• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

القيوم جل جلاله وتقدست أسماؤه

القيوم جل جلاله وتقدست أسماؤه
الشيخ وحيد عبدالسلام بالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/6/2024 ميلادي - 2/12/1445 هجري

الزيارات: 913

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القيُّوم جل جلاله وتقدست أسماؤه

 

عَنَاصِرُ الموْضُوعِ:

أولًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (القَيُّومِ).

ثانيًا: وُرُودُهُ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ.

ثالثًا: مَعْنَى الاسْمِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى.

رابعًا: ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بهذا الاسْمِ.

خامسًا: المَعَانِي الإِيمَانِيَّةُ.

 

النِّيَّاتُ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَحْضِرَهَا الُمحَاضِرُ قَبْلَ إِلْقَاءِ هَذِهِ الُمحَاضَرَةِ:

أولًا: النِّيَّاتُ العَامَّةُ:

1- يَنْوي القيامَ بتبليغِ الناسِ شَيْئًا مِنْ دِينِ الله امْتِثَالًا لقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: «بلِّغُوا عَني ولَوْ آيةً»؛ رواه البخاري.

 

2- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ مَجْلِسِ العِلْمِ [1].

 

3- رَجَاءَ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ مَجْلِسِه ذلك مَغْفُورًا لَهُ [2].

 

4- يَنْوِي تَكْثِيرَ سَوَادِ المسْلِمِينَ والالتقاءَ بِعِبادِ الله المؤْمِنينَ.

 

5- يَنْوِي الاعْتِكَافَ فِي المسْجِدِ مُدةَ المحاضرة ـ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ مِنَ الفُقَهَاءِ ـ لَأَنَّ الاعْتِكَافَ هو الانْقِطَاعُ مُدَّةً للهِ في بيتِ الله.

 

6- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى أَجْرِ الخُطُوَاتِ إلى المسْجِدِ الذي سَيُلْقِي فيه المحَاضَرَةَ[3].

 

7- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، إذا كانَ سَيُلْقِي مُحَاضَرَتَه مثلًا مِنَ المغْرِبِ إلى العِشَاءِ، أَوْ مِنَ العَصْرِ إِلَى الَمغْرِبِ[4].

 

8- رَجَاءَ أَنْ يَهْدِي اللهُ بسببِ مُحَاضَرَتِه رَجُلًا، فَيَأْخُذَ مِثْلَ أَجْرِهِ[5].

 

9- يَنْوِي إرْشَادَ السَّائِليِنَ، وتَعْلِيمَ المحْتَاجِينَ، مِنْ خِلَالِ الرَّدِّ عَلَى أَسْئِلَةِ المسْتَفْتِينَ[6].

 

10- يَنْوِي القِيَامَ بِوَاجِبِ الأمرِ بالمعروفِ، وَالنهيِ عَنِ الُمنْكَرِ ـ بالحِكْمَةِ والموعظةِ الحسنةِ ـ إِنْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي ذلك.

 

11- يَنْوِي طَلَبَ النَّضْرَةِ الَمذْكُورَةِ فِي قولِ النبي صلى الله عليه وسلم: «نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْها»، رواه أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (6766).

 

ثُمَّ قَدْ يَفْتَحُ اللهُ عَلَى الُمحَاضِرِ بِنِيَّات صَالِحَةٍ أُخْرَى فَيَتَضَاعَفُ أَجْرُه لقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، مُتَّفَقٌ عَلَيه.

 

ثانيًا: النِّيَّاتُ الخَاصَّةُ:

1- تَنْوِي تَعْرِيفَ المسْلِمِينَ بِمَعَانِي اسْمِ الله تَعَالَى (القَيُّومِ).

 

2- تَنْوِي تَنْبِيهَ المسْلِمِينَ أَنَّهُ لَا قَوَامَ لِأَحَدٍ إلا بِالله.

 

3- تَنْوِي غَرْسَ عَقِيدَةِ التَّوَكُّلِ عَلَى الحَيِّ القَيُّومِ في قُلُوبِ المؤمِنِينَ.

 

4- تَنْوِي حَثَّ المسْلِمِينَ عَلَى اسْتِشْعَارِ مَشْهَدِ القَيُّومِيَّةِ لله رَبِّ العَالَمِينَ.

 

أولًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (القَيُّومِ):

القَيُّومُ في اللُّغَةِ مِنْ صِيَغِ الُمبَالَغَةِ، فِعْلُهُ قَامَ يَقومُ قَوْمًا وقِيامًا، ويَأْتِي الفِعْلُ عَلَى مَعْنَيَينِ:

الأَوَّلُ: القِيَامُ بِالذَّاتِ وَالبَقَاءُ عَلَى الوَصْفِ، وَالثَّانِي: إِقَامَةُ الغَيْرِ وَالإِبِقَاءِ عليه لأَنَّ غَيْرَهُ مُفْتَقِرٌ إليه، فالأَوَّلُ على اعْتِبَارِ صِفَةِ الذَّاتِ، والثاني على اعْتِبَارِ صِفَةِ الفِعْلِ، وعلى هَذينِ الَمعْنَيَينِ دَارَتْ عِبَارَاتُ اللُّغَوِيِّينَ، فالقَيُّومُ هو القَائِمُ بِنَفْسِهِ مُطْلَقًا لَا بِغَيْرِهِ البَاقِي أَزَلًا وَأَبَدًا، أَوِ القَائِمُ بتِدَبْيِرِ أُمُورِ الخَلْقِ وَتَدْبِيرِ العَالَمِ بِجميعِ أحوالِهِ، فَهُوَ القَائِمُ بِأُمورِ خَلْقِهِ فِي إِنْشَائِهم وتَوَلَّي أَرْزَاقِهم وتَحْدِيدِ آجَالِهم وأعمَالِهم، وَهُوَ العَلِيمُ بمُسْتَقَرِّهم ومُسْتَوْدَعِهِمْ، وهو الذي يَقُومُ بِهِ كُلُّ مَوْجودٍ حَتَّى لا يُتَصَوَّرَ وُجُودُ شَيْءٍ ولا دَوَامُ وُجُودِه إلا بِقَيُّومِيَّتِهِ وإقَامَتِهِ له.

 

والقَيُّومُ عز وجل هُوَ القَائِمُ بِنَفْسِهِ الذي بَلَغَ مُطْلَقَ الكَمَالِ فِي وَصْفِهِ، وَالبَاقِي بِكَمَالِهِ وَوَصْفِهِ عَلَى الدَّوَامِ دُونَ تَغْييرٍ أَوْ تَأْثيرٍ، فَقَدْ يَكُونُ الحَيُّ سَمِيعًا لَكِنْ يَتَأَثَّرُ سَمْعُه مَعَ مُرُورِ الوَقْتِ، فَيَفْتَقِرُ إلى وَسِيلَةٍ إِضَافِيَّةٍ للسَّمَاعِ، يَضعُ سَمَّاعَةً أَوْ آلةً يَسْتَعِينُ بِهَا لإِكْمَالِ سَمْعِهِ، فَيَلْزَمُ لاتِّصَافِهِ بِكَمَالِ السَّمْعِ أَنْ يَكُونَ قَيُّومًا فِي سَمْعِهِ لَهُ البَقَاءُ وَالكَمَالُ فِيهِ عَلَى الدَّوَامِ، وَقَدْ يَكُونُ الحَيُّ بَصِيرًا لَكِنَّ بَصَرَهُ يَتَأَثَّرُ مَعَ مُرُورِ الوَقْتِ فَيَفْتَقِرُ إِلَى وَسِيلَةٍ إِضَافِيَّةٍ للإِبْصَارِ، فَيَضَعُ زُجَاجَةً أَوْ نَظَّارَةً يَسْتَعِينُ بِهَا، فَيَلْزَمُ لاتِّصَافِهِ بِكَمَالِ البَصَرِ والإِبْصَارِ أَنْ يَكُونَ قَيُّومًا فِي بَصَرِهِ لَهُ البَقَاءُ والكَمَالُ فِيهِ عَلَى الدَّوَامِ، والحَيُّ قَدْ يَكُونُ مُتَّصِفًا بِالصِّفَاتِ لَكِنَّهُ يَتَأَثَّرُ بِالغَفْلَةِ وَالسِّنَاتِ، فَتَتَأَثَّرُ صِفَاتُهُ وَتَضْمَحِلُّ وربما يَنَامُ أَوْ يَمُوتُ فَتَزُولُ وَتَنْعَدِمُ، فَلَوْ كَانَ قَائِمًا دَائِمًا لَكَمُلَتْ حَيَاتُهُ وَبَقِيَتْ صِفَاتُهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]، فَأَثْبَتَ الحَيَاةَ والقَيُّومِيَّةَ اللَّازِمَةَ لِكَمَالِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وأفعاله، وَهَذَا الَمعْنَى كُلُّهُ فِي دَلَالَةِ القَيُّومِ عَلَى صِفَةِ الذَّاتِ.

 

أَمَّا دَلَالَتُه عَلَى صِفَةِ الفِعْلِ فَالقَيُّومِيَّةُ هُنَا مَرَدُّهَا إِلَى مَعْنَى الرُّبُوبِيَّةِ، فَالقَيِّمُ في اللُّغَةِ هو السَّيِّدُ الذي يَسُوسُ الأُمُورَ وَيُدَبِّرُهَا، فَقَيِّمُ البَلْدَةِ سَيِّدُهَا وَأمِينُها ومُدَبِّرُها ومِنْهُ قَوْلُه: ﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الرعد: 33].

 

وَعِنْدَ البُخَارِي مَرْفُوعًا: «أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ»[7].

 

ثانيًا: وُرُودُه فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ[8]:

وَرَدَ الاسْمُ فِي ثَلاثِ آياتٍ مِنَ القُرْآنِ، وهي:

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255].

 

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [آل عمران: 2].

 

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ﴾ [طه: 111].

 

ثالثًا: مَعْنَى الاسْمِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى:

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: «القَائِمُ وَهُوَ الدَّائِمُ الذي لا يَزُولُ» [9].

 

وَقَالَ ابنُ جَرِيرٍ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اخْتِلَافِ القُرَّاءِ ِفي قِرَاءَةِ (القَيُّومِ): «فَأَمَّا تَأْوِيلُ جَمِيعِ الوُجُوهِ التي ذَكَرْنا أَنَّ القُرَّاءَ قَرَأَتْ بِهَا فَمُتَقَارِبٌ، وَمَعْنَى ذَلِكَ كُلِّه: القَيِّمُ بِحِفْظِ كُلِّ شَيْءٍ وَرِزْقِهِ، وَتَصْرِيِفِهِ فِيمِا شَاءَ وَأَحَبَّ، مِنْ تَغْييرٍ وَتَبْدِيلٍ، وزِيَادَةٍ َوَنَقْصٍ.

 

وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ القِيَامُ عَلَى مَكَانِهِ، وَوَجَّهُوهُ إِلَى القِيَامِ الدَّائمِ الذِي لَا زَوَالَ مَعَهُ ولا انْتِقَالَ، وأَنَّ اللهَ عز وجل إِنَّمَا نَفَى عَنْ نَفْسِهِ بِوَصْفِها بذلك التَّغْييرِ والتَّنَقُّلِ مِنْ مَكَانٍ إلى مَكَانٍ، وحُدُوثُ التَّبْدُّلِ الذي يَحْدُثُ فِي الآدَمِيينَ وسَائِرِ خَلْقِهِ غَيْرُهم، وَنَقَلَه عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ الزُّبَيْرِ.

 

ثُمَّ رَجَّحَ ابنُ جَرِيرٍ فَقَالَ: وأَوْلَى التَّأْوِيلَينِ بالصَّوَابِ ما قَالَهُ مُجَاهِدٌ والرَّبيعُ، وأَنَّ ذلك وَصْفٌ مِنَ الله تَعَالَى وَذِكْرُه نَفْسَه بِأَنَّهُ القَائِمُ بِأَمْرِ كُلِّ شِيْءٍ فِي رِزْقِهِ وَالدَّفْعِ عنه وتَدْبِيرِه وصَرْفِهِ فِي قُدْرَتِهِ مِنْ قَوْلِ العَرَبِ: فُلانٌ قَائِمٌ بِأَمْرِ هَذِهِ البَلْدَةِ، يَعْنِي بذلك: الُمتَوَلِّي تَدْبِيرَ أَمْرِها.

 

فَالقَيُّومُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ الفَيْعُول، مِنْ قَوْلِ القَائِلِ: اللهُ يَقُومُ بِأَمْرِ خَلْقِهِ»[10].

 

وَقَالَ الزَّجَّاجِيُّ: «(القَيُّومُ): فَيْعُولٌ مِنْ قَامَ يَقُومُ، وهو مِنْ أَوْصَافِ الُمبَالَغَةِ فِي الفِعْلِ، وهو مِنْ قَوْلِهِ عز وجل: ﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الرعد: 33]؛ أَيْ: يَحْفَظُ عَلَيْهَا وَيُجَازِيهَا وَيُحَاسِبُها»[11].

 

وَقَالَ الخَطَّابِي: «(القَيُّومُ) هو: القَائِم الدَّائِمُ بِلَا زَوَالٍ، وَوَزْنُه فَيْعُولٌ مِنَ القِيَامِ، وهو نَعْتُ الُمبَالَغَةِ فِي القِيَامَةِ عَلَى الشَيْءِ.

 

ويُقَالَ: هو القَيِّمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ بِالرِّعَايَةِ لَهُ، وَيُقَالُ: قُمْتُ بِالشَّيْءِ إِذَا وَلِيْتُهُ بِالرِّعَايَةِ والَمصْلَحَةِ [12].

 

وَقَالَ البيْهَقِي: «(القَيُّومُ) هو القَائِمُ الدَّائِمُ بِلَا زَوَالٍ».

 

فَيَرْجِعُ إلى صِفَةِ البَقَاءِ، والبَقَاءُ صِفَةُ الذَّاتِ.

 

وَقِيلَ: هُوَ الُمدَبِّرُ والُمتَوَلِّي بِجَمِيعِ مَا يَجْرِي في العَالَمِ، وَهُوَ عَلَى هَذَا الَمعْنَى مِنْ صِفَاتِ الفِعْلِ» [13].

 

وَقَالَ القُرْطُبِي: «(القَيُّومُ) مِنْ قَامَ، أَيْ القَائِمُ بِتَدْبِيرِ مَا خَلَقَ» [14].

 

وَقَالَ السَّعْدِي:«الحَيُّ القَيُّومُ) كَامِلُ الحَيَاةِ، والقَائِمُ بِنَفْسِهِ، القَيُّومُ لِأَهْلِ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ، القَائِمُ بِتَدْبِيرِهم وأَرْزَاقِهم وجَمِيعِ أَحْوَالِهمْ، فالحَيُّ: الجَامِعُ لِصِفَاتِ الذَّاتِ، والقَيُّومُ: الجَامِعُ لِصِفَاتِ الأَفْعَالِ» [15].

 

وَقَالَ العَلَّامَةُ ابنُ القَيِّمِ في النُّونِيَّةِ:

هَذَا ومِنْ أَوْصَافِهِ القَيُّومُ والـ
قَيُّومُ في أَوْصَافِهِ أَمْرَانِ
إِحْدَاهُمَا القَيُّومُ قَامَ بِنَفْسِهِ
والكَوْنُ قَامَ بِهِ هُمَا الأَمْرَانِ
فَالأَوَّلُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ غَيْرِه
وَالفَقْرُ مِنْ كُلٍّ إليه الثَّانِي
والوَصْفُ بالقَيُّومِ ذُو شَانٍ عَظِيمٍ
هَكَذَا مَوْصُوفُه أَيْضًا عَظِيمُ الشَّانِ
وَالحَيُّ يَتْلُوهُ فَأَوْصَافُ الكَمَا
لِ هُمَا لِأُفْقِ سَمَائِها قُطْبَانِ
فَالحَيُّ والقَيُّومُ لَنْ تَتَخَلَّفَ الـ
أوْصَافُ أَصْلًا عَنْهما بِبَيَانِ[16]

 

رابعًا: ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بِهَذَا الاسْمِ:

1- وَصْفُ الله تَعَالَى ذِكْرُه بِأَنَّهُ قَيُّومٌ بِنَفْسِهِ، لَا يَحْتَاجُ فِي قِيَامِهِ وَدَوَامِهِ إِلَى أَحَدٍ، يُطْعِمُ ولا يُطْعَمُ، وكَيْفَ يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ أَوْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَهُمْ أَنْفُسَهُم لا قِيَامَ لَهُمْ إِلَّا بِإِقَامَةِ الحَيِّ القَيُّومِ لهم؟!

 

فَقِيَامُهُ تَعَالَى بِذَاتِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا لَهُ تَعَالَى.

 

2- وَصْفُه تَعَالَى بِأَنَّهُ الُمدَبِّرُ لأَمْرِ الخَلَائِقِ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، الُمصَرِّفُ لِشُؤونِها؛ لأَنَّها لَيْسَتْ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا بل مُحْتَاجَةٌ للحَيِّ القَيُّومِ الذِي يَرْزُقُها وَيُحْيِيها وَيقِيمُها.

 

ولا شَكَّ أَنَّ مَنْ عَرَفَ هَذِهِ الصِّفَةَ فِي رَبِّهِ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ، وَانْقَطَعَ قَلْبُه عَنِ الخَلْقِ إِلَيْهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ مُحْتَاجُونَ مُفْتَقِرُونَ مِثْلَهُ إِلَى خَالِقَهِم في قِيَامِهِم وَقُعُودِهم، وحَياتِهِم وَبَعْدَ مَمَاتِهِم، فِي دِينِهم ودُنْيَاهم، فَكَيْفَ يَرْجُوهم بَعْدَ ذلك؟!

 

3- ومِنْ كَمَالِ قَيُّومِيَّتِهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَنَامُ؛ إِذْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِعَدَمِ السِّنَةِ والنَّوْمِ دُونَ خَلْقِهِ فَإِنَّهُمْ يَنَامُونَ.

 

4- اقْتَرَنَ هَذَا الاسْمُ بِالحَيِّ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ كَمَا سَبَقَ، واقْتِرَانُه بِالحَي يَسْتَلْزِمُ سَائِرَ صِفَاتِ الكَمَالِ، وَيَدُلُّ عَلَى بَقَائِها ودَوَامِها، وانْتِفَاءِ النَّقْصِ والعَدَمِ عنها أَزَلًا وَأَبَدًا.

 

وَلِهَذَا كَانَ قوله: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]، أَعْظَمُ آيَةٍ فِي القُرْآنِ، كَمَا ثَبُتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم[17].

 

فَعَلَى هَذَينِ الاسْمَينِ مَدَارُ الأسْمَاءِ الحُسْنَى كُلِّها، وإليها تَرْجِعُ مَعَانِيها؛ فإِنَّ الحَيَاةَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِجَمِيعِ صِفَاتِ الكَمَالِ، فَلَا يَتَخَلَّفُ عنها صِفَةٌ مِنْهَا إِلَّا لِضَعْفِ الحَيَاةِ، فإذا كَانَتْ حَيَاتُهُ تَعَالَى أَكْمَلُ حَيَاةٍ وَأَتـَمَّها، اسْتَلْزَمَ إِثْبَاتُها كُلَّ كَمَالٍ يُضَادُّ نَفْيُه كَمَالَ الحَيَاةِ.

 

وَأَمَّا (القَيُّومُ) فَمُتَضَمِّنٌ كَمَالَ غِنَاه وكَمَالَ قُدْرَتِهِ؛ فَإِنَّهُ القَائِمُ بِنَفْسِهِ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ، الُمقِيمُ لِغَيْرِه، فَلَا قِيَامَ لِغَيْرِهِ إِلَّا بِإِقَامَتِهِ.

 

فانْتَظَمَ هَذَانِ الاسْمَانِ صِفَاتِ الكَمَالِ أَتَمَّ انْتِظَامٍ[18].

 

5- جَاءَ فِي السُّنَّةِ الُمطَهَّرَةِ مَا يَدُلُّ على عَظَمَةِ هَذَينِ الاسْمَينِ، والدُّعَاءِ بِهِمَا مُجْتَمِعِينَ، حَتَّى قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ أنَّهُما الاسْمُ الأَعْظَمُ للرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ ت قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النبي صلى الله عليه وسلم فِي الَمسْجِدِ وَرَجُلٌ يُصَلِّي فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الحَمْدُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الحَنَّانُ الَمنَّانُ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «دَعَا اللهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ، الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى» [19].

 

والصَّوَابُ في الاسْمِ الأَعْظَمِ هُوَ (اللهُ) أ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُه[20].

 

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَدُعَاءُ الله بِهِمَا مِنَ امْتِثَالِ أَمْرِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 180].

 

6- وَمِنْهَا: حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدْعُو: «يَا حَيُّ يَا قَيُّوم»[21].

 

وَفِي رِوَايةٍ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ النبي صلى الله عليه وسلم: «أَيْ حَيُّ أَيْ قَيُّومُ»[22].

 

7- وَمِنْهَا: حَدِيثُ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ: «مَا يَمْنَعُك أَنْ تَسْمَعِي مَا أُوصِيكِ به أنْ تَقُولِي إِذَا أَصْبَحْتِ وإذا أَمْسَيْتِ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لي شَأْنِي كُلَّهُ، ولا تَكِلْنِي إلى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ»[23].

 

8- وَمِنْهَا: حَدِيثُ ابنِ مَسْعُودٍ ت، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لَا إلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ وأَتُوبُ إليه ثَلاثًا غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَ فَارًّا مِنَ الزَّحْفِ»[24].

 

قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِي: «هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الكَبَائِرِ تُغْفَرُ بِبَعْضِ العَمَلِ الصَّالِحِ، وَضَابِطُه الذُّنُوبُ التي لا تُوجِبُ عَلَى مُرْتَكِبِها حُكْمًا فِي نَفْسٍ وَلَا مَالٍ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ مِثْلُ الفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ وَهُوَ مِنَ الكَبَائِرِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مِثْلَه أَوْ دُونَهُ يُغْفَرُ إِذَا كَانَ مِثْلَ الفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ عَلَى مُرْتَكِبِه حُكْمًا فِي نَفْسٍ وَلَا مَالٍ»[25].

 

خامسًا: المَعَانِي الإِيمَانِيَّةُ:

فَإِنَّ الحَيَاةَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِجَمِيعِ صِفَاتِ الكَمَالِ، وَلَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا صِفَةٌ مِنْهَا إِلَّا لِضَعْفِ الحَيَاةِ، فإذا كَانَتْ حَيَاتُه تَعَالَى أَكْمَلَ حَيَاةٍ وَأَتَمَّها اسْتَلْزَمَ إِثْبَاتُها إِثْبَاتَ كُلِّ كَمَالٍ يُضَادُّ نَفْيِّ كَمَالِ الحَيَاةِ.

 

وَبِهَذَا الطريقِ العَقْلِيِّ أَثْبَتَ مُتَكَلِّمُو أَهْلِ الإِثْبَاتِ لَهُ تَعَالَى صِفَةَ السَّمْعِ والبَصَرِ والعَلْمِ وَالإِرَادَةِ والقُدْرَةِ وَالكَلَامِ وَسَائِرِ صِفَاتِ الكَمَالِ.

 

وَأَمَّا القَيُّومُ: فَهُوَ مُتَضَمِّنٌ كَمَالَ غِنَاهُ وَكَمَالَ قُدْرَتِهِ وَعِزَّتِهِ؛ فَإِنَّهُ القَائِمُ بِنَفْسِهِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يُقِيمُه بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ، وهذا مِنْ كَمَالِ غِنَاهُ بِنَفْسِهِ عَمَّا سِوَاهُ، وَهُوَ الُمقِيمُ لِغَيْرِهِ فلا قِيَامَ لِغَيْرِهِ إِلَّا بِإِقَامتِهِ وَهَذَا مِنْ كَمَالِ قُدْرَتِهِ، فَانْتَظَمَ هذانِ الاسْمَانِ صِفَاتِ الكَمَالِ وَالغِنَى التَّامِّ والقُدْرَةِ التَّامَّةِ، فَكَأَنَّ الُمسْتَغِيثَ بِهِمَا مُسْتَغِيثٌ بِكُلِّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ الرَّبِّ تَعَالَى وَبِكُلِّ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ.

 

فَمَا أَوْلَى الاسْتِغَاثَةَ بِهَذَينِ الاسْمَينِ أَنْ يَكُونَا فِي مَظَنَّةِ تَفْرِيجِ الكُرُبَاتِ، وَإِغَاثَةِ اللهفَاتِ، وَإنَالَةِ الطَّلَبَاتِ، وَالمقْصُودُ أنَّ الرَّحَمْةَ الُمسْتَغَاثُ بِهَا هي صِفَةُ الرَّبِّ تَعَالَى لَا شَيْءَ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، كَمَا أَنَّ الُمسْتَعِيذَ بِعِزَّتِهِ فِي قَوْلِهِ: أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ، مُسْتَعِيذٌ بِعِزَّتِهِ التِي هِي صِفَتُهُ لا بِعِزَّتِهِ التي خَلَقَها يُعِزُّ بِهَا عِبَادَه الُمؤْمِنِينَ.

 

وَهَذَا كُلُّهُ يُقَرِّرُ قَوْلَ أَهْلِ السُّنَّةِ أنَّ قَوْلَ النبي صلى الله عليه وسلم: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ»[26] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَلِمَاتِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ؛ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَعَاذُ بِمَخْلُوقٍ، وَأَمَّا قَوْلُه تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ مَلَائِكَتِهِ: ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [غافر: 7]، فَهَذِهِ رَحْمَةُ الصِّفَةِ التِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 156]، وَسِعَتُها عُمُومُ تَعَلُّقِها بِكُلِّ شَيْءٍ، كَمَا أَنَّ سِعَةَ عِلْمِهِ تَعَالَى عُمُومُ تَعَلُّقِه بِكُلِّ مَعْلُومٍ[27].

 

أَثَرُ مَعْرِفَةِ العَبْدِ أَنَّ اللهَ قَيُّومٌ:

وَكَذَلِكَ إِذَا شَهِدَ مَشْهَدَ القَيُّومِيَّةِ الجَامِعَ لِصِفَاتِ الأَفْعَالِ وَأَنَّهُ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَقَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ، وَأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ القَائِمُ بِنَفْسِهِ الُمقِيمُ لِغَيْرِهِ القَائِمُ عليه بِتَدْبِيرِه وَرُبُوبِيَّتِه وَقَهْرِهِ وإِيصَالِ جَزَاءِ الُمحْسِنِ إِلَيهِ وَجَزَاءِ الُمسِيءِ إليه، وَأَنَّهُ بِكَمَالِ قَيُّومِيَّتِهِ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، وَيَرْفَعُ وَلَا يَضِلُّ وَلَا يَنْسَى، وَهَذَا الَمشْهَدُ مِنْ أَرْفَعِ مَشَاهِدِ العَارِفِينَ، وهو مَشْهَدُ الرُّبُوبِيَّةِ.

 

وَأَعْلَى منه مَشْهَدُ الإلهيَّةِ الَّذِي هُوَ مَشْهَدُ الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهم الحُنَفَاءِ، وهو شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَأَنَّ إِلَهِيَّةِ ما سِوَاهُ بَاطِلٌ وَمُحَالٌ، كَمَا أَنَّ رُبُوبِيَّةَ ما سِواهُ، كَذَلِكَ فَلَا أَحَدٌ سِوَاهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُؤَلَّهَ وَيُعْبَدَ، وَيُصَلَّى لَهُ وَيُسْجَدُ، وَيَسْتَحِقُّ نِهَايَةَ الحُبِّ مَعَ نِهَايَةِ الذُّلِّ لِكَمَالِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، فَهُوَ الُمطَاعُ وَحْدَهُ عَلَى الحَقِيقَةِ، وَالَمأْلُوهُ وَحْدَهُ، وَلَهُ الحُكْمُ وَحْدَهُ، فَكُلُّ عُبُودِيَّةٍ لِغَيْرِهِ بَاطِلَةٌ وعَنَاءٌ وَضَلَالٌ، وَكُلُّ مَحَبَّةٍ لِغَيْرِهِ عَذَابٌ لِصَاحِبِها، وَكُلُّ غِنَىً لِغَيْرِهِ فَقْرٌ وَضَلَالٌ، وَكُلُّ عِزٍّ بِغَيْرِهِ ذُلٌّ وَصَغَارٌ، وَكُلُّ تَكَثُّرٍ بِغَيْرِهِ قِلَّةٌ وَفَاقَةٌ.

 

فَكَمَا اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ للخَلْقِ رَبٌّ غَيْرُه فَكَذَلِكَ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُه، فهو الذي انْتَهَتْ إِلَيْهِ الرَّغَبَاتُ وَتَوَجَّهَتْ نَحْوَهُ الطَّلَبَاتُ، وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ إِلَهٌ آخَرُ، فَإِنَّ الإلهَ عَلَى حَقِيقَةٍ هُوَ الغَنِيُّ الصَّمَدُ وَلَا حَاجَةَ به إلى أَحَدٍ، وقِيَامُ كُلِّ شَيْءٍ بِهِ وَلَيْسَ قِيَامُه بِغَيْرِه، وَمِنَ الُمحَالِ أَنْ يَحْصُلَ فِي الوجودِ اثْنَانِ كذلك، ولَوْ كَانَ فِي الوُجُودِ إِلَهانِ لَفَسَدَ نِظَامُهُ أَعْظَمَ فَسَادٍ وَاخْتَلَّ أَعْظَمَ اخْتِلَالٍ، كَمَا يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فَاعِلَانِ مُتَسَاوِيَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلٌّ بِالفِعْلِ؛ فَإِنَّ اسْتِقْلَالَهما يُنَافِي اسْتِقْلَالَهما، واسْتِقْلَالُ أَحَدِهما يَمْنَعُ رُبُوبِيَّةَ الآخَرِ[28]، وَمِنْ تَجْرِيباتِ السَّالِكِينَ التي جَرَّبُوهَا فَأَلْفَوْهَا صَحِيحَةً: أَنَّ مَنْ أَدْمَنَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ لَا إِلَهَ إلا أَنْتَ أَوْرَثَهُ ذَلِكَ حَيَاةَ القَلْبِ والعَقْلِ.

 

وَكَانَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابنُ تَيْميةَ ـ قَدَّسَ اللهُ رَوْحَهُ ـ شَدِيدَ اللَّهْجِ بِهَا جِدًّا، وَقَالَ لِي يَوْمًا: «لِهَذِينِ الاسْمَينِ ـ وهما الحَيُّ القَيُّومُ ـ تَأْثِيرٌ عَظِيمٌ فِي حَيَاةِ القَلْبِ، وَكَانَ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهما الاسْمُ الأَعْظَمُ، وَسَمِعْتُه يَقُولُ: مَنْ وَاظَبَ عَلَى أَرْبَعِينَ مَرَّةً كُلَّ يَوْمٍ بينَ سُنَّةِ الفَجْرِ وَصَلَاةُ الفَجْرِ (يَا حِيُّ يَا قَيُّومُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ) حَصُلَتْ لَهُ حَيَاةُ القَلْبِ وَلَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ.

 

وَمَنْ عَلِمَ عُبُودِيَّاتِ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى والدُّعَاءِ بها وسِرَّ ارْتِبَاطِها بالخَلْقِ وَالأَمْرِ وَبِمَطَالِبِ العَبْدِ وَحَاجَاتِهِ عَرَفَ ذلك وتَحَقَّقَهُ؛ فَإِنَّ كُلَّ مَطْلُوبٍ يُسْأَلُ بِالُمنَاسِبِ لَهُ، فَتَأَمَّلْ أَدْعِيَةَ القُرْآنِ والأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ تَجِدْها كذلك[29].



[1] رَوَى مسلمٌ عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «ما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بيتٍ مِنْ بِيوتِ الله، يَتْلُونَ كِتابَ الله ويَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلا نزلتْ عَليهم السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُم الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُم الملائكةُ، وَذَكَرَهُم اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».

[2] َروَى الإمامُ أَحمدُ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (5507) عن أنسِ بنِ مالكٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا اجْتَمَعَ قَومٌ عَلَى ذِكْرٍ، فَتَفَرَّقُوا عنه إلا قِيلَ لَهُمْ قُومُوا مَغْفُورًا لَكُم»، ومَجَالِسُ الذِّكْرِ هِيَ المجالسُ التي تُذَكِّرُ بِالله وبآياتهِ وأحكامِ شرعهِ ونحو ذلك.

[3] في الصحيحين عن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ غَدَا إلى المسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللهُ له في الجنةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أو رَاحَ».

وفي صحيح مُسْلِمٍ عَنْه أيضًا أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَطَهَّرَ في بيتهِ ثُمَّ مَضَى إلى بيتٍ مِنْ بيوتِ الله لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ الله كانتْ خُطُواتُه: إِحدَاها تَحطُّ خَطِيئَةً، والأُخْرَى تَرْفَعُ دَرجةً».

[4] رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ ت أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ في صَلَاةٍ مَا دَامَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُه، لا يَمْنَعُه أَنْ يَنْقَلِبَ إِلى أهلهِ إلا الصلاةُ».

ورَوَى البُخَاريُّ عَنه أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الملائكةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكم مَا دامَ في مُصَلَّاهُ الذي صَلَّى فيه، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللهُمَّ ارْحَمْه».

[5]، (4) رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ سَهْل بْنِ سَعْدٍ أَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لعلي بنِ أبي طالبٍ: «فوالله لأنْ يَهْدِي اللهُ بك رَجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النِّعَمِ».

رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ دَعَا إلى هُدَىً كَانَ لَه مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَه، لا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهم شيئًا».

[6] رَوَى التِّرْمِذِيُّ وصحَّحَه الألبانيُّ عن أبي أمامةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ اللهَ وملائكتَه، حتى النملةَ فِي جُحْرِها، وحتى الحوتَ في البحرِ لَيُصَلُّون عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخيرَ»، وَصلاةُ الملائكةِ الاسْتِغْفَارُ.

[7] أخرجه البخاري (5958).

[8] النهج الأسمى (2/ 74-82).

[9] مجاز القرآن (1/ 78).

[10]جامع البيان (3/ 110)، ثم ذكر بعد ذلك أصل القيوم هو: القيووم، وأصل القيَّام هو: القيوام، وأما القيم فهو: الفعيل من قام يقوم، كلها أبلغ في المدح من القائم.

[11] اشتقاق الأسماء (ص: 105).

[12] شأن الدعاء (ص: 80).

[13] الاعتقاد (ص: 62).

[14] التفسير (3/ 271)، وبنحوه قال الحليمي في المنهاج (1/ 200) وذكره ضمن الأسماء التي تتبع نفي التشبيه عن الله تعالى جده، ونقله البيهقي في الأسماء (ص: 48).

[15] تيسير الكريم الرحمن (5/ 303).

[16] النونية (2/ 236).

[17] أخرجه أحمد (5/ 141-142)، ومسلم في صلاة المسافرين (1/ 556) عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا الُمنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ الله مَعَكَ أَعْظَمُ ؟» قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «يَا أَبَا الُمنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ الله مَعَكَ أَعْظَمُ ؟» قال: قلت: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]، قال: فضرب على صدري، وقال: «لَيَهْنِكَ العِلْمُ أَبَا الُمنْذِرِ»، أي ليكن العلم هنيئًا لك.

[18] انظر: شرح الطحاوية (ص: 125) من ط المكتب الإسلامي، و(1/ 91-92) ط الرسالة.

[19] صحيح: أخرجه أحمد (3/ 158)، وأبو داود (1495)، وابن ماجه (3858).

[20]راجع اسم (الله) ودلالاته الإيمانية.

[21] حديث حسن: أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (612) قال: أخبرنا محمد بن عقيل أخبرنا حفص حدثني إبراهيم عن الحجاج بن الحجاج عن قتادة عن أنس به.

ورجاله ثقات، سوى حفص وهو ابن عبد الله السليمي النيسابوري كاتب إبراهيم بن طهمان ذكره ابن أبي حاتم (3/ 175) وقال سمعت أبي يقول: هو أحسن حالًا من حفص بن عبد الرحمن، وحفص بن عبد الرحمن هو البلخي ويعرف بالنيسابوري قال فيه: صدوق وهو مضطرب، وحفص بن عبد الله أحسن حالًا منه.

والحجاج هو الباهلي الأحول، وثَّقه ابن معين وأبو حاتم وأبو داود.

[22] إسنادها صحيح: أخرجها النسائي في عمل اليوم والليلة (613) وفي النعوت من الكبرى ـ كما في التحفة (1/ 234) ـ والبيهقي في الأسماء (114) عن محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن أنس به.

ووقع عند البيهقي: «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ»! والمثبت موافق للنسائي وتحفة الأشراف.

[23] إسناده حسن: أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (570) وابن السني في عمل اليوم والليلة (48) والبزار (3107ـ زوائد)، والحاكم (1/ 545) والبيهقي في الأسماء (ص: 112) من طرق عن زيد بن الحباب حدثني عثمان بن موهب الهاشمي قال: سمعت أنس بن مالك يقول فذكره.

قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

قال الهيثمي (10/ 117): رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.

كذا قالوا! مع أن عثمان بن موهب ليس من رجال الشيخين.

بل تفرد بالإخراج عنه النسائي، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال الحافظ: مقبول.

وأخرج الترمذي (5/ 3524)، وابن السني (339) عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال: «يا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ».

قال الترمذي: حديث غريب، وفيه يزيد الرقاشي، ضعيف.

وله شاهد من حديث ابن مسعود: أخرجه الحاكم (1/ 509) وفيه عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الواسطي، ضعيف، والنضر بن إسماعيل، ليس بالقوي، ومع ذلك حسنه الألباني / في الكلم الطيب (118)!

وأخرجه البيهقي في الأسماء (ص: 113) عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم عن ابن مسعود، وقال إنها مع إرسالها أصح من الطريق السابق.

[24] حديث صحيح: أخرجه الحاكم (1/ 511) (2/ 117-118) عن إسرائيل عن أبي سنان عن أبي الأحوص عن ابن مسعود به.

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، فتعقبه الذهبي بقوله: أبو سنان هو ضرار بن مرة لم يخرج له البخاري.

قلت: وهو كما قال الذهبي من رجال مسلم فقط، وهو ثقة ثبت.

والحاكم عاد في الموضع الثاني فقرر هذا بقوله: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (10/ 300) عن إسماعيل عن أبي سنان عن أبي الأحوص به.

وإسماعيل هو ابن يحيى الشيباني ـ كما في تهذيب الكمال ـ متهم بالكذب.

وللحديث شاهد من حديث زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرجه أبو داود (1/ 178)، والترمذي (5/ 3577)، والبيهقي في الأسماء (ص 47-112) عن موسى بن إسماعيل حدثنا حفص بن عمر الشَّنِّي حدثني أبي عمر بن مرة قال سمعت بلال بن يسار بن زيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمعت أبي يحدثنيه عن جدي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ الذي لا إلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ وأَتُوبُ إليه ثَلاثًا غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَ فَارًّا مِنَ الزَّحْفِ»، قال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

قال ابن علان في تخريج الأذكار (7/ 288): «قال الحافظ المنذري: إسناده جيد متصل ؛ فقد ذكر البخاري في تاريخه أن بلالًا سمع أباه يسارًا، وأن يسارًا سمع من أبيه زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم» اهـ.

قال مقيده عفا الله عنه: زيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم صحابي ليس له غير هذا الحديث، قاله البغوي، وبلال ويسار لم يوثقهما سوى ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ في كل منهما: مقبول.

وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري، أخرجه أحمد (3/ 10)، والبيهقي في الأسماء (ص: 112-113) عن عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: «مَنْ قَالَ حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ الذي لا إله إلا هو الحَيُّ القَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ ذُنُوبَه وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ، وَإِنْ كَاَنتْ مِثْلَ رَمْلِ عَالِجٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ عَدَدِ وَرَقِ الشَّجَرِ»، وفي سنده ضعيفان: عطية العوفي وهو مدلس أيضًا، وعبيد الله بن الوليد.

وأخرجه ابن أبي شيبة (10/ 299) بسند حسن عن أبي سعيد الخدري موقوفًا بلفظ: «مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظيِمَ الذي لا إله إلا هو الحَيُّ القَيُّومُ وأَتُوبُ إِلَيْهِ خَمْسَ مَرَّاتٍ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ عليه مِثْلُ زَبَدِ البَحْرِ».

وله شاهد من حديث معاذ: خرجه ابن أبي شيبة أيضًا (10/ 299-300) عن شريك عن أبي إسحاق عن معاذ بن جبل موقوفًا بنحو حديث ابن مسعود.

وأخرجه عبد الرزاق (2/ 236) عن معمر بن إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل عن معاذ، وفيه رجل لم يسم.

[25] الفتح (11/ 98).

[26] صحيح: أخرجه مسلم (2708) في الذكر والدعاء، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، من حديث خولة بنت حكيم السلمية ل.

[27] بدائع الفوائد (2/ 332).

[28] طريق الهجرتين (ص: 79).

[29] مدارج السالكين (1/ 447).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الوتر جل جلاله، وتقدست أسماؤه (1)
  • المهيمن جل جلاله، وتقدست أسماؤه (1)
  • المصور جل جلاله وتقدست أسماؤه
  • القهار - القاهر جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • القدوس جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • القريب جل جلاله وتقدست أسماؤه
  • الكبير المتكبر جل جلاله وتقدست أسماؤه
  • المبين جل جلاله وتقدست أسماؤه
  • المجيب جل جلاله وتقدست أسماؤه

مختارات من الشبكة

  • من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الحي، القيوم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اسم الله تعالى: القيوم (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اسم الله تعالى: القيوم (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معاني أسماء الله الحسنى { الحي، القيوم، العلي، الأعلى، المتعالي }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (القيوم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم ادعاء بنوة الله أو محبته جل جلاله وتقدست أسماؤه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوتر جل جلاله، وتقدست أسماؤه (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الواسع جل جلاله، وتقدست أسماؤه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوارث جل جلاله، وتقدست أسماؤه (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النور جل جلاله وتقدست أسماؤه(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب