• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طهارة المرأة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    الفرق بين الشبهة والشهوة
    عصام الدين أحمد كامل
  •  
    السجع في القرآن بين النفي والإثبات
    د. عبادل أحمد دار
  •  
    التوثيق القرآني لبيت المقدس
    د. محمد أحمد قنديل
  •  
    الهجرة النبوية: دروس وعبر (خطبة)
    مطيع الظفاري
  •  
    الحديث الرابع: الراحة النفسية والسعادة الأبدية ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    التجارة مع الله (تجارة لن تبور)
    نجلاء جبروني
  •  
    أحكام سلس البول
    د. خالد النجار
  •  
    المولد النبوي: رؤية تاريخية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    تأملات في سورة ق (خطبة)
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    تفسير قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    الخلال النبوية (29) {يتبعون الرسول النبي الأمي}
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    من أقوال السلف في فاحشة اللواط
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    من قصص الأنبياء (3)
    قاسم عاشور
  •  
    وقفات مع اسم الله القريب (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    فضل التواضع
    رمزي صالح محمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير سورة الكافرون

تفسير سورة الكافرون
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/5/2025 ميلادي - 20/11/1446 هجري

الزيارات: 513

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سُورَةُ الْكَافِرُونَ

 

سُورَةُ (الْكَافِرُونَ): سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ[1]، وَآيُهَا سِتُّ آياتٍ.

 

أَسْمَاءُ السُّورَةِ:

وَقَدْ ذُكِرَ مِنْ أَسْمَائِهَا: سُورَةُ (الْكَافِرُونَ)، وَسُورَةُ (الْكَافِرِينَ)، وَسُورَةُ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)، وَسُورَةُ (الْإِخْلَاصِ)، وَسُورَةُ (الْمُقَشْقِشَةِ)، وَسُورَةُ (الْعِبَادَةِ)، وَسُورَةُ (الدِّينِ)[2].

 

الْمَقَاصِدُ الْعَامَّةُ لِلسُّورَةِ:

اِحْتَوَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى مَقَاصِدَ عَظِيمَةٍ، مِنْ أَهَمِّهَا: أَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ لَا يُخَالِطُ شَيْئًا مِنْ دِينِ الشِّرْكِ[3].

 

مِنْ فَضَائِلِ السُّورَةِ:

هَذِهِ السُّورَةُ مِنَ السُّوَر ِالَّتِي يُشْرَعُ قِرَاءَتُهَا فِيْ الصَّلَوَاتِ وَفِيْ غَيْرِهَا؛ خَاصَّةً مَعَ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ، وَقَدْ جَاءَ فِي ذَلِكَ عِدَّةُ أَحَادِيثَ عَنِ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم، مِنْهَا:

أولًا: فِي رَكْعَتَي الْفَجْرِ، كَمَا في حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَرضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللهِصلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ: ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُون ﴾، وَ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد ﴾»[4].


ثانيًا: فِي رَكْعَتَي الطَّوَافِ خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، كَمَا في حَدِيثِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِرضي الله عنهما: أَنَّ «النَّبِيَّصلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد ﴾، وَ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُون ﴾»[5].


ثالثًا: فِي صَلَاةِ الْوِتْرِ، كَمَا فِي حَدِيثِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍرضي الله عنهما:«أَنَّ النَّبِيَّصلى الله عليه وسلم كَانَ يُوتِرُ بِثَلاثٍ: بـ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ﴾، وَ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُون ﴾، وَ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد ﴾»[6].


ثالثًا: فِي السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ لِلْمَغْرِبِ -وَهِيَ الْبَعْدِيَّةُ-، كَمَا في حَدِيثِابْنِ عُمَرَرضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللهِصلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، بِضْعًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً أَوْ بِضْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً: ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُون ﴾، وَ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد ﴾»[7].


رابعًا: عِنْدَ النَّوْمِ، كَمَا في الْحَديثِ:«أَنَّ النَّبِيَّصلى الله عليه وسلم قَالَ لِنَوْفَلٍ: اقْرَأْ ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُون ﴾، ثُمَّ نَمْ، عَلَى خَاتِمَتِهَا، فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ»[8].


شَرْحُ الْآيَاتِ:

قَولُهُ: ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُون ﴾، أَيْ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلاءِ الْكُفَّارِ الْجَاحِدِينَ لِلْحَقِّ، الْمُشْرِكينَ فِي عِبَادَةِ اللهِ[9]، وَقَدْ رُوِيَ: «أَنَّ رَهْطًا مِن قُرَيْشٍ قَالُوا: يا مُحَمَّدُ تَعْبُدُ آلِهَتنَا سَنَةً ونَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً، فَنَزَلَتْ»[10] [11].

 

قَولُهُ: ﴿ لاَ أَعْبُدُ مَا ﴾، أَيْ: فِيمَا يُسْتَقْبَلُ؛ لِأَنَّ (لَا) النَّافِيَةَ لَا تَدْخُلُ إِلَّا عَلَى مُضَارِعٍ بِمَعْنى الِاسْتِقْبالِ، كَمَا أَنَّ (مَا) لَا تَدْخُلُ إِلَّا عَلَى مُضَارِعٍ بِمَعْنى الْحَالِ[12]، ﴿ تَعْبُدُون ﴾، أَيْ: مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَوْثَانِ الَّتِي لَا حَوْلَ لَهَا وَلَا قُوَّةَ[13].

 

قَولُهُ: ﴿ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُد ﴾وَهُوَ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ[14]، وَقَدْ عَبَّرَ عَنْهُمْ بِالِاسْمِيَّةِ، وَعَنْهُ هُوَ بِالْفِعْلِيَّةِ، أَيْ: وَلَا أَنْتُمْ مُتَّصِفُونَ بِعِبادَةِ مَا أَعْبُدُ الْآنَ[15].

 

قَولُهُ: ﴿ وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّم ﴾، أي: مِنَ الْأَصْنَامِ.

 

قَولُهُ: ﴿ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ ﴾، أي: مُسْتَقْبَلًا[16]، ﴿ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُد ﴾وَهُوَ اللهُ تَعَالَى الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

 

قَولُهُ: ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ ﴾، وهو الشِّرْكُ، ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين ﴾وَهُوَ الْإِسْلَامُ[17]، وَالْخِطَابُ في الْآيَاتِ خِطَابٌ لِمَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ أبدًا[18].

 

بَعْضُ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَخْلَصَةِ مِنَ الْآيَاتِ:

تَضَمُّنُ سُورَةِ الْكَافِرُونَ الْبَرَاءَةَ مِنَ الشِّرْكِ:

فِيْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُون ﴾: تَّضَمُّنٌ لِلتَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الدِّينِ، وَهُوَ دِينُ الرُّسُلِ كُلِّهِمْ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ، ومِثْلُهَا: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد ﴾؛ أَمَّا الْكَافِرُونَ فَفِيهَا الْبَراءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ، وَأَمَّا سُورَةُ الْإِخْلَاصِ فَفِيهَا إِثْبَاتٌ وَتَقْرِيرٌ لِلتَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ إِفْرَادُ اللهِ تَعَالَى بِالْعِبَادَةِ وَحْدَهُ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا تَعَالِجُ حَقِيقَةَ التَّوْحِيدِ مِنْ وَجْهٍ، فَسُورَةُ (الْكَافِرُونَ) تَضَمَّنَتْ مَعْنَى النَّفْي فِي (لَا إِلَهَ)، وَسُورَةُ الْإِخْلَاصِ تَضَمَّنَتْ مَعْنَى الْإِثْبَاتِ فَي (إِلَّا اللهُ)؛ ولِذَا فَالسُّوْرَتَاْنِ تُسُمَّيَانِ بِسُورَتَي الْإِخْلَاصِ.

 

وُجُوبُ الْمُفَاصَلَةِ بَيْنَ أَهْلِ التَّوْحيدِ وَأَهْلِ الشِّرْكِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُون * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُد ﴾[سورة الكافرون:2-3]: مَعَالِمُ رَئِيسَةٌ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَهَا كُلُّ مُسْلِمٍ مُوَحِّدٍ، وَمِنْ ذَلِكَ:

أولًا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا يَعْبُدُ مَعْبُودَهُمْ، وَلَنْ يَعْبَدَ مَعْبُودَهُمْ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُون ﴾ [سورة يونس:41].

 

ثانيًا: أَنَّ الْمُشْرِكينَ لَمْ يَعْبُدُوا اللهَ تَعَالَى، وَلَنْ يَعْبُدُوهُ؛ لِعَدَمِ إِخْلَاصِهِمْ فِي عِبَادَتِهِمْ.

 

ثالثًا: أَنَّ الْعِبَادَةَ إِذَا اقْتَرَنَتْ بِالشِّرْكِ لَا تُسَمَّى عَبَادَةً؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْعِبَادَةِ تُنَافِي الشِّرْكِ بِاللهِ، وَهَذَا مَعْنَى (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) النَّافِي لِكُلِّ مَعْبُودٍ إِلَّا الْمَعْبُودَ بِحَقٍّ، وَهُوَ اللهُ تَعَالَى.

 

رابعًا: أَنَّ عَلَى الْمُؤْمِنِ الْمُوَحِّدِ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالتَّوْحِيدِ، وَهُوَ إِفْرَادُ اللهِ تَعَالَى بِالْعِبَادَةِ، وَيُدَافِعَ عَنْهُ، وَيَدْعُوَ إِلَيْهِ بِشَتَّى الْوَسَائِلِ وَالطُّرُقِ امْتِثَالًا لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِين ﴾ [سورة يوسف:108].

 

خامسًا: أَنَّ عَلَى الْمُوَحِّدِ أَنْ لَا يَلْتَفِتَ إِلَى الْأَدْيَانِ الْبَاطِلَةِ مَهْمَا رَوَّجَهَا الْمُبْطِلُونَ.

 

سادسًا: أَنَّ التَّوْحيدَ لَا يَسْتَقيمُ إِلَّا بِالْبَراءَةِ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ، كَمَا قَالَ الْخَليلُ عليه السلام: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُون * إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِين ﴾[سورة الزخرف:26-27].

 

سِرُّ التَّكْرَارِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُد ﴾:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّم ﴾ [سورة الكافرون:4]: تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ: ﴿ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُون ﴾ [سورة الكافرون:2]، وَالتَّأْكِيدُ بِتَكْرَارِ الْكَلِمَةِ مَعْرُوفٌ في أَسَالِيِب الْعَرَبِ، وَهُوَ في الْقُرْآنِ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ وَرَاءَ التَّكْرَارِ سِرٌّ وَهُوَ: "تَوْكيدُ مَفْهُومِ التَّوْحِيدِ وَالْبَراءَةِ مِنَ الشِّرْكِ مِنَ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ اخْتِلَافًا فِي الصِّيغَةِ، فَفِي الْآيَةِ الْأُولَى أَتَى بِصِيغَةِ نَفْيِ الْفِعْلِ، وَفي الثَّانِيَةِ أَتَى بِصِيغَةِ نَفْيِ اِسْمِ الْفَاعِلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفِعْلِ وَاسْمِ الْفَاعِلِ أَنَّ الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى الْحُدُوثِ وَالتَّجَدُّدِ وَالْوُقُوعِ وَلَوْ لِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَالاِسْمُ يَدُلُّ عَلَى الْوَصْفِ اللَّازِمِ، وَيَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِرْضَاؤُكُمْ بِعِبَادَةِ آلِهَتِكُمْ لَا يَقَعُ مِنِّي وَلَوْ لِمَرَّةٍ، وَأَنَّ هَذَا لَيْسَ وَصْفِي وَلَا شَأْنِي"[19].

 

الْبَرَاءَةُ مِنَ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ:

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين ﴾ [سورة الكافرون:6]: يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنَ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ، لَا عَلَى إِقْرَارِ الْكُفَّارِ عَلَى دِينِهِمْ أَوْ مَا يُسَمَّى بِحُرِّيَّةِ الْأَدْيَانِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَمْرَانِ: اسْمُ السُّورَةِ (الْكَافِرُونَ)، وَسِيَاقُ الْآيَاتِ.


فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْآيَةَ اقْتَضَتْ إِقَرَارَ الْكُفَّارِ عَلَى دِينِهِمْ.


فَالجَوَابُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله: "وَمَعَاذَ اللهِ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ اقْتَضَتْ تَقْرِيرًا لَهُمْ أَوْ إِقْرَارًا عَلَى دِينِهِمْ أَبْدًا، بَلْ لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِصلى الله عليه وسلم -في أَوَّلِ الْأَمْرِ وَأَشَدِّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ- أَشَدَّ في الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ وَعَيْبِ دِينِهِمْ وَتَقْبيِحِهِ، وَالنَّهْيِ عَنْهُ وَالتَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ كُلَّ وَقْتٍ وَفي كُلِّ نَادٍ، وَقَدْ سَأَلُوهُ أَنْ يَكُفَّ عَنْ ذِكْرِ آلهَتِهِمْ، وَعَيْبِ دِينِهِمْ، وَيَتْرُكُونَهُ وَشَأْنَهُ، فَأَبَى إِلَّا مُضِيًّا عَلَى الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ، وَعَيْبِ دِينِهِمْ، فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّ الْآيَةَ اقْتَضَتْ تَقرِيرَهُ لَهُمْ؟ مَعَاذَ اللهِ مِنْ هَذَا الزَّعْمِ الْبَاطِلِ، وَإِنَّمَا الْآيَةُ اقْتَضَتِ الْبَراءَةَ الْمَحْضَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَنَّ مَا هُمْ عِلَيْهِ مِنَ الدِّينِ لَا نُوَافِقُكُمْ عَلَيْهِ أَبَدًا، فَإِنَّهُ دِينٌ بَاطِلٌ، فَهُوَ مُخْتَصٌّ بِكُمْ لَا نَشْرُكُكُمْ فِيهِ، وَلَا أَنْتُمْ تَشْرُكُونَنَا فِي دِينِنَا الْحَقِّ، فَهَذَا غَايَةُ الْبَرَاءَةِ وَالتَّنَصُّلِ مِنْ مُوَافَقَتِهِمْ في دِينِهِمْ"[20].

 

الْكُفْرُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ حُكْمًا:

يَقُولُ ابْنُ كَثِيرٍ رحمه الله: "وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين ﴾ [سورة الكافرون:6]: عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ تَوَرَّثَهُالْيَهُودُ مِنَ النَّصَارَى، وَبِالْعَكْسِ، إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ أَوْ سَبَبٌ يُتَوَارَثُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَدْيَانَ -مَا عَدَا الْإِسْلَامِ- كُلَّهَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ فِي الْبُطْلَانِ، وَذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمَنْ وَافَقَهُ إِلَى عَدَمِ تَوْرِيثِ النَّصَارَى مِنَ الْيَهُودِ وَبِالْعَكْسِ؛ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى»[21]"[22].

 

الثَّبَاتُ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ:

فِيْ هَذَهِ السُّورَةِ: الثَّبَاتُ عَلَى التَّوْحِيدِ أَمَامَ الْكُفَّارِ مَهْمَا بَلَغَتْ قُوَّتُهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم تَمْيِيعُ الدِّينِ إِرْضَاءً لِلْكُفَّارِ، وَلَا التَّنَازُلَ عَنْ بَعْضِ مَبَادِئِهِ خَوْفًا مِنْهُمْ، وَقَدْ كَانَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُسْتَضْعَفينَ فِي مَكَّةَ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون ﴾ [سورة الأنفال:26]، إِلَّا أَنَّهُ ثَبَتَ عَلَى دِينِه عليه السلام حَتَّى نَصَرَهُ اللهُ عَلَيْهِمْ.



[1] ينظر: تفسير ابن عطية (5/ 531).

[2] ينظر: التحرير والتنوير (30/ 579).

[3] ينظر: التحرير والتنوير (30/ 580).

[4] أخرجه مسلم (726).

[5] أخرجه مسلم (1218).

[6] أخرجه أحمد في المسند (2720) واللفظ له، والنسائي (1703).

[7] أخرجه أحمد في المسند (4763).

[8] أخرجه أحمد في المسند (23807)، وأبو داود (5055) واللفظ له، والدارمي (3470)، وصححه ابن حبان (790).

[9] ينظر: تفسير القاسمي (9/ 557).

[10] أخرجه الطبري في تفسيره (24/ 702)، وضعفه ابن حجر في فتح الباري (8/ 733)، وينظر: أسباب النزول للواحدي (ص467).

[11] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 343).

[12] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 343).

[13] ينظر: تفسير الطبري (24/ 702).

[14] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 507).

[15] ينظر: أضواء البيان (9/ 134).

[16] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 508).

[17] ينظر: الوجيز للواحدي (ص1237).

[18] ينظر: تفسير البغوي (8/ 564).

[19] الضوء المنير (6/ 470).

[20] بدائع الفوائد (1/ 141). ولابن القيم رحمه الله تعليقٌ نفيس على هذه السورة؛ فقد أطال، وأجاد، وأفاد.

[21] أخرجه أحمد (6664)، وأبو داود (2911) واللفظ له، وابن ماجه (2731).

[22] تفسير ابن كثير(8/ 508).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة الكافرون للأطفال
  • تنوير العيون في تفسير سورة الكافرون
  • تفسير سورة الكافرون
  • أضواء حول سورة الكافرون (خطبة)
  • تفسير سورة الكافرون

مختارات من الشبكة

  • تفسير سور المفصَّل ( 28 ) تفسير سورة الكافرون(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الخزي والذل على الكافرين(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قول الله تعالى: { كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/3/1447هـ - الساعة: 15:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب