• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

من آداب المجالس (خطبة)

من آداب المجالس (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/5/2025 ميلادي - 13/11/1446 هجري

الزيارات: 838

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من آداب المجالس

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 194].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، بَينَ يَومٍ وَآخَرَ تَجرِي لِلنَّاسِ مَوَاقِفُ في حَيَاتِهِم أَو مَجَالِسِهِم، وَيَنتَشِرُ بَعضُهَا في وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ انتِشَارَ النَّارِ في الهَشِيمِ، فَتَرَى النَّاسَ في تَنَاوُلِهَا مُختَلِفِينَ اختِلافَاتٍ مُتَبَايِنَةً، مُتَفَرِّقِينَ في طَرحِ الآرَاءِ حَولَهَا بَينَ مُثنٍ وَذَامٍّ وَمَادِحٍ وَقَادِحٍ، وَلَو تَأَمَّلَ مُتَأَمِّلٌ في كَثِيرٍ مِمَّا يُتَنَاقَشُ فِيهِ وَيُتَحَاوَرُ، لَوَجَدَ كَثِيرِينَ في نِقَاشَاتِهِم، إِنَّمَا هُم مُجَادِلُونَ بِحَسَبِ مَا يَخطُرُ في بَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنهُم، لا يَنطَلِقُونَ مِن مَبَادِئَ ثَابِتَةٍ تَحكُمُهُم، وَلا يَرجِعُونَ إِلى أُصُولٍ رَاسِخَةٍ تُقَرِّبُ وُجهَاتِ النَّظَرِ فِيمَا بَينَهُم.

 

وَفي اليَومَينِ المَاضِيَينِ انتَشَرَ نِقَاشٌ في وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ، في رَجُلٍ دَخَلَ مَجلِسَ آخَرَ، وَلَمَّا استَقبَلَهُ صَاحِبُ المَجلِسِ بِمَا يَستَقبِلُ بِهِ العُقَلاءُ ضُيُوفَهُم مِن طَيِّبِ الشَّرَابِ وَفَائِحِ الطِّيبِ، فُوجِئَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ يُوقِدُ لُفَافَةَ دُخَانٍ في المَجلِسِ، مُدَّعِيًا أَنَّ مِن حَقِّهِ أَن يَتَنَاوَلَ مَا يَرُوقُ لَهُ وَيُوَافِقُ مِزَاجَهُ، فَمَا كَانَ مِن صَاحِبِ المَجلِسِ إِلاَّ أَن طَرَدَهُ وَأَخرَجَهُ، وَلَمَّا انتَشَرَ هَذَا المَوقِفُ اختَلَفَ النَّاسُ في الحُكمِ عَلَى كُلٍّ مِن صَاحِبِ المَجلِسِ وَالضَّيفِ، وَجَعَلُوا يَتَسَاءَلُونَ: هَل لِصَاحِبِ المَجلِسِ أَن يَطرُدَ أَحَدًا مِن مَجلِسِهِ؟! وَهَل هَذَا مِنَ المَرُوءَةِ أَو حَسَنِ العَادَاتِ وَكَرِيمِ الأَخلاقِ؟! وَمِنَ المُؤسِفِ أَنَّ كَثِيرِينَ ادَّعُوا أَنَّ صَاحِبَ المَجلِسِ قَد أَخطَأَ بِطَردِهِ المُدَّخِنَ مِن مَجلِسِهِ، وَأَنَّهُ مَا كَانَ لَهُ بِحَسَبِ عَادَاتِ المُجتَمَعِ أَن يَفعَلَ ذَلِكَ.

 

وَالحَقُّ الَّذِي لا يَختَلِفُ فِيهِ العُقَلاءُ أَنَّ مَن يَأتي المُنكَرَ في المَجَالِسِ دُونَ حَيَاءٍ وَلا رِعَايَةٍ لأَهلِهَا وَلا الجَالِسِينَ فِيهَا، فَحَقُّهُ أَن يُؤمَرَ بِالمَعرُوفِ وَيُنهَى عَنِ المُنكَرِ، وَأَن يُنَبَّهَ وَيُنصَحَ وَيُبَيَّنَ لَهُ الخَطَأُ، فَإِنِ استَجَابَ وَرَجَعَ لِلحَقِّ وَخَضَعَ لَهُ، وَإِلاَّ فَقَد أَسقَطَ حَقَّهُ وَأَهَانَ نَفسَهُ، وَلَيسَ لَهُ بَعدَ ذَلِكَ حُرمَةٌ وَلا هُوَ بِأَهلٍ لِتَقدِيرٍ.

 

وَإِنَّ مِثلَ هَذِهِ المَوَاقِفِ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَتُذَكِّرُنَا أَنَّ ثَمَّ آدَابًا جَاءَ بِهَا الإِسلامُ لِضَبطِ الجُلُوسِ في المَجَالِسِ، وَتَرتِيبِ الدُّخُولِ فِيهَا وَالخُرُوجِ مِنهَا، وَهِيَ آدَابٌ عَظِيمَةٌ، يُضمَنُ بِهَا أَن يُستَفَادَ مِنَ تِلكَ المَجَالِسِ، وَأَن يَسلَمَ أَهلُهَا وَالجَالِسُونَ فِيهَا، وَأَن تَكُونَ مَجَالِسًا مُبَارَكَةً تَحُفُّهَا المَلائِكَةُ وَتَهرُبُ مِنهَا الشَّيَاطِينُ.

 

فَمِن آدَابِ المَجَالِسِ الاستِئذَانُ عِندَ إِرادَةِ الدُّخُولِ، وَإِلقَاءُ السَّلامِ عَلَى مَن فِيهَا، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لا تَدخُلُونَ الجَنَّةَ حَتَّى تُؤمِنُوا، وَلا تُؤمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلا أَدُلُّكُم عَلَى شَيءٍ إِذَا فَعَلتُمُوهُ تَحَابَبتُم؟! أَفشُوا السَّلامَ بَينَكُم"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمُ: "إِذَا انتَهَى أَحَدُكُم إِلى المَجلِسِ فَلْيُسَلِّمْ، فَإِذَا أَرَادَ أَن يَقَومَ فَلْيُسَلِّمْ، فَلَيسَتِ الأُولى بِأَحَقَّ مِنَ الآخِرَةِ"؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَرَوَى البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الاستِئذَانُ ثَلاثٌ، فَإِنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلاَّ فَارجِعْ".

 

وَمِن آدَابِ المَجَالِسِ أَن يَجلِسَ الدَّاخِلُ حَيثُ يَنتَهِي بِهِ المَجلِسُ، وَلا يُقِيمَ أَحَدًا مِن مَكَانِهِ لِيَجلِسَ فِيهِ، وَالأَكمَلُ وَالأَجمَلُ أَن يَجلِسَ حَيثُ يُجلِسُهُ صَاحِبُ الدَّارِ، فَهُوَ أَعلَمُ بِالمَكَانِ المُنَاسِبِ لِجُلُوسِ غَيرِهِ، عَن جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كُنَّا إِذَا أَتَينَا النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ أَحَدُنَا حَيثُ يَنتَهِي؛ رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَقَالَ الأَلبَانيُّ صَحِيحٌ لِغَيرِهِ. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لا يُقِيمَنَّ أَحَدُكُم الرَّجُلَ مِن مَجلِسِهِ ثم يَجلِسَ فِيهِ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأَدبِ المُفرَدِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَمِن آدَابِ المَجَالِسِ أَنَّ كُلَّ جَالِسٍ هُوَ أَحَقُّ بِمَكَانِهِ، وَحَتى وَإِن هُوَ قَامَ لِحَاجَةٍ ثم عَادَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِمَكَانِهِ مِن غَيرِهِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا قَامَ أَحَدُكُم مِن مَجلِسِهِ ثم رَجَعَ إِلَيهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ"؛ رَوَاهُ مُسلِمُ.

 

وَمِن آدَابِ المَجَالِسِ حِفظُ أَسرَارِهَا، وَالحِرصُ عَلَى عَدَمِ إِفَشَائِهَا، وَأَن يَستُرَ الجَالِسُ مَا قَد يَطَّلِعُ عَلَيهِ فِيهَا مِن عَورَاتٍ، وَالعَاقِلُ حَافِظٌ لِلأَسرَارِ كَاتِمٌ لِمَا يَحصُلُ، لا يُعَوِّدُ نَفسَهُ نَقلَ كَلامِ المَجَالِسِ إِلى خَارِجِهَا، إِلاَّ مَا يَكُونُ مِن خَيرٍ وَإِصلاحٍ، وَإِلاَّ فَهُوَ يَحفَظُ لِسَانَهُ حِرصًا عَلَى سَلامَةِ القُلُوبِ وَصَفَاءِ النُّفُوسِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمُ: "المَجَالِسُ بِالأَمَانَةِ"؛ رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِحَدِيثٍ ثم التَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ"؛ رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَجَل أَيُّهَا الإِخوَةُ، إِنَّ العَاقِلَ حَافِظٌ لِلسِّرِّ، لا يَظفَرُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ مِنهُ بِسِرِّ غَيرِهِ لا تَصرِيحًا وَلا تَلمِيحًا، وَلا قَصدًا وَلا تَعرِيضًا، لِعِلمِهِ أَنَّهُ لَن يَندَمَ عَلَى الكِتمَانِ، وَإِنَّمَا الضَّرَرُ كُلُّ الضَّرَرِ في العَجَلَةِ وَالتَّسَرُّعِ، وَالوُثُوقِ بِالنَّاسِ كُلِّهِم ثِقَةً تَحمِلُهُ عَلَى نَقلِ الكَلامِ وَإِفشَاءِ الأَسرَارِ، بِمَا يَكُونُ مِفتَاحًا لِلخِلافَاتِ وَبَابًا لانتِشَارِ الشَّرِّ وَتَرَاكُمِ الأَضرَارِ.

 

وَمَا أَجمَلَ أَن يُرَبَّى الأَبنَاءُ عَلَى كَتمِ السِّرِّ وَرِعَايَةِ الأَمَانَةِ؛ فَعَن أَنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَلعَبُ مَعَ الغِلمَانِ، قَالَ: فَسَلَّمَ عَلَينَا، فَبَعَثَني إِلى حَاجَةٍ فَأَبطَأْتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ قَالَت: مَا حَبَسَكَ؟! قُلْتُ: بَعَثَني رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَةٍ، قَالَت: مَا حَاجَتُهُ؟! قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ، قَالَتْ: لا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَمِن أَمَانَاتِ المَجَالِسِ وَأَسرَارِهَا الَّتي لا يَجُوزُ نَشرُهَا، وَمَعَ هَذَا فَقَد يَتَسَاهَلُ بَعضُ النَّاسِ في استِنطَاقِ زَوجَتِهِ أَوِ ابنَتِهِ، لِتَتَحَدَّثَ لَهُ عَن نِسَاءٍ جَلَسَت مَعَهُنَّ، وَتَنعَتَ لَهُ جَمَالَهُنَّ أَو تَذكُرَ قُبحَهُنَّ، وَذَلِكَ مَنهِيُّ عَنهُ مُحَذَّرٌ مِنهُ، سَوَاءٌ مِنهُ المَدحُ أَوِ الذَّمُّ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لا تُبَاشِرِ المَرأَةُ المَرأَةَ فَتَنعَتَهَا لِزَوجِهَا كَأَنَّهُ يَنظُرُ إِلَيهَا"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

هَذَا في الوَصفِ بِاللِّسَانِ، فَكَيفَ بِتَصوِيرِ النِّسَاءِ وَنَشرِ صُوَرِهِنَّ، فَهَو مُنكَرٌ عَظِيمٌ وَذَنبٌ كَبِيرٌ، يُخشَى عَلَى صَاحِبِهِ مِن أَن يَفضَحَهُ اللهُ.

 

وَمِن آدَابِ المَجَالِسِ استِحبَابُ التَّوسِيعِ فِيهَا لِلجَالِسِ أَو مَن يُرِيدُ الجُلُوسَ، وَأَلاَّ يُفَرِّقَ بَينَ اثنَينِ إِلاَّ بِإِذنِهِمَا، قَالَ تَعَالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11]، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَن يُفَرِّقَ بَينَ اثنَينِ إِلاَّ بِإِذنِهِمَا"؛ رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَالتَّفَسُّحُ في المَجَالِسِ عَلامَةٌ عَلَى انفِسَاحِ الصُّدُورِ وَسَعَتِهَا، وَنَقَاءِ القُلُوبِ وَصَفَائِهَا، وَأَمَّا عَدَمُ الإِفسَاحِ فَهُوَ خُلُقٌ ذَمِيمٌ وَمَسلَكٌ شَائِنٌ، نَاتِجٌ عَن ضِيقٍ في النَّفسِ وَحُبٍّ لِلاستِئثَارِ وَقِلَّةِ مُبَالاةٍ بِالآخَرِينَ، لا يَكُونُ عَلَيهَا مُؤمِنٌ نَقَّى اللهُ قَلبَهُ مِنَ الحَسَدِ وَالغِلِّ، وَطَهَّرَهُ مِنَ الحِقدِ وَالضَّغِينَةِ، وَالإِفسَاحُ لَيسَ بِضَارٍّ فَاعِلَهُ وَلا مُنقِصًا مِن قَدرِهِ، بَل هُوَ سَبَبٌ في أَن يَفسَحَ اللهُ لَهُ، وَالجَزَاءُ مِن جِنسِ العَمَلِ، وَمَن وَسَّعَ لأَخِيهِ وَسَّعَ اللهُ عَلَيهِ.

 

وَمِن آدَابِ المَجَالِسِ عَدَمُ الانفِرَادِ بِالحَدِيثِ بَينَ اثنَينِ أَو ثَلاثَةٍ دُونَ سَائِرِ مَن في المَجلِسِ، وَالعُقَلاءُ يُؤنِسُ بَعضُهُم بَعضًا، وَيَدَعُ كُلٌّ مِنهُم لِغَيرِهِ فُرصَةَ الحَدِيثِ، مَعَ حُسنِ إِنصَاتٍ وَاستِمَاعٍ، وَعَلَى المُتَحَدِّثِ أَلاَّ يُمِلَّ الجَالِسِينَ بِكَثرَةِ الكَلامِ وَالاستِئثَارِ بِالحَدِيثِ، اللَّهُمَّ إِلاَّ أَن يَرَى مِنهُم إِقبَالاً عَلَى حَدِيثِهِ لِفَائِدَةٍ أَو نَحوِ ذَلِكَ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كُنتُم ثَلاثَةً فَلا يَتَنَاجَ اثنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُحزِنُهُ"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْنَتَأَدَّبْ بِآدَابِ الإِسلامِ في كُلِّ شُؤُونِ حَيَاتِنَا، وَلْنَحذَرْ مِمَّا يُفسِدُ عِلاقَاتِنَا أَو يُوغِرُ صُدُورَنَا، ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ مِن خَيرِ آدَابِ المَجَالِسِ ذِكرَ اللهِ فِيهَا، وَالصَّلاةَ عَلَى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَخَتمَهَا بِكَفَّارَةِ المَجلِسِ وَالدُّعَاءِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَن جَلَسَ في مَجلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبلَ أَن يَقُومَ مِن مَجلِسِهِ ذَلِكَ: سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمدِكَ، أَشهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ، أَستَغفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيكَ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجلِسِهِ ذَلِكَ"؛ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَا جَلَسَ قَومٌ مَجلِسًا لم يَذكُرُوا اللهَ تَعَالى فِيهِ وَلم يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِم فِيهِ إِلاَّ كَانَ عَلَيهِم تِرَةً، فَإِن شَاءَ عَذَّبَهُم وَإِن شَاءَ غَفَرَ لَهُم"؛ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَعَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِن مَجلِسٍ حَتَّى يَدعُوَ بِهَؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ لأَصحَابِهِ: "اللَّهُمَّ اقسِمْ لَنَا مِن خَشيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَينَنَا وَبَينَ مَعَاصِيكَ، وَمِن طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَينَا مُصِيبَاتِ الدُّنيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسمَاعِنَا وَأَبصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحيَيتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَن ظَلَمَنَا، وَانصُرْنَا عَلَى مَن عَادَانَا، وَلا تَجعَلْ مُصِيبَتَنَا في دِينِنَا، وَلا تَجْعَلِ الدُّنيَا أَكبَرَ هَمِّنَا، وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلا تُسَلِّطْ عَلَينَا مَن لا يَرْحَمُنَا"؛ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من آداب المجالس
  • آداب المجالس في الإسلام
  • آداب المجالس وآفاتها

مختارات من الشبكة

  • آداب الزيارة وشروطها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة بهجة المجالس وأنس المجالس (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • سلسلة الآداب الشرعية (آداب المجلس)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة بهجة المجالس وأنس المجالس(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة بهجة المجالس وأنس المجالس(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • السرية في المجالس (أسرار المجالس)(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • آداب الضيافة ويليه آداب الطعام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة مجموع فيه كتابان: شرح آداب البحث للسمرقندي وحاشية على شرح آداب البحث للسمرقندي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • هيا بنا نتعلم الآداب الإسلامية - من هدي السنة النبوية (10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هيا بنا نتعلم الآداب الإسلامية - من هدي السنة النبوية (4)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب