• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

حكم تعاطي موانع در الحليب

د. عبدالله بن يوسف الأحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/2/2025 ميلادي - 21/8/1446 هجري

الزيارات: 408

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العنوان: حكم تعاطي موانع درِّ الحليب

 

السؤال:

رضاعة طفلي ثقيلة عليَّ، وأخذت حبوبًا تساعد على تجفيف الحليب من صدري، ثم شعرت بتأنيب الضمير، فهل عليَّ إثم؟

 

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فأولًا: إن الله تبارك وتعالى خصَّ المرأة عن الرجال بما وهبها من الرحم والثديين، ثم هيَّأ الرحم وما يتصل به لحضانة الحمل وتغذيته قبل ولادته، ثم هيأ الضرع لثوبان اللِّبَأ واللبن فيه بعد الولادة بحكمته، وهدى المولود إلى الثديين، وفَطره على التقامهما بقدرته؛ فقال سبحانه: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: 10]، فمن حرَمت وَلدها من صدرها، أو دعت إلى ذلك، فقد استكبرت على حُكم الله تعالى في أرضه، وبارزته جل وعلا بمعصيته، وهيأت أسباب الجفاء والعقوق بينها وبين ولدها بكسبها وجُرمها، وربما ارتدَّ ظلمها عليها في الدنيا بأنواع المرض والبلاء؛ إذ كان الأصل في حقوق الآدميين المشاحَّة، وما للمولود الضعيف من قوة ولا ناصر أقوى من الله الذي حرَّم الظلم على نفسه، وقد رأينا مَن ابتُليت في ذات الموضع الذي عصت الله فيه، فأُصيبت بأصناف من الأمراض في صدرها، والقاعدة أن الجزاء من جنس العمل، وفي ذلك آياتٌ للمتوسمين، والله على كل شيء رقيب.

 

ثانيًا: أمر الله تعالى الأمهات بإرضاع أولادهن في قوله: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ﴾ [البقرة: 233] بأقوى صيغ الأمر عند البلاغيين، وهي صيغة الخبر، على غرار: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ﴾ [البقرة: 228]، فالتربص في العدَّة واجب على كل مطلقة، وإن اختلفت مُدَدُ التربص، وكذلك الرضاعة واجبة على كل والدة؛ وقال مجاهد في قول الله تعالى: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: 233]: "لا تأبى أن ترضعه"؛ ا. هـ، ثم جاءت السُّنة بالوعيد لمن فرَّطت في رَضاع ولدها؛ فروى ابن خزيمة في صحيحه (1986) أن نبينا محمدًا عليه الصلاة والسلام قال: ((بينما أنا نائم إذ أتاني رجلان... فانطلقا بي، فإذا أنا بنساءٍ تنهَش ثُدِيَّهن الحيَّاتُ، قلت: ما بال هؤلاء؟ قال: هؤلاء يمنعن أولادهن ألبانهن))، ويشهد له ما في صحيح البخاري (2768) مرفوعًا: ((المرأة في بيت زوجها راعية، ومسؤولة عن رعيتها))؛ ولذلك صرح الفقهاء بوجوب الرضاعة على الوالدة، وممن وقفت على تصريحه بحكم الوجوب في الجملة: عطاء، ومجاهد، وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى، ومالك، والحسن بن صالح، وأبو ثور، والحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية، وأبو العباس ابن تيمية وغيرهم، ورخص لها بعض مَن ذكرت من أئمة المتقين في تركها الرضاعة بأمر زوجها، إذا كان أبًا للرضيع، وكان ثمة مراضعُ بدائلُ، بخلاف ما جدَّ في هذا العصر من انقطاع هؤلاء المراضع في بلادنا، ولا سيما بعد الإلزام بتحرير الأرِقَّاء في أواخر القرن المنصرم، وظهور الترف، وفشوِّ ثقافة المدرسة الطبية الغربية، وتطبيقاتها في كليات الطب والصيدليات والمشافي؛ حيث تقع هذه المدرسة الطبية تحت تأثير أصحاب رؤوس الأموال الذين يتربَّحون وينتفعون من ترويج الحليب الصناعي، وقد يفرحون بما يخلِّفه من آثار سلبية وأضرار صحية مستقبلية؛ من قابلية الجسم لأمراض السُّمنة والأمراض النفسية، والأمراض الجلدية، وعسر الهضم، والربو وداء السُّكَّري، وأمراض المسالك البولية، ومشاكل الكُلى والبروستاتا في المستقبل، فعلاج كل مرض من هذه الأمراض وما يستدعيه من أجهزة ومعامل يُدِرُّ عليهم أموالًا طائلة، وقد استجلب بعض الفقهاء في هذا المقام قول الله تعالى: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [سورة الأنعام: 140]، وقد يتناول الوالدة نصوص الوعيد على من لم يطعم المسكين، إذا منعت مولودها من الحليب الذي ثاب في صدرها؛ قال ابن حزم [ت 456 هـ] (المحلى 10/ 429): "والواجب على كل والدة؛ حُرة كانت أو أَمة، في عصمة زوج أو في ملك سيد أو كانت خلوًا منهما... أن ترضع ولدها؛ أحبَّت أم كرهت، ولو أنها بنت الخليفة"؛ ا. هـ.

 

قلت: لو لم يكن الرضاع واجبًا على المولود لها، ما همَّ النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن الغِيلة - يعني: مجامعة المرضع - لولا ما رأى من الدليل الواقعي المحسوس عند الروم وفارس أنها - أي: الغيلة - لا تضر أولادهم في الرضاع من أمهاتهم؛ [صحيح مسلم (1464)].

 

ومن أسباب اختلاف عبارات الفقهاء في تقرير الحكم تنازعهم في جهة الحق المتعلق بالرضاع؛ هل هو حق للأم أو حق عليها؟ فمن قال: إنه حق لها - وهم الشافعية والحنابلة - أسند الوجوب في الجملة إلى أبي الرضيع ابتداءً، ومن قال: إنه حق عليها - وهم طائفة من السلف، وهو مذهب الحنفية والمالكية - أسند وجوب الرضاع إلى الأم ابتداءً، والتحقيق أنه حق لها من جهة، وحق عليها من جهة؛ فلها غُنمه من جهة حق الأمومة على الرضيع، وحق النفقة أو الأجرة على أبيه، وعليها غُرمه من جهة التَّبِعة والمسؤولية، ونقصان النفقة عليها لا يؤثر في حكم وجوب الرضاع التكليفي، كما أنه ليس للمتربصة في عدتها بطلاق رجعي تركُ الاعتداد إذا لم يلتزم زوجها بالنفقة، بل يجب عليها المضيُّ في ذلك، حتى يقضي الكتاب أجله فتحل لغيره، ولها الرجوع عليه بالنفقة، والله تعالى أعلم.

 

وينبغي ألَّا نُغفِل في هذا الموطن الآثار الخُلُقية التي ذكرها الفقهاء، فإن العرب تقول في التعجب والاستحسان: لله درُّه؛ أي: يتعجبون من اللبن الذي رضع منه، فأثَّر فيه هذه النجابة؛ لِما للرضاع من أثر في نجابة الطفل، وكون الطفل يتخلق بأخلاق مرضعته، وهذا المعنى هو الذي ألجأ بعض فقهاء المسلمين إلى القول بكراهية الارتضاع من لبن البهيمة؛ لأن من رضع من بهيمة، فقد تغشَّاه بلادة البهيمة إذ كان الرضاع يُغير الطباع؛ قال البهوتي (ت 1051 هـ): "بل يكاد أن يكون ذلك محسوسًا"؛ ا.هـ، ويقول الشيخ د. صالح الفوزان: "ولأجل هذا؛ فإن أكثر الناس اليوم لما صاروا يرضعون من الحليب الصناعي الذي هو من ألبان البقر، صارت أخلاقهم تشبه أخلاق البهائم، ولا حول ولا قوة إلا بالله"؛ [ا. هـ من الدروس المفرغة في المكتبة الشاملة]، والمقصود أن ذلك يؤثر في الرضيع الذي يشتد عظمه ولحمه بما يسد جوعته من الألبان، ما لا يؤثر في الكبير، وقد بحثت في غير هذا الموضع الحكمَ الشرعي عند الفقهاء للرضاع من أصناف المراضع، اللائي قد يُخشى من أثر رضاعهن للمعنى الآنف؛ كرضاع غير المسلمة، والفاجرة، والحمقى، وسيئة الخلق، والزنجية، والعمياء، والجذماء، والبرصاء، والمجنونة، والسكرى.

 

ثالثًا: لما كان للوسائل أحكام المقاصد في الجملة، أُمر الأب بأن يسخر للأم الجو المناسب لترضع مولودهما؛ فقال ربنا سبحانه: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]؛ أي: على من وُلد له - وهو الأب - رزقُ الرضيع ورزق أمه وكسوتهما، بل رخص للمُرضع بالفِطر في رمضان؛ رعايةً لحظ مولودها، ولو أطاقت المرضع الصيام حتى لا ينقص على الرضيع حقه من الحليب؛ بسبب الإجهاد والجوع؛ فقال جل وعلا: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: 184]، وأمر الأب إذا طلَّق زوجته وهي حامل أو مرضع، بكفاية المرضِع مادِّيًّا؛ حتى لا تنشغل عن الرضاعة الطبَعية؛ في قوله تبارك وتعالى: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطلاق: 6]، فلم يبقَ بعد ذلك إلا أن تجتهد الأم في إرضاع ولدها ولا تستجيب لداعي الكسل، بل تتحمل ما يعرِض لها في الرضاعة من الألم والاستيقاظ المتكرر، وتتفطن إلى أن إعراضها عن الرضاعة يشوبه معنى انتكاس فطرتها، وغياب مشاعر الأمومة، وأما دعوى ترهُّل البدن بالرضاعة، فهي غير دقيقة فيما وقفتُ عليه من البحوث والدراسات، على أن من أسباب الترهل قلة الحركة، وإيثار الدَّعَة والراحة، والاعتماد على الخدم في كل صغيرة وكبيرة، وإلا فليس شيء يعُيد الرحم والبدن إلى حالته الطبعية كما كان قبل الحمل والولادة، مثل الرضاعة المنتظمة حولَين كاملين، وفي أثناء دراستي في الخارج رأيت من عزمِ الأعاجم وجِدِّهم في هذا الباب ما أثار أسفي، وقلَّب مواجعي، وحرَّك قلمي بهذه الكلمات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

وفي هذا السياق الذي عظَّمت فيه الشريعة حق الطفل، وأجرت في أحكامه من الآيات قرآنًا يُتلى إلى يوم الناس هذا، قد ينقدح في الذهن السؤال الآتي: ماذا لو تُوفيت الأم؟ هل يُترك أمر رضاعة الطفل؟

الجواب في قول الله تعالى ذكره: ﴿وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [سورة البقرة: 233]؛ فهذا أمرٌ بالرضاع على وارث والدة الرضيع من النساء المراضِع، وهو أمر إيجاب، كما أن نفقة الرضاع واجبة على وارث المولود له (الوالد)، إن لم يكن للمولود مال، وقد نقل هذا المعنى ابن جرير الطبري في تفسير طائفة من السلف، فيا لله العجب، ويا لله المشتكى من غربة بعض أحكام الشريعة!

 

رابعًا:وصلًا بما جرى تقريره في مستهل الفقرة الآنفة تمهيدًا وتوطئة لهذه الفقرة، فإن مما يساعد المرأة على درِّ الحليب أن تجتنب السهر والتغذية السيئة، وأن تتناول الأطعمة المحفِّزة على در الحليب من الرطب والقثَّاء، والخيار والخس، والموز والعنب، وحليب الماعز ونحوه، وشراب الشمر والكراوية، وعسل السدر، والبرسيم والسمسم، وما استُخلص منه من زيت السمسم والطحينيات، وما إلى ذلك، وكذلك تكرار الرضاعة واحتضان الطفل ورومه يُدر الحليب ويُكثره، في حين إن الكرفس والزعتر، والنعناع والبقدونس، والميرمية والكافيين يُضعف در الحليب إذا جرى تناوله بكثرة، وقُل مثل ذلك في سجائر التبغ والكحول، إضافة إلى أن الإرهاق والتعب العام والحمل مما يُضعف در الحليب ويقطعه.

 

ولذلك، نصَّ فقهاء المذاهب من الحنفية والشافعية والحنابلة على أن من وجب عليها الرضاع، فلا تأكل شيئًا يُفسد لبنها أو يضر به، وصرح بعضهم بأنها تُمنع من أكل ما يضر بلبنها؛ قال الشيخ دبيان الدبيان: "وهو قول وجيه جدًّا؛ لأن الإنسان ممنوع من تعاطي ما يضر بالغير، ولو كان مباحًا في نفسه"؛ ا. هـ.

 

ويمكن أن يستدل لمنع المرضع من أكل ما يضر بلبنها أيضًا: بأن الرضاع إذا وجب، فإنه يُنهى عن ضده؛ لأن الأمر بالشيء نهيٌ عن ضده من طريق المعنى؛ تعيُّنًا، أو اقتضاءً؛ إذ لا يمكن الإتيان بالمأمور به إلا بترك ضده، وما لا يتم فعل الواجب إلا بتركه فهو حرام، والحرام منهي عنه.

 

وقد أثمر ذلك في حرمة تناول موانع در الحليب على من وجب عليها الرضاع بولادة، أو عقد أجرة، أو تعيُّنٍ بانعدام المراضع، ومنعها إن أبت الامتناع؛ كما يُمنع السفيه بالحَجْرِ عليه، إذا بذَّر ماله على حساب من تجب عليه نفقتهم.

 

خامسًا: تبيَّن مما تقدم أنه ليس للمرضع التي لم يمت ولدها بسقط، ولم تكن مصابة بمرض معدٍ كالإيدز، ولم تتلقَّ العلاج الكيميائي أو الإشعاعي للسرطان ونحوه، أنه ليس لها تعاطي الأقراص المستحدثة المثبِّطة لإدرار اللبن الطَّبعي، التي تخفف من إفرازات الغدة النخامية الأمامية، من خلال عملها في التحفيز المباشر لمستقبلات الدوبامين، فإن فعلت الأم ذلك فسوقًا منها وفجورًا بولدها، فللولي منعها وتعزيرها، وبناء عليه لا يسوغ لشركات الأدوية والصيدليات أن يبيعوا لعموم الناس الأدويةَ المانعة لدر الحليب، ما لم يسقط المولود ميتًا، أو يترتب على الرضاعة انتقالُ مرض وبائيٍّ، قد يودي بحياة الرضيع مع كون المرضع لا تُؤمن على صبيان المسلمين، ونحو ذلك من الحالات التي يقررها الطبيب الأمين أو الطبيبة الأمينة، وإلا كان هذا المال الذي يجنُونه من بيع موانع در الحليب مَظِنَّة السُّحت والنقص عليهم، وللإمام تعزير الصيدلي والطبيب إذا تعدَّى بصرف ما يمنع حق الطفل في الضرع من الأدوية، وللرضيع ووصيه صفة شرعية في مطالبة الطبيب بالتعويض، ولعموم المسلمين المطالبة بتعزيره فيما يُعرف عند الفقهاء بدعوى الحِسبة، التي يُعبَّر عنها اليوم في النيابة العامة بالحق العام.

 

وقد كانت مسألة الرضاع حاضرة لدى النبي صلى الله عليه وسلم في أحكامه، وهو يومئذٍ حاكم المدينة يثرب، وربما أخَّر الحد الشرعي لمقام الطفل وحقه في الرضاعة، كما وقع في شأن الغامدية من الأزد بعد ثبوت حد الزنا من المحصنات عليها؛ فقال عليه الصلاة والسلام: ((اذهبي، فأرضعيه حتى تفطميه))، وقال: ((لا نرجمها وندَع ولدها صغيرًا، ليس له من يُرضعه))، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا نبي الله؛ قد فطمته، وقد أكل الطعام - وكسرة الخبز في يده دالة على استغنائه بالطعام - فدفع الصبيَّ إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها؛ [رواه مسلم]، ولولا وجوب إرضاع الوليد على أمه حتى الفطام، ما حكم عليه الصلاة والسلام بتأخير إقامة حد الله في المرضع حتى الفطام، ولا نهى عن رجمها؛ في قوله: ((لا نرجمها)).

 

سادسًا:قول الله تبارك وتعالى في سورة البقرة: ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: 233] بعد قوله: ﴿حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: 233] مفاده جواز اجتهاد والِدَي الرضيع فيما يؤدي إلى صلاح الصغير، ولو بتقليل مدة الرضاع إلى ما دون الحولين، كما لو استغنى المولود عن لبن أمه بغيره من الأقوات قبل تمام الحولين، بحيث إن الحليب لا يسد جوعته، وهذا التخفيف بالشروط المذكورة لا يعود على الحكم الأصلي بالإبطال، والأمر بالتشاور قبل الفِصال، وهو الفطام في هذه الآية، من أسباب التسديد في رأي الأبوين بإذن الله وتوفيقه، على أن الأصل في حق الرضيع على أمه حولان تامَّان من الرضاعة؛ لصريح دلالة الآية التي استهل بها البحث؛ ولعموم قول ربنا: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ [سورة لقمان: 14]، وقوله: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ [سورة الأحقاف: 15]؛ أي: وفطامه في انقضاء عامين.

 

سابعًا:انتهت الدراسات الحديثة، فيما وقفتُ عليه مما نشرته الهيئات الصحية، والمجلات الطبية، والجامعات؛ كالجامعة العربية الأميركية وغيرها، إلى أنه لا يمكن تحقيق أفضل المستويات الصحية لكل من الأم والطفل إلا بممارسة الرضاعة الطَّبعية المطلقة لمدة 6 أشهر؛ وفي هذا تقول د. روث لورنس: "على الرغم من أن العلوم الطبية قد خطت خطوات عظيمة في مجال التغذية، فإنها لم تتمكن من إنتاج لبن مشابه للبن الأم بحال من الأحوال؛ فهناك أكثر من مائة إنزيم في لبن الأم، كلها غير موجودة في اللبن الصناعي"؛ ا. هـ، كما أن الحليب الطبعي يوفر مناعة مكتملة العناصر ضد الجراثيم والأمراض المحيطة بالطفل، ويعتبر أول لقاح للطفل بعد الولادة.

 

لذلك؛ تدوِّن بعض شركات تصنيع حليب الأطفال الملحوظة الآتية على العبوة: "حليب الأم الطبيعي هو الغذاء الأفضل لطفلك، استشيري طبيبكِ قبل أن تقرري استخدام هذا الحليب"، وبعضها يكتب: "يُستعمل هذا الحليب عند الحاجة أو الضرورة"، ونحو ذلك من العبارات التي تُذيل بخط صغير لتتملص الشركات من الدعاوى القضائية؛ [النوازل في الرضاع، عبدالله الأحمد، ص316].

 

أسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يصلح أحوال الأمهات، ويطهرهن من رجس الأفكار النسوية من زبالات أهل الكفر التي فكَّكت مجتمعاتهم، وقطعت أواصرهم حتى انحطَّت أخلاقهم، وتفرقوا فيما بينهم، ونبذت عجائزهم، فامتلأت بهن دور الرعاية للمُسنين، وأُهيب بالصالحات أن يذكروا أخواتهن بمقتضى المحبة والرحمة، واللهَ أسأل أن يسلم المواليد من شر التقصير في حقوقهم، ويحفظ أمهاتهم من آفة ذلك، ولا يظلم ربك أحدًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حكم السمر بعد العشاء
  • حكم نظر المرأة إلى رجل من غير محارمها
  • حكم فرض الغرامة على المستأجر إذا تأخر في أداء الأجرة
  • التأمين التعاوني من أعمال القرب

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة الفوائد الجلية في الزجر عن تعاطي الحيل الربوية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أشك في تعاطي ابني المخدرات(استشارة - الاستشارات)
  • حكم تعاطي القرض الربوي في حال الحاجة(استشارة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • تعاطي أسباب الرخص وإناطتها بالمعاصي (مقالات في الرخصة والعزيمة - 9)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأساليب اللاتربوية التي تؤدي إلى تفاقم مشكلة تعاطي المخدرات، ودور الأسرة في الوقاية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • دور المسجد في الحد من تعاطي المخدرات(مقالة - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • التربية الإسلامية ودورها في الحد من تعاطي المخدرات(مقالة - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • التوعية الدينية ودورها في الحد من تعاطي المخدرات(مقالة - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • الحث على تعاطي أسباب الرزق المشروعة والمباحة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • التوعية الدينية والتربية الإسلامية ودور المسجد في الحد من تعاطي المخدرات (WORD)(كتاب - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب