

فهل يقال بعدم وجود الحجاب لأنه مستور لم يشاهَد، أم أننا نُثبته كما أخبر تعالى وهو القادر على كل شيء؟ وعليه وبعد إثباته نقول: ما الفرق بين إثبات حقيقة قوله تعالى هنا: ﴿ حِجَابًا مَسْتُورًا ﴾ [الإسراء: 45]، وقوله تعالى: ﴿ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44]، ففي كلا المقامين إثبات أمرٍ لا ندركه بالحس، فالتسبيح لا نفقهه، والحجاب لا نُبصره.

 

وقد أوردنا هذه النماذج، ولو مع بعض التكرار، لما يوجد من تأثر البعض بدعوى الماديين أو العلمانيين الذين لا يثبتون إلا المحسوس؛ لنعطي القارئ زيادة إيضاح، ويعلم أن المؤمن بإيمانه يقف على علم ما لم يعلَمه غيرُه، ويتسع أُفقه إلى ما وراء المحسوس، ويعلم أن وراء حدود المادة عوالِمَ يقصر العقل عن معالمها، ولكن المؤمن يُثبتها.

 

وقد رسم لنا النبي صلى الله عليه وسلم الطريق الصحيح في مثل هذا المقام من إثبات وإيمان، كما في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الصبح، ثم أقبل على الناس فقال: (بينا رجل يسوق بقرة إذ ركِبها فضربها، فقالت: إنا لم نُخلق لهذا، إنما خلقنا للحرث، فقال الناس: سبحان الله، بقرة تكلَّم؟ فقال: إني أُومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر، وما هما ثَمَّ، وبينما رجل في غنمه، إذ عدا الذئب فذهب منها بشاة، فطلب حتى كأنه استنفذها منه، فقال له الذئب: هذا: اسْتَنْقذْتَها مني، فمن لها يوم السَّبُع، يوم لا راعىَ لها غيري؟ فقال الناس: سبحان الله ذئب يتكلم؟ قال فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر، وما هما ثَمَّ))[28].


ففي هذا النص الصريح نُطق البقرة ونُطق الذئب بكلام معقول من خصائص العقلاء على غير العادة؛ مما استعجب له الناس، وسبَّحوا الله إعظامًا لما سمعوا، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يدفع هذا الاستعجاب بإعلان إيمانه وتصديقه، ويضم معه أبا بكر وعمر، وإن كانا غائبين عن المجلس، لعلمه أنهما لا ينكران ما ثبت بالسند الصحيح لمجرد استبعاده عقلًا[29].

 

وهنا يقال لمنكري التسبيح حقيقة: وما المانع من ذلك؟ أهو متعلق [30] القدرة؟ أم استبعاد العقل لعدم الإدراك الحسي؟


فأما الأول: فممنوع؛ لأن الله تعالى على كل شيء قدير، وقد أخرج لقوم صالح ناقة عشراء من جوف الصخرة الصماء، وأنطق الحصا في كفه صلى الله عليه وسلم.

 

وأما الثاني: فلا سبيل إليه حتى ينتظر إدراكه وتحكيم العقل فيه، فإنَّ الله تعالى قال: ﴿ ﴿ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44].


فلم يبقَ إلا الإيمان أشبه ما يكون بالمغيبات، وإيمان تصديق وإثبات لا تكييف وإدراك، وخالق الكائنات أعلم بحالها وبما خلقها عليه.

 

فيجب أن نؤمن بتسبيح كلِّ ما في السماوات والأرض وإن كان مستغربًا عقلًا، ولكن أخبر به خالقه سبحانه، وشاهدنا المثال مسموعًا من بعض أفراده[31]؛ ا.هـ.

 

وإذا كان التسبيح ديدنَ كائنات الكون في عبادتها لربها تعالى، فما ذلك إلا لأنه الرب الجليل المتعال، المستحق لكل أنواع العبادة على الوجه اللائق، وإنَّ المرء ليتعجَّب من حال هذا الإنسان أوجده ربه بعد عدم، وعلَّمه بعد جهل، وأعطاه بعد عَوَز وفقر، وقلبه في نعمه التي لا تُحصى ولا تُعد، وكانت المنة الكبرى والمزية العظمى ببعثه نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بالشرع الحنيف والدين القويم، فلم لا يُعبد هذا الجليل، فلا يُجحد، ويُطاع فلا يُعصى، ويُشكر فلا يُكفر؟!

 

فاللهم ثبِّتنا على الإيمان، وأمِتْنا على ما مات عليه أسلافنا، ولا توبِقنا بذنوبنا، ولا بما فعل السفهاء منا، والحمد لله رب العالمين.

 

الخلاصة:

مفهوم التسبيح في الإسلام:

يُشير مفهوم التسبيح في الإسلام إلى تنزيه الله عز وجل عن كلِّ نقص ووصْفه بكلِّ كمالٍ، وقد أشار القرآن الكريم في العديد من المواضع إلى أن جميع المخلوقات تسبِّح بحمد الله، مثل قوله تعالى: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44].

 

يثير هذا النص تساؤلاتٍ حول طبيعة هذا التسبيح، وهل يتم بصورة حقيقية تدركها المخلوقات أو أنه مجاز يعبِّر عن دلالتها على عظمة الخالق.

 

أقوال العلماء وتحليلها:

القول الأول: التسبيح الحقيقي، يرى أصحاب هذا الرأي أن التسبيح الذي تقوم به الجمادات والمخلوقات غير العاقلة حقيقي، وأن الله سبحانه وتعالى يَمنحها القدرة على ذلك وَفق حكمته، ويستدلون على ذلك بنصوص قرآنية وأحاديث نبوية، منها حديث الجذع الذي حنَّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

 

القول الثاني: التسبيح المجازي: يذهب هذا الفريق إلى أن التسبيح المذكور في النصوص يَمثل دلالة المخلوقات على عظمة خالقها، من خلال إتقان خلْقها ووظيفتها في الكون، ويرى هذا الاتجاه أن النصوص يجب أن تُفهم بما يتناسب مع إدراك الإنسان المحدود.

 

التحليل والترجيح:

بعد استعراض الأدلة من كلا الفريقين، يظهر أن القول بالتسبيح الحقيقي أقربُ إلى ظاهر النصوص القرآنية والحديثية، خاصة أن النصوص أثبتت إدراكًا لبعض المخلوقات مثل النملة والهدهد؛ كما ورد في قصة سيدنا سليمان عليه السلام.

 

الخاتمة:

في ختام هذا البحث، يمكن القول: إن قضية تسبيح الجمادات والمخلوقات غير العاقلة تسلِّط الضوء على عمق النظام الكوني الذي أبدعه الله سبحانه وتعالى.

 

إن النصوص القرآنية والحديثية تعزِّز القول بأن هذا التسبيح يتم بصورة حقيقية، وإن كان لا تدركه حواس الإنسان، هذا الفهم يزيد المؤمن إيمانًا بعظمة الخالق، ويدعوه للتأمل في ملكوت الله، ونسأل الله أن يوفِّقنا إلى فَهْمٍ أعمقَ لنصوص الوحي، ويجعلنا من المسبِّحين بحمده حقَّ التسبيح، وصلى الله وسلَّم وبارَك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] نقله ابن منظور في اللسان (2/ 472).

[2] انظر مثلًا لابن حزم: أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد (ت456هـ)، الفِصل في الملل والأهواء والنحل (1/ 71) وما بعدها، مكتبة الخانجي، القاهرة.

[3] صحيح: أخرجه البخاري (3579)، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام.

[4] ابن حجر: فتح الباري (6/ 592).

[5] صحيح: أخرجه البخاري (3585) كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام.

[6] صحيح: أخرجه البخاري (3584) كتاب الأذان، باب: رفع الصوت بالنداء.

[7] صحيح: أخرجه أحمد (11393) ومالك (22/ 62) وغيرهما؛ انظر للألباني: صحيح الجامع ح/ 450م.

[8] صحيح أخرجه أحمد (2/ 174). وصححه الألباني ح/ 3882 – صحيح الجامع.

[9] انظر للألباني: صحيح الترغيب والترهيب ص/ 411.

[10] صحيح؛ أخرجه البخاري (5987) كتاب الآداب، باب: من وصل وصله الله.

[11] ابن حجر: فتح الباري (10/ 417).

[12] صحيح أخرجه مسلم (2277) كتاب الفضائل: من حديث جابر بن سمرة مرفوعًا به.

[13] النووي: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف (ت676هـ)، شرح مسلم= المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (15/ 37)، دار إحياء التراث العربي –بيروت، ط. الثانية=1392.

[14] صحيح. أخرجه البخاري (2889) كتاب الجهاد، باب فضل الخدمة في الغزو. من حديث أنس بن مالك مرفوعًا به.

[15] صحيح. أخرجه البخاري (2925) كتاب الجهاد، باب قتال اليهود، ومسلم (2922) كتاب الفتن، من حديث أبي هريرة وابن عمر رضى الله عنهما، واللفظ لمسلم من حديث أبي هريرة مرفوعًا به.

[16] ومن الكتب المفيدة في هذه المسألة واستفاد الباحث منها، كتاب عبودية الكائنات لرب العالمين ومؤلفه فريد إسماعيل التونى – جزاه الله خيرا – الناشر/ مكتبة الضياء، جدة، ط1 –1413هـ = 1992م.

[17] وقد آثر الباحث أن يأتي بكلامه تاما في هذه المسألة لنفاسته – والله أعلم.

[18] البيت للعباس بن الأحنف، أحد الشعراء المولدين، وقيل هو لمجنون ليلى، والسرب: جماعة الظباء والطير: القطا - طير يشبه الحمام - ومحل الشاهد أن الإعارة بما يقع من جهة العاقل الذي يفهم الطلب، وهنا نزل الشاعر سرب القطا منزلة العاقل يدل عليه أيضا (من) والاستفهام. انظر لابن عقيل: عبد الله بن عبد الرحمن العقيلي (ت769هـ)، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (1/ 148)، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار التراث -القاهرة، دار مصر للطباعة، ط. العشرون=1400-1980م.

[19] إسناده حسن. أخرجه الطبري (14/ 606 – تفسير) وابن أبي الدنيا: أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد (ت 281هـ)، هواتف الجنان (143)، تحقيق: محمد الزغلي، المكتب الإسلامي، ط. الأولى، 1416 – 1995م. وأورده ابن كثير: أبو الفداء إسماعيل بن عمر (ت 774هـ)، تفسير القرآن العظيم (5/ 81)، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط. الثانية=1420-1999م، والقرطبي (10/ 266) عن جرير قال: كنت مع الحسن على خوان، فقال له يزيد الرقاشي: يسبح هذا الخوان؟

[20] من الممكن اعتبار هذا قول ثالث، وفي كل الأحوال هو قول مرجوح.

[21] صحيح؛ أخرجه البخاري في الوضوء (216)، والجنائز (1361)، ومسلم في الطهارة (292)، من حديث ابن عباس، وتمام تخريج هذا الحديث والكلام عن أحكامه مبسوط في كتابنا ((إرضاء رب الأنام بشرح عمدة الأحكام)) الجزء الأول والحمد لله.

[22] أي القول الأول لابن عباس: إن العموم باق على عمومه، وإن لفظ التسبيح محمول على حقيقته في التنزيه والتحميد، وليس المقصود القول الأول في بداية المقال بالتأويل.

[23] في الأصل خطر، والصواب ما أثبت، والله أعلم.

[24] صحيح. أخرجه مالك " الموطأ – كتاب الجمعة " ح/ 16 – واللفظ هنا قريب من لفظه، كما أخرجه قريبا من لفظ الموطأ النسائى (3/ 114-كتاب الجمعة) كلاهما من حديث أبي هريرة مرفوعًا به، وصححه الألباني – رحمه الله في "صحيح الجامع" (ح/ 3334). كما أخرجه ابن ماجة (1084-كتاب إقامة الصلاة، باب في فضل الجمعة) من حديث أبي لبابة بن عبد المنذر مرفوعًا به، وصححه الألباني – رحمه الله – في صحيح ابن ماجة (ح/ 888).

[25] صحيح؛ أخرجه بنحوه أحمد (3/ 310) من حديث جابر مرفوعًا به، وصححه الألباني في صحيح الجامع ح/ 2405، سلسلة الأحاديث الصحيحة ح/ 1718.

[26] صحيح: أخرجه البخاري (3675-كتاب فضائل الصحابة) من حديث أنس بن مالك مرفوعًا به، وأحمد في المسند (5/ 331،346) من حديث سهل بن سعد مرفوعًا به، والكل بلفظ ((اثبت أحد، فإن عليك نبي وصديق وشهيدان)) والوجهان لغة صحيحان. قال ابن حجر (7/ 47-فتح): بلفظ الأمر من الثبات، وهو الاستقرار، و(أحد): منادى، ونداؤه وخطابه يحتمل المجاز، وحمله على الحقيقة أولى. ا.هـ.

[27] نسبه ابن كثير (5/ 82-تفسير) إلى ابن أبي حاتم مسندا إليه (19522)، ورواه البزار في مسنده (15) عن ابن عباس –رضي الله عنهما-، وحسَّن إسناده الحافظ ابن حجر (8/ 738).

[28] أخرجه البخاري (3471) كتاب الأنبياء، من حديث أبي هريرة مرفوعًا به – قال ابن حجر – رحمه الله – (7/ 28)، فتح الباري، وفي الحديث: جواز التعجب من خوارق العادات وتفاوت الناس في المعارف. أهـ.

[29] انظر في معنى هذا أيضًا، ابن حجر في فتح الباري (7/ 27).

[30] لعله يقصد أنه متعذر القدرة، والله أعلم.

[31] عطية سالم – رحمه الله-(ت1420): تتمة أضواء البيان للشنقيطي (8/ 4-12).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فائدة من كتاب (إتمام الرصف بما حوته سورة الصف من الأحكام والوصف): معانٍ إيمانية للتسبيح
  • معنى لفظ الجلالة (الله): فائدة من كتاب (إتمام الرصف بذكر ما حوته سورة الصف من الأحكام والوصف)
  • عظمة الإسلام وتحديات الأعداء - فائدة من كتاب: إتمام الرصف بذكر ما حوته سورة الصف من الأحكام والوصف

مختارات من الشبكة

  • فضائل وكنوز التسبيح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذكر والتسبيح(استشارة - الاستشارات)
  • صلاة التسابيح: دراسة حديثية فقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التسبيح بحمد الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عد التسبيح بالمسبحة(مقالة - موقع الشيخ فريح بن صالح البهلال)
  • سجود الجمادات وقنوتها وصلاتها وتسبيحها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل التسبيح بحمد الله "سبحان الله وبحمده"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التسبيح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المختصر في التسبيح (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تسبيح الله ودعاؤه في شعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/12/1446هـ - الساعة: 17:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب