• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

من كرر محظورا ولم يفد فدى مرة واحدة

من كرر محظورا ولم يفد فدى مرة واحدة
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/5/2024 ميلادي - 10/11/1445 هجري

الزيارات: 1428

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من كرر محظورا ولم يفد فدى مرة واحدة

 

قول الْمُصَنِّفُ -رحمه الله-: وَمَنْ كَرَّرَ مَحْظورًا مِنْ جِنْسٍ وَلَمْ يَفْدِ فَدَى مَرَّةً؛ بِخِلافِ صَيْدٍ.

 

قالَ الْمُصَنِّفُ -رحمه الله-: "وَمَنْ كَرَّرَ مَحْظورًا مِنْ جِنْسٍ وَلَمْ يَفْدِ فَدَى مَرَّةً؛ بِخِلافِ صَيْدٍ. وَمَنْ قَتَلَ مَحْظورًا مِنْ أَجْناسٍ فَدَى لِكُلِّ مَرَّةٍ؛ رَفَضَ إِحْرامَهُ أَوْ لَا. وَيَسْقُطُ بِنِسْيانٍ فِدْيَةُ لُبْسٍ وَطيبٍ وَتَغْطِيَّةِ رَأْسٍ دونَ وَطْءٍ وَصَيْدٍ وَتَقْليمٍ وَحَلْقٍ. وَكُلُّ هَدْيٍ أَوْ إِطْعامٍ لِمَساكينِ الْحَرَمِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى وَاللُّبْسِ وَنَحْوِهِمَا وَدَمِ الْإِحْصارِ حَيْثُ وَجَدَ سَبَبَهُ وَيُجْزِئُ الصَّوْمُ بِكُلِّ مَكانٍ وَالدَّمُ شاةٌ أَوْ سُبُعُ بَدَنَةٍ وَتُجْزِئُ عَنْهَا بَقَرَةٌ".


هَذَا الْفَصْلُ ذَكَرَ فيهِ الْمُصَنِّفُ -رحمه الله- حُكْمَ مَنْ كَرَّرَ مَحْظورًا، وَمَا يَسْقُطُ مِنْهُ بِالنِّسْيانِ وَنَحْوِهِ، وَمَنْ تُدْفَعُ لَهُ الْفِدْيَةُ، وَالْمُرادُ بِالدَّمِ. فَيَكونُ الْكَلامُ هُنَا في أَرْبَعَةِ فُروعٍ:

الْفَرْعُ الْأَوَّلُ: أَحْكامُ مَنْ كَرَّرَ مَحْظورًا، وَهَذَا يُمْكِنُ تَقْسيمُهُ إِلَى ثَلاثَةِ أَقْسامٍ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: مَنْ كَرَّرَ مَحْظورًا مِنْ جِنْسٍ واحِدٍ، وَلَمْ يُفْدِ.

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ كَرَّرَ مَحْظورًا مِنْ جِنْسٍ واحِدٍ، وَلَمْ يُفْدِ: فَدَى مَرَّةً).


وَهَذَا كَمَا لَوْ غَطَّى رَأْسَهُ، ثُمَّ عادَ وَغَطَّى رَأْسَهُ؛ فَهَذَا كَرَّرَ مَحْظورًا مِنْ جِنْسٍ واحِدٍ؛ فَيَكونُ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ واحِدَةٌ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَلَّا يُؤَخِّرَ الْفِدْيَةَ؛ لِئَلَّا تَتَكَرَّرَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَفْعَلُ الْمَحْظورَ مَرَّةً أُخْرَى؛ فَيُعاقَبُ بِنَقيضِ قَصْدِهِ؛ لِئَلَّا يَتَحايَلَ عَلَى إِسْقاطِ الْواجِبِ، وَالْمُعاقَبَةُ بِنَقيضِ الْقَصْدِ أَمْرٌ مُقَرَّرٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَالْقاتِلُ مَثَلًا: يُحْرَمُ مِنَ الْميراثِ وَهَكَذَا.

 

فَالْحاصِلُ: أَنَّ مَنْ كَرَّرَ مَحْظورًا مِنْ جِنْسٍ واحِدٍ، وَلَمْ يَفْدِ فَدَى مَرَّةً واحِدَةً؛ "لِأَنَّ اللهَ تعالى أَوْجَبَ في حَلْقِ الرَّأْسِ فِدْيَةً واحِدَةً وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ ما وَقَعَ دُفْعَةً أَوْ دُفُعاتٍ، وَإِنْ كَفَّرَ عَنِ السَّابِقِ، ثُمَّ أَعادَهُ: لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ ثانِيًا"[1].

 

الْقِسْمُ الثَّانِي: تَكْرارُ الصَّيْدِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (بِخِلافِ صَيْدٍ).

 

فَإِنَّهُ كُلَّمَا كَرَّرَهُ تَجِبُ الْفِدْيَةُ؛ لِقَوْلِهِ تعالى:﴿ فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ﴾ [المائدة: 95]؛ فَمَثَلًا: إِذَا رَمَى رَمْيَةً وَأَصابَ غَزالًا: فَدَى، وَلَوْ رَمَى أَيْضًا فَأَصابَ آخَرَ: فَدَى، حَتَّى وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ عَنِ الْمَرَّةِ الْأُولَى.

 

وَأَيْضًا لَوْ رَمَى رَمْيَةً واحِدَةً وَأَصابَ خَمْسَ حَماماتٍ مَثَلًا؛ فَإِنَّ عَلَيْهِ فِدْيَةُ الْخَمْسِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: فِعْلُ مَحْظورٍ مِنْ أَجْناسٍ: فَدَى لِكُلِّ مَرَّةٍ.

 

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ فَعَلَ مَحْظورًا مِنْ أَجْناسٍ؛ فَدَى لِكُلِّ مَرَّةٍ، رَفَضَ إِحْرامَهُ أَوْ لَا)؛ أي: فَلَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ، وَغَطَّى رَأْسَهُ، وَجامَعَ زَوْجَتَهُ، وَقَتَلَ صَيْدًا؛ فَهَذِهِ الْمَحْظوراتُ أَجْناسٌ؛ فَيَجِبُ عَلَيْهِ عَنْ كُلِّ جِنْسٍ فِدْيَةٌ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهورِ الْعُلَماءِ[2]؛ لِأَنَّهَا أَجْناسٌ مُخْتَلِفَةٌ: فَلَمْ تَتَداخَلْ كَالْحُدودِ الْمُخْتَلِفَةِ.

 

مَسْأَلَةٌ: قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ -رحمه الله-: (رَفَضَ إِحْرامَهُ أَوْ لَا)؛ أي: تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَلَوْ نَوَى الْخُروجَ مِنْ إِحْرامِهِ، وَرَفْضُهُ الْإِحْرامَ لَا يُمْكِنُ إِطْلاقًا؛ لِأَنَّ اللهَ أَمَرَ بِإِتْمامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، كَمَا قالَ تعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾[البقرة: 196]؛ فَإِذَا دَخَلَ في النُّسُكِ: وَجَبَ عَلَيْهِ إِتْمامُهُ، حَتَّى وَلَوْ كانَ النُّسُكُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ نَفْلًا، وَهَذَا مِنْ خَصائِصِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِخِلافِ الصِّيَامِ؛ فَلَوْ نَوَى الْإِفْطارَ: أَفْطَرَ، وَكَذَلِكَ الْوُضوءُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْعِباداتِ.

 

فائِدَةٌ:

اعْلَمْ أَنَّ التَّحَلُّلَ مِنَ الْحَجِّ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِأَحَدِ ثَلاثَةِ أَشْياءٍ[3]:

الْأَوَّلُ: كَمالُ أَفْعالِهِ.

 

الثَّانِي: التَّحَلُّلُ عِنْدَ الْحَصْرِ، وَيَأْتِي إِنْ شاءَ اللهُ.

 

الثَّالِثُ: الْعُذْرُ إِذَا شَرَطَهُ في ابْتِدائِهِ.

 

وَمَا عَدَا هَذِهِ فَلَا يَتَحَلَّلُ بِهِ، وَلَوْ نَوَى التَّحَلُّلَ: لَمْ يَحُلَّ، وَلَا يَفْسُدُ إِحْرامُهُ بِرَفْضِهِ؛ بَلْ هُوَ باقٍ يَلْزَمُهُ أَحْكامُهُ، وَقَدْ نَقَلَ غَيْرُ واحِدٍ الْإِجْماعَ عَلَى هَذَا[4].

 

وَإِذَا رَفَضَ إِحْرامَهُ؛ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ فيمَا يَلْزَمُهُ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ بِرَفْضِ الْإِحْرامِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ نِيَّةٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحابِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمالِكِيَّةِ[5].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ عَلَيْهِ فِدْيَةً، وَهَذَا قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ؛ كَمَا في الْفُروعِ[6].

 

الْفَرْعُ الثَّانِي: مَا يَسْقُطُ مِنَ الْفِدْيَةِ بِالنِّسْيانِ، وَمَا لَا يَسْقُطُ، وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيَسْقُطُ بِنِسْيانٍ: فِدْيَةُ لُبْسٍ وَطيبٍ وَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ، دونَ وَطْءٍ وَصَيْدٍ وَتَقْليمٍ وَحِلاقَةٍ).


الْمَحْظوراتُ تَنْقَسِمُ بِاعْتِبارِ سُقوطِهَا بِالْعُذْرِ إِلَى قِسْمَيْنِ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: قِسْمٌ تَسْقُطُ فِدْيَتُهُ بِالْعُذْرِ، وَهُوَ: مَا أَشارَ إِلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ: (وَيَسْقُطُ بِنِسْيانٍ: فِدْيَةُ لُبْسٍ وَطيبٍ وَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ).

فَهَذِهِ ثَلاثَةُ مَحْظوراتٍ تَسْقُطُ فِدْيَتُهَا بِالنِّسْيانِ، وَمِثْلُهُ الْجَهْلُ، وَالْإِكْراهُ، وَهِيَ:

الْأَوَّلُ: لُبْسُ الْمَخيطِ لِلذَّكَرِ.

 

الثَّانِي: اسْتِعْمالُ الطِّيبِ.

 

الثَّالِثُ: تَغْطِيَةُ رَأْسِ الذَّكَرِ.

 

فَهَذِهِ الْأُمورُ تَسْقُطُ في حالِ الْعُذْرِ؛ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾[البقرة: 286]، قالَ اللهُ سبحانه وتعالى: «قَدْ فَعَلْتُ»؛ كَمَا في صَحيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-[7]، وَأَيْضًا: قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾[الأحزاب: 5].

 

وَأَيْضًا: لِحَديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفوعًا الْمُتَقَدِّمِ: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»[8].

 

لَكِنْ هُنَا مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ، وَهِيَ: أَنَّهُ مَتَى زالَ عُذْرُهُ: أَزالَهُ في الْحالِ.

 

الْقِسْمُ الثَّانِي: قِسْمٌ لَا تَسْقُطُ فِدْيَتُهُ بِالْعُذْرِ، وَهُوَ مَا أَشارَ إِلَيْهِ الْمُصَنِّفُ -رحمه الله- بِقَوْلِهِ: (دونَ وَطْءٍ وَصَيْدٍ وَتَقْليمٍ وَحَلْقٍ).

فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ مَحْظوراتٍ: لَا تَسْقُطُ فِدْيَتُهَا بِالنِّسْيانِ وَمِثْلُهُ الْإِكْراهُ وَالْجَهْلُ، وَهِيَ:

الْأَوَّلُ: الْوَطْءُ.

 

الثَّانِي: الصَّيْدُ.

 

الثَّالِثُ: تَقْليمُ الْأَظْفارِ.

 

الرَّابِعُ: الْحَلْقُ.

 

فَهَذِهِ الْمَحْظوراتُ لَا تَسْقُطُ فِدْيَتُهَا بِالنِّسْيانِ، وَمِثْلُهُ الْجَهْلُ وَالْإِكْراهُ، وَلَكِنْ يَسْقُطُ الْإِثْمُ فَقَطْ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلافٌ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: هُوَ مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ، مِنْ أَنَّهُ يَسْقُطُ الْإِثْمُ دونَ الْكَفَّارَةِ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهورِ الْعُلَماءِ[9]؛ وَحُجَّتُهُمْ: أَنَّ ما كانَ مِنْ قَبيلِ الْإِتْلافِ فَتَجِبُ فيهِ الْفِدْيَةُ، وَأَيْضًا قالُوا: لِأَنَّ اللهَ تعالى أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ عَلَى مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ لِأَذًى بِهِ وَهُوَ مَعْذورٌ بِمَعْنَى: أَنَّهُ فَعَلَ هَذَا الْمَحْظورَ بِدونِ اخْتِيارِهِ كَأَنَّهُ مُكْرَهٌ وَمَعَ ذَلِكَ أَلْزَمَهُ الشَّارِعُ بِالْفِدْيَةِ؛ فَكانَ ذَلِكَ تَنْبيهًا عَلَى وُجوبِهَا؛ حَتَّى وَإِنْ كانَ مَعْذورًا، وَقالُوا أَيْضًا: هَذَا مِنْ بابِ الْحُكْمِ الْوَضْعِيِّ، وَلَيْسَ مِنْ بابِ الْحُكْمِ التَّكْليفِيِّ، وَهُنَاكَ فَرْقٌ بَيْنَ الْأَحْكامِ الْوَضْعِيَّةِ وَالتَّكْليفِيَّةِ؛ فَالشَّرْعُ مَثَلًا أَوْجَبَ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَضْمَنَ هَذَا الصَّيْدَ الَّذِي قَتَلَهُ فِي حالِ إِحْرامِهِ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ قاصِدًا، كَمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ خَطَأَهُ بِقَتْلِ الْآدَمِيِّ بِالْخَطَأِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ قاصِدٍ؛ فَالْقاتِلُ بِالْخَطَأِ غَيْرُ قاصِدٍ وَمَعَ ذَلِكَ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَقَّانِ: حَقٌّ للهِ تَعالى، وَحَقٌّ لِلْآدَمِيِّ؛ فَحَقُّ الْآدَمِيِّ الدِّيَةُ، وَحَقُّ اللهِ بِالْعِتْقِ؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتُتابِعَيْنِ.

 

وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ، وَهِيَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ نَعْرِفَ أَنَّ الْأَحْكامَ الْوَضْعِيَّةَ لَا يَرِدُ عَلَيْهَا أَنْ يُقالَ: إِنَّ النَّاسِي غَيْرُ مُؤاخَذٍ فيهَا؛ لِأَنَّ اللهَ تعالى يَقولُ:﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]؛ فَنَحْنُ نَقولُ: نَعَمْ هُوَ غَيْرُ مُؤاخَذٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، لَكِنَّهُ يَضْمَنُ.[10]


فَالْحاصِلُ: أَنَّهُمْ قالُوا: إِنَّ الْفِدْيَةَ مِنْ بابِ الضَّماناتِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى كَوْنِهِ قاصِدًا أَوْ غَيْرَ قاصِدٍ؛ فَإِذَا كانَ قاصِدًا قُلْنَا: عَلَيْكَ الْإِثْمُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِذَا كانَ غَيْرَ قاصِدٍ قُلْنَا: الْكَفَّارَةُ فَقَطْ.هَذَا مُلَخَّصُ قَوْلِ الْجُمْهورِ وَهُوَ قَوْلٌ قَوِيٌّ كَمَا تَرَى.

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا ما دامَ ناسِيًا أَوْ جاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا، وَهَذَا رِوايَةٌ عَنِ الْإِمامِ أَحْمَدَ[11]، وَاخْتارَهَا شَيْخُ الْإِسْلامِ، وَابْنُ الْقَيِّمِ[12]؛ وَاسْتَدَلُّوا بِعُمومِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ النَّاسِي وَمِثْلُهُ الْجاهِلُ وَالْمُكْرَهُ وَالْمَعْذورُ إِذَا كانَ مَعْذورًا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَأَيْضًا قالُوا: هَذِهِ مَحْظوراتٌ وَلَيْسَتْ أَوامِرَ، وَمَا كانَ مِنْ بابِ تَرْكِ الْمَحْظورِ: فَيُعْذَرُ فيهِ بِالْجَهْلِ وَالنِّسْيانِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

الْفَرْعُ الثَّالِثُ: مَكانُ تَوْزيعِ الْهَدْيِ أَوْ الْفِدْيَةِ.

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَكُلُّ هَدْيٍ أَوْ إِطْعامٍ: فَلِمَساكينِ الْحَرَمِ، وَفِدْيَةُ الْأَذَى وَاللُّبْسِ وَنَحْوُهُمَا وَدَمُ الْإِحْصارِ حَيْثُ وَجَدَ سَبَبَهُ، وَيُجْزِئُ الصَّوْمُ بِكُلِّ مَكانٍ).

فَقَسَّمَ -رحمه الله- أَماكِنَ الْفِدْيَةِ إِلَى ثَلاثَةِ أَقْسامٍ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: مَكانُ الْهَدْيِ وَالْإِطْعامِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَكُلُّ هَدْيٍ أَوْ طَعامٍ: فَلِمَساكينِ الْحَرَمِ).

 

أي: أَنَّ كُلَّ هَدْيٍ أَوْ كُلَّ طَعامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إِحْرامٍ؛ كَجَزاءِ صَيْدٍ وَدَمِ مُتْعَةٍ وَقِرانٍ، وَمَا وَجَبَ لِتَرْكِ واجِبٍ أَوْ فِعْلِ مَحْظورٍ في الْحَرَمِ؛ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ في الْحَرَمِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْحَرَ في الْحَجِّ بِمِنًى، وَفِي الْعُمْرَةِ بِالْمَرْوَةِ -إِنْ تَيَسَّرَ، وَالْآنَ في هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الْأَخيرَةِ لَا يَتَيَسَّرُ النَّحْرُ لِلْعُمْرَةِ بِالْمَرْوَةِ-، وَيَلْزَمُ: تَفْرِقَةُ لَحْمِهِ عَلَى مَساكينِ الْحَرَمِ وَهُمْ مَنْ كانَ فيهِ مِنْ أَهْلِهِ، وَمَنْ وَرَدَ إِلَيْهِ مِنَ الْحَاجِّ وَغَيْرِهِمْ؛ وَهُمْ الَّذينَ تُدْفَعُ لَهُمْ الزَّكاةُ[13]، فَلَوْ وُجِدَ حاجٌّ فَقيرٌ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَأُعْطِيَ مِنَ الْهَدْيِ؛ فَلَا بَأْسَ.

 

وَالْحاصِلُ: أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فيهَا خِلافٌ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ كُلَّ هَدْيٍ أَوْ طَعامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إِحْرامٍ: فَيَلْزَمُ ذَبْحُهُ في الْحَرَمِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهورِ[14]؛ فَلَا يُجْزِئُ الْهَدْيُ إِلَّا في الْحَرَمِ، وَلَا يَصِحُّ التَّصَدُّقُ بِلَحْمِهِ إِلَّا عَلَى فُقَراءِ الْحَرَمِ.

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: يُجْزِئُ هَدْيُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرانِ خارِجَ الْحَرَمِ، وَيُوَزِّعُهُ في الْحَرَمِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ[15].

 

وَلَكِنْ هَذَا فيهِ نَظَرٌ؛ لِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ﴾[البقرة: 196]، وَلِقَوْلِهِ تعالى:﴿ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ ﴾[المائدة: 95]، وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿ لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾[الحج: 33]. وَالْمُتَمَتِّعُ وَالْقارِنُ: يُحِلَّانِ في الْحَرَمِ؛ فَكانَ مَوْضِعُ حِلِّهِمَا مَوْضِعَ نَحْرِهِمَا، وَفِي صحيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جابِرٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قالَ: «نَحَرْتُ هَاهُنَا، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ... »[16]، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

فائِدَةٌ:

قَوْلُ الْمُصَنِّفِ -رحمه الله-: (مساكين الْحَرَمِ)، لَيْسَ عَلَى إِطْلاقِهِ؛ فَهَدْيُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرانِ هَدْيُ شُكْرانِ: فَلَا يَجِبُ صَرْفُهُ لِمَساكينِ الْحَرَمِ؛ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ.

 

الْقِسْمُ الثَّانِي: مكانُ فِدْيَةِ الْأَذَى وَاللُّبْسِ وَالْإِحْصارِ.

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَفِدْيَةُ الْأَذَى، وَاللُّبْسِ وَنَحْوِهِمَا، وَدَمُ الْإِحْصارِ: حَيْثُ وُجِدَ سَبَبُهُ).

 

هَذَا اسْتِثْناء ٌمِمَّا تَقَدَّمَ؛ فَفِدْيَةُ الْأَذَى مِنَ الْحَلْقِ وَاللِّباسِ وَنَحْوِهِمَا، حَيْثُ وُجِدَ سَبَبُهَا، فَلَوْ فَعَلَ مَحْظورًا خارِجَ الْحَرَمِ فَإِنَّهُ يَجوزُ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْفِدْيَةَ في نَفْسِ الْمَكانِ الَّذِي فَعَلَ فيهِ الْمَحْظورَ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ في الْمَذْهَبِ: لَوْ وُجِدَ السَّبَبُ في الْحَرَمِ: وَجَبَ عَلَيْهِ في الْحَرَمِ، وَدَمُ الْإِحْصارِ أَيْضًا حَيْثُ وُجِدَ سَبَبُهُ مِنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ؛ لِأَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- نَحَرَ هَدْيَهُ في مَوْضِعِهِ في الْحُدَيْبِيَّةِ[17]؛ وَالْحُدَيْبِيَّةُ مِنَ الْحِلِّ.

 

وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ في مَكانِ ذَبْحِ هَدْيِ الْإِحْصارِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَفْضَلَ تَأْدِيَتُهَا بِالْحَرَمِ مُطْلَقًا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهورُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ[18].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَجِبُ ذَبْحُ هَدْيِ الْمُحْصَرِ بِالْحَرَمِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ رِوايَةٌ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ[19]؛ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تعالى:﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ﴾[البقرة: 196]، قالُوا: مَحِلُّهُ، أي: الْحَرَمُ.

 

وَقَدْ نوقِشَ هَذَا بِأَنَّ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- نَحَرَ هَدْيَهُ في الْحِلِّ[20].

 

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَكانُ فِدْيَةِ الصَّوْمِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيُجْزِئُ الصَّوْمُ بِكُلِّ مَكانٍ).

أي: يُجْزِئُ الصَّوْمُ وَالْحَلْقُ بِكُلِّ مكانٍ؛ لِأَنَّهُ لا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ إِلَى أَحَدٍ، فَلَا فائِدَةَ لِتَخْصيصِهِ"[21].

 

وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ نَقَلَ الاِتِّفاقَ عَلَى هَذَا[22]، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

الْفَرْعُ الرَّابِعُ: بَيانُ الْمُرادِ بِالدَّمِ.

وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَالدَّمُ: شاةٌ، أَوْ سُبُعُ بَدَنَةٍ، وَتُجْزِئُ عَنْهَا بَقَرَةٌ).

أي: أَنَّ الدَّمَ الْمُطْلَقَ: شاةٌ، كَأُضْحِيَّةِ:

• جذعِ ضَأْنٍ، وَهُوَ: مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ.

 

• أَوْ ثنيُ مَعْزٍ، وَهُوَ: ما لَهُ سَنَةٌ.

 

• أَوْ سُبُعُ بَدَنَةٍ.

 

• أَوْ سُبُعُ بَقَرَةٍ.

 

هَذَا هُوَ الْمُرادُ بِالدَّمِ إِذَا أُطْلِقَ.

 

وَهُنَا مَسائِلُ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ الذَّبْحِ؛ فَإِنْ جاءَ إِلَى شاةٍ مَذْبوحَةٍ وَاشْتَرَى سُبُعَهَا وَنَواهُ عَنِ الشَّاةِ فَإِنَّهُ لا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ صارَ لَحْمًا، وَلَا بُدَّ أَنْ تُذْبَحَ بِنِيَّةِ الْفِدْيَةِ[23].


الْمَسْأَلَة ُالثَّانِيَةُ: إِذَا شارَكَ أُناسًا يُريدونَ ذَبْحَ بَدَنَةٍ، وَكانَ مَنْ نِيَّتُهُ أَنَّ الْمَذْبوحَ فِدْيَةٌ: فَلَهُ ذَلِكَ، حَتَّى وَإِنْ كانَ الْمُشارِكُ يُريدُ بَيْعَهَا.

 

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إِنْ ذَبَحَ عَنْ شاةٍ بَقَرَةً فَهَذَا أَفْضَلُ، لَكِنْ إِذَا ذَبَحَ الْبَقَرَةَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كُلُّهَا، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ[24]، بِمَعْنَى: أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ بَعْضَهَا وَيُوَزِّعَ الْآخَرَ، وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ السُّبُعِ وَالِانْتِفاعُ بِالْباقِي بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ ما شابَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اخْتارَ الْأَعْلَى لِأَداءِ فَرْضِهِ؛ فَكانَ حُكْمُهُ واجِبًا.

 

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا سُبُعُهَا، وَالْباقِي لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فيهِ بِبَيْعٍ وَهِبَةٍ[25]، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قالَ في (الروض): "(وتُجْزِئُ عَنْهَا)؛ أي: عَنِ الْبَدَنَةِ: (بَقَرةٌ)، وَلَوْ في جَزاءِ صَيْدٍ، كَعَكْسِهِ"[26]، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ[27]؛ لِقَوْلِ جابِرٍ -رضي الله عنه-: «اشْتَرَكْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَةٍ؛ فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ: أَيُشْتَرَكُ فِي الْبَدَنَةِ مَا يُشْتَرَكُ فِي الْجَزُورِ؟ قَالَ: مَا هِيَ إِلَّا مِنَ الْبُدْنِ»[28].

 

وَقَوْلُهُ: "كَعَكْسِهِ"؛ أي: إِجْزاءُ الْبَدَنَةِ عَنِ الْبَقَرَةِ، فَلَوْ قَتَلَ حَمامَةً؛ فَالْواجِبُ عَلَيْهِ شاةٌ، وَيَجوزُ أَنْ يَجْعَلَ بَدَلَ الشَّاةِ سُبُعَ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ، وَلَوْ قَتَلَ سَبْعَ حَماماتٍ؛ فَفيهَا سَبْعُ شِيَاهٍ؛ فَيُجْزِئُ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ مُطْلَقًا.

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُجْزِئُ، وَهَذَا رِوايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ،[29] لِأَنَّهُ جَزاءُ صَيْدٍ يُشْتَرَطُ فيهِ الْمِثْلُ؛ قالَ تعالى: ﴿ فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ﴾[المائدة: 95]، وَسُبُعُ الْبَدَنَةِ لَا يُماثِلُ الْحَمامَةَ؛ فَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فيمَا لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ كَالطُّيورِ هُوَ الْقيمَةُ، وَلَيْسَ الْمَنْظَرُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ[30].

 

الْمَسْأَلَةُ الْخامِسَةُ: يَجِبُ في الْهَدْيِ ما يَجِبُ في الْأُضْحِيَّةِ مِنْ اعْتِبارِ السِّنِّ وَالسَّلامَةِ مِنَ الْعَيْبِ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ[31]، وَحَكاهُ بَعْضُهُمْ إِجْماعًا[32].

 

هذا ما تيسر جمعه في هذا الباب، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.



[1] الروض المربع (2/ 96، 97).

[2] انظر: بدائع الصنائع (2/194) والمدونة (1/408) والمجموع للنووي (7/382) والشرح الكبير (3/342).

[3] انظر: المغني، لابن قدامة (3/ 332، 333).

[4] انظر: المعاني البديعة (1/ 377)، والمبدع في شرح المقنع (3/170)، والإحكام، لابن قاسم (2/518).

[5] انظر: التهذيب في اختصار المدونة (1/ 495)، والمغني، لابن قدامة (3/ 333).

[6] انظر: الفروع، لابن مفلح (5/ 538).

[7] أخرجه مسلم (126).

[8] تقدم تخريجه.

[9] انظر: التجريد، للقدوري (4/ 1804)، والمجموع، للنووي (7/ 342)، والشرح الكبير على متن المقنع (3/ 344).

[10] انظر: الموافقات للشاطبي (1/ 235، وما بعدها).

[11] انظر: الشرح الكبير على متن المقنع (3/ 344).

[12] انظر: مجموع الفتاوى (20/ 570)، وإعلام الموقعين (2/ 24).

[13] انظر: الإنصاف (8/ 440).

[14] انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (1/ 181)، والبيان في مذهب الإمام الشافعي (4/ 267)، ومختصر الخرقي (ص: 63).

[15] انظر: بداية المجتهد (2/ 131)، والبيان في مذهب الإمام الشافعي (4/ 267).

[16] أخرجه مسلم (1218).

[17] أخرجه البخاري (2701).

[18] انظر: بداية المجتهد (2/120)، والأم، للشافعي (2/240)، والشرح الكبير على متن المقنع (3/348).

[19] انظر: التجريد، للقدوري (4/ 2131)، والشرح الكبير على متن المقنع (3/ 348).

[20] تقدم تخريجه.

[21] انظر: الروض المربع (2/ 99).

[22] انظر: العدة شرح العمدة (ص: 199)، والمبدع في شرح المقنع (3/ 173).

[23] انظر: الشرح الممتع (7 / 209).

[24] انظر: الشرح الكبير على متن المقنع (3/ 349).

[25] انظر: الفروع، لابن مفلح (5/ 551).

[26] الروض المربع (2/ 99).

[27] انظر: الإنصاف، للمرداوي (8/ 448).

[28] أخرجه مسلم (1318).

[29] انظر: المغني، لابن قدامة (3/ 474).

[30] انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: 150

[31] انظر: البحر الرائق (3/ 76)، ومواهب الجليل (3/ 166)، المجموع، للنووي (8/ 356)، والمغني، لابن قدامة (3/ 475).

[32] انظر: المجموع، للنووي (8/ 404).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • محظورات الإحرام
  • قاعدة: الضرورات تبيح المحظورات
  • طرح البدائل المشروعة للمحظورات
  • محظورات الحج من مهذبة ألفية الزبد
  • الفرق بين الرجل والمرأة في محظورات الإحرام
  • محظورات الإحرام

مختارات من الشبكة

  • من جامع في يومين أو كرره في يوم ولم يكفر فكفارة واحدة في الثانية(مقالة - ملفات خاصة)
  • الصائم إذا جامع في يومين أو كرره في يوم ولم يكفر فكفارة واحدة في الثانية وفي الأولى اثنتان(مقالة - ملفات خاصة)
  • قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا (بطاقة)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير: (قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قريش تكتفي بما تحقق لها في أحد(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • تخريج حديث: توضأ النبي صلى الله عليه وسلم، وأدخل يده في الإناء، فمضمض واستنشق مرة واحدة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ألغاز جدتي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الدعوة والدعاة في بوروندي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تخريج حديث: أن عثمان مسح مقدم رأسه بيده مرة واحدة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النرويج تعتمد حجابًا يستخدم لمرة واحدة(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب