• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    ثمرات الإيمان بالقدر
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    العشر وصلت... مستعد للتغيير؟
    محمد أبو عطية
  •  
    قصة موسى وملك الموت (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشاكر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (12)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    تلك الوسائل!
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تعوذوا بالله من أربع (خطبة)
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    حكم المبيت بالمخيمات بعد طواف الوداع
    د. محمد بن علي اليحيى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة صلاة الاستسقاء (3)

خطبة صلاة الاستسقاء (3)
د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/12/2024 ميلادي - 21/6/1446 هجري

الزيارات: 1293

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة صلاة الاستسقاء (3)

 

الحمد لله مُصرِّف الأيام والشهور، يعلم ما يؤول إليه العبد ويصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةَ مَن لاذ به خضوعًا لعظمته وانقيادًا، وأمَّله لبلوغ ذُرى العلياء توفيقًا وسدادًا، وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُالله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله أطهر الورى سِيَرًا وأعرقهم أمجادًا، وصحبه أبرِّ الأمة قلوبًا وأشدهم تآلفًا وودادًا، والتابعين ومن تبعهم وترسَّم خُطاهم بصدقٍ وإخلاص يرجو صلاحًا ورشادًا، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واخشَوا يومًا ترجعون فيه إلى الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

 

أيها المسلمون، إن الخشية من الله والخوف منه من كمال الإيمان، ومن خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الملك: 12].

 

أيها المسلمون، الماء أصل الحياة: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنبياء: 30]، ولو اجتمع الإنس والجن على أن يأتوا به، لم يستطيعوا إلا بإذن الله: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴾ [الملك: 30]، وقال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الواقعة: 68 - 70].

 

وهو نعمة عظيمة أنْعَمَ الله تعالى به على عباده: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18]، وحين يغفُل الناس عن ربهم، تنقص الأرزاق، وتُمسك السماء قَطْرَها بأمر ربها؛ ليعود الناس لربهم، وليتذكروا حاجتهم إليه: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27].

 

أيها المسلمون:

الإيمان والتقوى سببُ النِّعم والخيرات، وبهما تُفتح بركات الأرض والسماء، ويتحقق الأمن والرخاء: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96]، والتقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والاستعداد ليوم الرحيل، نعم، الاستعداد للحياة الآخرة، التي نَسِيَها كثير من الناس في غمرة السعي اللاهث وراء حُطام الدنيا، والتنافس في زخرفها الزائل، غافلين عن الاستعداد ليوم لا ريب فيه: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا ﴾ [آل عمران: 30]، يوم لا بيع فيه ولا خُلَّة ولا شفاعة، يوم تشخَص فيه الأبصار.

 

﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ﴾ [إبراهيم: 48]، ﴿ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ ﴾ [النحل: 111]، ﴿ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 52].

 

أيها المؤمنون:

ولأجل ذِكْر ذلك اليوم والعمل له، فإن الله تعالى يذكِّر عباده إذا غفلوا، ويُنذرهم إذا عصَوا، وقد أخبر سبحانه أن ما يحِلُّ بالبشر إنما هو من أنفسهم: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ [آل عمران: 165]، ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، فاتقوا الله تعالى حقَّ التقوى، وتوبوا إليه، واستغفروه.

 

أيها المسلمون:

تذكروا أن الله يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 27، 28]، تذكروا أن الله بالمؤمنين رؤوف رحيم، وأنه سبحانه قريب الغير، يعجَب من قنوط عباده وقُرب غيره، ينظر إليهم يائسين قانطين، وهو يعلم أن ما بهم سينكشف عن قريب: ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾ [الشورى: 19].

 

لكنه سبحانه مع إرادته اليُسرَ بعباده، ورحمته بهم ولطفه، فإنه يبتليهم بأنواع من البلاء؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155]، يبتليهم سبحانه ليعلم منهم صِدْقَ الولاء، وعظيم الرجاء، ولينظر صحيح التوبة منهم وذلَّ الدعاء، فيجزيَ الصادقين كريمَ الجزاء وعظيم الثناء، ويرفع درجاتهم في الدنيا وفي الأُخرى، ويُهلِك المكذِّبين المستكبرين عن العبادة، الْمُعْرِضين عن التوبة الْمُصِرِّين على الخطيئة، ويُنيلهم من الذم والعقوبة ما يليق بهم ما داموا على تلك الحال: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾ [محمد: 31].

 

ولقد كان من ابتلاء الله سبحانه وتعالى لعباده في هذه البلاد مَنْعُ القَطْرِ عنهم وحبسُه، وقلة المياه في آبارهم وغَورها وشُحُّها، ويستسقي المسلمون مراتٍ عديدةً وسنوات متواليةً ويستغيثون، ويدعون وما يكادون يُجابون ولا يُسقَون، وما يزداد مطر السماء إلا قلةً وامتناعًا، وما تزداد مياه الأرض إلا غَورًا ونقصًا، حتى لَيُصابَ كثير من الناس باليأس والقنوط، فيستبطئوا نزول الغيث ويصبحوا مُبْلسين، ولكن فضل الله على عباده واسع، ورحمته بالمحسنين منهم أقرب، فها هو سبحانه يُغيثهم بالأمس، فيُنزل المطر برحمته في أنحاء متفرقة من البلاد صيبًا مدرارًا، فله تعالى الحمد على ما أعطى، وله الشكر على ما أولى، ونسأله المزيد من فضله وجوده: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الشورى: 28].

 

ولا شكَّ - أيها المسلمون - أن إنزالَ الغيث من أجَلِّ نِعَمِ الله تعالى على عباده، ولا ريب أن مِنَّةَ الله عليهم بالماء عظيمة وكبيرة، فهو حياة أبدانهم، وطهارة أجسامهم، وهو حياة زروعهم، وقِوام مواشيهم: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنبياء: 30].

 

وقال تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12].

 

بيَّنَتِ الآيات - عباد الله - أن الاستغفار من الذنب سببٌ لنزول الغيث، والإمداد بالأموال والبنين، ونبات الأشجار، ووفرة المياه؛ ذلك أن الذنوب والمعاصيَ إذا انتشرت في أُمَّةٍ سبَّبتِ الشقاء والهلاك، والقحط والجَدْبَ؛ ولهذا أمر الله الناس عبر الأجيال بواسطة أنبيائه أن يقلعوا عن المعاصي، ويطلبوا الغفران من الله على ما اقترفوه، حتى ينالوا رحمته ويجتنبوا غضبه.

 

فها هو نبي الله هودٌ يعِظُ قومه بما ذكره القرآن: ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ﴾ [هود: 52]، ويذكُر القرآن كيف وَعَظ النبيُّ صالح عليه السلام قومه: ﴿ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النمل: 46]؛ أي: هلَّا استغفرتم ربكم حتى تنالوا رحمته.

 

وهذا شعيب عليه السلام يرى قومه على أسوأ الأخلاق مع الشرك والإلحاد، فيُلِحُّ في نصحهم للإقلاع عما هم فيه من ضلال، ويُبشِّرهم بأن ربَّهم رحيم بعباده ودود، يرضى عن عباده الصالحين، ويُكفِّر عنهم ما مضى من سيئاتهم، إذا أخلصوا النية والتوجُّه إليه: ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ﴾ [هود: 90].


والاستغفار معناه طلب المغفرة من الله بمحوِ الذنوب، وستر العيوب، مع إقلاع عن الذنب، وندم على فِعْلِهِ؛ قال تعالى: ﴿ فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ﴾ [هود: 61]؛ أي: إن الاستغفار وسيلة لاستجابة الدعاء.

 

وعن حاطب رضي الله عنه قال: سمعت رجلًا في السَّحَر بناحية المسجد وهو يقول: "يا رب، أمرتني فأطعتُك، وهذا السَّحَرُ فاغفر لي"، فنظرت فإذا هو ابن مسعود رضي الله عنه.

 

وكان ابن عمر رضي الله عنهما يصلي من الليل ثم يقول: "يا نافعُ، هل جاء السَّحَر؟"، فإذا قال: نعم، أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يُصبِحَ.

 

ها هم السلف رضوان الله تبارك وتعالى عليهم، مع ما هم عليه من عِلْمٍ وعمل، وزهدٍ ووَرَعٍ، كانوا قليلًا ما ينامون، وبالأسحار هم يستغفرون، ومع ما كانوا عليه من خيرٍ كثير، كان الواحد منهم يقول: "استغفارنا يحتاج إلى استغفار".

 

فما أعظم بركات الاستغفار! فهذه خزائن رحمة الله بين يديك، ومفاتيحها الاستغفار؛ يقول ابن القيم رحمه الله: "وشهِدتُ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا أعْيَتْهُ المسائل واستعصت عليه، فرَّ منها إلى التوبة والاستغفار، والاستعانة بالله، واللجوء إليه، واستنزال الصواب من عنده، والاستفتاح من خزائن رحمته، فقلَّما يلبَث الْمَدَدُ الإلهيُّ أن يتتابع عليه مدًّا، وتزدلف الفتوحات الإلهية إليه، بأيتهن يبدأ"؛ [انتهى كلامه رحمه الله].

 

أما كون الاستغفار سببًا لرفع البلايا؛ فقد قال الله سبحانه في شأن نبيه يونس عليه السلام: ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الصافات: 143، 144].

 

ومن فوائد الاستغفار أنه سببٌ لصفاء القلب ونقائه، فالذنوب تترك أثرًا سيئًا وسوادًا على القلب؛ كما وَرَدَ عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((إن المؤمن إذا أذنب، كانت نكتةٌ سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر، صُقل قلبه، فإن زاد زادت، فذلك الرَّانُ الذي ذكره الله في كتابه: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14]))؛ [رواه ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وحسَّنه الألباني].

 

أيها المؤمنون:

إنكم قد خرجتم تستغيثون وتستسقُون، فأظْهِروا الحاجة والافتقار، واعقِدوا العزم والإصرار على اجتناب المآثم والأوزار؛ وقد روى أهل السنن وأحمدُ، وحسَّنه الألباني، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبيَّ خرج للاستسقاء متذللًا متواضعًا، متخشِّعًا متضرِّعًا، والله تعالى أمَرَ بالدعاء، ووعد بالإجابة، وهو غنيٌّ كريم سبحانه: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60].

 

فاستغفروا وادعوا، وأبْشِروا وأمِّلوا، وارفعوا أكُفَّ الضراعة إلى الله مُبتَهِلين.

 

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، لا إله إلا الله الولي الحميد، لا إله إلا الله غِياث المستغيثين وراحم المستضعفين، نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه.

 

اللهم أنت ربنا، لا إله إلا أنت، خلقتنا ونحن عبيدك، ونحن على عهدك ووعدك ما استطعنا، نعوذ بك من شر ما صنعنا، نبوء لك بنعمتك علينا، ونبوء بذنوبنا، فاغفر لنا؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.

 

لا إله إلا أنت سبحانك، إنا كنا من الظالمين، ﴿ لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 149]، ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]، ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286].

 

اللهم اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا، وما أسررنا وأعلنَّا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر، لا إله إلا أنت، نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله.

 

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزِلْ علينا الغيثَ، ولا تجعلنا من القانطين.

 

اللهم أغِثْنا، اللهم أغِثْنا، اللهم أغِثْنا، غثيًا هنيئًا مريئًا، غَدَقًا طَبَقًا، مُجلَّلًا سَحًّا، عامًّا دائمًا، نافعًا غيرَ ضار، عاجلًا غير آجل.

 

اللهم تُحيي به البلاد، وتسقي به العباد، وتجعله بلاغًا للحاضر والبادِ، اللهم اسقِ عبادك وبهائمك، وأحي بلدك الميت.

 

اللهم سُقيا رحمة، اللهم سُقيا رحمة، اللهم سُقيا رحمة، لا سقيا عذابٍ ولا بلاء، ولا هدم ولا غرق، اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء والجَهد والضَّنك ما لا نشكوه إلا إليك، اللهم أنبِتْ لنا الزرع، وأدرَّ لنا الضرع، وأنزل علينا من بركاتك، اللهم ارفع عنا الجَهد والجوع والعُرْيَ، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك.

 

اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، اللهم إنا خَلْقٌ من خَلْقِك، فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك.

 

اللهم أنزِلْ علينا الغيث، واجعل ما أنزلته قوةً لنا على طاعتك، وبلاغًا إلى حين، اللهم اسقِنا الغيثَ، وآمِنَّا من الخوف، ولا تجعلنا آيِسين، ولا تُهلِكنا بالسنين، واغفر لنا أجمعين، واكشف ما بالمسلمين من بلايا يا أرحم الراحمين.

 

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

 

هذا، وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة محمد بن عبدالله؛ فقد أمركم الله تعالى بذلك فقال جل من قائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلَّ وسلِّم وزِدْ وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

عباد الله، اقتدوا بسُنَّةِ النبي، وادعوا الله وأنتم مُوقنون بالإجابة.

 

ربنا تقبَّل منا إنك أنت السميع العليم، وتُبْ علينا إنك أنت التواب الرحيم، ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة صلاة الاستسقاء (1)
  • خطبة صلاة الاستسقاء (2)

مختارات من الشبكة

  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • الكسوف: أحكام وعبر وآيات مع ذكر الرواية الكاملة لصلاة وخطبة الكسوف (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • هل لصلاة العيد خطبة أو خطبتان؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطب الاستسقاء (10): من حكم حبس القطر (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عام مضى وعام أتى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تكون خطبة الجمعة خطبة عظيمة ومؤثرة؟ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخطبة الأخيرة من رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/11/1446هـ - الساعة: 21:31
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب