• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصلاة وما يتعلق بها
علامة باركود

إنها الصلاة يا عباد الله (خطبة)

إنها الصلاة يا عباد الله (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/8/2024 ميلادي - 29/1/1446 هجري

الزيارات: 8973

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إنها الصلاة يا عباد الله

 

الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ أحاطَ بكلِّ شيءٍ علمًا، ووسعَ كلَّ شيءٍ رحمةً وحِلمًا، وقهرَ كلَّ مخلوقٍ عِزةً وحُكمًا، ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ [طه:110]، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك لهُ، ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق:12]... وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، أزكى النَّاسِ أخلاقًا، وأسهلُهم طِباعًا، وأوسعُهُم حُلمًا.. صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليهِ، وعلى آله وأصحابهِ الأرفعين قدرًا، والأقربَين رُحْمًا، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

 

أمّا بعد: فاتّقوا الله عباد الله، فإنَّ من اتقى الله وقاه، وأرشده وهداه، واعانه على أمور دينه ودنياه.. ﴿ يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم ﴾ [الأنفال:29].. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: في أعقاب معركة اليرموك الشهيرة وقف ملك الروم يُسائلُ فلولَ جيشهِ المنهزم: ويلكم، أخبروني عن هؤلاء الذين يقاتلونكم، أليسوا بشرًا مثلكم؟! قالوا: بلى أيها الملك، قال: فأنتم أكثر أم هم؟ قالوا: بل نحن أكثرَ منهم بكثير، قال: أفلستم أفضل منهم عُدة وعتادًا، قالوا: بلى، قال أفلستم أعرف منهم بفنون الحروب وخططها، قالوا: بلى، قال أفلستم أعرف بالأرض ودروبها، قالوا: بلى، قال فما بالكم إذًا تنهزمون؟! فأجابه شيخ من كبرائهم: إنهم يهزموننا لأنهم يقومون الليل، ويصومون النهار، ويصدقون الحديث ويوفون بالعهد، ويتناصحون فيما بينهم، ويتخلقون بالأخلاق الحسنة..

 

إذن فهذه السجايا الكريمة والخصال العظيمة، والأخلاق الحسنة.. كانت في رأي الأعداء قبل غيرهم: هي سببُ التأييد الإلهي لذلك الجيل المسلم.. وهي التي مكنتهم بفضل الله من هزيمة أعداءهم مجتمعين، حتى دانت لهم الأرضُ من مشرقها إلى مغربها، وأتتهم الدنيا وهي راغمة.. هذه الخصال الرفيعة والأخلاق الكريمة: هي التي نقلت أسلافنا الكرام تلك النقلة الضخمة، من عتبات اللات والعزى، إلى منازل ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة:4]..

 

فلمّا أضعنا تلك الخصالِ والسجايا، مُنعَ منا التأييدُ والتمكين.. وليت الأمر توقف عند ذلك، ليتهُ توقفَ عند قيامِ الليلِ الذي أضعناه، وصيامِ النهارِ الذي هجرناه، لهان الأمرُ وما هو بهيّن، ولكننا أضعنا ما هو أكبرَ من ذلك بكثير، فعمادُ الدين وركنهِ الركين، أعني بها هذه الصلاةُ المفروضة، أصبحت اليومَ محلّ خلافٍ واستخفاف، وبات الحال قريبًا من وعيد الجبار جلَّ جلاله: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم:59].. وحتى نتصور فداحة الأمرِ وخطورته فلنقربه بمثال.. فلو تصورنا أن أحد الوالدين الكريمين مع عِظم حقهِ على ولده، ضلَّ يتواصلُ مع ابنه بالجوالِ عدةَ مراتٍ يوميًا.. والابنُ يهملهُ بشكلٍ مُتعمد، يرى ويسمعُ الاتصالَ ولا يجيبُ عليه، فماذا سيقالُ عن هذا الابن؟.. إن أقلَّ ما يقال عنه، أنه عاقٌ وجاحدٌ وسيءٌ ولئيم.. إذ أنه لا يليقُ به أن يفعلَ هذا بمن انجبهُ وآواه، وعلّمه ورباه.. فما بالك بمن خلقك وعدلك وسواك، وحفظك من كل سوءٍ ورعاك، ما بالك بالذي يرزقك على مدار الساعة واللحظة منذ أن كنت نُطفةً لا تُرى بالعين المجردة، حتى أصبحت على الحال التي أنت فيها الآن.. فكلِّ نبضة قلب، وكلِّ حركة مِفصل، وكلِّ شهيقٍ وزفير، وكل طرفةِ عين، وكل خاطرة عقل، فبإذنه تعالى وفضله.. ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾ [النحل:53].. ﴿ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار ﴾ [إبراهيم:34].

 

فإذا كان هذا الإله العظيم، وهو الغني الكبير المتعال يطلبُ منك التواصلَ في اليوم خمس مرات، وهو في كل مرةٍ يناديك: (حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح).. وانت تُهملُ ذلك مُتعمدًا، وتُعرض عنه قاصدًا.. فماذا يقال عنك حينها.

 

إنها الصلاة يا عباد الله: أولُ ما يُسألُ عنهُ العبدُ حين يلقى الله.. والمعنى أيها الحصيف: أنَّ كل ما يعملهُ العبد في دنياه من الصالحات فلن يكون له قيمةٌ إذا لم تقبل منه الصلاة.. ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا ﴾ [الفرقان:23].. فترك الصلاة ليس بالأمر الهين كما يتصورهُ البعض، حتى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد تبرأ ممن تركَ الصلاة، في الحديث الصحيح: "لا تتركِ الصَّلاةَ مُتعمِّدًا، فإنَّهُ مَن تركَ الصَّلاةَ مُتعمِّدًا فقد برِئتْ منهُ ذِمَّةُ اللهِ وذِمَّةُ رسولِهِ".. وقال عليه الصلاة والسلام: العهدُ الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر.. وفي الحديث الصحيح: "ليس بين الرجلِ والكفرِ والشركِ إلا تركُ الصلاة".. وفي محكم التنزيل يقول الله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ ﴾.. وكان الصحابة لا يرون شيئًا من الأعمال تركهُ كفرٌ غير الصلاة.. وثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه أنَّه قال: (مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَلَا دِينَ لَهُ).. أما فاروق الإسلام عمر بن الخطاب فيقول: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.. فمن أراد أن يحاسب نفسه صادقا، فليتفقد صلاته، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.

 

إنها الصلاة يا عباد الله: ففي صحيح مسلم أنّ المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: «ما من امرئ مسلمٍ تحضره صلاة مكتوبة، فيُحسن وضوءها، وخشوعها، وركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤتَ كبيرة، وذلك الدهر كله»..

 

إنها الصلاةُ يا عباد الله: عنوانُ الفلاحِ وطريق النجاح، ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2]، وكيفَ لا يفلِحونَ وهم سيَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.

 

إنها الصلاةُ يا عبادَ اللهِ: أحبُّ الأعمالِ إلى الله تعالى، في الحديث الصحيح أنّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم سُئلَ أي الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟ قال: "الصلاةُ على وقتِها".. وقال صلى الله عليه وسلم: (استقِيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خيرَ أعمالِكم الصلاةُ).

 

إنها الصلاة يا عباد الله: أُنسُ المسلم وسلواه، ونَعيمُ روحهِ ومُناه، ونورُ قلبهِ وهُداه: في الحديث الصحيح: "وجعلت قُرةُ عيني في الصلاة".. وفي الحديث الصحيح: «الصَّلاةُ نُورٌ» قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الصَّلاةُ نورٌ": تفيدُ العموم، فهي نورٌ في القلب، ونورٌ في الوجه، ونورٌ في القبر، ونورٌ في الحشر.

 

إِنَّها الصَّلاةَ يا عباد الله: مَصدَرُ فَلاحِكُم، وبها صَلاحُ أحوالكُم، وَزَكَاءُ أَروَاحِكُم، وَسَعَةُ أَرازَقِكُم، ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾ [الأعلى:14، 15]، ﴿ وَأْمُرْ أَهلَكَ بِالصلاةِ وَاصطَبِرْ عَلَيهَا لاَ نَسأَلُكَ رِزقًا نَحنُ نَرزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقوَى ﴾ [طه:132].

 

إنها الصلاة يا عباد الله: قال عنها ابن القيم رحمه الله: «جالبةٌ للرزق، حافظة للصحة، رافعة للأذى، مقوية للقلب، مبيضة للوجه، مفرحة للنفس، مذهبةٌ للكسل، منشطة للجوارح، ممدة للقوى، شارحة للصدر، مغذية للروح، منورة للقلب، حافظة للنعمة، دافعة للنقمة، جالبة للبركة، مبعدة من الشيطان، مقربة من الرحمن؛ لأنها صلة به عز وجل وعلى قدر صلة العبد بربه، يفتح الله له من الخيرات أبوابها، ويغلق عنه من الشرور أسبابها».

 

لقد آن الأوان أن نُعيد النظر في أوضاعنا، وأن نصحح مفاهيمنا وأخطاءنا، ونُقوّمَ سلوكنا وتصرفاتِنا، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿  فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * جَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [النور: 37، 38]..

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى..

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18].

 

معاشر المؤمنين الكرام: خمسُ صلواتٍ مفروضة في اليوم والليلة: كلُّ صلاةٍ منها كفّارةٌ لما بينها والتي قبلها، فأيما عبدٍ أحاطت به خطيئته وأثقلته الذنوب، فليفزع إلى الصلاة، فالخبير العليم يقول: ﴿ وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود:114]، وفي الصحيحين عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دعا بوضوءٍ فلما توضأ قال: "من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدِّثُ فيها نفسهُ غُفرَ له ما تقدمَ من ذنبه".

 

إنها الفريضةُ الوحيدة المتكررة التي لا تسقط بحال، والفريضة التي اشتملت كل معاني سائرِ العبادات، ففيها النطقُ بأعظم أركان الإسلام، شهادةُ أن لا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، وفيها معنى الحجِّ والعمرة، لأنك تتوجه بها إلى بيت الله الحرام، وفيها معنى الصدقة والزكاة، لأنه اقتطاعٌ من وقتك، والوقتُ أصلٌ في كسب المال، وفيها معنى الصيام، لأنك في أثنائها تدع الطعام والشراب وسائر المفطرات، وفيها ذكرٌ وعاءٌ واستغفار، وفيها السجود والركوع، والتذلل والخضوع، فالصلاة فريضةٌ جامعةٌ أصيلة، ولذلك فهي عمود الدين، وأمُّ العبادات، وخير الأعمال، في الحديث المتفق عليه قال صلى الله عليه وسلم: "لَا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ فَيُصَلِّي صَلَاةً إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الَّتِي تَلِيهَا".

 

ووالله يا عباد الله: إنّ فواتَ صلاةٍ واحدة من الصلوات، كمصيبةِ تلف الأموال والممتلكات، وفَقد الأهلِ والأبناءِ والبنات، ففي الحديث الصحيح قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "من فاتتهُ صلاةٌ فكأنما وُترَ أهلهُ وماله".. وإنما كانت مُصِيبَةُ أَهلِ النَّارِ وَقَاصِمَةُ ظُهُورِهِم؛ ترك الصلاة، فإِنَّهُم حِينَ يُسأَلُونَ: ﴿ مَا سَلَكَكُم في سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلّينَ ﴾ [المدثر:42].

 

فإذا كان المسلم سيترك الصلاة، وهي ذات الوقت القصير, والعمل اليسير, والفضل الكبير، فبأيِّ عبادة سيلتزم؟ وأيِّ عملٍ صالحٍ سيحافظُ عليه؟ وإذا كانت الصلاة عونًا على طاعة الله، فبأيِّ شيءٍ سيستعينُ تاركُ الصلاة، والله جلَّ في علاه يقول: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة:45].

 

ووالله لو تمكَّنَ حُبُّ الصلاةِ من قلوبنا فلن نجِدَ حلاوةً ألذَّ منها، واسألوا عن ذلك المُوفَّقون، أهلُ التُّقَى والهُدَى، المُعلَّقةِ قلوبُهم بالمساجِدِ، المُبكِّرون إلى الصلوات، المتهيؤون لها بأحسن ما يجدون، المتنافُسون على الصف الأول.. ذكر أبو نعيم الأصبهاني في كتابه "حلية الأولياء" أنّ الربيع بن خثيم رحمه الله بعدما أُصيب بالشلل النصفي، كان يذهب إلى المسجد وهو يمشي بين رجلين يحملانه ويُعينانه حتّى يصل إلى المسجد.. فقال له بعض التابعين: "يا أبا يزيد لقد رخّص الله لك، لو صليت في بيتك"، فيجيبه: "إنّه كما تقولون، ولكنّي سمعته ينادي حيَّ على الفلاح، فمن سمعه منكم ينادي حي على الفلاح فليجبه ولو زحفًا ولو حبوًا"..

 

وحين سئل حاتم الأصم كيف يؤدي صلاته قال رحمه الله: أُكبرُ فأعتبر الجنةَ عن يميني، والنارَ عن شمالي، والصراطَ تحت قدمي، وملكُ الموتِ فوق رأسي، وعينُ الله تنظرني، وأُعِدها آخرَ صلاةٍ في عُمري، وأُتبِعها الإخلاص ما استطعت ثم أسلم، ولا أدري أيقبلها الله مني، أم يقال: اضربوا بها وجهَ صاحبها..

 

فَاتَّقُوا اللهَ يا عباد الله وَاستَبِقُوا الخَيرَاتِ، وَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ العَجزِ وَالكَسَلِ عَنِ الطَّاعَاتِ، وَحَافِظُوا عَلَى هذه الفريضةِ في بيوت الله، وخذوا زينتكم عند كل مسجدٍ وصلاة، و﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعبُدُوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ ﴾ [الحج:77]..

 

ويا بن آدم عش فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل على محمد...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الصلاة.. الصلاة يا عباد الله (خطبة)
  • {ورحمتي وسعت كل شيء} (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • شرح جامع الترمذي في السنن (باب ما جاء في الصلاة الوسطى أنها العصر وقيل إنها الظهر)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • تخريج حديث: إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطيبتي أخفت عني أنها قد سبقت خطبتها(استشارة - الاستشارات)
  • إنها الأم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اجتناب الشكوك والظنون وشرح قوله عليه الصلاة والسلام: على رسلكما إنها صفية(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • إنها القراءة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • إنها خصيصة هذا الكتاب العظيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من بركاته على أمته: أنها تأتي يوم القيامة وهم غر من السجود محجلون من الوضوء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وما يدريك أنها رقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا بن عوف إنها رحمة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب