• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين - سورة يونس الحلقة الأولى: تقديم وتمهيد

تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين - سورة يونس الحلقة الأولى: تقديم وتمهيد
الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/7/2024 ميلادي - 16/1/1446 هجري

الزيارات: 1045

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير السُّوَر المِئِين من كتاب رب العالمين

سورة يونس

الحلقة الأولى: تقديم وتمهيد


دخل الرجل المهيب دامي القدمين منهك القوى إلى بستان بني ربيعة، وجلس في ظل شجرة يستريح، وأخذ يدعو ويبتهل ويستغيث، فرآه صاحبا البستان، وتحركت له رحمتهما، فأرسلا له عنبًا يسد به رمقه ويستعيد به ما ضعف من قوته، مع غلام لهما يقال له عداس، حتى إذا وضع الغلام العنب أمام الرجل الغريب وقال له: "كُلْ"، قال الرجل: ((باسم الله)) ثم أكل، فنظر عداس في وجهه وقال له: "والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد"، فقال له الرجل: ((ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟))، قال عداس: "أنا نصراني من أهل نينوى".


فقال الرجل: ((من قرية الرجل الصالح يونس بن متَّى)).


فقال عداس: "وما يدريك ما يونس بن متَّى؟"


فقال الرجل: ((ذاك أخي كان نبيًّا وأنا نبي))، فأكَبَّ عداس على الرجل يُقبِّل رأسه ويديه وقدمَيه.


ذلك الرجل كان رسول الله محمدًا صلى الله عليه وسلم، وقد استضعفته قريش بعد وفاة عمه أبي طالب الذي كان يحميه من عنجهية قومه وعدوانيتهم، وعقب وفاة زوجته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها بعده بثلاثة أيام، في شهر رمضان من السنة العاشرة للبعثة، وقبل الهجرة بثلاث سنوات، فتألَّب عليه عتاة قومه يمكرون به ويضيقون عليه، ويغرون به سفهاءهم وصبيانهم، حتى إن أبا لهب كان يلاحقه صلى الله عليه وسلم في موسم الحج وفي الأسواق، يرميه بالحجارة ويقول: "إنه صابئ كذاب"، ويحذر الناس من اتِّباعه، وصبية الكفار يعترضون طريقه بالأذى، فيردهم عنه ويكفيه شرَّهم صبيٌّ مثلهم هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فخرج إلى الطائف يطلب فضاء أرحب لدعوته إلى ربِّه، فأغرى به كذلك كبراؤه سفهاءه، فطاردوه ورموه بالحجارة حتى دميت قدماه، ولجأ للبستان يستظل فيه، فساق الله له النصراني "عداسًا"، فأعلن إسلامه بين يديه صلى الله عليه وسلم، وكان إسلامه أول ثمار رحلة نبوية تذكر فيها تجربة نبي مثله هو ذو النون يونس عليه السلام، وقوله تعالى عنه: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87].


لم يغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أصابه من أهل الطائف، وإنما احتسب أمره لله، وعفا عنهم، ودعا لهم، وقرر العودة إلى مكة؛ إذ ليس له غيرها، وفي طريق عودته صلى الله عليه وسلم ساق الله له نفرًا من الجن آمنوابه وأسلموا، ثم انطلقوا يدعون قومهم من الجن إلى الإسلام، فكان إسلامهم ثاني ثمار رحلته، قوَّى الله به عزيمته وشد أزْرَه، وعمق معرفته بأهمية دوره في قبيلي الجن والإنس، وامتنَّ الله بذلك عليه، فقال عز وجل: ﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الأحقاف: 29 - 31].


ولما وصل صلى الله عليه وسلم إلى حراء أرسل رجلًا من خزاعة إلى المطعم بن عدي[1] يسأله أن يدخل مع غلامه زيد بن حارثة في جواره، فقال المطعم: "نعم"، ودعا بنيه وقومه، فقال: "البسوا السِّلاح وكونوا عند أركان البيت، فإني قد أجرت محمدًا"، فدخل الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه زيد بن حارثة حتى انتهى إلى المسجد الحرام، فقام المطعم بن عدي على راحلته، فنادى: "يا معشر قريش، إني قد أجرت محمدًا، فلا يَهِجْهُ أحد منكم"، وانتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى الركن فاستلمه وصلى ركعتين ثم انصرف إلى بيته، ثم بعد فترة قصيرة عادت قريش إلى التضييق عليه والتشكيك في أمره نبوةً ووحيًا، وأخذت تتبادل الزيارة والرأي فيه وفي دعوته مع يهود المدينة، وتسعى معهم لتصفيته، فأظهر الله لهم حجته الباهرة بإسرائه وعروجه إلى السماء في ليلة واحدة[2] نزلت بها سورة الإسراء قبل الهجرة بسنة وشهرين، فازداد بها حنقهم عليه، وتضاعف أذاهم له، فدعا عليهم بقوله صلى الله عليه وسلم: ((اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بسَبْعٍ كَسِنِي يُوسُفَ))[3] فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا، فَأَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْعِظَامَ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فَقَالَ: "يَا مُحَمَّدُ، جِئْتَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَقَوْمُكَ هَلَكُوا، فادْعُ الله لهم"، فاستشعر صلى الله عليه وسلم الرحمة بهم ودعا لهم؛ فكشف عنهم البلاء.


في هذه الأجواء المشحونة بالصراع بين الإيمان والشرك، وفي غضون السنة الأخيرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة قبيل الهجرة، عقب نزول سورة الإسراء وقبل سورة هود عليه السلام، نزلت سورة يونس عليه السلام، وهي الحادية والخمسون في ترتيب نزول سور القرآن الكريم على أرجح الأقوال، سميت باسم هذا الرسول الكريم؛ لانفرادها بذكر ما حدث له مع قومه؛ إذ آمنوا بعد أن توعَّدهم بنزول العذاب، وعفا الله عنهم لما آمنوا، ونزل فيهم قوله تعالى موجزًا: ﴿ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ [يونس: 98] بعد أن نزل خبره عليه السلام مفصلًا في سورة الصافات بقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ [الصافات: 139 - 148].


لقد نزلت هذه السورة المباركة في أواخر فترة البعثة النبوية الشريفة، وقبيل محاولة قريش اغتياله صلى الله عليه وسلم وهجرته، وهي العاشرة في الترتيب المصحفي، والأولى من خمس سور افتتحت بالحروف المقطعة: ﴿ الر ﴾، ثانيتها سورة هود بقوله تعالى: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ﴾ [هود: 1]، وثالثتها سورة يوسف بقوله تعالى: ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾ [يوسف: 1]، والرابعة سورة إبراهيم بقوله تعالى: ﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [إبراهيم: 1]، والخامسة سورة الحجر بقوله تعالى: ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ ﴾ [الحجر: 1].


بها مائة وتسع آيات نزلت كلها في مكة، وهي بذلك مكية لا ريب، وإن كان البعض يستثنون آيات فيها يعدونها مدنية، منها قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [يونس: 94]، ولا صحة لما ذهبوا إليه بدعوى أن تلك الآيات نزلت في اليهود، واليهود بالمدينة؛ لأن سياق هذه الآيات لا يؤدي إلى ما ذهبوا إليه حتمًا، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن قد هاجر إلى المدينة، ولئن كان اليهود يترددون على زيارة مكة قبل الهجرة، فإنما للتآمر مع قريش وتبادل الرأي حوله صلى الله عليه وسلم، ولم يُرْوَ أنه صلى الله عليه وسلم اتصل بهم في مكة أو سألهم عن شيء، وَقد أخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما قدم كَعْب بن الْأَشْرَف مَكَّة قَالَت لَهُ قُرَيْش: أَنْت خير أهل الْمَدِينَة وسيدهم، فقَالَ: نعم، قَالُوا: أَلا ترى إِلَى هَذَا الصنبور المنبتر[4] من قومه يزْعم أَنه خير منا وَنحن أهل الحجيج وَأهل السدَانَة وَأهل السِّقَايَة، قَالَ: أَنْتُم خير مِنْهُ، والسورة بذلك مكية كلها، بين مكيتين: سورة الإسراء وسورة هود، في سردية واحدة متناسقة ومترابطة ومتتالية، تعالج قضايا العقيدة والسلوك بأسلوبين يكمل بعضهما بعضًا، يوجز أحدهما ويطنب ثانيهما متمِّمًا معنى الموجز؛ ففي مجال العقيدة والتصور الإيماني مثلًا ورد قوله في يونس: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 3]، متكاملًا مع قوله تعالى في سورة الإسراء: ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا * سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا * تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 42 - 44]، وقوله عز وجل في سورة هود: ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [هود: 123].


وفي مجال التنديد بالشرك وكشف شبهات المشركين نجد قوله تعالى موجزًا في يونس: ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [يونس: 18]، ونجده في سورة الإسراء مفصلًا ومطنبًا بقوله تعالى: ﴿ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا ﴾ [الإسراء: 22]، وقوله عز وجل: ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا * سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا * تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 42 - 44]، وفي سورة هود قوله تعالى: ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ * قَالُوا يَاصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴾ [هود: 61، 62].


وفي مجال الحث على العمل الصالح والإيمان باليوم الآخر حسابًا وجزاءً، يقول تعالى في يونس: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [يونس: 7 - 9]، وفي الإسراء يقول عز وجل: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإسراء: 18، 19]، وفي هود يقول تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [هود: 23، 24].


وعن موقف المشركين من القرآن نجد في يونس قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [يونس: 15، 16]، ونجد في الإسراء قوله عز وجل: ﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ﴾ [الإسراء: 45، 46]، وقوله سبحانه: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82]، وفي سورة هود قوله تعالى: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ [هود: 1 - 3]، وقوله عز وجل: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [هود: 13].


لقد كانت سورة يونس بين جناحيها سورة الإسراء قبلها وسورة هود بعدها، بمثابة السفينة تخوض اليمَّ، تستقبل الجاهلية بصدرها، وتخوضه بحزم وجراءة ووضوح واستعلاء، تتحدث عن صراع الحق والباطل في أشد فترات التأسيس العقدي والبناء النفسي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وعن متاعب ما تواجهه النبوة المؤسسة في بنائها للجيل الأول من الروَّاد، وفي هذه الحالات دائمًا تكون القيادة أول ما يستهدفه العدوُّ؛ لأن انكسارها انكسار لمشروعها، وانكفاءها انكفاء له؛ ولذلك خاضت سورة يونس أشد القضايا العقدية المثيرة لحنق المشركين وأهل الكتاب المعاصرين، وكان لها أشد التأثير في القلوب اليقظة والعقول الواعية، مما جعل الرسول ينصح بإقرائها فيما رواه أبو داود عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه، قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أقرئني يا رسول الله! فقال: ((اقرأ ثلاثًا من ذوات "الر"))[5]، فقال: كبرت سني، واشتدَّ قلبي، وغلظ لساني، قال: ((فاقرأ ثلاثًا من ذوات "حاميم"))[6]، فقال: مثل مقالته، فقال: ((اقرأ ثلاثًا من "المسبحات"))[7]، فقال: مثل مقالته، فقال الرجل: يا رسول الله، أقرئني سورة جامعة، فأقرأه النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ [الزلزلة: 1]، حتى فرغ منها، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق، لا أزيد عليها أبدًا، ثم أدبر الرجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أفلح الرُّويجل)) مرتين، وما رواه ابن أبي الدنيا عن أبي مودود، قال: بلغنا أن عمر بن عبد العزيز قرأ ذات يوم: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61]، فبكى بكاء شديدًا، حتى سمعه أهل الدار، فجاءت فاطمة فجلست تبكي لبكائه، وبكى أهل الدار لبكائها، فجاء عبد الملك، فدخل عليهم وهم على تلك الحال يبكون، فقال: يا أبتِ، ما يبكيك؟ قال: خير يا بني، ودَّ أبوك أنه لم يعرف الدنيا، ولم تعرفه، والله يا بني، لقد خشيت أن أهلك، والله يا بني لقد خشيت أن أكون من أهل النار.


وقد افتتحت بالحديث عن الرسالة وحكمة أن يكون الرسول من جنس المرسل إليهم، كي يفهموه ولا يستوحشوه أو يخافوا منه، فقال عز وجل: ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ ﴾ [يونس: 1، 2]، وبينت ربوبية الله المتجلية في خلقه وتدبيره وقدرته بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 3]، وفضله على الناس وشهوده أمرهم خفيَّه وجليَّه، خطرة نفس أو نَأْمة كلمة، أو لحظة غفلة في الليل أو النهار بقوله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ * وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 60، 61] وحذرت من التكذيب بآيات الله أو الافتراء عليه بقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [يونس: 15 - 17]، وانطلقَتْ تجوب آفاق العلم الشرعي الذي ينكره المشركون ويستميتون في معارضته، ومحاربة من يبشر به، توحيدًا ووحيًا وبعثًا وحسابًا وجزاءً وحلالًا وحرامًا وتحديًا بالقرآن وبيانًا لإعجازه، وأحقيته وصدق وعده ووعيده، وتعطي التجربة والعبرة بما سبق من أحوال القرون التي ظلمت واستعصت على الرسل، فأبادها الله واستخلف غيرها، وأحوال الصالحين من عباد الله وأوليائه في قوله تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يونس: 62 - 64]، وقوله عز وجل: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ﴾ [يونس: 59]، وتنقل أخبارًا ونماذج من معاناة الرسل عليهم السلام وما واجههم به أقوامهم، فتحدثت عن نوح عليه السلام وما تحدَّى به قومه فأصابهم ما أصابهم، وعن موسى عليه السلام وما واجهه به الفرعون وسحرته، وما كانت عليه نهاية صراع الإيمان والشرك بغرق فرعون وقومه ونجاة موسى وقومه، وهي من حيث بناؤها البلاغي والعقدي والتربوي المعجز في القرآن الكريم، بقوله تعالى في استهلاله الإبداعي لها: ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴾ [يونس: 1، 2] امتداد سلس في ترتيبها المصحفي لسورة التوبة التي نزلت في المدينة بقوله تعالى في خاتمتها: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [التوبة: 128، 129] كما أنها أيضًا امتداد في ترتيبها النزولي لسورة الإسراء التي نزلت قبلها مباشرة في مكة المكرمة بقوله تعالى: ﴿ وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا * قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا * قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 105 - 111]، ثم ختمت بتقرير حرية المعتقد بين الناس على أساس أن يتحمل كل امرئ مسؤولية اختياره في الآخرة بقوله تعالى: ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ﴾ [يونس: 108]، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبر والمصابرة واتباع ما يوحى إليه بقوله تعالى: ﴿ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴾ [يونس: 109] بعد أن أمره عز وجل بالثقة بوعد الله وعدم الحزن لما أصابه من المشركين بقوله عز وجل: ﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [يونس: 65].



[1] المطعم بن عديّ بن نوفل بن عبد مناف الكناني القرشي والد الصحابي جبير بن مطعم رضي الله عنه، توفي ولم يعتنق الإسلام، ورغم ذلك فقد كانت له مواقف مناصرة للمسلمين منذ بداية الدعوة، وهو أحد الستة الذين نقضوا الصحيفة التي عَلَّقها المشركون في الكعبة لمقاطعة بني هاشم إلى أن يسلموا لهم الرسول صلى الله عليه وسلم.
[2] هي ليلة الإسراء والمعراج من مغرب اليوم السادس والعشرين من رجب إلى فجر اليوم السابع والعشرين من الشهر نفسه.
[3] صحيح البخاري.
[4] الصنبور: الضعيف الفرد الذي لا غناء له، والمنبتر: الذي لا ولد له.
[5] هي المبدوء بـــــــ{الر}؛ وهي: سورة يونس، وسورة هود، وسورة يوسف، وسورة إبراهيم، وسورة الحجر.
[6] السور الحواميم - أي المبدوءة بقوله تعالى: {حم} – سبعة جاءت متتابعة في القرآن؛ وهي: سورة غافر، وسورة فُصِّلت، وسورة الشورى، وسورة الزخرف، وسورة الدخان، وسورة الجاثية، وسورة الأحقاف.
[7] والسور المسبحة هي التي تفتتح بتسبيح الله عَزَّ وجَلَّ، وهي بحسب ترتيبها المصحفي: سورة الإسراء، وسورة الحديد، وسورة الحشر، وسورة الصف، وسورة الجمعة، وسورة التغابن، وسورة الأعلى.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير الربع الرابع من سورة يونس كاملا بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الخامس من سورة يونس كاملا بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الأخير من سورة يونس كاملا بأسلوب بسيط
  • تفسير سورة يونس كاملة
  • مقاصد سورة يونس
  • التوحيد في سورة يونس
  • إضاءة حول آخر آية من سورة يونس (خطبة)
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين: تفسير سورة يونس (الحلقة الثانية) ليس من عذر لمن يرى آيات الله وبيده القرآن
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين: تفسير سورة يونس (الحلقة الثالثة) أربع سبل هن إلى النار أقرب
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين تفسير سورة يونس (الحلقة السادسة)

مختارات من الشبكة

  • تفسير سور المفصَّل ( 9 ) تفسير الآيتين من سورة الفاتحة ﴿ الحمد لله رب العالمين - الرحمن الرحيم ﴾(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • لطائف وإشارات حول السور والآي والمتشابهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 12 ) سور المعوذات ما هي وما فضلها(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 31 ) تفسير سورة الكوثر ( فصل لربك وانحر - الجزء الثالث )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فوائد لضبط السور المكية والمدنية بسهولة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل (34) تفسير سورة قريش (لإيلاف قريش)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 32 ) تفسير سورة الكوثر ( إن شانئك هو الأبتر - الجزء الرابع )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 30 ) تفسير سورة الكوثر ( إنا أعطيناك الكوثر - الجزء الثاني )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 29 ) تفسير سورة الكوثر ( إنا أعطيناك الكوثر - الجزء الأول )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب