• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    البعثة والهجرة (خطبة)
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    أسباب نشر الأدعية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    كليات الأحكام
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    بين الحاج والمقيم كلاهما على أجر عظيم.. (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    لا حرج على من اتبع السنة في الحج (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: إنه لينهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    "لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم".. فوائد وتأملات ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    الحج: غاياته وإعجازاته
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشهيد، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة (2)
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (13)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    فتنة الابتلاء بالرخاء
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحج ويوم عرفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    خطبة (المساجد والاحترازات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لماذا قد نشعر بضيق الدين؟
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    حقوق الأم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة نهاية العام الهجري - محرم

خطبة نهاية العام الهجري - محرم
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/12/2024 ميلادي - 15/6/1446 هجري

الزيارات: 2351

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نهاية العام الهجري-محرم

 

الحمد لله الواحد القهار، مُدبّر الأمور مصرف الأحوال، رب المشارق والمغارب العزيز الغفار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث إلى الناس كافة بالهدى والرحمة والأنوار، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الأخيار.

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


عباد الله: انقضت سنة من أعمارنا، إذ لفظت السنة أنفاسها الأخيرة وطوت هذه السنة أعمارنا فيها؛ فما عُمل فيها من خيرٍ فقد دُوّن، وما عُمل فيها من شر فقد سُطِّر في كتابٍ لا يُغادر صغيرةٍ ولا كبيرة، سُطّرت الشهور، سُطّرت الأيام، سُطّرت كذلك الساعات بل الدقائق والثواني، نُسخت الأعمال، نُسخ الخير والشر، فهو في كتابٍ عند ربنا تعالى سيُعرض علينا يوم الدين، وسننظر إلى السنة الماضية كأنها سنة حاضرة، ولن نكون كحالنا الآن ناسين السنة الماضية غير متذكرين إلا القليل القليل غير ناظرين إلا إلى أعمالٍ قليلة، لن يكون حالنا يوم القيامة كذلك، بل سنتذكر السنة المنصرمة وكأنها ساعة جلسنا فيها بل كأنها سويعةٌ جلسنا فيها، قال تعالى: ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾ [النازعات: 46]، وقال تعالى أيضًا: ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ﴾ [يونس: 45].


إي والله، إي والله، كأنها ساعة، هذا هو العمر كله، فكيف بسنة قد انصرمت، وكيف بسنة قد ذهبت، سمع أبو الدرداء رجلًا يسأل عن جنازة مرّت: من هذا، فقال أبو الدرداء: هذا أنت.

 

ولما سُئل أبو حازم: كيف القدوم على الله، قال: أما المطيع فكقدوم الغائب على أهله، وأما العاصي فكقدوم العبد الآبق على سيده.

 

فاجتهدوا أيها الأحبة من هذه اللحظة فإنما الأعمال بالخواتيم ولن ينفع: ﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [المؤمنون: 100]، كان يزيد الرقاشي يعظ نفسه كل ليلة عندما يجدها تكاسلت في الطاعة فيقول: «يا يزيد من ذا يصلي عنك بعد الموت، يا يزيد من ذا يصوم عنك بعد الموت، يا يزيد من ذا يتصدق عنك بعد الموت».

 

عباد الله: الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.. هذه الدنيا مثل رجل نائم، رأى في منامه شيئا يكره وشيئا يحب، فبينما هو كذلك إذ انتبه واستيقظ من نومه.

 

فهذه الدنيا من أولها إلى آخرها، إنما هي لحظات قصيرة زائلة وستصبح يومًا ما ذكريات وأخبارًا يقال فيها: كان في يوم ما عالمََ يُسمّى الدنيا، وكان فيها أُناس: فمنهم من ظنّها دائمة، فبناها، وزينها، وبالغ في إصلاحها، ثم تركها ومضى إلى عالم آخر، نادمًا حين رأى الناس قد أخذوا مكانهم في الجنة وليس له فيها مكان. ومنهم وهم قلة من علم أنها زائلة غير باقية، وأنه فيها على سفر، والمسافر لا يحمل إلا ما خف وغلى، فاقتصد وتقلل منها وترك ما لا يحتاج، وعمل على تزيين داره في الجنة وبناء القصور بالعمل الصالح، فلما أتاها فإذا هي عامرة، وسُكّانها من الولدان والحور، ينتظرونه بفارغ الصبر، وقد هيئّت له، وتزينت، فحمد الله على الفوز والنجاة.

 

إن الزمان يجري سريعًا، وهذا من علامات الساعة كما جاء في الأثر: «ويتقارب الزمان»، فيصبح اليوم كنصف يوم، وكربع يوم، وكاحتراق سعفة النخيل، لاشك أن أيامنا هذه آخر الزمان، فأيامنا تجري بشكل غير معهود.

 

إنه ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي ويقول: "يا ابن آدم أنا يومٌ جديد وعلى عملك شهيد؛ فاغتنمني بعملٍ صالح فإني لا أعود إلى يوم القيامة".

 

عباد الله: ونحن على أبواب نهاية عام هجري دعونا نتأمل ونقف وقفة محاسبة مع أنفسنا.

 

عبد الله هل تعلم أنك أمضيت في العام الماضي أكثر من ثلاثمائة وستين يومًا؟ ؛ أي أكثر من ثمانية آلاف ساعة، ثمانية آلاف خزانة املآها بما شئت حسنات أو سيئات خير أو شر ذكر أو غيبة أو نميمة. بعد انتهاء الساعة تُغلق ولا تُفتح إلا يوم القيامة.

 

عبد الله هل تعلم أنك أمضيت في العام الماضي أكثر من خمسمائة ألف دقيقة؟

 

أخي المسلم.. إن الدقيقة من الزمن يمكن أن تفعل فيها خيرًا كثيرًا، دقيقة واحدة يمكن أن تزيد في عمرك، في عطائك، في فهمك وفي حفظك وأيضًا في حسناتك... دقيقة واحدة تُكتب في صحيفة أعمالك إذا عرفت كيف تستثمرها وتحافظ عليها.. وفي ما يلي مشاريع استثمارية تستطيع أن تنجزها في دقيقة واحدة بإذن الله تعالى:

في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقرأ سورة الفاتحة «3» مرات سردًا وسرًا، والحرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها.

 

في الدقيقة الواحدة تستطيع قراءة سورة الإخلاص «10» مرات سردًا وسرًا وقراءتها مرة واحدة تعادل ثلث القران الكريم.. فإذا قرأتها «30» مرة فهي تعادل كل القرآن «10» مرات.

 

في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير «10» مرة، أجرها كعتق «3» رقاب في سبيل الله من ولد إسماعيل.

 

في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: سبحان الله وبحمده «50» مرة ومن قالها في يوم مائة مرة غُفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر.

 

في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم «50» مرة، فهما كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن.

 

في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر «18» مرة، وهذه الكلمات أحب الكلام إلى الله وخير ما طلعت عليه الشمس.

 

في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله أكثر من «40» مرة، وهي كنز من كنوز الجنة.

 

في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: لا إله إلا الله «50» مرة وهي أعظم كلمة، وهي كلمة التوحيد أيضًا.

 

في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تصلي على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- «50» مرة بصيغة -صلى الله عليه وسلم- فيصلي عليك الله مقابلها «500» مرة لأن الصلاة الواحدة بعشرة أمثالها.

 

في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تصل رحمك عبر الهاتف، تقدم نصيحة لإخوانك، تصافح عددًا من الأشخاص، تشفع شفاعة حسنة وان تقرأ أكثر من صفحتين في كتاب مفيد يسير الفهم.

 

عبد الله هل تعلم أن قلبك قد نبض في العام المنصرم نحو أربعين مليون نبضة بانتظام لا مثيل له ودقة متناهية، فمن ذا الذي صانه ومن ذا الذي حفظه حتى أدى تلك المهمة؟ إنه الله.

 

فهل تضمن أن تؤدى المهمة في العام القادم بنفس الكفاءة والأداء؟ أم أنه قد يتوقف وتتوقف الحياة؟ بعد الصحة سقم وبعد الحياة موت فهل أعددت للحظة التوقف تلك أخر لحظة في حياتك والتي قد تكون في أي لحظة؟

 

عبد الله هل تعلم أنك قد شهقت في العام المنتهي نحو أحد عشر مليون شهقة، وزفرت مثلها؛ في كل واحدة منها أخذت من الهواء أوكسجينه النافع الذي أودعه الله به، وأخرجت إليه كل ضار، ولم يتوقف التنفس لحظة واحدة، ولم تضطرب عملياته المنظمة الموقوتة، ولو حدث هذا لا قدر الله لتوقف المخ، والسمع، والبصر، والكلام، والعلم، ثم قد يتوقف القلب، وتنتهي الحياة؟ ألا يستحق الخالق منك ثناءً وشكرًا وحمدًا وتهليلًا.

 

عبد الله من ذا الذي منَّ عليك براحة التنفس بينما هناك الكثير يعاني من ضيق النفس؟ إنه الله المنعم المتفضل، فهل شكرت يا عبد الله تلك النعمة العظيمة؟

 

عبد الله كم أكلت طوال العام ولم يتوقف الجهاز الهضمي وما طلب منك راحة، وما أمتنع عن الأكل، من عافاه؟ من حفظه؟ إنه الله.. فهلا حمدت الله وسجدت له شكرًا على هذه النعم وهذه الأجهزة المسخرة لخدمتك.. بلا صيانة ولا توقف ولا كلل؟

 

عبد الله لقد حصلت في العام الماضي على آلاف الريالات -كلٌ حسب دخله -فبالله عليك كم ريالًا أنفقته في سبيل الهوى؟ وكم للشهوات والملذات؟ وكم إرضاء للزوجة والأولاد، وكم لمسايرة متطلبات العصر؟ ثم كم أنفقت لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-؟ ليعُد كلٌ منا إلى بيته وليمسك ورقة وقلم وليحسب ثم لينظر النتيجة.

 

عبد الله.. لن يبقى لك إلا ما أنفقته لله ورسوله؛ فهذا حبيبنا ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- يذبح شاة ويُتصدقُ بها ثم يسأل زوجته في تربية بديعة لها: «ما بقي منها؟ » قالت: ما بقي منها إلا كتفها، فقال: «بقي كلّها غير كتفها» [أخرجه الترمذي في صفة القيامة «2472» وقال: "هذا حديث صحيح"]. أي: الذي أنفقوه هو الباقي لهم عند الله تعالى، كما قال الله تعالى: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ﴾ [النحل: 96].

 

فلله در الرعيل الأول الذين فقهوا قوله -صلى الله عليه وسلم- حين قرأ قوله تعالى: ألهاكم التكاثر، ثم قال: « يقول ابن آدم: مالي... مالي، وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت» [رواه مسلم].

 

عبد الله: أظلنا شهرٌ عظيم مبارك هو شهر الله المحرم أول شهور السنة الهجرية، وأحد الأشهر الحرم التي قال الله فيها: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 36].

 

وعن ابن عباس ب في قوله تعالى: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حرامًا وعظّم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم والعمل الصالح والأجر أعظم. وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ »[رواه البخاري]. وكانوا يسمون شهر المحرم شهر الله الأصم لشدة تحريمه. [اللطائف: 83]. وقال أبو عثمان النهدي: «كانوا يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان والعشر الأول من ذي الحجة والعشر الأول من المحرم». [اللطائف: 84]. وقال قتادة: «إن الفجر الذي أقسم الله به في أول سورة الفجر هو فجر أول يوم من المحرم تنفجر منه السَنة». [فتح القدير: 5/ 429].

 

ومن فضائل شهر المحرم أنه يُستحب الإكثار من صيام النافلة في شهر محرّم، ففي الحديث يقول -صلى الله عليه وسلم-: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ» [رواه مسلم]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «شهر الله» من باب إضافة التعظيم، وأفضل أيامه اليوم العاشر، فقد صامه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمر بصيامه، ففي الصحيحين وغيرهما عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ب قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: «مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى [شكرًا لله تعالى]، قَالَ: فَنحن أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، ونحن نصومه تعظيمًا له، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ».


صيام عاشــوراء يكفر سنـــ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «صيام يوم عاشوراء، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» [رواه مسلم]. فيا له من فضل عظيم لا يفوِّته إلا محروم، فصيام يوم واحد لا يتجاوز خمس عشرة ساعة يكفر الله به خطايا عام كامل، وهذا من رحمة الله تعالى بنا ولطفه؛ ولكن صيام عاشوراء ماذا يكفّر؟ قال أهل العلم: إنه يكّفر الذنوب الصغائر فقط، أما الكبائر فلا تكفرها إلا التوبة النصوح وقبولها، كما أشار إلى ذلك العلماء المحققون كالنووي وابن تيمية رحمهما الله.

 

هل يجوز إفراد عاشوراء بالصيام حتى وإن كان يوم جمعة أو سبت؟

 

يقول أهل العلم: لا مانع من ذلك، وإن كان الأولى صيام يوم قبله أو يوم بعده، كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية مخالفــة اليهود والتمـــيز عن ابن عباس ب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر يعني عاشوراء» [ رواه مسلم] وفي صحيح مسلم أيضًا قال -صلى الله عليه وسلم-: «خالفوا اليهود، صوموا يومًا قبله أو يومًا بعده». الرسول -صلى الله عليه وسلم- يريد لنا الرفعة عن مشابهة الكفار، ويريد لنا العزة، ويريد لنا التميز، فلماذا نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟! نحن أُمّة مرفوعة، فلم نكون خاضعين؟! نحن أُمة متبوعة، فلم نكون تابعين؟! وديننا يأمرنا بالتميّز في سلوكنا ومظاهرنا وفي عباداتنا، وأن تكون لنا ـ نحن المسلمين ـ الشخصية المتميزة المبنية على الشعور بالعزة الإيمانية.

 

ذكر بعض الفقهاء أن صيام عاشوراء ثلاث مراتب: المرتبة الأولى صوم التاسع والعاشر والحادي عشر، المرتبة الثانية صوم التاسع والعاشر، أما المرتبة الثالثة صوم العاشر وحده. [زاد المعاد: 2/ 76].، وكلما كثُر الصيام في محرم كان أفضل وأطيب.

 

أخي المسلم تزود من الخيرات واغتنم هذه الأيام لتقدم لنفسك زادًا تجده غدًا أمامك، فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيرًا يره.

 

تزوّد من الدنيا فإنك لا تدري إذا= جنَّ عليك الليل هل تعيش إلى الفجر

 

يوم عاشوراء يوم النصر للحق وأهله في غمرة الشعور باليأس والإحباط الذي أصاب المسلمين اليوم من جراء تتابع النكبات والشدائد، يأتي يوم عاشوراء ليُذكِّر الأمة أنه لا تقف أمام قوة الله أي قوة، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وأنه إذا أراد شيئًا فإنما يقول له: كن فيكون.

 

عباد الله: بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

عبد الله:

شهر الله المحرم شهر نصرٍ وعزٍ لنبي الله موسى -صلى الله عليه وسلم- وقومه على فرعون الطاغية المتجبر على رغم كثرة عددهم وعدتهم وخيلائهم، فإن الله تعالى يُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وبإحياء ذكرى ذلك النصر المجيد، على ذلك الطاغية الكبير، نعلن أن الدعوات لا تهزم بالأذى والحرب والاضطهاد، وعاقبة الظلم وخيمة، والله ناصر دينه، وكتابه، وأوليائه، والعاقبة للمتقين والنصر حليفهم متى ما تمسكوا بدينهم، واستنزلوا النصر من ربهم، قال تعالى ﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 10] وقال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51].

 

يوم عاشوراء اليوم الذي قال فيه موسى لقومه لما قالوا له وهم يرون فرعون وجنوده خلفهم: ﴿ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ [الشعراء: 61]، قال موسى بلغة المؤمن الواثق من وعد الله: ﴿ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62]، إنه فضل وأهمية التوحيد والاستسلام في الملمات وتفويض الأمر إلى الله وحده، فمهما حمل لنا العدو من دبابات وقاصفات ومدمرات فإن الله معنا يسمع ويرى ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء قال تعالى: ﴿ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ﴾ [مريم: 84].


يوم عاشوراء اليوم الذي قال فيه فرعون المتجبر المتكبر المتألّه، لما أيقن بالهلاك: ﴿ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 90]، فردّ الله عليه هذا الإيمان الاضطراري وهذه الدعوى الكاذبة فقال عز من قائل: ﴿ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 91] ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾ [يونس: 92].

 

يوم عاشوراء حُق لكل مؤمن أن يعرف قدره ومقداره، وأن يتيقن فيه من سنة الله الكونية في نُصرة أوليائه الذين ينافحون عن دينه ودحر أعدائه الذين يعارضون شرعه في كل زمان ومكان.

 

يوم عاشوراء فيه رسالة أن الباطل مهما انتفخ وانتفش وتجبر وتغطرس وظن أنه لا يمكن لأحد أن ينازعه أو يرد كيده وباطله أو يهزم جنده وجحافله فإن مصيره إلى الهلاك وعاقبته هي الذلة والهوان، فهذا فرعون الطاغية بلغ به التكبر والغرور أن يدّعي الألوهية، وأن يعلن للناس بكل جرأة وصفاقة: ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [القصص: 38]، وأن يقول بملء فيه من غير حياءٍ ولا خجل: ﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24]، ولكنه حين حل به العذاب لم يُغن عنه ملكه وسلطانه، ولا جنده وأعوانه، ولا تبجحه وادعاؤه، ﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ﴾ [النازعات: 25].

 

العاشر من محرم يُذَكِّرُنَا بِهِجرَةِ المُصطَفَى -صلى الله عليه وسلم- مِن مَكَّةَ إِلى المَدِينَةِ وَبَدءِ ظُهُورِ الدَّعوَةِ الإِسلامِيَّةِ وَانتِصَارِ الإِسلامِ وَانتِشَارِه. وعلينا كمسلمين أن نشكر الله على ما يسره لنا من هذا الحساب البسيط الميسر في معرفة التاريخ اليومي الذي يبدأ من الهجرة (هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة) وأن علينا جميعًا أن نكون أمةً متميزة بتاريخها وأخلاقها ورأيها ومعاملاتها عن سائر الأمم الكافرة. استشهاد سيد شباب أهل الجنة.

 

من المفارقات العجيبة ما حصل في هذا اليوم المبارك أيضًا من قُتل سيّد شباب أهل الجنة الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وعن أبيه وأمه وآل بيته، حيث قُتل في فتنة عظيمة بين فئتين من المسلمين، وهي فتنة طهّر الله منها أيدينا فلا نخوض فيها بألسنتنا، إن كل مسلم ينبغي أن يحزنه مقتل الحسين أو حتى غير الحسين من عامة المسلمين فكيف إذا كان من أهل الفضل والمكانة، وكيف إذا كان من قرابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنه -رضي الله عنه- من سادات المسلمين وعلماء الصحابة وابن بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان عابدًا شجاعًا سخيًا.

 

ما ينبغـي التنبـــيه إليــــهما ينبغي التنبيه إليه هو أن ما يفعله بعض المسلمين في هذا اليوم من البكاء والنواح على قتل الحسين -رضي الله عنه-، وما يقومون به من تعذيب أنفسهم وإسالة الدماء من وجوههم وصدورهم وظهورهم والتقرب إلى الله بضرب أبدانهم بالسلاسل والسكاكين ولطم خدودهم ونتف شعورهم ليس من الإسلام في شيء، وهو من البدع المحدثة والمنكرات الظاهرة ومن كبائر الذنوب التي تبرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مرتكبيها فقال: -صلى الله عليه وسلم- «ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية» [متفق عليه]، فكل عمل يدل على الجزع والتسخط وعدم الرضا بقدر الله فإنه محرم.

 

تشويه صورة الإسلام وتنفير غير المسلمين يضاف إلى هذه الأعمال البدعية المؤذية للأبدان من حماقة وسفاهة وتشويه لصورة الإسلام وتنفير لغير المسلمين من الدخول فيه، وقد رأينا بعض وسائل الإعلام العالمية المعادية تحرص على نشر هذه الأعمال البدعية بالصوت والصورة، زاعمة بأن هذا هو الإسلام فمن كان مشتاق إلى الضرب فليدخل في هذا الدين على حد زعمهم.

 

أسأل الله أن يغفر ذنوبنا وأن يستر عيوبنا وأن يقوي إيماننا، هذا وصلوا وسلموا على البشير النذير والسراج المنير، محمد المصطفى الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الكذب والإشاعة (خطبة)
  • النفاق والمنافقين (1) (خطبة)
  • مع الخوف والخائفين (2) (خطبة)
  • مع الخوف والخائفين (3) (خطبة)
  • مع الخوف والخائفين (4)
  • الذئب في الكتاب والسنة (خطبة)
  • خطبة عن النظافة
  • غزوة بدر دروس وعبر
  • كلمة «ليت»
  • عبد الرحمن السميط رجل بأمة (خطبة)
  • تعريف الحقوق

مختارات من الشبكة

  • نهاية العام الهجري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البدع في نهاية العام الهجري(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • وقفات مع نهاية العام وتقارب الزمان، والتذكير بفضل شهر الله المحرم (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • خطبة: وقفات مع العام الهجري الجديد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع العام الهجري الجديد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في وداع العام الهجري (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة العام الهجري وقصة الهجرة(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • في مستهل العام الهجري (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة جمعة بعنوان: (العام الهجري)(مقالة - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • خطبة نهاية العام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب