• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    صحيح الأخبار المروية فيمن تنبأ ببعثه خير البرية ...
    عبدالله بن عبدالرحيم بن محمد الشامي
  •  
    تشجير متن الدليل في علم التفسير (PDF)
    افتتان أحمد
  •  
    نسخة الصغاني (النسخة البغدادية) لصحيح البخاري
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    مواسم الخيرات ماذا أحدثت فينا من أثر؟
    عبدالسلام بن محمد الرويحي
  •  
    (سورة الماعون) من مشروع (لرأيته خاشعا "القرآن فهم ...
    د. محمد حسانين إمام حسانين
  •  
    أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    خطبة: كيف نربي أولادنا على الدعوة إلى الله
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿وما كان قولهم إلا أن قالوا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    الطهارة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ظاهرة تأخر الزواج (2)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الغيبة والنميمة طباع لئيمة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    قبسات من علوم القرآن (2)
    قاسم عاشور
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القادر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    حقوق الزوجة على زوجها (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    غابة الأسواق بين فريسة الاغترار وحكمة الاغتناء
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    فرق بين الطبيب والذباب
    محمد بن عبدالله العبدلي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

الزواج والأسرة.. ضرورة (5) العلاقة بين الزوجين.. تكامل أم تنافس

الزواج والأسرة.. ضرورة (5) العلاقة بين الزوجين.. تكامل أم تنافس
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/7/2023 ميلادي - 18/12/1444 هجري

الزيارات: 11994

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الزواج والأسرة.. ضرورة (5)

العلاقة بين الزوجين.. تكامل أم تنافس


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ؛ خَلَقَ الْإِنْسَانَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يُصْلِحُهُ وَيَصْلُحُ لَهُ: ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الْمُلْكِ: 14]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ الزَّوَاجَ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَبَقَاءً لِلنَّسْلِ الْبَشَرِيِّ، وَعِمَارَةً لِلْأَرْضِ، وَبِهِ تَتَحَقَّقُ مَصَالِحُ الْعِبَادِ فِي الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ [النَّحْلِ: 72]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ حُبِّبَ إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا الطِّيبُ وَالنِّسَاءُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَحَثَّ أُمَّتَهُ عَلَى الزَّوَاجِ وَالْإِنْجَابِ؛ لِلْمُبَاهَاةِ بِكَثْرَةِ أُمَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِ، وَاعْمَلُوا بِشَرِيعَتِهِ، وَخُذُوا بِهَا فِي كُلِّ شُئُونِكُمْ؛ فَإِنَّ سَعَادَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فِي الْتِزَامِ شَرْعِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّ التَّعَاسَةَ وَالشَّقَاءَ فِي مُخَالَفَتِهِ ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 157].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْبِنَاءُ الِاجْتِمَاعِيُّ فِي الْإِسْلَامِ مُتَمَاسِكٌ مَتِينٌ؛ لِأَنَّ أَسَاسَهُ الْأُسْرَةُ؛ وَلِأَنَّهُ رُتِّبَ عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ أُجُورٌ عَظِيمَةٌ، تَدْفَعُ الْمُؤْمِنَ وَالْمُؤْمِنَةَ إِلَى الْبَذْلِ وَالتَّضْحِيَةِ، وَتُخْرِجُهُمَا مِنَ الْفَرْدِيَّةِ وَالْأَنَانِيَّةِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُتِّبَ مِنْ أُجُورٍ عَظِيمَةٍ عَلَى الزَّوَاجِ وَالْإِنْجَابِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ، وَكَذَلِكَ مَا رُتِّبَ مِنْ أُجُورٍ عَظِيمَةٍ عَلَى بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ؛ لِضَمَانِ تَمَاسُكِ الْأُسَرِ وَتَوَاصُلِهَا وَتَرَاحُمِهَا وَتَعَاطُفِهَا.

 

وَالزَّوْجَةُ حِينَ تَدْخُلُ بَيْتَ زَوْجِهَا فَقَدِ انْخَلَعَتْ مِنْ وِلَايَةِ أَبِيهَا عَلَيْهَا، وَمَسْئُولِيَّتِهِ عَنْهَا، وَرِعَايَتِهِ وَحِمَايَتِهِ لَهَا؛ لِتَقَعَ هَذِهِ الْأَعْبَاءُ كُلُّهَا عَلَى عَاتِقِ زَوْجِهَا. وَتَكُونَ زَوْجَتُهُ مَسْئُولَةً عَنْهُ وَعَنْ بَيْتِهِ، وَهُوَ أَوْلَى بِهَا مِنْ أُمِّهَا وَأَبِيهَا، كَمَا أَنَّهَا هِيَ أَوْلَى بِهِ مِنْ أُمِّهِ وَأَبِيهِ.

 

وَلِكُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ حُقُوقٌ وَوَاجِبَاتٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَمُفَصَّلَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ. بَيْدَ أَنَّ الْعَلَاقَةَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ هِيَ عَلَاقَةُ تَكَامُلٍ وَتَفَاهُمٍ وَانْسِجَامٍ، وَيَنْبَغِي فِيهَا التَّنَازُلُ وَالتَّغَافُلُ وَالتَّغَاضِي؛ لِأَنَّهَا إِذَا تَحَوَّلَتْ إِلَى مُتَابَعَةٍ وَمُسَاءَلَةٍ وَمُحَاسَبَةٍ؛ اسْتَحَالَتْ إِلَى جَحِيمٍ لَا يُطَاقُ، بِسَبَبِ الْخِلَافِ وَالْخِصَامِ وَالشِّجَارِ. فَيَنْبَغِي لِلزَّوْجَيْنِ أَنْ يَتَعَايَشَا بِمَحَبَّةٍ وَمَوَدَّةٍ وَرَحْمَةٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ لِبَاسًا لِلْآخَرِ؛ لِشِدَّةِ الْتِصَاقِهِمَا بِبَعْضٍ؛ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتْرٌ لِلْآخَرِ؛ ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 187]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ [النِّسَاءِ: 25]، فَالْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ، وَالرَّجُلُ مِنَ الْمَرْأَةِ.

 

وَالْأَصْلُ فِي وَظِيفَةِ الرَّجُلِ أَنَّهُ الضَّارِبُ فِي الْأَرْضِ، الْمُكْتَسِبُ لِلرِّزْقِ، الْمُنْفِقُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النِّسَاءِ: 34]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الْمُزَّمِّلِ: 20]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَعْظَمِ مَوْقِفٍ، وَأَكْثَرِ جَمْعٍ، فِي خُطْبَةِ عَرَفَةَ: «وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَهَذِهِ النَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ شَرْعًا، وَيَأْثَمُ الرَّجُلُ لَوْ قَصَّرَ فِيهَا؛ كَمَا رَوَى وَهْبُ بْنُ جَابِرٍ قَالَ: «إِنَّ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ لَهُ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَ هَذَا الشَّهْرَ هَاهُنَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ فَقَالَ لَهُ: تَرَكْتَ لِأَهْلِكَ مَا يَقُوتُهُمْ هَذَا الشَّهْرَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ فَاتْرُكْ لَهُمْ مَا يَقُوتُهُمْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَقَدْ تَوَاضَعَ الْبَشَرُ عَلَى ذَلِكَ مُنْذُ الْقِدَمِ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلْفِطْرَةِ السَّوِيَّةِ، وَجَاءَتْ بِهِ الشَّرَائِعُ الرَّبَّانِيَّةُ.

 

وَإِذَا مَلَكَتِ الْمَرْأَةُ مَالًا بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عَمَلٍ فَهُوَ مَالُهَا، لَيْسَ لِزَوْجِهَا فِيهِ شَيْءٌ، وَتَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ غَنِيَّةً، وَلَوْ كَانَ هُوَ فَقِيرًا. وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تُسْقِطَ حَقَّهَا فِي النَّفَقَةِ إِذَا أَرَادَتْ، وَلَهَا أَنْ تُنْفِقَ عَلَى زَوْجِهَا إِذَا كَانَتْ غَنِيَّةً أَوْ مُكْتَسِبَةً، وَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ صَدَقَةٌ مِنْهَا عَلَيْهِ، بَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَدْفَعَ زَكَاةَ مَالِهَا لِزَوْجِهَا الْفَقِيرِ أَوِ الْغَارِمِ، وَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاتَهُ لِزَوْجَتِهِ؛ لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ، وَحُجَّةُ ذَلِكَ أَنَّ امْرَأَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا اسْتَفْتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَفْعِ صَدَقَتِهَا لِزَوْجِهَا؛ لِفَقْرِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ لَهَا أَجْرَانِ، أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَإِذَا رَضِيَ الرَّجُلُ أَنْ تَعْمَلَ الْمَرْأَةُ خَارِجَ مَنْزِلِهَا، أَوْ شَرَطَتْ هِيَ الْعَمَلَ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ لَهُ فِي اكْتِسَابِهَا شَيْءٌ، إِلَّا إِنْ شَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ تُعِينَهُ عَلَى نَفَقَاتِهِمَا وَأَوْلَادِهِمَا، أَوْ جَعَلَ مُوَافَقَتَهُ عَلَى عَمَلِهَا مُرْتَهَنَةً بِقَبُولِهَا ذَلِكَ، وَهِيَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَتْ عَمِلَتْ وَأَعَانَتْهُ، وَإِنْ شَاءَتْ جَلَسَتْ فِي بَيْتِهَا وَهُوَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا. وَبَعْضُ الرِّجَالِ يَتَسَلَّطُ عَلَى مَالِ زَوْجَتِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهَذَا ظُلْمٌ مُبِينٌ، وَبَعْضُ النِّسَاءِ تَتَمَرَّدُ عَلَى زَوْجِهَا بِمُجَرَّدِ إِنْفَاقِهَا فِي بَيْتِهِ، وَتُرِيدُ أَنْ تَكُونَ نِدًّا لَهُ، أَوْ أَقْوَى مِنْهُ، وَهَذَا نُشُوزٌ، فَمَهْمَا أَنْفَقَتْ فَهُوَ الْقَوَّامُ عَلَيْهَا، وَتَجِبُ عَلَيْهَا طَاعَتُهُ، وَالنُّصُوصُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ ﴿ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾ [النِّسَاءِ: 34]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا، دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَلَا طَاعَةَ لِأَبِ الزَّوْجِ أَوْ أُمِّهِ عَلَى الزَّوْجَةِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ لِلزَّوْجِ فَقَطْ. وَإِذَا تَعَارَضَتْ طَاعَتُهَا لِزَوْجِهَا مَعَ طَاعَتِهَا لِأُمِّهَا أَوْ أَبِيهَا قُدِّمَتْ طَاعَتُهَا لِزَوْجِهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَعْظَمُ مِنْ حَقِّ وَالِدَيْهَا عَلَيْهَا، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ مَرِيضَةٌ: «طَاعَةُ زَوْجِهَا أَوْجَبُ عَلَيْهَا مِنْ أُمِّهَا، إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا». وَيَنْبَغِي لِلزَّوْجِ أَنْ يُعِينَ زَوْجَتَهُ عَلَى بِرِّهَا بِوَالِدَيْهَا، وَيَحُثَّهَا عَلَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ مِنْ حُسْنِ الْعِشْرَةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النِّسَاءِ: 19]. وَفِي مُقَابِلِ ذَلِكَ فَإِنَّ إِنْفَاقَ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى إِنْفَاقِهِ عَلَى وَالِدَيْهِ؛ فَلَوِ احْتَاجَتْ أُمُّهُ، وَضَاقَتْ نَفَقَتُهُ قَدَّمَ زَوْجَتَهُ وَتَرَكَ أُمَّهُ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى زَوْجَتِهِ بِسَبَبِ عَقْدِ النِّكَاحِ، فَهِيَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْمُشَاحَّةِ، بَيْنَمَا نَفَقَتُهُ عَلَى أُمِّهِ بِرٌّ وَإِحْسَانٌ، فَهِيَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، فَكَانَ حَقُّ الزَّوْجَةِ فِي مَالِهِ أَقْوَى مِنْ حَقِّ أُمِّهِ، وَالْقَاعِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ: «أَنَّ الْحَقَّيْنِ إِذَا وَجَبَا قُدِّمَ أَقْوَاهُمَا». وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ...» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْأَصْلُ أَنَّ عَمَلَ الْمَرْأَةِ فِي الْمَنْزِلِ، وَهِيَ مَلِكَتُهُ وَالْمَسْئُولَةُ عَنْ تَفَاصِيلِهِ، وَأَجْمَعَتِ الْبَشَرِيَّةُ مُنْذُ مَا قَبْلِ كِتَابَةِ التَّارِيخِ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا أُشِيرَ إِلَيْهِ فِي قِصَّةِ آدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ أَمْثَالُ كُلِّ الشُّعُوبِ فِي النِّسَاءِ. وَجَاءَتِ الشَّرَائِعُ الرَّبَّانِيَّةُ بِذَلِكَ؛ إِذْ جَعَلَتِ الْأَصْلَ فِي الْمَرْأَةِ قَرَارَهَا فِي الْبَيْتِ: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [الْأَحْزَابِ: 33]، وَفِي قِصَّةِ الْفَتَاتَيْنِ مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَبْدَتَا الْعُذْرَ فِي الْخُرُوجِ لِلسُّقْيَا؛ ﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾ [الْقَصَصِ: 23]. وَلَوْلَا أَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ لَمَا اعْتَذَرَتَا. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالرَّاعِي هُوَ الْأَمِيرُ وَالسَّيِّدُ الَّذِي يُدِيرُ أُمُورَ رَعِيَّتِهِ وَيُدَبِّرُهَا، وَهَكَذَا كَانَتِ النِّسَاءُ فِي كُلِّ الْأُمَمِ وَالْحَضَارَاتِ تُدِيرُ مَمَالِكَ الْبُيُوتِ وَتُدَبِّرُهَا. وَفِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ اشْتَكَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا شِدَّةَ عَمَلِ الْمَنْزِلِ، وَمَا تَلْقَى مِنَ الطَّحْنِ بِالرَّحَى، وَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَهَبَهَا خَادِمًا، فَدَلَّهَا عَلَى التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ قَبْلَ النَّوْمِ، وَلَوْ كَانَ عَمَلُهَا فِي الْمَنْزِلِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا لَأَخْبَرَهَا بِذَلِكَ. وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: «تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوكٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ، وَأَسْتَقِي الْمَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ... وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ... قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: أَنَّ أَسْمَاءَ قَالَتْ: «كُنْتُ أَخْدُمُ الزُّبَيْرَ خِدْمَةَ الْبَيْتِ، وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ، وَكُنْتُ أَسُوسُهُ، فَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْخِدْمَةِ شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ سِيَاسَةِ الْفَرَسِ، كُنْتُ أَحْتَشُّ لَهُ وَأَقُومُ عَلَيْهِ وَأَسُوسُهُ».

 

فَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ رِعَايَةُ أُسْرَتِهِ، وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا، وَحِمَايَتُهَا وَكِفَايَتُهَا، وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ طَاعَةُ زَوْجِهَا وَخِدْمَتُهُ فِي الْمَعْرُوفِ، وَحِفْظُهُ فِي بَيْتِهِ، وَإِدَارَةُ شُئُونِهِ. وَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا أَنْ يَتَسَامَحَا وَيَتَغَافَلَا، وَيَحْتَمِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْآخَرَ، وَيُكْمِلَ نَقْصَهُ، وَيَتَغَاضَى عَنْ زَلَّتِهِ؛ لِيَغْنَمَا الْأَجْرَ وَالسَّعَادَةَ، وَيَعِيشَ أَوْلَادُهُمَا فِي جَوٍّ مِنَ الْأَمْنِ وَالطُّمَأْنِينَةِ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الزواج والأسرة.. ضرورة (1) الزواج.. عقيدة وشريعة
  • الزواج والأسرة.. ضرورة (2) أجور النكاح.. وآثام السفاح (خطبة)
  • الزواج والأسرة.. ضرورة (3) المواعظ في آيات الزواج والفراق
  • الزواج والأسرة.. ضرورة (4) الفتنة في العزوبة والعنوسة (خطبة)
  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (7) ثناء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على ربه سبحانه
  • الزواج والأسرة.. ضرورة (6) عرض البنات على الأكفاء

مختارات من الشبكة

  • نشأة زواج المسيار والفرق بينه وبين الزواج العرفي(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • الزواج العرفي وأحكامه وحكم تحديد سن الزواج ثمانية عشر عامًا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟(استشارة - الاستشارات)
  • خطيبتي تخاف من الزواج – فوبيا الزواج(استشارة - الاستشارات)
  • تزوجت سرا رغبة في الحلال(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • المفاضلة بين الزواج عن حب والزواج التقليدي(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • الصور الحديثة للزواج في ضوء ضوابط عقد الزواج الشرعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقدمات الزواج(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحيرة بين طلب العلم الشرعي وبين الزواج(استشارة - الاستشارات)
  • حائرة بين البقاء مع أمي وبين الزواج(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/1/1447هـ - الساعة: 16:28
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب