• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الخيانة (3) (خطبة)

الخيانة (3) (خطبة)
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/6/2024 ميلادي - 1/12/1445 هجري

الزيارات: 5144

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخيانة (3)

 

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله ولي الصالحين والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أثقل بها الميزان، وأحقق بها الإيمان، وأفك بها الرهان، وأخسئ الشيطان، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق وأن النار حق.

 

اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومنعينٍ لا تدمع، ومن قلبٍ لا يخشع، اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء، اللهم ارفع عنا الغلاء، والوباء وولِّ علينا خيارنا ولا تولِّ علينا شرارنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك.

 

عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله القائل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

وإذا أردتم النصر والرزق فطبقوا على أنفسكم قوله تعالى ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2-3]. وإذا خفتم على أولادكم فتذكروا قوله تعالى:﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9].

 

هذا هو اللقاء الخاتم عن تلكم الجريمة النكراء، الجريمة التي نخرت في جسم الأمة الإسلامية عبر التاريخ، وقتلت خيرة رجالها، وقفتنا الأخيرة عن الخيانة وأنواعها.

 

أخي الحبيب: لو أن إنسانا أمسك بيدك وأخذك إلى مكان هادئ وبمنتهى الهدوء قال لك نصيحة فلان يكرهك.

 

عندما تسمع هذه الكلمة فلان يكرهك تجد نبض قلبك يزداد يكرهني لماذا؟

 

السؤال هل تحب أن يكرهك أحد؟ فما بالك إذا كان الذي يكرهك هو الله نعوذ بالله من ذلك.

 

هناك صفات وأعمال تجعلنا ممن يبغضهم الله. ومن هذه الصفات الخيانة ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾ [الأنفال: 58] ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴾ [الحج: 38].

 

عباد الله: أعظم خيانة للأمانة أن يخون الإنسان أمانة نفسه، أن يخون أمانة التكليف، أن يبتعد عن ربه، أن يعصيه، هذه الخيانة التي تسبب له شقاء الدنيا والآخرة. ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ﴾ [طه: 123-124].

 

أخي الحبيب: من مدحك بما ليس فيك فقد خانك، ومن ستر عنك الرشد والهدى والحق إتباعاً لما تهوى فقد خانك.

 

ومن الخيانة أيها المؤمنون خيانة الأهل والعشيرة، خيانة أمانة الأخوة، وهذا وجدناه في أخوة يوسف حين خانوه و تناسوا رابطة الأخوة، ضاربين بالمواثيق والعهود التي قطعوها لأبيهم عرض الحائط، في قصة تقشعر من ألمها وأحداثها الجلود، مبينة أثر الحقد والحسد والغيظ المؤدي إلى الكيد والخيانة.

 

ومن الخيانة: خيانة الكسب: والمسلم الحق يحرص على الحلال في مطعمه ومشربه، فلا غش ولا خداع ولا كذب، جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في السوق على صُبْرَة طعام أي: كُومة، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللاً، فقال: «ما هذا يا صاحب الطعام؟! ”قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: «أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟! من غشنا فليس منا»[رواه مسلم]. الغش في البيع والشراء، الغش في الطب و الأدوية والفحوصات، الغش في التعليم والقضاء وغيرها نعوذ بالله من الخيانة، ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: « من غشنا فليس منا والمكر والخداع في النار »[رواه الطبراني في الكبير والصغير وابن حبان في صحيحه].

 

وترك النصيحة للمؤمن خيانة، لأن في ذلك غمطاً للمؤمن و وخيانة له قال صلى الله عليه وسلم: « من أشار على أخيه بأمر يعلم الرشد في غيره فقد خانه »[أبو داود- كتاب العلم].

 

ومن معاني الخيانة أيضًا أن يستغلّ الرجل منصبه الذي عُيِّن فيه لجرّ منفعة إلى شخصه أو قرابته، فإن التشبّع من المال العام جريمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من استعملناه على عمل فرزقناه رزقًا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول»[رواه أبو داود]. و ذكر أبو نعيم صاحب حلية الأولياء أن عمر بن الخطاب بعث إليه أميره في الشام زيتًا في قرب ليبيعه ويجعل المال في بيت مال المسلمين، فجعل عمر يفرغه للناس في آنيتهم، وكان كلما فرغت قِرْبة من قِرَب الزيت قلَبها ثم عصرها وألقاها بجانبه، وكان بجواره ابن صغير له فكان الصغير كلما ألقى أبوه قربة من القِرب أخذها ثم قلبها فوق رأسه حتى يقطر منها قطرة أو قطرتان، ففعل ذلك بأربع قرب أو خمس فالتفت إليه عمر فجأة، فإذا شعر الصغير حسنٌ ووجهه حسن فقال: ادّهنت؟ قال: نعم، قال: من أين؟ قال: مما يبقى في هذه القرب، فقال عمر: «إني أرى رأسك قد شبع من زيت المسلمين من غير عوَض، لا والله لا يحاسبني الله على ذلك». ثم جره بيده إلى الحلاق وحلق رأسه، خوفًا من قطرة وقطرتين.

 

قال أبو ذر لمعاوية بن أبي سفيان حين رآه يبني قصرا باذخا: إذا كان هذا من مالك فهو الإسراف وإن كان من مال الأمة فهي الخيانة.

 

ومن الخيانة أن يُسنَد عمل إلى غير أهلِه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من استعمل رجلاً على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين»[رواه الحاكم (4/92-93) وصححه، وفي إسناده حسين بن قيس ضعّفه المنذري في الترغيب (3268) وضعَّفه الألباني].

 

فلا يُسند منصب إلا لمن هو أهلٌ له، ولا تُملأ وظيفة إلا للقوي الأمين، فلا اعتبار للمجاملات والمحسوبيات. حتى الصحبة لا يُنظر إليها، انظروا كيف راعى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فحين قال أبو ذر: يا رسول الله، ألا تستعملني؟! قال: فضرب يده على مَنْكِبي ثم قال: «يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدَّى الذي عليه فيها» [رواه مسلم (1825)].

 

إنها أمانة الولاية، هذه الأمانة توضحها فاطمة بنت عبد الملك زوجة الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز، تروي فاطمة بنت عبد الملك أنها دخلت على عمر زوجها يوماً في مصلاه، فوجدته واضعاً يده على خده ودموعه تسيل، فقالت له؟ ما بالك وفيما بكاؤك؟ قال: ويحك يا فاطمة إني قد وُليتُ هذا الأمر، ففكرت في الفقيرِ الجائع، والمريضِ الضائع، والعاريْ المجهول، واليتيمِ المكسور، والمظلومِ المقçور، والغريب، والأسير، والشيخِ الكبير، والأرملةِ الوحيدة، وذي العيالِ الكثير والــرزقِ القليل، وأشباهِهم في أطرافِ البلاد، فعلمتُ أن الله سيسألني عنهم جميعاً يومَ القيامة، وأن خصميْ دونهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فخشيت ألا تَثْبُت حجتي، فلهذا أبكي. إنها أمانة الولاية.

 

الفساد والخيانة تجعل الخزينة العامة مثل القربة المخرومة، ويجعل المشروعات هشة ومتعثرة، ويؤثر على الاستقرار الاجتماعي، ويغذي العنف، ويؤدي إلى انحسار ثقة الشعب في المؤسسات الحكومية، و... و... ولا حول ولا قوة إلا بالله!

 

ومن الخيانة أيضًا خيانة النعمة وعدم شكرها:

إن كل نعمة اُستخدمت في غير طاعة الله في غير ما خُلقت له خيانة لهذه النعمة، الله وهبك النعم لتتقرب بها إليه وتتودد إليه، لا أن تستخدمها في معصيته وأذية خلقه فهو سبحانه قادر أن يسلبك كل نعمة أعطاك إياها.

 

لسانك أمانة، وعيناك أمانة وأذناك أمانة، ورجلاك أمانة، ويداك أمانة، قد تخون اليد فتمتد إلى ما ليس لها، ولهذا قد يقرر الشرع قطعها اذا استوفيت الشروط، وانتفت الشبهات قطعت هذه اليد لأنها خانت، ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [المائدة: 38].

 

والبطن أمانة والفرج أمانة ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ [المؤمنون: 5-7]  أي: المعتدون.

 

ومن الخيانة خيانة الوطن:

والخائن لوطنه الخائن لامته يلفظه وطنه، ويلعنه أهله، والعرب قبل الإسلام كانت ترى في خيانة الوطن جُرما يستحق صاحبه فيه الرجم.

 

من هو خائن الوطن؟

خائن الوطن، أيها الكرام لسنا نعني به من يبيع بلاده بثمن بخس بل خائن الوطن من يكون سبباً في خطوة يخطوها العدو في أرض الوطن، بل من يدع قدمي العدو تستقر على تراب الوطن وهو قادر على زلزلتها، فهو خائن، "سألوا (هتلر) قبل وفاته: "من أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتك..؟ قال:"أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتي؛ هؤلاء الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم"!!!


ابن العلقمي لعنه الله اسمٌ نذكره ونذكر خطر الخيانة التي كان ثمنها قتل مليون مسلم. وقد كان دليلا لهولاكو قائد التتار على عورات بغداد وتدمير دولة الإسلام فلعنة الله على الخائنين في كل زمان ومكان. ومن خيانة الوطن أكل ثرواته بالباطل وبيعها بثمنٍ بخس.

 

ذات يوم أراد أحدهم أن ينافق نابليون، القائد الفرنسي فنقل إليه أسراراً عسكرية عن جيش بلاده، استقبلها نابليون بسرور بالغ، وقد ساهمت هذه الأسرار فيما بعد في تحقيق الانتصار له في الحرب، وبعد الانتصار، استقبل نابليون ذلك الرجل بجفاء، وأخذ كيساً من المال وألقاه إليه دون أن يترجل عن ظهر حصانه، فقال له المنافق: "لا حاجة بي إلى المال، وأمنيتي هي أن أصافح الإمبراطور"، فقال له نابليون: "من يخون وطنه وينافق أعداءه على حساب شعبه له المال فقط، أما يد الإمبراطور فإنها لا تصافح إلا الأشراف المخلصين".

 

ومن الخونة المشهورين عبر التاريخ أبو رغال: يعدُّ أبو رغال الخائنَ الأكبر، الذي جعَل من نفسه دليلًا وعميلًا لأبرهةَ الأشرم عندما عزم على هدم الكعبة، ولقد مرَّ الرسول عليه الصلاة والسلام بقبره فرجَمه، فأصبح رَجمُه سنَّة.

 

ومن الصور المشرفة للأمانة السلطان عبد الحميد آخر خلفاء الدولة العثمانية المسلمة. قام اليهود بمحاولة خسيسة مع السلطان، فأوفدوا إليه احد أثرياءهم ومعه خمسة ملايين ليرة ذهبية وقال له هذه هدية لخزينتكم الخاصة ومائة مليون كقرض لخزينة الدولة بلا فائدة لمدة مائة سنة على أن تسمحوا لنا ببعض الامتيازات في فلسطين".

 

فما أن أتم "اليهودي " كلامه حتى نظر السلطان عبد الحميد إلى مرافقه بغضب، وقال له: هل كنت تعلم ماذا يريد هذا الخنزير؟ فارتمى المرافق على قدمي السلطان مقسمًا بعدم علمه، فالتفت السلطان إلى "هذا اليهودي" وقال له: "اخرج من وجهي يا سافل"، فأرسل إليه "اليهودي" برقية تضمنت أن رفضك سيكلفك ممتلكاتك أنت شخصيًا. لم يهتز السلطان عبد الحميد، ولقد حاول اليهود مرة ثانية وثالثة فرفض السلطان في إباء وشموخ وعزة وكبرياء وقال لا استطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين؛ إذ هي ليست ملكًا لي؛ بل هي للامة الإسلامية التي قاتلت من أجلها وروت التربة بدماء أبنائها.

 

نعم أيها المؤمنون من سلم شبرا واحد من بلاده ووطنه من اجل لعاعة دنيا فهو خائن وقد قيل مثل الذي خان وطنه و باع بلاده مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه و لا اللص يكافئه.

 

عباد الله:

ونختم حديثنا عن الخيانة بقصة من قصص القران، قصة فيها عبرة وعظة.

 

إنها قصة خيانة جرت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل فيها قرآن يُتلى إلى قيام الساعة، سرق رجل يُدعى: طُعمة بن أُبيرق، في ظلام الليل درع قتادة بن النعمان، وكانت في جراب تملؤه نخالة دقيق، فجعلت النخالة تتناثر من ثقب في الجراب على طول الطريق، حتى انتهى طعمة إلى داره فبدا له أن ينصرف (بفضيحته) فرمى بالدرع إلى دار جاره اليهودي (زيد بن السمين). وحين أصبح قتادة افتقد درعه، ووجد النخالة - اثر جرابها - تخط خطاً فاتبعه، فإذا هو يهديه إلى دار طعمة، وإذا طعمة يحلف بالله ما أخذها، وما له بها من علم.

 

لقد افتضح طُعمة! وجاء قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ليجادلوا بين يديه عن طعمة، ويرموا بإثمه اليهودي، وتناسوا أن فضيحة الدنيا أهون من فضيحة الآخرة. فانطلقوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم وقالوا: إن صاحبنا بريء وإن الذي سرق الدرع فلان اليهودي.. فنزلت الآية تبرئ اليهودي-الله أكبر تبرئ من؟ تبرئ اليهودي نعم.

 

هذا هو عدل الإسلام.

 

فأنزل الله تعالى: في هذه القصة ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [النساء: 107-105].

 

واستغفر الله أن تناصر خائن. واستغفر الله أن تُعين خائن.

 

﴿ وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴾ [النساء: 107].

 

ثم يقول تعالى: ﴿ وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴾ [النساء: 112].

 

وما أكثر ما يرتكب ناس مثل هذه الخطيئة! ويبرؤون أنفسهم مما ارتكبوه ويلطخون به البريئين.

 

وبنظرة في وسائل الإعلام في هذا العصر يرى المرء العجب العجاب من الاتهامات الكاذبة من فرد لآخر، ومن جماعة أو حزب لجماعة أو حزب آخر، ومن دولة لدولة أخرى، وكثيرا ما يكون المتَّهِم غارقا في العيوب والنقائص التي اتهم بها غيره.

 

وهذه القصة رسالة لأي واحد منا ربما وقع احد أقاربه في جريمة أو في ذنب، ثم تأخذه الغيرة على النسب ليقوم مدافعاً عن هذا المجرم وهذه خيانة وظلم، وفي مثل هذه الحالة يتمثل واجب نصرة الأخ في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”قال: «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا»، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟! قال: «تحجزه أو تمنعه من الظلم؛ فإن ذلك نصره» [أخرجه البخاري].

 

عباد الله: ختاما ما العلاج للخيانة ما العلاج لهذه الآفة الخطيرة العلاج يكمن أولاً: في العودة إلى الله عودةً صادقة وصدق الله القائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].

 

ثانيا: تولية الأمناء الأكفاء الصادقين، كفانا عبثا كفانا بيعًا للذمم فلنؤد الأمانات إلى أهلها.

 

ثالثاً: إقامة شرع الله وإقامة الحدود كي يأمن الناس على أموالهم وأعراضهم وبيوتهم.

 

جاء في الأثر: «حدٌ يقام في الأرض خير لأهلها من أن يمطروا أربعين صباحاً».

رابعاً: أن تُربى القلوب على مخافة الله وخشيته، ومراقبته لا مراقبة الخلق.

 

خامسا: إبراز نَماذج الأمناء المخلصين من أبناء الأمَّة، وكيف مجَّدهم التاريخ ورفَع من شأنهم.

 

سادسا: إبراز نماذج الخائنين من أبناء الأمَّة، وكيف لعَنهم التاريخ وحطَّ من قدرهم.

 

هذا وصلوا - عباد الله: - على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخيانة (1) (خطبة)
  • الخيانة (2) (خطبة)
  • خيانة المجالس (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الخيانة الزوجية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أسباب الخيانات الزوجية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الخيانة الزوجية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التحذير من الخيانة (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • من موانع محبة الله عبدا ( الخيانة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: لماذا تحدث الخيانة الزوجية؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذهب عصر الأمانة وظهر عصر الخيانة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة قصيرة عن الخيانة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخيانة العاطفية بين الزوجين(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الخيانة في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب