• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

نسيم السحر في هجرة سيد البشر صلى الله عليه وسلم (2)

نسيم السحر في هجرة سيد البشر صلى الله عليه وسلم (2)
وضاح سيف الجبزي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/7/2024 ميلادي - 11/1/1446 هجري

الزيارات: 3563

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نسيم السَّحَر في هجرة سيد البشر صلى الله عليه وسلم (2)


الحمد لله الذي أقرَّت شاهدةً بثبوت ربوبيته الضمائرُ والأفواهُ، وخرَّت ساجدةً لجلال هيبته الأذقان والجِباهُ، وقرَّت مشاهدةً لهول قدرته العيونُ بما تراه، واستقرت جاهدةً في الدلالة على وحدانيته، وأن لا إله سواه دقائقُ لطائف حكمته، وبدائع طرائف صنعته فيما خَلَقه وسوَّاه، وذَرَاه وبَرَاه، وأعاده ثم أبْدَاه، فتبارك الذي هو في كل شيء موجود، وبكل معنًى إله.

 

أحمَده والحمد غاية من شكر، وأذكره ذكرًا كثيرًا كما أمَرَ، وأستغفره وهو أولى من غَفَرَ، وأؤمن به إرغامًا لمن جحد وكَفَر، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده فلا شريك له، شهادةً موطَّدًا بالإيمان أركانها، مُشيَّدًا بالإيقان بنيانها، مهذَّبًا مذهبُها، صافيًا مشربها، موافقةً للإخلاص مطهرةً من النِّفاق، مُدَّخرةً ليوم التلاقِ.

 

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ونبيه وأمينه، ووليه ونجيه، وحبيبه وصفيه، المؤيَّد باللسن والبراعة، المدخَّر في المعاد لشرف الشفاعة، صلِّ اللهم عليه، وعلى آله بإحسان وصحبه.

ما ناض برقٌ وما هب النسيم وما
مسَّ الحجيج لبيت الله أركانا
أو قَهْقَهَ الرعد في هَدْباء مُدْجِنَةٍ
أو ناح طيرٌ على الأغصان أزمانا
والآل والصحب ثم التابعين لهم
على المحجَّة إيمانًا وإحسانا

ألا فاستكثروا - يا عباد الله - من الصلاة والسلام عليه واستزيدوا، وكرروا ذلك في جميع أوقاتكم وأعيدوا، وذكِّروا بذلك أحبابكم وأفيدوا، والزموا طريقه وهَدْيَه ولا تحيدوا، واستمسكوا بسنته ومنهجه ولا تميدوا.

فكله نور وكله هدى
صلى عليه الله ما تأوَّدا
غٌ بأنفاس الصبا وما اغتدى
حمامُ أيكٍ في الشروق وشَدَا

 

اللهم فصلِّ وسلم وزِدْ وبارك عليه، وعلى آله وصحبه الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون.

صلى عليه ربنا وسلما
والآل والصحب دومًا سرمدا
ما قطعت شمس النهار أَبْرُجا
وسطع البدر المنير في الدُّجى
وآله وصحبه ومن سَلَكْ
طريقهم ما دار نجم في فَلَكْ

 

أما بعد أيها الأحبة الكرام:

فهذا هو اللقاء الثاني من: نسيم السحر في هجرة سيد البشر صلى الله عليه وسلم.

قد شرح الله تعالى صدرهْ
وأذِن الله له بالهجرهْ
وأخبر الصِّدِّيق فاستعدَّا
بناقتين حسنتين جدَّا
سُلِّمتا إلى الدليل الديلي
وهو الذي أسرى بهم في الليلِ

 

ثم إنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ((قد أُخبرت بدار هجرتكم وهي يثرب، فمن أراد الخروج فليخرج إليها))، فجعل القوم يتجهزون ويخرجون خفية، وخرج المسلمون إلى المدينة فلم يبقَ بمكة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعلي، أو مفتون محبوس، أو مريض، أو ضعيف عن الخروج[1].

 

ونظر المشركون، فإذا ديار بـ(مكة) كانت عامرةً بأهلها قد أقفرت، ومَحَالٌ مؤنسة قد أمحلت... مرَّ عتبة، والعباس، وأبو جهل، على دار بني جحش بعدما هاجر ربُّ الدار وأهله، ونظر عتبة إلى الدار تخفق أبوابها يَبَابًا، وهي مقفرة ليس بها ساكن، فلما رآها خاويةً على عروشها، تصفِّر الريح في جَنَباتِها قال:

وكل دار وإن طالت سلامتها
يومًا ستدركها النكباء والحوبُ

ثم قال: أصبحت الدار خاليةً من أهلها، فقال أبو جهل للعباس: هذا من عمل ابن أخيك؛ فرَّق جماعتنا، وشتَّت أمرنا، وقطع بَيْنَنا[2]، وأبو جهل بهذا المنطق تبرز فيه طبائع الطغاة؛ فهم يُجرمون ثم يرمون الوِزْرَ على أكتاف غيرهم، ويقهرون المستضعفين، فإذا أبَوا الاستكانة، فإباؤهم علة المشكلات، ومصدر القلاقل.

 

وهكذا خرج الناس أرسالًا يتبع بعضهم بعضًا، وأخذ المهاجرون يتركون مكة زَرافاتٍ ووُحدانا؛ فشعرت قريشٌ بأن الإسلام أضحت له دارٌ يَأرِزُ إليها، وحصن يحتمي به، وتوجست خِيفة، وهاجت في دمائها غرائز السَّبُع المفترس، خصوصًا بعد أن تيقَّنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مدركٌ أصحابه لا محالة، اليوم أو غدًا، فاجتمع طواغيت مكة في دار الندوة؛ ليتدارسوا خطةً حاسمةً تكفل القضاء سريعًا على حامل لواء الدعوة، وقد أشار القرآن إلى تدبير هذه الجريمة؛ بقوله: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ﴾ [الأنفال: 30].

وقررت قريش أن تمنعَه
من الخروج أو يرى مصرعَه
ولم يخافوا من عقاب ربهم
بل مكروا ومكر الله بهم
ومرَّ بينهم وهم ينتظرون
خروجه لكنهم لا يبصرون

 

وقد وَرَدَ أنه وقف صلى الله عليه وسلم بالْحَزْوَرَةِ مودعًا؛ فقال: ((أمَا والله لأخرج منكِ، وإني لأعلم أنكِ أحب بلاد الله إليَّ، وأكرمه على الله، ولولا أن أهلكِ أخرجوني ما خرجت))[3].

وحَبَّب أوطان الرجال إليهم
مآربُ قضاها الشباب هنالكا
إذذكروا أوطانهم ذكرتهم
عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا

 

وتفانى آل الصِّدِّيق، وبذلوا النفس والنفيس؛ لإنفاذ الهجرة ونجاحها:

ولم يكن الصِّدِّيق أبقى لأهله= من المال شيئًا ما ولم يتبرم

 

فاستحق ثناء مولاه: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾ [الليل: 5، 6].

وأصلحت زادهم أسماء
ذات النطاقين كما تشاء

 

وجاء أنه لما عزم صلى الله عليه وسلم على ترك مكة، ألقى الوحي في قلبه وعلى لسانه هذا الدعاءَ الجميل: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا﴾ [الإسراء: 80].

 

ولما خرج مهاجرًا إلى الله يريد المدينة قال: ((الحمد الله الذي خلقني ولم أكُ شيئًا، اللهم أعنِّي على هول الدنيا، وبوائق الدهر، ومصائب الليالي والأيام، اللهم اصحبني في سفري، واخلُفني في أهلي، وبارك لي فيما رزقتني، ولك فذلِّلني، وعلى صالح خُلُقي فقوِّمني، وإليك ربِّ فحبِّبني، وإلى الناس فلا تَكِلْني، رب المستضعفين وأنت ربي، أعوذ بوجهك الكريم الذي أشرقت له السماوات والأرض، أن تحل عليَّ غضبك، أو تنزل بي سخطك، أعوذ بك من زوال نعمتك، وفجأة نقمتك، وتحوُّل عافيتك وجميع سخطك، لك العُتبى عندي خير ما استطعت، لا حول ولا قوة إلا بالله))[4].

 

قال ابن إسحاق: "ولم يعلم - فيما بلغني - بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدٌ حين خرج، إلا علي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق وآل أبي بكر"[5].

 

أما علي؛ الفارس الهُمام، والأسد الضِّرغام، والبطل المقدام، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يتخلَّف حتى يؤدِّيَ عنه الودائع التي كانت عنده للناس، ولم يكن بمكة أحد عنده شيء يُخشى عليه إلا وضعه عنده؛ لِما يعلم من صدقه وأمانته صلى الله عليه وسلم.

واستخلف الهِزَبْرَ في فراشه
من كعليٍّ في ثبات جأشه
واختبأ الصديق والنبي
في غار ثور وغدا التَّيمي
يقول: كاد القوم أن يرونا
لو طأطؤوا الرؤوس والعيونا
والمصطفى يقول: نحن اثنان
ثالثنا منزل القرآن
وأصلحت زادهم أسماء
ذات النطاقين كما تشاء

 

لقد اختار النبي صلى الله عليه وسلم فريقه في هذه المهمة بعناية فائقة؛ فلفراشه من وقع عليه ثناء الله: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾ [الإنسان: 9]، ولطريقِهِ مَن ذُكِر في قول الله: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾ [التوبة: 40]، فيا لها من رفقة طيبة مباركة! وتفانى الصِّدِّيق في الحفاظ على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كان يمشي مرةً أمام النبي صلى الله عليه وسلم، ومرةً خلفه، ومرةً عن يمينه، ومرةً عن يساره، فقال له صلى الله عليه وسلم: ((ما هذا يا أبا بكر؟ ما أعرف هذا من فعلك؟ قال: يا رسول الله، أذكر الرَّصَد فأكون أمامك، وأذكر الطَّلب فأكون خلفك، ومرةً عن يمينك، ومرةً عن يسارك، لا آمن عليك)).

أخلَّاء الرخاء هم كثير
ولكن في البلاء هم قليلُ
فلتغررك كثرة من تؤاخي
فما لك عند نائبة خليلُ


وقد مشى صلى الله عليه وسلم ليلته تلك على أطراف أصابعه، حتى حفيت رجلاه، فحمله أبو بكر على كاهله، وجعل يشتد به حتى أتى به الغار، فأنزله، ثم قال: والذي بعثك بالحق، لا تدخله حتى أدخله، فإن كان فيه شيء نزل بي قبلك، فدخل فكسحه، ووجد في جانبه ثقبًا، فشق إزاره وسدَّها، ثم دخل صلى الله عليه وسلم، ووضع رأسه في حِجْرِ أبي بكر، ونام، وكان في الغار خرقٌ فيه حيَّات وأفاعٍ، فخشِيَ أبو بكر أن يخرج منهن شيء يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فألقمه قدمه، فجعلن يضرِبْنَه ويَلْسَعْنَه، ولم يتحرك؛ لئلا يستيقظ حبيبه صلى الله عليه وسلم، فانحدرت دموعه على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

إن القلوب إذا طَوَت أسرارها أبْدَتْ لك الأسرار فيها الأوجهُ

 

فقال: ((ما لك يا أبا بكر؟ قال: لُدِغت فداك أبي وأمي، فتَفَلَ صلى الله عليه وسلم، فذهب ما يجده، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: يا أبا بكرٍ، لا تحزن، إن الله معنا))[6].

 

أيقنت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أفلت من بين يديها، حينئذٍ جدَّت الفرسان والمشاة وقُصَّاص الأثر في الطَّلب.

يا طريدًا ملأ الدنيا اسمه
وغدا لحنًا على كل الشفاه
وغدت سيرته أنشودةً
يتلقاها رواةٌ عن رواه
ليت شعري هل درى من طاردوا
عابدو اللات وأتباع مناه
هل درت من طاردته أنها
أُمة معبودها شاهت وشاه
طاردت في الغار من شادَ لها
دينه في الأرض جاهًا أي جاه
طاردت في البِيد من بوَّأها
سؤددًا لا يبلغ النجم مداه
سؤدد عالي الذُّرا ما ساده
قيصر يومًا ولا كسرى بناه

 

وحين أعمى الله أبصارهم، وأضلَّ أعمالهم، وخيَّب مسعاهم، خمدت نار الطلب، وتوقف هوس الدوريات، وهدأت ثائرة قريش، بعد استمرار المطاردة الحثيثة ثلاثة أيام، فتهيَّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه للخروج إلى المدينة.

وانطلقوا بعد ثلاث معهم
مولى أبي بكر لكي ينفعهم
وابن أُريقط هو الدليلُ
وامتلأت بالرَّصَد السبيلُ

 

وقد ذكر ابن عبدالبَرِّ وابن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسراقة في هذا المشهد: ((كيف بك إذا لبِستَ سِوارَيْ كسرى؟))[7].

 

يعده سواري كسرى ملك الفرس، والله وحده يعلم ما هي الخواطر التي دارت في رأس سراقة حول هذا العرض العجيب من ذلك المطارَد، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان عارفًا بالحق، وعارفًا بالباطل، كان واثقًا من أن هذا الحق لا بد أن ينتصر على الباطل؛ ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 21].

 

وفي خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فُتِحت فارس القادسية، فأُتِيَ بهما إلى بين يديه، وفي القوم سراقة بن مالك، فألقى إليه سواري كسرى، وقال: البسهما، ففعل، فقال: قل: الله أكبر، قال: الله أكبر، قال: قل: الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز، وألبسهما سراقة بن جعشم أعرابيًّا من بني مدلج.

 

قال الشافعي رحمه الله: وإنما ألبسهما سُراقةَ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسراقة، ونظر إلى ذراعيه: ((كأني بك قد لبست سواري كسرى))"[8].

 

ولك أن تتعرف على نتائج الحوار الساخن، والمناظرة الشرسة، والعتاب المرِّ، والحقائق المذهلة، في هذا الحوار بين أبي جهل وسراقة بن مالك.

 

يشن أبو جهل هجومًا مباشرًا خبيثًا على سراقة بن مالك قائلًا:

بني مدلج إني أخاف سفيهكم
سراقةَ مستغوٍ لنصر محمدِ
عليكم به لا يفرقنَّ جموعكم
فتصبح شتى بعد عز وسؤددِ

 

فيباغَت بهجمة مرتدَّة من سراقة، تقصم الظهر، وتربك الوضع:

أبا حكم واللات لو كنت شاهدًا
لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمُهْ
عجِبت ولم تشكك بأن محمدًا
نبي وبرهان فمن ذا يقاومُهْ
عليك بكفِّ الناس عنه فإنني
أرى أمره يومًا ستبدو معالمُهْ
بأمرٍ يود الناس فيه بأسرهم
لو أن جميع الناس طرًّا تسالمُهْ

 

قطع صلى الله عليه وسلم مفاوِزَ الصحراء، مستمسكًا بحبل الله، عنايةُ الله تكلؤه، وعينه ترعاه، متوكلًا على مولاه الذي قال له: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ [الفرقان: 58]، يقطع الطريق بخُطًى ثابتة، ونفس مطمئنة، وقلب ينبض إيمانًا، وإرادة فولاذية، وعزيمة لا تنثني، وأمل يضيء سناه كلما اسودَّ أليلًا، وفي الطريق:

مرُّوا على خيمة أم مَعْبَدِ
وهي على طريقهم بمرصد
وعندها شاةٌ أضر الجهد
بها وما بها قوًى تشتد
فمسح النبي منها الضرعا
فحلبت ما قد كفاهم وسعا
وحلبت بعدُ إناءً آخرا
ترك ذاك عندها وسافرا

 

فجاء زوجها أبو معبد يسوق أعْنُزًا عِجافًا هزالًا، فلما رأى اللبن، قال: من أين لكِ هذا ولا حلوب في البيت؟ قالت: لا والله إلا أنه مرَّ بنا رجل مبارك من حاله كذا، قال: صِفِيه، قالت: رأيت رجلًا ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق، وسيمًا قسيمًا... قال: هذا والله صاحب قريش الذي ذُكِرَ لنا من أمره ما ذكر... وأصبح صوت بمكة عاليًا يسمعونه ولا يدرون من صاحبه، يقول:

جزى الله رب الناس خير جزائه
رفيقين حلَّا خيمتي أم معبدِ
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها
فإنكم إن تسألوا الشاة تشهدِ

 

قالت أسماء: فلما سمعنا قوله، عرفنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توجَّه المدينة[9].

 

وأما أخبار المدينة، فقد كانت في تلهف كبير، وترقب مثير، وشوق منقطع النظير، لرؤية الرسول الهادي، سيد الحضر والبوادي، البشير النذير، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم.

فالفيافي حالمات بالمنى
تتلقاه بترحيب مثيرِ
والروابي مشرئبَّات إلى
نوره المشرق والوجه النضيرِ

 

قال عروة: وسمع المسلمون بالمدينة مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحَرَّة فينتظرونه، حتى يردهم حرُّ الظهيرة، ولسان حالهم:

أقبِلْ فتلك ديار طيبة تقبل
تُهديك من أشواقها ما تحملُ
القوم مذ فارقت مكة أعينٌ
تأبي الكرا وجوانح تتململُ
يتطلعون إلى الفِجاج وقولهم:
أفما يطالعنا النبي المرسلُ؟!


فانقلبوا يومًا بعدما أطالوا انتظارهم، فلما أَوَوا إلى بيوتهم، أوفى رجل من يهود على أُطُمٍ من آطامهم، فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معاشر العرب، هذا جدكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقَّوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة، وسُمِعت الرَّجَّةُ والتكبير في بني عمرو بن عوف، وكبَّر المسلمون فرحًا بقدومه، وحيَّوه بتحية النبوة؛ فأحدقوا به مُطيفين حوله، والسكينة تغشاه؛ والوحي ينزل عليه: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ [التحريم: 4].

فمال بهم ذات اليمين إلى قبا
لينزل فيها في بني عمر الكمي

 

نزل بهم في بني عمرو بن عوف، فنزل على كلثوم بن الهدم، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، فما نزل بها مثله من ضيف، نعِمت قباء به، تحتضنه كأمِّه، وتُبشِّر به من أمَّه، فقام أبو بكر للناس، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتًا، فطفِق من جاء من الأنصار ممن لم يرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحيِّي أبا بكر، فلم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم شارة تميزه، ولا ملبس يختص به، حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل أبو بكر حتى ظلَّل عليه بردائه، فعرَف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك.

فالحُسن يشهد أنه
فاق الورى خُلُقًا وحلما
عينٌ إلى العليا سمت
أذن عن الفحشاء صمَّا
إن رُحْتَ تكتم حبه
لم تستطع للمسك كتما
فهو الذي لولاه ما
مُلئت بيوت الله عِلما
شهد الأنام بأنه
ما مثله عربًا وعجما
من ذا يساوي علمه
بالبحر إن أمسى خضما
لا يستوي البحران ذا
عذب وذاك الملح طعما

 

لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلةً، وأسس المسجد الذي أُسِّس على التقوى، وصلى فيه صلى الله عليه وسلم[10]، ثم اندفع إلى المدينة في يوم فرح وابتهاج، لم تَرَ المدينة يومًا مثله أبدًا؛ فقد ازدحمت المدينة بسيل الدموع، وخفقان الضلوع، ولفتات الجموع، وارتجَّت السِّكك بالحمد والتسبيح، وتغنَّت بنات الأنصار بنشيد الحبِّ:

طلع البدر علينا
من ثنيَّاتِ الوداع
وجب الشكر علينا
ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا
جئت بالأمر المطاع

 

المدينة كلها؛ رجالها، نساؤها، أطفالها، شِعابها، جبالها، أشجارها، أحجارها، فِجاجها، كل كنى عن حبه بلغاته، ولربما أبكى الفصيح الأعجم.

ولم يُرَ في تاريخها من حفاوة
تعادلها مهما يفِد من معظَّم

 

والذي فلق الحبة وبرأ النَّسَمة إنه ليوم مشهود أغرّ، ولحظات فريدة مجيدة، يتمنى كل مسلم أن يعيشها، وأن يسكب شيئًا من الدموع الهتَّان فرحًا بها، وهو يشهد ذاك الاحتفاء والاصطفاء، ويرى أشعة الأنوار تتجاذبها الأنصار، وكلما مرَّ بدار من دُورهم، أمسكوا بزِمام الناقة لينزل عليهم، فيقول: ((دعوها فإنها مأمورة)).

وسار على القصواء يرخي زمامها
يقول له كلٌّ: بنا انزل وهاالمم



يصف أنس بن مالك رضي الله عنه ذلك المشهدَ بحروف تنبض بالمشاعر فيقول: ((إني لأسعى في الغلمان يقولون: جاء محمد، فأسعى فلا أرى شيئًا، ثم يقولون: جاء محمد، فأسعى فلا أرى شيئًا، حتى إن العواتق فوق البيوت يتراءينه، يقُلْنَ: أيهم هو؟ أيهم هو؟ قال: فما رأينا منظرًا شبيهًا به يومئذٍ، ثم قال أنس: ولقد رأيته يوم دخل علينا ويوم قُبِض، فلم أرَ يومين شبيهًا بهما، لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء))[11].

لما أطلَّ محمدٌ زكتِ الرُّبا
واخضرَّ في البستان كل هشيمِ
وأذاعت الفردوس مكنون الشذا
فإذا الورى في نضرة ونعيمِ


قال أنس: مر صلى الله عليه وسلم بحي بني النجار وإذا جوارٍ يضربن بالدفِّ يقُلْن:

نحن جوار من بني النجار
يا حبذا محمد من جارِ

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الله يعلم أن قلبي يحبكن))[12].

 

قال أبو بكر: فقدِمنا المدينة ليلًا، فتنازعوا أيهم ينزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أنزل على بني النجار أخوال عبدالمطلب، أكرمهم بذلك)).

 

فصعِد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرق الغلمان والخدم في الطرق ينادون: يا محمد يا رسول الله، يا محمد يا رسول الله، فسار صلى الله عليه وسلم يمشي معه الناس[13].

 

فبركت ناقته المأموره بموضع المسجد في الظهيره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بركت: ((هذا إن شاء الله المنزل، أي بيوت أهلنا أقرب؟ فقال أبو أيوب: أنا يا نبي الله، هذه داري، وهذا بابي، قال: فانطلق فهيئ لنا مقيلًا، فذهب فهيأ لهما مقيلًا، ثم جاء فقال: يا نبي الله، قد هيأت لكما مقيلًا، فقوما على بركة الله فقيلا، وذهب أبو أيوب بالراحلة إلى المنزل، ثم أتاه رجل آخر، فقال: يا رسول الله انزل عليَّ، فقال: إن الرجل مع رحلِهِ حيث كان))[14].

لا تسأل المغبوط عن حاله
جار كريم ومحل خصيب


يا لسعادة أبي أيوب، وقد أذِن له القدر أن يسجِّل موقفًا يخلَّد في أروقة العقول، وأوراق الكتاب المنقول.

 

قال أبو أيوب: "لما نزل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، نزل في السُّفْل، وأنا وأم أيوب في العُلُوِّ، فانتبه أبو أيوب ليلته، فقال: نمشي فوق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فتنحَّوا، فباتوا في جانب، قال أبو أيوب: لقد انكسر حب لنا فيه ماء، فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا، ما لنا لحاف غيرها، ننشف بها الماء، تخوفًا أن يقطُرَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيء فيؤذيه".

ولو قال لي مت، مت سمعًا وطاعةً
وقلت لداعي الموت: أهلًا ومرحبا

 

ألَا ما أرخص الحب إذا كان كلامًا، وما أغلاه حين يكون قدوةً وذِمامًا.

 

فلما أصبح أبو أيوب قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، إني لأكره وأعظِم أن أكون فوقك، وتكون تحتي، فاظهر أنت فكُنْ في العلو، وننزل نحن فنكون في السُّفْل، فقال: ((إن أرفق بنا وبمن يغشانا، أن نكون في سفل البيت))، فقال: لا أعلو سقيفةً أنت تحتها، فتحول صلى الله عليه وسلم في العلو، وأبو أيوب في السفل[15].

وهل يطيق المرء ستر الهوى
من بعد ما استولى على لُبِّه

 

فلم يزل صلى الله عليه وسلم في دار أبي أيوب، والأنصار يتوافدون عليه، ويغدقون عليه بكرمهم، لقد أحبوه حبًّا مَلَكَ عليهم مشاعرهم، وخالط دماءهم.

وما الخصب للأضياف أن يكثر القِرى
ولكنما وجه الكريم خصيب

 

وكان مقامه في دار أبي أيوب سبعة أشهر حتى بنى مسجده ومساكنه.

 

أما إنه لا غرابة فيما قام به أبو أيوب؛ إنه ابن سحابة تحوم في سماء الإيثار اسمها الأنصار: ﴿يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا﴾ [الحشر: 9]، ﴿وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ [الأنفال: 74].

 

هذه شهادة الله يتغنَّى بها الأنصار، وشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((آية الإيمان حُبُّ الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار، من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله))[16]، ((لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يُبغضهم إلا منافق))[17]، ((اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار))[18].

 

كما جاء الثناء على المهاجرين الذين تركوا ديارهم وأموالهم، أثنى عليهم ثناءً جمًّا؛ فقال: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ﴾ [التوبة: 100]، وقال: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ [الحشر: 8].

 

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، من كل ذنب وخطيئة، فيا فوز المستغفرين، ويا نجاة التائبين.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا يوافي نعمه وعطاياه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا معبود بحقٍّ سواه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، ونبيه وصفيه، ونجيه ووليه، ورضيه ومجتباه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاة دائمة ما انفلق صبح وأشرق ضياه؛ أما بعد:

 

فلعلك - يا عبدالله - تتساءل عن أحوال المهاجرين الذين أُخرِجوا من ديارهم وأموالهم، وفارقوا أوطانهم، ومسارح طفولتهم، ومراتع صباهم، كيف أصبحوا؟

 

عن عائشة رضي الله عنها: لما قدِم صلى الله عليه وسلم المدينة وُعِكَ أبو بكر وبلالٌ، فدخلت عليهما فقلت: يا أبتِ كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟ فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:

كلُّ امرئ مصبح في أهله
والموت أدنى من شِراك نعله

 

وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته ويقول:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلةً
بوادٍ وحولي إذْخِرٌ وجليل
وهل أَرِدْنَ يومًا مياه مَجَنَّةٍ
وهل يبدوَنْ لي شامةٌ وطفيل

وكان بلال يقول: اللهم اخزِ عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء.

 

قالت عائشة: فجئت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقال: ((اللهم حبِّب إلينا المدينة كحبِّنا مكةَ أو أشد، وصحِّحها لنا، وبارك لنا في صاعها ومُدِّها، وانقُل حُمَّاها واجعلها بالجُحْفَة))[19].

 

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((رأيت كأن امرأةً سوداء ثائرة الرأس، خرجت من المدينة، حتى قامت بمَهْيَعةٍ وهى الجُحفة، فأوَّلت أن وباء المدينة نُقل إليها))[20].

طابت به طيبة من بعد الرَّدى
أشرق ما قد كان منها أسودا
كانت لَمِنْ أوبأ أرض الله
فزال داؤها بهذا الجاه
ونقل الله بفضل رحمة
ما كان من حُمى بها للجحفة

ثم دعا صلى الله عليه وسلم للمدينة فقال: ((اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة))[21].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الإيمان ليأرِزُ إلى المدينة كما تأرِزُ الحيَّة إلى جُحرِها))[22].

 

وقال: ((إنها طَيبة، وإنها تنفي خَبَثها، كما تنفي النار خبث الفضة))[23].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى سمى المدينة طابة))[24].

بطيبة طاب الطيبون لطيبه
بأطيب طيب طيب لمطيب
هل زار طيبة ذاك العَرف حين سرى
فتُربها أبدًا مسكٌ يخامرُه
طابت بطِيب رسول الله فهي به
سمت وراقت بمن فاقت مفاخرُه
إذا لم تطِب في طيبة عند طيب
به طيبة طابت فأين تطيب؟!

 

وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها، كما ينفي الكِير خَبَثَ الحديد))[25].

 

ويقول: ((لا يكيد أهل المدينة أحدٌ إلا انْمَاعَ كما يَنْمَاعُ الملح في الماء))[26].

 

وفي رواية: ((ولا يريد أحدٌ أهلَ المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار كذوب الرصاص، أو كذوب الملح فى الماء))[27].

 

ومن دعاء أمير المؤمنين الفاروق رضي الله عنه: "اللهم ارزقني شهادةً في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك"[28].

 

فاللهم ارضَ عن صحابة رسولك أجمعين، الأنصار منهم والمهاجرين، واجعلنا معهم، بمحبتهم، والدعاء لهم، والترضي عنهم، يا أكرم الأكرمين.



[1] سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (3/ 224، 76).

[2] السيرة النبوية لابن كثير (2/ 217، 18).

[3] رواه عبدالرزاق الصنعاني في مصنفه، باب فضل الحرم، وأول من نصب أنصاب الحرم (5/ 26)، وأبو يعلى في مسنده، باب مسند عبدالله بن عباس (5/ 69).

[4] رواه عبدالرزاق الصنعاني في مصنفه، باب القول في السفر (5/ 156)، وأبو يعلى في مسنده، باب مسند عبدالله بن عباس (5/ 69).

[5] السيرة النبوية لابن كثير (2/ 234، 35).

[6] دلائل النبوة للبيهقي (2/ 477).

[7] دلائل النبوة للبيهقي (6/ 325، 26).

[8] أسد الغابة (2/ 412)، الإصابة في تمييز الصحابة (3/ 35).

[9] دلائل النبوة لأبي نعيم (337)، السيرة النبوية لابن كثير (2/ 261).

[10] عيون الأثر (1/ 214).

[11] تاريخ الإسلام للذهبي (1/ 681)، مسند أحمد (21/ 330)، سنن ابن ماجه (1/ 522).

[12] دلائل النبوة للبيهقي (2/ 508).

[13] رواه مسلم في صحيحه، باب في حديث الهجرة ويُقال له: حديث الرحل بالحاء (4/ 2410).

[14] رواه أحمد في مسنده، باب مسند أنس بن مالك رضي الله عنه (20/ 427)، ورواه البخاري في صحيحه، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة (5/ 60، 62).

[15] السيرة النبوية لابن كثير (2/ 277).

[16] رواه البخاري في صحيحه، باب علامة الإيمان حب الأنصار (1/ 12)، وفي باب حب الأنصار (5/ 32)، ورواه مسلم، باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي رضي الله عنهم من الإيمان وعلاماته، وبغضهم من علامات النفاق (1/ 85).

[17] رواه البخاري في صحيحه، باب حب الأنصار (5/ 32)، ومسلم، باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي رضي الله عنهم من الإيمان وعلاماته، وبغضهم من علامات النفاق (1/ 85).

[18] رواه مسلم في صحيحه، باب من فضائل الأنصار رضي الله تعالى عنهم (4/ 1948).

[19] رواه البخاري في صحيحه، باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة (5/ 66)، وفي باب عيادة النساء (7/ 116)، وفي باب من دعا برفع الوباء والحمى (7/ 122).

[20] رواه البخاري في صحيحه، باب المرأة السوداء (9/ 42).

[21] رواه البخاري في صحيحه، باب المدينة تنفث الخبث (3/ 23)، ومسلم، باب فضل المدينة، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة، وبيان تحريمها، وتحريم صيدها وشجرها، وبيان حدود حرمها (2/ 994).

[22] رواه البخاري في صحيحه، باب الإيمان يأرز إلى المدينة (3/ 21)، ومسلم، باب بيان أن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا، وأنه يأرز بين المسجدين (1/ 131).

[23] رواه أبو داود الطيالسي في مسنده، باب أحاديث زيد بن ثابت رضي الله عنه (1/ 499).

[24] رواه مسلم في صحيحه، باب المدينة تنفي شرارها (2/ 1007).

[25] رواه مسلم في صحيحه، باب المدينة تنفي شرارها (2/ 1005).

[26] رواه البخاري في صحيحه، باب إثم من كاد أهل المدينة (3/ 21).

[27] رواه مسلم في صحيحه، باب فضل المدينة، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة، وبيان تحريمها، وتحريم صيدها وشجرها، وبيان حدود حرمها (2/ 992).

[28] صحيح البخاري (3/ 23).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نسيم السحر في هجرة سيد البشر صلى الله عليه وسلم (1)
  • خطر السحر

مختارات من الشبكة

  • علاج السحر(مقالة - ملفات خاصة)
  • لا يجوز حل السحر بالسحر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم الذهاب للسحرة وعلاج السحر والرقى الشرعية للسحر(مقالة - ملفات خاصة)
  • نماذج عملية لعلاج سحر التفريق ( الجني يضع السحر في الوسادة )(مقالة - ملفات خاصة)
  • كشف المستور عن حكم فك السحر بسحر عن المسحور(WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كشف المستور عن حكم فك السحر بسحر عن المسحور (ملخص ثان)(مقالة - ملفات خاصة)
  • كشف المستور عن حكم فك السحر بسحر عن المسحور (ملخص أول)(مقالة - ملفات خاصة)
  • كشف المستور عن حكم فك السحر بسحر عن المسحور(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إضاءة سريعة حول السحر والوقاية منه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منتقى من "نسيم السحر ومنظوم الدرر" لابن الجوزي(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب