• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: فما عذرهم
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    خطبة: وسائل السلامة في الحج وسبل الوقاية من ...
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    العشر من ذي الحجة وآفاق الروح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فضائل الأيام العشر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / خواطر إيمانية ودعوية
علامة باركود

معسكر شعبان الإيماني

معسكر شعبان الإيماني
سمر سمير

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/2/2025 ميلادي - 13/8/1446 هجري

الزيارات: 1155

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معسكر شعبان الإيماني

 

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:

فأُرحب بكم في هذا المعسكر المصغر للاستعداد لرمضان، نُجهز قلوبنا ونُهيئ أنفسنا، ونعرج بأرواحنا؛ انتظارًا وشوقًا لرؤية هلال رمضان.


تعلمون جميعًا أن أيَّ فريق رياضي مُقبل على بطولة مهمة أو حدث رياضي كبير، لا بد له من استعداد وتهيئة؛ بإقامة معسكر قبيل البطولة؛ ليشحَذ فيه همة أعضاء الفريق، ويُعِدهم ذهنيًّا ونفسيًّا وبدنيًّا للبطولة أو السباق المرتقب.

وإن كان المشتاق للنجاح في الدنيا يبذل قُصارى جهده في هذه المعسكرات، فما بال عباد الله المشتاقين إلى أبواب الجنان المفتَّحة، الساعين إلى الفلَاح، لا يسعَون في جعلِ شعبان معسكرًا تدريبيًّا لدخول رمضان؟!

لو تعاملنا مع شهر شعبان بهذه النفسية، وبهذا الجِد الذي يتعامل به أعضاء أي فريق مع معسكراتهم؛ لدخلْنَا رمضان بقلوب جديدة طاهرة متلهِّفة للعِتق من النيران.

فلماذا ندخل معسكر رمضان؟

وما الحواجز التي تقف في طريقنا؟ وكيف نجتازها؟

وكيف نتهيأ لاستقبال رمضان؟

وسوف نتدارس حول هذه العناصر في هذا المعسكر إن شاء الله.

المحور الأول: لماذا نستعدُّ في شعبان؟

1- من رحمة الله بنا أن أمهلنا إلى أزمنة الصلح معه، وتركنا إلى أن بلغنا شهورَ تجديد العهد، شهور الشحن الإيماني والتصفية القلبية.


فكم من إنسان قد فقَدَ هذه النعمة التي نتنعم بها!

 

كم من إنسان كان حاضرًا معنا مواسم الخيرات هذه العامَ السابق، ثم وافته المنيَّة، فحُرِم منها هذا العام!

أليس ذلك سببًا كافيًا لشكر الله على هذه النعمة، واستغلالها أفضل استغلال، أم سنفرط فيها كما فرطنا قبل ذلك؟

انظروا الآن إلى ساعتكم أو هاتفكم لمدة دقيقة واحدة.

أرأيتم تلك الدقيقة التي مرت من أعمارنا، هل تعلمون كم شخص انتهى رصيده في الدنيا في هذه الدقيقة؟

 

الإحصائيات تقول: إنه في الدقيقة الواحدة يموت نحو 110 شخصٍ حول العالم.

أي: نحو 6 آلاف شخص في الساعة الواحدة، فكم فرَّطنا في ساعات ودقائقَ وأنفاس، ذهبت من أعمارنا سُدًى وهباء دون نفع!

هل سننتظر حتى نكون مثلهم فنقول: ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [المؤمنون: 99، 100]، أم سنُحسن استقبال نعمة الله ونُقدرها حق قدرها؟

كان النبي يقوم حتى تتورم قدماه فقيل له: غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: ((أفَلَا أكون عبدًا شكورًا؟))؛ انظر إلى تلك النظرة إلى العبادة أنها ليست فقط كما نظن نحن لمغفرة الذنوب، ورفع الدرجات، بل من مقاصدها ونياتها التي يجب أن نحرص عليها، أن تكون العبادة منا شكرًا لله على نِعمِه علينا.


وأنت، كم عندك من نِعَمٍ لا تُعد ولا تُحصى، وأولها نعمة بلوغ تلك المواسم الخيرة!

 

هل شكرت الله عليها بكثرة عبادته فتُكتب عند الله عبدًا شكورًا، شاكرًا لأنْعُمه فيُتم عليك النعمة، أم ستجحد النعمة وتنساها وتنكرها؟

اختَر لنفسك ما تحب.

اللهم إنا نسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك.

2- لأن الله خص هذه الشهور بمزايا وفضائل كثيرة، لا ينبغي عليها إغفالها، بل علينا استغلالها.

فمن فضائل شعبان أنه:

1- شهر تُرفع فيه الأعمال والصحائف، وتُعرض على الله؛ لذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يُكثر من صيامه؛ حتى يُرفع عمله وهو صائم.

تخيل أن صحيفتك وأعمال العام السابق من شعبان الماضي إلى الآن ستُعرض على الله بما فيها من خير وشرٍّ، وما فيها من ذنوب وطاعات، وما فيها من غفلة أو سهوٍ، أو غِيبة أو نميمة، أو صغائرَ أو كبائرَ.

حصاد العام كله بين يديك الآن، انظر إليه وقلِّب ورقاتِه جيدًا، تذكر تلك النظرة، وتلك الكلمة، وهذا المقطع السيئ، وهذه القطيعة، وتلك السرقة، وتلك الكذبة، وغيرها، وغيرها.

 

يتألم قلبك وتكاد تبكي دمًا على هذه الزَّلَّات التي كُتبت في كتابك، وتستحي أن تلقى الله بها، يأكلك الندم وتعَض على نواجذك حسرةً وألمًا.

الآن، ألَا تحب أن تكون متلبسًا بعمل صالح يُختم به صحيفة العام، فيكون ختامها مسكًا؛ فإنما الأعمال بالخواتيم؟ فمهما أسأتَ وتجاوزت، فاحرص على ختمها بخير وطاعة، تشفع لك في باقي الأعمال.

لذلك من المهم جدًّا أن يكون قلبك مستعدًّا للعرض على الله بإيمانٍ يُطهره وطاعات تهذِّبه؛ فلعلها تكون خاتمةَ خيرٍ.

ومن فضائل شعبان أنه:

2- شهر يغفُل عنه الناس بين رجبٍ ورمضانَ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عنه، كل الناس مشغولة بشراء احتياجات رمضان من طعام وتمور وتجهيزات، ولكن إذا كنت أنت ممن تهتم بتجهيز قلبك وروحك ونفسك بالعبادة والذكر، فستكون قمت بعبادة يغفُل عنها الناس؛ وهي - كما قال النبي عليه الصلاة والسلام - كهجرة إليه؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: ((العبادة في الهَرْجِ كهجرة إليَّ))؛ [صحيح مسلم]؛ أي: إن العبادة في أوقات الفتن وغفلة الناس واختلاط أمورهم كثواب الهجرة إليه.

تخيل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حيًّا بين أظهُرنا، ألَا تحب أن تهاجر إليه مهما كان بعيدًا عنك؛ لتكتحل عينك برؤيته وتتمتع بصحبته؟!

 

فما أعظمه من أجرٍ للعبادة في هذا الشهر.

ومن فضائل شعبان:

3- أن النبي يُكثر فيه من الصيام؛ فلم يُرَ في شهر أكثرَ منه صيامُا من شعبان، فكان يصومه إلا قليلًا، بل كان أحيانًا يصومه كله.

((سُئلت عائشة: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم؟ قالت: كان يصوم حتى نقول: لا يُفطر، ويُفطر حتى نقول: لا يصوم، لم أرَه في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان، كان يصوم شعبان كله إلا قليلًا، بل كان يصوم شعبان كله))؛ [البخاري ومسلم].

وهذا إن دلَّ على شيء فإنه يدلنا على عِظم هذا الشهر وفضله؛ فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم مع ارتفاع درجته في الجنة، وعصمته من الذنوب، يحرص على الاجتهاد فيه، فما بالنا نحن أصحاب الذنوب والغفَلات، لا نحرص على اغتنامه؟!

فما بالنا لا نهتدي بهديه ونستنُّ بسنته في هذا الشهر العظيم؟!

ومن فضائل شعبان أيضًا: أن به ليلةً يطَّلع الله فيها على عباده فيغفر لهم إلا لمشركٍ أو مشاحِن.

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله لَيطلع في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه، إلا لِمُشركٍ أو منافق))؛ [صححه الألباني في السلسلة الصحيحة].

تخيل أن رجلًا عزيزًا عليك سيأتي لزيارتك ويرى ما تصنع، ماذا ستفعل؟

 

تخيل شيخًا محبَّبًا إليك سيطَّلع عليك، ويُقيِّم أخلاقك هذا الشهرَ، كيف سيكون خُلقك؟

 

ولله المثل الأعلى، جبار السماوات والأرض، مالك الملك، العزيز العظيم الكريم، المنَّان الودود الرحمن، سيطَّلع عليك، وليس ذلك فقط؛ بل سيغفر لك ذنوبك وجرائمك، هل استوعبت الأمر؟

 

هل قدرت الأمر حق قدره؟

هل ستظل على تلك الخصومة التي بينك وبين أخيك أو أحد أقاربك؛ فتُحرم المغفرة، أم سيرى الله من قلبك تلك الشحناء لإخوتك أو أهلك أو أحد من المسلمين، أم كيف ستستعد لهذا الاطلاع؟

3- لأننا مُقبلون على رمضانَ موسمِ الخيرات والبركات والأجور المضاعفة.


إذا علمت أن إحدى الشركات أنزلت أسعار الأراضي – مثلًا - أو الشقق بنسبة 70% أو أكثر أو أقل، أو بعض محلات الملابس والمولات الكبيرة أقامت معرضًا بتنزيلات وتخفيضات كبيرة.

 

ألَا يفتح ذلك شهيتك للتسوق من بعض منتجاتها، والاستفادة من هذه العروض الضخمة، ونشر إعلاناتها بين أحبَّتك؛ ليستفيدوا به قبل نفاد الكمية المعروضة؟

فلماذا نحرص على العروض التي يومًا ما سنتركها ونرحل وستنتقل إلى غيرنا إذا بقيت، ونترك العروض اليقينية التي ستؤمِّن مستقبلنا الحقيقيَّ الأبديَّ؟

لا بد أنكم سمعتم عن تخفيضات الجمعة السوداء التي تُسمى في بلادنا بالجمعة البيضاء، هل تعرفون قصتها؟

 

قصتها أنه في القرن التاسع عشر كان هناك أزمة في الولايات المتحدة، وتضرر الاقتصاد يشكل كبير، وامتنع الناس عن الشراء؛ فاضطُرت المحالُّ والمتاجر الكبرى أن تُقيم عروضًا وتخفيضاتٍ كبيرةً تصل إلى 90%؛ حتى تبيع البضائع الكاسدة، وأصبح ذلك موسمًا للبيع كل عام، وسُمِّيت ذلك؛ لكثرة الازدحام المروري، وتكدُّس الناس أمام المحال التجارية من قبلها بليلة؛ حتى يحصلوا على أكبر قدر من المنتجات المخفَّضة، مما قد يؤدي إلى الفوضى والاضطرابات في المدن.

إذا كان أصحاب الدنيا يحرصون على هذه المنتجات كل هذا الحرص، على رغم أنها ستفنى بعد قليل أو يرحلون عنها، فلماذا لا نحرص نحن على الأجور المضاعفة، والحسنات الباقية التي سترفع درجاتنا في جنة عرضها السماء والأرض، أكلُها دائم وظلُّها، لا موت فيها ولا تعب ولا نصَب، بل فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين؟

هل سنظل نُؤثِر الحياة الدنيا على الآخرة، والآخرة خير وأبقى؟
إذا خيَّرتُك بين أن أعطيَك حجرة بسيطة جدًّا تتملكها، أو قصرًا تدخل فيه لمدة خمس دقائق ثم تخرج منه، ماذا ستختار؟

 

العاقل هو من يختار الحجرة البسيطة؛ لأنها دائمة.

 

ولكن إذا قلت لك أن تختار بين حجرة بسيطة لمدة خمس دقائق، وبين قصر عظيم لأحد الملوك يبقى معك دائمًا ملكًا لك، ولأولادك من بعدك.

 

هل يشك أحد أنك ستختار الحجرة وقتها وتترك القصر؟

إذا حدث ذلك من شخص ما، فاختار الحجرة وترك القصر، فلا بد أنه جاهل بقيمة القصر، أو غير مصدِّق لمن يعرض عليه العرض أو فاقد للعقل.

فما بالنا نتصرف مثل هذا الرجل غير العاقل، نترك الذَّهب الباقي ونتمسك بالخزف الفاني؟

قال مالك بن دينار: "لو كانت الدنيا من ذهب يفنى، والآخرة من خزف يبقى، لكان الواجب أن يؤثَر خزفٌ يبقى على ذهب يفنى، فكيف والآخرة من ذهب يبقى، والدنيا من خزف يفنى؟".

4
- لأن رمضان سباق حقيقي نحو الجِنان، يتسابق فيه المشتاقون إلى أبواب الجنان؛ ليكسِروا أرقامهم القياسية في الأعوام السابقة، ويُحرزون رقمًا جديدًا يُضاف لصحائفهم؛ فيكون لقاؤهم بالله يوم القيامة لقاءً مُشرِّفًا.

فشعبانُ شهر التهيئة للتهنئة، وشهر الاستعداد للإمداد.

وأي سباق يحتاج قبله فترة إعداد وتهيئة وتدريب كبيرة، إذا كنت تطمح فيه حقًّا أن تكون من الفائزين.

 

أما أن ننام ونرتاح فلن يأتينا النجاح ولا الفلاح؛ لأن الله تعبَّدنا بالأسباب في تحصيل الدنيا والآخرة كذلك، فلم يطلب منا أن نؤمن فقط به، ثم لا نصلي ولا نصوم، ولا نفعل الصالحات بالقلب والجوارح.

بل لا بد من اجتماع كل ذلك؛ اعتقادِ القلب، وقولِ اللسان، وعملِ القلب والجوارح، وكلما ازددنا من تلك الأعمال، ازداد إيماننا وارتفعت درجاتنا في الجنة إن شاء الله، فإن كان دخول الجنة برحمة الله، فإن منازل الجنة بتفاوت الأعمال؛ كما قال أهل العلم.

فأما الذي يتكل ويتكاسل، ويرجو أن يرتفع في الجنة بدون عمل، فهذه أمانيُّ؛ وكما قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾ [التوبة: 46].

لو كان المنافقون صادقين حقًّا في أنهم يريدون الخروج مع رسول الله للجهاد، لتجهزوا من قبلها، واشتروا أسلحتهم وأمتعتهم، ولكن عدم تجهزهم للخروج دليل قاطع على عدم رغبتهم أو حبهم للخروج؛ لذلك كره الله خروجهم للجهاد؛ فضرب عليهم الكسل وحُب القعود؛ لأن عدم تجهزهم قرينة على عدم حبهم للخروج.

 

لذلك كلما رأى الله من قلوبنا أننا نتجهز لهذا السباق، فتح علينا ببركات وألطاف يجعلها سببًا لتسديدنا وسرعة وصولنا للجِنان.

وقد أمرنا الله في الكثير من الآيات بالمسابقة إلى الجنة والمغفرة والخيرات.

 

اقرأ معي: قال الله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، وقال تعالى: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148]، وقال: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90]، وقال:﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [الحديد: 21]، وقال: ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26].

ولو تأملنا ألفاظ: "سابقوا، سارعوا، فاستبقوا، يسارعون، يتنافس"، نجدها جميعًا تحفيزًا لنا من الله عز وجل؛ لتحصيل أكبر قدر من الخيرات والأعمال الصالحة في مراحل سباقنا في الدنيا نحو جنته ومغفرته سبحانه.

 

فهلَّا أدركنا أننا في سباق حقًّا! هل نحتاج إلى أكثر من هذا التحفيز من الآيات التي تدفعنا دفعًا، وتُحرك قلوبنا نحو أبواب الجنان المفتَّحة في أول ليالي رمضان؟ فلماذا لا نُعِدُّ لهذا السباق ونقدره قدره؟ ليكن شعارنا: "لن يسبقني إلى الله أحد".

5- لنكسر دوامة الدنيا وحلقاتها المفرغة التي نلُف فيها وندور دون توقف منذ رمضان الفائت، لا شك أننا في عصر تتسارع فيه الأحداث، وتتزايد فيه الهموم والمسؤوليات، والضغوط التي تعصف بقلوبنا بعيدًا عن بر الأمان، بعيدًا عن الراحة والطمأنينة التي نستشعرها في ذكر الله والقرب منه.

ولا بد لهذه المروحة التي تدور بأقصى سرعة منذ عام وأكثر، أن تتوقف قليلًا، وتلتقط أنفاسها، وتتنفس الصُّعَداء؛ لتستطيع الاستمرار والمتابعة من جديد، بعد أن تكون شحنت قلوبنا بزادٍ رمضانيٍّ إيمانيٍّ يُنشِّطها ويدفعها قُدُمًا في طريق رضا الله.

ولكن كأي مروحة أو سيارة تحتاج لوقت حتى تتوقف نهائيًّا عن الحركة، فلا بد أن نوقف مروحة الدنيا في قلوبنا قبل رمضان بفترة؛ حتى نُخلي القلب من شهوات الدنيا، حتى إذا كانت أول ليلة من رمضان كنا مستعدين للعتق ودخول أبواب الجنة.

 

فلا ننتظر إلى أن يبدأ رمضان، ثم نفكر في إيقاف الانشغالات الدنيوية من قلوبنا؛ لأنها ستأخذ وقتًا من رمضان، حتى تتوقف تمامًا وتندمج في الجو الرمضاني.


لذلك فالإعداد المبكر مهم جدًّا، فلنُعطِه حقَّه حتى لا نخسر أيام رمضان الفاضلة، وتضيع علينا في التخلية من الدنيا، بل نستغلها للتحلية بالزاد الإيماني والروحي من أول يوم.

6
- لنعتادَ الخير والعبادة قبل رمضان؛ فتسهل علينا في رمضان؛ فكما قال نبينا: ((الخير عادة))؛ [رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه].

فكلما اعتدنا عمل الصالحات والخيرات قبل رمضان، كانت لنا سجية، وسهُل على النفس فعلها، دون إرادة قوية أو عزيمة كبيرة.

وهذه هي قوة العادات التي نعتاد عليها يومًا فيومًا، فأي عمل في أوله يكون صعبًا على النفس يحتاج لإرادة وتركيز كبير، ثم إذا تكرر كثيرًا صِرنا نقوم به دون مجهود كبير؛ كالطفل في أول تعلمه للمشي، يكون الأمر مرهقًا له، ويحتاج دقة وتعلمًا ومثابرة، ثم إذا اعتاده وقوِيَت المسارات العصبية الخاصة به في المخ، صار سهلًا جدًّا، ولا يحتاج لتعب أو مجهود أو تركيز كبير، فلا يفكر الطفل قبل أن يُحرك قدمه أين سيضعه، بل تجده يجري وينطلق بحُرية، وكذلك أي مهارة جديدة علينا؛ كقيادة السيارة أو الدراجة مثلًا، أو الكتابة السريعة على لوحة المفاتيح، أو غيرها، كلما مارسناها، قَوِيَت عندنا.

لذلك أمرنا نبيُّنا بتعود الأطفال الصلاة لسبع؛ حتى يتكرر الفعل كثيرًا، ويقوى في أدمغتهم قبل أن يَصِلوا إلى عمر البلوغ، فيُحاسَبوا على ترك الصلاة، إذا لم تعتَدْها نفوسهم قبلها.

لذلك قال أحد السلف: "عانيت قيام الليل عشرين سنة، وتنعَّمت به عشرين سنة"؛ أي: إنه جاهد نفسه وصبر على مشقة القيام لفترة طويلة، حتى أصبح القيام سجية وعادة يتمتع بفعلها.

وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلك: ((إذا مرِض العبد أو سافر، كُتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا))؛ [صحيح البخاري]، فلو اعتدنا على الخير من الآن، ثم أصابنا عارض من سفر أو غيره في رمضان، نرجو أن يكتب الله لنا ما اعتَدْنا عليه من العمل الصالح.

فمن المهم جدًّا أن نعتاد الخير من الآن، حتى إذا بدأ سباق رمضان، انطلقنا بكل قوة متمتعين بروحانيات العبادة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان
  • فضائل شعبان وبعض أحكامه
  • خطبة قصيرة عن شهر شعبان
  • شهر شعبان.. فضائل وأعمال
  • خطبة: شعبان وفضائله
  • تهيئة المشاعر "معسكر شعبان"
  • التهيئة لاستقبال رمضان "معسكر شعبان"
  • معسكر شعبان "تهيئة السلوكيات"
  • معسكر شعبان "إزالة العوائق"

مختارات من الشبكة

  • دراسة تطبيق نموذج أهل الصفة في معسكرات اللاجئين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • روسيا: معسكر صيفي لأطفال المسلمين بموسكو(مقالة - المسلمون في العالم)
  • المعسكر الصيفي للأطفال المسلمين في بليموث(مقالة - المسلمون في العالم)
  • معسكر القرآن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • روسيا: معسكر بمنطقة ساراتوف لأطفال المسلمين في روسيا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إيطاليا: مشروع بناء مسجد بمعسكر استقبال المهاجرين في صقلية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • روسيا: معسكر تعليمي ترفيهي لأطفال المسلمين في قازان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ميانمار: قوات الأمن تحول مسجدًا في أراكان إلى معسكر أمني(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الأقليات المسلمة في المعسكر الشيوعي الصيني(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • الفلبين: الجيش ينتهك حرمة المساجد بإقامة معسكرات فيها(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/12/1446هـ - الساعة: 22:18
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب