• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أمانة الكلمة

الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/12/2007 ميلادي - 15/12/1428 هجري

الزيارات: 73556

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أمانة الكلمة


 

ملخص الخطبة:

1- شمولية مفهوم الأمانة لأعمال الإنسان وأقواله.

2- اللسان دليل القلب.

3- خطر الكلام وعظم شأنه.

4- وقفات مع الصحافة والكُتَّاب.

♦  ♦  ♦


الخطبة الأولى

أما بعد: فيأيها الناس، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى.

 

عباد الله، يقول الله جلَّ جلاله: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً ﴾ [الأحزاب: 72].

 

أيها المسلم، مفهوم الأمانة في شريعة الإسلام مفهوم عام شامل لأقوال العبد وأعماله، فكما أنه محاسب على أعماله، مُؤتَمَنٌ عليها؛ فهو محاسب على الأقوال، ومُؤتَمَن عليها.

إذًا أخي المسلم فالكلمة أمانة، فإمَّا أن تؤدي كلمة صادقة نافعة مفيدة، فتكتسب بها أجرًا وثوابًا، وإما كلمة سيئة، وكلمة خبيثة، وكلمة تدعو إلى باطل، وتؤيد الشرَّ والفساد؛ فتلك كلمة تُحاسَب عليها. فاسمع إذًا فضل الكَلِم الطيِّب، في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان؛ سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم))[1].

 

أخي المسلم، كم تتكلّم في حياتك بكلمات؟ هذه الكلمات ستكون وبالاً عليك في دنياك وآخرتك، وسيخفُّ بها ميزان أعمالك، فأنت محاسَب على الأقوال؛ كما أنت محاسب على الأعمال؛ بل الأقوال أشدّ، فكم من مُسيطِر على نفسه في أعمال جوارحه، لكنَّه أمام لفَظَات اللسان عاجز، يُطلِق للسانه العِنان ليقول ما يشاء؛ فتعظم الأوزار والآثام.

أخي المسلم، إن ربَّنا جلّ وعلا أخبرنا أن أقوالنا مُحْصاة علينا: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]. وقال: ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 24 - 25].

 

أخي المسلم، كلماتك تُعبِّر عمَّا انطوى عليه ضميرُك، كلماتك تُعبِّر عمَّا استقرَّ في قلبك، كلماتك تُعبِّر عن اتجاهك الفِكري، ومدى ما وصل إليه اتجاهُك وتفكيرُك، إذًا فاللسان تُرْجُمَان القلب، يتكلم هذا بلسانه فتستطيع أن تُقوِّم فكرَه ورأيَه، وتستطيع في الغالب أن تطّلع على أفكاره ومكنوناته من خلال تلكم الكلمات التي تلَفَّظَ بها، ولذا قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم مخبرًا له عن حال المنافقين، وأنّه جلَّ وعلا قادر أن يُطْلِع نبيَّه على أعيانهم كلهم، لكن حكمة الله تقتضي عدم ذلك، وإن عَلِم ما عَلِم منهم فغيرُهم لا يعلَمهم، إلا أن الله جلّ وعلا أخبر نبيه بصفة عامة، وهي الأقوال فقال: ﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 30]، فما انطوى عليه الضمير لا بدّ أن يكشفه اللسان، وإن تَحَفَّظ ما تَحَفَّظ، فإنّ فَلَتات لسانه تُنبئ عما في مكنون قلبه.

أخي المسلم، كم زلّت بالكلمات أرجل أقوام، وضلّوا عن سواء السبيل! يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في إخباره عن المستهزئين به وبأصحابه: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة:65 - 66]، أناس مع محمد صلى الله عليه وسلم مجاهدون معه في غزوة تبوك، تكلَّموا بكلمات زلّت بها القدم فنالوا الوعيد الشديد، قال قائلهم: "ما رأينا مثل قُرَّائنا هؤلاء، أكذبنا ألسنًا، وأرغبنا بطونًا، وأجبننا عند اللقاء!"؛ يَعنُون رسول الله وأصحابه، فجاء الوحي من الله ليطلع نبيَّه على تلكم المقالة السيئة، والمقالة الخبيثة، والمقالة المُنْبِئة عن نفاق وغِلٍّ على الإسلام وأهله، فجاؤوا ليعتذروا، وليقولوا: هي كلمات قلناها نقطع بها مَشَقَّة الطريق وعناءه، والرسول يقول لهم: ﴿ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [التوبة: 65]، لا يزيد على ذلك، ولا يرد عليه [2].

إذًا - أخي المسلم - فلنتثبَّت في ألفاظنا، ولنحاسب أنفسنا قبل أن تزلَّ القدم، ولنَعْلَم أن الكلمات السيئة كم هدمت من بناء أعمال صالحة! وكم أوردت صاحبها موارد العَطَب والهلاك! يقول صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد ليتكلّم بالكلمة من سَخط الله، لا يظن أن تبلغ ما بلغت، يَكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه، وإن العبد ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله، ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه)) [3].

 

أخي المسلم، إن للكلمة أمانة، فالتزم أمانة الكلمة لتكون من المؤمنين حقًّا، أنت مسلم آمنت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا رسولاً، فلتكن كلماتك كلمات نافعة، وكلمات مؤثِّرة، وكلمات تخدم دينك، وكلمات تسعى في لَمِّ شَعَثِ أمَّتك، وكلمات تسعى في جمع الصفّ، وكلمات تُعالج بها قضايا الأمة على ضوء من كتاب الله، ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

 

أخي المسلم، للصحافة في هذا العصر دورها الفعّال في توجيه الأمّة، وبثّ الأفكار والآراء، وعلاج القضايا، وطرح القضايا من خلال الصفحات؛ لكي تأخذ مسارها في التوجيه والإرشاد، وإن كنا لنشكر لصحافتنا تغطيتها الأحداث، ومحاولتها علاج قضايا الأمّة، إلا أنّ لنا معهم وقفات نريد بها الخير والصلاح للجميع.

فأوّلاً: إنّ أغلى ما عند المسلم دِينه، فدينُه الذي شرَّفه الله به، ودينه الذي أعزّه الله به، ودينه الذي اختاره الله له، أن جعله من هذه الأمّة المحمّدية التي هي خير أمة أخرجت للناس، فالمؤمن بالله ورسوله ودينه حينما يطرح للصحافة قضية، وحينما يكتب مقالاً، وحينما يعالج قضية من القضايا - يُهمّه قبل كل شيء: هل هذه الأطروحة، وهل هذه القضية، وهل هذه الكتابة ستكون في ميزان أعماله عملاً صالحًا، أو تكون عملاً سيئًا؟ فينظر إليها من هذه النظرة، فإن كان ما سيكتبه ويسطّره عملاً صالحًا، يرجو به ما عند الله من الثواب، ويكون سببًا لرجحان ميزانه: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ﴾ [الزلزلة: 7 - 8]، فليكتب وليمضِ مخلصًا لله، قاصدًا وجه الله والدار الآخرة، وإن فكَّر في هذا المقال، ونظر إلى ما يريد طرحه من قضايا فوجد أنها لا تخدم هذا الدين، ولا تساهم في إسعاد الأمّة فليبتعد عنها؛ ليَسلَم له دينه وإيمانه.

 

أخي المسلم، كم نقرأ أحيانًا في الصحف مقالات لبعض كُتّابنا أو بعض الكاتبات، لكن للأسف الشديد يطرح بعضهم قضية، ويعالج بعضُهم بعضَ القضايا، وللأسف الشديد العلاج بعيد عن الواقع وشاقٌّ عن الصواب! وهذا للأسف الشديد مرجعه إما لأن هذا الكاتب كتب في حَقْلٍ ليس من اختصاصه، وفي أمر لا يتقنه ولا يدركه حقًّا، وفي أمر لا يتصور نتائجه، فيكتب من فراغ، فتأتي تلك الكتابة مشلولة عن الخير؛ لأنَّ الكاتبَ ليس من أهل الاختصاص، ولا ممن يعرف حقيقة ما يكتب ونتيجة ما يكتب، فتكون الكتابة ضارّة غير نافعة، ومفسدة غير مصلحة.

أيها المسلم، إنّ خدمة هذا الدين أمانة في أعناق الجميع في أقوالنا وأعمالنا، فلابد إذا أردنا أن نعالج قضية من القضايا أن نعالجها من خلال كتاب ربِّنا وسُنَّة نبينا وأخلاق إسلامنا، ففيهما الخير والكفاية لمنِ اكتفى بهما. إنَّ المجتمع المسلم يحلّ قضاياه على وَفق كتاب ربِّه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. فتُطرح قضايا يتحدَّث المتحدثون عن علاجها، ولكن للأسف الشديد لا ترى إلا قليلاً من الصواب، يُؤتَى بقضية المرأة أحيانًا فيُكتب حولها ما يُكتب، ويقال عنها ما يقال، وكأنّ من يقرأ هذه الكتابة يرى أنَّ المرأة عندنا في سجن وراء القضبان، وأنها، وأنها... وواقعنا - ولله الحمد - يُبين على أنَّ المرأة عندنا قد نالتْ حظَّها من خلال تعاليم دينها، فهي الأم، وهي الوارثة، وهي الأخت، وإلى آخره... وربما غلَوْا في طرح قضايا المرأة، وقالوا عنها ما قالوا، وإذا تأمّلت تلك المقالات رأيت فيها الشَّطَط والبُعد عن الصواب.

إنَّنا نريد من صحافتنا سُموًّا في الكتابة، وعُلوًّا في الهمّة، نريد إذا عالجنا قضية دينية، أو قضية اقتصاديَّة، أو قضية اجتماعيَّة أن يكون العلاج علاجًا مصيبًا، لا يُكتب إلا بعد التمحيص والنظر الدقيق: هل هذا العلاج مؤثّر أم لا؟ الناس اليوم كُلَّ صباح والصحف بأيديهم يقلِّبونها يمينًا ويسارًا، فلذا نريد أن تكون الصحافة تتحسَّس مشاكل المجتمع باعتدال ووسطية، لا إفراط ولا تفريط، ولكن باعتدال ووسطية، ونظرًا للمصالح العامة؛ لأن هذا من الدعوة إلى الله أن تكون الكتابة هادفة وقاصدةً خيرًا، ولا تكون شاقَّة عن الصواب. وعندما نعالج القضايا السياسية فلنعالجها من خلال مختصِّين، ومن خلال من ينظرون إلى ما وراء السطور، هذا هو الأولى حتى لا تختلط الأوراق، ويتكلّم مَن يتكلّم في أي قضيَّةٍ ما دون أن يحسب لها حسابًا، البعض غيور على أمته بلا شك، ويحاول من خلال كتابته أن يعالج قضيَّة ما، والخطأ موجود، ولا أحد يدَّعي الكمال، لكن كيف أعالج الخطأ؟ هل أعالج الخطأ بخطأ أكبر منه، أم أعالج الخطأ بالصواب والاعتدال؟! إن الاعتدال في الأمور، والوسطية في الأمور هي كفيلة لأن تكون صحافتنا صحافة هادفة، وصحافة نافعة، وصحافة مفيدة توجِّه المجتمع التوجيه الصالح، وتقوده إلى الخير والصلاح.

إن البعض قد ينظر إلى قضية ما، وقد تكون قضية شخصية له، فمن خلال تأثّره الشخصي ربما حمل على فئة معيَّنة، أو على دائرة معيّنة بما يقول ويكتب؛ إذِ المعنى خاص به، فيجعل خصوصيته سببًا للانتقام. عندما أعالج الأفكار الهدَّامة، والأفكار الخاطئة أعالجها بحكمة، أعالجها باعتدال واتزان، كما أني أرفض الغلو، فأنا أرفض التطرف والغلو من الجانب الآخر، فنعالج أي قضية فكرية بعلاج شافع شافٍ، معتدلين في أطروحاتنا، قاصدين الخير، متحرِّين الصواب.

 

عندما نطرح إعلانات ما، فليس الهمّ أن يكون الإعلان يأخذ مساحة في صحافتنا، ولكن المهم: هل هذا الإعلان يخدم هدف الأمة؟ هل هو خادم لدينها، وأمنها واستقرارها، وصلاحها، أم هذا الإعلان يحمل في طيّاته ما ينافي الحق، ويبعد عن الصواب؟

 

إن أمانة الكلمة أمانة عظيمة، لو تدبّرها العاقل لعَلِم حقًّا أنها أمانة كبرى، وأمانة عظمى مُلقاة على رجال صحافتنا. أسأل الله أن يأخذ بأيدي الجميع لما يحبه ويرضاه، وأن يجعل هدف الجميع رضوان الله، والتقرّب إليه بما يرضيه.

فإن المسلم حقًّا داعٍ إلى الله في أيّ ميدان من ميادين حياته: الخطيب على منبره، المدرس في مدرسته، المعلم في جامعته، الصحفي في صحيفته، المُعدّ برامج الإعلام في إعداده، الكل يخدمون هذا الدين، ويسعون لتمكين الخير في قلوب المجتمع، ومن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة.

 

فلنحرص - إخواني جميعًا - أن نكون يدًا واحدة في سبيل إسعاد هذا المجتمع المسلم، والحفاظ على دينه وأخلاقه وقِيَمة وأمنه من خلال ما نكتب وما نتحدّث به. أسأل الله أن يأخذ بيد الجميع لما فيه خير الأمة، وصلاحها في أمر دينها ودنياها.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. 

وبعد: فيأيها الناس، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى.

 

جاء في الحديث: ((أن الجوارح تُكفّر اللسان تقول له: نحن بك؛ إن استقمت استقمنا، وإن اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنا))  [4]، إذًا فاللسان سبب لاستقامة الجوارح، سبب لاستقامتها وثباتها، أو سبب لانحرافها والعياذ بالله.

أخي المسلم، يكتب كاتب أحيانًا فيعالج قضية فكرية معيّنة، للأسف الشديد صار ذلك العلاج مبنيًّا على السخرية بأركان الإسلام وأركان الإيمان، فيتحدَّث عن أركان الإسلام عند فئة ما ويقول: إنهم يعدّون أركان الإسلام كذا، وأركان الإيمان كذا، هذه السخرية بأركان الإسلام وإيمانه لا تصدر ممَّن باشر الإيمان قلبه، الواجب عندما أعالج فكرًا خاطئًا، وعندما أناقش رأيًا خاطئًا أن يكون النقاش باعتدال وإنصاف، فلا أَظلم ولا أُجْحِف، لا أزيد ولا أنقص، وإنما أضع الدواء على الداء مُعيِّنًا حتى أعالج القضية، وأمَّا أن أُجازِف في الأقوال، وأما أن أُحاول أن أفتري وأقول فإن هذا أمر غير لائق، الواجب تقوى الله، والله يقول: ﴿ إِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ﴾ [الأنعام: 152]، فأمرنا الله بالعدل في أقوالنا كما أمرنا بالعدل في أعمالنا، فإذا اعتدلت أقوالنا وصارت عدلاً لا جور ولا ظلم؛ استطعنا بتوفيق الله أن نساهم في سلامة هذا المجتمع المسلم، ولَمِّ شَعَثِه، وتوحيد صفّه على الخير، وربط بعضه ببعض، وربطه بقيادته الرشيدة. نسأل الله أن يوفّق الجميع لما فيه الخير والصلاح، وأن يجعلنا دعاة إليه على علم وبصيرة، إنه على كل شيء قدير.

واعلموا رحمكم الله أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد.

 


[1] أخرجه البخاري في الدعوات (6406)، ومسلم في الذكر والدعاء (2694) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[2] أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (6/ 1830)، والطبري في تفسيره (14/ 333) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى، وانظر: "الصحيح المسند من أسباب النزول" (122).

[3] أخرجه مالك في الموطأ (1848)، وأحمد (3/ 469)، والترمذي في الزهد (2319)، وابن ماجه في الفتن (3969) من حديث بلال بن الحارث المزني - رضي الله عنه - وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان (281)، والحاكم (1/ 107-108)، وهو في "السلسلة الصحيحة" (888).

[4] أخرجه أحمد (3/ 95)، والترمذي في الزهد (2407) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وحسَّنه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (1962).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الكلمة أقوى من الرصاصة
  • أثر السحر
  • أناقة الكلمة
  • أمانة الكلمة
  • عهد جديد (قصة قصيرة)
  • الكلمة نبراس يضيء الطريق للمسلمين
  • سلاح الكلمة
  • حياة الكلمة
  • مفهوم الكلمة وأصلها
  • كلمة .. سطر
  • قيمة الكلمة ومسؤوليتها
  • خطر الكلمة
  • متى تبدأ كلمتك ومتى تنهيها ؟
  • أهمية الكلمة بالنسبة لقائلها
  • أمانة الكلمة
  • المنافقون وتضييع أمانة الكلمة
  • وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل
  • المختارون لجهاد الكلمة (1)
  • الكلمة في الإسلام (خطبة)
  • الكلمة والكلام
  • تأثير الكلمة بين الهدم والبناء

مختارات من الشبكة

  • خطبة: خلق الأمانة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن فضل الأمانة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خواطر قصيرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اليهود وأمانة الكلمة(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • الأمانة العظمى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأصيل السرية في الفقه الإسلامي(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • سلسلة مكارم الأخلاق (38)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأمانة: من محاسن الأخلاق الإسلامية(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • النشر بذكر الأمانات العشر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكتابة الصحفية وحراس البوابات(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)

 


تعليقات الزوار
1- وفقكم الله
العربي - مصر 22-03-2009 05:52 PM
ولما كان الصدق ضرورة من ضرورات المجتمع الإنساني ، وفضيلة من فضائل السلوك البشري ذات النفع العظيم ، وكان الكذب عنصر إفساد كبير للمجتمعات الإنسانية ، وسبب لهدم أبنيتها ، وتقطيع روابطها وصلاتها ، ورذيلة من رذائل السلوك ذات الضرر البالغ ؛ أمر الإسلام بالصدق ونهى عن الكذب .

قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب