• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

رمضان شهر الجود والإحسان (خطبة)

رمضان شهر الجود والإحسان (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/3/2024 ميلادي - 8/9/1445 هجري

الزيارات: 14551

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رمضان شهر الجود والإحسان

 

إنَّ الْحَمْدُ للهِ، نَحْمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه.. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70].

 

أما بعد: فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهَديِ هَديُ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ مُحدثاتُها، وكلَّ مُحدَثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ.

 

معاشر الصائمين الكرام: المسلمُ حينَ يبذلُ قُصارى جَهدِه ليجمعَ المالَ من حلال، ثم يعمدُ بعد ذلك ليُنفقهُ بطيب نفسٍ في سبيل الله، فيعطيَهُ لفقيرٍ مُحتاج، أو يبذلَهُ في وجهٍ من وجوه الخير، فإنه في الحقيقةِ لم يفعل ذلك، إلا لأنّ رضا اللهِ جلّ وعلا أغلى عِنده من المال، ولذا قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "والصدقةُ بُرهانٌ"، أي: برهانٌ على صِدقِ الإيمانِ..

 

إخوة الإيمان: لا شكّ أنّ بذلَ الصدقات، من أعظم وأجلِّ العبادات، ومن أحبّ الطّاعاتِ والقربات، إلى فاطر الأرضِ والسموات، ففي الحديث الصحيح: قال صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أنفعُهم للنّاسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مُسلمٍ، أو تَكشِفُ عنه كُربةً، أو تقضِيَ عنه دَيْنًا، أو تَطرُدُ عنه جوعًا"..

 

ولقد أمرَ اللهُ تعالى عبادَهُ بالصدقة وَرَغَّبهم فيها كثيراً، ووعدَهم أن يُخلِفَ عليهم أضعافَ ما أنفقوا، فقال تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة:261].. وقال سبحانه: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ:39]، وقال جلّ وعلا: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ﴾ [البقرة:245].. وفي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "من أنفقَ نفقةً في سبيل الله كُتبت له بسبعمائة ضِعف".. بل جاء في الحديث الصحيح: "إِنَّ العبدَ إذا تَصَدَّقَ من طَيِّبٍ تَقَبَّلَها اللهُ مِنْهُ، وأَخَذَها بِيَمِينِهِ فَرَبَّاها، كما يُربِّي أحدُكُمْ مُهْرَهُ أوْ فَصِيلهُ، وإِنَّ الرجلَ لَيَتَصَدَّقُ بِاللُّقْمَةِ، فَتَرْبُو في يَدِ اللهِ أوْ قال: في كَفِّ اللهِ حتى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ، فَتَصَدَّقُوا".

 

هذا يا عباد الله: فضلُ الصّدقةِ في الأوقات العادية، أمَّا في رمضان: فالصَّدقةُ لها شأنٌ آخر ومنزلةٌ خاصةٌ، ففي صحيح البخاري من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ).

 

ثمَّ اعلموا يا عباد الله: أنَّ البذلَ والإنفاقَ في سبيل الله، تزكيةٌ للأخلاق، وتربيةٌ للنفوس، وتطهيرٌ للمال وبركةٌ ونماء، قال تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [التوبة:103].. وفي البذل والإنفاقِ، سلامةٌ من البخل الممقوت، ووقايةُ من الشُحّ المذموم، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر:9].. وفي الصّدقةُ نجاةٌ وأمانٌ من العذاب يومَ القيامة، قال تعالى: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً ﴾ [الإنسان:8].

 

كما أنَّ الصّدقةَ شِفاءٌ ودواء، ففي الحديث الحسن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "داوُوا مَرْضاكم بالصَّدَقةِ"، وفي الحديث الصحيح: "صنائعُ المعروفِ تقي مصارعَ السوءِ والآفاتِ والهلكاتِ"، وفي حديثٍ آخر صحيح: "صدقةُ السرِّ تُطفئ غضبَ الرَّب، وتدفعُ ميتةَ السوء".. وقال ابن القيم رحمه الله: للصدقة تأثيرٌ عجيبٌ في دفع أنواعِ البلاءِ والشرور، ولو كانت من فاجرٍ أو من ظالمٍ بل ولو كانت من كافر، فإنَّ الله تعالى يدفعُ بها عنه أنواعاً من البلاء والشرور، وهذا أمرٌ معلومٌ عند الناسِ خاصتهم وعامتهم، وأهلُ الأرضِ كُلهم مُقرونَ به لأنهم جرّبوه..

 

ومن مميزات الصدقةِ العجيبة، أنّ المتصدِقَ يكونُ في ظلِ صدقتهِ يومَ القيامة، ففي الحديث المشهور، قال صلى الله عليه وسلم: "سبعةٌ يُظِلُّهم اللهُ في ظِلِّه يومَ لا ظلَّ إلَّا ظلُّه، (وذكَر منهم) ورجُلٌ تصَدَّقَ بصَدَقةٍ فأَخفاها حتى لا تعلَمَ شِمالُه ما تُنفِقُ يَمينُه"، وفي الحديث الحسن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الصَّدقةَ لتُطفيءُ عَن أهلِها حرَّ القُبورِ، وإنَّما يَستَظلُّ المؤمِنُ يومَ القيامةِ في ظلِّ صدقتِهِ"..

 

فبادر أخي المسلم بالبذل والإنفاق في سبيل الله، وسابق إلى الخيرات، وسارع في المكرمات، وقدم لآخرتك ما دُمت في زمن الامكان: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون:9].. وتأمّلوا أحبتي في الله، وتساءلوا معي، لماذا الصَّدَقةُ بالذات، ومن بين كل الأعمالِ الصّالحة، هيَ ما يتمنى الميتُ أن يرجِعَ ليفعله، والجوابُ والعلمُ عند الله: لأنهُ رأي جميلَ أثرها، وعِظمَ أجورها، وربما لأنهُ تيقنَ من انتقال مُلكهِ إلى غيره، فأرادَ أن يتداركَ نفسهُ: ﴿ وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون:11]..

 

ولنا أيّها الكرامُ في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوةٌ حسنة، وقدوةٌ متبعة.. فقد كان أجودَ النّاسِ وكانَ أجودَ ما يكونُ في رمضان، حيثُ شرفُ الزمان، ومُضاعفةُ الأجور، وإعانةٌ للفقراء الصائمين على الطاعة، فيحصّلُ الـمُعِينُ لهم على مِثل أُجورِهم، ففي الحديث الصحيح: "ومن فطّرَ صائماً فلهُ مِثلَ أجرهِ من غير أن ينقُصَ من أجر الصّائمِ شيء"، وإذا كان اللهُ جلّ وعلا يجودُ على عباده في كل ليلةٍ من ليالي رمضان، ويتكرمُ عليهم برحمته ومغفرتهِ والعتقِ من النيران، فإنَّ أولى من يستحقُ هذا الجود هم أهلُ البذلِ والجود، الذين يرحمونَ عباد الله.. ففي الحديث المتفق عليه: قال صلى الله عليه وسلم: "إنما يرحمُ اللهُ من عباده الرُّحماء".. وينضمُ إلى هذا الفضل العظيم، فضلٌ أعظم، وهو أنّ الجمَعَ بين الصّيامِ والصّدقةِ يوصلُ بفضل الله إلى منازلَ خاصةٍ في الجنة، ففي الحديث الصحيح، قال عليه الصلاة والسلام: "إنّ في الجنةِ غرفًا، يُرى ظاهرُها من باطنِها، وباطنُها من ظاهرِها؛ أعدَّها اللهُ لمن ألانَ الكلامَ، وأطعمَ الطعامَ، وتابعَ الصيامَ، وصلى بالليلِ والنّاسُ نيامٌ".. فمن بركةِ هذا الشهرِ الكريم، أن يجتمعَ فيه للمؤمن الصّيامُ والقِيامُ والصّدقةُ وطيبُ الكلام..

 

فيا من وسّعَ الله عليكم في الرزق، وسعوا على إخوانكم المحتاجين، فيومَ القيامةِ سيأتي العِالمُ بعلمه، ويأتي المجاهِدُ بجهاده، ويأتي المصلي بصلاته، ويأتي الصّائمُ بصومه، ويأتي الحاجّ بحجه، ويأتي المتصدِقُ بها جميعاً.. كيفَ ذلك.؟. لأنَّ المتصدِقَ هو الذي يطبعُ كُتبَ العالم، وهو الذي يُجهّزُ المجاهِد، وهو الذي يبني المسجد، وهو الذي يُفطّرُ الصّائمين، وهو الذي يتكفّلُ بنفقة الحاجّ، فيحصلُ له مثلَ أجورهم وأكثر، وذلك فضلُ الله يؤتيهِ من يشاء، واللهُ ذو الفضلِ العظيم: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أجرا ﴾ [المزمل:20]..

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [التغابن:17]..

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى..

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، اتقوا الله واعلموا أنَّ الله برحمتهِ الواسعة، وعظيم توفيقه، حين خلقَ المعروف، خلقَ له أهلاً، وحبَّبَ إليهم فِعله، وجعلَ قضاءَ حوائجِ النّاسِ على أيديهم، أولئك الموفقون.. في الحديث الحسن، قال عليه الصلاة والسلام: "إنّ للهِ أقواماً اختصّهم بالنّعم لمنافع عبادهِ، يُقرُّها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم وحولها إلى غيرهم".. وفي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: "من نفَّسَ عن مؤمنٍ كُربةً من كُرب الدّنيا، نفّسَ اللهُ عنه كُربةً من كُرب يومِ القيامة، ومن يسَّرَ على مُعسرٍ يَسرَ اللهُ عليهِ في الدنيا والآخرة، ومن سترَ مُسلماً سترهُ اللهُ في الدنيا والآخرة، واللهُ في عون العبدِ ما كان العبدُ في عون أخيه".. وقال بعضُ الحكماء: أعظمُ المصائبِ أن تقدِرَ على المعروف ثمّ لا توفق لفعله.. والمالُ إن لم تصنعَ به معروفاً، أو تقضي به حاجةً، أو تُحصِّل به أجراً، فما هو إلا لوارثٍ أو حادث..

 

ودروبُ الخيرِ أيها المسلمون كثيرةٌ، وحوائجُ النَّاسِ أكثر؛ إطعامُ الجائعين، وكِسوةُ المُحتاجين، وعيادةُ المريض، وتعليمُ الجاهل، وإنظارُ الـمُعسر، وإعانةُ العاجز، وإسعافُ المنقطع.. أو تطردَ عن أخيك همّاً، وتزيلَ عنهُ غمّاً.. أو تكفُلَ يتيماً، أو تواسي أرملةً.. أو تسعى في شفاعةٍ حسنة.. فإنْ كُنت لا تملك هذا ولا ذاك، فتبسمك في وجه أخيك صدقة، والكلمةُ الطيبةُ صدقة، وإرشاد الضّالِ صدقة، وإماطةُ الأذى عن الطريق صدقة، وكلُّ معروفٍ صدقة، وأن تكُفَّ أذاكَ عن النَاس، فتلك صدقةٌ منك على نفسك.. وأهلُ المعروفِ في الدّنيا، هم أهلُ المعروفِ في الآخرة..

 

واعلموا أيها الكرام: أنَّ صفوَ العيشِ لا يدوم، وأنَّ متاعبَ الحياةِ ومصائِبها ليست لقومٍ دون قوم، وأنّ حسابَ الآخرةِ عسير، وأنَّ خذلانَ المسلمِ لأخيه المسلم عواقبهُ وخيمة، والمسلمون إنما هانوا حينما ضعُفت فيهم أواصرُ الأخوةِ والتّكافل، ووهنت فيهم حِبالُ المودة والتّواصل.. فاتقوا الله رحمكم الله وأصلحوا ذات بينكم، ولتكن النفوسُ بالخير سخيّة، والأيدي بالعطاء نديّة، واستمسكوا بعرى السّماحةِ واستبقوا الخيرات، فمن بذلَ اليومَ قليلاً، فسيلقاهُ غداً بإذن اللهِ مُضاعفاً كثيراً.. تجارةً مع الله رابحة، وقرضاً للهِ حسن، يسترده يوم القيامة أضعافاً مُضاعفة.. فالكريم سبحانه يقول: ﴿ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾ [الحديد:18]..

 

ومن وفِق لبذل المعروفِ فليكن ذلك بوجهٍ طلق، ونفسٍ سمحة، ومظهرٍ بشوش، وليحرص على الكتمان قدر الإمكان، تمحيصاً للإخلاص، وحِفاظاً على كرامة أخيهِ المسلم.. فإنّ مِن السبعةِ الذين يُظلهم اللهُ في ظله يومَ لا ظلَّ إلا ظله: (رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ).. وتحروا صاحبَ الحاجة، وبادروهُ بالصّدقة قبلَ أن يسألها.. واختاروا الصّدقةَ من أطيبِ أموالكم؛ لتنالوا البرَّ من ربكم، ففي محكم التنزيل: ﴿ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران:92]..

 

وطيبوا بصدقاتكم نفساً.. فإنّ اللهَ طيبٌ لا يقبلُ إلا طيباً، واجعلوا عملكم ديمة، فإنَّ أحبَّ العملِ إلى الله أدومهُ وإن قلَّ.. وفقني اللهُ وإياكم لهداه، وجعلَ عملنا كلهُ في رضاه، ووقانا شُح َّأنفسنا، ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر:9].. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين ﴾ [آل عمران:133]..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

اللهم صل على محمد....





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رمضان شهر الكرم والجود (خطبة)
  • رمضان شهر الانتصارات والفتوح (خطبة)
  • رمضان شهر الهداية
  • رمضان شهر عظيم مبارك
  • رمضان شهر الانتصارات (خطبة)
  • أهل الجود

مختارات من الشبكة

  • الجود في شهر الجود (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • رمضان شهر الجود والإحسان(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • رمضان شهر الجود(مادة مرئية - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • علمني رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • وفي زيادة الجود في شهر رمضان فوائد(مقالة - ملفات خاصة)
  • من مشاهد الإيمان في شهر رمضان .. مشهد الجود(مقالة - ملفات خاصة)
  • استعراض الصحف الإيطالية لشهر رمضان 2014 في إيطاليا(مقالة - ملفات خاصة)
  • وأقبل شهر رمضان شهر القرآن(مقالة - ملفات خاصة)
  • الجود والإحسان في رمضان(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • شهر الجود والبذل (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب