• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    حكم صلاة الجمعة لمن صلى العيد إذا وافق يوم الجمعة ...
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    المسائل المختصرة في أحكام الأضحية
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    الثامن من ذي الحجة
    د. سعد مردف
  •  
    خطبة عيد النحر 1446
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    التشويق لفضائل النحر والتشريق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    ما الحكم إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة في يوم ...
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (2)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: لزوم الإيمان في الشدائد
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    دروس وأسرار من دعاء سيد الاستغفار
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    تفسير قوله تعالى: { وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    حكم الأضحية
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

حقوق الأم (2)

حقوق الأم (2)
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/6/2025 ميلادي - 7/12/1446 هجري

الزيارات: 94

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق الأم (2)

 

الحمد لله المستحق للحمد والخشية، المتفردِ بالجبروت والعزة والعظمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنزل من الحكمة والبيان ما تخشع له القلوب وتقشعر الأبدان، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى والحق والفرقان، أكملُ وأجلُّ من خَشِي الواحدَ الديّان، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

وبعد:

ما زال الحديث عن حقوق الأم.

 

هذا شاب تخلّص من أمه المعاقة برميها عند باب أحد المستشفيات، وآخرُ يطرد أمه طاعة لزوجته، وأم تقول لي ابن ثلاث سنوات والله ما سلم عليّ، وآخر يُسمِعُها كلماتِ السب والشتائم، إذا تكلمت في زوجته وعصت أمرها.

 

الله أكبر يا عبدَ الله، هل هذا جزاء من حملتك في أحشائها تسعة أشهر وهنًا على وهنٍ، حملتك كرهًا ووضعتك كرهًا.

 

رأى ابن عمر - رضي الله عنهما - رجلًا يمانيًا يطوف بالبيت حمل أمه وراءه على ظهره، يقول: إني لها بعيرها المدلَّل، إن أذعِرت ركابها لم أذعر، الله ربي ذو الجلال الأكبر، حملتها أكثر مما حملتني، فهل ترى جازيتها يا ابن عمر؟! قال ابن عمر: (لا، ولا بزفرة واحدة).

 

إلى الذين يفضلون أزواجهم على أمهاتهم

 

إلى الذين يعطون أزواجهم ويمنعون أمهاتهم.

 

فلا تُطع زوجةً في قطع والدة
عليك يا ابن أخي قد أفنت العمرا
فكيف تنكر أمًا ثُقلَك احتملت
وقد تمرّغت في أحشائها عُسرا
وعالجت بك أوجاع النفاس وكم
سُرّت لما ولدت مولودها ذكرا
وأرضعتك إلى الحولين مكملة
في حجرها تستقي من ثديه الدررا
ومنك ينجسها ما أنت راضعه
منها ولا تشتكي نتنًا ولا قذرا
و"قل هو الله" بالآلاف تقرؤها
خوفًا عليك وترخي دونك السُتُرا
وعاملتك بإحسانٍ وتربية حتى
استويت وحتى صرت كيف ترى
فلا تفضل عليها زوجة أبدًا
ولا تدع قلبها بالقهر منكسرًا

 

يأتي رجل وزوجته، وأمه تحمل ولده؛ ليشتروا ذهبًا من بائع ذهب في هذه المنطقة، وبائع الذهب هو الذي يروي هذه الحادثة، تدخل زوجة هذا الرجل وتأخذ ذهبًا بما يساوي عشرين ألف ريال، وتقف الأم واجمة هناك تحمل ولده ثم تتقدم لتأخذ خاتمًا يساوي ثمانين ريالًا، فيقوم الابن بتسديد قيمة ذهب زوجته فيقول البائع: بقي ثمانون ريالًا، قال: لماذا؟ قال: قيمة الذهب الذي أخذته أمك، فانفجر غاضبًا وقال: كبار السن لا يحتاجون للذهب، أخذت الأم الخاتم وأعادته للبائع ولسان حالها يقول: ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾[يوسف:86] خرجت تحمل ولده تريد السيارة وكأن زوجته أنبته على هذا الفعل وقالت: من يمسك لنا ابننا، أعطيها الخاتم.

 

فأعطاها إياه فرمته وانفجرت تبكي قائلة: والله لا ألبس ذهبًا في حياتي أبدًا، حسبي الله ونعم الوكيل!

 

لا إله إلا الله آباء يئنون وأمهات يشتكين! ولا إله إلا الله يحز في النفس ويدمي القلب ويندي الجبين يوم نسمع بل نرى بعض الأبناء يعق والديه! يؤذيهما ويجاهرهما بالسوء وفاحش القول! يقهرهما وينهرهما! يرفع صوته عليهما، يتأفف منهما! يقول بعضهم: أراحنا الله منك وعجل بزوالك يا شيبة النحس ويا عجوز الشؤم، لا إله إلا الله قول يستحي إبليس أن يقوله وبعض شبابنا يردده ناسيًا أو متناسيًا قول الله: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [النساء:36] لا إله إلا الله!

 

يا عبد الله! كم وكم من الرجال من يأخذ زوجته في سفر، وفي رحلة، وفي نزهة، ولا يكلف نفسه أن يقول لأمه: أتريدين الذهاب معنا؟ هلا سافرت معنا! فتجده لا يريدها.

 

يقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: «إني لا أعلم عملًا أقرب إلى الله من بر الوالدة » يقول: ما في الدنيا عمل أكثر قربة إلى الله من بر الوالدة: (الزم قدميها فثم الجنة).

 

واسمع إلى هذه القصة، التي لولا أنها ذكرت في جريدة وتواترت على ألْسنة بعض الناس -والله- ما ذكرتها ولا قصصتها ولا كنت أظن أن من الناس من يفعل هذا، وسوف أتصرف في ذكرها فاسمعها -يا عبد الله- لتعلم أن هذا الشر مستطير، وأن هذا الفعل يوشك أن يؤذن لهذه المجتمعات بالعقوبة، وأن ينزل الله عزوجل عليها عذابه، بسبب ما يفعله كثير من الناس.

 

يقول الراوي: إنه خرج مع أسرته إلى شاطئ البحر، فلما وصل -هو وعائلته- يقول: رأينا عجوزًا على بساط على الشاطئ لوحدها، يقول: فجلسنا على الشاطئ، فتعشينا في الليل، يقول: ثم بعد العشاء تسامرنا، وأخذنا نلهو ونتحدث حتى حلَّ منتصف الليل، يقول: وأردنا الرجوع، فلما أردنا الرجوع قلت في نفسي: سبحان الله! ما بال هذه العجوز جالسة لوحدها؟! لم يأتها أحد، ولم يقربها أحد، يقول: فلما قفلنا جئتها، فقلت لها - اسمع إلى هذا الخبر، واسمع إلى هذا العقوق - فقلت لها: يا أماه! خيرًا إن شاء الله، أنت لوحدك وليس معك أنيس ولا جليس، فقالت هذه العجوز: إن ابني أتى بي إلى هنا، وقال لي: أن عنده عملًا سوف يذهب إليه ثم يرجع.

 

فقال لها: يا أماه! الوقت متأخر فهلا رجعت معنا؟ قالت: لا. سوف أنتظر ابني ولو تأخر، فقد أخبرني أنه: سوف يتأخر وسوف يرجع.

 

قال: يا أماه! لكن الوقت متأخر جدًا ولا أحد في هذا المكان. قالت: لن أرجع حتى يرجع ابني، وعدني أنه سوف يرجع، وأعطاني هذه الورقة. قال: وما هذه الورقة؟ فقالت: اقرأها تعرف ما فيها.

 

فقرأتها فإذا في هذه الورقة: يرجى ممن يقرأ هذه الورقة أن يأخذ العجوز إلى دار الرعاية.

 

لعن الله من لعن والديه، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من لعن والديه، فهذه في الكلمات فكيف إذا كانت في الأفعال؟! يرميها على شاطئ البحر ويقول: يرجى ممن عثر على هذه العجوز أن يأخذها إلى دار الرعاية.

 

اسمع هذه الأم، والشاعر يتكلم بلسانها، وكأنها تقول:

لا تسبوا ولدي ما كنت
رغم الغدر خصمه
إن لي في قلبه حبًا
وليس الحب تهمه
هو طفلي وأنا
أضمه مذ كان لحمه
هو في الليل سميري
وأنيسي في الملمه
فإذا خاف سكبت الأمن
كي أذهب همه
وإذا عاد تداعيت له
صوتًا ونغمه
فأناغيه بلحنٍ
وأناجيه بكلمه
ولدي ما عقني بل
فعله بر ورحمه
جاء بي للبحر كي
أنعم في رمل ونسمه
فدعوه ولا تسيئوا
الظن فيه بالمذمه
واذهبوا للدار بي
ما الدار للأبناء وصمه
غاب عني لم يغب
إلا لأمر قد أهمه
هو مشغول
وللمشغول أعذار وحرمه
وسيأتي ولدي للدار
إن أنهى المهمة
ولدي أعرفه
من ذا الذي ينكر أمه

 

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ إلّا تَعْبُدُوا إلّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا *وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾ [الإسراء: 23].


إخواني، كم ساعات قضى فيها المسلم للوالدين حاجات، غفر الله عز وجل بها الذنوب والزلات، وخرج بها الهموم والكربات، كم ولد بار أو فتاة بارة قاما من عند والديهما بعد سلام أو طيب كلام أو هدية متواضعة وقد فُتحت أبواب السماء بدعوات مستجابات لهما من والديهما الضعيفين الكبيرين.

 

فاتقوا الله في الوالدين، سيّما إذا بلغا من الكبر والسنّ ما بلغا، ووهن العظم منهما واشتعل الرأس شيبًا، إذا بلغت بهما الحال ما بلغت وأصبحا ينظران إليك نظر الذي ينتظر لقمة هنية أو أعطية جزية.

 

﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23].

 

حَدّث أحد الضباط العاملين في جهاز الدفاع المدني فقال: إنهم وصلوا إلى بيت قد اشتعلت فيه النيران وفي البيت أم وأطفال لها ثلاثة، بدأ الحريق في إحدى الغرف، فحاولت الأم الخروج من الأبواب فإذا هي مقفلة، صعدت سريعا مع أطفالها الثلاثة إلى سطح المنزل لتخرج من بابه فألفته مغلقًا كذلك، حاولت فما استطاعت، كررت فأعياها التكرار، تعالى الدخان في المنزل، وبدأ النفس يصعب، احتضنت صغارها، ضمتهم إلى صدرها، وهم على الأرض حتى لا يصل الدخان الخانق إليهم، والأم الرؤوف تستنشقه هي، لما وصلت فرق الإنقاذ إلى سطح المنزل وجدوها ملقاة على بطنها، رفعوها فإذا بأبنائها الثلاثة تحتها أموات، كأنها طير يحنو على أفراخه يجنبهم الخطر، تدافع عنهم من عدوّ كاسر، وجدوا أطراف أصابع يدها مهشّمة وأظافرها مقطوعة إذ كانت تحاول فتح الباب مرّة، ثم نرجع إلى أولادها لتحميهم من لهيب النار وخنق الدخان مرة أخرى، حتى قضت وقضوا.

 

في صورة تجسّد روعة التضحية، في لوحة مصونة بألوان الحنان منقوشة بريشة العطف والرحمة.

 

ومع كلّ هذه التضحية والتفاني في الحفظ والرعاية التي تقدمها الأم لوليدها وفلذة كبدها، حتى قال النبي - صلى الله وعليه وسلم - في بيان عظم حقها مع الوالد: «لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكًا فتشتريه فيعتقه»؛ [رواه مسلم].

 

مع هذا الحب الفياض والعطف الرؤوف والحنان المتدفق نسمع ونرى من صور العقوق ونكران الجميل والقسوة العجيبة والغلظة الرهيبة وإساءة العمل وسوء التعامل ما لا يتحمله عقل ولا قلب.

 

ها هي رسالة تكتبها أم بدموعها.

 

رسالة تبعَثها أم مكلومة إلى وليدها وريحانة فؤادها، قالت الأم المسكينة:

"يا بني، منذ خمسة وعشرين عامًا كان يومًا مشرقًا في حياتي عندما أخبرتني الطبيبة أني حامل، والأمهات ـ يا بني ـ يعرفن معنى هذه الكلمة جدًّا، فهي مزيج من الفرح والسرور وبداية معاناة مع التغيرات النفسية والجسدية، وبعد هذه البشرى حملتك ـ يا بني ـ تسعة أشهر في بطني فرحة جذلة، أقوم متثاقلة، وأنام بصعوبة، وآكلُ مرغمة، وأتنفّس بألم، ولكن كل ذلك لم ينقص من محبتي لك وفرحي بك، بل نمت محبتك مع الأيام وترعرع الشوق إليك. حملتك ـ يا بني ـ وهنًا على وهن وألمًا على ألم، بيد أني كنت أفرح وأفرح كلما شعرت بحركتك داخل جوفي، وأسرّ بزيادة وزنك، مع أنه حمل ثقيل علي، إنها معاناة طويلة، أتى بعدها فجر تلك الليلة التي لم أنم فيها ولم يغمض لي فيها جفن، ونالني من الألم والشدة والرهبة والخوف ما لا يصفه القلم ولا يتحدّث عنه اللسان، ورأيت بأمي عيني ـ والله يا بني ـ الموت مرات عدّة حتى خرجت إلى الدنيا، فامتزجت دموع صراخك بدموع فرحي، وأزالت كل آلامي وجراحي. يا بني، مرّت سنوات من عمري وأنا أحملك في قلبي وأغسلك بيدي، جعلت حجري لك فراشًا، وصدري لك غذاء، أسهرت ليلي لتنام، وأتعبت نهاري لتسعد، أمنيتي أن أرى ابتسامتك، وسروري كلّ لحظة أن تطلب مني شيئًا أصنعُه لك، فتلك منتهى سعادتي. ومرت الأيام والليالي وأنا على تلك الحال، خادمة لم نقصّر، ومرضعة لم تتوقف، وعاملة لم تفتر، حتى اشتدّ عودك واستقام شبابك، وبدأت تظهر عليك معالم الرجولة، فإذا بي أجري يمينا ويسارًا لأبحث لك عن المرأة التي طلبت، وأتى موعد زفافك فتقطع قلبي وجرت مدامعي فرحة بحياتك السعيدة الجديدة وحزنا على فراقك، ومرّت الساعات ثقيلة فإذا بك لست ابني الذي عرفت، لقد أنكرتني وتناسيت حقي، تمرّ الأيام لا أراك، ولا أسمع صوتك، وتجاهلت من قامت لك خير قيام، يا بني، لا أطلب إلا القليل اجعلني من أطرف أصدقائك عندك وأبعدهم خطوة لديك.

 

اجعلني - يا بني - إحدى محطات حياتك الشهرية لأراك فيها ولو لدقائق.

 

يا بني، أحدودب ظهري وارتعشت أطرافي وأنهكتني الأمراض وزارتني الأسقام، لا أقوم إلا بصعوبة، ولا أجلس إلا بمشقة، ولا يزال قلبي ينبض بمحبتك، لو أكرمك شخص يومًا لأثنيت على حسن صنعه وجميله، وأمك ـ يا رعاك ربي ـ أحسنت إليك إحسانًا لا تراه ومعروفًا لا تجازيه، لقد خدمتك وقامت بأمرك سنوات وسنوات، فأين الجزاء والوفاء؟! إلى هذا الحد بلغت بك القسوة وأخذتك الأيام؟!

 

يا بني، كلما علمت أنك سعيد في حياتك زاد فرحي وسروري، ولكني أتعجب وأنت صنيع يدي، وأتساءل: أي ذنب جنيته حتى أصبحت عدوة لك لا تطيق رؤيتي وتتثاقل عني؟! لن أرفع شكواك، ولن أبثّ الحزن لأنها إن ارتفعت فوق الغمام واعتلت إلى باب السماء أصاب شؤم العقوق ونزلت بك العقوبة، وحلت بدارك المصيبة، لا، لن أفعل، لا تزال ـ يا بني ـ فلذة كبدي وريحانة حياتي وبهجة دنياي.

 

أفق يا بني، بدأ الشيب يعلو مفرقك، وتمر سنوات ثم تصبح أبا شيخًا، والجزاء من جنس العمل وستكتب رسائل لابنك بدموع مثل ما كتبت لك، وعند الله تجتمع الخصوم. يا بني.

 

اتق الله في أمك، كفكِف دمعها، وخفف حزنها، وإن شئت بعد ذلك فمزّق رسالتها، واعلم أنه من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها».

 

سُئل الحسن البصري: ما دعاء الوالدين للولد؟ قال: نجاة، قال: فقلت: فعليه؟ قال: استئصاله، يعني الهلاك.

 

لا إله إلا الله ما أعظم بر الوالدين! ما أحوجنا إلى الدعاء منهم، ما أحوجنا إلى رضاهم، ما أحوجنا إلى برهم وصلتهم، علَّ الله أن يكتب لنا بذلك الرضوان، لكننا مع عظيم الأسف نرى البعض كأنه ليس بحاجة لدعائهم.

 

أخي الحبيب:

إن حق الأم على الولد عظيم، وشانها كبير، فلا يدعُها باسمها، بل نادها بما تحبّ من اسم أو كنية، لا تجلس قبلها، ولا تمشي أمامها، قابلها بوجه طلق، قبل رأسها، والثم يدها، إذا نصحتها فبالمعروف من دون إساءة، أجب دعوتها إذا دعتك من دون ضجر أو كراهية، تكلم معها باللين، أطعمها إذا جاعت، أو اشتهت صنفًا وإن تأنيت في ذلك، أهدها قبل أن تسأل شيئًا، تحسَّس ما تحبّ فاجلبه لها، كان خادمًا مطيعًا لها، أطعها في غير معصية، لا تسبقها بأكل أو شرب، أبهجها بالدعاء لها آناء الليل وأطراف النهار بالرحمة والمغفرة، غضّ الطرف عن أخطائها وزلاتها، لا تتأسّف أو تحدّث أحدًا عن سبيل الشكاية أو النكاية، وقرها واحترمها، لا تتكبّر عليها فقد كنت في أحشائها وبين يديها، أدخل السرور عليها، صاحبها بالمعروف، اطلب الدعاء منها فله تفتح أبواب السماء.

 

أخي الحبيب:

اعلم رحمك الله ـ أن بر الوالدين لا ينتهي بموتهما، فعن أبي أسيد الساعدي قال: فيما نحن عند رسول إذ جاءه رجل من بني سلِمة فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبويّ شيء أبرّهما بعد موتهما؟ قال: «نعم، الصلاةُ عليهما والاستغفارُ لهما وانفاذُ عهدهما من بعدهما وصلة الرحِم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما».

 

وبر الوالدين يستمرّ في ذرية الإنسان وعقبِه من بعده، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال رسول الله - صلى الله وعليه وسلم -: «بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، وعِفّوا تعِف نساؤكم». كذلك بر الوالدين يزيد في العمر، عن سهل بن معاذ - رضي الله عنه -أن رسول - صلى الله وعليه وسلم - قال: «من بر والديه طوبى له، زاد الله في عمره».


أسأل الله أن يعينني وإياكم على بر الوالدين وطاعتهم والإحسان إليهم أحياء وأموات وأن لا يميتنا وإياكم إلا وهو راضٍ عنا وصلى اللهم وبارك.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من حقوق الأم على أولادها
  • حقوق الأمة على الحاكم ونقده عند عمر رضي الله عنه
  • حقوق الأموات في الإسلام
  • حقوق الأم (1)

مختارات من الشبكة

  • بريطانيا: استبيان لمفوضية حقوق الإنسان عن حقوق المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • في حقوق الأخوة من النسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: من أعظم حقوق الناس حق الجوار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام وحقوق المعاقين: دراسة فقهية في كيفية حماية حقوق المعاقين في المجتمعات الإسلامية وفق الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تكفير الحج حقوق الله تعالى وحقوق عباده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان(مقالة - المترجمات)
  • حقوق الطفل بعد الولادة .. حق المحبة والشفقة(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/12/1446هـ - الساعة: 14:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب