• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الدرس الثامن عشر: الشرك
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (5)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الأعمال الأسهل أداء والأعظم جزاء (خطبة)

الأعمال الأسهل أداء والأعظم جزاء (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/10/2024 ميلادي - 3/4/1446 هجري

الزيارات: 8977

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأعمال الأسهل أداءً والأعظم جزاءً

 

اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يَخْلُقُ وَلَمْ يُخْلَقْ، ويَرْزُقُ وَلا يُرْزَقُ، ويُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ، ويُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ، ﴿ لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير ﴾ [الأنعام:103].

 

وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك لهُ، ﴿ لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء:12]، ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص:88].

 

وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ.. بلغ العلا بكماله.. كـشفَ الدُجى بجمالِه.. بهرَ الدنا بمقالِه.. أَسَرَ العِداءَ بـفـعالهِ.. حسُنتْ جميعُ خِصالهِ.. ياربِّ صلِّ عليهِ وآلهِ.. اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليهِ وعلى آله وصحبهِ والتابعينَ، ومن تبعهُم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

 

أمَّا بعْدُ: فاتَّقُوا اللهَ عبادَ اللهِ، اتقوا الله حقَّ التقوى، فدينُكم، أسهلُ الأديانِ وأسمحُها، وكتابُكم، أعظمُ الكتبِ وأحكمُها، ونبيكم، أرحمُ الأنبياءِ بأمته وأنصحُها، فاغتنموا لحظاتِ الأعمارِ فما أسرعُهَا، وانتهزوا الفُرصَ السانحةَ فما أنفسُهَا، وتاجروا مع اللهِ فهي تجارةٌ ما أربحُهَا: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر:29].

 

معاشر المؤمنين الكرام: ربُنا العظيم، جوادٌ كريم، توابٌ حليم، غفورٌ رحيم، فَضْلُهُ واسع وكبير، وعطائهُ جزلٌ وكثير.. وقد علِم ضعفَنا وعجزَنا، فرحمنا وأكرمَنا، وشرع لنا أعمالًا صالحةً مبرورة، خفيفة الأداءِ سهلةٌ ميَسورة، ورتب عليها أجورًا ضخمةً موفورة.

 

وخبراءُ الاقتصادِ يقولون: أنَّ أفضلَ الاستثمارِ ما كانَ قليلَ المجهودِ، عظيمَ المردود.. وسنتذاكر في هذا اليوم خمسةٌ أعمالٍ عظيمة، وكلها سهلة التنفيذِ والأداء، عظيمةُ الأجرِ والجزاء.. والموفقُ من وفقه الله وهداه، وأعانه وسدّد خطاه.

 

فأول هذه الأعمال وأهمها: الإخلاصُ.. والإخلاصُ النقاءُ والصفاءُ، وهو ضد الرياء، والإخلاص حو أن تريد بعملك وجه الله وحده، فالإخلاصُ هو التوحيد.. وهو الإحسان: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾ [النساء:125].. والإخلاص يدخلُ في جميعِ الطاعاتِ، ولذلك فهو أهمُّ وآكدُ وأعظمُ أعمالِ القلوب، في صحيح مسلم: قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ لا يَنْظُرُ إلى أَجْسَامِكُمْ ولا إلى صُوَرِكُمْ، ولَكِنْ يَنْظُرُ إلى قُلُوبِكُمْ".

 

والخلاصة أنَّ الإخلاصَ هو الأساس، ولهُ عند اللهِ جزاءٌ خاصٌ.. فكلما كان الإخلاصُ أقوى، كان الجزاءُ أكبرُ والمضاعفةُ أعلى، ففي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ ربَّكم عزَّ وجلَّ يَقولُ: يا ابنَ آدمَ، بكُلِّ حَسَنةٍ عَشْرُ حَسَناتٍ إلى سَبعِ مِئةِ ضِعْفٍ إلى أضعافٍ كَثيرةٍ، والصَّومُ لي، وأنا أجزي به".. فالجزاءُ إنما يضاعفُ بحسب الإخلاص، كلما قوي الإخلاص ازدادت المضاعفة، وفي المقابل فمن أهمل الإخلاص فهو على خطرٍ عظيم: في الحديث الصحيح: «إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ».

 

وثاني الأعمال التي تتميز بأنها سهلةُ التنفيذِ والأداء، عظيمةُ الأجرِ والجزاء: حُسنُ الخلق: جاء في حديث صحَّحه الألباني قال صلى الله عليه وسلم: "أحبُّ عبادِ اللهٍ إلى الله أحسنُهم خُلُقًا".. وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا".. وفي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا".. وفي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "ما مِن شيءٍ يوضَعُ في الميزانِ أثقلُ من حُسنِ الخلقِ".. وقال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الرجلَ لَيُدرِكُ بحُسنِ خُلُقِه، درجاتِ قائمِ الليلِ صائمِ النَّهارِ"، والحديث صححه الالباني، وفي حديث حسن، قال صلى الله عليه وسلم: "أنا زعيمٌ ببيتٍ في أعلى الجنّةِ لمن حَسُنَ خُلُقُه".. وأبسط مفهومٍ لحسن الخلق، هو أن تُعامِل الناسَ بما تحِبُّ أن يعامِلوك به، وقيل هو: بسط الوجه، وبذل المعروف، وكفّ الأذى، وقيل هو التحلي بالفضائل، وتركُ الرذائل، وفي محكم التنزيل: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين ﴾ [الأعراف:199]، وفي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: (البرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، وَالإِثْمُ ما حَاكَ في صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عليه النَّاسُ).. وفي الحديث الحسن، قال صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ".. وقال عليه الصلاة والسلام: "خيرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلِي"، وفي الأحاديث الصحيحة، "تبسُّمُك في وجهِ أخيك صدقةٌ، وإماطة الأذى عن الطَّريقِ صدقةٌ، والكلمة الطيبة صدقة، وكل معروف صدقة، وأحبُّ الناس إلى الله عزَّ وجلَّ أنفعهم للناس، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة، فرَّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة.. والراحمون يرحمهم الرحمن، والشاعر يقول: أخيَّ إنّ البر شيءٌ هين.. وجهٌ طليق وكلامٌ لين.

 

وثالث الأعمال التي تتميز بأنها سهلة التنفيذ والأداء، عظيمة الأجر والجزاء: ذكر الله جل وعلا، فالله تعالى يقول: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة:10].. ويقول تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:35]، ويقول جل وعلا: ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ﴾ [العنكبوت:45]، ويقول سبحانه: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُون ﴾ [البقرة:152]، وفي صحيح مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: "سَبَقَ المُفَرِّدُونَ"، قالوا: وَما المُفَرِّدُونَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: "الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ".. وفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ المتفق عليه: "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُ"، وفي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبرُكم بخيرِ أعمالِكم وأزكاها عند مليكِكم وأرفعِها في درجاتِكم، وخيرٌ لكم من إنفاقِ الذهبِ والفِضةِ، وخيرٌ لكم من أن تلقوْا عدوَّكم فتضربوا أعناقَهم ويضربوا أعناقَكم قالوا بلى يا رسولَ اللهِ، قال: ذِكرُ اللهِ".. وفي الحديث الصحيح: «أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ».. ومن قال: "سبحانَ اللهِ العظيمِ وبحمدِه غُرِستْ له نخلةٌ في الجنَّةِ".. ومن قال: سبحانِ اللهِ وبحمدِه، في يومٍ مائةَ مرةٍ، حُطَّت خطاياه، وإن كانت مثلَ زَبَدِ البحرِ".. وكلها أحاديث صحيحة، وقراءة القرآن الكريم من أعظم الذكر، ففي الحديث الصحيح، قال: صلى الله عليه وسلم «أهلُ القرآنِ هُمْ أهلُ اللهِ وخَاصَّتُهُ».. وقال صلى الله عليه وسلم: "مَن قرأَ آيةَ الكُرسيِّ في دبُرِ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ إلَّا أن يموتَ".. ومن قرأ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، عشرَ مراتٍ بنى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ".. و"من قرأ الآيتين من آخرِ سورةِ البقرةِ في ليلةٍ كفتاه".. وكلها أحاديث صحيحة، كما أن الدعاء والاستغفار نوع من الذكر، ففي الحديث الحسن، قال صلى الله عليه وسلم: "ليس شيءٌ أكرمُ على الله من الدعاء".. وفي صحيح مسلم، قال عليه الصلاة والسلام: "إنّ في الليلِ لسَاعةً لا يُوافِقُها رجلٌ مُسلمٌ يسألُ اللهَ خيرًا من أمر الدنيا والآخِرة إلا أعطاهُ إياه، وذلك كُلَّ ليلة".. وقال صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا. قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ. قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ".. والحديث صححه الألباني.. وفي صحيح مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: "من سألَ اللهَ الشهادةَ بصدقٍ بلَّغَه الله منازِلَ الشُّهَداء وإن ماتَ على فِراشِه".. و"ما مِن عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ، إلَّا قالَ المَلَكُ: وَلَكَ بمِثْلٍ.. ومن قال: أستغفِرُ اللهَ، الذي لا إله إلا هو، الحَيَّ القيومَ، وأتوبُ إليه؛ غُفِرَ له وإن كان فَرَّ من الزَّحْفِ"، و"مَنِ استغفَرَ للمؤمنينَ وللمؤمناتِ، كتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ مؤمِنٍ ومؤمنةٍ حسنةً.. وكلها أحاديث ثابتة.. ورابع الأعمال التي تتميزُ بأنها سهلة التنفيذ والأداء، عظيمة الأجر والجزاء: الخشوع في الصلاة، في الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "استَقيموا ولَن تُحصوا، واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ".. والفلاحُ مقرونٌ بالخشوع في الصلاة، قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون:1]، ثم قَالَ في آخِرِ السياق: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الوارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِردَوسَ هُم فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون:10].. وفي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "مَا مِن امرِئٍ مُسلِمٍ تَحضُرُهُ صَلاةٌ مَكتُوبَةٌ فَيُحسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلاَّ كَانَت كَفَّارَةً لما قَبلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لم يُؤتِ كَبِيرَةً".. وفي الصحيحين: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".. وفي صحيح مُسلمٍ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "ما من أحدٍ يتوضَّأُ فيُحسنُ الوضوءَ، ويُصلِّي رَكعتينِ، يُقبِلُ بقلبِه ووجهِه عليهما، إلَّا وجبتْ له الجَنَّةُ"..

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون ﴾ [النحل:97]..

 

أقول ما تسمعون..

 

الخطبة الثانية

الحمد كثيرًا، والصلاة والسلام على المبعوث بالحق بشيرًا ونذيرًا..

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب...

 

معاشر المؤمنين الكرام: أمّا خامس الأعمال التي تتميزُ بأنها سهلةُ التنفيذ والأداء، عظيمةُ الأجرِ والجزاء فهي التوبة، التوبةَ يا عباد الله: من أعظم الأعمالِ الصالحةِ وأحبها إلى اللهِ تبارك وتعالى، ومما يدلُ على علو منزلتها وشدَّةِ أهميتها، أنَّ الجميعَ مُطالبٌ بها، يقول الله جلّ وعلا: ﴿ وَتُوبُوا إِلى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤمِنُونَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ ﴾ [النور:31]، ويقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا ﴾ [التحريم:8].. وفي الحديث الصحيح، قال عليه الصلاةُ والسلام: "يا أيها الناسُ: توبوا إلى اللهِ، واستغفروهُ، فإنّي أتوبُ إلى اللهِ وأستغفرهُ في كلِّ يومٍ مئةَ مرّةٍ".. ومما يدل على عظم منزلة التوبة أنّ اللهَ جلّ وعلا يفرحُ بتوبة عبده فرحًا عجِيبًا لا تُستطيع العِباراتُ وصفُه، ففي صحيح مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فأيِسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ أَيِسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَا هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ".. ومما يدل على عِظم منزلة التوبة أن الله جلَّ جَلاله يَنزِلُ في كُلِ ليلةٍ إلى سماءِهِ الدُّنيا نزولًا يليقُ بجلاله وكماله، فينادي: «هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مُستغفر فأغفر له؟.. وجاء في البخاري ومسلم: أن الله تبارك وتعالى: "يبسُطُ يدَهُ بالليل ليتوبَ مُسيءُ النهارِ، ويبسُطُ يدَهُ بالنهار ليتوبَ مُسيءُ الليل حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مغْرِبِها".. ومما يدل على عظم منزلة التوبة أنّ كل مَن صدق في توبته إلى الله فهو موعود بالقبول والمغفرة، قال جلَّ وعلا: ﴿ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة:39].. وقال عز وجل: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه:82].. بل إنه جل وعلا يبدلُ سيئات التائبِ إلى حسنات، قال تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان:70].

 

وما هي التوبة يا عباد الله: التَّوبةُ خُضوعٌ وانكِسار، ورجوعٌ واستغفار.. التَّوبةُ: نَدمٌ على أخطاء الماضي، وتركٌ لجميع الذنوبِ والمعاصِي، وعزمٌ مؤكدٌ على عدمِ العودةِ إليها فيما سيأتي.

 

والتَّوبةُ بابُها على الدوام مفتوح، ودخولها في كُلِّ وقتٍ ولكل أحدٍ مسموح، ما لم تأتي سَكرةُ الموتِ وتغرغر الروح.. في الحديثِ القُدسِي الصَحِيحِ، قالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: قالَ اللهُ تعالى: "يا بنَ آدمَ، إنكَ ما دعوتَني ورجوتَني غفرتُ لكَ على ما كان فيك ولا أُبالي، يا بن آدم، لو بلَغَتْ ذُنوبُكَ عنانَ السماء، ثمَّ استغفرتَني غفَرْتُ لَكَ ولا أُبالي، يا بن آدَمَ، إنَّكَ لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا، ثم لقيتَني لا تُشرِكُ بي شيئًا، لأتيتُكَ بقُرابها مَغْفِرةً".. وفي الحديث الصحيح: "مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ".. وفي محكم التنزيل: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم ﴾ [الزمر:53].

 

فجدِّدوا يا عباد الله توبتكم، وتداركوا بصادق الرغبةِ والعزيمة ما فاتكم، والجِدَّ الجِدَّ تغنَمُوا، والبِدارَ البِدَارَ أن لا تندَمُوا.. ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ﴾ [الزمر:56].

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ إِنَّمَا التَّوبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيهِم وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء:17].

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

 

اللهم صل على محمد...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأعمال بالخواتيم (خطبة)
  • صحائف الأعمال (خطبة)
  • مبطلات الأعمال (خطبة)
  • الأعمال بخواتيمها (خطبة)
  • أفضل الأعمال في عشر ذي الحجة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • عمل من الأعمال التي يجب أن تكون دائمة ومتواصلة في حياة المسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تنبيهان حول تخير أفضل الأعمال الصالحة في العشر والحذر من موانع قبول العمل(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • مؤشرات تقييم الأداء بجامعة أم القرى في ضوء منهجية بطاقة الأداء المتوازن(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • السرية في العمل(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • تحفة العمال بثمرات إتقان الأعمال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم تجويد (القرآن الكريم) العملي والنظري والتلاوة والأداء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عرض كتاب: الأونروا برامج العمل وتقييم الأداء(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • النرويج: عضو بالحزب التقدمي ينتقد أداء المسلمين في سوق العمل(مقالة - المسلمون في العالم)
  • صيغ أداء الحديث وشروط قبوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعليق الجزاء في الآخرة على الأعمال لا على الشفاعات(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب