• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الأخذ بالأسباب المشروعة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

وقفات ودروس من سورة البقرة (2)

وقفات ودروس من سورة البقرة (2)
ميسون عبدالرحمن النحلاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/12/2023 ميلادي - 19/6/1445 هجري

الزيارات: 3231

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقفات مع سورة البقرة (2)

 

السمات المميزة لسورة البقرة:

السمة الرئيسة التي تتميز بها سورة البقرة، هي أنها تكاد تكون جامعة لكل مواضيع القرآن، سواء كان ذلك تفصيلًا أو تلخيصًا، أو إشارة أو تلميحًا، وبالرغم من كونها مدنية إلا أن طابع السور المكية يكاد لا يغيب عنها.


وسورة البقرة هي السورة المؤسسة للمجتمع الإسلامي بكافة وجوهه ونواحيه: عقائديًّا، واجتماعيًّا، واقتصاديًّا.


أما عقائديًّا، فهي تزخر بالمحاور والآيات التي تقرر عقيدة التوحيد؛ منها على سبيل المثال لا الحصر:

• عرض دلائل وحدة الألوهية؛ كقوله تعالى: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ ‌إِلَّا ‌هُوَ ‌الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 163- 164].


• أركان الإيمان وأركان الإسلام: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ ‌قِبَلَ ‌الْمَشْرِقِ ‌وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]، وذكر في هذه الآية أركان الإيمان الخمس، ومن أركان الإسلام: الصلاة، والزكاة، بعد التوحيد، وهي التي حدثنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الرجل الذي جاء يسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة: "... ثم وضعَ يدهُ على ركبتَي رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمدُ، ما الإسلامُ؟ فقال: ((الإسلامُ أن تشْهَد أن لا إله إلا اللهُ، وأن محمدًا رسولُ اللهِ، وأن تُقِيمَ الصلاةَ، وتُؤتي الزكاةَ، وتَحُجَّ وتَعْتَمرَ، وتَغْتَسِلَ من الجنابة، وتُتِمَّ الوضوءَ، وتَصوم رمضانَ))، قال: فإن فعلت هذا فأنا مُسْلِمٌ؟ قال: نعم. قال: صدَقْتَ. قال: يا محمدُ، ما الإيمانُ؟ قال: ((الإيمانُ أن تؤمنَ باللهِ وملائكَتِه وكتبهِ ورسلهِ، وتؤمنَ بالجنةِ والنار والميزانِ، وتؤمنَ بالبعثِ بعد الموتِ، وتؤمنَ بالقدرِ خيرهِ وشَرِّهِ))، قال: فإذا فعلتَ هذا فأنا مُؤْمِن؟ قال: نعم.


ثم تأتي آيات الصيام: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ ‌عَلَيْكُمُ ‌الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، وآيات الحج والعمرة لتنهي أركان الإسلام: ﴿ وَأَتِمُّوا ‌الْحَجَّ ‌وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 196]، يتخللها آيات فَرْض القتال: ﴿ وَقَاتِلُوا ‌فِي ‌سَبِيلِ ‌اللَّهِ ‌الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 190].

• وأما اجتماعيًّا، فنجد فيها جملة من الشرائع المتنوعة المؤسسة للمجتمع الإسلامي، شرائع تخص الأسرة المسلمة بالدرجة الأولى: في النكاح، في الطلاق، في العدة، في الرضاع، في المحيض، في اليتامى، في الوصية، في القصاص.


• وأما اقتصاديًّا، فتسلط السورة الضوء على العنصر الباني للمجتمع الإسلامي "الإنفاق"،والعنصرالهادم له "الربا"، ثم أحكام البيوع: الدين والرهان.


• الإنفاق: كما في قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا ‌مِمَّا ‌رَزَقْنَاكُمْ ‌مِنْ ‌قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 254]، وقوله تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ ‌يُنْفِقُونَ ‌أَمْوَالَهُمْ ‌فِي ‌سَبِيلِ ‌اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 261]،ثم يفصل السياق في آداب الإنفاق، وفي مصارفه، وفي الإنفاق المقبول، والإنفاق المهلك.


• والربا: ﴿ الَّذِينَ ‌يَأْكُلُونَ ‌الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾ [البقرة: 275-276].


• أحكام البيوع: الدين والرهان: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ‌تَدَايَنْتُمْ ‌بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ [البقرة، الآيتين 282- 283].


• ولنا أن نضيف إلى هذه الأسس الثلاثة، أساسًا رابعًا مؤسسًا للجانب السياسي، مؤسسًا لمسألة التعامل مع الصنفين اللذين يشكلان الصف المعادي للأمة الإسلامية، ويتمثل في توضيح موقف أهل الكتاب والمشركين من الإسلام والمسلمين؛ ليكون المسلمون على بيِّنة وبصيرة بأعدائهم حتى لو لبسوا جلود الحملان.


كما في قوله تعالى: ﴿ ‌مَا ‌يَوَدُّ ‌الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [البقرة: 105].


وقوله تعالى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ [البقرة: 109]، وقوله تعالى في مسألة القبلة: ﴿ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ‌بِكُلِّ ‌آيَةٍ ‌مَا ‌تَبِعُوا ‌قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 145].


وقوله تعالى في مسألة القتال: ﴿ يَسْأَلُونَكَ ‌عَنِ ‌الشَّهْرِ ‌الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 217].


سمة رئيسية أخرى في السورة هي تقعيد مسألة دين التوحيد على أنه هو الدين الذي تأسست عليه البشرية قبل الاختلاف، وأن الأنبياء والرسل إنما أُرسلوا بعد الاختلاف الذي وقع بين الذين أوتوه ﴿ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ ‌بَغْيًا ‌بَيْنَهُمْ ﴾ [البقرة: 213]، وهذا الاختلاف هو الوقوع في الشرك والمعصية، والميل عن هذا الدين، ورسالة الرسل على اختلاف زمانهم ومكانهم إنما كانت لرد الناس إلى الدين الحق "الإسلام"، دين البشرية الأول الذي نزل به آدم عليه السلام.


يقول تعالى: ﴿ كَانَ النَّاسُ ‌أُمَّةً ‌وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 213].


ثم يأتي تأكيد لهذه المعاني في سورة آل عمران: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ ‌وَأُولُو ‌الْعِلْمِ ‌قَائِمًا ‌بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [آل عمران: 18-19].


يقول ابن كثير: "وهذا إخبار من الله تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام، وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين، حتى ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم". ذكر ابن جرير "أن ابن عباس قرأ:﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ ‌وَأُولُو ‌الْعِلْمِ ‌قَائِمًا ‌بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾؛ أي: شهد هو وملائكته وأولو العلم من البشر بأن الدين عند الله الإسلام".


فهل كانت الرسالة التي بعث فيها أنبياء الله كافة على اختلاف أمكنتهم وأزمنتهم هي الإسلام حقًّا؟ يجيبنا الذكر الحكيم:

• نوح عليه السلام: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ ‌نَبَأَ ‌نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ * فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 71-72].


• إبراهيم عليه السلام: ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ ‌يَهُودِيًّا ‌وَلَا ‌نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا ﴾ [آل عمران: 67].


• دين يعقوب عليه السلام والأسباط: ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ ‌عَنْ ‌مِلَّةِ ‌إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 130-133].


• لوط عليه السلام: ﴿ قَالَ ‌فَمَا ‌خَطْبُكُمْ ‌أَيُّهَا ‌الْمُرْسَلُونَ * قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ * فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الذاريات: 31-36].


• موسى عليه السلام: ﴿ وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ ‌إِنْ ‌كُنْتُمْ ‌آمَنْتُمْ ‌بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 84].


• دين بني إسرائيل: ﴿ ‌وَجَاوَزْنَا ‌بِبَنِي ‌إِسْرَائِيلَ ‌الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 90].


• يوسف عليه السلام: ﴿ رَبِّ ‌قَدْ ‌آتَيْتَنِي ‌مِنَ ‌الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101].


• دعوة سليمان عليه السلام: ﴿ قَالَتْ ‌يَاأَيُّهَا ‌الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾ [النمل: 29-31].


• دين سليمان عليه السلام: ﴿ فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ ‌أَهَكَذَا ‌عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ﴾ [النمل: 42].


• استجابة بلقيس: ﴿ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ‌وَأَسْلَمْتُ ‌مَعَ ‌سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [النمل: 44].


• عيسى عليه السلام: وكان عيسى عليه السلام مسلمًا، كما كان أخوه موسى عليه السلام، فقد كانت رسالة عيسى تصديقًا لرسالة موسى عليهما السلام: ﴿ وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ‌مُصَدِّقًا ‌لِمَا ‌بَيْنَ ‌يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ ‌وَمُصَدِّقًا ‌لِمَا ‌بَيْنَ ‌يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 46].


• محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلْ إِنِّي ‌نُهِيتُ ‌أَنْ ‌أَعْبُدَ ‌الَّذِينَ ‌تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [غافر: 66].


• ونختم بوصية الله لنا نحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بخطاب وجَّهَه جل في علاه لنبيه صلى الله عليه وسلم في سورة البقرة: ﴿ قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ ‌لَا ‌نُفَرِّقُ ‌بَيْنَ ‌أَحَدٍ ‌مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 84].


وهذه الوصية تلخص كل ما سبق.


سمة رابعة؛ إبراز فكرة اختلاف أَتْباع الرسالات بعد العلم وسببه:

• ﴿ كَانَ النَّاسُ ‌أُمَّةً ‌وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 213].


يقول الطبري في تفسيره‏: ﴿ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ ‌بَغْيًا ‌بَيْنَهُمْ ﴾ [البقرة: 213]؛ أي:‏ بغيًا على الدنيا، وطلب ملكها وزخرفها وزينتها أيهم يكون له الملك والمهابة في الناس، فبغى بعضهم على بعض، وضرب بعضهم رقاب بعض،‏ ﴿ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ‌مِنَ ‌الْحَقِّ ‌بِإِذْنِهِ ﴾، يقول‏:‏ فهداهم الله عند الاختلاف أنهم أقاموا على ما جاءت به الرسل قبل الاختلاف، أقاموا على الإخلاص لله وحده، وعبادته لا شريك له‏.‏ و"البغي" مصدر "من قول القائل: بغى فلانٌ على فلان بغيًا، إذا طغى واعتدى عليه فجاوز حده، فمعنى قوله جل ثناؤه: ﴿ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ ‌بَغْيًا ‌بَيْنَهُمْ ﴾ [البقرة: 213]، من ذلك. يقول: لم يكن اختلاف هؤلاء المختلفين من اليهود من بني إسرائيل في كتابي الذي أنـزلته مع نبيي عن جهل منهم به، بل كان اختلافهم فيه، وخلاف حكمه، من بعد ما ثبتت حجته عليهم، ﴿ ‌بَغْيًا ‌بَيْنَهُمْ ﴾ طلب الرياسة من بعضهم على بعض، واستذلالًا بعضهم لبعض"؛ انتهى الطبري.


وتتالى في سور متعددة في القرآن الكريم هذه القاعدة، وكلها في معرض تحذير أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن يقعوا فيما وقع فيه الذين من قبلهم، كقوله تعالى:

• في آل عمران 19: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ ‌بَغْيًا ‌بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾.


• وفي الشورى 14: ﴿ وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ ‌بَغْيًا ‌بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴾، فما حملهم على ذلك إلا البغي والعناد والمشاقة، يقول ابن كثير: "بغيًا من بعضكم على بعض، وحسدًا وعداوةً على طلب الدنيا".


والحمد لله رب العالمين.


يُتبع...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفات ودروس من سورة البقرة (1)
  • وقفات ودروس من سورة البقرة (3)
  • وقفات ودروس من سورة البقرة (4)
  • وقفات ودروس من سورة البقرة (5)
  • وقفات ودروس من سورة البقرة (6)
  • وقفات ودروس من سورة البقرة (7)
  • وقفات ودروس من سورة البقرة (8)
  • وقفات ودروس من سورة البقرة (9)

مختارات من الشبكة

  • وقفات ودروس من سورة البقرة (16) والأخيرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات ودروس من سورة البقرة (15)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات ودروس من سورة البقرة (14)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات ودروس من سورة البقرة (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات ودروس من سورة البقرة (12)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات ودروس من سورة البقرة (11)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات ودروس من سورة البقرة (10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (9)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (8)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب