• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحريم صرف شيء من مخلوقات الله لغيره سبحانه وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الله يخلف على المنفق في سبيله ويعوضه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الحذر من عداوة الشيطان
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    حث النساء على تغطية الصدور ولو في البيوت
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    حكم صيام عشر ذي الحجة
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    إمام دار الهجرة (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    يوم عرفة وطريق الفلاح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    العشر مش مجرد أيام... هي فرص عمر
    محمد أبو عطية
  •  
    الدرس الثاني والعشرون: تعدد طرق الخير
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الموازنة بين الميثاق المأخوذ من الأنبياء عليهم ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    أفضل أيام الدنيا: العشر المباركات (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    دلالة القرآن الكريم على أن الأنبياء عليهم السلام ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    عظيم الأجر في الأيام العشر
    خميس النقيب
  •  
    فضل التبكير إلى الصلوات (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أحب الأعمال في أحب الأيام (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    مدى مشروعية طاعة المعقود عليها للعاقد في طلب ...
    محمد عبدالرحمن صادق
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

من مفردات غريب القرآن (10) (جثيا، جاثية)

من مفردات غريب القرآن (10) (جثيا، جاثية)
وحيد بن عبدالله أبوالمجد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/3/2025 ميلادي - 17/9/1446 هجري

الزيارات: 413

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من مفردات غريب القرآن (10)

(جِثِيًّا، جَاثِيَة)

 

الجاثي: اسم فاعل من جثا يجثو جثوًا.


وجثى يجثي جثيًا: إذا جلس على ركبتيه، أو قام على أطراف أصابعه.


وتلكم العادة عند العرب إن كانوا في موقف ضنك وأمر شديد، جثوا على ركبهم، ومنه قول بعضهم:

فمن للحماة ومن للكماة
إذا ما الكماة جثوا للركب[1]

قال تعالى: ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ﴾ [مريم: 68].


هذا قسم عظيم من الله تعالى، لينصب يوم القيامة حول جهنم شاطئ يسمى بـ (شاطئ جهنم)- كما قال بعض العلماء- عافانا الله وإياكم، ويحشر فيه هؤلاء المنكرين للبعث يوم القيامة مع الشياطين، حول جهنم باركين على رُكَبهم؛ لشدة ما هم فيه من الهول، ولا يقدرون على القيام، ويحشر كل كافر مع الشيطان الذي أغواه في سلسلة، كما ذكر القرطبي رحمه الله في تفسيره: (يقرنون كل كافر مع شيطان في سلسلة)[2].


وقال تعالى: ﴿ وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجاثية: 28].


والأمة هنا: أهل كل ملة؛ أي: وترى يا محمد صلى الله عليه وسلم يوم تقوم الساعة أهل كل ملة جاثية، مجتمعة مستوفزة على ركبها من هول ذلك اليوم.

 

ولنا هنا وقفة من مشاهد يوم القيامة؛ حين يجمع الله سبحانه الأمم، وكيف يكون مصيرها، وعن أحوال ومصير المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ورؤيتهم لله عز وجل في الجنة، كما أخبرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.

 

فمن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أن أُنَاسًا في زَمَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالوا: يا رسولَ الله، هل نرى ربَّنا يوم القيامة؟ قال: «هل تُضَارُّون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صَحْوًا؟»، قلنا: لا، قال: «فإنكم لا تُضَارُّون في رؤية ربِّكم يومئذٍ، إلا كما تُضَارُّون في رؤيتهما»، ثم قال: «ينادي منادٍ: ليذهب كلُّ قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحابُ الصليب مع صليبهم، وأصحابُ الأوثان مع أوثانهم، وأصحابُ كلِّ آلهةٍ مع آلهتهم، حتى يبقى مَن كان يعبد اللهَ، مِن بَرٍّ أو فاجر، وغُبَّرات من أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سَرابٌ، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عُزَير بنَ الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون في جهنم، ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيحَ بن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة، ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون في جهنم، حتى يبقى من كان يعبد الله من بَرٍّ أو فاجر، فيقال لهم: ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم، ونحن أحوجُ منا إليه اليوم، وإنَّا سمعنا مناديًا ينادي: ليَلْحقْ كلُّ قوم بما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر ربَّنا، قال: فيأتيهم الجَبَّار في صورة غير صورتِه التي رأوه فيها أولَ مرة، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: أنت ربُّنا، فلا يُكَلِّمُه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آيةٌ تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيَكشِفُ عن ساقه، فيسجد له كلُّ مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رِياءً وسُمْعَة، فيذهب كيما يسجد، فيعود ظهرُه طَبَقًا واحدًا، ثم يؤتى بالجسر، فيُجْعَل بين ظَهْرَي جهنم»، قلنا: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: «مَدْحَضةٌ مَزَلَّةٌ، عليه خطاطيفُ وكَلاليبُ، وحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لها شوكةٌ عُقَيْفاء تكون بنَجْد، يقال لها: السَّعْدان، المؤمن عليها كالطَّرْف وكالبَرْق وكالرِّيح، وكأَجاويد الخيل والرِّكاب، فناجٍ مُسَلَّمٌ، وناجٍ مَخْدوشٌ، ومَكْدُوسٌ في نار جهنم، حتى يمرَّ آخرُهم يسحب سحبًا، فما أنتم بأشد لي مُناشدةً في الحق قد تبيَّن لكم من المؤمن يومئذٍ للجَبَّار، وإذا رأَوْا أنهم قد نَجَوْا، في إخوانهم، يقولون: ربنا إخواننا، كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا، فيقول الله تعالى: اذهبوا، فمن وجدتُم في قلبه مِثْقال دِينار من إيمان فأخرجوه، ويُحَرِّمُ اللهُ صُوَرَهم على النار، فيأتونهم، وبعضُهم قد غاب في النار إلى قدمِه، وإلى أنصاف ساقَيْه، فيُخْرِجون مَن عَرَفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمَن وجدتُم في قلبه مِثْقال نصف دينار فأخرجوه، فيُخْرِجون مَن عَرَفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مِثْقال ذرة من إيمان فأخرجوه، فيُخْرِجون مَن عَرَفوا»، قال أبو سعيد: فإنْ لم تُصَدِّقوني فاقرءوا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا ﴾ [النساء: 40]، «فيشفعُ النبيُّون والملائكة والمؤمنون، فيقول الجَبَّار: بَقِيَتْ شفاعتي، فيَقْبِض قَبْضَةً من النار، فيُخْرِجُ أقوامًا قدِ امْتُحِشُوا، فيُلْقَوْن في نهرٍ بأفواه الجنة، يقال له: ماء الحياة، فيَنْبُتون في حافَّتَيْه كما تَنْبُتُ الحِبَّة في حَمِيل السَّيْل، قد رأيتُموها إلى جانب الصَّخْرة، وإلى جانب الشجرة، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر، وما كان منها إلى الظِّلِّ كان أبيض، فيخرجون كأنَّهم اللؤلؤ، فيُجعل في رقابهم الخَوَاتيم، فيَدخلون الجنة، فيقول أهل الجنة: هؤلاء عُتَقاءُ الرحمن، أدخلهم الجنةَ بغير عَمَلٍ عملوه، ولا خيرٍ قَدَّموه، فيقال لهم: لكم ما رأيتم ومثلُه معه)[3].

 

وفي شرح الحديث كما ذكر العلماء:
أنه سأل بعضُ الصحابة النبيَّ صلى الله عليه وسلم: هل نرى ربَّنا يوم القيامة؟ فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم ترون ربكم يوم القيامة كما ترون الشمس في منتصف النهار، والقمر ليلة البدر من غير ازدحام ولا منازعة»، ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سينادي منادٍ، فيُجمع من كان يعبد الأصنام من دون الله، ويُقذفون في نار جهنم، فلا يبقى إلا من كان يعبد الله سواء كان مطيعًا أو عاصيًا، وبعض بقايا قليلة من يهود ونصارى، وأما معظمهم وجُلُّهم فقد ذُهب بهم مع أوثانهم إلى جهنم، ويؤتى بجهنم تُعرض على الناس في ذلك الموقف كأنها سراب، فيجاء باليهود، فيقال لهم: مَن كنتم تعبدون؟ قالوا: كنَّا نعبدُ عُزَيرَ بنَ الله، فيقال لهم: كذبتم في قولكم: عُزَيرُ ابنُ الله؛ فإن الله لم يتخذ زوجة ولا ولدًا، ثم يقال لهم: فماذا تريدون؟ فيقولون: نريد أن نشرب، وقد صار أول مطلبهم الماء؛ لأنه في ذلك الموقف يشتد الظمأ لتوالي الكربات، وترادف الشدائد المهولات، وقد مُثِّلت لهم جهنم كأنها ماء، فيقال لهم: اذهبوا إلى ما ترون وتظنونه ماءً، فاشربوا، فيذهبون، فيجدون جهنم يكسر بعضها بعضًا؛ لشدة اتقادها، وتلاطم أمواج لهبها، فيتساقطون فيها، ومثل ذلك يقال للنصارى بعدهم، حتى إذا لم يَبْق إلا مَن كان يعبد اللهَ من مطيع وعاصٍ، فيقال لهم: ما يوقفكم هذا الموقف وقد ذهب الناس؟


فيقولون: فارقنا الناس في الدنيا، ونحن اليوم أحوج إلى مفارقتهم؛ وذلك لأنهم عصوا الله، وخالفوا أمره، فعاديناهم لذلك؛ بغضًا لهم في الله، وإيثارًا لطاعة ربنا، ونحن ننتظر ربنا الذي كنا نعبده في الدنيا،


فيأتيهم الله تعالى في صورة غير الصورة التي رأوه فيها أول مرة، وفي هذا بيان صريح أنهم قد رأوه في صورة عرفوه فيها، قبل أن يأتيهم هذه المرة.


[ولا يصح تأويل الصورة؛ بل يجب الإيمان بها من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل].


فإذا أتاهم الله تعالى قال لهم: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فرحًا بذلك واستبشارًا، وعند ذلك لا يكلمه سبحانه إلا الأنبياء، فيقول الله لهم: هل بينكم وبينه آيةٌ تعرفونه بها؟


فيقولون: الساق، فيكشف سبحانه عن ساقه؛ فيعرفه المؤمنون بذلك، فيسجدون له، وأما المنافقون الذين يراءون الناس بعبادتهم، فمُنعوا من السجود، وجُعلت ظهورهم طبقًا واحدًا، لا يستطيعون الانحناء، ولا السجود؛ لأنهم ما كانوا في الحقيقة يسجدون لله في الدنيا؛ وإنما كانوا يسجدون لأغراضهم الدنيوية.


(وفي ذلك إثبات الساق صفة لله تعالى)، ويكون هذا الحديث ونحوه تفسيرًا لقوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾ [القلم: 42].


وتفسير الساق في هذا الموضع بالشدة أو الكرب مرجوح، ويجب مع ذلك إثبات صفة الساق لله تعالى من السنة.


(ودلالة الآية على الصفة هو الراجح والأصح، وذلك من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل).

 

ثم يؤتى بالصراط، فيُجعل في وسط جهنم، وهذا الصراط لا تستمسك فيه الأقدام، ولا تثبت، وعلى هذا الصراط خطاطيف، وهو الحديدة المعقوفة المحددة؛ لأجل أن تمسك من أريد خطفه بها، فهي قريبة من الكلوب، وعلى الصراط أيضًا أشواك غليظة عريضة، يمر الناس على هذا الصراط على قدر إيمانهم وأعمالهم، فمن كان إيمانه كاملًا، وعمله صالحًا خالصًا لله، فإنه يمر من فوق جهنم كلمح البصر، جعلنا الله وإياكم منهم، ومن كان دون ذلك يكون مروره بحسب إيمانه وعمله، كما فُصِّل ذلك في الحديث، ومُثِّل بالبرق، والريح، إلى آخره.


والمارون على الصراط أربعة أصناف:
الأول: الناجي المسلَّم من الأذى، وهؤلاء يتفاوتون في سرعة المرور عليه كما سبق.


والثاني: الناجي المخدوش، والخدش هو الجرح الخفيف؛ يعني: أنه أصابه من لفح جهنم، أو أصابته الكلاليب والخطاطيف التي على الصراط بخدوش.


والثالث: المكدوس في النار، الملقى فيها بقوة.


والرابع: الذي يُسحب على الصراط سحبًا قد عجزت أعماله عن حمله، سلمنا الله وإياكم.

 

ثم قال صلى الله عليه وسلم: «فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم، من المؤمن يومئذٍ للجبار»، هذا من كرم الله، ورحمته؛ حيث أذن لعباده المؤمنين في مناشدته، وطلب عفوه عن إخوانهم الذين أُلقوا في النار، بسبب جرائمهم التي كانوا يبارزون بها ربهم، ومع ذلك أَلْهم المؤمنين الذين نجوا من عذاب النار وهول الصراط، ألهمهم مناشدته، والشفاعة فيهم، وأذن لهم في ذلك؛ رحمةً منه لهم تبارك وتعالى، «يقولون: ربنا إخواننا الذين كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا»، مفهوم هذا أن الذين لا يصلون مع المسلمين، ولا يصومون معهم، لا يشفعون فيهم، ولا يناشدون ربهم فيهم، وهو يدل على أن هؤلاء الذين وقعت مناشدة المؤمنين لربهم فيهم كانوا مؤمنين، موحدين؛ لقولهم: «إخواننا كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا»؛ ولكن ارتكبوا بعض المآثم، التي أوجبت لهم دخول النار.


وفي هذا رد على طائفتين ضالتين: (الخوارج، والمعتزلة) في قولهم: إن من دخل النار لا يخرج منها، وإن صاحب الكبيرة في النار.

 

فيقول الله تعالى لهم: اذهبوا، فمن وجدتُم في قلبه مقدار دِينار من إيمان فأخرجوه من النار، ويُحَرِّمُ اللهُ على النار أن تأكل وجوههم، فيأتونهم فيجدون بعضهم قد أخذته النار إلى قدمِه، وبعضهم إلى أنصاف ساقَيْه، فيُخْرِجون مَن عَرَفوا منهم، ثم يعودون، فيقول الله لهم: اذهبوا فمَن وجدتُم في قلبه مقدار نصف دينار من إيمان فأخرجوه من النار، فيُخْرِجون مَن عَرَفوا منهم، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مقدار ذرة من إيمان فأخرجوه، فيُخْرِجون مَن عَرَفوا منهم، وعند ذلك قال أبو سعيد الخُدْري: فإنْ لم تُصَدِّقوني فاقرءوا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 40].


واستشهاد أبي سعيد بالآية ظاهر في أن العبد إذا كان معه مثقال ذرة من إيمان، فإن الله يضاعفه له، فينجيه بسببه، ثم قال: «فيشفع النبيون، والملائكة، والمؤمنون».


وهذا صريح في أن هؤلاء الأقسام الثلاثة يشفعون؛ ولكن يجب أن يُعلم أن شفاعة أي شافع، لا تقع إلا بعد أن يأذن الله فيها، كما تقدم في مناشدتهم ربهم وسؤالهم إياه، ثم يأذن لهم فيقول: اذهبوا فمن وجدتم، إلى آخره.


قوله: فيقول الجبار: "بقيت شفاعتي، فيقبض قبضة من النار، فيخرج أقوامًا قد امتحشوا"؛ والمراد بشفاعته تعالى: رحمته لهؤلاء المعذبين، فيخرجهم من النار.


قوله: «فيقبض قبضة» فيه إثبات القبض لله تعالى، وكم في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من نص يثبت اليد والقبضة؛ ولكن أهل التأويل الفاسد المحرِّفين يأبون قبول ذلك، والإيمان به، وسوف يعلمون أن الحق ما قاله الله وقاله رسوله، وأنهم قد ضلوا السبيل في هذا الباب.

 

فيقبض سبحانه قبضة من النار، فيخرج أقوامًا قد احترقوا وصاروا فحمًا، قوله: «فيُلْقَوْن في نهرٍ بأفواه الجنة، يقال له: ماء الحياة، فينبتون في حافتيه»؛ أي: فيُطرحون في نهر بأطراف الجنة يُعرف بماء الحياة، (أي: الماء الذي يحيي من انغمس فيه)، وعند ذلك تنبت لحومهم وأبصارهم وعظامهم التي احترقت في النار بجانب هذا النهر.


قوله: «كما تنبت الحبة في حميل السيل، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة، وإلى جانب الشجرة، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر، وما كان إلى الظل كان أبيض»؛ يعني بذلك: سرعة خروج لحومهم؛ لأن النبت في حميل السيل -كما ذكر- يخرج بسرعة؛ ولهذا يكون من جانب الظل أبيض، ومن جانب الشمس أخضر، وذلك لضعفه ورقته، ولا يلزم أن يكون نبتهم كذلك -كما قاله بعضهم: (بأن الذي من جانب الجنة يكون أبيض، والذي من جانب النار يكون أخضر)- بل المراد: تشبيههم بالنبت المذكور في سرعة خروجه، ورقته؛ ولذلك قال: «فيخرجون كأنهم اللؤلؤ»؛ يعني: في صفاء بشرتهم، وحسنها.


وقوله: «فيجعل في رقابهم الخواتيم»، وهذه الخواتيم يكتب فيها: «عتقاء الرحمن من النار»، كما ذكر في الرواية الأخرى، قوله: «فيدخلون الجنة، فيقول أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الرحمن، أدخلهم الجنة، بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه»؛ يعني: أنهم لم يعملوا صالحًا في الدنيا، وإنما معهم أصل الإيمان، الذي هو شهادة أن لا إله إلا الله والإيمان برسولهم.


قوله: فيقال لهم: لكم ما رأيتم، ومثله معه[4].

 

تلكم المشاهد عندما يأذن الله بيوم يفر المرء من أخيه، ومن أمه وأبيه وزوجه وبنيه.. إنه ليوم عظيم لعظم ما فيه وشدَّته، فنسأل الله الكريم أن يرحمنا برحمته، وأن يجعلنا من أصحاب الوجوه المسفرة الضاحكة المستبشرة.



[1] لسان العرب.

[2] تفسير القرطبي.

[3] صحيح البخاري.

[4] فتح الباري بشرح صحيح البخاري.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من مفردات غريب القرآن (1) (الإيلاف)
  • من مفردات غريب القرآن (2) (موبقا)
  • من مفردات غريب القرآن (3) (عوجا)
  • من مفردات غريب القرآن (4) (ليصرمنها)
  • من مفردات غريب القرآن (5) (المكر)
  • من مفردات غريب القرآن (6) (المهل)
  • من مفردات غريب القرآن (7) (تجأرون)
  • من مفردات غريب القرآن (9) [غثاء أحوى]

مختارات من الشبكة

  • مفردات القرآن (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • آية استوقفتني: تأملات في مفردات القرآن الكريم (ربنا أفرغ علينا صبرا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الموجز في شرح مفردات القرآن الكريم (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • استعراض كتاب (مفردات القرآن) للمعلم عبدالحميد الفراهي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صدر حديثاً قطعة من (تفسير الراغب الأصفهاني صاحب مفردات ألفاظ القرآن)(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • بيان غريب مفردات وجمل متن عمدة الأحكام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مفردات ابن حزم الفقهية عن المذاهب الأربعة في فرق النكاح(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • مفردات من قاموس الحياة الزوجية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مخطوطة كتاب مفردات الألفاظ(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الحروف ليس لها شبكة مفردات بل شبكة أصوات(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/12/1446هـ - الساعة: 18:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب