• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

التوبة إلى الله تعالى (خطبة)

التوبة إلى الله تعالى (خطبة)
رمضان صالح العجرمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/3/2024 ميلادي - 14/9/1445 هجري

الزيارات: 30947

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التوبة إلى الله تعالى

 

1- أهمية التوبة.

2- عوائق التوبة.

3- شروط التوبة.

4- ما يُعين على التوبة.

 

الهدف من الخطبة:

التذكير بفضائل التوبة، وأهميتها لا سيما في هذه المواسم من مواسم الخَيرات والبَرَكات.

 

مقدمة ومدخل للموضوع:

• أيها المسلمون عباد الله، نقف مع موضوع هو من الأهمية بمكان، يحتاج إليه العبد في كل وقت، لا سيما ونحن نعيش في هذه الأيام الفُضْلَيات، ومواسم الخير والبركات، ونحن على مشارف استقبال شهر رمضان الكريم.

 

• فما أحسن حالَ العبد وهو يستقبل شهر رمضان بتوبة صادقة نصوحٍ لله عز وجل!

 

• أن يستقبل هذا الموسم العظيم وقد أقلع وتخلى عن ذنوبه ومعاصيه، التي لطالما حرمته الكثير من أبواب الخير!

 

• ‏أن يستقيل هذا الموسم بعهدٍ جديد وصورة جديدة؛ لأنه يريد أن يفتح صفحة جديدة مع الله تعالى؛ فلا بد أن يسبق ذلك تَخْلِيَة قبل التَّحْلِيَة!

 

• ‏يتخلى من الذنوب والمعاصي وذلك بالتوبة إلى الله تعالى، ثم يكون بإذن الله تعالى أهلًا لكي يتحلى بالتقوى والإقبال عليه بالطاعات والقُرُبات.

 

• ‏ إنها التوبة يا عباد الله؛ واجب الوقت، بل واجب العمر كله؛ فقد أمرنا الله تعالى بها في كتابه، وسُنَّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [التحريم: 8]، وقال تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

 

• ‏ والتوبة صفة لازمة من صفات عباد الله المتقين المسارعين إلى الجنة؛ قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135]، ثم بيَّن جزاءهم ومآلهم: ﴿ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 136].

 

• ‏ وأما إذا أجَّل العبدُ التوبةَ ومَاطَلَ وأخَّرها، فإن في ذلك خطرًا عظيمًا من تراكُمِ الرَّان على القلب؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن المؤمن إذا أذنب ذنبًا كانت نُكْتَةٌ سوداءُ في قلبه، فإن تاب، ونزع، واستغفر صُقل منها، وإن زاد زادت حتى يُغلَّف بها قلبه؛ فذلك الران الذي ذكر الله في كتابه: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ [المطففين: 14]))؛ [رواه الترمذي، وابن ماجه]؛ فقد دلَّ الحديث على أن التوبة تُطهِّر القلب وتَجْلُوه من أثر الذنوب والمعاصي.

 

وترجع أهمية التوبة إلى:

1- أنها دَأْبُ الأنبياء والمرسلين.

• فهذا آدم عليه السلام عندما أكل هو وزوجه من الشجرة؛ قال تعالى: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]، فكان الرد: ﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 37].

 

• ‏وهذا موسى عليه السلام عندما استغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوِّه فوكزه فقضى عليه؛ قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [القصص: 16].

 

• ‏وخَاطَبَ الأنبياء والمرسلون أقوامهم بالتوبة؛ فهذا هود عليه السلام يخاطب قومه: ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52]، وخاطب صالحٌ عليه السلام قومَه: ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ﴾ [هود: 61]، وخاطب شعيب عليه السلام قومه: ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ﴾ [هود: 90].

 

• ‏وهذا قدوتُنا وأُسوتنا ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا التوبة، ويحثُّنا عليها بالقول، والفعل؛ ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((والله إني لأستغفر الله، وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرةً))، وفي صحيح مسلم عن الأغرِّ بن يسار الْمُزني رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنه لَيُغان على قلبي، وإني لَأستغفر الله في كل يوم مائة مرة))، وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: ((كنا نَعُدُّ للنبي صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد: ربِّ اغفر لي وتُب عليَّ إنك أنت التواب الرحيم)).

 

2- وكفى بفضل التوبة والتائبين شرفًا فرحُ الربِّ بهم فرحًا شديدًا.

 

• ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَلَّهُ أشدُّ فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه، من أحدِكم كان على راحلته بأرض فَلَاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيِسَ منها، فأتى شجرةً فاضطجع في ظلِّها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمةٌ عنده، فأخذ بخِطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك؛ أخطأ من شدة الفرح)).

 

• ‏بل إنه سبحانه وتعالى يبسُط يده لعباده الْمُذْنِبين الْمُقَصِّرين؛ ففي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى يبسُط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسُط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلُعَ الشمس من مغربها)).

 

• ‏بل وينزل إلى سماء الدنيا نزولًا يليق بجلاله، وذلك كل ليلة فيقول: ((هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من صاحب حاجة فأقضيَها له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟)).

 

• ‏ووعد عباده التائبين بقَبول توبتهم ومغفرة ذنوبهم؛ كما قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ﴾ [الشورى: 25]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه: 82].

 

• ‏وتأمل: سَعَةَ وعِظَمَ شأن التوبة؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يضحك الله عز وجل إلى رجلين يقتل أحدهما الآخرَ يدخلان الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله فيُقتل، ثم يتوب الله على القاتل فيُسلم فيُستشهد)).

 

• ‏وها هو عبدٌ من عباد الله - كما يُروَى في بعض الإسرائيليات - أطاع الله عشرين سنة، وعصاه عشرين، فنظر إلى وجهه في المرآة، وقد كبِرت سِنُّه وشاب شعر رأسه، فقال: يا رب أطَعْتُك عشرين وعصيتك عشرين، فهل إذا جئتُك قَبِلْتَني؟ فسمع مناديًا يقول له: "أطعتنا فقرَّبناك، وعصيتنا فأمهلناك، وإن رجعت إلينا قبِلناك".

 

• ‏قال الله تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70].

 

عوائق التوبة:

واعلم يا عبدالله، أن للتوبة عوائقَ وحواجزَ تَحُول بينك وبينها؛ فكُنْ على حَذَرٍ منها؛ ومن هذه العوائق:

‏

1- عدم إدراك خطورة الإصرار على الذنب الواحد.

 

• فإن الإصرار على الذنب الواحد أعظم وأخطر من كثرة الأخطاء مع التوبة؛ فهذا رجل يقتل مائة نفس، ومع ذلك قبِل الله تعالى توبته عندما صدق وأخلص في توبته.

 

• ‏وإن من أخطر عوائق التوبة عدمَ إدراك خطورة الذنوب؛ فإنها مفتاح كل شر وبلاء، فما الذي أهلك الأمم السابقة؟ أليست الذنوب والمعاصي؟ كما قال تعالى: ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 40].

 

• ‏وتأمل كيف دخلت امرأةٌ النارَ بسبب ذنب واحد، وتأمل أيضًا أحوال الناس عندما يُوضَع الميزان، فربما رجَحت كِفَّةُ السيئات بسبب ذنب واحد.

 

2- ومن عوائق التوبة: الشيطان:

• فإن كل معصية وراءها الشيطان لأنه يدعو إلى الباطل؛ كما قال الله تعالى: ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 16، 17]، وقال تعالى عنه: ﴿ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [إبراهيم: 22]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90].

 

• ‏ويكفيك لتعلم خطورة الأمر أن تقرأ هذه الآية الكريمة التي تُبيِّن لك مكر وخديعة الشيطان؛ كما قال تعالى: ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الحشر: 16].

 

• ‏واسمع إلى هذه الأخبار التي تبين عداوة الشيطان؛ قال الله تعالى: ﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [يوسف: 5]، وقال تعالى: ﴿ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ﴾ [القصص: 15]، وقال تعالى: ﴿ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ ﴾ [فصلت: 25].

 

3- ومن عوائق التوبة أيضًا: الرِّفقة السيئة:

• قال الله تعالى في مشهد من مشاهد يوم القيامة: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾ [الفرقان: 27، 28]، فانظر كيف كانت الرفقة السيئة، وكيف كان تأثيرها: ﴿ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 29].

 

• ‏ولنا أيضًا في أبي طالب عِبرة، وكيف كان تأثير الصحبة السيئة في عدم توبته، وإسلامه.

 

4- ومنها: الانشغال بالدنيا والتسويف، وطول الأمل:

• فإن أنفاس العمر معدودة محدودة؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34].

 

• ‏والموت يأتي بغتة وحينئذٍ لا تنفع التوبة؛ قال تعالى: ﴿ كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ﴾ [القيامة: 26 - 29]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [النساء: 17، 18]، وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن الله يقبل توبةَ العبد ما لم يُغَرْغِرْ)) [رواه أحمد، والترمذي بسند حسن]؛ أي: ما لم تصل الروح للحلقوم، فعندها لا تنفع التوبة، وتكون الحسرة والندامة على التفريط والتضييع، فكيف سيُلاقي العبدُ ربَّه بهذه الذنوب والمعاصي، وقد فتح له بابًا للتوبة عَرْضُه من المغرب إلى المشرق؟!

 

نسأل الله العظيم أن يتوب علينا أجمعين.

 

الخطبة الثانية

شروط التوبة، وما يُعين عليها:

أيها المسلمون عباد الله، إن للتوبة شروطًا لا بد منها حتى تكون صحيحة مقبولة؛ وهي:

1- شرط حاليٌّ وهو: الإقلاع عن المعصية، فلا تُتَصَوَّر صحة التوبة مع الإقامة على المعصية حال التوبة.

 

2- شرط ماضٍ وهو: الندم على ما سلف من الذنوب والمعاصي؛ فعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الندم توبة))؛ [رواه أحمد، وابن ماجه]، فلا تتصور التوبة إلا من نادم حزين آسِفٍ على ما بدر منه من المعاصي؛ ولذلك فلا يُعَدُّ نادمًا من يتحدث بمعاصيه السابقة، ويفتخر بذلك، ويتباهى بها.

 

3- شرط مستقبليٌّ وهو: العزم على عدم العودة إلى الذنب؛ وهذه هي التوبة النصوح، التي أمر الله تعالى بها عباده، فلا تصح التوبة من عبدٍ ينوي الرجوع إلى الذنب بعد التوبة، وإنما عليه أن يتوب من الذنب وهو يحدِّث نفسه ألَّا يعود إليه في المستقبل.

 

• سُئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن التوبة النصوح، فقال: "التوبة النصوح أن يتوب الرجل من العمل السيئ، ثم لا يعود إليه أبدًا".

 

• ‏وقال الحسن البصري رحمه الله: "أن يكون العبد نادمًا على ما مضى، مُجْمِعًا على ألَّا يعود فيه".

 

4- شرط رابع إذا كان الذنب متعلِّقًا بحقٍّ من حقوق العباد وهو: ردُّ المظالم إلى أهلها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري: ((مَن كانت عنده مظلمة لأحدٍ من عَرَضٍ أو شيء، فَلْيَتَحَلَّلْهُ منه اليوم قبل ألَّا يكون دينارٌ ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحُمِلَ عليه)).

 

ما يُعين على التوبة:

1- فعل الحسنات المكفِّرة للسيئات؛ في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن رجلًا أصاب من امرأة قُبْلةً، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل الله: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114]، فقال الرجل: يا رسول الله، ألي هذا؟ قال: لجميع أمتي كلهم))، وعن أبي ذر، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اتَّقِ الله حيثما كنتَ، وأتْبِعِ السيئةَ الحسنةَ تَمْحُها، وخالقِ الناس بخلق حسن))؛ [رواه الترمذي، وقال: حديث حسن].

 

• وهذا رجلٌ يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: ((أرأيت رجلًا عمِل الذنوب كلَّها فلم يترك منها شيئًا، وهو في ذلك لم يترك حاجةً ولا داجةً إلا أتاها، فهل له من توبة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فهل أسلمت؟ قال: أمَّا أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسول الله، قال: نعم، تفعل الخيرات، وتترك السيئات؛ فيجعلهن الله لك خيرات كلهن، قال: وغَدَرَاتي وفَجَرَاتي؟ قال: نعم، قال: الله أكبر، فما زال يُكبِّر حتى توارى)).

 

2- مفارقة مكان المعصية وأصحاب السوء واختيار الرفقة الصالحة.

 

• قال الله تعالى: ﴿ قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 71].

 

• ‏ولنا في قاتل المائة عِبْرَةٌ وعِظَة.

 

3- كثرة تذكُّر الموت، والدار الآخرة.

• فكلما تذكَّرَ العبدُ أنه سيموت، وأنه سيقف بين يدي ربه سبحانه وتعالى، وأنه سيُحاسبه، فإن ذلك أقوى رادع له على ترك المعصية، وسرعة التوبة منها.

 

• ‏فأما تعجيل التوبة، فإن العبد إذا استقر في قلبه الإيمان باليوم الآخر، فإنه سيتعجَّل في الخلاص من أوزاره؛ لأنه يعلم أنه في أيِّ لحظة سيلقى الله جل في علاه؛ قال أحد السلف: "مَن أكْثَرَ من ذكر الموت أُكْرِم بثلاث: تعجيل التوبة، وقناعة في القلب، ونشاط في العبادة، ومن نَسِيَ الموت عُوقِب بثلاث: تسويف التوبة، وترك الرضا بالكَفاف، والتكاسل عن العبادة".

 

• ‏وتأمل قصة المرأة الغامدية؛ كما في صحيح مسلم من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، تأتي للنبي صلى الله عليه وسلم وهي حُبلى من الزنا ليُقيم عليها الحدَّ؛ لتطهيرها من هذه الفاحشة العظيمة، ثم يُمهلها حتى تضع، وتأتيه، ثم يُمهلها حتى تَفْطِم رضيعها، وتأتيه، فيُقيم عليها الحد؛ ويقول عنها النبي صلى الله عليه وسلم: ((لقد تابت توبةً لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لَوَسِعَتْهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل)).

 

• ‏وبمثله فعل ماعزٌ رضي الله عنه، يأتي تائبًا منيبًا معترفًا دون أن يُكرهه أحد، يأتي مقِرًّا بذنبه يريد أن يتخلص منه في الدنيا قبل حساب الآخرة؛ فقال: يا رسول الله، أصبتُ حدًّا فطهِّرني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إقامة الحد عليه، ورَجْمِه بالحجارة: ((لقد تاب توبةً لو قُسمت بين أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهم)).

 

• ‏ما الذي دفعهم إلى تعجيل التوبة وطلب إقامة الحد؟! إنه الإيمان باليوم الآخر، وتذكُّر الآخرة، وعلمهم بأنهم ملاقو ربِّهم؛ فإذا تذكَّر المغتاب بأنه سيُحاسب ويُؤخذ من حسناته، وإذا تذكر الظالم أنه سيُقتص منه، وإذا تذكر آكلُ أموال الناس بالباطل أنه يأكل في بطنه نارًا وسيصلى سعيرًا، وإذا تذكر الغادر أن له لواءً يُنصب يوم القيامة، وإذا تذكر الزاني أن له فُرنًا يوم القيامة للزُّناة يتصايحون فيه، وإذا علم من يستمع إلى الغناء أنه سيُصَبُّ في أذنيه الآنُكُ يوم القيامة - لا شكَّ أن ذلك أقوى باعث لتعجيل التوبة، والرجوع إلى الله تعالى.

 

نسأل الله العظيم أن يتوب علينا أجمعين، وأن يغفر لنا ما أسررنا وما أعلنَّا، وما قدَّمنا وما أخَّرنا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كلمة عن التوبة إلى الله
  • الزلازل ووجوب التوبة إلى الله والاستقامة على دينه
  • مقصد الإصلاح في التوبة إلى الله
  • فضل التوبة إلى الله تعالى
  • التوبة إلى الله جل جلاله (خطبة)
  • ليعلم العباد مدى افتقارهم إلى الله تعالى
  • شروط التوبة

مختارات من الشبكة

  • التوبة.. التوبة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوبة الصادقة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 4/5/1432هـ - حان وقت التوبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الترغيب في التوبة (توبوا إلى الله توبة نصوحا)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • وتوبوا إلى الله جميعا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 14/5/1433 هـ - التوبة قبل فوات الأوان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأمور المعينة على التوبة (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الميلاد الجديد: التوبة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آن أوان التوبة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوبة: رحلة الروح إلى الله ونور الحياة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب