• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / خواطر إيمانية ودعوية
علامة باركود

موانع البركة

موانع البركة
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/3/2025 ميلادي - 16/9/1446 هجري

الزيارات: 1757

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

موانع البركة

 

الحمد لله ربِّ العالمين، سبحانه سبحانه، سبحان الذي في السماء عرشُه، سبحان الذي في الأرض حكمُه، سبحان الذي في القبر قضاؤُه، سبحان الذي في البحر سبيلُه، سبحانه في النار سلطانُه، سبحان الذي في الجنة رحمتُه، سبحان الذي في القيامة عدلُه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، شهادة مَن قال ربي الله ثم استقام، تقرَّب لعباده برأفته ورحمته، ونوَّر قلوبَ عباده بهدايته،

 

سبحان مَن ملأ الوجودَ أدلةً
ليلوح ما أَخفى بما أبداه
سبحان مَن ظهَر الجميعُ بنوره
فيه يرى أشياءَ من صفَّاه
سبحان مَن أحيا قلوبَ عباده
بلوائحَ مِن فيضِ نورِ هُداه

 

وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا، عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه.

 

والله ما في الخلق مثلُ محمدٍ
في الفضل والجُود والأخلاقِ
فهو النبيُّ الهاشمي المصطفى
مِن خِيرةِ الأنساب مِن عَدنانِ
لو حاوَل الشعراءُ وصفَ محمدٍ
وأَتَوْا بأشعارٍ مِن الأوزانِ
ماذا يقول الواصفون لأحمدٍ
بعدَ الذي جاء في القرآنِ

 

وعلى آله وأصحابه، ومَن سار على نهجه وتمسَّك بسُنته، واقتدى بهدْيه، واتَّبعهم بإحسان إلى يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين.


أخي المسلم، إن من الظواهر التي لَحظها أغلبُ الناس اليوم، واتَّفقت فيها كلمةُ أكثرهم؛ حتى لا يكاد يختلف فيها اثنان - قلةَ البركة في الأموال والأولاد، وعدم الانتفاع بالأرزاق والأبناء، حتى إن الرجل ليكون مرتَّبه عاليًا ودخله جيدًا، وأبناؤه عُصْبَة من الرجال الأقوياء الأشدَّاء، ثم تراه يقترض ويستدين، ويعيش في بيته وحيدًا أو مع زوجه العجوز، لا أحد من أبنائه يَحدب عليه أو يَلتفت إليه، ولربما دخل كثيرٌ من الناس السوق وجيبه مليء بالمال، فلا يخرج إلا وهو صفرُ اليدين، أو قد تحمَّل شيئًا من الدَّين، وعندما ينظر فيما أتى به من أغراض وحاجات لأهله، لا يجد إلا أشياء كمالية صغيرة، يحملها بين يديه بلا عناء، ولا تساوي ما أنفق فيها من مال.


وإن هذا الأمر ليس قضية عارضة أو مسألة هيِّنة، بل هو في الواقع يشكِّل ظاهرة ملموسة وقضية محسوسة، ويُعد منحنًى خطيرًا في حياة المجتمع المسلم، يجب على كل فرد أن يَدرُسه ويتعرف أسبابه، ويبحث عن حله الناجح وعلاجه الناجع، فيأخذ به ويقي نفسه، لعل الله أن ينجيَه مما ابتُلي به غيرُه من الناس، أو مما قد يكون هو نفسه مبتلى به.


أيها المسلمون، إننا يجب أن نعلِّق أنفسنا بهذا الدين العظيم الذي نَدين الله عز وجل به في كل أمورنا، يجب أن نرتبط به في جميع مناحي حياتنا، وأن ندرس تحت مظلته قضايانا، ونحل به مشكلاتنا، وأن نعلَم أننا مهما تمسَّكنا به وعضَضنا عليه بالنواجِذ، فلن نضل ولن نشقى بتوفيق الله، وأننا بقدر ما نبتعد عنه أو ننحرف عن صراطه المستقيم، أو نتخلَّى عن تعاليمه السمحة المباركة، أو نتهاون بها، فإننا نهوي إلى مكان مُوحِش سَحِيق، ونُلقي بأنفسنا في مجاهل من المستقبل المتردِّي الذي لا يعلم ما يكون عليه إلا الله.

 

فما الأسباب الماحقة المانعة للبركة؟


اعلَم علَّمني الله وإياك أن هناك جملة من الأسباب الممحقة للبركة نذكر منها:

أولًا: الكفر بنعم الله تعالى: قال الله تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].

 

قال بعض أهل العلم: «إن هذا مثلٌ ضربه الله لأهل مكة»، وهو رواية العوفي عن ابن عباس، وإليه ذهب مجاهد وقتادة، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وحكاه مالك عن الزهري رحمهم الله، نقله عنهم ابن كثير وغيره.


فهذه القرية كانت في أمن وخيرٍ وبركة، ولكنها كفرت بما أنعَم الله عليها، وتعدَّت حدوده، ولم تؤمن برسوله، فكان جزاؤها ما أخبر الله تعالى مَن تحوُّل الأمن إلى خوف، والنعمة الى جوع وضنك، وما ربك بظلام للعبيد؛ (﴿ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾، وأخذ قومها العذابُ وهم ظالمون، ويَجسم التعبير الجوع والخوف فيجعله لباسًا، ويجعلهم يذوقون هذا اللباس ذوقًا؛ لأن الذوق أعمق أثرًا في الحس من مساس اللباس للجلد، وتتداخل في التعبير استجابات الحواس، فتضاعف مس الجوع والخوف لهم ولذعه، وتأثيره وتغلغله في النفوس، لعلهم يشفقون من تلك العاقبة التي تنتظرهم لتأخذهم وهم ظالمون، وفي ظل هذا المثل الذي تخايل فيه النعمة والرزق، كما يخايل فيه المنع والحرمان، يأمرهم بالأكل مما أحلَّ لهم من الطيبات، وشُكر الله على نعمته إن كانوا يريدون أن يستقيموا على الإيمان الحق بالله، وأن يخلصوا له العبودية خالصة من الشرك الذي يوحي إليهم بتحريم بعض الطيبات على أنفسهم باسم الآلهة المدعاة).


وهناك مثالٌ آخر في القرآن ضرَبه الله عز وجل لقوم أغدق الله عليهم النعم، وعاشوا في نعيم ورفاهية، ولكنهم لم يَشكُروا تلك النعم، بل بطَروا وكفروا النعمة، إنهم قوم سبأ؛ يقول الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ * وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [سبأ: 15 - 21].


يقول ابن القيم: ومن تأمَّل ما قص الله تعالى في كتابه من أحوال الأمم الذين أزال نعمه عنهم، وجد سبب ذلك جميعه إنما هو مخالفة أمره وعصيان رسله، وكذلك من نظر في أحوال أهل عصره، وما أزال الله عنهم من نعمه، وجد ذلك كله من سوء عواقب الذنوب كما قيل.

 

إذا كنتَ في نِعمةٍ فارْعَها
فإن المعاصي تُزيل النعم

فما حُفظت نعمة الله بشيءٍ قط مثل طاعته، ولا حصلت فيها الزيادة بمثل شُكره، ولا زالت عن العبد بمثل معصيته لربه، فإنها نار النعم التي تعمل فيها كما تعمل النار في الحطب اليابس[1].

 

الذنوب والمعاصي:

ومن عقوباتها أنها تَمحق بركة العمر وبركة الرزق، وبركة العلم وبركة العمل، وبركة الطاعة، وبالجملة فإنها تَمحق بركة الدين والدنيا، فلا تجد أقل بركة في عمره ودينه ودنياه ممن عصي الله، وما مُحت البركة من الأرض إلا بمعاصي الخلق؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96]، وقال تعالى: ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا ﴾ [الجن: 16، 17]، (وأن العبد ليُحرَم الرزق بالذنب يصيبه).

 

ومن أعظم الذنوب الربا، فإنه يمحق البركة في كل شيء:

﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 275 - 277].


عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يأتي على الناس زمان يأكلون فيه الربا"، قال: قيل له: الناس كلهم؟ قال: "مَن لم يأكله منهم ناله من غباره"[2].


يقول الطبري - رحمه الله - وهذا نظير الخبر الذي رُوي عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الرِّبا وَإن كثُر فإلى قُلٍّ"[3].


عن القاسم، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تبارك وتعالى يقبل الصدقة ولا يقبل منها إلا الطيب، ويربِّيها لصاحبها كما يربِّي أحدُكم مُهره أو فَصيله، حتى إنَّ اللقمة لتصيرُ مثل أحُد، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾ [البقرة: 276][4].


عن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من قومٍ يظهر فيهم الربا إلا أُخذوا بالسَّنة، وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أُخذوا بالرعب)[5].

 

ثالثًا: عدم الوفاء في الكيل والميزان:

ومن أسباب موانع البركة: عدمُ الوفاء في الكيل والميزان، فكم نشاهد من إنسانٍ يتعاملون بالكيل والميزان ويربحون الأموال الكثيرة، ولكنهم يشتكون الفقر وقلة البركة؛ لأنهم حجبوا أنفسهم عن البركة بالتطفيف، والله تعالى توعَّد المطففين بالعذاب في الدنيا والآخرة؛ يقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المطففين: 1 - 6].


يقول الطبري رحمه الله: يقول تعالى ذكره: الوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم في أسفلها للذين يُطَففون، يعني: للذين ينقصون الناس، ويبخَسونهم حقوقهم في مكاييلهم إذا كالوهم، أو موازينهم إذا وزنوا لهم عن الواجب لهم من الوفاء، وأصل ذلك من الشيء الطفيف، وهو القليل النزر، والمطفِّف: المقلِّل حقَّ صاحب الحقِّ عما له من الوفاء والتمام في كيل أو وزن، ومنه قيل للقوم الذي يكونون سواء في حسبة أو عدد: هم سواء كطَفِّ الصاع، يعني بذلك: كقُرب الممتلئ منه ناقص عن الملء.


وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل [6].


ولقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من أسباب مَحق البركة تطفيفَ الكيل والميزان؛ عن عبد الله بن عمر قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تُدركوهنَّ، لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يُعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مَضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة، وجَور السلطان عليهم، ولم يَمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله، إلا سلَّط الله عليهم عدوًّا من غيرهم، فأخذ بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيَّروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم )[7].

 

رابعًا: الكذب في البيع والشراء:

واعلم رحمني الله وإياك أن من موانع البركة التي يَتساهل فيها كثيرٌ من المسلمين: الحلفَ عند البيع والشراء، فيجعل العبد اليمينَ وسيلة من وسائل ترويج بضاعته، وخداع المسلمين بتلك الأيمان؛ عن أَبُي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «الْحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ»[8].

 

يقول ابن بطَّال رحمه الله: قال المهلب: سُئل بعض العلماء عن معنى قوله تعالى: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾ [البقرة: 276]، وقيل له: نحن نرى صاحب الربا يربو مالُه، وصاحب الصدقة ربما كان مقلًّا، قال: متى يربي الله الصدقات؟ إن الصدقة يجدها صاحبها مثل أُحد يوم القيامة، كذلك صاحب الربا يجد عمله كله ممحوقًا إن تصدَّق منه، أو وصل رحمه لم يُكتَب له بذلك حسنة، وكان عليه إثم الربا بحاله.

 

وقالت طائفة: إن الربا يُمحَق في الدنيا والآخرة على عموم اللفظ، واحتجوا على ذلك بقوله عليه السلام: «الحلف منفِّقة للسلعة، مَمحقة للبركة»، فلما كان نفاق السلعة بالحلف الكاذبة في الدنيا، كان مُمحقًا للبركة فيها في الدنيا، فكذلك مَحق الربا يكون أيضًا في الدنيا، وذكر عبد الرزاق عن معمر قال: سمعنا أنه لا يأتي على صاحب الربا أربعون سنة حتى يُمحق) [9].

 

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ؛ فَإِنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ يَمْحَقُ [10].



[1] بدائع الفوائد، ج 2/ 432.

[2] المسند (2/ 494)، وسنن أبي داود برقم (1331)، وسنن النسائي (7/ 243)، وسنن ابن ماجه برقم (2278).

[3] أخرجه الحاكم في المستدرك، 2/ 37.

[4] تفسير الطبري، ج 6 / 15.

[5] أخرجه أحمد ح 17155، وقال الألباني: (ضعيف)؛ انظر حديث رقم : 5211 في ضعيف الجامع.

[6] تفسير الطبري، ج 24/ 277.

[7] أخرجه ابن ماجه، 4009، والحاكم، ح 8772، وقال الألباني حسن الصحيحة، 106.

[8] أخرجه الحميدي (1031)، والبخاري (3/ 78)، ومسلم (5/ 56)، وأبو داود (3335، والنسائي (7/ 246).

[9] شرح ابن بطال، ج 11 / 225.

[10] أخرجه أحمد ح 21504، ومسلم ح 3015، والنسائي ح 4384، وابن ماجه ح 2200.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • موانع البركة
  • الأسباب الجالبة للبركة (1)

مختارات من الشبكة

  • المانع في الفقه: تعريفه، أقسامه، أمثلة عليه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم تعاطي موانع در الحليب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موانع في الطريق إلى الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدرس السادس والعشرون: تابع موانع قبول الأعمال(مقالة - ملفات خاصة)
  • الدرس الخامس والعشرون: موانع قبول العمل العشر(مقالة - ملفات خاصة)
  • موانع الصرف(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تنبيهان حول تخير أفضل الأعمال الصالحة في العشر والحذر من موانع قبول العمل(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • من موانع الخشوع في الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موانع تأثير الرقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موانع المعروف(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب