• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الدرس الثامن عشر: الشرك
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (5)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

بين يدي سورة العصر (خطبة)

بين يدي سورة العصر (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/4/2025 ميلادي - 29/10/1446 هجري

الزيارات: 6398

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بين يدي سورة العصر (خطبة)

 

الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ العليِّ الكبيرِ، العزيزِ القديرِ، ﴿ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [غافر:3]، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى:11].. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الحديد:2]... وأشهدُ أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه، ومصطفاه وخليله، البشيرُ النذيرُ، والسراجُ المُنيرُ.. صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحابتهِ المغاويرِ، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم المصير..

أمَّا بعدُ: فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون ﴾ [آل عمران:102]، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة:281]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: القرآن الكريم: هو الصراطُ المستقيم والذكرُ الحكيم.. حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِين، وَنُورُه المبِين، لَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، ولا يخلقُ عن كثرة الرد، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، نميرٌ عذبٌ، وموردٌ ثجَّاج، كلما ازدادت البصائرُ فيه تأمُلاً وتفكُرا، زادها هِدايةً وتبصُرا.. ووالله إن سعادةَ العبدِ، وصلاحَ أمرهِ في الدنيا والآخرة، لن تكون إلا بهذا القرآن العظيم، الذي ما إن تمسكنا به فلن نضِلَّ أبداً..

 

ونحن اليومَ بين يديِّ سورةٍ وأيٌّ سورة، سورةٌ قصيرةٌ في مبناها عظيمةٌ في معناها، سورةٌ محدودة الآيات، واسعة الدلالات، سورةٌ شديدة الإيجاز، قوية البيان والاعجاز.. سورةٌ عجيبة: جمعت في كلماتها المعدودة, خلاصَةَ الدين ومتطلباته، وتضمنت أهداف القرآن وغاياته، وذكرت مراتب الكمال البشري ومآلاته.. ووضعتْ لنا ميزان النجاة من الخسران، وأوضحت سبيل الفوز والرضوان.. سورةٌ يقرؤها أكثرنا في صلاته، لكنه يغفلُ عن دورها في حياته.. سورةٌ محكمة يقول عنها الإمام الشافعي رحمه الله: (لو ما أنزل الله حجةً على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم).. إنها سورة العصر يا عباد الله: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر ﴾ [العصر:1]..

 

فهيا بنا لنتدبر بعض ما في هذه السور العظيمة من عبرٍ وعظات، ونأخذ منها الدروس والعظات، والوصايا النيرات.. ثم نحرص على تطبيق ما فيها من نصائح وتوجيهات..

 

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ: (والعصر): افتتاحٌ مشوقٌ بأسلوب قسم، وهو من أساليب التوكيد، يؤذنُ بأهمية ما بعده، فأقسم الله بالعصر، وهو والزمان والدهر، ذو العجائب والعبر، بأيامه ولياليه، وساعاته وثوانيه، أو بعمر الإنسان والزمان الذي سيبقى فيه، وهو ميدان الأعمال، ومضمار التنافس، فمن استثمره في طاعة الله, وعمل فيه بما يرضي الإله, فقد فاز فوزا عظيما، ومن فرط فيه وضيعهُ فقد خسر خسراناً مبيناً..

 

وأمّا جواب القسم، فبقية السورة الكريمة، والذي بدأ بإنّ: (إنّ الانسانَ لفي خُسر)، وإنّ أداةُ توكيد، (إنّ الانسان) كلُّ انسان، (لفي خسر) أي غارقٌ في الخسارة من كل وجه.. والمعنى: أنّ كلَّ الناسِ حتماً سيخسرون خُسراناً عظيماً، إلا من استثناه الله في بقية الآيات.. فخسارة الجميع متحتمة، لكن خسارة كل انسانٍ على قدر معصيته، فكلما كبرت المعصية كبرت الخسارة.. تأمل: قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾ [النساء:119]، وقال تعالى: ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام:31]، وقال جل وعلا: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الحج:11]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُون ﴾ [المؤمنون:103]، وقال تعالى: ﴿ وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُون ﴾ [الجاثية:27].. فالكافر خاسر، والمنافق خاسر، وصاحب الكبيرة خاسر، والمبتدع في دين الله خاسر، والمرابي خاسر، وسافك الدم المعصوم خاسر، وهاتك العرض خاسر، وآكل المال الحرام خاسر، والمغتاب خاسر، والنمام خاسر، ومن شهد كذباً وزورا فهو خاسر، ومن حلف كاذباً فهو خاسر.. ومن قصر في جنب الله فهو خاسر، ومن فرط في أوقاته فهو خاسر، وهكذا فكلٌ سيخسر بقدر معصيته وتفريطه.. ولن ينجو أحدٌ من الخسارة إلا من حقق أربعة متطلبات: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر:3]..

 

المطلوب الأول: هو الإيمان.. والإيمان قول باللسان، واعتقادٌ بالجنان، وعملٌ بالجوارح والأركان، يزيدُ بالطاعات وينقص بالعصيان.. الإيمان نورٌ يغمر القلب، فيظهر أثره في القول والعمل، والسلوك والخلق.. قال الله تعالى: ﴿ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ﴾ [الزمر:22].. والإيمان الحق: هو الذي يغمر القلب بمحبة الله ورجائه وخشيته، والذين آمنوا حق الإيمان.. هم من امتلأت قلوبُهم يقينًا بلقاء ربهم، وتصديقاً بوعده ووعيده، فلا تزعزعهم الشبهات، ولا تجرفهم الشهوات، يعرفون ربهم بأسمائه وصفاته، ويقدرونه حق قدره، ويؤمنون بملائكة الله وكتبه ورسله، وباليوم الآخر وبالقضاء خيره وشره.. والقرآن والسنة مليئانِ بالحديث عن الإيمان؛ وعن أعماله، وأسباب حصوله ووسائل زيادته، وعوامل نقصانه، وعن ثمراته وآثاره، وعن ثوابه وجزاء أهله في الدنيا والآخرة؛ وعن كل ما يتعلق به، يقول تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال:2].. وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وستون شعبة، فأفضلها: قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)..

 

وثاني متطلبات السورة: (وعملوا الصالحات): هذا هو البرهان ودليل صدق الإيمان، فالإيمان القلبي لوحده لا يكفي، بل لا بد من عملٍ يثبت صدقه.. والعملُ الصالح هو ما وافق الشرعَ، وأُريد به وجهُ الله، قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة ﴾ [البينة:5].. الصلاة نور، والصدقة برهان، والوضوء شطر الإيمان.. فصلاةٌ بخشوع، وصيامٌ بإخلاص، وبرٌّ بالوالدين، وصلة للأرحام، وإحسانٌ إلى الفقراء، وقضاء لحوائج الناس، كلُّها أعمالٌ صالحةٌ.. وكل عمل يُرضي الرحمن، وينفع عباده فهو من الأعمال الصالحة، في الحديث الحسن: قال صلى الله عليه وسلم: "أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحبّ الأعمال إلى الله سرورٌ تُدخله على مسلم".. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون ﴾ [البقرة:277]..

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى..

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: لئن كان الإيمانُ حقٌ، والعملُ الصالحُ حقٌ، فإن من مقتضى الإيمان، أن تحبّ لغيرك ما تحب لنفسك، وإن من أجلِّ الأعمال الصالحة، أن تدل غيرك على الخير وترغبهم فيه، وأن تنهاهم عن الشر وتحذرهم منه.. في الحديث المتفق عليه، قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.".. ولا شك أن الخير لن يُعرَفَ وينتشر، والمنكرَ لن يُهجر ويندثر، إلا بالنصح والتواصي، قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب ﴾ [المائدة:2]، وهذا هو المطلوب الثالث: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾، تواصوا وكونوا مشاعلَ هدى، ودعاةَ صلاحٍ وإصلاح.. والتواصي بالحق أن ترى أخاك على خطأ، فتأخذ بيده بلطف، وتذكره بود، وتدلّه على الخير بحكمة وتعظه بالتي هي أحسن.. و"من دلّ على خير فله مثل أجر فاعله"، ومن سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا خيرَ في قومٍ ليسوا بناصحين، ولا خير في قومٍ لا يحبون النصح.".. وفي الحديث المتفق عليه: قال جرير بن عبدالله رضي الله عنه: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم) متفق عليه..   أيها الكرام المباركون: كثيرٌ منا يعرفون الحق لكنهم يسكتون.. وكثيرٌ من يرونَ الخطأ فيتغافلون.. كيف والتواصي بالحق هو صمامُ أمان المجتمعات، ودرعُها الواقي من سيل الشبه والشهوات.. ودليلُ صلاحها وخيريتها، تأمل: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران:110]، وما فسدت أمةٌ إلا حين علا صوت الهوى على صوت الهدى.. وكل ذلك خوفاً من التعرض للإحراج والأذى.. وما من خيرٍ يُنال، ولا درجة تُرتقى، إلا بصبرٍ وجلد. وهذا هو المطلوب الرابع: "وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ".. وتأمل ما قاله لقمان لابنه ناصحاً: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾ [لقمان:17].. اصبر على ما أصابك، فقبول الحق ثقيل، ومواجهة الباطل شاقة.. أصبر وتحمل.. فمن صبر ظفر وأُجر، ومن ثبت نبت، قال تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة:155].. ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب ﴾ [الزمر:10]، فيا لله! ما أعظم الجزاء، وما أكرم العطاء.. وفي الحديث الصحيح: "وما أُعطي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر".. فـ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران:200].. "اصبروا" على الطاعات، "وصابروا" في مواجهة الشدائد والملمات، "ورابطوا" على الثغور ودافعوا المنكرات، لعلكم تسلمون من الخسران والهلكات، قال ابن القيم رحمه الله: "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له."..

 

ألا فتدبروا أيها المسلمون هذه السورة العظيمة، فما أغزر ما تحويه من معانٍ ودلالات، وما أحوجنا إلى العمل بما تضمنته من أوامر وتوجيهات، وما أحرانا أن نحقق تلك المطلوبات: إيمانٌ صادق، وأعمالٌ صالحة، ودعوةٌ للحق، وصبرٌ وثباتٌ ومصابرة.. فنسلم بفضل الله من الهلاك والخسران، ونفوز بإذن الله بالجِنان والرضوان.. وليسأل كل منا نفسه: أين أنا من هذا الميزان الرباني.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً ﴾ [الكهف:107]..

 

فيا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل على محمد....





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سورة العصر وأصول النجاة (خطبة)
  • في ظلال سورة العصر (خطبة)
  • وقفات مع سورة العصر: في رحاب سورة العصر (1) (خطبة)
  • الخسران المبين: في رحاب سورة العصر (2) (خطبة)
  • النجاة من الخسران المبين بالإيمان والعمل: في رحاب سورة العصر (3) (خطبة)
  • نجاة أهل العصر في سورة العصر (خطبة)
  • فضل سورة العصر (خطبة)
  • تدبر سورة العصر (خطبة)
  • تفسير سورة العصر

مختارات من الشبكة

  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أدعية الاستفتاح: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيني وبين فتاة علاقة عاطفية وعرف أهلها ما بيننا(استشارة - الاستشارات)
  • (مادامت روحك بين جنبيك فها هي أفضل أيام الدنيا بين يديك) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين يدي سورة ق (الجزء الثالث) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين يدي سورة ق (الجزء الثاني) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين يدي سورة ق (الجزء الأول) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب