• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    ياسر بن صالح العضيبي
  •  
    حسن الخلق
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    خطبة: الشتاء موسم العبادة والصدقة
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    أمنيات في يوم الحسرات (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة الفقه: التيمم
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    صفة العزة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    فضل الإيمان (خطبة)
    عبدالله أحمد علي الزهراني
  •  
    حاجتنا إلى الصلاة (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    تفسير سورة الضحى
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    الفرع الأول: أحكام اجتناب النجاسات، وحملها ...
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    التفسير الذي مستنده النص الصريح في القرآن الكريم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    من قام من نومه فوجد بللًا في ثوبه هل يجب عليه ...
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ضوابط التسويق في السنة النبوية (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    الآمنون يوم الفزع الأكبر (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    نعمة وبركة الأمطار (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

القلب المريض بالنفاق (خطبة)

القلب المريض بالنفاق (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/9/2024 ميلادي - 15/3/1446 هجري

الزيارات: 8674

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القلب المريض بالنفاق

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لِلْقُلُوبِ أَمْرَاضٌ كَمَا لِلْأَجْسَادِ أَمْرَاضٌ، وَأَمْرَاضُ الْقُلُوبِ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ أَمْرَاضِ الْأَجْسَادِ؛ إِذْ إِنَّ فَسَادَ الْقَلْبِ يُفْسِدُ عَلَى الْعَبْدِ آخِرَتَهُ، وَلَا يُصْلِحُ لَهُ دُنْيَاهُ. وَفِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ تَتَنَاوَلُ أَمْرَاضَ الْقُلُوبِ وَأَوْصَافَ الْمُصَابِينَ بِهَا. وَأَعْظَمُ مَرَضٍ لِلْقُلُوبِ: النِّفَاقُ؛ لِأَنَّ الْمُصَابَ بِهِ يَعِيشُ بِشَخْصِيَّتَيْنِ مُتَنَاقِضَتَيْنِ، فَهُوَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ بِلِسَانِهِ، وَمَعَ أَعْدَائِهِمْ بِقَلْبِهِ وَأَعْمَالِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾ [الْبَقَرَةِ: 8-10]. وَفِي ازْدِوَاجِ شَخْصِيَّتِهِمْ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 14]، وَحَذَّرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الثِّقَةِ فِيهِمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 119]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 120].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْقَلْبِ الْمَرِيضِ بالنِّفَاقِ: أَنَّ صَاحِبَهُ يُوَالِي أَعْدَاءَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَعْتَذِرُ فِي مُوَالَاتِهِ لَهُمْ بِإِرَادَةِ الْحُظْوَةِ عِنْدَهُمْ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْغَلَبَةُ لَهُمْ ﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 52]. مَرِضَتْ قُلُوبُهُمْ، فَتَذَبْذَبَتْ مَوَاقِفُهُمْ، فَلَا هُمْ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا مَعَ الْكَافِرِينَ؛ ﴿ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ ﴾ [النِّسَاءِ: 143]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا * وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 72- 73].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْقَلْبِ الْمَرِيضِ بالنِّفَاقِ: أَنَّ صَاحِبَهُ يُخَذِّلُ وَيُرْجِفُ فِي الْمُؤْمِنِينَ، وَيَبُثُّ الشَّائِعَاتِ فِي أَوْسَاطِهِمْ؛ لِلْفَتِّ فِيهِمْ، وَإِضْعَافِ مَعْنَوِيَّاتِهِمْ؛ ﴿ إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 49]، وَفِي مَقَامٍ آخَرَ: ﴿ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 12].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْقَلْبِ الْمَرِيضِ بالنِّفَاقِ: ضِيقُهُ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَسُوَرِهِ وَآيَاتِهِ وَأَحْكَامِهِ، فَيَزْدَادُ بِهَا مَرَضًا إِلَى مَرَضِهِ؛ لِفَسَادِ قَلْبِهِ عَنْ تَلَقِّي أَنْوَارِ الْوَحْيِ الرَّبَّانِيِّ؛ ﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 124-125]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ﴾ [مُحَمَّدٍ: 20].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْقَلْبِ الْمَرِيضِ بالنِّفَاقِ: أَنَّ صَاحِبَهُ مُتَثَاقِلٌ عَنِ الطَّاعَاتِ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي وَصْفِ الْمُنَافِقِينَ: ﴿ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 54]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 44-45] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 75 - 77].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْقَلْبِ الْمَرِيضِ بالنِّفَاقِ: اسْتِهْزَاؤُهُ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى؛ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْمُنَافِقِينَ الْأَوَّلِينَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التَّوْبَةِ: 64-66].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْقَلْبِ الْمَرِيضِ بالنِّفَاقِ: أَنَّهُ مَصْرُوفٌ عَنِ الْحَقِّ وَلَوْ كَانَ يَحْضُرُهُ وَيَرَاهُ وَيَسْمَعُهُ، وَلَوْ كَانَتِ السُّوَرُ تَتَنَزَّلُ بِفَضْحِهِ وَكَشْفِ سِرِّهِ؛ فَإِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَضَرُوا تَنَزُّلَ الْوَحْيِ، وَسَمِعُوهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَأَوُا الْآيَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ وَتَفْضَحُهُمْ، وَمَعَ ذَلِكَ قَضَوْا أَعْمَارَهُمْ فِي الْكَيْدِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ مِنْ مَرْضَى الْقُلُوبِ بِالنِّفَاقِ لَنْ يَكُونُوا إِلَّا مِثْلَهُمْ أَوْ أَشَدَّ مِنْهُمْ فِي الْكَيْدِ بِالْمُؤْمِنِينَ وَأَذِيَّتِهِمْ؛ ﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 127].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْقَلْبِ الْمَرِيضِ بالنِّفَاقِ: أَنَّ صَاحِبَهُ مِنْ أَجْزَعِ النَّاسِ فِي الْمَصَائِبِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ [التَّغَابُنِ: 11]، فَلَمَّا فَتَكَ النِّفَاقُ بِقُلُوبِهِمْ لَمْ يَهْتَدُوا فِي الْمَصَائِبِ لِلرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ. وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مِنْ حِكْمَتِهِ سُبْحَانَهُ فِي الْمَصَائِبِ الْعَامَّةِ الَّتِي تُصِيبُ الْمُسْلِمِينَ بِتَسَلُّطِ الْأَعْدَاءِ عَلَيْهِمْ تَمْحِيصَ الْقُلُوبِ، وَتَمَايُزَ الصُّفُوفِ، وَبَيَانَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ بِالِابْتِلَاءِ الْعَظِيمِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 166-168].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُصْلِحَ قُلُوبَنَا وَأَعْمَالَنَا، وَنَعُوذُ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنَ النِّفَاقِ وَالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ، وَنَسْأَلُهُ تَعَالَى أَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ الْمُنَافِقِينَ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مَهْمَا حَاوَلَ مَرْضَى الْقُلُوبِ بِالنِّفَاقِ إِخْفَاءَ أَنْفُسِهِمْ؛ فَإِنَّ مُحَارَبَتَهُمْ لِدِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمُعَادَاتَهُمْ لِأَوْلِيَائِهِ سُبْحَانَهُ، وَاتِّبَاعَهُمْ لِمَا يُسْخِطُهُ عَزَّ وَجَلَّ؛ يَفْضَحُ سَرِيرَتَهُمْ، وَيَهْتِكُ سِتْرَهُمْ، وَيُبَيِّنُ لِأَهْلِ الْفِرَاسَةِ حَالَهُمْ فَلَا تَخْفَى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي وَصْفِهِمْ: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ﴾ [مُحَمَّدٍ: 28-30].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْقَلْبِ الْمَرِيضِ بالنِّفَاقِ: تَتَبُّعُ صَاحِبِهِ لِلشُّبُهَاتِ، وَضَرْبُ الْمُحْكَمَاتِ بِالْمُتَشَابِهَاتِ؛ لِإِسْقَاطِ فَرِيضَةٍ، أَوْ إِبَاحَةِ مُحَرَّمٍ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 8]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ﴾ [الْحَجِّ: 53].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْقَلْبِ الْمَرِيضِ بالنِّفَاقِ: ضِيقُهُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، وَتَفْضِيلُهُ حُكْمَ الطَّاغُوتِ عَلَيْهِ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾ [النِّسَاءِ: 60-61]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ﴾ [النُّورِ: 48-50]، فَمَنْ وَجَدَ فِي قَلْبِهِ شَيْئًا مِنْ حَرَجٍ فِي حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ؛ فَذَلِكَ مِنْ عَلَامَاتِ مَرَضِ قَلْبِهِ. فَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَخَافَ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَتَفَقَّدَ قَلْبَهُ؛ لِئَلَّا يَمْرَضَ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ؛ كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَفْعَلُونَ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ».

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الرد على من يصف الصحابة بالنفاق
  • القلب المريض بالهوى (خطبة)
  • تقوية القلب على لزوم الحق (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • رحلة القلب بين الضياع واليقين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • من أحكام طهارة وصلاة المريض (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • هل القلب هو محل العقل؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الدعوات التي تقال عند عيادة المريض(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • كتب الزهد والرقائق في منهج المحدثين: بين رواية الأثر وتربية القلب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أمراض القلب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علامات صحة القلب وسعادته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حركات القلب بحسب قوته وضعفه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السعادة كما يراها القلب(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة قرآنية في سراييفو تجمع حفاظ البوسنة حول جمال العيش بالقرآن
  • سلسلة ورش قرآنية جديدة لتعزيز فهم القرآن في حياة الشباب
  • أمسية إسلامية تعزز قيم الإيمان والأخوة في مدينة كورتشا
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/7/1447هـ - الساعة: 8:21
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب