• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الخيانة (1) (خطبة)

الخيانة (1) (خطبة)
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/6/2024 ميلادي - 25/11/1445 هجري

الزيارات: 15078

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخيانة (1)

 

الحمد لله، أحاط بكل شيء علماً، ووسع كل شيء رحمةً وعلماً، أحمده سبحانه على كل حال، وأعوذ بالله من حال أهل الفسق والضلال.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، أزكى البرية وأتقاها، صلى الله عليه وآله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً، أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله، واتقوا يوماً تُرجعون فيه إلى الله، فيجازى كُلاً بعمله، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثال ذرة شراً يره.

 

عباد الله: حديثنا في هذه الدقائق المباركة عن آفةٍ خطيرة، ومعصيةٍ عظيمة، وجريمةٍ كبيرة.

هذه الآفة والمعصية هي أصل كل مصيبة وقعت وتقع في أُمتنا الإسلامية.

استطاع أعداء الإسلام عبر هذه الآفة زعزعة المسلمين وإبعادهم عن دينهم.

هذه الجريمة بسببها بيعت البلاد لغير أهلها، واحتل المحتل بلاد المسلمين.

خصلة إن وجدت بين الناس فقل على الدنيا السلام.

إنها آفة الخيانة.

 

فلا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لم لا عهد له، هكذا كان يردد النبي المصطفى في كثيرٍ من خطبه.

 

بسببها تكبّدت الأمة الخسائر، دخلت في حروب، بل واُسقطت دول، وفقدت الأمة خير رجالاتها وفرسانها، بل وعلمائها ودعاتها، واعلموا أنه لا يسقط عظيم من العظماء إلا بالخيانة.

 

والخيانة هي التفريط فيما يؤتمن الإنسان عليه، وهي كبيرة من الكبائر سواءً كان مال، أو عرض أو دين، أو علم، أو ولد، وهي كبيرة من الكبائر. اللهم إنا نعوذ بك من الخيانة.

 

أيها المسلمون: نتكلم معكم عن الخيانة و أمتنا الإسلامية تمرُّ في هذا الزمان بمحَنٍ عظيمة ونوازلَ شديدة ونكَبات متلاحقة، ساهم فيها بشدة تعرّض الأمة لخيانات متعددة، تارة من أعدائها، وتارات ـ وهو أنكى ـ من أبنائها.

 

يُخادعني العدو فلا أبالي... وأبكي حين يخدعني الصديق.

 

أقسى شيءٍ أنْ تُطعَن الأمَّةُ من رجالها وأبناءِ جِلدتها، فما أشدَّها من طعنةٍ، وما أبشَعَها من نكسةٍ، وما أقساها من محنةٍ! إنها الخيانة القبيحة التي لعنَتْها كلُّ الشرائع السماويَّة والقوانين الأرضيَّة، وكفى بالخائن إثمًا أنَّه ابتاعَ دُنياه بسُوء السِّيرة، وآخِرته بغَضَبِ الرحمن.

 

نعم، كل الخيانة قاسية ومريرة، لكن الأقسى أن يخونك من تتوقع منه العون.

 

إن الخيانة رأس كل خطيئة وعنوان كل جريمة مهما دقت أو جلت، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴾ [النساء: 105].

 

الخيانة قَبيحة في كلِّ شيء، وبعضها شرٌّ من بعض، وليس مَن خانك في فَلْسٍ كمَن خانك في أهلك ومالك وارتكب العظائمَ.

 

ولهذا كانت الأمانة ثقيلة ثقيلة قال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].

 

أهل الخيانة بعيدون عن حب الله، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾ [الأنفال: 58]، أهل الخيانة بعيدون عن هداية الله قال سبحانه: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ﴾ [يوسف: 52]، وجمع الله جل وعلا بين الخيانة والكفر في قوله جلّ وتعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴾ [الحج: 38].

 

والرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- كان يحذّر منها بقوله: « لا تخن من خانك » [رواه أبو داود]، ويستعيذ بالله منها في دعائه ويقول: « اللهم اني أعوذ بك من الجوع فانه بئس الضجيع،... وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة... ”[رواه النسائي].

 

والخيانة أيها الأحباب: ركنٌ من أركان النفاق ربعه أو ثلثه، فهي سمةٌ من سمات النفاق، فالخائن منافق، وإلا فكيف سيُخفي خيانته إلا بالنفاق؟! قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان»[متفق عليه].

 

وفي رواية أخرى: "أربعٌ من كن كان منافقا خالصا، وذكر منها: وإذا ائتمن خان"[متفق عليه].

 

وأشد الناس فضيحة يوم القيامة هم الخائنون لقوله - -صلى الله عليه وسلم-: «لكل غادر لواء يوم القيامة يقال: هذه غَدْرَة فلان»[متفق عليه].

 

والغدرة هي الاختلاس من أموال الأمة من المال العام الذي اؤتمنت عليه، والغدر حرام في كل عهد بين المسلم وغيره، ولو كان المعاهد كافرا.

 

الخائنَ عباد الله وإن اندسّ بين الناسَ وإن عرف كيف يرتّب أموره بحيث لا يُفتضح أمام عباد الله فأين يذهب يوم القيامة؟!

 

بالخيانة أُسقطت دولة الخلافة الإسلامية، وكانت رمزًا تجمع شتات المسلمين، فتمزقت أوطان المسلمين إلى بلدان وأقاليم، وأقام أعداؤنا في كلّ موطن وإقليم سلطانًا مواليًا لنفوذهم إلا من رحم الله، ينفذ سياستهم بالترغيب والترهيب والحماية، بالخيانة عمدوا إلى مناهج التعليم والتربية فصبغوها بصبغتهم في الضياع والانحلال.

 

وبالخيانة تم غزونا فكريًا، فلم يستطع الغرب أبدًا أن يغزونا عسكريا إلا بعد أن هُزمنا فكريا، لكن تكفّل بالمهمة الخونة من أبناء جلدتنا.

 

بسلاح الغدر والخيانة ذلك السلاح الذي تجرّعت الأمة وتتجرع بسببه المرارات، وعن طريقه فقدت الأمة أعظم قادتها وخلفائها ممن أعجَزَ الأعداء على مر التاريخ، فالرسول سَمَّته يهود، وعمر قتله أبو لؤلؤة المجوسي, وعثمان قتلته يد الغدر, وعلي والحسين وغيرهم رضوان الله عليهم من العظماء عبر التاريخ.

 

أيها المسلمون:

قال الله تعالى في محكم تنزيله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27].

 

تأملوا جيدا ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الأنفال: 27] لم يقل: يا أيها الناس، يا أيها الذين كفروا، إنما يا أيها الذين امنوا،إنها رسالة أن من المؤمنين خونة.

 

لا تخونوا الله، هذه واحدة، والرسول هذه ثانية وتخونوا أماناتكم هذه ثالثة.

 

فخيانة الله: هي الإخلال بحقوقه، فعدم تحقيق لا إله إلا الله في النفس خيانة لله، عبادة غير الله خيانة لله، تعطيل فرائض الله، أو تعدي حدوده أو انتهاك محارمه، كلها خيانة لله، عدم تحكيم شرع الله ً يعتبر خيانة لله.

 

واذا خنت الله خانك كل شيء. من خان الله وضيع فرائض الله فلا تأمنه فانه خان أول منعم عليه، وهو الله.

 

أما خيانة الرسول: فتقديم قول فلان أو الولي فلان على قوله، تُعتبر خيانة للرسول. وترك سنته مع علمنا بها خيانة للرسول.

 

الطعن في السنة إما رواية أو دراية. خيانة لرسول الله.

 

الطعن في حمَلة السنة سواءً كانوا الصحابة أو من أتى بعدهم من حمَلة الشريعة للناس خيانة للرسول.

 

الطعن في زوجاته و آل بيته الطاهرين ومحاربتهم خيانة للرسول.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ﴾ [الأنفال: 27] هذه الآية نزلت في أبو لبابة بن عبد المنذر حين أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- الحكم في يهود بني قريضة بعد أن تعاونوا مع كفار قريش، فقال بنو قريضة: ابعث الينا أبا لبابة نستشيره وكان حليفهم، فأرسله رسول الله اليهم، فلما رأوه قام إليه الرجال، وأجهش النساء، والصبيان يبكون، فرقّ لهم، وقالوا:يا أبا لبابة هل ننزل على حكم محمد؟ قال: نعم وأشار بيده إلى حلقه، يعني أنه الذبح، وهذا كان سرا كشفه لهم. قال أبو لبابة:" فو الله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت اني خنت الله ورسوله"، وعاد إلى المدينة وربط نفسه في سارية من سواري المسجد النبوي وكانت من جذوع النخل وقال:" لا أبرح مكاني حتى يتوب الله علي فيما صنعت"، فلما علم رسول الله قال:"لو جاءني لاستغفرت له واذ قد فعل هذا فلن اطلقه حتى يقضي الله فيه ما يشاء"، وأقام على هذه الحال ست ليال تأتيه امرأته في وقت كل صلاة فتحله حتى يتوضأ ويصلي، ثم يُربط في الجذع قال أبو لبابة: "فكنت في أمر ٍعظيم، في حر ّشديد عدة ليال لا آكل فيهن شيئا ولا أشرب وقلت لا أزال هكذا حتى أُفارق الدنيا أو يتوب الله علي".

 

كان أبو لبابة يستطيع أن يخفي ما فعله عن النبي ـ -صلى الله عليه وسلم- ـ حيث لم يطلع عليه أحد من المسلمين، وأن يستكتم اليهود أمره، ولكنه تذكر رقابة الله عليه، وعلمه بما يسر ويعلن، وتذكر حق رسول الله - -صلى الله عليه وسلم- – عليه، وهو الذي ائتمنه على ذلك السر، ففزع لهذه الزلة فزعا عظيما، وأقر بذنبه واعترف به، وبادر إلى الصدق والتوبة فكانت نجاته، فنزلت توبته على رسول الله في السحر وهو في بيت أم سلمة قوله تعالى: ﴿ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 102].

 

فثار الناس ليطلقوه فقال:" لا والله حتى يكون رسول الله هو الذي يطلقني بيده"، فلما خرج رسول الله- -صلى الله عليه وسلم- لصلاة الصبح أطلقه.

 

أما الثالثة: وتخونوا أماناتكم. إنها أمانات، وليست أمانة واحدة فالصَّلاة أمانة، والوضوء أمانة، والوزنُ أمانة، والكَيل أمانة،، وأشد ذلك الودائع.

 

فليحذر الموظف من خيانة الأمانة، بتعاطي الرشوة، أو إتعاب أصحاب المعاملات وتأخيرهم بقصد التسلط فإنها خيانة للأمانة. وليحذر أصحاب المناصب والمراكز من التخوض في المال العام دون وجه شرعي، فإنها خيانة للأمانة. وليحذر كلٌ من الزوج والزوجة، من علاقة محرمة، فإنها خيانة للأمانة. وليحذر كل راعٍ مسؤول عن رعيته من خيانة ما استؤمن عليه.

 

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27]،

اللهم إنا نعوذ بك من الخيانة اللهم اجعلنا من أهل الأمانة.

 

عباد الله: نستطيع أن نقسّم الخيانة إلى ثلاثة أقسام:

الأول: خيانة على المستوى العالمي.

الثاني: خيانة على مستوى الأمة.

الثالث: خيانة على مستوى الأفراد.

 

أما الخيانة على المستوى العالمي فإنها الخيانة التي فاح عفنها ونتنها في كل البقاع والأصقاع، إنها خيانة عالمية، خيانة يخطط لها في البيت الأبيض، وفي البيت الأحمر في الكرملن، مروراً بمنظمة هيئة الأمم المتحدة، ومروراً بحلف الأطلسي، ومروراً بالنظام والاتحاد الأوروبي، كل هذه الهيئات وكل هذه المنظمات وكل هذه الأحلاف الدولية تؤصل الآن للخيانة تأصيلاً، إنها خيانة الشعوب المسلمة المستضعفة، في فلسطين وكشمير، وتركستان، وغيرها.

 

هذه الخيانة العفنة النتنة التي تمارس على خشبة المسرح العالمي؟ لقد جلس النظام الغربي على مقاعد هذا المسرح العالمي ليصفق بقوة وحرارة وجدارة للجندي اليهودي، والصليبي الجبان الغشوم الظالم، وقف النظام الغربي الخائن كله ليصفق لهؤلاء المجرمين، بل ليمنحهم السلاح لا من وراء ستار، بل على مرأى ومسمع من العالم كله.

 

ماذا تنتظر الأمة؟! وأي شيء تنتظر هذه الأمة؟! إنه عالم لا يعرف إلا الخيانة، وعالم لا يقر إلا لغة الحرب ولغة الرصاص؛ فأين المسلمين ونخوتهم وحميتهم في الدفاع عن إخوانهم.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا وأستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله مولي النعم، ودافع النقم، وخالق الخلق من عدم، أحمده سبحانه، وهو للحمد أهل، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، وبعد:

ثالثاً: خيانة على مستوى الأمة: أقول بملء الفم وبأعلى الصوت: ما خان الغربي إلا يوم أن تخلت أمة الأمانة عن الأمانة، وما تولى الرجل الغربي قيادة العالم وقيادة الأمة إلا يوم أن وقعت الأمة في الخيانة؛ فلقد خانت الأمة ربها ورسولها، وأنا أعي كل لفظة أرددها، لقد خانت الأمة ربها ورسولها، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27] قال ابن عباس رضي الله عنهما: «لا تخونوا الله بترك فرائضه، ولا تخونوا الرسول بترك سنته، ولا تخونوا أماناتكم بتضييعها».

 

خانت الأمة ربها ونبيها، وضيعت الأمانة يوم أن وسدت الأمر إلى غير أهله، وهذا هو تفسير نبينا لتضييع الأمانة كما في صحيح البخاري أنه كان -صلى الله عليه وسلم- يحدث الناس يوماً، فجاء أعرابي فقال: « يا رسول الله! متى الساعة؟ فمضى النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثه ولم يجب الأعرابي، فلما قضى النبي حديثه سأل عن الأعرابي وقال: أين السائل عن الساعة آنفاً؟ فقال الأعرابي: ها أنا يا رسول الله! فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة»، فقال الأعرابي الفقيه: فكيف إضاعتها يا رسول الله؟! قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله » [رواه البخارى]..

 

ووالله! لقد وسد الأمر إلى غير أهله، إلا من رحم الله، لقد صرنا كما قال الشاعر:

وراعي الشاة يحمي الذئب عنها
فكيف إذا الرعاة لها الذئاب

وفي مستدرك الحاكم ومسند أحمد بسند صحيح من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (سيأتي على الناس سنوات خداعة؛ يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: ومن الرويبضة يا رسول الله؟! قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة).

 

لقد صار المثل الأعلى لأولادنا لاعب كرة، أو فناناً من الفنانين، صار المثل الأعلى لكثير من أولادنا هم هؤلاء، وقدم هؤلاء على أنهم المثل، وعلى أنهم القدوات، حتى لا يخرج الولد ليفكر في الجهاد أو ليفكر في العلم، ووسّد الأمر إلى غير أهله، فمن الذي تصفق لهم الجماهير المخدوعة؟! ومن الذي تذلل لهم الصعاب، وتيسر لهم الأسباب، وتفتح لهم جميع الأبواب؟! هذا، وكثير منهم يجب أن يقام عليه حد الله (™)، ولكن الأمة الآن قلبت الموازين، ووسدت الأمر إلى غير أهله، ووقعت في الخيانة.

 

وأخيراً: خيانة على مستوى الأفراد فالكلمة أمانة، والعلم أمانة، فإن اتقى العالم ربه وأدى ما يدين به لله بحكمة بالغة فهو أمين، وإن زور بهذا العلم الفتاوى لذوي السلطان فهو خائن، قال -صلى الله عليه وسلم-: » من سُئل عن علمٍ يعلمه فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجامٍ من نار، ومن تعلم العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء أو ليصرف به وجوه الناس إليه فهو في النار «[أخرجه أحمد وصححه الألباني في تعليقه على المشكاة (223)].

 

والمجالس أمانة، فقد يجلس المسلم مع أخيه ويخرج بعد ذلك لينقل كل ما دار بينهما في المجلس، من فعل هذا فهو خائن؛ إنما المجالس بالأمانة، فكم من الناس من قد خان هذه الأمانة! وكم من زوج قد خان زوجته! وكم من زوجة قد خانت زوجها! وأقصد: الخيانة العفنة المعروفة بالزنا، وكذلك خيانة الكلمة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول كما في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه: « إن من أشر الناس يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها »، لاسيما إذا كان السر متعلقاً بأسرار الفراش، فيجلس على المقهى أو بين زملائه في الوظيفة ليحدث بكل ما دار بينه وبين امرأته في الفراش، أو تجلس المرأة لتحدث زميلاتها وجيرانها بما دار بينها وبين زوجها في الفراش، وهذه خيانة عفنة.

 

والأولاد أمانة، فكم من الآباء من قد خان هذه الأمانة! وكم أم قد ضيّعت هذه الأمانة! فترك الوالد أولاده، وظن أن وظيفته أنه ممثل لوزارة المالية فحسب! فإن وجد عنده رمق من الوقت قتله قتلاً بالجلوس أمام التلفاز، مع أنه لو جلس بين أولاده ولو كان صامتاً لا يتكلم ففي جلوسه من عمق التربية ما فيه، فكيف إن تكلم فذكّر بالله ورسوله؟! وكيف إن تكلم فأخذ أولاده إلى بيت من بيوت الله، أو إلى مشهد من هذه المشاهد التي تملأ القلب بالاستعلاء وبالإيمان وبالعزة التي افتقدتها الأمة منذ أمد بعيد؟! وكم من أم خانت الأمانة فضيعت أولادها؛ وذهبت إلى الوظيفة، وهي ليست في حاجة إلى الوظيفة، وخرجت إلى الأسواق لتضيع الوقت، وهي ليست في حاجة إلى هذا، كل همها أن تبحث عن الموضات والموديلات! وضيعت الأولاد، والوظيفة أمانة، فكم من الموظفين من قد خان الأمانة بدعوى أن الراتب لا يتلاءم ولا يتواءم مع الجهد الذي يبذله! فيخون الأمانة بأخذ الرشاوى، أو بتضييع العمل مع حاجة العمل إليه، أو بالتعسير على المسلمين وتعطيل مصالحهم.

 

والدَين أمانة، فكم من الناس من قد أخذ أموالاً ثم تفنن بعد ذلك في أكل هذه الأموال، وفي خيانة هذه الأمانة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: « من أخذ أموال الناس ينوي أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله »[رواه البخاري].

 

وكم عدد هؤلاء الذين نهبوا البنوك بل ونهبوا الدولة، بل ونهبوا الأمة، وخانوا الأمانة، وأكلوا أموال الناس بالباطل! ولو وقفنا مع جزئيات الخيانة على مستوى الأفراد لطال الوقت جداً.

 

اللهم اجعلنا من أهل الأمانة، اللهم اجعلنا أهلاً للأمانة، اللهم رد الأمة إلى الأمانة رداً جميلاً، اللهم رد الأمة إلى الأمانة رداً جميلاً.

 

هذا وصلوا - عباد الله: - على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التحذير من الخيانة (خطبة)
  • الآثار النفسية بعد اكتشاف الخيانة الزوجية
  • خطبة: لماذا تحدث الخيانة الزوجية؟
  • الخيانة (2) (خطبة)
  • الخيانة (3) (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الخيانة الزوجية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أسباب الخيانات الزوجية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الخيانة الزوجية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من موانع محبة الله عبدا ( الخيانة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذهب عصر الأمانة وظهر عصر الخيانة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة قصيرة عن الخيانة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخيانة العاطفية بين الزوجين(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الخيانة في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخيانة رذيلة اليهود على مر العصور {ولا تزال تطلع على خائنةۢ منهم}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • الخيانة والجريمة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب