• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الحج والأضحية
علامة باركود

يوم الدعاء ويوم التكبير (خطبة)

يوم الدعاء ويوم التكبير (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/6/2023 ميلادي - 5/12/1444 هجري

الزيارات: 5750

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يوم الدعاء ويوم التكبير

 

الحمدُ للهِ.. الحمد لله تفردَ في أزليته بعزِ كبريائهِ، وتوحدَ في صمديته بدوامِ بقائهِ، ونوَّرَ بمعرفته وأُنسهِ قُلوبَ أَوليائهِ، وطيَّبَ أَنفاسَ الذاكرينَ لهُ بطيب ثنائهِ، وأمَّنَ خوفَ الخائفينَ منهُ بُحسنِ رجائهِ، وأسبغَ على الجميعِ جزيلَ فضلهِ، وكريمَ عطائهِ.

 

وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك لهُ، ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ﴾ [الأعراف: 180].

 

وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، ومصطفاهُ وخليلهُ، أزكى النَّاسِ أخلاقًا، وأسهلُهم طِباعًا، وأرحبهم صدرًا، وأطولهم باعًا.. صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليهِ، وعلى آله وأصحابهِ، الأزكى عِلمًا، والأصوبَ فهمًا، والأفضلُ طاعة، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى قيام الساعة، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، اتقوه حقَّ التقوى، فمن حقَّقَ التقوى آتاه اللهُ نورًا يفرِّقُ به بين الضلالةِ والهدى، والبصيرةِ والعمى، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].

 

معاشر المؤمنين الكرام: على كثرة فَضَائِل هَذِهِ الْأَيَّامِ المباركة، وأنَّ العمل الصالحَ فيها أحبُّ إلى الله من العمل في غيرها، إلا أن لبعضها خصائصَ ومميزاتٍ لَيْسَتْ لِغَيْرِهَا من سائر العشرِ المباركات، كَيَوْمِ النَّحْرِ ويَوْمِ عَرَفَات.. فيومُ عرفة هو يوم الدعاء، ويوم النَّحرِ هو يومُ التكبير، ولذا سيكونُ لنا اليوم بإذن الله تعالى، وقفةٌ خاصةٌ مع هاذين اليومين العظيمين، لعلنا نتعرفُ على شيءٍ من عظيم قَدْرِهما، وكبير فضلهما، فنشمر ونجتهد في طاعة الله، والموفقُ من وفقه الله وهداه.

 

يومِ عرفة، أعظمُ الأيامِ بركة، فهو يومُ الهباتِ والأعطيات، وخيرُ يومٍ طلعت فيه الشمس.. يَوْمٌ عزيزٌ كريم، مِنْ أَيَّامِ اللهِ الغرِّ المعظمات، يَوْمُ المفاخرة والمُبَاهَاةِ.. ففي الحديث الصحيح، قال عليه الصلاة وَالسَلامَ: «إِنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا»؛ رواه أحمد وابن خزيمة.

 

وهو يومُ العتقِ والفوزِ والنجاة، ففي صحيح مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ»، قال شُرَّاح الحديث: وَالظَّاهِرُ من النَّص أَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ خَاصًّا بِأَهْلِ عَرَفَةَ وحدهم، وَإِنَّمَا هُوَ عَامٌّ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ، بدليل أنَّ الْيَوْمَ الَّذِي يَلِيهِ عِيدٌ للجَمِيعِ، وَإِنْ كَانَ يُرْجَى لهم أَكْثَر مما يُرجى لغَيْرِهِمْ لأن الله يُباهي بهم.. وكرم الله أعظمُ، وعطاؤه أوسع.

 

وَهُوَ يَوْمُ إِذلال الشَّيْطَانِ وَدَحْرِهِ وصغاره.. ففِي الحَدِيثِ الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: «مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا، هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ.. وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ".. اللهم فزده ذلةٍ وصغارًا، وغيظًا وحقارًا.. والعنه لعنًا كُبارًا..

 

ويوم عرفة - يا عباد الله - هو اليومُ الذي أكملَ الله به الدين، وأتمَّ به النعمة.. صيامهُ يكفرُ ذنوبَ سنتين، ودعاؤهُ خيرُ الدعاء.. فقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خَيرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ، وَخَيرُ مَا قُلتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِن قَبلِي: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ".

 

ومعلومٌ يا عباد الله: أنَ الدعاءَ عِبادةٌ من أفضلِ وأجلِّ العبادات، ففي الحديث الصحيح: «الدعاء هو العبادة».. وفي التنزيل الحكيم، يقول الحقُّ جلَّ وعلا: ﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ﴾ [الفرقان: 77]. واللهُ جلَّ وعلا يُحِبُّ مِن عِبادِه أن يَسأَلوه، وأن يَطلُبوا مِنه كلَّ حوائجِهم؛ ففي الحديث الحسن، قال صلى الله عليه وسلم: "ليس شيءٌ أكرمُ على الله من الدعاء".

 

ومن كرمه جلَّ وعلا وعظيمِ فضلهِ على عباده، أنه أمرَهم بالدعاء ووعدَهم بالإجابة، فقال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، وأخبرهم سبحانهُ وبحمده أنه قريبٌ يسمعُ ندائهم، كريمٌ يجيبُ دُعائهم، فقال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

 

بل إنه جلَّ وعلا يغضبُ على من لا يسألُه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يسأل اللهَ يغضب عليه"؛ والحديثُ حسنهُ الإمام الألباني.

 

وأكدَ عليه الصلاة والسلام أنَّ ثمرةَ الدعاءِ مضمونةٌ بإذن الله، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ. قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ"؛ صححهُ الألباني.

 

ولما كان يومُ عرفةَ هو يومَ المغفرةِ والعتقِ من النار، وكان دُعاءهُ هو خير الدعاء وأرجاه بالقبول والاستجابة.. كان حريًّا بالمسلم أن يتفرغَ له من كلِّ مشاغله، وأن يُظْهِرَ لله فَقْرَهُ وحاجته، وأن ينطرحَ بين يدي ربه، ويتعرضَ لمغفرتهِ ورحمته، وأن يُقَدِّمَ بَيْنَ يدي دُعائه ومناجاتِه، تَوْبةً صادقة، وإخلاصًا لله وإخباتًا، وانكسارًا وتذللًا، وثناءًا جميلًا على ربه.. ويَتَحَبَّبَ إلى مولاهُ بخالصِ الدعاءِ وصادق المناجاة، ويرفعَ إلى ربه الكريم حوائجه، ويبثهُ شكواه.. فهو جلَّ وعلا، عظيمٌ كريمٌ، جوادٌ مُتفضِّل، خزائنهُ ملئ، ويدهُ بالخير سحَّا، ولا يتعاظمهُ ما أعطى، سبحانهُ وتعالى ينفقُ كيف يشاء.. ويغفرُ الذنوبَ وإن بلغت عنانَ السماء، فأحسنوا فيه الظنّ والرجاء، فهو عند ظنِّ عبدهِ به، فليظن به ما شاء.

 

ثم اعلموا يا عباد الله أنَّ للدعاء آدابًا ينبغي للمسلم أن يلتزمَ بها ليكونَ دُعاؤه أقربَ للاستجابة.. فمن آدابِ الدعاءِ أن يكونَ الداعي على طهارةٍ، وأن يستقبلَ القبلةَ، وأن يرفعَ يديهِ حالَ الدعاء.. وأن يتحرى أوقاتَ الاستجابةِ، وأن يبدأَ دُعائه بالثناء على الله بما هو أهله، وأن يدعو بجوامع الدعاء، وأن لا يتعدى في دُعائه فيطلبَ مالا حقّ له فيه؛ فقد ورد في الحديث: "سيكون قومٌ يعتدون في الدعاء".

 

ومن آدابِ الدعاءِ: حُسنُ الظنِّ باللهِ تعالى، وحُضورُ القلبِ، والخشوعُ والانكسار، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ"؛ والحديث حسنه الألباني.

 

ومن الآدابِ، الإلحاحُ في الدعاءِ رغبةً ورهبةً؛ فعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاثًا، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلاثًا..

 

ومن آدابِ الدعاءِ، التوسلُ إلى الله جلَّ وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، قال جلَّ وعلا: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180].

 

ومن الآداب، أن يتحرى الكسبَ الحلال، فقد ذُكِرَ في الحديث الصحيح: الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟.

 

ومن آدابِ الدعاءِ، أن لا يستعجلَ الإجابة، ولا يستبطئها إذا تأخرت، بل يداومُ المسألةَ ويستمرُ عليها، فمن أكثرَ قرعَ البابِ يُوشِكُ أن يُفتحَ له.

 

ومن الآداب، أن يختمَ دعائهُ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال أمير المؤمنين عمرُ بنَ الخطابِ رضي الله عنه: "الدُّعَاءُ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لاَ يَصْعَدُ مِنْهُ شَيءٌ حَتَّى تُصلى عَلَى نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم".

 

فإذا اجتهد المسلم والتزم بهذه الآداب فإن دعاءه بإذن الله لا يُردُّ.

 

فَاغْتَنِمُوا يا عباد الله مَوَاسِمَ الخَيْرَات، وَاسْتَكْثِرُوا مِنَ الدعاء والمناجاة، وَسَارِعُوا إلى المَغْفِرَةٍ والرحمة والجنات.. وأَحْسِنُوا في عَمَلِكُمْ؛ لِتَنَالُوا رِضا رَبِّكُمْ.. ﴿ وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56].

 

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى..

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18].

 

معاشرَ المؤمنينَ الكِرام: أمَّا يومُ العيد فهو كما جاءَ في الحديث الصحيح: أفضلُ الأيامِ عند الله تعالى، وهو يومُ الحجِّ الأكبر.. وأفضلُ ما يُعملُ فيه النَّحرُ والتكبير، تلك العبادةُ العظيمة التي أَمرنا اللهُ بها في كتابه فقال جلَّ وعلا: ﴿ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185] وقالَ تَعالى: ﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾، وقال تعالى: ﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾ [المدثر: 3].

 

التكبيرُ ذكرٌ جليل، يُعلِنُ فيهِ المسلمُ عَظمَةَ اللهِ وجلالَهُ، ويذعن لكِبرَيائِهِ ومَشيئَتِه، فهو الكبيرُ الذي لا أكبرَ مِنهُ، والعَظِيمُ الذي لا أَعظَمَ مِنهُ.. ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ﴾ [الرعد: 9].

 

التكبيرُ ذكرٌ قويٌ، ذوُ معنىً عميق، تَتجلَّى فيها أسمَى مَعاني التعظيم والإجلال، والخُضوعِ التامِّ للكبير المتعال، فاللهُ أكبرُ على ما هَدانَا، واللهُ أكبرُ على ما أولانَا، واللهُ أكبرُ على من ظَلمنَا وعادَنَا.

 

التكبيرُ شِعارُ المُسلمين في أذانِهم، وفي صَلواتِهم، وفي أعيادِهم، وفي مَعارِكهم، وفي كُلِّ كبيٍر من أمورهم وشؤونهم.. يقولُ الإمام ابن حجرٍ رحمه الله: "التكبيرُ ذكرٌ مأثورٌ عند كل أمرٍ مهُول، وعند كل حادثِ سُرور، شُكرًا لله تعالى، وتبرئةً له عزَّ وجل عن كلِّ ما يُنسبُ إليه من نقصٍ أو قصور، تعالى الله عمَّا يقولُ الظالِمون علوًّا كبيرًا".

 

اللهُ أكبرُ: جُملةٌ جميلةٌ، مَهيبةٌ جَليلةٍ، خَفيفةٌ على اللسان، ثَقيلةٌ في الميزان، قصيرةُ المبني، عظيمةُ المعنى، تُقوي الإيمانَ، وتطردُ الشيطانَ..

 

الله أكبر: يرددها المُسلم في اليوم والليلة أكثرَ من سَبعِين مرةً، ويَسمعُها من الإمامِ والمُؤذِّنِ أكثرَ مِن مَائةِ مَرَّةٍ..

 

الله أكبر: يقولها المسلمُ في كل حركةٍ من صلاته، وإذا ركبَ دابتهُ، ويصطحِبُها في سفره وتنَقُلاتهِ، استِشعارًا لمعيَّةِ اللهِ وعظمَتِهِ، وتفكُّرًا في سِعةِ الدُّنيا، وتَباعُدِ أطرافَها، وامتداد آفاقِها..

 

اللهُ أكبرُ: هو مَلِكُ الأملاك، واللهُ أكبر هو مُدبِّرُ الأفلاك، والله أكبر، من كل ما ترى عيناك، والله أكبر، أينما تكُون يسمعُك اللهُ ويراك..

 

والتكبير من أحبُّ الكلام إلى الله، ومن الأربعِ الباقِياتُ الصالِحاتُ، بتكراره تنشرح الصدور، وتطمئنُّ القلوبُ، وتأنس النفوسُ؛ ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]..

 

فاتقوا الله أيُّها المؤمنون ورطِّبوُا ألْسِنَتَكُمْ في هذه الأيَّامِ الفاضلات بالذِّكرِ والتَّكبير، فهو عَمَلٌ صالحٌ، ومَكْسَبٌ رابحٌ، وَصَاحِبُه بإذن الله مُوَفَّقٌ فَالِحٌ.. ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111].

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل على محمد..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حكم صيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة
  • عظمة يوم عرفة، وأحكام الأضحية 1443هـ (خطبة)
  • خطبة الجمعة يوم عرفة
  • من فضائل يوم عرفة (1)
  • يوم عرفة يوم من أيام الله (خطبة)
  • من فضائل يوم عرفة (2)
  • التكبير: فضله - مواطنه - حكمه (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أيام الله المعظمة: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير: (والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يوم من أيام الله عزوجل (أنه يوم الدعاء)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • حديث: طعام أول يوم حق، وطعام يوم الثاني سنة، وطعام يوم الثالث سمعة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • يوم من أيام الله عزوجل (خصوصية يوم عرفة)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • يوم من أيام الله عزوجل (تحقيق الدعوة يوم عرفة)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • يوم الحمد ( يوم من أيامنا )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بقية العشر ويوم النحر وأيام التشريق (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفة عرفة يوم الجمعة وفضائلها العشر(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب