• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

ثمرة تحقيق الإيمان (خطبة)

ثمرة تحقيق الإيمان (خطبة)
د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/10/2024 ميلادي - 6/4/1446 هجري

الزيارات: 5467

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثمرة تحقيق الإيمان

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.


﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وبعد.

 

لقد ظلَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله عز وجل ثلاثًا وعشرين سنة، قضى منها ثلاثَ عشرةَ سنةً يدعو إلى التوحيد والإيمان، وذلك قبل نزول الفرائض، ولم تخلُ العشر الأخرى من الدعوة إلى الإيمان أيضًا، فلما استقر الإيمان في قلوب الناس انقادوا للعمل بشرع الله عز وجل.

 

هذه ثمرة استقرار الإيمان في القلوب؛ الانقياد لشرع الله تعالى، وهذا هو الفارق بيننا وبين الصحابة رضي الله عنهم.

 

الصحابة رضي الله عنهم لما حققوا الإيمان، سارعوا إلى امتثال أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما نحن فأكثرنا لا يمتثل أمرًا، ولا يجتنب نهيًا، وسبب ذلك عدم تحقيق الإيمان، نسمع قال الله عز وجل، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكأننا لم نسمع شيئًا.

 

انظر مثلًا إلى أحوال الناس مع الصلاة، أكثر المسلمين اليومَ يفرِّط في الصلاة، يسمع المنادي: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، ولا يجيب، وسبب ذلك عدم تحقيق الإيمان.

 

كذلك تجد بعض الناس يسمع ويقرأ آيات الربا ويضع ماله في البنوك الربوية، يسمع ويقرأ آيات غض البص وينظر إلى ما لا يحل له، يسمع ويقرأ آيات الظلم ويظلم... إلخ.

 

سبب ذلك كله عدم تحقيق الإيمان، وعدم استقراره في القلوب؛ لذلك السبيل إلى تحقيق شرع الله تعالى هو تحقيق الإيمان، واستقراره في القلوب.

 

الصحابة رضي الله عنهم لما حققوا الإيمان ملؤوا الدنيا عملًا وانقيادًا، جعلوا غايتهم تحقيق شرع الله تعالى؛ فسادوا الدنيا كلها.

 

وأنا أذكر لكم عدة أمثلة على سرعة استجابة الصحابة رضي الله عنهم لأمر الله عز وجل، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن دلَّ ذلك على شيء فإنه يدل على عظيم تحقيق الإيمان واستقراره في قلوبهم.

 

تحريم لحوم الحُمُر الأهلية:

كانت لحومُ الحُمُرِ الأهلية مباحةَ الأكلِ في بدايةِ الإسلَامِ ثمَّ حرَّمَها اللهُ عز وجل في غزوةِ خَيْبر[1].


فقَدْ أَصَابَتِ الناسَ مَجَاعَةٌ لَيَالِيَ خَيْبَر، ثُمَّ إِنَّ اللهَ فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ اليَوْمَ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ، نَحَرُوا الْحُمُرَ الْأَهْلِيَّةَ، وَأَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَلَمَّا غَلَتْ بِهَا الْقُدُورُ، مَرَّ بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقالَ: «مَا هَذِهِ النِّيرَانُ، عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ؟»، قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ، قَالَ: «عَلَى أَيِّ لَحْمٍ؟»، قَالُوا: عَلَى لَحْمِ حُمُرٍ إِنْسِيَّةٍ[2].


فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنِ اكْفَئُوا الْقُدُورَ، وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئًا، أَلَا إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْهَا، فَإِنَّهَا رِجْسٌ[3] مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ».


فَأُكْفِئَتِ[4] الْقُدُورُ[5] بِمَا فِيهَا، وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِمَا فِيهَا[6].


السؤال: ما الذي جعلهم يسارعون إلى امتثال أمر الله، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم مع أنهم كانوا في مجاعة، وفي حاجة شديدة إلى الطعام؟


إنه تحقيق الإيمان، لما حققوا الإيمان قدموا قول اللهِ ورسوله صلى الله عليه وسلم على شهواتهم وملذَّاتهم، وإن كان بهم حاجة وخصاصة.


تحريم الخمر:

كانت الخمر من أنفس أموال العرب في الجاهلية وصدر الإسلام، وكان بعض المسلمين يشربها كالماء، وبعضهم يتاجر فيها؛ بل كانت عماد تجارة بعضهم.


اسمع إلى سرعة استجابتهم عندما نزل تحريمها!


قَالَ أَنَسٌ رحمه الله: كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ، فَخَرَجْتُ، فَقُلْتُ: هَذَا مُنَادٍ يُنَادِي: «أَلَا إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ»، فَقَالَ لِي: اذْهَبْ فَأَهْرِقْهَا[7]، فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ[8]؛ أي: شوارعها وطُرُقها.


سرعة استجابة امرأة:

عن عبدِاللهِ بنِ عَمرٍو رضي الله عنه، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا، وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ[9] غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهَا: «أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟»، قَالَتْ: لَا، قَالَ: «أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟»، قَالَ: فَخَلَعَتْهُمَا، فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَتْ: هُمَا لِلَّهِ عز وجل، وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم[10].

 

هذه المرأة لما علمتْ أن منْعَ زكاة الذهب سببٌ للعذاب في النار تصدَّقَت به كله لله عز وجل، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه مبالغة شديدة في الامتثال لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم تكتفِ بإخراج زكاته، بل تصَدَّقت به كله لله عز وجل، وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم.

 

تصدق بأنفس أمواله لأجل آية:

عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رحمه الله، أنه قال: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالمدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ للهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ»[11].

 

فقد تصدق أَبُو طَلْحَةَ رحمه الله بأنفس أمواله وهو بيرحاء؛ ليحقق مرتبة البر، مع أن الله تعالى لم يأمره بذلك أمر إيجاب.

 

رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليقتله؛ ليكون كفارة له:

عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، طَهِّرْنِي، فَقَالَ «وَيْحَكَ! ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ»، فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، طَهِّرْنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَيْحَكَ! ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ»، فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! طَهِّرْنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ ذَلِكَ.

 

حَتَّى إِذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فيمَ أُطهِّرَكَ؟»، فقال: مِنَ الزِّنا.

 

فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَبِهِ جُنُونٌ؟»، فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ، فَقَالَ «أَشَرِبَ خَمْرًا؟»، فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ رِيحَ خَمْرٍ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَزَنَيْتَ؟»، فَقَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ، فَكَانَ النَّاسُ فِيهِ فِرْقَتَيْنِ: قَائِلٌ يَقُولُ: لَقَدْ هَلَكَ، لَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: مَا تَوْبَةٌ أَفْضَلَ مِنْ تَوْبَةِ مَاعِزٍ؛ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: اقْتُلْنِي بِالْحِجَارَةِ.

 

ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ»، قَالَ: فَقَالُوا: غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ»[12].

 

وهذه امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ليقتلها؛ ليغفر الله لها.

عَنْ بُرَيْدَةَ رحمه الله: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ غَامِدٍ، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ارْجِعِي»، فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ، أَتَتْهُ أَيْضًا، فَاعْتَرَفَتْ عِنْدَهُ بِالزِّنَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ارْجِعِي»، فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ، أَتَتْهُ أَيْضًا، فَاعْتَرَفَتْ عِنْدَهُ بِالزِّنَا، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، طَهِّرْنِي، فَلَعَلَّكَ أَنْ تُرَدِّدَنِي كَمَا رَدَّدْتَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ، فَوَاللهِ إِنِّي لَحُبْلَى، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ارْجِعِي حَتَّى تَلِدِي».

 

فَلَمَّا وَلَدَتْ جَاءَتْ بِالصَّبِيِّ تَحْمِلُهُ، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، هَذَا قَدْ وَلَدْتُ.

 

قَالَ: «فَاذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ»، فَلَمَّا فَطَمَتْهُ، جَاءَتْ بِالصَّبِيِّ فِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ، قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، هَذَا قَدْ فَطَمْتُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالصَّبِيِّ فَدَفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا حُفْرَةٌ، فَجُعِلَتْ فِيهَا إِلَى صَدْرِهَا، ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَرْجُمُوهَا، فَأَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِحَجَرٍ، فَرَمَى رَأْسَهَا، فَنَضَحَ الدَّمُ عَلَى وَجْنَةِ خَالِدٍ فَسَبَّهَا، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبَّهُ إِيَّاهَا، فَقَالَ: «مَهْلًا يَا خَالِد بْنَ الْوَلِيدِ، لَا تَسُبَّهَا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ[13] لَغُفِرَ لَهُ»، فَأَمَرَ بِهَا، فَصَلَّى عَلَيْهَا، وَدُفِنَتْ[14].

 

فانظروا إلى هذه المرأة، لقد ظلت ثلاث سنوات تتردد على النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقتلها، أتدرون لماذا؟

 

لأنها حققت الإيمان باليوم الآخر، علمت أن عذاب الآخرة أشد وأعظم من نعيم الحياة بأسرها؛ لذلك جادت بنفسها، وآثرت الآخرة الباقية على الدنيا الفانية.

 

أقول قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله وكفى، وصلاةً على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، وبعد:

أيها المسلم اللبيب، من حقق الإيمان بالله تعالى استقام على شرع الله تعالى.

 

إذا آمنتَ بأسماء الله وصفاته أثمر ذلك خوفك من عذاب الله، ورجاءك فيما عند الله.

 

وإذا آمنت بأن الله هو الرزاق توكلتَ عليه وحده في جلب الرزق دون ما سواه.

 

وإذا آمنت بأن الله يسمعك ويراك، وجعل عليك مَلكين يكتبان جميع أعمالك وأقوالك، فلن تقول قولًا، ولن تفعل فعلًا لا يرضي ربك عز وجل.

 

لن تكذب؛ لأنك توقن أن الله يسمعك.

 

ولن تغتاب أحدًا؛ لأنك توقن أن الله يسمعك.

 

ولن تسمع الأغاني، والاستهزاء، والسخرية، والنميمة؛ لأنك توقن أن الله يسمعك.

 

ولن تنظر إلى امرأة لا تحلُّ لك؛ لأنك توقن أن الله يراك.

 

ولن تتكاسل عن الصلاة؛ لأنك توقن أن الله يراك.

 

فالذي يكذبُ إنما يكذب؛ لأجل أنه حدث عنده ضعف في الإيمان باسم الله «السميع».

 

والذي يغتابُ إنما يغتاب؛ لأجل أنه حدث عنده ضعف في الإيمان باسم الله «السميع».

 

والذي يسمع الحرام إنما يسمعه؛ لأجل أنه حدث عنده ضعف في الإيمان باسم الله «السميع».

 

والذي يتكاسل عن الصلاة إنما يتكاسل عنها؛ لأجل أنه حدث عنده ضعف في الإيمان باسم الله «البصير».

 

والذي ينظرُ إلى ما لا يحل له، إنما ينظر إليه؛ لأجل أنه حدث عنده ضعف في الإيمان باسم الله «البصير».

 

والذي يظلم إخوانه، إنما يظلمهم؛ لأجل أنه حدث عنده ضعف في الإيمان بأن الله «ينتقم من الظالمين».

 

والذي يتجرأ على معصية الله، إنما يفعل ذلك؛ لأجل أنه حدث عنده ضعف في الإيمان بأن الله «شديد العقاب».

 

والذي ييأس من رحمة الله، إنما يفعل ذلك؛ لأنه حدث عنده ضعف في الإيمان باسم الله «الغفار».

 

أيها المتجرِّئُ على معصية ربك، كيف يكون حالك لو أنك تعمل في مؤسسة مديرُها ناظرٌ إليك؟ هل ستتجرأ على فعل أو قول شيء لا يُرضيه؟! فمالَك تتجرأ على معصية ربِّك؟! ومالَك تتجرأ على ما لا يرضي ربَّك؟!

 

ألا تعلم أن الله يرَاك، يسمعُك، يعلم ما تُخفيه في نفسك، قادر على الانتقام منك؟!

 

فلماذا لا تحافظ على الصلوات الخمس في جماعة؟ ولماذا تسمع الأغاني؟ ولماذا تنظر إلى ما لا يحل لك؟ ولماذا تكذب، وتغتاب، وتستهزئ؟

 

الدعاء:

• ﴿ رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10].

• ﴿ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [المؤمنون: 109].

• ربنا ارحمنا فإنك بنا راحم.

• ﴿ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ﴾ [الفرقان: 65].

• ربنا اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

• ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].

• اللهم ثبِّت قلوبَنا على الإيمان.

 

أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.

 


[1] انظر: صحيح البخاري (6961)، وصحيح مسلم (1407).

[2] حُمُر إنسية: نسبة إلى الإنس، وهي الحُمُر التي يستأنسها الناس؛ وحُمُر: جمع حِمار.

[3] رجس: أي قذر، ونتن.

[4] فأكفئت: أي قُلبت.

[5] القدور: أي الأواني التي يُطبخ فيها.

[6] انظر: صحيح البخاري (4198، 6148)، وصحيح مسلم (1937، 1939، 1940)، عن أنس، وابن أبي أوفى، وسلمة بن الأكوع رضي الله عنهم.

[7] فأهرقها:من الإهراق، وهو الإسالة والصب، وأصله الإراقة، والهاء زائدة.

[8] متفق عليه: رواه البخاري (4620)، ومسلم (1980).

[9] مَسَكَتَانِ؛ أي: سواران.

[10] صحيح: رواه أبو داود (1563)، والترمذي (637)، والنسائي (2479)، وصححه الألباني. 566).

[11] متفق عليه: رواه البخاري (1461)، ومسلم (998).

[12] صحيح: رواه مسلم (1695).

[13] صَاحِبُ مَكْسٍ: هو الذي يأخذ أموال الناس بالباطل.

[14] صحيح: رواه مسلم (1695)، وأحمد (22949)، واللفظ له.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اللهم آمنا وثبتنا على الإيمان (خطبة)
  • الأمن في الإيمان (خطبة)
  • أركان الإيمان (خطبة)
  • الطهور شطر الإيمان (خطبة)
  • تحقيق الإيمان (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الإيمان بالقدر: أهميته - أدلته - ثمراته - أسباب تحقيقه(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في تحقيق الأمن النفسي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالله: فوائد وثمرات (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: ثمرات تربية الأولاد على الإيمان بالله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ثمرات الإيمان بأسماء الله وصفاته الحسنى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالملائكة وثمراته (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آثار وثمرات الإيمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ثمرات الإيمان باليوم الآخر وأثره في حياة الفرد والمجتمع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الإيمان بالله وثمراته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أثر الإيمان بالله تعالى في تحقيق الأمن النفسي(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)

 


تعليقات الزوار
1- كيف نحقق الإيمان في زماننا
عبد الرحمن السكسيوي - المملكة المغربية 10-10-2024 11:20 PM

الزمان والمكان والحال عناصر مهمة في تحقيق الإيمان أليس كذلك؟

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب