• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات
علامة باركود

خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)

خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/5/2025 ميلادي - 13/11/1446 هجري

الزيارات: 931

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾

 

إن الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون ﴾ [آل عمران: 102].. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون ﴾ [الحشر: 18].. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70]..

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ في النار..

 

معاشر المؤمنين الكرام: يقول الحقُّ جلَّ وعلا: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كافَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِين ﴾ [التوبة: 36].. فهذه الأشهر الأربعة موسمٌ عظيمٌ من مواسم اللهِ المباركة، أزمنةٌ فاضلةٌ حرّمها الله تعالى وعظّمها وقدّسها في كتابه الكريم، وهذه الآية الكريمة أصلٌ في تشريع التقويم القمري، وأصلٌ في تعظيم الزمانِ الفاضل، وهي تصريحٌ من الله بأنّ التاريخَ والزمنَ والشهور، كلّها من عند الله، يقدِّرها بمشيئته، ويفاضِلُ بينهما بحكمته، قال ابن كثير: "في هذه الآية إشارةٌ إلى أنّ الله هو الذي قدّرَ الشهور، وجعلَ منها أربعةٌ حُرُم، يَحرُمُ فيها القتال، ويَعظُمُ فيها الإثم".. وهذه الأشهرُ الأربعةُ بيّنها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: فقال صلى الله عليه وسلم: «السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَةٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ».. فهي أشهرٌ معظمةٌ محرَّمةٌ، لها عند اللهِ منزلةٌ عالية، ومكانةٌ خاصة، فكما أنَّ مكة بلدٌ محرمٌ مكانًا، فهذه الأشهرُ الأربعة محرمةٌ زماناً.. اختصها اللهُ فجعلها موسماً من المواسم المعظمة، ولا بدَّ للموسم المعظمِ من تَعامُلٍ خاصٍ واهتمامٍ مُضاعف.. فهل رأيتم مزارعاً يغفلُ عن سقي حقلهِ وتسميدهِ وقت الموسم؟.. وهل رأيتم تاجرًا يُهمِلُ دكانه وقت الموسم وقد كثر المشترون؟.. يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "اختصّ الله هذه الأربعةَ أشهر، فجعلهُنّ حرامًا، وعظَّمَ حُرماتِهن، وجعلَ الذنبَ فيهنّ أعظم، والعملَ الصالحَ والأجرَ فيه أعظم".. وقال قتادة رحمه الله: "العملُ الصالحُ أعظمُ أجرًا في الأشهرِ الحرم، والذنب أعظمُ إثمًا فيها، وإن كان الذنب عظيمًا على كل حال، ولكن الله يُعظِّمُ من أمره ما شاء".. وقال الإمام الطبري: "حرّمَ الله فيها القتالَ والظلم، تكريمًا لها، ليكون الناسُ فيها أكثرَ قربًا من الخير، وأبعدَ عن الشر".. فنحن يا عباد الله: في أيامٍ عزيزةٍ نفيسة، عظيمةٌ القدر والمكانة عند الله، لا تُقاس بغيرها من الأيام.. فالموفق من أحسنَ استثمارها في طاعة الله.. يقول الإمام ابن رجب: "القلوبُ في مواسم الطاعة تتهيّأ، وفي الأشهر الحُرُمِ تتطهر، ومن عرف قدرَ زمانه فقد نجا".. وكتب مالك بن دينار رحمه الله يقول: "إن لله نفحاتٍ من رحمته، يُصيب بها من يشاء، فتعرضوا لتلك النفحات"..

 

فمواسمُ الخير يا عباد الله: إنما هي نفحاتُ رحمةٍ للمؤمنين، وفرصُ توبةٍ للموفقين، وجسورُ عودةٍ للمنيبين.. فليحذر المسلم أن يفرط فيها فيحرم نفسه خيرا عظيما.. ولذا يقول الله جلّ وعلا في آخر الآية: ﴿ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ﴾ [التوبة: 36].. أي أنّ هذا هو الصراط المستقيم والدين القويم الذي ارتضاه الله لكم، فإياكم أن تظلموا أنفسكم بالتقصير في الطاعات، أو بفعل المعاصي والسيئات، فهذه الأشهر العظيمة، زمانٌ مُضاعفُ القداسة، الطاعةُ فيها أعظم أجرًا، وأقرب إلى القبول.. كما أن الذنب فيها أشدُّ والخسارة أكبر..

 

وقال بعض المفسرين: الظلم المقصودُ في الآية: يشملُ كلَّ أنواع الظلم، ظلم النفس بالمعاصي، وظلمُ الغير بالعدوان والتعدي، ﴿ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ﴾ [التوبة: 36]، فكأن الله تعالى يناديك أيها المؤمن، ويقول لك: "قد عظّمتُ لك الزمان، فعظمه أنت بفعل الطاعات وترك المعاصي"..

 

ومن تأمل قوله تعالى: ﴿ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج: 25].. وحيث أن مجرّد النية وإرادة الظلم في الحرم نقصٌ في تعظيم حرَم الله يُوجبُ العذاب، فكذلك فإنّ من قصّر في تعظيم زمنٍ عظَّمهُ الله، فإنه يُخشى عليه أن يُحرمَ البركة والقبول؟.. قال الإمام الحسن البصري: "إن اللهَ يفتحُ أبوابَ رحمته لعباده في المواسم، فمن دخلها فاز وغنم، ومن أُغلقت دونه خاب وخسر".. وقال ابن القيم: "للزمان شرف، كما أنّ للمكان شرف، فمن عظّمَ الزمان، بورك له في عُمره، ومن ابتُلي بالاستخفاف به، مُحيَ من قلبه أثر الطاعة".. فلا يليق بالمسلم أن يغفل عن أيامٍ يعلمُ أنَّ العملَ فيها أعظمُ وأحبُ إلى الله، وقبولُ العملِ فيها أرجى وأقرب.. ولا شك أنَّ أعظمَ ثمارِ تعظيمِ مواسمِ اللهِ عموما, هو حصولُ التقوى، قال تعالى: ﴿ ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَٰئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].. وشعائر الله تشملُ كلَّ ما عظّمهُ الله، وكلَّ ما نُسِب إليه، وكلَّ ما دلَّ عليه.. من مكانٍ أو زمانٍ، أو عملٍ أو نُسك.. قال ابن كثير: "من عظَّم أوامر الله، فهو دليلٌ على تقواه".. وقال مجاهد: "تعظيم الشعائر: هو استشعارُ القلبِ لعظمة ما عظّمهُ الله".. وقال ابن كثير في تفسيره: "تعظيمُ الشعائرِ نابعٌ من تقوى القلوب، فكلَّما كان القلبُ أتقى وأنقى، كان للشعائر أعظمُ حُرمةً ومَهابة.".. فنحن يا عباد الله: في أيامٍ عزيزةٍ نفيسة، لا تُقاس بغيرها من الأيام.. فليقف كلُّ مسلمٍ مع نفسه مُذكراً ومحاسباً.. قال مطرّف بن عبد الله: "كفى بالنفس إزراءً أن ترى أمرَ اللهِ هيّناً".. وقال ابن عطية: "تعظيمُ شعائرِ الله علامةٌ على حياة القلب، واستحضار عظمةِ الرب".. وقال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: "إذا شعرت أن قلبك يعظّمُ أمر الله، فاحمد الله، فإنها علامةُ حياة".. وقال بعضهم: "قيمة المؤمن عند ربه بقدر ما في قلبه من تعظيمٍ لله"..

 

وأعظمُ التعظيمِ لهذه الأزمانِ الفاضلةِ أن نُصلِحَ فيها علاقتنا مع الله، وأن نتطهّر من أدران الذنوب والمعاصي، وأن نعمرَ هذه الأوقات بكثرة الذكر والطاعات.. وفي قوله تعالى: ﴿ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ﴾ [الحج: 30].. قيل أنّ الخيريةَ لا تُنالُ بكثرة العملِ فقط، بل بتعظيم القلبِ لأوامر اللهِ ونواهيهِ، فإنّ تعظيمها من تعظيم الله.. ومن عظّمها فهو خيرٌ له عند ربه..

 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ * ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ۗ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ۖ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ * ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 27]..

 

أقول ما تسمعون..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد..

فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر: 18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: لا شك أن من أجلِّ صورِ التَّعظيم والإجلالِ لله جل وعلا، الإكثارُ من ذكره تبارك وتعالى، قال تعالى: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45]، وفي الحديث الصحيح: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أُنبِّئُكم بخيرِ أعمالِكم، وأزكاها عند مليكِكم، وأرفعِها في درجاتِكم، وخيرٌ لكم من إنفاقِ الذَّهبِ والورِقِ، وخيرٌ لكم من أن تلقَوا عدوَّكم؛ فتضربوا أعناقَهم، ويضربوا أعناقَكم؟. قالوا: بلى، قال: ذِكرُ اللهِ».. ذِكرُ اللهِ تعالى: هو حِصنُ المؤمِن الحصِين، وذُخْرُهُ ليومِ الدِّينِ، وهُوَ خَيرُ مَا شُغِلَت بِهِ الأَوقَاتُ واستثمرت فيه الطاقات.. قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45].. وذِكرَ اللهِ تَعَالى من أيسر الأعمالِ وأقربها لمن أراد فِي أي وقتٍ، وَعَلَى كل حال.. قال تعالى: ﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ﴾ [النساء: 103].. وأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ السَّبْقَ إنما يَكُونُ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ، فقَالَ عليه الصلاة والسلام: «سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ، قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ».. ذِكر الله هو غذاءُ القلوبِ وأُنسها، وسَكنُها وطُمأنينتُها: ﴿ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطۡمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئِنُّ ٱلۡقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].. أمَّا أعجبُ مزايا الذكر فهو فوزُ الذاكرِ بذكر الله له، قال تعالى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152].. وفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ المتفق عليه: "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُ"، ووالله لو لم يكن للذكر إلا هذه الميزة العظمى, لكفَت ورجَحَت.. وقال معاذُ بنُ جبلٍ رضي الله: ما شيءٌ أنجى من عذابِ اللهِ من ذكرِ اللهِ.. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الذِّكرُ للقلب مثل الماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا فقد الماء؟".. وقال الإمام ابن القيم: "الذكرُ يفتح مغاليق القلب، ويغلق أبوابَ الغفلة".. تأمل: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾.. إذا عُلِمَ هذا يا عباد الله: فإِنَّ شَرَفَ الذِّكرِ وَعُلُوَّ مَنزِلَتِهِ، وَعَظِيمَ فَضلِهِ، وَشِدَّةِ حَاجَةُ المسلمِ إِلَيهِ، مَعَ سُهُولَتِهِ وَيُسرِهِ، وَكثرةِ أَجورِهِ وفوائده، كُلُّ ذلكَ مما يَحثُ المسلم ويرغبه في أَنْ يَكُونَ مِنَ الذَّاكِرِينَ اللهَ تَعَالى كَثِيرًا، وَأَلاَّ يَكُونَ مِنَ المُفَرِّطِينَ الغَافِلِينَ.. ولئن كانت كل هذه الفضائل العظيمة ينالها الذاكر في الأوقات العادية، فكيف بهذه الأيام المباركة..

 

فيا من يريد لقلبه أن يكونَ حيًّا سليماً، ويا من يريدُ أن تكون نفسهُ نفساً مطمئنّة، ويا من يودُ أن يكونَ صدرهُ مُنشرحًا، ويا من يسعى لتكون عاقبتهُ بإذن الله فوزاً عظيماً.. عليك بكثرة الذكر، واعلم أنَّ اللهَ جلَّ وعلا يحبُّ من عباده الذاكرين، حتى أنه يُباهي بهم ملائكته الكرام..

 

فيا أيها الموفق: ذكّر نفسَك، ﴿ وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَار ﴾ [آل عمران: 41].. ﴿ ومن الليل فسبّحه وإدبار النجوم ﴾ [الطور: 49]، ﴿ وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِين ﴾ [الأعراف: 205].. وسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً، وادعُه وأنت على يقينٍ أنه يسمعك ويستجيب لك.. فربُّك رؤوفٌ رحيم، جوادٌ كريم، لطيفٌ بعباده.. إذا استُرحِم رحم، وإذا سُئِل أعطى، وإذا دُعِي أجاب، وإذا اُستغفِر غفر، ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه،82]، ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون ﴾ [البقرة: 185]..

 

فيا ابن آدم عش ما شئت، فإنك ميت..

 

احبب من شئت فإنك مفارقه..

 

اعمل ما شئت فإنك مجزي به..

 

البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت

اللهم صل على محمد...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
  • تفسير آية: { ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب }

مختارات من الشبكة

  • ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب (برنامج ديني)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة آثار قسوة القلب (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله السحيم)
  • أين قلبك من خطبة الجمعة!؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عام مضى وعام أتى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تكون خطبة الجمعة خطبة عظيمة ومؤثرة؟ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخطبة الأخيرة من رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب