• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    قبسات من الإعجاز البياني للقرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ماذا أخذت من السعودية؟
    أ. محمود توفيق حسين
  •  
    يعلمون.. ولا يعلمون
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    تبديد الخوف من المستقبل المجهول (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    عظة مع انقضاء العام (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العلي، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تفسير: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    من فوائد الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    الشهادتان - شهادة: أن محمدا رسول الله صلى الله ...
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (16)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    مناجاة
    دحان القباتلي
  •  
    قاعدة الخراج بالضمان (PDF)
    عمر عبدالكريم التويجري
  •  
    خاطرة: ((شر الناس منزلة عند الله))
    بكر البعداني
  •  
    من مائدة السيرة: بدء الوحي
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته (خطبة)

كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته (خطبة)
جمال بن محمد الحرازي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/8/2023 ميلادي - 4/2/1445 هجري

الزيارات: 45328

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكلكم مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، إنه من يهدِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ‌حَقَّ ‌تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ ‌اتَّقُوا ‌رَبَّكُمُ ‌الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]،﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا ‌قَوْلًا ‌سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70-71]،أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


معاشر المؤمنين، نحمد الله جل وعلا، ملء سمائه وأرضه، الذي جعلنا وإياكم مسلمين، وأكرمنا بهذا الدين العظيم، الذي رضيه لنا، قال الله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ ‌لَكُمْ ‌دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، ولن يقبل الله يوم القيامة من الخلق دينًا سواه، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ ‌الْإِسْلَامِ ‌دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]، وهذا الدين العظيم، المتمثل في كتاب الله العظيم، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الكريم، له سمات ومحاسن عظيمة، فمن محاسنه الشمولية، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي ‌الْكِتَابِ ‌مِنْ ‌شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه في مسلم قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لي الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لي الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إلى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بي النَّبِيُّونَ))؛ رواه مسلم، وفي رواية أخرى: ((بُعثت بجوامع الكلم))، قال الهروي رحمه الله تعالى: (يعني به: القرآن، جمع الله تعالى في الألفاظ اليسيرة منه المعاني الكثيرة، وكلامه صلى الله عليه وسلم كان بالجوامع، قليل اللفظ، كثير المعاني)، ألا وإن من الأحاديث الجامعة التي شملت وعمت الأمة كلها حديثين عظيمين؛ أحدهما: فصَّل فيه النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر: أجمل فيه صلى الله عليه وسلم،


عن عبدالله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ الْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ))؛ رواه البخاري ومسلم، فهذا الحديث الأول بيَّن فيه النبي صلى الله عليه وسلم المسؤولية على هؤلاء الأصناف، ومَن كان مثلهم.


وحديث مجمل في بيان المسؤولية على كل مسلم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن اللَّهَ تعالى سائِلٌ كلَّ راعٍ عَمَّا اسْتَرْعاهُ، أحَفِظَ ذلِكَ أمْ ضَيَّعَهُ، حَتى يَسأَلَ الرَّجُلَ عنْ أهْلِ بَيْتِهِ))؛ رواه النسائي، وابن حبان.


((كُلُّكُمْ رَاعٍ)) قال النووي: (قَالَ الْعُلَمَاء: الرَّاعِي هُوَ الْحَافِظ الْمُؤْتَمَن، الْمُلْتَزِم صَلَاح مَا قَامَ عَلَيْهِ، وَمَا هُوَ تَحْت نَظَره، فَفِيهِ أَنَّ كُل مَنْ كَانَ تَحْت نَظَره شَيْء فَهُوَ مُطَالَب بِالْعَدْلِ فِيهِ، وَالْقِيَام بِمَصَالِحِهِ فِي دِينه وَدُنْيَاهُ وَمُتَعَلِّقَاته).


وقَالَ الْخَطَّابِيُّ: (اِشْتَرَكُوا -أَي: الْإِمَام وَالرَّجُل، وَمَنْ ذُكِرَ- فِي التَّسْمِيَة -أَيْ: فِي الْوَصْف بِالرَّاعِي- وَمَعَانِيهمْ مُخْتَلِفَة).


فَرِعَايَة الْإِمَام الْأَعْظَم حِيَاطَة الشَّرِيعَة، والحفاظ على الدين، وإِقَامَةِ الْحُدُود؛ ليأمن الناس على دينهم، وعقولهم، وأموالهم، وأعراضهم، وأنفسهم، وهكذا يقيم الْعَدْل فيهم، ويقسم بالسوية بينهم، وينصف المظلوم، هذه كلها حقوق وواجبات على الإمام لرعيته، وسوف يسأل عنها.


ويدخل تحت هذا مَنْ كَانَ تَحْت نَظَره رعية يرعاهم، فَهُوَ مُطَالَب بِالْعَدْلِ فِيهِم، وَالْقِيَام بِمَصَالِحِهِم وحقوقهم فِي دِينهم وَدُنْيَاهُم، فالعلماء رعاياهم الناس، يبلغوهم دين الله في صفائه ونقائه، والخطيب على منبره كذلك، والإمام في محرابه رعاياه المأمومون خلفه يحسن بهم الصلاة، ويعلمهم الدين، والمؤذن في مسجده مؤتمن في الأذان.


الضابط في القسم رعاياه الناس الذين تصل إليه خصومتهم وقضاياهم مسؤول عنهم، يفصل فيهم لا يحابي، لا يُجامل، ولا يُماطل، وهكذا القاضي في محكمته، يتقي الله في رعيته من المتحاكمين إليه، فالقضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحدٌ في الجنة، المحاكم تئن من الظلم الحاصل فيها، ألا فكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.


وهكذا الطبيب رعاياه المرضى، مسؤول عن أرواح الناس، لا يكلفهم فوق طاقتهم، ولا يصف لهم من الدواء إلا ما يناسبهم، وما يحتاجون إليه، والمدير والمدرس رعاياهما الطلاب من أبناء وبنات المسلمين، لا يعلمانهم إلا ما ينفعهم من أمور دنياهم، لا يفسدان عقائدهم وفطرهم، والتاجر والبقَّال رعاياهما الزبائن، لا يغشانهم، ولا يبيعان بثمن باهظ يكلفهم فوق طاقتهم، ولا يحتكران سلعًا يحتاجون إليها للإضرار بهم، ألا فكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.


وَرِعَايَة الرَّجُل أَهْله، سِيَاسَته لِأَمْرِهِمْ، وَإِيصَالهمْ حُقُوقهمْ من تعليمهم الدين بأمرهم بالصلاة، وصبره على ذلك؛ قال الله تعالى: ﴿ وَأْمُرْ ‌أَهْلَكَ ‌بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132]، وقال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ‌قُوا ‌أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في الْمَضَاجِعِ))؛ رواه أبو داود عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، وهو كذلك مطالب بالعدل بينهم كما يعدل الإمام بين رعاياه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فَاتَّقُوا اللهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ))؛ رواه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير، وهو مسؤول عن توفير ما يحتاجون إليه بحسب استطاعته؛ من مطعم، ومأكل، وملبس، فهم رعاياه، وهو مسؤول عن رعيته، وإن كان له أكثر من زوجة، فهن يدخلن في رعاياه، عليه أن يعلمهن أمر دينهن، ويعدل فيهن.


وَرِعَايَة الْمَرْأَة تَدْبِير أَمْر الْبَيْت، وَالْأَوْلَاد، وَالْخَدَم، وَالنَّصِيحَة لِلزَّوْجِ فِي كُلّ ذَلِكَ، وحفظ أولاده وتربيتهم، وحفظ مال زوجها، وحفظه في غيبته، وهكذا كل ما وُكل إليها من حقوق وواجبات.


وَرِعَايَة الْخَادِم حِفْظ مَا تَحْتَ يَده، وَالْقِيَام بِمَا يَجِب عَلَيْهِ مِنْ خِدْمَته، ومنها الموظف أو المحاسب في مؤسسة أو شركة فعليه حفظ ما تحت يديه.


((كُلُّكُمْ رَاعٍ))؛ ومما يدخل في هَذَا الْعُمُوم الْمُنْفَرِد الَّذِي لَا زَوْج لَهُ، وَلَا خَادِم، وَلَا وَلَد، فَإِنَّهُ يَصْدُق عَلَيْهِ أَنَّهُ رَاعٍ عَلَى جَوَارِحه حَتَّى يَعْمَل الْمَأْمُورَات، وَيَجْتَنِب الْمَنْهِيَّات فِعْلًا وَنُطْقًا وَاعْتِقَادًا، فَجَوَارِحه وَقُوَاهُ وَحَوَاسه رَعِيَّته؛ أي: إن جوارح الإنسان هي بمنزلة الرعية، وهو المسؤول عنها، وسوف يُسأل عن ذلك كله، والقرآن الكريم، والسنة المطهرة قد أوضحا ذلك؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ ‌وَالْبَصَرَ ‌وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]، وقال الله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ ‌عَلَيْهِمْ ‌أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النور: 24]، وقال الله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ ‌نَخْتِمُ ‌عَلَى ‌أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس: 65]، وقال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ ‌يُحْشَرُ ‌أَعْدَاءُ ‌اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [فصلت: 19: 21].

 

ومن الرعية التي العبد مسؤول عنها النعم التي خوَّله الله إيَّاها، فالنعم التي يُنعم الله بها على العبد، وهي لا تُعَدُّ ولا تُحصـى، أسبغ الله علينا نعمًا ظاهرة وباطنة، هذه النعم هي بمنزلة الرعية عند العبد، وهو مسؤول عنها، هل قام بشكر المنعم المتفضل بها وهو الله، وهل استعملها في مرضاة المنعم سبحانه وتعالى، هل عبده حق عبادته سبحانه وتعالى، ومن هذه النعم نعمة المال، والولد، والزوجة، والمسكن، والصحة (العافية) والأمن، ونعمة الجوارح السمع والبصـر وغيرها، فوجودها نعمة، وسلامتها نعمة أخرى، وهكذا نعمة المأكل، والمشـرب، والماء البارد، وغيرها، من أصغر نعمة إلى أكبر نعمة، نعم دينية ودنيوية، والقرآن الكريم، والسنة المطهرة قد أوضحا ذلك، في أن العبد سوف يسأل عنها: ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ ‌يَوْمَئِذٍ ‌عَنِ ‌النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 8].

 

ومن النعم التي سوف نسأل عنها نعمة الشباب -وهي رعيةٌ استرعاها الله عندنا- وغيرها من النعم مما في حديث مُعَاذ بن جَبَل رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لا تَزُولُ قَدمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمُرهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟))؛ رواه الطبراني.


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ))؛ رواه مسلم، وفي رواية عند الترمذي: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ: ظِلٌّ بَارِدٌ، وَرُطَبٌ طَيِّبٌ، وَمَاءٌ بَارِدٌ)).


وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ ‌يَوْمَئِذٍ ‌عَنِ ‌النَّعِيمِ ﴾ قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَنْ أَيِّ النَّعِيمِ نُسْأَلُ؟ فَإِنَّمَا هُمَا الأَسْوَدَانِ وَالْعَدُوُّ حَاضِرٌ، وَسُيُوفُنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا؟ قَالَ: ((إِنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ))؛ رواه الترمذي.


وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ –يَعْنِي: العَبْد مِنَ النَّعِيمِ- أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ، وَنُرْوِيَكَ مِنَ الْمَاءِ البَارِدِ))؛ رواه الترمذي.


ومن النعم التي سوف نسأل عنها، ما جاء عند الترمذي عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِحْصَنٍ الخَطْمِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ؛ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)).


وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنهما، قَالا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((يُؤْتَى بِالعَبْدِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمْعًا وَبَصَرًا وَمَالًا وَوَلَدًا، وَسَخَّرْتُ لَكَ الأَنْعَامَ وَالحَرْثَ، وَتَرَكْتُكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ، فَكُنْتَ تَظُنُّ أَنَّكَ مُلاقِي يَوْمَكَ هَذَا؟ فَيَقُولُ: لا، فَيَقُولُ لَهُ: اليَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي))؛ رواه الترمذي.


((وَكُلُّكُمْ مسئول)) من قِبَل من؟ من قِبَل الله جل وعلا، الذي سوف يسأل كل راعٍ عما استرعاه من رعية صغرت أم كبرت؛ قال الله تعالى: ﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ ‌الَّذِينَ ‌أُرْسِلَ ‌إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ﴾ [الأعراف: 6-7]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ ‌فَوَرَبِّكَ ‌لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِين ﴾ [الحجر: 92]، وقال جل وعلا: ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴾ [الصافات: 24].


معاشر المؤمنين، كل مسلم وُكلت إليه مسؤولية؛ فعليه بالقيام بها تجاه من تحت نظره، ويوم القيامة إما أن يرفعه عدله وقيامه بالمسؤولية، أو يُخزيه ويهلكه جوره وظلمه إن هو فرَّط في المسؤولية، فيوم القيامة يعظم الأجر والثواب لمن قام بالمسؤولية، عَنْ عبدالله بْنِ عَمْرو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا))؛ رواه مسلم.


وعن أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ))؛ رواه البخاري.


وفي المقابل تكون العقوبة الشديدة لمن فرط في المسؤولية في الدنيا تحصل له المتاعب والمشقة في حياته، ويُشتت شمله وفكره، بسبب تفريطه في المسؤولية، وبمشقته على الناس، فيُجازى بما كسبت يداه أن يشق الله عليه، وإن قام بما أوجب الله عليه من مسؤولية؛ يكون قد سهل على الناس أمورهم، ورفق بهم، فيُكرم بالمثل أن يرفق الله به، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللَّهُمَّ مَنْ وَلي مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِي مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ))؛ رواه مسلم.


وأما في الآخرة من لم يرع لرعيته حقهم فالأمر خطير، نسأل الله أن يعاملنا بلطفه، عن مَعْقِلَ بْن يَسَارٍ الْمُزنِيِّ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ))؛ رواه مسلم.


فنسأل جل وعلا بمَنِّه وفضله وإحسانه وجوده أن يُكرمنا وإياكم من فضله، وأن يعاملنا بلُطْفه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ملخص بحث: كلكم راع الرؤية الإسلامية للمجتمع وكيفية تفعيلها
  • شرح حديث ابن عمر: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته"
  • كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته (خطبة)
  • وقفوهم إنهم مسؤولون (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • شرح حديث: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • نصائح نبوية للآباء والأبناء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دور التربية الإيمانية في تنمية المسؤولية الأخلاقية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تصميم بطاقة ( حديث كلكم راع )(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: كلكم لآدم وآدم من تراب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 19 ربيع ثاني 1429هـ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص بحث: كلكم مسؤول!(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • أكد الله وقوع البعث ليزيل من النفس كل شك ويكشف عنها كل شبهة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحاط باليهود الفساد من كل جانب، وأخذ عليهم الشيطان كل سبيل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جرائم فاقت كل وصف وتعدت كل حد(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/12/1446هـ - الساعة: 22:17
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب