• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الدرس الثامن عشر: الشرك
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (5)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

رسالة من مظلوم إلى ظالمه: أشكرك أنك جعلتني من هؤلاء المحظوظين

رسالة من مظلوم إلى ظالمه: أشكرك أنك جعلتني من هؤلاء المحظوظين
د. خالد أحمد عبدالساتر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/7/2023 ميلادي - 1/1/1445 هجري

الزيارات: 33109

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رسالة من مظلوم إلى ظالمه:

أشكرك أنك جعلتني من هؤلاء المحظوظين

 

الحمد لله مُنْصِفِ المظلومين، ومعاقب الظالمين المعتدين، وإن أمهلهم فإلى حين، والصلاة والسلام على النبي المصطفى الأمين، صاحبِ الخلق العظيم، الذي تحمَّل أعباء الدعوة وظلم الظالمين، ومن آمن معه، فاحتسبوا أجرهم وصبرهم وجهادهم عند رب العالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد:

فإن الظلم كلَّه محرم بإجماع الكتاب والسنة، قليلَه وكثيره، صغيره وكبيره، على المسلم والكافر، والقريب والبعيد، بطريق مباشر أو غير مباشر.

 

وكذلك يحرُم الإعانة على الظلم بأي وجه من الوجوه؛ فمن أعان ظالمًا فهو مشارك له في الظلم، والخاسر من باع آخرته بدنياه، والأشد خسارةً من باع آخرته بدنيا غيره؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ *مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: 42، 43]؛ قال ميمون بن مهران: "هذا وعيد للظالم، وتعزية للمظلوم"[1]، وقال تعالى: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: 227]، وعن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه عن الله تبارك وتعالى أنه قال: ((يا عبادي، إني حرَّمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا))[2]، وعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجَّة الوداع: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يومِ تلقَونه، ثم قال: ألَا لا تظلموا، ألَا لا تظلموا، ألَا لا تظلموا؛ إنه لا يحل مالُ امرئ مسلم، إلا عن طِيبِ نفسٍ منه))[3].

 

وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة))[4]، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يُسْلِمه، ومَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كُرْبةً، فرَّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة))[5].

 

وقال الشاعر:

لا تظلمنَّ إذا ما كنت مقتدرًا
فالظلم آخره يأتيك بالندمِ
نامت عيونك والمظلوم منتبهٌ
يدعو عليك وعينُ الله لم تَنَمِ

 

عاقبة الظالمين:

قضى الله عز وجل أن الباغيَ الظالم ينتقم الله منه في الدنيا والآخرة؛ قال ابن مسعود: "لو بغى جبل على جبل، لجعل الله الباغيَ منهما دكًّا"، وقال الشاعر:

قضى الله أن البغي يصرع أهله
وأن على الباغي تدور الدوائرُ

 

1- إن دعوة المظلوم، ليس بينها وبين الله حجاب؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما، ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا إلى اليمن، فقال: اتَّقِ دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب))[6]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يُرَدُّ دعوتهم: الصائم حتى يُفطِر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام، وتُفتَح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي لأنصرنَّك ولو بعد حين))[7]، وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا دعوة المظلوم؛ فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة))[8]، وعن أبي عبدالله الأسدي، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعوة المظلوم - وإن كان كافرًا - ليس دونها حجاب))[9].

 

2- سبب لفناء الحسنات ولزيادة السيئات يوم القيامة؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له مَظْلَمَةٌ لأخيه من عِرْضِهِ، أو شيء، فَلْيَتَحَلَّلْهُ منه اليوم قبل ألَّا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات، أُخِذَ من سيئات صاحبه، فحُمِلَ عليه))[10]، وعن أبي عثمان، عن سلمان الفارسي، وسعد بن مالك، وحذيفة بن اليمان، وعبدالله بن مسعود، حتى عدَّ ستة أو سبعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: ((إن الرجل لا تُرفع له يوم القيامة صحيفته حتى يرى أنه ناج، فما تزال مظالم بني آدم تتبعه حتى ما يبقى له حسنة ويُحمل عليه من سيئاتهم))[11]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فَنِيَتْ حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أُخِذَ من خطاياهم، فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار))[12].

 

 

3- إن الله يُمْهِله فإذا أخذه لم يُفْلِتْه؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لَيُملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته، قال: ثم قرأ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود: 102]))[13].

 

4- إن اللهيعجِّل للظالم العقوبة في الدنيا بالإضافة لما ادخره له في الآخرة؛ عن أبي بكرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من ذنبٍ أحرى أن يُعجِّل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يُدخَّر له في الآخرة، من البغي وقطيعة الرحم))[14].

 

5- سبب للحرمان من الأمن والاستقرار والهداية؛ قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82].

 

 

6- سبب لأخذه بغتة؛ قال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 44، 45].

 

7- لا يبصر الطريق على الصراط يوم القيامة؛ حيث يحتاج الناس إلى النور ليضيء لهم الطريق، وليس إلا الأعمال الصالحة تضيء لصاحبها، هنا تلُفُّ الظالم ظلماتُ الظلم؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والظلمَ؛ فإن الظلم هو ظلمات يوم القيامة))[15].

 

8- سبب للحرمان من شفاعة رسول الله يوم القيامة؛ عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صِنفان لا تنالهما شفاعتي: إمام غشوم ظلوم، وكل غالٍ مارق))[16]؛ [رواه الطبراني]، أو شفاعة أي شخص آخر؛ قال تعالى: ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ [غافر: 18].

 

9- سبب للحرمان من الجنة؛ فعن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اقتطع حقَّ امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار، وحرام عليه الجنة، فقال رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا؟ فقال: وإن قضيبًا من أرَاكٍ))[17].

 

10- أن الله يخسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين؛ فعن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله تعالى عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من ظلم من الأرض شيئًا طُوِّقه من سبع أرَضين))[18]، ويُروَى عنه رضي الله عنه ((أن امرأة خاصمته في بعض داره، فقال: دعوها وإياها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أخذ شبرًا من الأرض بغير حقه، طوقه في سبع أرَضين يوم القيامة،اللهم إن كانت كاذبة، فأعْمِ بصرها، واجعل قبرها في دارها، قال: فرأيتها عمياءَ تلتمس الجُدُر، تقول: أصابتني دعوة سعيد بن زيد، فبينما هي تمشي في الدار، مرت على بئر في الدار، فوقعت فيها، فكانت قبرها))[19]، وعن محمد بن إبراهيم: ((أن أبا سلمة حدَّثه أنه كانت بينه وبين أناس خصومة، فذكر لعائشة رضي الله تعالى عنها، فقالت: يا أبا سلمة، اجتنب الأرض؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال:من ظلم قِيدَ شبرٍ من الأرض، طُوِّقه من سبع أرضين))[20]، وعن موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه رضي الله تعالى عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أخذ من الأرض شيئًا بغير حقه، خُسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين))[21].

 

 

11- سبب للحرمان من الفلاح؛ قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ [يوسف: 23].

 

12- سبب للحرمان من محبة الله؛ قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: 57].

 

 

13- من يعتمد على الظالم ويقره، يمسه النار ولن يُنصر؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ [هود: 113]، وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة: ((ستكون أمراء، من دخل عليهم فأعانهم على ظلمهم، وصدَّقهم بكذبهم، فليس مني ولست منه، ولن يَرِدَ عليَّ الحوض))[22].

 

14- العذاب لمن رأى مظلومًا ولم ينصره؛فعن ابن مسعود رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أُمِرَ بعبد من عباد الله يُضرب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدة واحدة، فامتلأ قبره عليه نارًا، فلما ارتفع وأفاق قال: علامَ جلدتموني؟ قال: إنك صليت صلاة بغير طهور، ومررت بمظلوم فلم تنصره))[23]، وعن جابر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ولْيَنْصُرِ الرجل أخاه ظالمًا أو مظلومًا؛ إن كان ظالمًا، فلْيَنْهَهُ فإنه له نصرة، وإن كان مظلومًا فلينصره))[24].

 

15- سبب لهلاك أمم سبقت؛ قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾ [الكهف: 59]، وقال تعالى: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ﴾ [الأنفال: 54]، وقال تعالى: ﴿فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ﴾ [الحج: 45]، وقال: ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [النمل: 52]، وقال تعالى: ﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: 40]، وقال ابن تيمية رحمه الله: "إن الله يقيم الدولة العادلة، وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة".

 

قصص من نهاية الظالمين:

قال أحد الحكماء: أعْجَلُ الأمور عقوبة وأسرعها لصاحبها سرعة ظلم مَن لا ناصر له إلا الله.

 

مظلوم يستغيث: اللهم إنه أظهر عليَّ قوته، فأرِني فيه قدرتك:

خرج أحد الصيادين صبيحة يومه يطلب رزقًا حلالًا، فرمى شبكته، فلم يخرج شيئًا، فأخذ يبتهل إلى الله؛ فأولاده يصرخون جوعًا في بيته، واقتربت الشمس من المغيب، فرزقه الله سمكة ضخمة، فحمِد الله تعالى وأخذها مسرورًا إلى بيته، وإذا بمَلِكٍ قد خرج للنزهة، فرآه فأحضره، وعلم ما معه، فأعجبته السمكة، فأخذها عَنْوَةً، وذهب إلى قصره، وبينما هو سعيدٌ بهذه السمكة ويخرجها، فاستدارت السمكة وعضت أُصْبُعَه، فلم يسترح ليلًا ولا نهارًا ولم ينم، فأحضر الأطباء، فأشاروا بقطع أصبعه، ولكنه لم يسترح بعدها؛ لأن السم قد تسرب إلى يده، فأشاروا بقطع يده، ولكنه لم يسترح، فجمع العلماء واستشارهم وأخبرهم بقصة السمكة فأشاروا عليه أنه لن يستريح إلا أن يعفو عنه الصياد، فبحث الملك عن الصياد حتى وجده، وشكا إليه أمره، واستحلفه أن يصفح عنه، فعفا وصفح عنه، فقال له الملك: ماذا قلت فيَّ؟ فقال: ما قلت سوى كلمة واحدة: اللهم إنه أظهر عليَّ قوته، فأرني فيه قدرتك"[25].

 

أصابتني دعوة سعد:

عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال: "شكا نفر من أهل الكوفة سعد بن أبي وقاص إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال رجل منهم يُدعَى أسامة بن قتادة: إن سعدًا كان لا يسير بالسرية - أي لا يسير مع الجيش للقتال - ولا يقسم بالسويَّة، ولا يعدل في القضية، فقال سعد: اللهم إن كان عبدك كاذبًا، وقام رياء وسمعة، فأطِلْ عمره، وأطِلْ فقره، وعرِّضه للفتن، قال: فكان بعد ذلك إذا سُئل، يقول: شيخ كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد، قال عبدالملك بن عمير: فأنا رأيته بعد أن سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنه ليتعرض للجواري في الطرقات يغمزهن"[26].

 

الجزاء من جنس العمل: كما تدين تُدان:

كتبت إحدى الزوجات إلى محرر زاوية «بريد الجمعة» في جريدة «الأهرام» بتاريخ 15/1/1991م رسالة تقول فيها:

منذ خمسة عشر عامًا... كانت لنا خادمة طفلة في التاسعة من عمرها، وكانت تستيقظ في الصباح الباكر قبل أن يستيقظ طفلاي؛ لتساعدني في إعداد طعام الإفطار لهما... وتحمل الحقائب المدرسية وتنزل بها إلى الشارع... وتظل واقفة مع ابني وابنتي حتى تحملهما حافلة المدرسة... وتعود للشقة بعد ذلك لتبدأ في ممارسة أعمال البيت من تنظيف وشراء الخضر، والمسح والكنس والطبخ... وتلبية النداءات والطلبات الخاصة بأهل المنزل إلى منتصف الليل... فتسقط حينئذٍ على الأرض كالقتيلة وتستغرق في النوم... وكان زوجي يذيقها ألوانًا من العذاب من الضرب والإهانة لأهون الأسباب.

 

ثم شيئًا فشيئًا بدأنا نلاحظ عليها أن الأكواب والأطباق تسقط من يديها... وأنها تتعثر كثيرًا في مشيتها، فعرضناها على طبيب العيون فأكَّد لنا أن نظرها قد ضعف جدًّا؛ بسبب ما تتلقاه من صدمات وضربات على منطقة الدماغ والعين... وأنه ينسحب ويتقلص تدريجيًّا... وأنها لا ترى حاليًّا قدميها... أي إنها أصبحت شبه عمياء.

 

ثم خرجت الفتاة ذات يوم من البيت بعد أن أصبحت كفيفة تقريبًا، ولم تعد إليه مرة أخرى... ولم نهتم بالبحث عنها هذه المرة... لأنها أصبحت في حكم العمياء تقريبًا.

 

ومضت السنوات وتخرَّج ابني في الجامعة، وعمِل وتوظَّف ثم عزم على الزواج بإحدى الفتيات... فخطبناها له... وتزوجها وسعدنا بها... واكتملت سعادتنا حين عرفنا أنها حامل، ثم جاءت اللحظة السعيدة... وضعت مولودها الأول... فإذا بنا نكتشف الحقيقة القاسية؛ إنه طفل أعمى لا يبصر... وتحولت الفرحة إلى سحابة كثيفة من الحزن القاتم... وبدأنا الرحلة الطويلة مع الأطباء... نتنقل من طبيب لآخر... بحثًا عن علاج لهذا العمى الذي أصاب المولود الجديد... ولكن بدون نتيجة.

 

وقررت زوجة ابني ألَّا تحمل مرة أخرى... خوفًا من تكرار الكارثة... لكن الأطباء طمأنوها إلى أن هذا مستحيل... وشجعوها على الحمل وإنجاب طفل آخر وشجعناها نحن أيضًا على ذلك... وحملت زوجة ابني للمرة الثانية... وأنجبت طفلةً جميلةً شقراءَ وسعدنا بها سعادة مضاعفة... وبعد سبعة شهور لاحظنا عليها أن نظرها مركَّز في اتجاه واحد لا تحيد عنه... فعرضناها على أخصائي عيون... فإذا به يصدمنا بحقيقة أشد هولًا... وهي أنها لا ترى إلا مجرد بصيص من الضوء... وأنها معرضة أيضًا لفقد بصرها... ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

وأحسست أنا وزوجي وأولادي بهموم الدنيا تطأ على صدورنا بقسوة... وفي غمرة ضيقي وأحزاني... تذكرت تلك الفتاة الكسيرة التي هربت من جحيمنا كفيفةً عمياء... بعد أن أمضت معنا عشر سنوات ذاقت خلالها أشد العذاب... لقد ظلمناها وعذبناها ونسينا عقاب ربها ومولاها... فانتقم لها جبار السماوات والأرض... وهكذا الجزاء من جنس العمل... وكما تدين تدان[27].

 

أخيرًا: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق: 37].

 

اللهم جنبنا الظلم وأهله، وألزمنا العدل وأجره، اللهم لا تجعلنا من الظالمين.



[1] تفسير القرطبي، سورة إبراهيم الآيتان 42 و43.

[2] رواه مسلم، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم: 1625 (15/1).

[3] رواه أحمد، وصححه الألباني في هداة الرواة (2875).

[4] رواه البخاري ومسلم، وغيرهما، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم: 2215 (20/2).

[5] رواه البخاري (2310) ج: 2، كتاب المظالم، باب: لا يظلم المسلمُ المسلمَ ولا يسلمه.

[6] رواه البخاري ومسلم.

[7] رواه ابن ماجه، والترمذي، وأحمد، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (1432).

[8] رواه الحاكم، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم: 2228 (20/2).

[9] رواه أحمد، وقال الألباني: حسن لغيره، في صحيح الترغيب والترهيب برقم: 2231 (20/2).

[10] رواه البخاري (2317) ج: 2، كتاب المظالم، باب: من كانت له مظلمة عند الرجل فحللها له، هل يبين مظلمته؟

[11] رواه البيهقي في البعث بإسناد جيد، والحاكم مرفوعًا، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم: 2224 (20/2).

[12] رواه مسلم (2581)، ج: 4، كتاب البر والصلة والآداب، باب: تحريم الظلم.

[13] رواه البخاري ومسلم.

[14] رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5705).

[15] رواه ابن حبان، والحاكم، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم: 2217 (20/2).

[16] رواه الطبراني في الكبير، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم: 2218 (20/2).

[17] رواه مسلم (137)، ج: 1، كتاب الإيمان، باب: وعيد من اقتطع حق المسلم بيمين فاجرة بالنار.

[18] رواه البخاري (2320)، ج: 2، كتاب المظالم، باب: إثم من ظلم شيئًا من الأرض.

[19] رواه مسلم (1610)، ج: 3، كتاب البيوع، باب: تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها.

[20] رواه البخاري (2321)، ج: 2، كتاب المظالم، باب: إثم من ظلم شيئًا من الأرض.

[21] رواه البخاري (2322)، ج: 2، كتاب المظالم، باب: إثم من ظلم شيئًا من الأرض.

[22] رواه ابن حبان، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: صحيح لغيره برقم: 2242 (20/2).

[23] رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب التوبيخ، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: حسن لغيره، برقم: 2234 (20/2).

[24] رواه مسلم.

[25] نهاية الظالمين، ص: 155.

[26]- (100) قصة من نهاية الظالمين، هاني الحاج، ط: المكتبة التوفيقية، ص: 156.

[27] الجزاء من جنس العمل، د: سيد العفاني، ط: مكتبة ابن تيمية، ط: 2، 1996م، الجزء الثاني، ص: 263، وما يليها بتصرف.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ويلك أيها الظالم من المظلوم
  • دعوة المظلوم
  • أيها المظلوم.. لا تقف
  • دعوة المظلوم
  • خيال ظل بالكتب!

مختارات من الشبكة

  • رسالة إلى أختي المسلمة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • كلمة (رسالة أو الرسالة) - تأملات(مقالة - حضارة الكلمة)
  • إحكام الدلالة لأحكام الرسالة: أدلة مسائل رسالة ابن أبي زيد القيرواني في فقه الإمام مالك (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رسائل إلى المواهب الصاعدة: رسالة إلى حنان(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أربع رسائل في الاجتهاد والتجديد للإمام السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مجموع الرسائل لابن القيم ( رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه ) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مجموع الرسائل لابن القيم ( الرسالة التبوكية ) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الرسالة السينية والرسالة الشينية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • رسالة قديمة من دفتر الرسائل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة مجموع فيه ثلاث رسائل أولها رسالة في الرسم(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب