• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحبيب الله إلى عباده
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    خطبة: المصافحة
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    دور السنة النبوية في وحدة الأمة وتماسكها (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    خطبة عن الافتراء والبهتان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    خطبة: الشهوات والملذات بين الثواب والحسرة
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    تخريج حديث عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه ...
    أحمد بن محمد قرني
  •  
    خطبة (المنافقون)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تفسير: (وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن)
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحريم الحلف بملة غير الإسلام
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    بلاغة قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة)، مع ...
    غازي أحمد محمد
  •  
    التأثير المذهل للقرآن على الكفار
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    الإسلام كفل لغير المسلمين حق العمل والكسب
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أكثر من ذكر الله اقتداء بحبيبك صلى الله عليه وسلم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    أينقص الدين هذا وأنا حي؟
    أبو آمد محمد بن رشيد الجعفري
  •  
    خلاصة بحث علمي (أفكار مختصرة)
    أسامة طبش
  •  
    موعظة وذكرى
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد / في أسماء الله
علامة باركود

العلم بالله تعالى (10) من آثار العلم بربوبية الله تعالى

العلم بالله تعالى (10) من آثار العلم بربوبية الله تعالى
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/10/2024 ميلادي - 6/4/1446 هجري

الزيارات: 4490

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العلم بالله تعالى (10)

من آثار العلم بربوبية الله تعالى

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّبِّ الْمَعْبُودِ، الْغَفُورِ الْوَدُودِ؛ نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ دَلَّ بِخَلْقِهِ عَلَى عَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَبِعَفْوِهِ عَلَى رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، وَبِتَدْبِيرِهِ عَلَى عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَبِعَطَائِهِ عَلَى جُودِهِ وَكَرَمِهِ، وَبِانْتِقَامِهِ عَلَى عِزَّتِهِ وَجَبَرُوتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَأَكْثَرَهُمْ رَجَاءً لَهُ، وَخَوْفًا مِنْهُ، وَإِنَابَةً إِلَيْهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ فَإِنَّهُ رَبُّكُمْ وَخَالِقُكُمْ وَرَازِقُكُمْ، وَمُحْيِيكُمْ وَمُمِيتُكُمْ، وَإِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ، وَعَلَيْهِ حِسَابُكُمْ وَجَزَاؤُكُمْ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: رُبُوبِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى مَعْلُومَةٌ لِكُلِّ الْبَشَرِ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَقِرَّةٌ فِي الْفِطَرِ، وَالْجَاحِدُونَ لَهَا مُكَابِرُونَ مُسْتَكْبِرُونَ؛ ﴿ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ﴾ [النَّحْلِ: 22-23].

 

وَلِلْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، مَعَ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى هَذَا الْعِلْمِ آثَارٌ حَمِيدَةٌ، وَثَمَرَاتٌ جَلِيلَةٌ، تَجْمَعُ لِلْعَبْدِ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ:

فَمِنْ آثَارِ الْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى: امْتِلَاءُ قَلْبِ الْعَبْدِ بِتَعْظِيمِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ؛ لِعِلْمِ الْعَبْدِ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ رَبُّهُ وَخَالِقُهُ وَرَازِقُهُ وَالْمُتَصَرِّفُ فِيهِ بِمَا شَاءَ، ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ [الْحَجِّ: 66]، ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الرُّومِ: 40]. وَعِلْمُ الْعَبْدِ بَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُهُ وَرَازِقُهُ يُشْعِرُهُ بِعَظِيمِ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ [فَاطِرٍ: 3]. وَحِينَ يُؤْمِنُ الْعَبْدُ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُقَدِّرُ الْقَدَرِ يَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ نِعْمَةٍ حَازَهَا فَهِيَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَيُحِبُّ اللَّهَ تَعَالَى لِعَظِيمِ نِعَمِهِ عَلَيْهِ، كَمَا يُحِبُّهُ لِأَنَّهُ الرَّبُّ الْمَالِكُ الْمُتَصَرِّفُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ ﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 34]، ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النَّحْلِ: 53]، ﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ [لُقْمَانَ: 20]. بِخِلَافِ مَنْ لَا يَعْرِفُ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ، فَيَرْكَنُ إِلَى غَيْرِهِ، فَيَشْقَى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

 

وَمِنْ آثَارِ الْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى: تَوَكُّلُ الْعَبْدِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَتَعَلُّقُهُ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَحُسْنُ ظَنِّهِ بِهِ؛ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ النَّفْعَ وَالضُّرَّ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَبِيَدِهِ سُبْحَانَهُ مَقَادِيرُ كُلِّ شَيْءٍ، فَلَا يَرْكَنُ لِمَخْلُوقٍ مَهْمَا عَلَا قَدْرُهُ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِبَشَرٍ مَهْمَا كَانَتْ قُوَّتُهُ؛ ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الْأَنْعَامِ: 17]، ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [الْأَنْفَالِ: 49]، ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطَّلَاقِ: 3]، وَرُوِيَ فِي الْحَدِيثِ: «مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ». وَمَا أَعْظَمَ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْعَبْدُ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ فَيُوكَلُ إِلَيْهِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ، ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ [الزُّمَرِ: 62]، وَفِي حَدِيثِ الذِّكْرِ قَبْلَ النَّوْمِ: «اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَمَنْ جَهِلَ مَنْ هُوَ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ تَعَلَّقَ بِالْمَخْلُوقِينَ، فَصَرَفَ لَهُمْ رَغْبَتَهُ وَرَهْبَتَهُ فَزَادُوهُ خَوْفًا عَلَى خَوْفِهِ؛ كَمَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَسْتَعِيذُونَ بِالْجِنِّ فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ [الْجِنِّ: 6].

 

وَمِنْ آثَارِ الْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى: طُمَأْنِينَةُ الْقَلْبِ وَفَرَحُهُ بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ؛ ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الْأَنْعَامِ: 82]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرَّعْدِ: 28]، وَلَا يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى إِلَّا مَنْ عَلِمَ رُبُوبِيَّتَهُ سُبْحَانَهُ، وَكُلَّمَا زَادَ الْعِلْمُ وَالْيَقِينُ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقَلْبِ زَادَتْ طُمَأْنِينَتُهُ؛ وَلِذَا كَانَ الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَكْثَرَ النَّاسِ طُمَأْنِينَةً؛ لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَكْثَرُهُمْ ذِكْرًا لَهُ سُبْحَانَهُ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنْ آثَارِ الْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى: مَعْرِفَةُ سِرِّ الْوُجُودِ وَالْحَيَاةِ، وَالْعِلْمُ بِشَيْءٍ مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ؛ فَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى حِكْمَةً بَالِغَةً فِي أَفْعَالِهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي مِنْهَا الْخَلْقُ وَالتَّدْبِيرُ وَالتَّقْدِيرُ ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الدُّخَانِ: 38-39]، ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾ [ص: 27]، وَفِي خَلْقِ الْإِنْسَانِ: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 115]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ [الْقِيَامَةِ: 36]. وَمِنْ أَوْصَافِ أُولِي الْأَلْبَابِ أَنَّهُمْ ﴿ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 191].

 

وَأَمَّا مَنْ جَهِلُوا رُبُوبِيَّةَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُمْ تَاهُوا عَنْ هَذِهِ الْمَعْرِفَةِ الْجَلِيلَةِ، وَتَخَبَّطُوا فِي أَوْهَامٍ وَفَرْضِيَّاتٍ لِلْكَشْفِ عَنْ سِرِّ الْوُجُودِ، وَلَمْ يَصِلُوا إِلَى شَيْءٍ. بَلْ يَزْدَادُونَ حَيْرَةً وَشَكًّا وَتَخَبُّطًا بِسَبَبِ جَهْلِهِمْ بِاللَّهِ تَعَالَى وَرُبُوبِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ.

 

وَمِنْ آثَارِ الْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى: مَعْرِفَةُ الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ، وَهِيَ الْقَضِيَّةُ الَّتِي تُؤَرِّقُ كُلَّ الْبَشَرِ، وَيَفِرُّ مِنْهَا الْمَادِّيُّونَ إِلَى مَا يُنْسِيهِمْ إِيَّاهَا بِاللَّهْوِ وَالْمُجُونِ وَالْمُسْكِرَاتِ، وَالْغَرَقِ فِي أَنْوَاعِ الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ. بَيْنَمَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى يَعْرِفُونَ -بِمَا عَلَّمَهُمْ رَبُّهُمْ سُبْحَانَهُ- بِدَايَةَ الْخَلْقِ وَنِهَايَتَهُ، وَمَصِيرَ النَّاسِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ. وَقِصَّةُ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ مُفَصَّلَةٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَقِصَّةُ خَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَذْكُورَةٌ فِي عَدَدٍ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ بِكَامِلِ تَفَاصِيلِهَا، وَكَذَلِكَ أَخْبَارُ آخِرِ الزَّمَانِ، وَعَلَامَاتُ السَّاعَةِ، وَالْبَعْثُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْحِسَابُ وَالْجَزَاءُ، وَالْجَنَّةُ وَمَا أُعِدَّ فِيهَا لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالنَّارُ وَمَا فِيهَا مِنَ الْعَذَابِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا﴾ [الْإِسْرَاءِ: 12]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [الْفُرْقَانِ: 2]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطَّلَاقِ: 12].

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 123].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ أَعْظَمَ أَثَرٍ لِلْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى إِخْلَاصُ الْعِبَادَةِ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ فَإِنَّ مَنْ عَلِمَ رُبُوبِيَّةَ اللَّهِ تَعَالَى تَوَجَّهَ قَصْدُهُ لِمَعْرِفَةِ خَالِقِهِ سُبْحَانَهُ، وَمَعْرِفَةِ مُرَادِهِ مِنْهُ، وَهَذَا هُوَ أَعْظَمُ الْعِلْمِ وَأَنْفَعُهُ، وَأَثْمَنُ الْمَعَارِفِ وَأَجَلُّهَا. وَعُبُودِيَّةُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ شَرَفٌ لَا يُقَارِبُهُ شَرَفٌ، وَهِيَ الْغَايَةُ مِنْ خَلْقِ الثَّقَلَيْنِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ؛ ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 56]. وَهِيَ أَهَمُّ مَا بَلَّغَهُ الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ فَإِنَّهُمْ لَمَّا بَيَّنُوا لِلنَّاسِ رُبُوبِيَّةَ اللَّهِ تَعَالَى دَعَوْهُمْ لِعُبُودِيَّتِهِ، فَمَا مِنْ رَسُولٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَالَ لِقَوْمِهِ: ﴿يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الْأَعْرَافِ: 59]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 25]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النَّحْلِ: 36]. وَلَا فَائِدَةَ مِنْ عِلْمِ الْعَبْدِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا لَمْ يَتْبَعِ الْعِلْمَ الْعَمَلُ؛ فَيُوَحِّدُ اللَّهَ تَعَالَى، وَيَسْتَسْلِمُ لِدِينِهِ، وَيَذْعِنُ لِشَرْعِهِ، وَإِلَّا فَالْمُشْرِكُونَ الْمُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ كَانُوا يَعْلَمُونَ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوهُ، أَوْ أَشْرَكُوا مَعَهُ غَيْرَهُ ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 61]، «أَيْ: كَيْفَ يَكْفُرُونَ بِتَوْحِيدِي وَيَنْقَلِبُونَ عَنْ عِبَادَتِي».

 

وَأَعْلَمُ الْخَلْقِ بِاللَّهِ تَعَالَى: الْمَلَائِكَةُ وَالرُّسُلُ، وَهُمْ أَفْضَلُ الْخَلْقِ، وَأَشْرَفُ وَظَائِفِهِمْ عُبُودِيَّتُهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى، بَلْ هِيَ وَظِيفَتُهُمُ الدَّائِمَةُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [النِّسَاءِ: 172]. وَلْيَعْلَمْ كُلُّ مُؤْمِنٍ أَنَّهُ بِعُبُودِيَّتِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِخْلَاصِهِ الدِّينَ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ قَدْ نَالَ أَعْظَمَ الشَّرَفِ. وَلَمْ يَصِلْ إِلَى هَذَا الشَّرَفِ إِلَّا بَعْدَ عِلْمِهِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَهِيَ الَّتِي قَادَتْهُ لِعُبُودِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ. وَالَّذِينَ فَاتَهُمْ هَذَا الشَّرَفُ الْعَظِيمُ لِجَهْلِهِمْ وَشِرْكِهِمْ، أَوْ لِجُحُودِهِمْ وَاسْتِكْبَارِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ عَبِيدٌ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْعُبُودِيَّةَ، فَيَعْبُدُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الْقَصَصِ: 50].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العلم بالله تعالى (1) شرفه ولذته
  • العلم بالله تعالى (2) العلم بربوبيته سبحانه
  • العلم بالله تعالى (3) دلائل ربوبيته سبحانه
  • العلم بالله تعالى (4) من مظاهر ربوبية الله تعالى
  • العلم بالله تعالى (5) الأساليب القرآنية في إثبات الربوبية (خطبة)
  • العلم بالله تعالى (6) لوازم العلم بربوبية الله تعالى
  • العلم بالله تعالى (7) مواقف للأنبياء في تقرير الربوبية
  • العلم بالله تعالى (8) أقسام الناس في العلم بالربوبية
  • العلم بالله تعالى (9) الربوبية العامة.. والربوبية الخاصة
  • عجائب القدر في الصراع بين البشر

مختارات من الشبكة

  • العلم الإلهي أو العلم بالله عند ابن تيمية (مقدمة)(مقالة - موقع أ. د. مصطفى حلمي)
  • لماذا نكرر العلم؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • بشارة أولي الفهم بنظم زغل العلم للإمام محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وصية النبي - صلى الله عليه وسلم- بطلاب العلم(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • المبالغة في تشقيق العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جمع فوائد العلم والعمل من رؤيا ظلة السمن والعسل ((أصبت بعضا وأخطأت بعضا))(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مرتبة الراسخون في العلم في القرآن(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • ملخص كتاب: المجملات النافعات في مسائل العلم والتقليد والإفتاء والاختلافات - الثاني: العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • انطلاق دورة (العلم قوة العلم نجاح) للطلاب المسلمين في زينيتسا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أحاديث في فضل العلم: 110 حديثا وأثرا في فضل العلم وبيان آدابه (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/2/1447هـ - الساعة: 14:45
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب