• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
  •  
    إساءة الفهم أم سوء القصد؟ تفنيد شبهة الطعن في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تعظيم شعائر الله (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    كثرة أسماء القرآن وأوصافه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عفة النفس: فضائلها وأنواعها (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    لا تغضب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة السيرة: تحنثه صلى الله عليه وسلم في
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الحديث وعلومه
علامة باركود

إساءة الفهم أم سوء القصد؟ تفنيد شبهة الطعن في حديث إبراهيم عليه السلام من «صحيح البخاري»

إساءة الفهم أم سوء القصد؟ تفنيد شبهة الطعن في حديث إبراهيم عليه السلام من «صحيح البخاري»
د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/5/2025 ميلادي - 22/11/1446 هجري

الزيارات: 178

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إساءة الفهم أم سوء القصد؟

تفنيد شبهة الطعن في حديث إبراهيم عليه السلام من «صحيح البخاري»

 

الحمد لله؛ أما بعد:

فما ترك أعداء السنة، ومنكرو هديها، بابًا يُظن أنه يفضي إلى الانفلات منها إلا طرقوه، وما وجدوا سبيلًا يتوهمون فيه الخلاصَ من أحكامها إلا سلكوه، ينفقون أعمارهم، ويستهلكون جهدهم، ويبذلون في ذلك كل غالٍ ونفيس، ولكن هيهات، فكلما أوقدوا نارًا، أطفأها الله، وكلما سعَوا لهدم السنة، زادها الله في قلوب المؤمنين رسوخًا ورِفعة، حتى غدت أعظم في نفوسهم، وأشدَّ حضورًا في وعيهم، رغم أنوف المنكرين.

 

من الملاحظات المثيرة للاستغراب في خطاب مثيري الشُّبُهات، اعتمادهم على كتب أهل السنة للبحث عن مواضعَ يظنون أنها تصلح لإثارة الإشكال والطعن، مع تجاهلهم المتعمد للأجوبة العلمية التي غالبًا ما تكون حاضرةً في ذات المصادر التي يقتبسون منها، وهذه المنهجية الانتقائية لا تنفك عن هوًى ظاهر، نسأل الله السلامة والعافية؛ إذ إن من سمة أهل الأهواء أنهم يبتدئون بالاعتقاد، ثم يبحثون له عما يوهم الاستدلال، بينما أهل الحق - نسأل الله أن يجعلنا منهم - يستندون أولًا إلى الدليل، ثم يبنون عليه في اعتقادهم.

 

وفي سياق مشابه، شاع في بعض الأوساط مقال سطحي النظر نُشر على الإنترنت، يستشهد به بعض أصحاب الأهواء والباطل، ويتداولونه في مؤلفاتهم ومجالسهم استبشارًا، لما يتضمنه من محاولة استقصاء لأقوال العلماء الذين وجهوا انتقادات لبعض الأحاديث الواردة في صحيح البخاري، والعجب من اعتمادهم على مثل هذا المقال، وكأنهم غفلوا - أو تغافلوا - عن طبيعة هذه الانتقادات ومآخذها، وموقعها من المنهج العلمي الحديثي.

 

وهنا لا بد من بيان جملة من الحقائق المنهجية:

• إن وجود هذه الانتقادات عند بعض الأئمة هو في ذاته أكبر دليل على فحص العلماء لصحيح البخاري، وتدقيقهم فيه حرفًا حرفًا، وهو ما يفند زعم من يروِّج لفكرة أن الصحيحين قُبلا دون تمحيص، بل إن الانتقادات المحددة المحصورة تعني أن ما سواها قد أُجمع على قبوله، وأن النقد لا يفتح على مصراعيه لمن لا أهلية له.

 

• لم يثبت عن أيٍّ من أئمة الحديث المعتبرين أنهم طعنوا في أصل أي حديث من صحيح البخاري بالحكم عليه بالوضع أو الكذب، وهذا مما يُسقط احتجاج المتأخرين من أهل الشبهات الذين يوسِّعون دائرة الطعن بلا علمٍ ولا فقه.

 

• هذه الانتقادات صدرت ضمن الإطار المنهجي لعلم الحديث، الذي يراعي قواعد الإسناد، وعلل الرواية، والضوابط المتوارثة، ولم تكن أبدًا صادرة عن منطلقات عقلية محضة، أو تأويلات ذوقية كما يفعل أهل الأهواء الذين يردُّون الحديث؛ لمجرد مخالفته لمزاجهم أو تصوراتهم المسبقة.

 

• كثير من تلك الانتقادات مردود ومفنَّد في محله، وما قُبل منها فهو مؤول على وجه لا يقدح في الأصل، وقد اشتغل العلماء بتفنيدها أو تبيين وجهها وفق الأصول.

 

وبناء عليه، فإن اعترافنا بوجود انتقادات جزئية لبعض ألفاظ أو أسانيد صحيح البخاري، لا يُفضي بحال إلى تسويغ تطاول المتأخرين ممن لا يُحسنون قراءة الحديث فضلًا عن نقده، بل الأولى أن يُرَدَّ قولهم إلى جادة العلم؛ إذ لا يسوَّى بين من انتقد من داخل المنهج الحديثي، وبين من يتبع هواه بلا علم ولا تقوى، فليس كل من انتقد إمامًا، ولا كل من تكلم في الحديث ناقدًا، والحكم على الأقوال مرده إلى أصول أهل الحديث، لا إلى أهواء الطاعنين.

 

ومما يستند إليه بعض أهل الأهواء ومروجي الشبهات، ما نُقل عن الإمام الإسماعيلي في تعليقه على الحديث الآتي:

أخرج البخاري في «صحيحه» (3350) قال: حدثنا إسماعيل بن عبدالله، قال: أخبرني أخي عبدالحميد عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يَلْقَى إبراهيم أباه آزرَ يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك: لا تعصِني، فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا ربِّ إنك وعدتني ألَّا تخزيني يوم يبعثون، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله تعالى: ‌إني ‌حرمت ‌الجنة ‌على ‌الكافرين، ثم يُقال: يا إبراهيمُ ما تحت رجليك، فينظر فإذا هو بذيخ مُلْتَطِخٍ، فيُؤخذ بقوائمه فيُلقى في النار)).

 

وشرح هذا الحديث مختصرًا:

حرم الله تعالى الجنة على الكافرين؛ فكل من مات كافرًا بالله عز وجل، فهو مخلد في النار، وعدًا عليه حقًّا، فلا تنفعه شفاعة ولا نسب.

 

وفي هذا الحديث يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم عليه السلام يلقى أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترة وغبرة، وهي سواد كالدخان وغبار، فيلومه إبراهيم عليه السلام على ما صار إليه، ويقول له: «ألم أقل لك: لا تعصني؟» وهو مصداق قول الله تعالى: ﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴾ [مريم: 42 - 45]، فيقول أبوه بعد أن وجد وعيد الله للكافرين: فاليوم لا أعصيك، فيتوجه إبراهيم إلى الله تعالى طالبًا منه الشفاعة في أبيه قائلًا له: إنك وعدتني ألا تخزيني يوم يبعثون، فلا تهِنِّي وتذلني، ثم يقول: فأي هوان وخزي وذل أكثر من أن يكون أبي بعيدًا عن رحمة الله ولطفه؟! فيجيبه المولى بالقول الفصل، بأنه حرم الجنة على الكافرين، فيُقال لإبراهيم: انظر ما تحت رجليك، فينظر إبراهيم عليه السلام، فيراه ذيخًا متلطخًا، والذيخ: ذكر الضبع الكثير الشعر، فيجده متلطخًا بالرجيع أو بالدم، فيُؤخذ بقوائمه - وهي يداه ورجلاه - فيُطرح في النار، قيل: إنما ظهر له في هذه الصورة المستبشعة؛ ليتبرأ منه، والحكمة في كونه مُسخ ضبعًا دون غيره من الحيوان أن الضبع أحمق الحيوان، ومن حمقه أنه يغفل عما يجب التيقظ له، فلما لم يقبل آزر النصيحة من أشفق الناس عليه، وقبِل خديعة الشيطان؛ أشبه الضبع الموصوف بالحمق.

 

وفي الحديث: إكرام الله تعالى لخليله إبراهيم.

 

وفيه: دليل على أن إسلام الولد لا ينفع الوالد يوم القيامة، إذا لم يكن مسلمًا.

 

نقل أحد الكتَّاب الكلام التالي بعد ذكر الحديث؛ حيث قال هذا الكاتب في كتابه:

وقد طعن فيه الإسماعيلي؛ قال ابن حجر في «فتح الباري» الجزء الثامن: "وقد استشكل الإسماعيلي هذا الحديث من أصله، وطعن في صحته، فقال بعد أن أخرجه: هذا خبر في صحته نظر، من جهة أن إبراهيم علِم أن الله لا يخلف الميعاد، فكيف يجعل ما صار لأبيه خزيًا، مع علمه بذلك"؛ [انتهى].

 

والعجب أن هذا النقل مأخوذ بحروفه من فتح الباري لابن حجر، دون أدنى إشارة إلى ما أورده ابن حجر نفسه من ردٍّ مفصَّلٍ، وبيان علميٍّ في نفس الموضع، وهذا من أوضح صور التلاعب بالنقول، واتباع الهوى في عرض النصوص، إذ كيف يعقل أن يكون «فتح الباري» حاضرًا بين يدي الكاتب، ثم يتخير منه ما يثير الشبهة، ويتغافل عما يدفعها ويوضح المقصود؟! وإنها لَمنقصة علمية ومأزق أخلاقيٌّ أن يُعرض عن البيان، ويُؤخذ بما يوهم البلبلة، فالحمد لله الذي عافانا مما ابتُلي به هؤلاء، ونسأله الثبات على طريق العلم والحق.

 

وقد تولى ابن حجر بنفسه الجواب عما قد يُفهم منه من إشكال أو إيراد، وفي هذا الموضع من البحث، نورد كلام ابن حجر بنصه؛ لبيان كيفية توفيق الله له في دفع الإشكال، وبيان وجه الحق، لمن كان قصده التحري والإنصاف، لا الإثارة والتشويش.

 

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «فتح الباري» (ط. السلفية، 8/501)، بعد ذكره للحديث، وتعقيبه عليه بما يزيل وجه الإشكال:

إيراد الإشكال الأول: متى تبرأ إبراهيم عليه السلام من آزر؟

وقد استشكل الإسماعيلي هذا الحديث من أصله وطعن في صحته فقال بعد أن أخرجه: هذا خبر في صحته نظرٌ، من جهة أن إبراهيم علِم أن الله لا يخلف الميعاد، فكيف يجعل ما صار لأبيه خزيًا مع علمه بذلك؟ وقال غيره: هذا الحديث مخالف لظاهر قوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ﴾ [التوبة: 114]؛ [انتهى].

 

جواب الإشكال:

والجواب عن ذلك أن أهل التفسير اختلفوا في الوقت الذي تبرأ فيه إبراهيم من أبيه.

 

القول الأول: تبرؤ إبراهيم عليه السلام من آزر كان في الدنيا، لما مات:

فقيل: كان ذلك في الحياة الدنيا لما مات آزر مشركًا، وهذا أخرجه الطبري من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وإسناده صحيح.

 

وفي رواية: فلما مات لم يستغفر له، ومن طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس نحوه قال: استغفر له ما كان حيًّا، فلما مات أمسَك، وأورده أيضًا من طريق مجاهد، وقتادة، وعمرو بن دينار نحو ذلك.

 

القول الثاني: تبرؤ إبراهيم عليه السلام من آزر يكون يوم القيامة:

وقيل: إنما تبرأ منه يوم القيامة لما يئس منه، حين مُسخ على ما صُرح به في رواية ابن المنذر التي أشرت إليها، وهذا الذي أخرجه الطبري أيضًا من طريق عبدالملك بن أبي سليمان: سمعت سعيد بن جبير يقول: إن إبراهيم يقول يوم القيامة: رب والدي، رب والدي، فإذا كان الثالثة أُخذ بيده، فيلتفت إليه وهو ضبعان فيتبرأ منه.

 

ومن طريق عبيد بن عمير قال: يقول إبراهيم لأبيه: إني كنت آمرك في الدنيا وتعصيني، ولست تاركك اليوم فخُذ بحِقويَّ، فيأخذ بضبعيه فيُمسخ ضبعًا، فإذا رآه إبراهيم مُسخ تبرأ منه.

 

القول الثالث: الجمع بين القولين، بأن إبراهيم عليه السلام تبرأ من آزر في الدنيا، ويتبرأ منه يوم القيامة:

ويمكن الجمع بين القولين بأنه تبرأ منه لما مات مشركًا، فترك الاستغفار له، لكن لما رآه يوم القيامة أدركته الرأفة والرقة، فسأل فيه، فلما رآه مُسخ يئس منه حينئذٍ، فتبرأ منه تبرؤًا أبديًّا.

 

وقيل: إن إبراهيم لم يتيقن موته على الكفر بجواز أن يكون آمن في نفسه، ولم يطلع إبراهيم على ذلك، وتكون تبرئته منه حينئذٍ بعد الحال التي وقعت في هذا الحديث.

 

إيراد الإشكال الثاني: إذا أدخل الله جل جلاله أباه النار فقد أخزاه، وهو محال:

قال الكرماني: فإن قلت: إذا أدخل الله أباه النار فقد أخزاه؛ لقوله: ﴿ إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ﴾ [آل عمران: 192]، وخزي الوالد خزي الولد، فيلزم الخلف في الوعد، وهو محال.

 

باقي الإشكال الثاني: ولو لم يدخل النار، لزم الخلف في الوعيد، وهو محال:

ولو لم يدخل النار لزم الخلف في الوعيد؛ وهو المراد بقوله: ((إن الله حرم الجنة على الكافرين)).

 

جواب الإشكال الثاني:

والجواب: أنه إذا مُسخ في صورة ضبع وأُلقي في النار، لم تبقَ الصورة التي هي سبب الخزي، فهو عمل بالوعد والوعيد، وجواب آخر: وهو أن الوعد كان مشروطًا بالإيمان، وإنما استغفر له وفاءً بما وعده، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، قلت: وما قدمته يؤدي المعنى المراد مع السلامة مما في اللفظ من الشناعة، والله أعلم.

 

خاتمة:

يتبين من خلال هذا العرض أن الاستشكال الذي نُقل عن الإمام الإسماعيلي رحمه الله في حديث إبراهيم عليه السلام وأبيه آزر، لا يعدو أن يكون من قبيل الاعتراض العلمي الذي اعتاده أهل الحديث في سياق الفحص والتحقيق، وهو ما تعامل معه الحافظ ابن حجر رحمه الله بمنهجية دقيقة، ورد عليه في الموضع نفسه من فتح الباري، بما يشهد بعمق النظر واستقامة الفهم.

 

ولئن كان من المشروع للأئمة الكبار أن يستشكلوا ويعلقوا ويناقشوا، فذلك في إطار العلم وأدواته، لا في سياق التشكيك والتهوين، كما يفعل بعض الكتَّاب المعاصرين ممن اقتصر نظرهم على مواطن الاعتراض، وأعرضوا عن مواضع البيان، فجاؤوا بما يُخرج النقل عن سياقه، ويحوله إلى مادةِ إثارة وتوظيف غير منصف.

 

إن القراءة في كتب أئمة الحديث ينبغي أن تكون قراءة كاملة متصلة، تُراعى فيها مقاصد المؤلفين، وبنية الردود، ومسالك التوجيه، لا أن يؤخذ منها ما يظن القارئ أنه يعضد دعواه، ويترك ما ينقضها، وهذا النمط من التعامل مع التراث الحديثي لا يمكن اعتباره عملًا علميًّا منضبطًا، بل هو أقرب إلى التسطيح والاستغلال منه إلى التحقيق والإنصاف.

 

وعليه؛ فإن الاعتراضات التي يُستند إليها في الطعن في بعض أحاديث صحيح البخاري، لا تُعد حُججًا على الصحيح، بل هي في حقيقتها شواهد على عمق الجهد الذي بذله أئمة الحديث في تنقيح المرويات، ولا يصح بحال أن تُتخذ هذه الاستشكالات ذريعة للرد أو الطعن، ولا أن يساوى فيها بين من مارسها وهو إمام نحرير، ومن استند إليها وهو لا يحسن فهمها، ولا يدرك سياقها.

 

وفي ضوء ذلك، تتأكد الحاجة إلى رد الشبهات بمنهج علميٍّ رصين، يبين للقرَّاء وطلبة العلم أوجُه الحق، ويفصِّل القول في موارد الإشكال، ويعيد الثقة إلى مصادر الإسلام الكبرى، لا سيما صحيح البخاري الذي أجمع عليه علماء الأمة قبولًا واحتفاءً، وذبًّا وتحقيقًا.

 

ونسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقًّا ويرزقنا اتباعه، ويجنبنا مزالق الأهواء، وأن يجعلنا من أنصار السنة وحُماتها، العاملين في ميادينها على بصيرة وتؤدة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شبهات وافتراءات المستشرقين حول السنة النبوية: شبهة الطعن في منهج المحدثين في النقد في سند الحديث ومتنه

مختارات من الشبكة

  • الرد على الإساءة بالإساءة(استشارة - الاستشارات)
  • الفهم السليم والفهم العقيم منطلقات وغايات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سوء الفهم في الارتباط(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • اللغة العربية بين الوهم وسوء الفهم (عرض)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • سوء الفهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ثنائيات رباعية في العلوم النقلية والعقلية (5) صحة الفهم وحسن القصد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الفهم الصحيح لحديث (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفهم الشمولي الصحيح للإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطبة المسجد الحرام 14 / 11 / 1434 هـ - الفهم والإدراك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفهم الصحيح للحياة (قواعد - ونتائج) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب