• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

المقدم – المؤخر جل جلاله، وتقدست أسماؤه

المقدم – المؤخر جل جلاله، وتقدست أسماؤه
الشيخ وحيد عبدالسلام بالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/10/2024 ميلادي - 9/4/1446 هجري

الزيارات: 861

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الْمُقَدِّمُ المُؤَخِّرُ جل جلاله، وتقدست أسماؤه


عَنَاصِرُ الموْضُوعِ:

أولًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاِسْمِ (المُقَدِّمِ).

ثانيًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاِسْمِ (المُؤَخِّرِ).

ثالثًا: وُرُودُهُما فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ.

رابعًا: مَعْنَى الاسْمَينِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى.

خامسًا: ثَمَرَاتُ الإيِمَانِ بِهَذَينِ الاسْمَيْنِ.

 

النِّيَّاتُ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَحْضِرَهَا الُمحَاضِرُ قَبْلَ إِلْقَاءِ هَذِهِ الُمحَاضَرَةِ:

أولًا: النِّيَّاتُ العَامَّةُ:

1- يَنْوي القيامَ بتبليغِ الناسِ شَيْئًا مِنْ دِينِ الله امْتِثَالًا لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «بلِّغُوا عَني ولَوْ آيةً»؛ رواه البخاري.

 

2- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ مَجْلِسِ العِلْمِ[1].

 

3- رَجَاءَ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ مَجْلِسِه ذلك مَغْفُورًا لَهُ[2].

 

4- يَنْوِي تَكْثِيرَ سَوَادِ المسْلِمِينَ والالتقاءَ بِعِبادِ الله المؤْمِنينَ.

 

5- يَنْوِي الاعْتِكَافَ فِي المسْجِدِ مُدةَ المحاضرة ـ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ مِنَ الفُقَهَاءِ ـ لَأَنَّ الاعْتِكَافَ هو الانْقِطَاعُ مُدَّةً لله في بيتِ الله.

 

6- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى أَجْرِ الخُطُوَاتِ إلى المسْجِدِ الذي سَيُلْقِي فيه المحَاضَرَةَ[3].

 

7- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، إذا كانَ سَيُلْقِي مُحَاضَرَتَه مثلًا مِنَ المغْرِبِ إلى العِشَاءِ، أَوْ مِنَ العَصْرِ إِلَى الَمغْرِبِ[4].

 

8- رَجَاءَ أَنْ يَهْدِي اللهُ بسببِ مُحَاضَرَتِه رَجُلًا، فَيَأْخُذَ مِثْلَ أَجْرِهِ[5].

 

9- يَنْوِي إرْشَادَ السَّائِليِنَ، وتَعْلِيمَ المحْتَاجِينَ، مِنْ خِلَالِ الرَّدِّ عَلَى أَسْئِلَةِ المسْتَفْتِينَ[6].

 

10- يَنْوِي القِيَامَ بِوَاجِبِ الأمرِ بالمعروفِ، وَالنهيِ عَنِ الُمنْكَرِ ـ بالحِكْمَةِ والموعظةِ الحسنةِ ـ إِنْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي ذلك(4).

 

11- يَنْوِي طَلَبَ النَّضْرَةِ الَمذْكُورَةِ فِي قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْها»؛ رواه أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (6766).

 

ثُمَّ قَدْ يَفْتَحِ اللهُ عَلَى الُمحَاضِرِ بِنِيَّات صَالِحَةٍ أُخْرَى فَيَتَضَاعَفُ أَجْرُه لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إنما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، مُتَّفَقٌ عَلَيه.

 

ثانيًا: النِّيَّاتُ الخَاصَّةُ:

1- تَنْوِي تَعْرِيفَ المُسْلِمِينَ بِاسْمَي (المُقَدِّمِ وَالمُؤَخِّرِ).

 

2- تَنْوِي حَثَّ المُسْلِمِينَ عَلَى الدُّعَاءِ بِهَذِينِ الاسْمَينِ الكَرِيمَينِ.

 

3-تَنْوِي حَثَّ المُسْلِمِينَ عَلَى المُسَارَعَةِ فِي الطَّاعَاتِ لِيَحْصُلَ لَهُمْ التَّقْدِيمَ إِلَى الجَنَّاتِ.

 

4- تَنْوِي تَحْذِيرَ المُسْلِمِ مِنَ التَّكَاسُلِ أَوِ التَّأْخُّرِ عَنِ الطَّاعَاتِ حَتَّى لَا يُؤَخِّرُهُ اللهُ.

 

أولًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاِسمِ (المُقَدِّمِ):

المُقَدِّمُ فِي اللُّغَةِ اسْمُ فَاعِلٍ، فِعْلُهُ قَدَّمَ يُقَدِّمُ تَقْدِيمًا.

 

وَعِنْدَ البُخَارِي مِنْ حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ ت مَرْفُوعًا: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْت»[7].

 

وَعِنْدَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيَمَانًا وَاحْتِسَابًا غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»[8].

 

وَالقَدَمُ: كُلُّ مَا قَدَّمْتَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَتَقَدَّمَتْ لِفُلَان فيهِ قَدَمٌ، أَيْ تَقَدُّمٌ فيِ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَالقَدَمُ والمُقَدِّمَةُ السَّابِقَةُ فِي الأَمْرِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ ﴾ [يونس: 2]، وَمَعْنَى قَدَمِ صِدْقٍ يَعْنِي عَمَلًا صَالِحًا قَدَّمُوهُ يُقَالُ: لِفُلَانٍ قَدَمُ صِدْقٍ أَيْ أَثَرَةٌ حَسَنةٌ، وَيَقُولُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ ﴾ [الحجر: 24]، قِيلَ مَعْنَاهُ لَقَدْ عَلِمْنَا المُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ فِي طَاعَةٍ أَوْ مَنْ يَأْتِي مِنْكُمْ أَوَّلًا إِلَى المَسْجِدِ وَمَنْ يَأْتِي مُتَأَخِّرًا، أَوْ مَنْ يَتَقَدَّمُ مِنَ النَّاسِ عَلَى صَاحِبِهِ فِي المَوْتِ[9].

 

وَالُمقَدِّمُ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي يُقَدِّمُ وَيُؤَخِّرُ وِفْقَ مَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ، فَالتَّقْدِيمُ مِنْ أَنْوَاعِ التَّدْبِيرِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ الله فِي خَلْقِهِ، وَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ، كَوْنِي وَشَرْعِي، فَالتَّقْدِيمُ الكَوْنِي تَقْدِيرُ الله فِي خِلْقِهِ وَتَكْوِينِهِ وَفِعْلِهِ كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [يونس: 49]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [سبأ: 30].

 

وَأَيْضًا مِنَ التِّقْدِيمِ المُتَعَلِّقِ بِالتَّدْبِيرِ الكَوْنِي، اصْطِفَاءُ الحَقِّ لِمَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، وَتَقْدِيمُ بَعْضِ خَلْقِهِ عَلَى بَعْضِهِ، بِنَاءً عَلَى حِكْمَتِهِ فِي ابْتِلَاءِ المَخْلُوقَاتِ واصْطِفَاءِ مَنْ شَاءَ للِرِّسَالَاتِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 33]، وَقَوْلِهِ عَنْ مَرْيَمَ: ﴿ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 42]، وَقَوْلِهِ عَنْ طَالُوتَ: ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 247].

 

فَهَذَا اصْطِفَاءٌ وَتِقْدِيمٌ يَتَعَلَّقُ بِالتَّدْبِيرِ الكَوْنِي، أَمَّا التَّقْدِيمُ الشَّرْعِيُّ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحَبَّةِ الله لِفِعْلٍ دُونَ فِعْلٍ، وَتَقْدِيمِ بَعْضِ الأَحْكَامِ عَلَى بَعْضِ لِمَا تَقْتَضِيهِ المَصْلَحَةُ الَّتِي تَعُودُ عَلَى العِبَادِ، كَمَا فِي سُنَنِ النَّسَائِي وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي حَدِيثِ البَرَاءِ ت أَنَّ نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ وَمَلاَئكِتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ المُقَدَّمِ، وَالمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ بِمَدِّ صَوْتِهِ، وَيُصَدِّقُهُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ رَطْبٍ وَيَابِسٍ، وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ»[10].

 

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ أَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الصَّفِّ المُقَدَّمِ لَكَانَتْ قُرْعَةٌ»[11].

 

وَعِنْدَ أَبِي دَاودَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَتِّمُّوا الصَّفَّ المُقَدَّمَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فِي الصَّفِّ المُؤَخَّرِ»[12]، وَلَا عِبْرَةَ بِمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ لَا يَرْغَبُ فِي التَّقَدُّمِ إِلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ بِحُجَّةِ أَنَّ النَّاسَ يَطْلُبُونَ فِيهِ الأَجْرَ وَأَنَّ العِبَادَةَ الحَقِّ هِيَ مَا يَكُونُ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ مُقَابِلٍ[13].

 

وَعِنْدَ البُخَارِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَسْرِعُوَا بِالجَنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخِيْرٌ تَقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عِنْ رِقَابِكُمْ»[14].

 

فَالمُقَدِّمُ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي يُقَدِّمُ الأَشْيَاءَ يَضَعُهَا فِي مَوَاضِعِهَا عَلَى مُقْتَضَى الحِكْمَةِ والاسْتِحْقَاقِ، فَمَنِ اسْتَحَقَّ التَّقْدِيمَ قَدَّمَهُ وَمَنِ اسْتَحَقَّ التَّأْخِيرَ أَخَّرَهُ، وَاللهُ تَعَالَى أَيْضًا هُوَ المُقَدِّمُ الَّذِي قَدَّمَ الأَحِبَّاءَ وَعَصَمَهُمْ مِنْ مَعْصِيَتِهِ، وَقَدَّمَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى الأَنْبِيَاءِ تَشْرِيفًا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَقَدَّمَ أَنْبِيَاءَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ عَلَى غَيْرِهِمْ، فَاصْطَفَاهُمْ وَنَصَرَهُمْ وَطَهَّرَهُمْ وَأَكْرَمَهُمْ[15].

 

ثانيًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (المُؤَخِّرِ)

المُؤَخِّرُ فِي اللُّغَةِ عَكْسُ المُقَدِّمِ، فِعْلُهُ أَخَّرَ يُؤَخِّرُ تَأْخِيرًا، وَالتَّأْخِيرُ ضِدُّ التَّقَدُّمِ، وَمِنْهُ مَا وَرَدَ عِنْدَ البُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ت أَنَّهُ قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ الله وَقَالَ: «أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ»[16].

 

وَعِنْدَ البُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «مَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إِلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ»[17].

 

وَعِنْدَ البُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا زَاغَتْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ»[18].

 

وَالمُؤَخِّرُ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي يُؤَخِّرُ الأَشْيَاءَ فَيَضَعُها فِي مَوَاضِعِهَا، وَإِمَّا تَأْخِيرًا كَوْنِيًّا كَمَا وَرَدَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: اللهُمَّ أَمْتعْني بِزَوْجِي رَسُولِ الله وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ سَأَلْتِ اللهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَة وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لَنْ يُعَجِّلَ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ أَوْ يُؤَخِّرَ شَيْئًا عَنْ حِلِّهِ وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ الله أَنْ يُعِيذَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ أَوْ عَذَابٍ فِي القَبْرِ كَانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ»[19].

 

وَإِمَّا تَأْخِيرًا شَرْعِيًّا كَمَا وَرَدَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَطِيَّةَ أَنَّهُ قَالَ: «دَخَلْتُ أَنَا وَمَسْرُوقٌ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْنَا: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَحَدُهُمَا يُعَجِّلُ الإِفْطَارَ وَيُعَجِّلُ الصَّلَاةَ، وَالآَخَرُ يُؤَخِّرُ الإِفْطَارَ وَيُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ، قَالَتْ أَيُّهُمَا الَّذِي يُعَجِّلُ الإِفْطَارَ وَيُعَجِّلُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: قُلْنَا عَبْدُ الله يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَتْ: كَذَلِكَ كَانَ يَصْنَعُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم»[20].

 

وَالمُؤَخِّرُ أَيْضًا هُوَ الَّذِي يُؤَخِّرُ العَذَابَ بِمُقْتَضَى حِكْمَتِهِ ابْتِلَاءً لِعِبَادِهِ لَعَلَّهُمْ يَتُوبُونَ إِلَيْهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [النحل: 61]، وَقَالَ تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42].

 

فَالمُؤَخِّرُ هُوَ المُنَزِّلُ لِلأَشْيَاءِ مَنَازِلَهَا يُقَدِّمُ مَا يَشَاءُ بِحِكْمَتِهِ وَيُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ[21]، وَالفَرْقُ بَيْنَ الآَخِرِ وَالمُؤَخِّرِ أَنَّ الآَخِرَ دَلَّ عَلَى صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ وَالمُؤَخِّرَ دَلَّ عَلَى صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الفِعْلِ.

 

وَلَيْسَا فِي القُرْآَنِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ، وَلَا وَرَدَ فِي القُرْآَنِ فِعْلٌ يُشْتَقُّ مِنْهُ مُقَدَّمٌ.

 

وَوَرَدَ فِعْلُ المُؤَخِّرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42].

 

وَجَاءَ فِي حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ...؛ الحَدِيثُ.

 

وَفِيهِ: «أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ»[22]، خَرَّجَهُ الأَئِمَّةُ وَأَجْمَعَتْ عَلَيْهَا الأُمَّةُ.

 

وَلَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الآَخَرِ، قَالَهُ الحُلَيْمِي، وَكِلَاهُمَا ظَاهِرُ المَعْنَى، وَهُمَا مِنْ صِفَاتِ الأَفْعَالِ، يَرْفَعُ مَنْ يَشَاءُ، وَيَخْفِضُ مَنْ يَشَاءُ، وَيُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ، وَيُقَرِّبُ مَنْ يَشَاءُ، وَيُبْعِدُ مَنْ يَشَاءُ، فَمَنْ قُدِّمَ فَقَدْ نَالَ المَرَاتِبَ العُلَى، وَمَنْ أُخِّرَ فَقَدْ رُدَّ إِلَى السُّفْلَى.

 

قَالَ الحُلَيْمِي: «المُقَدِّمُ هُوَ المُعْطِي لِعَوَالِي المَرَاتِبِ، والمُؤَخِّرُ هُوَ الدَّافِعُ عَنْ عَوَالِي الرُّتَبِ, فَقَرَّبَ أَنْبِيَاءَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ بِتَقْرِيبِهِ وَهِدَايَتِهِ، وَأَخَّرَ أَعْدَاءَهُ بِإِبْعَادِهِ، وَضَرَبَ الحِجَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، قَدَّرَ المَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ، وَقَدَّمَ مَنْ أَحَبَّ مِنْ أَوْلِيَائِهِ عَلَى عَبِيدِهِ، وَرَفَعَ الخَلْقَ بَعضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ، ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 23].

 

فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ المُقَدِّمُ المُؤَخِّرُ لِكُلِّ اعْتِبَارٍ، قَدَّمَ مَنْ شَاءَ وَأَخَّرَ مَنْ شَاءَ، فِي الخَلْقِ وَالرُّتْبَةِ، أَوِ الرُّتْبَةِ دُونَ الخَلْقِ، بِإِرَادَةٍ خَصَّصَهَا بِذَلِكَ وَهُوَ اللهُ تَعَالَى.

 

فَإِرَادَتُهُ اقْتَضَتْ ذَلِكَ، ثُمَّ صَدَرَتِ المَوْجُودَاتُ مِنَ القُدْرَةِ عَلَى وِفْقِ الإِرَادَةِ مُتَدَرِّجَةً شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، وَمُتَقَدِّمَةً بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، كَمَا صَرَّحَ القُرْآَنُ أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا مَوْجُودَةٌ فِي سِتَّةِ أَيْامٍ ـ فَالسَّمَوَاتُ مِنْهَا فِي يَوْمَينِ، وَالأَرْضُ بِمَا فِيهَا فِي أَرْبَعِةِ أَيَّامٍ ـ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي اسْمِهِ (الخَالِقِ).

 

وَإِذَا كَانَ هَذَا فَحَقُّ الإِنْسَانِ أَنْ يُقَدِّمَ مَا قَدَّمَهُ اللهُ، وَيُؤَخِّرَ مَا أَخَّرَهُ اللهُ، حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فِي اسْمِهِ الخَافِضِ الرَّافِعِ، فَيُعِزُّ مَنْ أَعَزَّهُ اللهُ بِطَاعَتِهِ مِنْ إِخْوَانِهِ المُؤْمِنِينَ، وَيَهْجُرُ مَنْ أذَلَّهُ اللهُ بِمَعْصِيَتِهِ، ثُمَّ إِذَا تَابَ، عَطَفَ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ بِحَسَبِ دَرَجَتِهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ ل: «أَمَرَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ نُنْزِلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ»[23]،(2).

 

ثالثًا: وُرُودَهُمَا فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ[24]:

1- وَرَدَا فِي حَديثِ أَبِي بُردَةَ بِنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي جَدِّي وَهَزْلِي، وَخَطَئِي وعَمْدِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أنتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»[25].

 

2- وَوَرَدَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي وَصْفِهِ لِصَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ يَقُولُ:... ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِّ وَالتَّسْلِيمِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ»[26].

 

3- وَوَرَدَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ لك مُلْكُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، ولِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، والجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حق، والنبيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَدٌ حَقٌّ، والسَّاعَةُ حَقْ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آَمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَوْ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ»[27].

 

رابعًا: مَعْنَى الاسْمَينِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى:

قَالَ الخَطَّابِيُّ: «(المُقَدِّمُ) هُوَ المُنَزِّلُ لِلأَشْيَاءِ مَنَازِلَهَا، يُقَدِّمُ مَا يَشَاءُ مِنْهَا، وَيُؤَخِّرُ مَا شَاءَ، قَدَّمَ المَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ، وَقَدَّمَ مَنْ أَحَبَّ مِنْ أَوْلِيَائِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ عَبِيدِهِ، وَرَفَعَ الخَلْقَ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ، وَقَدَّمَ مَنْ شَاءَ بِالتَّوْفِيقِ إِلَى مَقَامَاتِ السَّابِقِينَ، وَأَخَّرَ مَنْ شَاءَ عَنْ مَرَاتِبِهِمَ وَثَبَّطَهُمْ عَنْهَا، وَأَخَّرَ الشَّيْءَ عَنْ حِينِ تَوَقُّعِهِ، لِعِلْمِهِ بِمَا فِي عَوَاقِبِهِ مِنَ الحِكْمَةِ، لَا مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ، وَلَا مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ»؛ قَالَ: «وَالجَمْعُ بَيْنَ هَذِينِ الاسْمَينِ أَحْسَنُ مِنَ التَّفْرِقَةِ»[28]، وقال الحليمي: «(المُقَدِّمُ): وَهُوَ المُعْطِي لِعَوَالِي الرُّتَبِ، وَمِنْهَا (المُؤَخِّرُ): وَهُوَ الدَّافِعُ عَنْ عَوَالِي الرُّتَبِ»[29]، وَقَالَ البَيْهَقِي: «(المُقَدِّمُ وَالمُؤَخِّرُ): هُوَ المُنَزِّلُ لِلْأَشْيَاءِ مَنَازِلَهَا، يَقُدِّمُ مَا يَشَاءُ وَمَنْ شَاءَ، وَيُؤَخِّرُ مَا شَاءَ وَمْنَ شَاءَ»[30]، وَقَالَ ابْنُ الأَثِيرِ: «فِي أَسْمَاءِ الله تَعَالَى (المُقَدِّمُ): هُوَ الَّذِي يُقَدِّمُ الأَشْيَاءَ وَيَضَعُهَا فِي مَوَاضِعِهَا، فَمَنِ اسْتَحَقَّ التَّقْدِيمَ قَدَّمَهُ[31].

 

وَقَالَ فِي (المُؤَخِّرِ): «هُوَ الَّذِي يُؤَخِّرُ الأَشْيَاءَ فَيَضَعُهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَهُوَ ضِدُّ المُقَدِّمِ»[32]، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: «يُقَدّمُ مَن يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ إِلَى رَحْمَتِهِ بِتَوْفِيقِهِ وَيُؤَخِّرُ مَنْ يَشَاءُ عَنْ ذَلِكَ لِخُذْلَانِهِ»[33].

 

وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ:

وَهُوَ المُقَدِّمُ وَالمُؤَخِّرُ ذَانِكَ ال
صِّفَتَانِ للأَفْعَالِ تَابِعَتَانِ
وَهُمَا صِفَاتُ الذَّاتِ أَيْضًا إِذْ هُمَا
بِالذَّاتِ لَا بِالغَيْرِ قَائِمَتَانِ

إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ/ [34].

 

خامسًا: ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بِهَذَيْنِ الاسْمَينِ:

1- مِنْ أَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ (المُقَدِّمُ) وَ(المُؤَخِّرُ)، وَهُمَا مِنَ الأَسْمَاءِ المُتقَابِلَةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ إِفْرَادُ أَحَدِهِا عَنْ مُقَابَلِهِ، كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ فِي المُعِزِّ وَالمُذِلِّ، والخَافِضِ والرَّافِعِ، وَالقَابِضِ والبَاسِطِ، وَالمَانِعِ والمُعْطِي، وَنَحْوِهَا.

 

فَهُوَ سُبْحَانَهُ المُقَدِّمُ لِبَعْضِ الأَشْيَاءِ عَلَى بَعْضٍ، إِمَّا تَقْدِيمًا كَوْنِيًّا، كَتَقْدِيمِ بَعْضِ المَخْلُوقَاتِ فِي الوَجُودِ عَلَى بَعْضٍ، وَكَتَقْدِيمِ الأَسْبَابِ عَلَى مُسَبِّبَاتِهَا، والشُّرُوطِ عَلَى مَشْرُوطَاتِهَا.

 

وَإِمَّا تَقْدِيمًا شَرْعِيًّا مَعْنَوِيًّا، كَتَفْضِيلِ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عَلَى سَائِرِ البَشَرِ، وَتَفْضِيلِ بَعْضِ النَّبِييِّنَ عَلَى بَعْضٍ، وَتَفْضِيلِ العِبَادِ كَذَلِكَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.

 

وَهُوَ سُبْحَانَهُ المُؤَخِّرُ لِبَعْضِ الأَشْيَاءِ عَنْ بَعْضِ، إِمَّا بِالزَّمَانِ أَوْ بِالشَّرْعِ كَذَلِكَ.

 

وَالتَّقْدِيمُ والتَأْخِيرُ صِفَتَانِ مِنْ صِفَاتِ الأَفْعَالِ التَّابِعَةِ لِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى وَحِكْمَتِهِ وَهُمَا أَيْضًا صِفَتَانِ لِلذَّاتِ، إِذْ قِيَامُهَا بِالذَّاتِ لَا بِغَيْرِهَا.

 

وَهَكَذَا كُلُّ صِفَاتِ الأَفْعَالِ هِيَ مِنْ هَذَا الوَجْهِ صِفَاتٌ ذَاتٍ؛ حَيْثُ إنَّ الذَّاتَ مُتَّصِفَةٌ بِهَا، وَمِنْ حَيْثُ تَعَلُّقِهَا بِمَا يَنْشَأُ عَنْهَا مِنَ الأَقْوَالِ والأَفْعَالِ تُسَمَّى صِفَاتِ أَفْعَالٍ.

 

وِلِهَذَا غَلَطَ عُلَمَاءُ الكَلَامِ مِنَ الأَشَاعِرَةِ حِينَ ظَنُّوا أَنَّ هُنَاكَ نَوْعِينِ مُخْتَلِفَينِ مِنَ الصِّفَاتِ: أَحَدُهُمَا: قَائِمٌ بِالذَّاتِ لَازِمٌ لَهَا. كَصِفَاتِ المَعَانِي السَّبْعَةِ الَّتِي هِيَ:

1- العِلْمُ.

2- وَالقُدْرَةُ.

3- وَالإِرَادَةُ.

4- وَالحَيَاةُ.

5- والسَّمْعُ.

6- وَالبَصَرُ.

7- وَالكَلَامُ.

 

والثاني: صِفَاتُ أَفْعَالٍ لَا تَقُومُ عِنْدَهُمْ بِالذَّاتِ بَلْ هِيَ نِسَبٌ إِضَافِيَّةٌ عَدِمِيَّةٌ، تَنْشَأُ مِنْ إِضَافَةِ المَفْعُولِ لِفَاعِلِهِ، وَلَا يُعْقَلُ لَهَا وُجُودٌ إِلَّا بِتِلْكَ الإِضَافَةِ، فَوُجُودُهَا أَمْرٌ سَلْبِيٌّ، وَلَيْسَ لَهَا وَجُودٌ فِي نَفْسِهَا، فَلَيْسَ ثِمَتَ عِنْدَهُمْ مَوْجُودٌ إِلَّا المَفْعُولَاتُ، وَأَمَّا الأَفْعَالُ فَنِسَبٌ وَإِضَافَاتٌ!

 

وَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ! مُخَالِفٌ كَمَا قَدَّمْنَا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الكِتَابُ والسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ السَّلَفِ، بَلْ وَالعَقْلُ أَيْضًا، الَّذِي يَقْضِي بِأَنْ تَكُونَ صِفَاتُ الأَفْعَالِ قَائِمَةً بِمَنْ فَعَلَهَا، وَيَكُونَ مُتَّصِفًا بِهَا مَنْ قَالَهَا أَوْ عَمِلَهَا، إِذًا لَا يُتَصَوَّرُ فِي العَقْلِ مَفْعُولٌ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ، وَلَا مَخْلُوقٍ مِنْ غَيْرِ خَالِقٍ، كَمَا لَا يَتَصَوَّرُ أَحَدٌ اسْمًا مُشْتَقًّا وَلَا يَكُونُ دَالًّا عَلَى صِفَةٍ فِي المَحَلِّ المُسَمَّى بِهِ.

 

وَالَّذِي أَوْقَعَهُمْ فِي هَذَا الغَلَطِ الشَّنِيعِ: أَنَّ صِفَاتِ الأَفْعَالِ عِنْدَهُمْ لَا تَكُونُ إِلَّا حَادِثَةً! لِتَعَلُّقِهَا بِالمَفْعُولَاتِ الحَادِثَةِ.

 

فَيَسْتَحِيلُ عِنْدَهُمْ قِيَامُهَا بِذَاتِهِ تَعَالَى؛ لَأَنَّ قِيَامَ الحَوَادِثِ بِهِ مُسْتَلْزِمٌ لِحدُوثِهِ، فَارْتَكَبُوا بِهَذِهِ الأَكذُوبَةِ أَعْظَمَ جِنَايَةٍ عَلَى الدِّينِ، حَيْثُ نَفَوا كُلَّ الصِّفَاتِ الفِعْلِيَّةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، مِنَ الاسْتِوَاءِ عَلَى العَرْشِ والنُّزُولِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَتَكْلِيمِهِ لِبَعْضِ عِبَادِهِ فِي بَعْضِ الأَزْمِنَةِ، وَحُبِّهِ وَرِضَاهُ وَغَضَبِهِ وَمَقْتِهِ... إلخ.

 

كَمَا نَفَوا أَفْعَالَهُ الَّتِي يُوجِدُهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ تَبَعًا لِحكْمَتِهِ، وَأَقْوَالَهُ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا شَيْئًا بَعْد شَيءٍ كَذَلِكَ! وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا التَّعْطِيلَ لِأَفْعَالِهِ لَهْوٌ كَتَعْطِيلِ الجَهْمِيَّةِ وَالمُعْتَزِلَةِ لِصِفَاتِ ذَاتِهِ بِلَا فَرْقٍ أَصْلًا، فَإِذَا كَانَ هَذَا التَّعْطِيلُ لِصِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ بَاطِلًا بِإِقْرَارِ هَؤُلَاءِ أَنْفُسِهِمْ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّعْطِيلُ لِصِفَاتِهِ الفِعْلِيَّةِ بَاطِلًا كَذَلِكَ[35].

 

2- وَقَالَ القُرْطُبِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حَدِيثَ ابنِ عَبَّاسٍ السَّابِقَ: «خَرَّجَهُ الأَئِمَةُ، وَأَجْمَعَتْ عَلَيْهِمَا الأُمَّةُ، وَلَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الآَخَرِ، قَالَهُ الحُلَيْمِي».

 

وَكِلَاهُمَا ظَاهِرُ المَعْنَى، وَهُمَا مِنْ صِفَاتِ الأَفْعَالِ، يَرْفَعُ مَنْ يَشَاءُ، وَيَخْفِضُ مَنْ يَشَاءُ، وَيُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ، وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ، وَيُقَرِّبُ مَنْ يَشَاءُ، وَيُبْعِدُ مَنْ يَشَاءُ، فَمَنْ قُدِّمَ فَقَدْ نَالَ المَرَاتِبَ العُلَى، وَمَنْ أُخِّرَ فَقَدْ رُدَّ إِلَى السُّفْلَى.

 

قَالَ الحُلَيْمِي: «(المُقَدِّمُ): هُوَ المُعْطِي لِعَوَالِي الرُّتَبِ، وَ(المُؤَخِّرُ) هُوَ الدَّافِعُ عَنْ عَوَالِي الرُّتَبِ»، فَقَرَّبَ أَنْبِيَاءَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ بِتَقْرِيبِهِ وَهِدَايَتِهِ، وَأَخْزَى أَعْدَاءَهُ بِإِبْعَادِهِ، وَضَرَبَ الحِجَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ.

 

قَدَّرَ المَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ، وَقَدَّمَ مَنْ أَحَبَّ مِنْ أَوْلِيَائِهِ عَلَى عَبِيدِهِ، وَرَفَعَ الخَلْقَ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ، ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 23].

 

وَكُلُّ مُمْكِنٍ إِنَّمَا تَخَصَّصَّ فِي زَمَانِهِ وَصِفَاتِهِ وَسَائِرِ أَحْوَالِهِ، بِإِرَادَةِ الخَالِقِ سُبْحَانَهُ.

 

وَقَدْ يُرَادُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ: بَعْضُ المَوْجُودَاتِ عَلَى بَعْضٍ فِي الإِبْدَاعِ، وَتَأْخِيرِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ.

 

وَقَدْ يُرَادُ بِهِمَا: تَقْدِيمُ بَعْضِ المَوْجُودَاتِ عَلَى بَعْضٍ فِي الرُّتَبَةِ وَالشَّرَفِ، وَتَأْخِيرُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، كَمَا ذَكَرْنَا.

 

فَعَلَى هَذَا، قَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ مُقَدَّمًا فِي الإِبْدَاعِ وَالشَّرَفِ مَعًا، وَقَدْ يَكُونُ مُقَدَّمًا فِي الإِبْدَاعِ مُؤَخَّرًا فِي الشَّرَفِ.

 

وَقَدْ يَكُونُ مُؤَخَّرًا فِي الإِبْدَاعِ مُقَدَّمًا فِي الشَّرَفِ، كَمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الَّذِي هُوَ آَخِرُ الأَنْبِيَاِء وَهُوَ أَشْرَفُهُم، وَكَنَوعِ الإِنْسَانِ الَّذِي أَبْدَعَهُ اللهُ بَعْدَ مَوْجُودَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَفَضَّلَهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْهَا، وَقَدَّمَ إِبْلِيسَ قَبْلَ مَوْجُودَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَهُوَ شَرٌّ مَنْهَا كُلِّهَا، وَقَدْ يَجْتَمِعُ لِبَعْضِ المَوْجُودَاتِ تَقْدِيمُ الإِبْدَاعِ وَالشَّرَفِ، كَالعَرْشِ والكُرْسِي وَالقَلَمِ وَالعَقْلِ، الَّذِي هُوَ مِنْ أَوَّلِ المُبْتَدَعَاتِ، وَهِي عِنْدَ الله مُشْرَّفَاتٌ[36].

 

3- فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ المُقَدِّمُ المُؤَخِّرُ بِكُلِّ اعْتِبَارٍ، قَدَّمَ مَنْ شَاءَ وَأَخَّرَ مَنْ شَاءَ، فِي الخَلْقِ وَالرُّتبةِ، أَوِ الرُّتْبَةِ دُونَ الخَلْقِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

 

وَإِذَا كَانَ هَذَا فَحَقٌّ عَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يُقَدِّمَ مَا قَدَّمَهُ اللهُ، وَيُؤَخِّرَ مَا أَخَّرَهُ اللهُ، فَإِنَّهُ تَعَالَى الخَافِضُ الرَّافِعُ، فَيُعِزُّ مَنْ أَعَزَّهُ اللهُ بِطَاعَتِهِ مِنْ إِخْوَانِهِ المُؤْمِنِينَ، وَيَهْجُرُ مَنْ أَذَلَّهُ اللهُ بِمَعْصِيَتِهِ، ثُمَّ إِذَا تَابَ عَطَفَ عَلَيْهِ وَقَدَّمَهُ بِحَسْبِ دَرَجَتِهِ[37].

 

فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَهُ اللهُ تَعَالَى، وَيُقَدِّمَهُ عَلَى غَيْرِهِ، فَلْيُسَابِقْ إِلَى طَاعَتِهِ والعَمَلِ بِمَرْضَاتِهِ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ مَحْبُوبَاتِهِ فَإِنَّهُ سَبِيلُ التَّقْدِيمِ إِلَى مَرَاتِبِ الشَّرَفِ وَالكَرَامَةِ وَالخَيْرِ والرَّحْمَةِ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ.

 

وَأَمَّا مَنْ تَرَاخَى عَنِ الأَخْذِ بِمَعَاقِدِ العِزِّ وَالشَّرَفِ، وَتَكَاسَلَ عَنِ القِيَامِ بِمَا أَوْجَبَ اللهُ تعالى عَلَيْهِ مِنَ الوَاجِبَاتِ وَتَخَلَّفَ، وَتَعَدَّى حُدُودَ الله، وَلِلِتَّوْبَةِ سَوَّفَ، فَإِنَّهُ المُتَأَخِّرُ عَنْ دَرَجَاتِ الخَيْرِ وَالثَّوَابِ، المُؤَخَّرُ فِي الآَلَامِ وَالعَذَابِ.

 

فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا فَقَالَ لَهُمْ: «تَقَدَّمُوا فَأَتَمُّوا بِي، وَلَيْأتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، لَا يَزَالُ قَومٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُم»[38].

 

وَفِي رِوَايَةٍ: رَأَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَوْمًا فِي مُؤخَّرِ المَسْجِدِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ[39]، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى «يُؤَخِّرُهُم اللهُ»: أَيْ عَنْ رَحْمَتِهِ، وَقَدْ وَرَدَ مَا يُشْبِهُ هَذَا؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ عَنِ الصَّفِّ الأَوَّلِ، حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللهُ فِي النَّارِ»[40]، وِلِهَذَا حَثَّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ إِلَى التَّقَدُّمِ إِلَى الصُّفُوفِ الأُولَى وَالتَّسَابُقِ عَلَيْهَا، وَالتَّبْكِيرِ إِلَى المَسَاجِدِ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ، لاسْتَبَقوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمةِ والصُّبحِ لأَتَوْهُما وَلَوْ حَبْوًا»[41].

 

وَقَدْ قَالَ تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحديد: 21].

 

فَمَنْ كَانَ سَبَّاقًا إِلَى الخَيْرَاتِ وَعَمَلِ الصَّالِحَاتِ فِي الدُّنْيَا، كَانَ مِنَ السَّابِقِينَ لِدُخُولِ الجَنَّاتِ فِي الأُخْرَى، وَالنَّاسُ فِي هَذَا دَرَجَاتٌ، فَفِي الحَدِيثِ فِي صِفَاتِ المَارِّينَ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ صلى الله عليه وسلم: «... فَيَمرُّ أَوَّلُكم كَالبَرْقِ، قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَيُّ شَيْءٍ كَمرِّ البَرْقِ؟ قَالَ: أَلَمْ تَرَوا إِلَى البَرقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ فِي طَرفةِ عَيْنٍ؟ ثُمَّ كَمرِّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ وَشَدَّ الرِّجَالِ، تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهمْ، وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ: رَبِّ سَلِّم سَلِّم، حَتَّى تَعْجَزُ أَعْمَالُ العِبَادِ، حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فَلَا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلَّا زَحْفًا، قَالَ: وَفِي حَافَّتَيِ الصِّرَاطِ كَلَالِيبٌ مُعَلَّقةٌ مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ، فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ وَمَكْدُوسٌ فِي النَّارِ»[42].

 

وَيَذْكُرُ صلى الله عليه وسلم مَنْ أُخِّرَ عَنْ دُخُولِ الجَنَّةِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ كُلُّهُمْ إِلَى مَنَازِلِهمْ وَبَقِي هُوَ، فَيَقُولُ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ: «.. ثُمَّ يَفْرُغ اللهُ تَعَالَى من القضاء بين العباد، ويَبْقَى رَجلٌ مقبلٌ بوجهه على النار، وهو آخرُ أهل الجنة دخولًا الجنة، فيقول: أي ربِّ! اصْرِف وَجْهِي عَنِ النَّارِ، فإنه قد قشبني ريحُها وأَحرقني ذكاؤُها فَيْدعو الله مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدْعُو، ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ! فَيَقُولُ: لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، وَيُعْطِي رَبَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ مَا شَاءَ اللهُ، فَيَصْرِفُ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى الجَنَّةِ وَرَآَهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: أيْ رَبِّ! قَدِّمْنِي إِلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أُعْطِيتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ لَا تَسْأَلُنِي غَيْرِ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ وَيْلَكَ يَا ابْنَ آَدَمَ مَا أَغْدَرَكَ! فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ! فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ اللهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الجَنَّة، فَإِذَا قَامَ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ انْفَهَقَتْ[43] لَهُ الجَنَّةُ، فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الخَيْرِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ! أَدْخِلْنِي الجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعْطِيتَ، وَيْلَكَ يَا بْنَ آَدَمَ مَا أَغْدَرَكَ! فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ! لَا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو اللهَ حَتَّى يَضْحَكَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ، فَإِذَا ضَحِكَ اللهُ مِنْهُ، قَالَ: ادْخُلِ الجَنَّةَ، فَإِذَا دَخَلَهَا قَالَ اللهُ لَهُ: تَمَنَّهْ، فَيَسْأَلُ رَبَّهُ وَيَتَمَنَّى، حَتَّى إِنَّ اللهَ لَيُذَكِّرُهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا[44]، حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِي. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ».

قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ: وَأَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا، حَتَّى إِذَا حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ اللهَ قَالَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ: «وِمِثْلُهُ مَعَهُ»، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا حَفِظْتُ إِلَّا قَوْلَهُ: «ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ»، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَشْهَدُ أَنِّي حفظتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «ذَلِكَ لَكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ»، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَذَلِكَ الرجلُ آخر أهل الجنةِ دخولًا الجنة[45].



[1] رَوَى مسلمٌ عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «ما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بيتٍ مِنْ بِيوتِ الله، يَتْلُونَ كِتابَ الله ويَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلا نزلتْ عَليهم السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُم الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُم الملائكةُ، وَذَكَرَهُم اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».

[2] َروَى الإمامُ أَحمدُ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (5507) عن أنسِ بنِ مالكٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا اجْتَمَعَ قَومٌ عَلَى ذِكْرٍ، فَتَفَرَّقُوا عنه إلا قِيلَ لَهُمْ قُومُوا مَغْفُورًا لَكُم»، ومَجَالِسُ الذِّكْرِ هِيَ المجالسُ التي تُذَكِّرُ بِالله وبآياتهِ وأحكامِ شرعهِ ونحو ذلك.

[3] في الصحيحين عن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ غَدَا إلى المسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللهُ له في الجنةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أو رَاحَ».

وفي صحيح مُسْلِمٍ عَنْه أيضًا أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَطَهَّرَ في بيتهِ ثُمَّ مَضَى إلى بيتٍ مِنْ بيوتِ الله لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ الله كانتْ خُطُواتُه: إِحدَاها تَحطُّ خَطِيئَةً، والأُخْرَى تَرْفَعُ دَرجةً».

[4] رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ في صَلَاةٍ مَا دَامَتِ الصلاةُ تَحْبِسُه، لا يَمْنَعُه أَنْ يَنْقَلِبَ إِلى أهلهِ إلا الصلاةُ».

ورَوَى البُخَاريُّ عَنه أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الملائكةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكم مَا دامَ فِي مُصَلَّاهُ الذي صَلَّى فيه، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللهُمَّ ارْحَمْه».

[5]، (4) رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ سَهْل بْنِ سَعْدٍ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لعلي بنِ أبي طالبٍ: «فوالله لأنْ يَهْدِي اللهُ بك رَجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النِّعَمِ».

رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ دَعَا إلى هُدَى كَانَ لَه مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَه، لا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهم شيئًا».

[6] رَوَى التِّرْمِذِيُّ وصحَّحَه الألبانيُّ عن أبي أمامةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ اللهَ وملائكتَه، حتى النملةَ فِي جُحْرِها، وحتى الحوتَ في البحرِ لَيُصَلُّون عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخيرَ»، وَصلاةُ الملائكةِ الاسْتِغْفَارُ.

[7] البخاري في كتاب التهجد، باب التهجد بالليل (1/ 377) (1069).

[8] البخاري في كتاب الصوم، باب صوم رمضان احتسابًا من الإيمان (1/ 22) (38).

[9]لسان العرب (12/ 467)، كتاب العين (5/ 122)، عون المعون (2/ 331).

[10] النسائي في الأذان، باب رفع الصوت بالأذان (2/ 13) (646)، وانظر صحيح الجامع (1841).

[11] مسلم في الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها (1/ 326) (439).

[12] أبو داود في الصلاة، باب تسوية الصفوف (1/ 180) (671)، وانظر: صحيح الجامع (122).

[13] انظر: طبقات الصوفية (ص: 489)، والتعرف لمذهب أهل التصوف (ص: 161)، وصفة الصفوة (2/ 249).

[14] البخاري في الجنائز، باب السرعة بالجنازة (1/ 442) (1315).

[15] النهاية في غريب الحديث (4/ 25).

[16] البخاري في الجنائز، باب ما يكره من الصلاة على المنافقين (1/ 459) (1300).

[17] البخاري في العلم، باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها (1/ 43) (83).

[18] البخاري في كتاب تقصير الصلاة، باب يؤخر الظهر إلى العصر (1/ 374) (1060)، وانظر: كتاب العين للخليل بن أحمد (4/ 303)، والمغرب للمطرزي (1/ 32).

[19] مسلم في القدر، باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا زيد ولا نقص (4/ 2050) (2663).

[20] مسلم في كتاب الصيام، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه (2/ 771) (1099).

[21] لسان العرب (4/ 11).

[22] صحيح: أخرجه البخاري (1120) في الجمعة، باب التهجد بالليل، ومسلم (769) في صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه.

[23] موقوف: أخرجه مسلم في المقدمة.

(2) الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى للقرطبي (1/ 373-375) بتصرف.

[24] النهج الأسمى (3/ 54-64).

[25] أخرجه البخاري في الدعوات (11/ 196)، ومسلم في الذكر والدعاء (4/ 2087).

[26] أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1/ 536).

[27] أخرجه البخاري في مواضع أولها: في التهجد (3/ 3).

[28] انظر: الأسماء والصفات للبيهقي (ص: 86).

[29] المنهاج (ص: 207-208)، وذكرهما ضمن الأسماء التي تتبع إثبات التدبير له دون ما سواه، ونقله البيهقي في الأسماء (ص: 86)، والقرطبي في الأسنى (ورقة 362 أ).

[30] الاعتقاد (ص: 63).

[31] النهاية (4/ 25)، ونقله ابن منظور في اللسان (5/ 3552) ولم يعزه.

[32] المصدر السابق (1/ 29)، واللسان (1/ 38).

[33] شرح مسلم (17/ 40).

[34] النونية (2/ 241) بشرح أحمد بن عيسى، وقد وقع في البيت الأول (الصفان)، (تابعان)، وكلاهما خطأ، وقد وقعا على الصواب في مطبوعة الهراس / (2/ 109).

[35] من كلام الشيخ محمد خليل هراس / على النونية (2/ 110-111)، وانظر شرح الشيخ أحمد بن عيسى إن شئت (2/ 242) وما بعدها.

[36] الكتاب الأسنى (2/ ورقة 362أ-ب)، وهو بنحو ما قال الغزالي في المقصد (ص: 85).

[37] المصدر السابق باختصار وتصرف.

[38] أخرجه مسلم في الصلاة (1/ 325)، وأبو داود (680)، والنسائي (2/ 83)، وابن ماجه (978).

[39] أخرجها مسلم في الموضع السابق.

[40] صحيح: أخرجه أبو داود (679)، وعبد الرزاق في المصنف (2453)، وابن خزيمة (1559)، وابن حبان (5/ 2156) وفي حديث سنده لين لكنه يتقوى بما قبله.

[41] رواه مسلم في الصلاة (1/ 325) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[42] رواه مسلم في الإيمان (1/ 187) من حديث أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما.

[43] أي انفتحت واتسعت.

[44] أي يقول له ربه: تمن من الشيء الفلاني والشيء الفلاني، يسمي له أجناس ما يتمنى، فسبحان الملك الرؤوف الرحيم.

[45] رواه البخاري في الرقاق (11/ 445)، وفي التوحيد (13/ 420)، ومسلم في الإيمان (1/ 165-167) من حديث عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة رضي الله عنه به.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المحيط جل جلاله، وتقدست أسماؤه (2)
  • المصور جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • المستعان جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • المسعر جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • المعطي جل جلاله، وتقدست أسماؤه (2)
  • المقيت جل جلاله، وتقدست أسماؤه (2)
  • الناصر- النصير جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • الهادي جلاله وتقدست أسماؤه

مختارات من الشبكة

  • من أسمائه تعالى: (المقدم والمؤخر، المعطي المانع، الضار النافع، الخافض الرافع)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (المقدم - المؤخر)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حال المؤمن المقدم على الابتلاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الصف المقدم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سويسرا: العفو الدولية تنتقد رفض طلب اللجوء السياسي المقدم من أحد الإيجور(مقالة - المسلمون في العالم)
  • فرنسا: القاضي يأمر بافتتاح مسجد فريوس(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تخريج حديث: أن عثمان مسح مقدم رأسه بيده مرة واحدة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما له وجهان عند حفص من الشاطبية والمقدم أداء فيهما عند المحققين (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • منهج الإمام البخاري في الجمع والتفريق مقدما بدراسات روايات (التاريخ الكبير)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حافظ القرآن مقدم في الدنيا والآخرة(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب