• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    ثمرات الإيمان بالقدر
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    العشر وصلت... مستعد للتغيير؟
    محمد أبو عطية
  •  
    قصة موسى وملك الموت (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشاكر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (12)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    تلك الوسائل!
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تعوذوا بالله من أربع (خطبة)
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    حكم المبيت بالمخيمات بعد طواف الوداع
    د. محمد بن علي اليحيى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الدعوة وطلب العلم
علامة باركود

تحذير الدعاة إلى الله تعالى من مخالفة الأمر والنهي

تحذير الدعاة إلى الله تعالى من مخالفة الأمر والنهي
يزن الغانم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/10/2024 ميلادي - 11/4/1446 هجري

الزيارات: 1189

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحذير الدُّعاة إلى الله تعالى من مخالفة الأمر والنهي

 

المقدمة:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على خيرِ مَن دعا إلى الله، ومن تبِعه من الدعاة إلى يوم الدين؛ أما بعد:

فهذه رسالة فيها الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار السلفية، وذِكر الأمثلة وبعض الصور في التحذير من مخالفة الأمر والنهي، وخاصة ممن ينتسب للعلم والدعوة إلى الله تعالى؛ فإن الداعية هو أحقُّ من يتَّقي الله عز وجل، وأحق من يعمل بما يدعو إليه، واللهَ أسأل أن ينفع بها ويتقبلها.

 

 

التحذير بالآيات القرآنية:

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3].


في هذه الآية الكريمة ينادي الله أهلَ الإيمان بالإيمان؛ لأن الإيمان يُوجِب لهم أن يستجيبوا لهذا النداء، الذي هو من رب الأرض والسماء.


ويقول لهم: لِمَ تقولون الخير وتحُثُّون عليه، وربما تمدَّحتم به وأنتم لا تفعلونه، وتنهَون عن الشر وربما نزَّهتم أنفسكم عنه، وأنتم مُتلوِّثون به ومتصفون به؟ فهل تليق بالمؤمنين هذه الحالة الذميمة، أم من أكبر المقت والبغض عند الله أن يقول العبد ما لا يفعل؟ ولهذا ينبغي للآمِرِ بالخير أن يكون أول الناس إليه مبادرة، وللناهي عن الشر أن يكون أبعدَ الناس منه؛ [ينظر: تفسير العلامة السعدي على هذه الآية].

 

وقال تعالى: ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44].

﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ ﴾ [البقرة: 44]؛ أي: بالإيمان والخير وكل ما يُرضي الله، ﴿ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [البقرة: 44]، بأن تتركوها عن أمْرِها بذلك، وحالكم أنكم: ﴿ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44]، وسُمِّيَ العقل عقلًا؛ لأنه يعقِل به ما ينفعه من الخير، وينعقل به عما يضره، وذلك أن العقل يحُثُّ صاحبه أن يكون أول فاعلٍ لِما يأمر به، وأول تارك لِما يَنهَى عنه، فمن أمَرَ غيره بالخير ولم يفعله، أو نهاه عن الشر فلم يتركه، دلَّ على عدم عقله وجهله، خصوصًا إذا كان عالمًا بذلك، قد قامت عليه الحُجَّة؛ [ينظر: تفسير العلامة السعدي على هذه الآية].

 

وحكى الله عن شعيب عليه السلام قوله لقومه: ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ﴾ [هود: 88].

جاء في تفسير الإمام ابن كثير على هذه الآية: "قال الثوري: ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ﴾ [هود: 88]؛ أي: لا أنهاكم عن شيء، وأخالف أنا في السرِّ، فأفعله خفية عنكم؛ كما قال قتادة في قوله: ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ﴾ [هود: 88]، يقول: لم أكن لأنهاكم عن أمر وأركبه"؛ [انتهى].


وهكذا كل من دعا إلى الله له قدوة وأُسوة بالأنبياء عليهم السلام؛ لأن أهل العلم هم ورثة الأنبياء في العلم والعمل؛ كما صحَّ ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

 

التحذير بالأحاديث النبوية:

عن أسامة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يُجاء بالرجل يوم القيامة، فيُلقى في النار، فتَنْدَلِقُ أقْتَابُه في النار، فيدور كما يدور الحمار بِرَحَاه، فيجتمع أهل النار عليه، فيقولون: أي فلانُ، ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف، وتنهى عن المنكر؟ قال: كنت آمُركم بالمعروف ولا آتِيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه))؛ [رواه البخاري ومسلم].

 

هذا الحديث فيه الوعيد العظيم على كل من خالف قولَه عملُه، ودعا إلى الله ولم يلتزم ما يدعو إليه، فإنه يُؤتَى به يوم القيامة، فيُلقى في النار عياذًا بالله الواحد الجبار، فتندلق أقتابه؛ وهي أمعاؤه، فتخرج من بطنه خروجًا سريعًا من شدة الحر وشدة عذاب النار، فيدور بأمعائه على هذه الحالة في النار كدوران الحمار حول رحاه أثناء الطحن، فيَطِيف به أهل النار؛ أي: يجتمعون حوله على هيئة حلقة تحيط به، فيسألونه: يا فلان، ألستَ كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: إني كنت آمر بالمعروف ولا أفعله، وأنهى عن المنكر وأفعله.

 

وفي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مررتُ ليلةَ أُسرِيَ بي على قومٍ تُقرض شِفاههم بمقاريض من نار، قال: قلت: من هؤلاء؟ قالوا: خطباء من أهل الدنيا، كانوا يأمرون الناس بالبر، وينسَون أنفسهم وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون؟))؛ [رواه أحمد وغيره].

 

فيُخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يومَ أن أسرى الله عز وجل به كان مما رآه أنْ أطْلَعَه الله عز وجل على نار جهنم، وفيها قوم كانوا يُعذَّبون، وصفة عذابهم: أنهم تُقطَع ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار، والمقاريض: جمع مِقراض؛ وهي آلةُ قطعٍ معروفة كالْمِقصِّ الآن، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريلَ عليه السلام: من هؤلاء؟ وأي صِنفٍ هؤلاء من الناس؟ فأجابه جبريل عليه السلام بقوله: هؤلاء بعض الخطباء والوعَّاظ والعلماء في الدنيا، سبب تعذبيهم هذا العذاب هو: أنهم يقولون ما لا يفعلون، ويقرؤون كتاب الله ويعرفون أوامره ونواهيه، ولا يعملون به، مع أنهم يأمرون بالمعروف، وينهَون عن المنكر، ولكنهم يخالفون ما يدعون إليه، ولو كانوا يفكرون بعقولهم، ويفهمون معانيَ ما يقولونه حقَّ الفهم، لعمِلوا به وما خالفوه، فأي عقل لهؤلاء الذين عرَفوا وعدَ الله ووعيده، وتخوفيه وتهديده، وسمِعوا مثل هذا الحديث ونحوه، ولم يعقِلوا ولم يتَّعظوا؟ نسأل الله السلامة والعافية.

 

وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه ذِكْرُ ثلاثة من الناس، أول خَلْقِ الله تُسعَّر بهم نار جهنم؛ فيروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم، وكل أمة جاثية، فأول من يدعو به رجل جمع القرآن... فيقول الله للقارئ: ألَمْ أُعلِّمك ما أنزلت على رسولي؟ قال: بلى يا رب، قال: فماذا عمِلت فيما علِمتَ؟ قال: كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله له: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقول له الله: بل أردت أن يُقال: فلان قارئ، فقد قيل ذلك... ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال: يا أبا هريرة، أولئك الثلاثة أول خَلْقِ الله تُسعَّر بهم النار يوم القيامة))؛ [رواه الترمذي وغيره].

 

فيخبر أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أن الله تبارك وتعالى إذا جاء ووقع يوم القيامة ينزل إلى العباد نزولًا يليق بجلاله سبحانه، ليفصل ويحكم بينهم، وكل أمة باركة على الركب خوفًا من الله تعالى، ومن الحساب والموقف العظيم الجليل، فأول من يُستدعى للحساب، رجل جمع القرآن، فحفظه بألفاظه وأحكامه، فيقول الله تعالى للقارئ: ألم أعلِّمك ما أنزلتُ على رسولي؟ فيقول: بلى يا رب، فيكون قد أقرَّ بما علَّمه الله، وأنه كان عالمًا وليس جاهلًا فيُعذر بجهله، فيقول الله عز وجل له: ما الذي عملته بالقرآن وفيمَ بذلته؟ وكيف طبَّقت أحكامه؟ قال الرجل: أقوم وأعمل بقراءته في الليل والنهار، بتلاوته في الصلاة وغيرها، أو أتلوه بالليل في الصلاة، وأقوم بأحكامه وأوامره بالنهار في معاملات الناس، فيقول الله له: كذبت؛ لأن الله أعلم بالسرائر وما في القلوب وحقيقة الأعمال، وتقول الملائكة: كذبت؛ تصديقًا لقول الله تعالى، ويقول له الله: بل أردت أن يُقال: فلان قارئ، فقد قيل ذلك، ولم يكن فِعْلُك ابتغاء وجه الله في الدنيا؛ فلا أجر لك عندي اليوم.


قال أبو هريرة رضي الله عنه: ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي، فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة، أولئك الثلاثة أول خلق الله تشتعل عليهم النار يوم القيامة.

 

 

التحذير بالآثار السلفية وأقوال العلماء:

قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "إن الناس قد أحسنوا القول كلهم، فمن وافق قوله فعله، فذلك الذي أصاب حظه، ومن خالف قوله فعله، فإنما يوبِّخ نفسه"؛ [الزهد لوكيع (ص 528)].

 

ورُوِيَ في الحديث أن ما من عبدٍ يخطب خطبة إلا الله عز وجل سائله عنها: ما أراد بها؟ فقال جعفر: كان مالك إذا حدثنا بهذا الحديث، بكى حتى ينقطع، ثم يقول: يحسبون أن عيني تقر بكلامي، وأنا أعلم أن الله سائلي يوم القيامة: ما أردت به؟ [الزهد للإمام أحمد (ص 262)].

 

وقال ابن جريج: "﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ ﴾ [البقرة: 44] أهل الكتاب والمنافقون كانوا يأمرون الناس بالصوم والصلاة، ويَدَعُون العمل بما يأمرون به الناس، فعيَّرهم الله بذلك، فمن أمر بخير، فليكن أشد الناس فيه مسارعة"؛ [ينظر: تفسير الطبري على الآية].

 

وعن الأوزاعي يقول: "إن المؤمن يقول قليلًا ويعمل كثيرًا، وإن المنافق يقول كثيرًا ويعمل قليلًا؛ [الحلية: (142/6)].

 

قال مالك بن دينار: "أوحى الله عز وجل إلى عيسى ابن مريم عليه السلام: يا عيسى، عِظْ نفسك، فإن اتَّعظت فعِظِ الناس، وإلا فاستحي مني"؛ [رواه ابن أبي الدنيا في الأمر بالمعروف (ص 124)].

 

قال علي جندب البجلي: "مَثَلُ الذي يعظ الناس وينسى نفسه مثل المصباح يضيء لغيره ويُحرق نفسه"؛ [الزهد لأحمد (ص 150)].

 

وعن الشعبي قال: "ما من خطيب يخطب إلا عُرضت عليه خطبته يوم القيامة"؛ [الزهد لابن المبارك (ص 44)].

 

وعن الشعبي قال: "يُشرِف قوم في الجنة على قوم في النار فيقولون: ما لكم في النار؟ فيقولون: نعمل بما تعلموننا، قالوا: كنا نعلمكم ولا نعمل به"؛ [الزهد لأحمد (ص 209)].

 

عن قتادة قال: "إن في الجنة كوى إلى النار فيطلع أهل الجنة من تلك الكوى إلى النار، فيقولون: ما بال الأشقياء، وإنما دخلنا الجنة بفضل تأديبكم؟ قالوا: إنا كنا نأمركم ولا نأتمر، وننهاكم ولا ننتهي"؛ [حلية الأولياء (340/2)].

 

وقال الحسن: "إذا كنت ممن يأمر بالمعروف فكن من آخَذِ الناس به، وإلا هلكتَ، وإذا كنت ممن ينهى عن المنكر، فكُن من أترك الناس له وإلا هلكت"؛ [الأمر بالمعروف لابن أبي الدنيا (ص 124)].

 

ومن حكم الشعر:

وغير تقيٍّ يأمر الناس بالتُّقى
طبيب يداوي الناس وهو سقيم
يا أيها الرجل المعلِّم غيرَه
هلَّا لنفسك كان ذا التعليم
لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثله
عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ
ابدأ بنفسك فانْهَها عن غيِّها
فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ
فهناك يُقبل ما وعظت ويُقتدى
بالقول منك وينفع التعليمُ

 

التحذير بذكر أمثلة وصور من المعاصي التي يتهاون في ارتكابها كثيرٌ ممن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر:

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: "فإن معاصي اللسان فاكهة الإنسان؛ كالنميمة والغِيبة، والكذب والْمِراء، والثناء على النفس تعريضًا وتصريحًا، وحكاية كلام الناس، والطعن على من يُبغضه، ومدح من يحبه، ونحو ذلك؛ ولهذا تجد الرجل يقوم الليل ويصوم النهار، ويتورع من استناده إلى وسادة حرير لحظة واحدة، ويُطلِق لسانه في الغِيبة والنميمة والمفاكهة في أعراض الخلق، وربما رخص أهل الصلاح والعلم بالله والدين والقول على الله ما لا يعلم"؛ [باختصار من عدة الصابرين (ص 62)].

 

وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى: "ومن تلبيس إبليس على أصحاب الحديث قدح بعضهم في بعض طلبًا للتشفِّي، ويُخرجون ذلك مخرج الجرح والتعديل الذي استعمله قدماء هذه الأمة للذَّبِّ عن الشرع، والله أعلم بالمقاصد، ودليل مقصد خبثِ هؤلاء سكوتهم عمن أخذوا عنه، وما كان القدماء هكذا"؛ [تلبيس إبليس (ص 114)].

 

وعن ﻋﺒﻴﺪاﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺷﻤﻴﻂ ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﻲ ﻳﻘﻮﻝ: "ﻳﻌﻤِﺪ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻓﻴﻘﺮﺃ اﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻳﻄﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ ﺣﺘﻰ ﺇﺫا ﻋﻠﻤﻪ ﺃﺧﺬ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﻀﻤَّﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺻﺪﺭﻩ، ﻭﺣﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ، ﻓﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﺿﻌﻔﺎء: اﻣﺮﺃﺓ ﺿﻌﻴﻔﺔ، ﻭﺃﻋﺮاﺑﻲ ﺟﺎﻫﻞ، ﻭﺃﻋﺠﻤﻲ، ﻓﻘﺎﻟﻮا: ﻫﺬا ﺃﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻨﺎ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳَﺮَ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺫﺧﻴﺮﺓ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﻫﺬا، ﻓﺮﻏِﺒﻮا ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺟﻤﻌﻮﻫﺎ"؛ [صفة الصفوة (2/240)].

 

قال العلامة صالح آل الشيخ حفظه الله تعالى: "لا تحسُد من هو أحفظ منك أو أعلم منك، أو أنفع للعباد منك، بل افرح أن يقوم قائم بحق الله عز وجل وحق العباد"؛ [الطريق إلى النبوغ العلمي (ص 115)].

 

قال الإمام الحارث المحاسبي رحمه الله تعالى: "إذا تورَّع الناس عن ذنوب الجوارح الظاهرة، فغَضُّوا الأبصار، وأنصتوا عن الغِيبة، وكفُّوا الظلم، وتركوا الخوض في الآثام، وتخلصوا من تناول الحرام، فكانوا من أتركهم له.


وتفقَّدوا مع ذلك ذنوب القلوب؛ فإنهن المهلكات القاصمات.


فإن منها: الشك والشرك، والنفاق والكفر، ومنها الاغترار بالله عز وجل، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله.


ومنها: احتقار الذنوب، والتسويف بالتوبة، وقلة الاكتراث بتراكم الأوزار، والإصرار على المعاصي، والتيه والرياء.


ومنها: العُجب والتفاخر، وحب الزينة، والمباهاة في الدنيا.


ومنها: النكث والخيانة والغدر.


ومنها: الحسد والغل والحقد، والشماتة والعداوة والبغضاء، وسوء الظن والتجسس، وإضمار السوء.


ومن معاصي القلوب: مساعدة الهوى، ومخالفة الحق.


ومنها: الحب والبغض بالهوى.


ومنها: الجفاء والقطيعة، والقسوة وقلة الرحمة.


ومنها: الطغيان بالمال، والفرح بإقبال الدنيا.


ومن معاصي القلوب: استقلال الرزق، واحتقار النعم.


ومنها: استعظام الدنيا، والحزن على ما فات منها.


فتدبروا ما أصف لكم من معاصي القلوب، فإن العاملين بها قليل.


فجاهدوا على نفي ما خالف رضوان الله تعالى، من سرائركم، فما عُصِمتم منه، فاحمدوا الله عليه، وما بُليتم به، فبادروا بالإنابة والانتقال منه، وتضرعوا إلى الله عز وجل بالعصمة والعفو"؛ [الوصايا (ص 150)].

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "فمِنَ الناس مَن يغتاب موافقة لجلسائه وأصحابه وعشائره، مع علمه أن المغتاب بريء مما يقولون، أو فيه بعض ما يقولون، لكن يرى أنه لو أنكر عليهم قطع المجلس واستثقله أهل المجلس، ونفروا عنه، فيرى موافقتهم من حسن المعاشرة، وطِيب المصاحبة، وقد يغضبون فيغضب لغضبهم فيخوض معهم.

 

ومنهم من يُخرج الغِيبة في قوالب شتى؛ تارة في قالب ديانة وصلاح فيقول: ليس لي عادة أن أذكر أحدًا إلا بخير، ولا أحب الغِيبة ولا الكذب، وإنما أخبركم بأحواله، ويقول: والله إنه مسكين أو رجل جيد، ولكن فيه كيت وكيت، وربما يقول: دعونا منه الله يغفر لنا وله، وإنما قصده استنقاصه وهضم لجانبه، ويُخرجون الغِيبة في قوالب صلاح وديانة يخادعون الله بذلك، كما يخادعون مخلوقًا، وقد رأينا منهم ألوانًا كثيرة من هذا وأشباهه.

 

ومنهم من يرفع غيره رياء فيرفع نفسه، فيقول: لقد دعوت البارحة في صلاتي لفلان، لِما بلغني عنه كيت وكيت؛ ليرفع نفسه، ويضعه عند من يعتقده، أو يقول: فلان بليد الذهن، قليل الفهم، وقَصْدُه مدح نفسه، وإثبات معرفته، وأنه أفضل منه.

 

ومنهم من يحمله الحسد على الغيبة، فيجمع بين أمرين قبيحين: الغيبة والحسد، وإذا أثنى على شخص، أزال ذلك عنه بما استطاع من تنقصه في قالب دين وصلاح، أو في قالب حسد وفجور وقدح؛ ليُسقط ذلك عنه.

 

ومنهم من يُخرج الغِيبة في قالب تمسخر ولعب ليُضحك غيره باستهزائه ومحاكاته، واستصغار المستهزَأ به.

 

ومنهم من يُخرج الغِيبة في قالب التعجب، فيقول: تعجبت من فلان، كيف لا يفعل كيت وكيت؟ ومن فلان كيف وقع منه كيت وكيت؟ وكيف فعل كيت وكيت؟ فيُخرج اسمه في معرِض تعجبه.

 

ومنهم من يُخرج الاغتمام، فيقول: مسكين فلان غمَّني ما جرى له، وما تم له، فيظن من يسمعه أنه يغتم له ويتأسف، وقلبه منطوٍ على التشفِّي به، ولو قدر لزاد على ما به، وربما يذكره عند أعدائه ليشتفوا به، وهذا وغيره من أعظم أمراض القلوب والمخادعات لله ولخلقه.

 

ومنهم من يُظهِر الغيبة في قالب غضب وإنكار منكرٍ، فيظهر في هذا الباب أشياء من زخارف القول وقصده غير ما أظهر، والله المستعان؛ [مجموع الفتاوى: (237، 238/28)].

 

ومن الذنوب التي قد تقع وينبغي الحذر منها عدم الإخلاص، ومنها حب الظهور والشهرة رياء وسمعة، ومنها استعمال الهوى وعدم مخالفته، ومنها كتمان العلم، ومخالفة القول العمل، ومنها ذنوب السر، وسوء الظن، وجفاء الخلق، ومنها التساهل في التكفير والتبديع والتفسيق، ومنها رؤية النفس واحتقار الناس، والتسرع في الفتوى، والقول على الله بلا علم، ومنها البخل والشح، ومخالفة الحق عند ظهوره، والتقليد الأعمى في مخالفة الحق، ومنها الابتداع في الدين وغير ذلك، نسأل الله السلامة والعافية في الدين والدنيا والآخرة.

 

الخاتمة:

إن حامل العلم والداعي إليه هو قدوة ومثال للمسلم الصادق الذي يلتزم تقوى الله في السر والعلن، إذا رآه الناس ذَكَروا الله وذكَّرهم بالله، عامِلٌ بما يعلم، من أتقى الناس لله تعالى، يأمر بالخير ويأتيه، وينهى عن الشر ولا يأتيه.


وينبغي أن يكون أخشى الناس لله تعالى؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28]؛ قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: "إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به؛ لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير أتمَّ والعلم به أكملَ، كانت الخشية له أعظم وأكثر؛ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، قال: الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير، وقال سعيد بن جبير: الخشية هي التي تحول بينك وبين معصية الله عز وجل"؛ [انتهى].


جعلنا الله من ورثة الأنبياء علمًا وعملًا، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تصحيح تصور خاطئ لمفهوم المخالفة مع أمثلة تطبيقية
  • الحث على لزوم منهج السلف الصالح في طريق الدعوة، والحذر من المناهج البدعية المخالفة (خطبة)
  • جرائم اليهود المعتدين وأفعالهم المخالفة للأعراف والدين
  • الهدى في مخالفة الهوى
  • الحكمة من مخالفة الطريق في العيدين
  • كم من مخالفة أوقعت صاحبها في غياهب الضلال

مختارات من الشبكة

  • التحذير من إضاعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعظيم الأمر والنهي الشرعيين في نفوس المتربين(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • في الأمر بطاعة النبي والتحذير في مخالفة أمره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تبيين الأمر في الجواب عما أشكل في حديث: (رأس الأمر)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رسالة في هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • خطبة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: دراسة وصفية تحليلية (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/11/1446هـ - الساعة: 21:31
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب