• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الاعتراف بظلم النفس: أهميته وثمراته (خطبة)

الاعتراف بظلم النفس: أهميته وثمراته (خطبة)
رمضان صالح العجرمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/5/2024 ميلادي - 21/11/1445 هجري

الزيارات: 11048

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاعتراف بظلم النفس أهميته وثمراته

 

أيها المسلمون عباد الله، في الصحيحين عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علِّمْني دعاءً أدعو به في صلاتي، قال: ((قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم)).

 

دعاء عظيم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه، وللأُمَّة تبعًا له، وفيه اعتراف بالذنب، وذلك عندما يقع الإنسان في الخطأ والزَّلَلِ، ولنا معه دروس وعِبَرٌ، فهيا بنا نقف مع هذا الدعاء هذه الوقفات:

 

الوقفة الأولى: مع حرص الصحابة على العلم، وعلى تعلُّم الخير، وتعلم أمور دينهم، والسؤال عن دقائق الأمور؛ ولذلك تجد أن مضمون كل أسئلتهم عمَّا يقربهم من الجنة، ويباعدهم من النار؛ فهذا يسأل عن أركان الدين، وهذا يسأل عن عمل يقرِّبه من الجنة ويُبعده عن النار، وهذا يسأل عن العمل الذي إذا عمِله أحبَّه الله، وأحبه الناس، وهذا يقول: يا رسول الله أوصِني، وهذا يقول: يا رسول الله، قُلْ لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه غيرك، وهذا يسأل عن الأعمال التي تدخل الجنة... إلى غير ذلك.

 

وتأمل إلى أحوالهم:

فهذا ثوبان رضي الله عنه قال: ((قُلْتُ: يا رسول الله، أخبرني بعمل أعمله يُدخلني الله به الجنة؟ أو قال قلت: بأحب الأعمال إلى الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليك بكثرة السجود؛ فإنك لا تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجةً، وحطَّ عنك بها خطيئةً)).

 

وهذا معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول: ((أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني عن النار...)).

 

وهذا رجل يأتي ويقول: ((يا رسول الله، دُلَّني على عمل إذا عملته أحبني الله، وأحبني الناس، فقال: ازْهَدْ في الدنيا يحبَّك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس)).

 

وهذا أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: ((أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: مُرني بعمل يدخلني الجنة، قال: عليك بالصيام؛ فإنه لا عِدْلَ له)).

 

وهذا ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بِرُّ الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله)).

 

فهذه هي غالب أسئلتهم: أي العمل أفضل؟ أي الصلاة أفضل؟ أي الصدقة أفضل؟ أي الناس أفضل؟ أي الناس خير؟ أي الذنب أعظم عند الله؟ وكانوا يسألون ليعملوا، بخلاف ما عليه الناس اليوم.

 

وكذلك يسألون عن الأدعية المأثورة، والأذكار المشروعة.

فهذا أبو هريرة رضي الله عنه يُلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم يسكت هُنَيةً بعد تكبيرة الإحرام، وقبل قراءة الفاتحة؛ قال: فسألته، فقال: ((أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من خطاياي، كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدَّنَس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبَرَدِ))؛ [متفق عليه].

 

وهذه عائشة رضي الله عنها قالت: ((يا رسول الله، أرأيتَ إن علمتُ أيُّ ليلةٍ ليلةُ القدر، ما أقول فيها؟ قال: قُولِي: اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو، فاعفُ عني))؛ [متفق عليه].

 

وهذا العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه، قال: ((قلت: يا رسول الله، علمني شيئًا أسأله الله عز وجل؟ قال: سَلِ الله العافية، فمكثت أيامًا، ثم جئت، فقلت: يا رسول الله، علمني شيئًا أسأله الله عز وجل؟ فقال لي: يا عباسُ، يا عمَّ رسول الله، سَلِ الله العافية في الدنيا والآخرة))؛ [رواه الترمذي].

 

وهذا صِدِّيق هذه الأمة، وأول من آمن من الرجال، وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وأثناء وبعد الهجرة، وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول العشرة المبشرين بالجنة، بل إنه ممن يُدعى من أبواب الجنة الثمانية، وأفضل البشر بعد الأنبياء - يسأل عن دعاء يدعو به في الصلاة، فعلَّمه، وعلَّم الأمة هذا الدعاء العظيم.

 

قال ابن حجر رحمه الله: "هذا الدعاء من الجوامع؛ لأن فيه الاعترافَ بغاية التقصير، وطلب غاية الإنعام؛ فالمغفرة ستر الذنوب ومحوُها، والرحمة إيصال الخيرات".

 

الوقفة الثانية: هل من المتصوَّر أن يظلم الإنسان نفسه؟ نقول: نعم؛ ولذلك لما تكلم العلماء عن أنواع الظلم، ذكروا: ظلم العبد لنفسه، وظلم العبد لنفسه له صور عديدة؛ فمنها:

1- أنه قد يظلم العبد نفسه: بارتكاب الذنوب والمعاصي، واتباع الشهوات.

 

كما قال تعالى: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾ [فاطر: 32]، فأما الظالم لنفسه فهو من رجحت سيئاته على حسناته.

 

وقال تعالى: ﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [النحل: 118]، وقال تعالى: ﴿ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [التوبة: 70]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ ﴾ [الزخرف: 76].

 

وقال تعالى عن الأشهر الحرم: ﴿ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [التوبة: 36]؛ أي: لا تظلموا أنفسكم بالذنوب والمعاصي في هذه الأشهر المحرَّمة.

 

فإن أيَّ عاصٍ يُقبِل على أمر منهيٍّ عنه، قد يظنُّ في ظاهر الأمر أنه يحقق لنفسه متعة، بينما هو في الحقيقة يظلم نفسه ظلمًا قاسيًا؛ فالذي يشرب الخمر، أو يسمع المحرمات، أو يرتكب أي معصية، نقول له: أنت ظلمت نفسك لأنك ظننت أنك تحقق لنفسك متعة، بينما أورثتها شقاءً أشدَّ.

 

قال ميمون بن مهران رحمه الله: "إن الرجل يقرأ القرآن ويلعن نفسه، قيل له: وكيف يلعن نفسه؟ قال: يقرأ: ﴿ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18]".

 

فمن سعى في طاعة الله تعالى، فقد باع نفسه لله، وأعتقها من عذابه، ومن سعى في معصية الله، فقد باع نفسه بالهوان؛ ولذلك جاء في الحديث الصحيح: ((كل الناس يغدو، فبائعٌ نفسه، فمُعْتِقُها أو مُوبِقُها))؛ [رواه مسلم]؛ أي: مهلكها بارتكاب المعاصي، وما يترتب عليها من الخزي والعذاب يوم القيامة.

 

وأخطر أنواع ظلم النفس بالمعاصي: هو الوقوع في الشرك؛ كما قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82]؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((لما نزلت هذه الآية: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82]، شقَّ ذلك على الناس، وقالوا: يا رسول الله، فأينا لا يظلم نفسه؟ قال: إنه ليس الذي تَعْنُون؛ ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: ﴿ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13] إنما هو الشرك)).

 

2- وقد يظلم نفسه: بانتهاك وتعدي حدود الله تعالى.

قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 229]، وقال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [الطلاق: 1].

 

3- وقد يظلم نفسه: بترك الفرائض والواجبات.

لو كان غيرك ظلمك، واعتدى عليك، وحرمك طاعة ربك، لَصِحْتَ مستجيرًا من ظلمه، مستنجدًا من بَغْيِهِ، فما بالك تظلم نفسك وتبغي عليها؟ وأي ظلم أن تحرم نفسك رفعة الدرجات في الجنة؟

 

قال الله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46].

 

4- وقد يظلم نفسه: بالتقتير وبخس النفس حقَّها من الراحة وغيرها.

فالنفس لها حق؛ كما في الحديث الصحيح: ((إن لنفسك عليك حقًّا، ولربك عليك حقًّا، ولضيفك عليك حقًّا، وإن لأهلك عليك حقًّا؛ فأعْطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه))؛ أي: من الطعام والنوم، والراحة والملبس، وغيرها.

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29].

 

وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67].

 

5- وقد يظلم نفسه: بتعريضها للتَّهْلُكة.

فإن حفظ النفس من مقاصد الشريعة، ومن الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها، فلا يحل الاعتداء عليها من الذات، ولا من الغير.

 

قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾ [النساء: 29، 30]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195]، وفي الحديث: ((لا ضرر ولا ضرار)).

 

ولذلك فإن الأصل في جميع الأطعمة أن كلها حلال، إلا ما كان نجسًا، أو فيه ضرر.

 

6- وقد يظلم نفسه: بالدعاء عليها.

في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعةً يُسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم)).

 

7- وقد يظلم نفسه: بتزكية النفس، وكثرة مدحها.

قال تعالى: ﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾ [النجم: 32]؛ أي: تمدحوها وتشكروها، وتَمُنُّوا بأعمالكم.

 

8- وقد يظلم نفسه: بالعُجب بالنفس، والغرور.

في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بينما رجل يمشي في حُلَّةٍ تُعْجِبُه نفسه، مُرجِّل جُمَّتَه، إذ خسف الله به الأرض، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث مُهْلِكات: شحٌّ مُطاع، وهوًى مُتَّبع، وإعجاب المرء بنفسه))؛ [رواه البيهقي وحسنه الألباني].

 

9- وقد يظلم نفسه: بعدم تزكيتها بفعل الطاعات، وترك محاسبتها؛ فيترك زِمام الأمور لها تخوض في الشهوات.

قال الله تعالى بعد أطول قسم في القرآن الكريم: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 7 - 10].

 

10- وقد يظلم نفسه: بالوقوع في الرياء.

وهو إظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها فيحمدون صاحبها؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ألَا أخبركم بما هو أخوف عليکم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الشرك الخفيُّ؛ يقوم الرجل فيصلي، فيزيِّن صلاته لِما يرى من نظر رجلٍ)).

 

وکم يظلم العبد نفسه بهذه المعصية بما يضيع عليه من الأقوال والأعمال الصالحة التي لا يريد منها وجه الله عز وجل، فتكون هباء منثورًا يومَ يكون في أشد الحاجة يوم القيامة إلى حسنة واحدة! بل إن صاحبه معرض لسخط الله عز وجل وعدم مغفرته تعالى لهذا الذنب العظيم، لو مات صاحبه منه بلا توبة على قول بعض العلماء، ويلحق بذلك العُجب والكِبْر وتزكية النفس.

 

الوقفة الثالثة: ثمرات الاعتراف بالذنب:

1- الاعتراف بالذنب: أول خطوة في طريق الإصلاح، والتوبة إلى الله تعالى.

قال الله تعالى: ﴿ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 102].

 

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فإن العبد إذا اعترف بذنبه، ثم تاب، تاب الله عليه)).

 

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما يحكي عن ربه تبارك وتعالى قال: ((أذْنَبَ عبدٌ ذنبًا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي ربِّ اغْفِرْ لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلِم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلِم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي، فَلْيَفْعَلْ ما شاء))، والمعنى: ما دام يتوب إلى الله من ذنبه، ويُقلع ويندم، فهو جدير بالتوبة؛ لأن التوبة تهدم ما قبلها.

 

وقد بوَّب النووي رحمه الله على هذا الحديث قوله: "باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة"، وكما قيل: الاعتراف يهدم الاقتراف.

 

2- الاعتراف بالذنب: من صفات المتقين الأبرار.

قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 135، 136].

 

3- الاعتراف بالذنب: منهج ودأب الأنبياء والمرسلين، وهو من أسباب المغفرة؛ وتأمل إلى أدعية الأنبياء والمرسلين:

فهذا آدم عليه السلام وزوجه عندما أكلا من الشجرة: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]، بينما إبليس لم يعترف، وأبى واستكبر: ﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ﴾ [الحجر: 32، 33].

 

وهذا موسى عليه السلام يعترف بخطئه، ويطلب المغفرة من ربه، حينما قتل رجلًا من بني إسرائيل دون قصد: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [القصص: 16]؛ ولذلك لما جاء إلى فرعون يدعوه إلى عبادة الله وحده، استنكر فرعون أن يكون القاتل نبيًّا، وذكَّره بقتله القبطيَّ: ﴿ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [الشعراء: 19]، فما كان من موسى عليه السلام إلا أن اعترف بذلك: ﴿ قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ * فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الشعراء: 20، 21].

 

وهذا يونس عليه السلام عندما خرج مغاضبًا من قومه، والتقمه الحوت، فتذلَّل إلى الله تعالى، واعترف بخطئه: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87].

 

4- ولذلك كانت هذه الدعوات من أسباب إجابة الدعاء لكل مكروب.

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]، فإنه لم يَدْعُ بها رجل مسلم في شيء قطُّ، إلا استجاب الله له))؛ [رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب].

 

5- الاعتراف بالذنب: طريق إلى الجنة؛ ولذلك أفضل صيغ الاستغفار هو سيد الاستغفار.

فقد روى البخاري عن شداد بن أوس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبُوءُ لك بنعمتك عليَّ، وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)).

ونجد أن هذا الدعاء وافَقَ سيد الاستغفار في ثلاثة أمور: وافقه في التوحيد، وفي الاعتراف لله بالذنب، وفي طلب المغفرة.

 

فاللهم إنا ظلمنا أنفسنا ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لنا مغفرةً من عندك، وارحمنا، إنك أنت الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

مع الوقفة الرابعة: وهي الإجابة على استفسار؛ وهو: هل الله تعالى يحتاج لنعترف بظلمنا وتقصيرنا حتى تثبت العقوبة؟ ستجيبك هذه الآيات:

قال تعالى: ﴿ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [إبراهيم: 38].

 

وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 29]، ﴿ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [القصص: 69]، ﴿ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [الملك: 13].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16].

 

فإن الله تعالى خالق كل شيء، ومن ذلك أفعال العباد وإرادتهم، وقدرتهم ومشيئتهم، فلا يقع في هذا الكون شيء إلا وهو خالقه؛ كما قال الله تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الزمر: 62]، وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الصافات: 96].

 

فإن أفعال العباد تُنسَب إليهم على جهة الفعل والكسب، والله تعالى خالقهم وخالق أفعالهم على جهة الخلق.

 

الوقفة الخامسة: مع حقيقة لا بد أن يعلمها كل من ظلم نفسه؛ وهي أن العبد إن لم يعترف بذنبه في الدنيا ويتوب منه، فسيعترف به يوم القيامة، ولن ينفعه الاعتراف حينها.

 

وتأمل إلى أحوال هؤلاء المجرمين، وهم في العذاب الشديد يدعون على أنفسهم، فهم الذين أوقعوها في جهنم، فيخبرهم الله تعالى أنه يكرههم، ويمقتهم أكثر مما يكرهون أنفسهم ويمقتونها: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ * قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ * ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ﴾ [غافر: 10 - 12].

 

وقال تعالى: ﴿ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 11].

 

وقال الله تعالى عن هؤلاء واعترافهم وتبريرهم لأخطائهم: ﴿ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [المؤمنون: 106 - 111].

 

وقال تعالى عن أحوالهم في النار: ﴿ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ * فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ * فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشعراء: 96 - 104].

 

فإن الاعتراف بالذنب فيه السلامة، من قبل أن يأتي يوم تكون فيه الندامة؛ ولذلك يندم شديد الندم: ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الزمر: 56 - 58].

 

فما أحوجنا لمثل هذا التصرف الحسن، وهذا السلوك العظيم عند الوقوع في الخطأ مع الآخرين.

 

أنا آسف.

 

حقك عليَّ.

 

أنا مخطئ.

 

يا لها من كلمات، ويا له من سلوك راقٍ وتصرف سليم، فيه حل لكثير من المشاكل بين أفراد المجتمع الواحد!

 

وليس معنى ذلك كما يظن البعض أنه ضعف شخصية، أو جبن، وإنما القوة كل القوة في الرجوع إلى الحق؛ وكما يُقال: الاعتراف بالحق فضيلة، فالاعتراف بالخطأ خُلُقُ الأقوياء لا الضعفاء.

 

ونختم بهذا الموقف العملي من النبي صلى الله عليه وسلم في الرجوع والاعتذار؛ وذلك مع الصحابي سواد رضي الله عنه: في يوم أُحُدٍ حينما كان صلى الله عليه وسلم يصُفُّ الصفوف، وإذا بهذا الصحابي متقدمًا على الصف، فيؤخِّره صلى الله عليه وسلم ويقول له: ((اسْتَوِ يا سواد))، فيتأخر ويتقدم، فيراه النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى، فيأتي إليه ويأخذ سواكه صلى الله عليه وسلم، ويطعن هذا الرجل ببطنه ويقول: ((استو يا سواد))، فيقول: لقد أوجعتني يا رسول الله، أقِدْني من نفسك، فيقوم صلى الله عليه وسلم ويكشف عن بطنه، ويقول: ((اقتصَّ لنفسك))، فيقبل هذا الصحابي على بطن النبي صلى الله عليه وسلم تقبيلًا لها وتمريغًا لوجهه، ويقول: والله يا رسول الله ما قصدت إلا أن يكون آخر شيء مني هو التصاق جسدي بجسدك؛ أي: لعل الموت والشهادة تدركني وأنا في هذا الموقف، وهذا كله اعتراف من النبي صلى الله عليه وسلم بأنه آذى هذا الصحابي الجليل.

 

وقد كان السلف الصالح نموذجًا يُحتذى به في التمسك بالحق مع الاعتراف بالخطأ؛ فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتراجع عن رأيه الذي ظهر له فيه خطأه، بعد أن نبَّهته امرأة لذلك، وذلك حينما عزم على تحديد مهور النساء وعدم المغالاة فيها؛ فقد ورد في سنن البيهقي، وغيره، عن الشعبي رحمه الله، قال: "خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناسَ، فحمِد الله تعالى وأثنى عليه، وقال: ألَا لا تغالوا في صداق النساء، فإنه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سِيق إليه، إلا جعلت فضلَ ذلك في بيت المال، ثم نزل، فعرضت له امرأة من قريش، فقالت: يا أمير المؤمنين، أكتاب الله تعالى أحق أن يُتَّبع أو قولك؟ قال: بل كتاب الله تعالى، فما ذاك؟ قالت: نهيت الناس آنفًا أن يغالوا في صداق النساء، والله تعالى يقول في كتابه: ﴿ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ﴾ [النساء: 20]، فقال عمر رضي الله عنه: كل أحد أفْقَهُ من عمر مرتين أو ثلاثًا، ثم رجع إلى المنبر، فقال للناس: إني كنت نهيتكم أن تغالوا في صداق النساء، ألَا فليفعل رجل في ماله ما بدا له".

 

فينبغي أن نحفظ هذا الدعاء العظيم، ونحافظ ونداوم عليه بإذن الله تعالى.

 

نسأل الله العظيم أن يغفر لنا ظُلْمَنا لأنفسنا وتقصيرنا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ظلم النفس
  • الظلم ظلمات يوم القيامة: ظلم النفس (خطبة)
  • خطبة: ظلم النفس
  • بين ظلم النفس والتوبة (خطبة)
  • الوسائل الإسلامية لحفظ النفس الإنسانية (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: الأشهر الحرم وخطر ظلم النفس وظلم الغير..(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • الاعتراف يهدم الاقتراف (خطبة) باللغة البنغالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتراف يهدم الاقتراف (خطبة) (باللغة النيبالية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتراف والمناجاة لمن أراد النجاة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتراف بالجميل خلق إسلامي أصيل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من ثمار الاعتراف عند الأشراف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتراف والمناجاة لمن أراد النجاة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الاعتراف بالفضل لأهل الخير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتراف يهدم الاقتراف (باللغة الهندية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول الجميل في الاعتراف بالفضل والجميل(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب