• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

أضواء حول سورة الواقعة (خطبة)

أضواء حول سورة الواقعة (خطبة)
سعد محسن الشمري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/8/2023 ميلادي - 4/2/1445 هجري

الزيارات: 10731

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أضواء حول سورة الواقعة

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِي لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.


﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلَّ ضَلالَةٍ في النَّارِ.


عباد الله، إنَّ من سور القرآن التي لها شأن عظيم، التي من أولها إلى آخرها وعد ووعيد، وترغيب وترهيب، وبشارة ونذارة، وتقرير وتأكيد: ((سورة الواقعة)) التي قال عنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

• عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَيَّبَكَ؟ قَالَ: «شَيَّبَتْنِي هُودٌ، وَالْوَاقِعَةُ، وَالْمُرْسَلَاتُ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ»[1].


في هذه السورة المباركة -سورة الواقعة- ذَكَرَ الله عز وجل فيها القيامة وأهوالها وأحوالها، وانقسام الناس فيها: فريقٌ في الجنة، وفريقٌ في السعير.


﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴾ [الواقعة: 1، 2]، والواقعة عباد الله اسم من أسماء يوم القيامة، وذلك أنَّها واقعة لا محالة، وكائنة بلا دافع لها.


﴿ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ﴾ [الواقعة: 3]، تخفض العصاة والمذنبين والمتكبِّرين، ويُطرحون في أسفلَ سافلين، وترفع المؤمنين الصالحين المتواضعين في أعلى عليِّين.


وفي يوم القيامة تتزلزل الأرض وتتحرك وتضطرب بأهلها، وتنقلع الجبال وتُنسف من أصولها وتتطاير ﴿ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا ﴾ [الواقعة: 4 - 6].


وفي يوم القيامة ينقسم الناس إلى أصحاب الميمنة وهم السعداء، وإلى أصحاب المشأمة وهم الأشقياء، وإلى السابقين إلى الخيرات ﴿ وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ﴾ [الواقعة: 7 - 11]، مُقرَّبون عند الله سبحانه وتعالى ﴿ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [الواقعة: 12]، في أعلى عليِّين في المنازل العاليات، يدخلون الجنة جماعات كثيرة من المقربين من صدر هذه الأمة، وقليل من متأخري هذه الأمة ﴿ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ﴾ [الواقعة: 13، 14]، وهم في غاية السعادة والنعيم والراحة والاطمئنان.


﴿ عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ﴾ [الواقعة: 15] منسوجة بالذهب، ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الواقعة: 16]، ينظر بعضهم إلى بعض.


ثم عدَّد الله عز وجل ما أعدَّ لهم من الكرامة والنعيم المقيم ﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ﴾ [الواقعة: 17]، خَدَمٌ لهم صغار السن في غاية الحسن والبهاء.


يدورون عليهم بأكواب وأباريق وكأس خمر لا آفة فيها ﴿ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ﴾ [الواقعة: 18 - 23].


نساء الجنة من الحور العين وهُنَّ في غاية الحسن والجمال والبهاء مما تشتهيه وتقرُّ به الأعين: ﴿ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ﴾ [الواقعة: 24 - 26].


لا يسمعون في الجنة لغوًا ولا تأثيمًا؛ بل يسمعون الكلام الطيب؛ لأنَّ الجنة دار الطيبين ولا يدخلها إلَّا طيب.


ثم ذكر الله عز وجل ما أعدَّ لأصحاب اليمين وهم أقلُّ منزلةً من المقربين ﴿ وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ﴾ [الواقعة: 27، 28]، سدر ليس فيه شوك ولا ضرر ﴿ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ﴾ [الواقعة: 29] شجر في غاية العظمة ذي ثمر شهي ﴿ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ﴾ [الواقعة: 30].


• عن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لا يَقْطَعُهَا»[2].


ولهم في الجنة عباد الله ﴿ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ﴾ [الواقعة: 31 - 34]، لهم فيها فُرُشٌ فوق الأسِرَّة من حرير وذهب ولؤلؤ ممَّا لا يعلمه إلَّا الله عز وجل: ﴿ فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴾ [الواقعة: 36 - 38].


جمَّل الله تعالى نساء الجنة، وجعلهنَّ في غاية الجمال والبهاء، أنشأهن الله تعالى نشأةً كاملةً لا تقبل الفناء، والواحدة منهنَّ بِكرٌ جميلةٌ عَرُوب مُتَحبِّبةٌ إلى زوجها، إذا تكلَّمت سبتِ العقول وودَّ السامع ألَّا تسكت، وإذا غنَّت أطربت وشنَّفت الأسماع بعد أن حُرموا منه في الدنيا ونُهوا عنه استجابةً لأمر الله عز وجل يسمعونه منهنَّ في الجنة، وإن نظر إلى إحداهنَّ أبهره جمالها وحُسْنها، وملأت قلبه فرحًا وسرورًا، وهُنَّ أتراب في سنٍّ واحدة، جميلات راضيات مرضيات، لا يَحزنَّ ولا يُحزِنَّ، أعَدَّ الله عز وجل ذلك لأصحاب اليمين.


﴿ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الواقعة: 39]: طوائف كثيرة من أول هذه الأمة.


﴿ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ﴾ [الواقعة: 40]: طوائف كثيرة من متأخري هذه الأمة.


ثمَّ ذكر الله عز وجل حال المبعدين الأشقياء بعد أن ذَكَرَ المقرَّبين وأهل اليمين السعداء.


﴿ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ ﴾ [الواقعة: 41، 42] في هواء حار وماء حار، ﴿ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ ﴾ [الواقعة: 43، 44] ودخان أسود.


قد استحقوا ذلك لأنَّهم: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 45، 46]، كانوا يذنبون ولا يقدِّمون توبة لله عز وجل، ويصرُّون على الذنوب والمعاصي، وكانوا يقولون: ﴿ وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ ﴾ [الواقعة: 47، 48]، فردَّ الله عز وجل عليهم: ﴿ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ﴾ [الواقعة: 49، 50]، ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ * وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ ﴾ [هود: 103، 104].


ولكن الداهية الدهياء والمصيبة العظمى على من كان من الأشقياء ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ﴾ [الواقعة: 51 - 56]، طعامهم الزقُّوم وشرابهم الحميم، فهم في عذاب أليم.


نسأل الله تعالى العافية والسلامة.


ثم ذَكَرَ الله عز وجل مقرِّرًا عقيدة المعاد ورادًّا على المكذبين بالبعث من أهل الزيغ والإلحاد: ﴿ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ ﴾ [الواقعة: 57]، مُعظِّمًا سبحانه نفسه العلية، وأنَّه سبحانه لا يعجزه شيء.


﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ * نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 58 - 62]، فالقادر على البداءة قادرٌ على الإعادة وهو الله سبحانه.


﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الروم: 27]، ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ﴾ [الواقعة: 63 - 65].


حطامًا: يابسًا.


فظلتم تفكهون؛ أي: بقولكم: ﴿ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الواقعة: 66 - 70].


المزن؛ أي: السحاب.

أُجاجًا: مالحًا مُرًّا.


﴿ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ﴾ [الواقعة: 71 - 73] جعل الله عزَّ وجل نار الدنيا منفعة لنا للمقيمين مِنَّا وللمسافرين، وجعلها تذكرة لنا تُذكِّرنا بدار الآخرة.


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً قَالَ: «فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا»[3]، نسأل الله العافية والسلامة.


﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 74] سبحان ربنا العظيم الذي تنزَّه عن كل عيب وعن كل نقص، الذي له الجبروت والكبرياء والعظيم سبحانه وتقدَّس لا إله إلَّا هو.


أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب يغفر لكم، إنَّه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


ثم إنَّ الله سبحانه وتعالى عظَّم شأن القرآن الكريم، وأنَّه حقٌّ لا ريب فيه، حفظه الله عز وجل من يد التحريف والتغيير، وأنَّ هذا القرآن مُصانٌ محفوظٌ بحفظ الله تعالى.


قال تعالى مُقسِمًا بمواقع النجوم: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ [الواقعة: 75، 76]؛ أي: أقسم﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 77 - 79]؛ وهم الملائكة ﴿ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: 15، 16]، وكذلك أنتم أيها الناس لا يمسُّ القرآن إلا طاهرٌ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم[4].


وهذا القرآن العظيم الذي عظَّمه الله سبحانه ﴿ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الواقعة: 80]، ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 193 - 195]، ثمَّ وبَّخ الله عز وجل المكذبين بالقرآن الذين يبدلون نعمة الله كفرًا: ﴿ أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ * وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ [الواقعة: 81، 82].


وتنسبون نِعمَ الله عليكم إلى غير الله من النجوم وغيرها، ثم بيَّن الله سبحانه وتعالى حال الناس عند الاحتضار عندما ينزل بهم الموت هادم اللذات ومُفرِّق الجماعات، وهو القيامة الصغرى، فإذا مات الإنسان فقد قامت قيامته ﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الواقعة: 83 - 85] أقرب إليه منكم بملائكتنا ولكن لا تبصرون.


﴿ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الواقعة: 86، 87]، هل يقدر أحدٌ على ردِّ الموت إذا وقع؟ هل يقدر أحدٌ على ردِّ الروح إلى الجسد؟


عبد الله، لا ينجيك إلَّا إيمانك وعملك الصالح ﴿ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ﴾ [الواقعة: 88 - 95] سيرونه بأبصارهم.


ثم ختم الله عز وجل هذه السورة بقوله: ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 96].


• عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوب الْغَافِقِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمِّي إِيَاسَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيّ، يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 74]، قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ»[5]، سبحان ربنا العظيم ذي الجلال والإكرام تعالى وتقدَّس.


اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين.



[1] الترمذي (3297)، وصحَّحه الألباني.

[2] البخاري (3251).

[3] البخاري 3265

[4] عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ كِتَابًا فَكَانَ فِيهِ: «لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ»؛ رواه الدارقطني وابن حبان في صحيحه.

[5] ابن ماجه: 887، قال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير الزركشي لآيات من سورة الواقعة
  • الأنوار الساطعة في تفسير سورة الواقعة
  • تفسير سورة الواقعة كاملة
  • تدبر سورة الواقعة
  • أضواء حول سورة "ق" (خطبة)
  • مواعظ من سورة الواقعة

مختارات من الشبكة

  • أضواء حول سورة الكافرون (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أضواء حول سورة الفيل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أضواء حول سورة الطارق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أضواء حول سورة الرحمن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة حول التبغ والتدخين ورسائل حوله(مقالة - ملفات خاصة)
  • القول الصحيح حول حديث رهن درع النبي صلى الله عليه وسلم وكشف الشبهات حوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ترجيحات الشنقيطي في أضواء البيان من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الأنعام جمعا ودراسة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • ترجيحات الشنقيطي في أضواء البيان من أول سورة الأعراف إلى آخر سورة الكهف جمعا ودراسة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • بيان تحذيري حول التحريفات الواقعة في التطبيقات الإلكترونية لنصوص القرآن الكريم(كتاب - آفاق الشريعة)
  • تنبيهات حول بعض المخالفات الواقعة في المقابر (PDF)(كتاب - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب