سنن الجنائز

أولا: تمهيد:

لا ينقطع حق المسلم على المسلم بمجرد الموت، بل للمسلم حق على إخوانه بعد الموت، ومن هذه الحقوق: الغسل والتشييع والدفن، وكل هذه من الحقوق الواجبة على المسلمين تجاه أخيهم الميت، وهو واجب كفائي، لو تركوه أثموا جميعا.

ثانيا: تعريف الجنائز والأحكام المتعلقة بها:

أ‌- الجنائز لغة

الجنائز: جمع جنازة بفتح الجيم وكسرها، والمراد بها: الإنسان ‌الميت على السرير، فإذا لم يكن عليه ‌الميت فهو سرير ونعش[1].

ب‌- الجنائز اصطلاحا

لا يختلف تعريف الجنائز في الاصطلاح عن المعنى اللغوي، فهي اسم للميت على السرير.

ج‌- حكم صلاة الجنازة:

صلاة الجنازة فرض كفاية، ونقل الإجماع في ذلك[2].

هـ- حكم غسل الميت

غسل الميت واجب على من حضره من المسلمين؛ فهو فرض كفاية، إذا قام به من يكفي من المسلمين سقط الإثم عن الباقين، قال النووي رحمه الله: "وغسل الميت ‌فرض ‌كفاية ‌بإجماع المسلمين"[3]‏. وفيه أجر عظيم، وهو من حقوق السلم على إخوانه المسلمين بعد موته[4].

و‌- حكم دفن الميت:

دفن الميت فرض كفاية إجماعا إن أمكن؛ لأن في تركه على وجه الأرض هتكاً لحرمته ويتأذى الناس برائحته، فتجب مواراة الآدمي مسلماً كان أو كافراً، لكن المسلم يُدفن حسب السنة، والكافر يوارى بالتراب في حفرة، وعند إمكان دفنه يجب أن يحفر له حفرة في الأرض، وأقلها عمقاً ما يمنع ظهور الرائحة ونبش السباع[5].

ي‌- الموعظة عند القبر:

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم أنه وعظ عند القبر، ولكنه لم يثبت أنه وعظ عند كل جنازة يدفنها، بحيث تكون خطبة؛ كخطبة العيد أو الكسوف أو نحوها، ولكن التذكير عند القبر ثبت عنه صلى الله عليه وسلم؛ لأن النفوس تكون في هذا الوقت مهيَّأةً للتأثُّرِ بالموعظة وقبولها؛ وتكون منقطعة عن الدنيا تتفكَّر في عاقبتها، وعينها على ذلك اليوم الذي تُحمَل فيه على الرِّقاب، لتُشيَّع إلى أول منازل الآخرة، فقد جاء عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةٍ، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الثَّرَى، ثُمَّ قَالَ: "يَا إِخْوَانِي! ‌لِمِثْلِ ‌هَذَا ‌فَأَعِدُّوا"»[6]، وهو وعظ، والأصل جوازه وندبه في كل وقت، ولكن لا يتخذ سنة بحيث يعاب لو ترك.

قال ابن عثيمين رحمه الله حين سئل عن مشروعية الموعظة عند القبر: " ‌الموعظة عند القبر سُنَّة على حسب ما جاء في السُّنَّة، وليست ‌الموعظة أن يخطب الإنسان قائماً يَعِظُ الناس؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، خصوصاً إذا اتخذها راتبة، كلما خرج مع جنازة قام ووعظ الناس"[7].

ثانيا: سنن قبل صلاة الجنازة:

القيام للجنازة:

عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ جِنَازَةً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا مَعَهَا فَلْيَقُمْ حَتَّى يُخَلِّفَهَا، أَوْ تُخَلِّفَهُ، أَوْ تُوضَعَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُخَلِّفَهُ»[8].

الاغتسال من غسل الميت:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «‌مَنْ ‌غَسَّلَ ‌مَيِّتًا ‌فَلْيَغْتَسِلْ»[9].

ثالثا: سنن حال صلاة الجنازة:

قراءة سورة بعد الفاتحة في التكبيرة الأولى:

عن طلحة بن عبد الله بن عوف، قال: «صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جِنَازَةٍ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، وَجَهَرَ حَتَّى أَسْمَعَنَا، فَلَمَّا فَرَغَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: سُنَّةٌ وَحَقٌّ»[10].

التكبير على الجنازة خمسًا:

عن ابن أبي ليلى رضي الله عنه: «كَانَ زَيْدٌ يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعًا، وَإِنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ خَمْسًا، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُهَا»[11].

الخروج من صلاة الجنازة بتسليمتين:

عن عبد الله رضي الله عنه، قال: «ثَلَاثُ خِلَالٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُنَّ تَرَكَهُنَّ النَّاسُ، إِحْدَاهُنَّ: التَّسْلِيمُ عَلَى الْجِنَازَةِ مِثْلُ التَّسْلِيمِ فِي الصَّلَاةِ»[12]