• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع
علامة باركود

احترام الكبير

الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/12/2007 ميلادي - 17/12/1428 هجري

الزيارات: 264256

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

احترام الكبير

 

ملخص الخطبة:

1- غفلة المسلمين عن أخلاق دينهم.

2- حثُّ الإسلام على احترام الكبار.

3- تحذير الشابّ من الاغترار بقوته وفتوَّته.

4- صور من ازدراء الصغار للكبار.

5- تأكد احترام ذي الشيبة من ذوي الأرحام.

6- تربية الأبناء على احترام الكبير.

7- خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم.


الخطبة الأولى

أمّا بعد: فيأيُّها الناس، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى.

 

عبادَ الله، في شريعتِنا الحنيفيّة السَّمحة أخلاقٌ عالية، وأدَبٌ عظيم، وفضائلُ عِدّة، لكنّ المصيبةَ غفلةُ كثيرٍ من المسلمين عن هذه الأخلاقِ والِقيَم، وتناسيهم لها، وعدم عَمَلهم بها، فينشأ النشءُ من غير أن يقيمَ لتلك الأخلاق وزنًا، وكان المطلوبُ منا جميعًا أن نربِّيَ نشْأنَا التربيةَ الإسلاميّة الصحيحة على الأخلاقِ الإسلامية والقِيَم الإسلامية، التي يسعدُ بها الفَرد في حياته وآخرته. 

شريعةُ الإسلام جاءت بِما يُقوِّي الرَّوابطَ بين أفراد المجتمَعِ صغيرِه وكبيره، غنيِّه وفقيره، عالِمِه وجاهِله. جاءت بما يقوِّي تلك الأواصرَ؛ حتَّى يكون المجتمع المسلِم مجتمعًا مثاليًّا في فضائلِه وقِيَمه، وفي شريعة الله كلُّ خير وهدًى، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57].

 

أيّها المسلم، من تِلكُم الآدابِ العظيمة ما جاءت به الشريعةُ مِن حثِّ الصغار على احترامِ الكِبار، وأمْرِ الصّغار بإجلالِ الكِبارِ وتعظيمِهِم، والرِّفقِ بهم وعَدمِ التّطاوُل عليهم أقوالاً وأفعالاً. هذه شريعةُ الإسلام تدعو المسلمَ إلى أن يُكرِمَ أخاه المسلمَ الذي تقدَّمَه سِنًّا، وسبقه في هذه الحياةِ، تدعوه إلى أن يحترمَه ويكرِمَه، ويراعيَ له كِبَرَه وسابِقَتَه في الإسلام، فيجِلّ الكبيرَ ويحترمه، ويعرِف له قدرَه ومكانته، والكبيرُ مأمورٌ برحمةِ الصِّغار، والعطفِ عليهم، والرِّفق بهم، والإحسانِ إليهم. هذه المنافعُ المتبادَلَة بين أفرادِ المجتمَعِ المسلِم تثبِّتُ أواصِرَ الحبِّ والوِئام بين الجماعةِ المسلمة. 

أيّها المسلم، إنَّ نبيَّنا محمَّدًا صلى الله عليه وسلم حثَّنا على هذا الخلقِ الكريم، ورَغَّبنا فيه، فأوَّلاً: يبيِّن لنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم أنَّ مَن أحسن إلى الكبيرِ في الدنيا هيَّأ الله لذلك المحسِنِ عند كِبَر سنِّه، ورقَّةِ عَظمه مَن يجازيه بهذا العمَلِ الصّالح، فيقول صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِن مسلمٍ يكرِم ذا الشَّيبةِ؛ إلاَّ قيَّض الله له من يكرِمه في سِنِّه))[1]، فإذا أكرمتَ ذا الكِبَر لسنِّه قيَّض الله لك في حياتِكَ من يجازيك بمثلِ ما عمِلتَ، فيكرمُك ويحسِن إليك.

 

ونَبيُّنا صلى الله عليه وسلم يخبرنا أنّ إكرامَنا لمن هو أقدمُنا سِنًّا أنّ ذلك من تعظيمنا لربِّنا وإجلالِنا لِربِّنا، يقول صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ مِن إجلالِ الله إكرامَ ذي الشَّيبةِ من المسلمين، وحامِلِ القرآن غيرِ الغالي فيه والجافي عنه، وذي السلطانِ المقسِط)) [2]، فمن إجلال الله أن تكرمَ هؤلاء الثلاثة: ذو الشيبةِ من أهل الإسلام، تكرِمه، ترحَم كِبَره، تخاطبه بخطابٍ ليِّن، تقضي حاجتَه، تعينه على نوائِبِ الدنيا، تعرِف له كِبَره وضعفَ قوّته وعجزه عن التصرُّف، فكلُّ هذه الأمور تكون في فِكرِك، فتعامِل ذا الشّيبةِ المعاملةَ الطيّبة، التي تنمّ عن رحمةٍ وأدَب حسَن. ثانيًا: من كان حامِلاً لكتابِ الله الحمل الشرعيَّ، ليس غاليًا فيه، فإنّ الغاليَ في القرآنِ يخرج به غلوُّه عن المنهَج والطريق السويِّ؛ كما خرج بفرقةِ الخوارج، الذين ساءَ فَهمُهم للقرآن، وقَلَّ وعيُهم وإدراكهم؛ حتى استحلُّوا دِماءَ المسلمين، كفَّروهم واستحلّوا دماءَهم وأموالهم، والغالي في القرآن تراه متكبِّرًا على غيره، مكفِّرًا لغيره، معتقِدًا ضلالَ غيره بلا فِكرٍ ولا رَأيٍ مُصيب، أو الجافي عنه الذي حمَله فعطَّل العملَ به، ولم يَقُم بحقوقِه، عافانا الله وإيّاكم من ذلك. وذُو السلطان المقسِط العادِل، تكرمه لإمامتِه وقيامِه بشأن رعيَّته. 

أيّها الشابّ المسلم، في شبابِك حيويّة وقوّةٌ شبابيّة، ترى نفسَك وأنت ممتَّع بسمعك وبصرِك وسائرِ قوَّتك، يمرُّ بك ذو الشّيبة من المسلمين فما ترعى له حقًّه، لا تسلِّم عليه أحيانًا، ولا تقدر له قدرَه، وربما ضايقتَه في الطريق، وربما سخِرتَ منه، وربما استهزأتَ به، وربما عِبتَه، وربما قلْتَ وقلت.

 

أيّها الشابّ المسلم، ولئن كنتَ ممتَّعًا الآن بقوَّتك، فتذكَّر بعد سنين وقد ضعُفت تلك القوّة، وعُدتَ إلى ضعفِك القديم، ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الروم: 54]، لئن كان هذا المارُّ بك شيبةً قد أمضى سنينَ عديدة، فاعلم أنّك بمضيِّ السنين ستكون حالُك مثلَ حالِه؛ إذًا فأكرِم ذا الشيبةِ، واعرف له قيمتَه ومكانته، إيّاك أن تستطيلَ عليه بلسانك احتقارًا له وسخريةً به، إيّاك أن تترفَّع عليه لكونِك ذا علمٍ وفِقه وثقافة، فترى ذا الشيبةِ أقلَّ شأنًا من ذلك؛ بل تزدريه وتحتقِره لعلمك وحيويَّتك، ولكِبَره وقد يكون لجهله، إيَّاك أن يغُرَّك جاهُك، أو يخدعَك منصِبك، أو يغرّك كثرةُ مالك، فارفق بمن هو أكبرُ منك سنًّا؛ ليدلَّ على الأدبِ الرفيع في نفسك.

 

الأدبُ إخوتي الشباب الأدبَ الإسلاميّ خُلُق يتخلَّق به المسلم، يقودُه لكلِّ فضيلة، وينأى به عن كلِّ رذيلة. 

أيّها الشاب المسلم، إنَّ نبيَّنا صلى الله عليه وسلم يُروَى عنه أنّه أخبر أنّ إهانةَ الشيخ الكبيرِ، والعالِمِ، وذِي السلطان، أنَّ إهانتَهم وعدَمَ احترامهم دليلٌ على ما في القلبِ من نفاق [3]، فارفق بذي السِّنّ أيّها الشابّ المسلم، وأكرم ذا السّنّ، أكرمه واحترِمه وأعطِه قدرَه، ألا ترى اللهَ - جلّ وعلا - يرغِّبك في أبويْك عند كِبَر سنِّهما؛ فيقول لك: ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23 - 24]؟! كم من شيخٍ كبيرٍ إن تحدَّث في مجلِسٍ نظر إليه الشّباب نظرةَ الازدِراء والاحتقارِ، يرَونَ كلامَه غيرَ صحيح، ويرَونَ رأيَه غيرَ صائب، ويعدّونه عِبئًا وثقلاً عليهم، وما علِموا أنَّ هذا الذي أمضى عمرًا في طاعةِ الله، وفي القيامِ بما أوجب الله أنّه أفضلُ وأعلى منهم منزلةً!

 

أيّها الشابّ المسلم، نبيّنا صلى الله عليه وسلم يقول لنا: ((ليس منَّا من لم يوقِّر كبيرَنا، ويرحَم صغيرَنا)) [4]، ونبيّنا صلى الله عليه وسلم إذا تحدّث عنده اثنان في أمرٍ ما يبدَأ بأكبَرهما بالحديث، ويقول: ((كبِّر كبِّر)) [5]، يبدأ الأكبرُ قبلَ أن يبدأَ الأصغر. هكذا خلُق الإسلام، وهكذا رُبِّي المسلمون على هذه التربيةِ العظيمة؛ أن يحترِمَ صغارهم كبارَهم، وأن يرحَمَ كبارهم صغارَهم، وأن تتبادلَ المنافع بين الجميع؛ ليكون المجتمع المسلم مجتمعًا مترابِطًا، متعاونًا على الخير والتقوى. 

أيّها المسلم، لا سيّما رحمك، فالرّحِم لهم حقُّ الصِّلة، فكبارهم يجب أن تحترِمَه لرَحمِه أوّلاً، ثم لكِبَر سِنّه ثانيًا، تقدِّره وتقدِّمُه، وتربِّي الصغارَ على احترامِ الكبار، لا تدَعِ الصغيرَ يتخطَّى حدَّه، ولا تدع الصغيرَ يبسط لسانَه بالبذاءةِ أو السخرية، ولا تدع الصغيرَ يتقدَّم على الكبير؛ بل ألزِمهم الأدبَ الحسَن؛ ليعرفَ بعضهم قدرَ بعض، وهكذا الأبناءُ أيضًا، أبناؤُك تربِّيهم على هذَا؛ ليكونَ صغيرهُم محترِمًا لكبيرهم، وليكون كبيرهم رفيقًا بصغيرهم، فإذا علِم الأبناء منك أنَّك تقدِّم الأكبرَ فالأكبر، وتربّيهم على هذا الخُلُق نشؤوا وقد ألِفوا تلكمُ الأخلاقَ العالية، لكن مصيبتنا للأسفِ الشّديد أنَّ كثيرًا من مجالِسِنا نرى صِغارًا في صدورِ المجالس، وكِبارًا في أقصاها، ونرى شبابًا تستطيلُ ألسنتهم على الكبار، ونرى شبابًا لا يعرِف للكبير أيَّ قدرٍ ولا أيَّ مكانة، لا يرى له قدرًا، قد يلمِزه بجهله، وقد يلمزه بضَعف رأيه، وقد يلمزه بقِلّة علمه، وقد يلمِزه بعدَم نظافةِ ملبَسه، وقد وقد... كلُّ هذه التُّرَّهات لا يجب أن تحمِلك على إهانةِ الكبير، بل قدِّر الكبير وعظِّمه، وأظهر لأولادك عندما يزورون معك رحِمًا أنّك تقدِّم الأكبرَ فالأكبر. وكم سلك هذا المسلكَ بعضُ من أريدَ لهم خيرٌ مِن أُسَرٍ كريمة، فلا تكاد تعرِف أعمارهم إلاَّ إذا رأيتَ الكبير متقدِّمًا على من دونه، ولو كان الكبير أقلَّ مرتبةً ممن هو دونه، لكن يعرِفون للكِبَر حقَّه، ويجلّون الكبيرَ، ويتربَّى النشءُ على هذه الفضائلِ العظيمة. 

فكونوا - إخوتي - على هذا الأدبِ العظيم، ربُّوا أولادَكم على احترام الكبار، سواء من ذوي الرحم أو من غَيرهم، وعلِّموهم الأدَبَ الحسن، والقولَ الطيِّب في التعامل مع الآخرين، فتلك أخلاقُ الإسلام التي إنِ اعتنينا بها حقًّا نِلنا السعادةَ في الدنيا والآخرة.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب:21].

 

بارَكَ الله لي ولَكم في القرآنِ العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيهِ منَ الآياتِ والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفِر الله العظيمَ الجليل لي ولَكم ولسائِرِ المسلمينَ من كلِّ ذنب، فاستغفروه وتوبُوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مُباركًا فيهِ كَمَا يحِبّ ربّنا ويَرضَى، وأَشهَد أن لاَ إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهَد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

 

أمّا بعد: فيأيّها النّاس، اتَّقوا الله تعالى حقَّ التَّقوى.

 

عباد الله، محمّدٌ صلى الله عليه وسلم سيِّد الأوّلين والآخرين كان في تعامُله مع أهله وغيرِهم على أكمَلِ خُلُقٍ، وأعلى أدَب، وأشرف معاملة، فصلوات الله وسلامه عليه، وصدق الله: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]. 

تذكُر عائشة أمُّ المؤمنين رضي الله عنها شيئًا من هذا فتقول: "ما رأيتُ أحدًا أشبَهَ برسول الله صلى الله عليه وسلم سَمتًا ولا هَديًا مِن ابنتِه فاطمة رضي الله عنها"، قالت: "وكانت إذا دَخَلت على النبيِّ صلى الله عليه وسلم قام لها وقبَّلها، وأخذ بيدِها وأجلسَها مجلِسَه، وكان إذا دَخَل عليها تقوم لأبيها النبيّ صلى الله عليه وسلم وتُقبِّله وتُقعِده في مجلسها - رضي الله عنها وأرضاها -"  [6].

 

ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم يعلِّمنا أيضًا في أهمِّ شيء، وهي الصلاة؛ فيقول: ((ليَلِنِي منكم أولو الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم))  [7]؛ أي: ليكن من يلِي الإمامَ ذا الأحلام والنهى، ذا العلم والكِبَر في السن.

 

أحَدُ الصحابة كان يصلِّي، فرأى مع أحدِ الصحابة ابنًا له فأخَّره عن الصفِّ الأول، وكأنّه رأى الأبَ قد تغيَّر، فقال: "يا أخي، هذه سنّة محمّد صلى الله عليه وسلم" [8]. 

إنَّ هذا الاحترامَ الصادِر من المسلمين بعضهم لبعض دليلٌ على الخيرِ في نفوسهم، ودليلٌ على التربيةِ والتنشئَة الصالحة التي ترَبَّى عليها الأجيال التربيةَ النافعة، وما أحوَجَنا لهذه التربية النافِعَة، التي تسود مجالسَنا وأماكنَ تجمُّعاتنا، أن يكونَ الصغار يعرفون قدرَ الكبار، ويجلّون الكبار، يقدِّمونهم مجلِسًا، ويقدِّمونهم جلوسًا، ويبدَؤون بِهم، ويستشيرونهم، ويُصغون إليهم، ويرونهم التقديرَ والإجلال، هكذا أدَبُ الإسلام الرَّفيع، الذي إن تمسَّكنا به نِلنَا السعادةَ في الدنيا والآخرة.

 

واعلَموا رحمكم الله أنَّ أحسَنَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هَدي محمّد صلى الله عليه وسلم وشرَّ الأمور محدَثاتها، وكلّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ الله على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النّار. 

وصلّوا رحمكم الله على نبيكم محمّد صلى الله عليه وسلم كما أمَرَكم بذلك ربّكم، قال تعالى: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمّد، وارضَ اللهمّ عن خلفائه الراشدين.

 

الجزء الأول


الجزء الثاني



[1] رواه الترمذي في البر (2022)، والعقيلي في "الضعفاء" (4/375)، والطبراني في "الأوسط" (5903)، وابن عدي في "الكامل" (3/27، 7/279)، و"البيهقي" في "الشُّعب" (7/461) من حديث أنس - رضي الله عنه - بمعناه، وقال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث هذا الشيخ يزيد بن بيان"، وضعَّفه أيضًا الذهبي في "السير" (15/31)، وهو في "السلسلة الضعيفة" (304).

[2] أخرجه أبو داود في الأدب (4843)، ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" (8/163) عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - وحسنه النووي في "رياض الصالحين" (173)، وابن حجر في "التلخيص الحبير" (2/118)، والألباني في "صحيح الترغيب" (98). وقد أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (357)، وابن أبي شيبة (6/421) عن أبي موسى موقوفًا، قال ابن عبدالبر في "التمهيد" (17/430): "وقد روي مرفوعًا من وجوه فيها لين".

[3] رواه الطبراني في "الكبير" (8/202) عن أبي أمامة بلفظ: ((ثلاثة لا يَستخفُّ بحقهم إلا منافقٌ: ذو الشيبة في الإسلام، وذو العلم، وإمام مقسط))، قال الهيثمي في "المجمع" (1/127): "رواه الطبراني في "الكبير" من رواية عبيدالله بن زحر عن علي بن يزيد، وكلاهما ضعيف"، وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (7/245).

[4] رواه أحمد (1/257)، والترمذي في البر (1921)، وعبد بن حميد (586)، والطبراني في "الكبير" (11/72، 449)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1203) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"، وصححه ابن حبان (458، 464). وفي الباب عن عبدالله بن عمرو، وأبي هريرة، وأنس بن مالك، وأبي أمامة، وعبادة بن الصامت، وجابر، وواثلة بن الأسقع رضي الله عنهم.

[5] رواه البخاري في الجزية (3173)، ومسلم في القسامة (1669) من حديث سهل بن أبي حَثْمَةَ رضي الله عنه.

[6] رواه البخاري في "الأدب المفرد" (971)، وأبو داود في الأدب (5217)، والترمذي في المناقب (3872)، والنسائي في الكبرى (5/96، 392)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2969)، والبيهقي في "الكبرى" (7/101)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه"، وصححه ابن حبان (6953)، والحاكم (4732، 7715)، وهو في "صحيح سنن أبي داود" (4347).

[7] أخرجه مسلم في الصلاة (432) عن أبي مسعود البدري، وعن ابن مسعود رضي الله عنهما، وهما حديثان، وقد عُدّا في طبعة محمد فؤاد عبدالباقي - رحمه الله - حديثًا واحدًا.

[8] يُنظر من أخرجه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التربية بين طموح الآباء وواقع الأبناء
  • أهداف التربية الإسلامية ومقاصدها
  • أهمية التربية الإسلامية في المحافظة على المال العام
  • تربية الأولاد وتعليمهم
  • التربية.. قواعد وأصول
  • التربية عن طريق السلوك العملي
  • التربية عن طريق القدوة الصالحة
  • التربية عن طريق التوجيه والإرشاد
  • التربية الإسلامية سلاحنا الأول في مواجهة مخاطر الإنترنت
  • تربية الأولاد
  • تأدب الصغير مع الكبير
  • فضل احترام الكبير وصلة الأقارب
  • احترام الكبير (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • احترام الكبير والرحمة بالصغير(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة عن الاحترام (معناه، مجالاته، أمور لا تنافي الاحترام ولا تعارضه)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إسبانيا: إمام مدريد: نطالِب باحترام النبي كما نطالَب باحترام الملك(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ابنتي لسانها طويل(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • احترام كبار السن وتوقيرهم في الإسلام(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • تحقيق في مسألة إرضاع الكبير وتفنيد الشبهات حولها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فارق السن الكبير بيني وبين خطيبي(استشارة - الاستشارات)
  • توقير الكبير وبر الوالدين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إكرام الكبير (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من قال فيه البخاري: (معروف الحديث) في كتابه التاريخ الكبير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
6- شكراً
رحيق الزهور - بغداد 30-11-2016 10:02 PM
جميل جدا
5- وفقكم الله
عبد القادر - مصر 23-06-2009 05:00 PM

نسأل الله تعالى أن يعرفنا قدر الكبير وأن يعيننا على معاملته بالتقدير والاحترام
والتوقير، إنه سميع مجيب.
خطبة موفقة بإذن لله وجعلها الله في موازين أعمالكم

4- وفقكم الله
حامد - مصر 23-06-2009 04:53 PM

في شريعتِنا الحنيفيّة السّمحة أخلاقٌ عالية وأدَبٌ عظيم وفضائلُ عِدّة، لكنّ المصيبةَ الغفلة عن هذه الأخلاقِ والِقيَم وتناسيهم لها وعدم عَمَلهم بها، فينشأ النشءُ من غير أن يقيمَ لتلك الأخلاق وزنًا، وكان المطلوبُ منا جميعًا أن نربِّيَ نشأنَا التربيةَ الإسلاميّة الصحيحة على الأخلاقِ الإسلامية والقِيَم الإسلامية التي يسعدُ بها الفَرد في حياته وآخرته.
شريعةُ الإسلام جاءت بما يقوِّي الروابطَ بين أفراد المجتمَعِ صغيرِه وكبيره، غنيِّه وفقيره، عالِمِه وجاهِله. جاءت بما يقوِّي تلك الأواصرَ حتى يكون المجتمع المسلِم مجتمعًا مثاليًّا في فضائلِه وقِيَمه، وفي شريعة الله كلُّ خير وهدًى، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس:57].
خطبة موفقة بإذن لله وجعلها الله في موازين أعمالكم

3- شكرا
عربي - egypt 30-03-2009 12:32 PM

قال الإمام أحمد بن حنبل في "المسند" : ثنا هارون ، ثنا ابن وهب ، حدثني مالك بن الخير الزيادي ، عن أبي قبيل المعافري ، عن عبادة بن الصامت : أن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - قال :"ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا و يرحم صغيرنا و يعرف لعالمنا" .

2- هل من مزيد
عبدالفتاح رجب - مصر 13-07-2008 07:34 PM
كم نحتاج ويحتاج أولادنا لمثل هذه التوجيهات النافعة بل للمزيد من التوجيهات القرآنية والنبوية فى هذا الشأن حتى نتعلم ونعرف كيف تكون المعاملة مع الكبار داخل بيوتنا وخارجها... مع جزيل الشكر لسماحة الشيخ ولكل من ساهم .. وللأخوة القائمين على الألوكة جزيل الشكر والتقدير .
1- لا لا
دانه - المغرب 24-05-2008 07:41 PM
مشكورة اختي
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب