• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

شيعة مهتدون

شيعة مهتدون
إبراهيم الدميجي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/4/2025 ميلادي - 13/10/1446 هجري

الزيارات: 501

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شيعة مهتدون


الحمد لله؛ أما بعد:

فمن أولئك الأفذاذ:

أحمد مير قاسم بن مير أحمد الكسروي، المولود في تبريز، تلقى تعليمه في إيران، وعمل أستاذًا في جامعة طهران، وتولى عدة مناصب قضائية، وتولى مراتٍ رئاسة بعض المحاكم في المدن الإيرانية، حتى أصبح في طهران أحد كبار مفتشي وزارة العدل الأربعة، ثم تولى منصب المدعي العام في طهران، وكان يشتغل محررًا لجريدة "برجم" الإيرانية، وكان مجيدًا لسبع لغات: الفارسية الحديثة، والفارسية القديمة "البهلوية"، والعربية، والتركية، والإنجليزية، والأرمنية، والفارسية، وله كتب كثيرة جدًّا، ومقالات منتشرة في الصحف الإيرانية، ولا زال له جمهوره المحب حتى الساعة، ولقد كانت مقالاته القوية التي يهاجم بها أصول المذهب الرافضي، قد جذبت نظر كثير من الأحرار في إيران وخارجها، حتى كتب له بعض الكويتيين بطلب تأليف كتب بالعربية ليستفيدوا منها، فكتب لهم كتابه الشهير "التشيع والشيعة"، الذي أوضح فيه بطلان المذهب، فانتقم منه الغُلاة، فأطلقوا عليه الرصاص، ودخل المشفى ثم خرج منه بعافية، ثم أخذ خصومه من الروافض يتهمونه بمخالفة الإسلام، ورفعوا ضده شكوى إلى وزارة العدل، ودُعِيَ للتحقيق معه مع أمرٍ قد بيَّتوه بليلٍ، وفي آخر جلسة من جلسات التحقيق – وقيل: بل في قاعة المحكمة - في نهاية سنة (1324هـ - 1946م)، أطلقوا عليه الرصاص مرة أخرى، وطعنوه بخنجر، فمات على إثر ذلك شهيدًا، ولا نزكيه على الله – وقيل: إن قتله كان بفتوى من الخميني - وعدُّوا في جسمه تسعة وعشرين جرحًا، وقضى رحمه الله عن عمر ناهز سبعًا وخمسين سنة، وهو معدود من طلائع التصحيح وهداة الشيعة للحق في هذا الزمان، رحمه الله.

 

وقد ألَّف وأورث كتبًا قيمة وقوية في الردود على التشيع والتصوف، ومما قاله بالحرف: "إن الإسلام الصحيح، هو ما عليه أهل السنة"، فضلًا عن أنه معدود من أكبر وأوثق المؤرخين الكبار في العصر الأخير في إيران، وبعد رحيل الكسروي إلى ربه تتابع الخروج من التشيع، وتأثر كثير من علماء الشيعة بآرائه الجريئة، ونبذوا التشيع جانبًا، وبعضهم اقترب كثيرًا من ذلك وإن لم يصل بعد، ولعل الكسروي رحمه الله كان من ثمار الحركة الإصلاحية التي قادها آية الله محمد حسن شريعة سنغلجي (ت: 1943)، صاحب كتاب "توحيد العبادة"، الذي أثبت فيه وجوب إفراد الله تعالى بالعبادة وتوحيده لا شريك له، وكتاب "مفتاح فهم القرآن"، الذي أوجب فيه تقديم القرآن الكريم على كل ما سواه من روايات الشيعة وتمحيصها، ورد ما يخالفه منها.

 

ومن بركات جهاد الكسروي في الله بسيف العلم والحُجة والبيان أن هدى الله به آية الله العظمى - بحسب تسميات مراتبهم - السيد أبا الفضل البرقعي، المجاهد العظيم، ومؤلف الكتاب الشهير الكاسر "كسر الصنم"، في نقض أصول الكافي، وهو أبو الفضل بن الرضا البرقعي القمي مولدًا، ثم الطهراني، ويرجع نسبه إلى السيد أحمد بن موسى المبرقع بن الإمام محمد التقي الجواد بن علي بن موسى بن موسى الرضا، فهو من سلالة الحسين رضي الله عنه، وكان من أقران الخميني، بل هو أعلى رتبةً وعلمية ومرجعية منه في مذهب الشيعة، وقد خرج من التشيع، وأعلن السنة في عهد الشاة، وهو من أهل "قم"، وقد أقام بها أجداده منذ ثلاثين جيلًا، وسلسلة نسبه وشجرة عائلته موثقة في كتب الأنساب، وقد كان البرقعي رحمه الله يحمل على الكسروي بردود شديدة حتى هداه الله للحق، وقد تلقَّى العلم في الحوزة العلمية في "قم"، ونال درجة الاجتهاد في المذهب الجعفري الاثني عشري، وله مئات المصنفات والبحوث والرسائل، وكان في شبابه شيعيًّا متعصبًا، وبعد هداية الله له لما أعلن جهاده باللسان والقلم في ردِّ بني قومه للحق، ودعوتهم للهدى، فأزمعوا قتله غيلة - كعادتهم الدنيئة - فتعرَّض للاغتيال في مسجده مع أنه كان مناهزًا الثمانين، وقد أنجاه الله من القتل، لكنه أُصيب في سمعه بسبب إحدى طلقات الرصاص التي أصابته، ثم بعد ذلك تعرض للسجن والتعذيب والنفي بعد شفائه، بعدها بسنوات حُكم عليه بالسجن ثلاثين عامًا، فسجن رحمه الله، ثم رحل إلى ربه عام 1993م، ولا يُعلم هل اغتالوه، أم لا؟ وقد أوصى الشيخ ألَّا يُدفن في مقابر الشيعة، وقد ترجم البرقعي رحمه الله "مختصر منهاج السنة" لشيخ الإسلام ابن تيمية إلى الفارسية، وألف كتبًا أخرى منها: كتاب "تضاد مفاتيح الجنان مع القرآن"، وكتاب "دراسة علمية في أحاديث المهدي"، وكتاب "دراسة في نصوص الإمامة"، وكتاب "الجامع المنقول في سنن الرسول"، وكتاب "نقد على المراجعات"، وكتاب "تضاد المذهب الجعفري مع القرآن والإسلام".

 

هذا، وممن نفع الله بكتبهم: حيدر علي قلمنداران القمي، صاحب كتاب "تمحيص روايات النص على الأئمة"، وقد قدم له العلامة البرقعي رحمهما الله، وله كتاب "طريق النجاة من شر الغلاة".

 

ومن أولئك الأفذاذ الأحرار: السيد حسين الموسوي الكربلائي النجفي، من أهل العراق، وهو من أهل النجف خصوصًا، وُلد في كربلاء، وقد كان عالمًا محدثًا، ومدرسًا فيها، درس المذهب الاثني عشري في الحوزات العلمية، وكان صديقًا للخميني، وكانت له اليد الطولى مع بعض زملائه من علماء الحوزة في إعادة صلاة الجمعة إلى المذهب الشيعي، بعد أن أُوقفت قرونًا طويلة انتظارًا لأسطورة صاحب السرداب، وقد كان والده عالمًا من علماء الشيعة، وهو مؤلف الكتاب المشهور الذي أحدث ضجة في العراق والشام واليمن والخليج: "لله ثم للتأريخ"؛ وهو عبارة عن شهادات ووقائع ونقد ودعوة، وقد نقد حياته نقدًا غير نسيئة ثمنًا لهذه الرسالة رحمه الله تعالى؛ إذ تم اغتياله انتقامًا ممن حسرهم صدقه ونصحه وشجاعته، تقبله الله في الشهداء، وقد سبقه في درب الشهادة غيلةً - ولا نزكيهما على الله - المجاهد النادر إحسان إلهي ظهير، الذي نفع الله بمؤلفاته الفئام الذين لا يُحصَون حتى هذه الساعة.

 

وممن أفاد الناس بعلمه وتجرده للحق: محمد إسكندر الياسري، وله كتاب "الحقيقة القرآنية"، وقد اغتيل عام 1997م.

 

ومن أولئك الأخيار: العلامة إسماعيل آل إسحاق خوئيني، وله مرتبة علمية سنية في المذهب، وقد كرس حياته للتصنيف والكتابة، حتى وفاته رحمه الله في 7/ 10/ 2000م.

 

ومن أولئك الأماجد: الإمام الشيخ حسين المؤيد، الذي أعلن وأشهر اعتناقه مذهب أهل السنة والجماعة، وقد أحدث تسننه ضجةً وهزةً في أتباع المذهب الإمامي، وقد فصل ذلك في كتابه الذي صدر مؤخرًا بعنوان "إتحاف السائل"، والشيخ حسين المؤيد منحدر من عائلة شيعية عريقة، ويعتبر من أبرز المراجع الشيعية في العراق، وقد درس العلوم الدينية، في الكاظمية في بغداد، وتتلمذ في قم الإيرانية عام 1982 على يد كبار علماء الشيعة، وقد نال درجة الاجتهاد المطلق في المذهب، وهي أرفع الدرجات العلمية في الحوزة.

 

وانظر - يا رعاك الله - كذلك كتاب "يا شيعة العالم استيقظوا" للشيخ موسى الموسوي، وله كذلك "الشيعة والتصحيح"، ومن أصحاب القلم الحر: الأستاذ صباح الموسوي، صاحب كتاب "كشف مآسي أهل السنة في إيران"، وكتاب "الدفاع عن القضية الأحوازية".

 

وقد كثرت في هذا الزمان بحمد الله الأقلام الإصلاحية من داخل مذهب الشيعة، والدعوة للحق والهدى، وترك التعصب لغير الوحي المنزَّل، وانظر على سبيل المثال كتاب "ربحت الصحابة ولم أخسر الآل" للأستاذ علي القضيبي من البحرين، وكتاب "صرخة من القطيف" للأستاذ صادق السيهاتي، وكتاب "ثم أبصرت الحقيقة" للأستاذ محمد سالم الخضر، وغير ذلك كثير بحمد الله.

 

والسؤال المنقدح في ذهن كل شيعي حرٍّ: لماذا فعلها هؤلاء، وهم قد تسنَّموا أعلى المراتب؟! بل كيف صبروا وصابروا ورابطوا عليها حتى لقُوا الله بها؟! أتُراهم متهوِّكون؟! كلا والذي فلق الحب وبرأ النَّسَم، إن هم إلا موفَّقون مهديُّون، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

 

ثانية الوقفات مع رده الكريم: غضبه من الإشارة ولو من طرف خفي باتهامه بالرفض.

 

فالجواب: أن المشهور عن أهل القطيف في حُسينياتهم ومساجدهم، ومدوناتهم وشبكاتهم - وعسى أن أكون مخطئًا - أن جُلَّهم - لا كلهم - على مذهب الرافضة السبابة، والحمد لله الذي استنقذك من ذلك، وبرأك مما هنالك بإعلانك البراءة منهم، فله وحده الحمد والمنة.

 

وقد ذكرت - وفقك الله - أن من يقود فكر أتباع أهل البيت في هذا الزمن هم الغلاة، أي الرافضة، وفي هذا اعتراف بأن كلمتهم هي النافذة عند جمهورهم، فالذي يراك من خارج القطيف يحاكمك إلى من اشتهرت تبعيتك له، إلا بقرينة صارفة.

 

وأزيدك بالقول بذهاب جمع من أهل العلم إلى تسمية جمهور الاثني عشرية بالرافضة؛ كالأشعري في المقالات (1/ 88)، وابن حزم في الفصل (4/ 157، 158)، بل قد ذهب البغدادي وغيره إلى إطلاق هذه التسمية على جميع فرق الشيعة بلا مثنوية!

بل إن كتب الاثني عشرية قد نصَّت على الموافقة على أن هذا اللقب (الرافضة) من ألقابها، وانظر "البحار" للمجلسي (68/ 96، 97).

 

قال أبو الحسن الأشعري رحمه الله: "وإنما سُمُّوا رافضة لرفضهم إمامةَ أبي بكر وعمر"، قلت: وذلك لما فارقوا زيدًا رحمه الله لترضِّيه عن الشيخين.

 

ولا بد من تحرير معنى الرفض، فالرفض اسم عام لكل من رفض إمامة أو خلافة أو تقديم الشيخين، فمن قدَّم عليهما أحدًا، فله نصيب من ذلك، فمستقلٌّ ومستكثر، وإني سائلك من هذا المنبر فأجِبْ بلا حَيدة: هل تُقدِّم الشيخين في الفضل، وأحقية الإمامة على كل من سواهما؟

 

يا دكتور - أخذ الله بيدي ويدك - هذان شيخا المسلمين، عنهما نتحدث، وإلى فضلهما نشير، هما خيرُ مَن خلق الله من ولد آدم بعد الأنبياء، هذان صاحبا المصطفى الخاتم عليه الصلاة والسلام في حياته، ووزيراه بعد مماته، وأقرب الناس منه جسدًا بعد لحاقهما به، لا كان ولا يكون في الأمة مثلهما، لقد حفظ الله بهما الدين، وقمع بهما جموع المرتدين، وأقام بهما الملة الحنيفية بعد كيد المجرمين، ودحر بهما زيغ المبتدعين، وفتح بهما الأمصار للمؤمنين، وأدخل بهما الناس أفواجًا في دين رب العالمين، وما ذاك إلا ببركة اتباعهما للرسول الأمين عليه الصلوات والبركات والتسليم، إنهما الشيخان، رجح إيمانهما بالأمة قاطبة!

 

ويا خيبة من عاداهما؛ وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في أبي بكر: ((إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟! فهل أنتم تاركو لي صاحبي))[1] ، وله من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إن عبدًا خيَّره الله بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله، فبكى أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقلت في نفسي: ما يُبكي هذا الشيخ، إن يكن الله خيَّر عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده؟! فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبد، وكان أبو بكر أعلمنا، قال: يا أبا بكر لا تبكِ، إن أمنَّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا من أمتي، لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد بابٌ إلا سُدَّ إلا باب أبي بكر))[2].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((ألَا إني أبرأ إلى كل خِلٍّ من خلِّه، ولو كنت متخذًا خليلًا، لاتخذت أبا بكر خليلًا، إن صاحبكم خليل الله))[3] ، إنه أبو بكر، ثاني اثنين في الغار، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بينا أنا نائم رأيت الناس يُعرضون عليَّ، وعليهم قُمُص، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك، وعُرض عليَّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره، قالوا: فما أوَّلت ذلك يا رسول الله؟ قال: الدين))[4] ، ولهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بينا أنا نائم، أتيت بقدح لبنٍ، فشربت حتى إني لَأرى الرِّيَّ يخرج في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب، قالوا: فما أوَّلته يا رسول الله؟ قال: العلم))[5].

 

وقالت عائشة رضي الله عنها: "لما تُوفِّيَ صلى الله عليه وسلم اشرأبَّ النفاق، وارتدت العرب، وانحازت الأمصار، فلو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهاضها، فوالله ما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بغنائها وعنائها، ثم ذكرت عمر فقالت: ومن رأى عمر علِم أنه خُلِق غَناء للإسلام، ثم قالت: وكان والله أحوذيًّا، نسيجَ وحدِه، قد أعد للأمور أقرانها"[6].

 

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا ذُكر الصالحون فحيَّهلًا بعمر، إن إسلامه كان نصرًا، وإن إمارته كانت فتحًا، وايم الله إني لأحسب بين عينيه مَلَكًا يسدده ويرشده، وايم الله إني لأحسب الشيطان يفرَق منه أن يُحدث في الإسلام حدثًا فيرد عليه عمر"[7].

 

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "وُضع عمر على سريره، فتكنفه الناس، يدعون ويصلون، قبل أن يرفع، وأنا فيهم فلم يرعني إلا رجلٌ آخذٌ مَنْكِبي؛ فإذا عليٌّ، فترحم على عمر وقال: ما خلَّفت أحدًا أحب إليَّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت أني كنت كثيرًا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر"[8].

 

وعن عبدالعزيز بن حفص الوالبي قال: قلت للحسن: حب أبي بكر وعمر سُنة؟ قال: "لا، فريضة"[9]، وعن أبي حازم عن أبيه قال: سُئل علي بن الحسين عن أبي بكر وعمر، ومنزلتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "كمنزلتهما اليوم، هما ضجيعاه"[10]، وكذلك أجاب إمام دار الهجرة مالك بن أنس هارونَ الرشيد حينما سأله عن منزلتهما منه فقال: "كقرب قبريهما من قبره بعد وفاته"، فقال: شفَيتني يا مالك، شفيتني يا مالك[11].

 

وعن جعفر الصادق رحمه الله تعالى قال: "أنا بريء ممن ذكر أبا بكر وعمر إلا بخير"[12]، فخُذُوها معاشر الجعفرية، بل قال أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه من فوق منبر الكوفة: "لا أُوتى برجل فضَّلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري"[13]؛ أي ثمانين جلدة، هدانا الله جميعًا سواء السبيل.

 

ومن طعن في إمامة الشيخين أو تقديمهما فهو أضل من حمار أهله؛ كما قاله إمام السنة أحمد بن حنبل رحمه الله[14]، ولعله اختار ذلك التشبيه لأن الحمار أبلد الحيوانات، وأقلها فهمًا، فماذا بعد الحق إلا الضلال، فأنى تصرفون؟!

 

هذا مع إجلال الإمام أحمد رحمه الله تعالى لأهل البيت، وحفظه لحرمتهم، وحفظه لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، ولما رفع المتوكل محنة القول بخلق القرآن العظيم، طلب من الإمام الصفح عن المأمون والمعتصم والواثق، ففاجأه بجوابه بأنه قد سامحهم في وقت عذابهم له؛ لكونهم من آل بيت النبوة، وكان إذا أراد الخروج من المسجد قدَّم قبله صبيةَ آل البيت الصغار؛ إجلالًا لآل رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعليهم وعلى المؤمنين، كذلك كان الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، وكان يستحسن تمييز آل البيت بلباس أخضر؛ كيلا يمتهِن مقامهم من لا يعرفهم، أو يضيع حقهم من يجهلهم.

 

قال شيخ الإسلام رحمه الله في العقيدة الواسطية[15] مبينًا اعتقادَ أهل سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم وجماعة المسلمين: "ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتولَّونهم، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال يوم غدير خُمٍّ: ((أذكِّركم الله في أهل بيتي))[16] ، وقال أيضًا للعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم، فقال: ((والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي))[17] ، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانةَ، واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم))[18].

ويتولَّون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهاتِ المؤمنين، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة، خصوصًا خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده، وأول من آمن به وعاضده على أمره، وكان لها منه المنزلةُ العالية، والصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق رضي الله عنها، التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ((فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام))[19] "، وقد علَّق العلامة العثيمين رحمه الله تعالى عليها بتعاليق نفسية - كعادته - جديرة بالمطالعة، في شرحه للواسطية.

 

هذا، وإن القول باندثار الشيعة المفضِّلة مجانب للصواب، فقد رأينا منهم فئامًا، والظن بكثيرهم أن يعودوا بالمسألة لأول الأمر، فيحاكموا التنازع للوحي المنزل المعصوم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فهو ضمانة النجاة، وصِمام أمنِ العثار والزَّلل، ومفتاح الهدى والتوفيق، إي وربي.

 

وإن مما يُحمد لوسائل التواصل الإعلامي في عصرنا مرئيةً أو مقروءة أو مسموعة؛ أنها نفخت رياح الحرية الحقيقية في نفوس عباد لله، كانت مكبلةً بالتقليد والتوجس، فما هو إلا أن رأت وسمعت، وقارنت وقايست، فأعملت عقلها، واستنطقت فطرتها، وقبل ذلك استهدت بربِّها، فأسلمها ذلك التوفيق لمنازل الهدى، ومواطن الرشاد، فبلغت في ذُرى الفلاح أعلى أمانيها.

 

بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 1، 2]، فلسنا في شكٍّ من ديننا، بل في يقين أرسى من ثهلان ورضوى بحمد ربنا الهادي، ونقول بعالي الصوت لكل من وصف هذا المسلك بمسلك الغلو والشطط، الذين سبقهم إخوانهم بقولهم: ﴿ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ ﴾ [الأنفال: 49]:

نعم، نحن – المسلمين - وحدنا على الحق والهدى، وكل من سوى المسلمين فضالٌّ ظالم خاسر، ثم أخص بعد العموم فأقول: إن الحق لا يخرج بمجموعه عن أهل القرون المفضَّلة من السلف الصالح، الذين ورثهم أهل السنة والجماعة، فكل أمر خالف ما عليه صحابة رسول الهدى صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فهو باطل مطرح مرذول، مهما أجلب أهل الجدل والشقاق.

 

وعليه؛ فكل من خالف عقيدتهم التي أخذها عنهم التابعون والأتباع، كذلك منهجهم وفقههم وسلوكهم، فهو ليس من الهدى في شيء، وجماع دينهم الكتاب والسنة، بفهمهم المعصوم - في جملتهم، لا أفرادهم - عن الزيغ والضلال، فلم يجتمع سلف الأمة على ضلالة مطلقًا، وإن أخطأ آحادهم، فالحق لا يخرج عنهم.

 

ومن فروع ذلك شرطية اليقين للإيمان بالله تعالى، فلا إيمانَ لمن لا يقين له، بل هو الشك والريبة والنفاق؛ قال سبحانه وبحمده مادحًا أئمة المؤمنين: ﴿ لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24]، وإن الله تبارك وتعالى قد اصطنع خليله وربَّاه وكمَّله؛ وقال: ﴿ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾ [الأنعام: 75]، وقال جل وعلا: ﴿ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [الجاثية: 20]، وقال تبارك اسمه: ﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [النمل: 3]، وقال جل وعز: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يونس: 104، 105].

 

فلسنا بحمد الله في شكٍّ وريب من أمرنا، بل إنَّ من شك في دينه فهو خارج عن ملة المسلمين، فليس في أهل القبلة مرتاب، إنما أولئك أهل النفاق، فحذارِ حذار من أن تُفضي بقلبك إلى ما فيه عَطَبُك، من كتب ومقالات لأهل الزيغ والشرك والبدعة.

 

قال الله تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ﴾ [الروم: 60]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [الزمر: 45].

 

وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على خير خليقته محمد وآله وصحبه، عددَ أنفاس أهل الجنة.



[1] البخاري (3661).

[2] البخاري (3904)، ومسلم (2382).

[3] مسلم (2383).

[4] البخاري (23)، ومسلم (2390).

[5] البخاري (7032)، ومسلم (2391) مطولًا.

[6] المعجم الأوسط للطبراني 4/‏319، والسنن الكبرى للبيهقي 8/‏349، وانظر: شرح السنة للبغوي (14/ 91).

[7] المعجم الكبير للطبراني 9/‏165، والسنة لأبي بكر بن الخلال 2/‏314، وفضائل الصحابة لأحمد بن حنبل 1/‏331.

[8] البخاري (3685).

[9] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 7/‏1312.

[10] فضائل الصحابة للدارقطني 1/‏61.

[11] الشريعة للآجري (2370).

[12] سير أعلام النبلاء 2/ 326.

[13] المحلَّى بالآثار لابن حزم 12/‏252.

[14] مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي (ص: 163).

[15] من ضمن الفتاوى 3/‏154.

[16] مسلم (2408).

[17] قال الأرنؤوط في تخريج العواصم والقواصم (8/ 43): فيه يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، ورُوِيَ من طريقين آخرين؛ أحدهما إسناده ضعيف، والآخر إسناده رجاله ثقات، إلا أنه منقطع، وأخرجه ابن ماجه (140) بمعناه من حديث العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه، وأحمد (1777) بمعناه من حديث عبدالمطلب بن ربيعة رضي الله عنه.

[18] مسلم (2276).

[19] البخاري (5419)، ومسلم (2446).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ضرورة العبد للافتقار لربه تعالى (خطبة)
  • (مالكم لا ترجون لله وقارا) من أعظم التوقير إحسان الشكر
  • وقد يجمع الله الشتيتين: 4- ولا أنشد الأشعار إلا تداويا
  • آفات على طريق الافتقار
  • خطبة: ثمرات الافتقار إلى الله تعالى (1)

مختارات من الشبكة

  • أهل السنة أولى بأهل البيت من الشيعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص كتاب: لماذا لم أتشيع - السابع: موقف الشيعة الإمامية من أهل الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص كتاب: لماذا لم أتشيع - السادس: اعتقاد الشيعة الإمامية بالتقية وأنها تسعة أعشار الدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص كتاب: لماذا لم أتشيع الخامس: تكفير الشيعة الإمامية أصحاب رسول الله إلا نفرا يسيرا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص كتاب: لماذا لم أتشيع - الرابع: مهدي الشيعة الإمامية الجعفرية - المهدي الدموي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص كتاب: لماذا لم أتشيع - الثاني: الأصول العقدية لدين الشيعة الإمامية الرافضي - توحيد الربوبية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصيام عند الشيعة: قراءة وصفية نقدية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إثبات تحريم نكاح المتعة من القرآن الكريم والسنة النبوية وكتب الشيعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخالفات الشيعة الإمامية للإمام علي رضي الله عنه(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب