• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

الخوف من الله (خطبة)

الخوف من الله (خطبة)
الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/11/2024 ميلادي - 18/5/1446 هجري

الزيارات: 8161

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخوف من الله


الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهده الله فلا مُضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71]، أما بعد:

فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

معاشر المؤمنين، إن الخلق أمرهم الله جميعًا من أوَّلهم إلى آخرهم، ومن أقصاهم إلى أدناهم، غنيهم وفقيرهم، عربيهم وعجميهم، مسلمهم وكافرهم، أن يخافوه وأن يعظِّموه حقَّ تعظيمه، فقال جل وعلا: ﴿ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [البقرة: 40]، وقال سبحانه: ﴿ فَلاَ تَخَافُوَهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175].

 

فسبب من أسباب صلاح القلوب والنجاة في الدنيا والآخرة أن يكون العبد خائفًا من ربه جل وعلا، وخائفًا من عذابه وأليم عقابه؛ إذ يقول سبحانه: ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾ [آل عمران: 30]، ونبينا صلى الله عليه وسلم يروي عن ربه تعالى في الحديث القدسي أنه يقول بعد أن أقسم رب العزة والجلال بعظمته وعزته وكبريائه، فيقول سبحانه: (وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أمنين، فمن خافني في الدنيا أمَّنته يوم القيامة، ومن أمَّنني في الدنيا أخفته يوم القيامة)، وأنت بين أمرين عبد الله: إما أن تكون حافظًا لحدود الله، خائفًا من لقائه جل وعلا، والمدة يسيرة في ستين أو سبعين عامًا، وربما كان أقل من ذلك، ثم تفوز بأمن في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم تأمَن حياة طويلة، أو أنك تفرِّط وتقصِّر فتُعطي لنفسك العنان، عنان الأمان، فلا تَعرِف لربك حقًّا والمدة يسيرة أيضًا، ثم أنت في نضالٍ وشقاءٍ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؛ يقول المولى سبحانه وتعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82].

 

فهؤلاء جاءَهم الأمنُ وهداهم الله في الدنيا والآخرة، يوم أن وحَّدوه - سبحانه وتعالى - وعظَّموه، وخافوا من عذابه ولقائه، فكانوا آمنين في الدنيا والآخرة، ومهتدين في الدنيا والآخرة، وكيف لا تخاف الله يا عبد الله، ونحن خلق صغير بالنسبة لخلق الملائكة ولبقية المخلوقات؛ يقول جل وعلا: ﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [غافر: 57].

 

فالأرض وما فيها والسماوات تخاف من ربها جل وعلا؛ يقول سبحانه في كتابه الكريم: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11].

 

ولَما عرَض عز وجل الأمانة الدينية على السماوات والأرض والجبال، كان الإشفاق من السماوات والأرض والجبال ليس عصيانًا لله، لكن خوفًا من التفريط؛ فقال سبحانه: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].

 

فما أنت بالنسبة للسماوات والأرض الجبال، وما أنت بالنسبة للملائكة العظام الذين خلقهم الله من نور، وهم أقربُ منَّا إلى الرحمن، ومع ذلك يخافون جنابه، يخافونه ويَرهبون منه؛ يقول سبحانه: ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [النحل: 50].

 

ويقول تبارك وتعالى: ﴿ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ ﴾ [فصلت: 38]؛ أي: لا يَفتُرون من طاعة الله جل وعلا، هؤلاء الملائكة أعظمنا أجسامًا، إنهم مخلوقات عظيمة، يُرى نبينا جبريل عليه السلام وله ستمائة جناح، قد سد ما بين المشرق والمغرب، ويقول: (أُذن لي أن أحدِّث عن ملك من حملة العرش، ما بين شحمة أذنه ومنكبيه مسيرة سبعمائة عام)، بخفقان الطير السريع؛ يقول: (سبحانك ما أعظَمك)، هذا ملك واحد من حملة العرش، ويقول صلى الله عليه وسلم: (أطَّت السماء - أي سُمع لها صوتٌ وتحركٌ - وحُقَّ لها أن تَئِطَّ؛ ما فيها والذي نفس محمد بيده موضعُ شبرٍ إلا وملك ساجد أو راكع إلى يوم القيامة)، هؤلاء هم الملائكة يخافون ربَّهم، ويمر صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج برِفقة جبريل الأمين على ملك من ملائكة الرحمن وهو كالحلس البالي من خشية الله، من أي شيء يبكي يا عباد الله، إنما يبكي فَرَقًا من الله جل وعلا ما مع هؤلاء الملائكة من الأوسمة الرفيعة والمقامات العظيمة، لكنه من كان بالله أعلم كان له أخوفَ، فلما كان هؤلاء الملائكة عالمين بربهم، ازداد خوف الله – عز وجل – فيهم، وهؤلاء صفوة الخلق، وهم الأنبياء والرسل يخافون من الله - عز وجل - ولا سيما أولو العزم منهم، ففي يوم القيامة آدم صلى الله عليه وسلم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى صلى الله عليهم وسلم، دعواهم ودعوى غيرهم من الملائكة: اللهم سلِّم، سلِّم.

 

في ذلك اليوم العظيم يخافون من ربهم سبحانه وتعالى، وهم من أعبد الناس لله، وأطوع الناس لله، ونبينا صلى الله عليه وسلم العبد المغفور له ما تقدَّم وما تأخر، الذي حفِظه الله، وجعله بشيرًا نذيرًا، وهاديًا إليه - سبحانه وتعالى - ومع ذلك يأمره الله أن يقول للناس: ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [الأنعام: 15].

 

فكان يقوم من الليل فيصلي حتى تتفطَّر قدماه، تقول له عائشة بنت الصديق: يا رسول الله، أما قد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر، فيقول: (أفلا أكون عبدًا شكورًا)، وقال مرة لأصحابه: (لو تعلمون ما أعلم، لضحِكتم قليلًا ولبكيتُم كثيرًا، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله)، فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم ولهم خنين من شدة البكاء، هذا مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول مرة لأصحابه: (كيف أنعم وصاحب القرن قد التقَم القرن)؛ يعني بذلك إسرافيل، (وحتى ينتظر الإذن ممن الله)، هذا مستوى رسول الله وهو العبد المغفور له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر، يستيقظ مرة وهو بائت في بيت أم سلمة تقول: استيقَظ رسول الله ليلة وهو نائم عندي فزعًا يقول: (سبحان الله، ماذا أنزل الله الليلة من الخزائن، وماذا أنزل من الفتن، أيقظوا صُويحبات الحجر، رُبَّ كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة).

 

وهذا عبد الله بن مسعود القرشي رضي الله عنه يقول له صلى الله عليه وسلم مرة: (يا بن مسعود، اقرأ عليَّ القرآن)، قال: أَقرأ عليك وعليك أُنزل؟ قال: (إني أُحب أن أسمعه من غيري)، فافتتحت سورة النساء حتى وصلت قوله تعالى: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]، قال: (حسبُك الآن يا بن مسعود)، قال: فالتفتُّ إلى رسول الله وإذا عيناه تذرفان من الدمع، خوفًا من هول الموقف، ومن هول المطلع في ذلك اليوم العظيم.

 

فيا عباد الله، إن أمامنا مراحل يجب علينا أن نستغلَّها بالزاد، وأن نستعد لها بما يخرجنا من مضاجعها، فلا ينبغي أن نعطي أنفسنا الأمان، فمن أعطى نفسه الأمان في الدنيا ندم حين ولات مندم:

إن تَنجُ منها تنجُ من ذي عظيمة
وإلا فإني لا أخالك ناجيًا

فأمامك مصارع الحياة، أمامك الفتن التي يجب أن تتخذ موقفًا صارمًا، وأمامك سكرات الموت، وإنها لشديدة، وأمامك القبر وما فيه، وأمامك عرصات القيامة، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1، 2].

 

فهذه مراحل شديدة يجب على المؤمن أن يكون كيِّسًا فظنًا، وأن يتخذ لها الزاد، من هنا يقول تبارك وتعالى: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].

 

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيد الأولين والآخرين، ورضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين، وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فعباد الله، اتقوا الله، واعلموا يا عباد الله أن من ثمار الخوف من الله أن يُقبل العبد على طاعة ربه جل وعلا، إذا أنت خُفت من ربك سبحانه، فإنك تُقبل على العبادة بنَهَمٍ، وحينها فإنك تفارق المعصية ومواطنها، هذا سببٌ عظيم من أسباب النجاة، وهو أن تكون خائفًا من ربك سبحانه؛ لذا يقول تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى فَإِنَّالجَنَّةَهِيَالمَأْوَى ﴾ [النازعات: 41].

 

فحكم الله - عز وجل - أن مصيره إلى جنة عرضها السماوات والأرض، وله إكرامٌ من الله جنتان عظيمتان، بل أربع جنان تكرمًا من الرحمن؛ يقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * ذَوَاتَا أَفْنَانٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُدْهَامَّتَانِ ﴾ [الرحمن: 46 - 64].

 

ومعنى مدهامتان؛ أي: شديدة الخضرة لما فيها من النضارة، فكان بمثابة السوداوين، وذلك إكرام من الله لمن خاف قلبه من لقاء الله تبارك وتعالى، وهكذا من خاف ربه سبحانه، فلا يمكن أن يتلطَّخ بدمٍ مسلم ولا مسلمة، ولا أن يقترف دمًا حرامًا ما دام أنه يخاف من ربه، وتأمل إلى ولدي آدم عليه السلام يقول تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ العالَمِينَ ﴾ [المائدة: 28].

 

فهو من أسباب النجاة من القتل والتلطخ بالدم الحرام الذي يقول سبحانه وتعالى في حقه: ﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93].

 

ويقول صلى الله عليه وسلم: (لا يزال المسلم في فُسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (لزوالُ الدنيا بأسْرها أيسرُ عند الله من إراقة دم مسلم بغير حقٍّ)، فحرمة المؤمنين عظيمة ودماؤهم محرَّمة معصومة: (لا يحل دم مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة)، وإلا فدمُه معصومٌ ليس بهدر أبدًا، كذلك من أسباب العصمة من الزنا والوقوع في الفواحش والرذائل والقاذورات، يوم أن تكون خائفًا من ربك، يقول صلى الله عليه وسلم: (سبعة يُظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)، ومن هؤلاء السبعة: (رجل دعتْه امرأة ذات منصب وجمالٍ، فقال: إني أخاف الله رب العالمين)، فهذا الرجل عندما دُعي إلى المرأة هي التي دعتْه مع المغريات الحاصلة - أمان وجمال ومنصب - إنها مغريات، ومع ذلك يقول: إني أخاف الله رب العالمين، كيف إذا طُبِّق هذا على من أطلقوا العنان لنفوسهم، فأدخلوا القنوات الفضائية إلى بيوتهم، وتتبَّعوها هنا وهناك، أو أنهم عكفوا على الإنترنت وما أشبه من الصور الفاضحة، كيف لو علِموا مثل هذا، وموقف الخائف من ربه تبارك وتعالى، إنه يريد أن ينجوَ من هذه الدنيا؛ مِن فِتنتها وأوحالها؛ ليفوز بجنة عرضها السماوات والأرض، وهؤلاء قوم يعبدون الله، ومع ذلك يخافون أن تُرفض أعمالهم لما كان في قلوبهم من خوف الله؛ يقول تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 60].

 

تقول عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، أهم الذين يزنون ويسرقون ويشربون الخمر، فيقول لها: (لا يا ابنة الصديق، وإنما هم الذين يُصلون ويصومون ويزكون، ويعملون الأعمال الصالحة، ثم يخافون ألا تُقبل منهم).

 

وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: الخوف المحمود ما حجَزك عن محارم الله، وقال بعض العلماء: خوف الله سببٌ للفوز بالدارين، وقال ابن كثير رحمه الله: لا تتم عبادة رجل إلا بالخوف والرجاء، يوم أن تكون دائمًا بين الخوف والرجاء، ترجو رحمة الله وتخاف عذاب الله، هذه تربية نفسية وتزكية لنفوسنا وقلوبنا، إن أردنا النجاة والفوز في الدارين، فلابد أن نربي أنفسنا على طاعة الله وعلى الخوف منه، ومراقبته في السر والعلن.

مَن يتَّق الله يُحمَد في عواقبه
ويَكفيه شرَّ مَن عزُّوا ومَن هانوا
من استجارَ بغير الله في فزَعٍ
فإن ناصرَه عجزٌ وخِذلانُ
فالزَم يديك بحبْل الله معتصمًا
فإنه الرُّكنُ إن خانتْك أركانُ

 

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك، اللهم مصرِّف القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك، وآخرُ دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخوف من الله
  • خطبة عن الخوف من الله تعالى
  • الخوف من الله (خطبة)
  • من أقوال السلف في الخوف من الله تعالى
  • الخوف من الله

مختارات من الشبكة

  • توحيد الله تعالى في الخوف والرجاء: مسائل عقدية وأحكام في عبادة الخوف والرجاء (كتاب تفاعلي)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لماذا الخوف من الله؟ الخوف من التقصير(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الخوف كل الخوف على من لا تعرف التوبة إليه سبيلا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخوف من علاج الخوف(استشارة - الاستشارات)
  • عبودية الخوف والرجاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نحن وثنائية الخوف والحزن(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الخوف من الناس والخوف من الله(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الخوف من الله وأثره في استقامة الفرد والمجتمع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القدوم إلى الله (9)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخشية من الله وآثارها(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب