• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حفظ اللسان (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة: التحذير من الغيبة والشائعات
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    {أو لما أصابتكم مصيبة}
    د. خالد النجار
  •  
    خطبة: كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة قصة سيدنا موسى عليه السلام
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    شكرا أيها الطائر الصغير
    دحان القباتلي
  •  
    خطبة: صيام يوم عاشوراء والصيام عن الحرام مع بداية ...
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    منهج المحدثين في نقد الروايات التاريخية ومسالكهم ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    كيفية مواجهة الشبهات الفكرية بالقرآن الكريم
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: الشائعات والغيبة والنميمة وخطرهم على
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    أيهما أسهل فتح المصحف أم فتح الهاتف؟ (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    فوائد من سورة الفاتحة جمعتها لك من كتب التفسير ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    حديث: كان الإيلاء الجاهلية السنة والسنتين
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    من عمل صالحا فلنفسه (خطبة) - باللغة النيبالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    قصة نجاة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    فقه السير إلى الله تعالى (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

الهجرة إلى الحبشة: دروس وعبر (3)

الهجرة إلى الحبشة: دروس وعبر (3)
عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/6/2023 ميلادي - 3/12/1444 هجري

الزيارات: 6289

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة (3): سلسلة حياة النبي صلى الله عليه وسلم من البعثة إلى الهجرة (17)

الخطبة: 46 من السيرة النبوية

الْهِجرَةُ إلى الْحَبَشَةِ: دروسٌ وعِبَرٌ (3)


الخُطْبَةُ الْأُولَى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّه، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغفِرهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفِسِنَا وَمَنْ سَيِّئاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، نَحْمَدُكَ رَبَّنَا عَلَى مَا أنعَمْتَ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ نِعَمِكَ العَظِيمَةِ، وآلائِكَ الْجَسِيمَةِ حَيْثُ أرْسَلتَ إلَيْنَا أَفْضَلَ رُسُلِكَ، وأنْزَلْتَ عَلَينَا خَيْرَ كُتُبِكَ، وشَرَعْتَ لَنَا أَفْضَلَ شَرائِعِ دِينِكَ، فَاللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى، وَلَكَ الْحَمْدُ إذَا رَضِيتَ، وَلَكَ الْحَمْدُ بَعْدَ الرِّضَا؛ أَمَّا بَعْدُ:

أيُّهَا الإخْوَةُ المُؤْمِنُونَ، تحدَّثنا في الخُطبة المَاضية عَن الهِجرة الثانية إلى الحَبشةِ، وحديث أمِّ سَلمة رضي الله عنها عن هذه الهجرة، واستفدنا فيما ذكرناه من الدروس والعِبر أنَّ العدل أساسُ المُلك، واستفدنَا هذا من عدلِ النَّجاشي ورفضِه تسلِيمَ أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم حتى يستمِع منهم، وردِّه لِرشوة قريش المغلَّفة في صُورة الهَديَّة.

 

ويستمر بنا الحديث في هذه الخُطبة عن حديث أمِّ سَلمة رضي الله عنها، وخاصةً حديثها عن: إِحْضَار النَّجَاشِيِّ للمهاجرين، وَسُؤَاله لَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَجَوَابهمْ عَنْ ذَلِكَ.


عِبَاد الله، تقولُ أمُّ سَلمةَ رضِي الله عَنها بعد حدِيثها عن ردِّ النَّجاشي لهدايا قُريش: "ثُمَّ أَرْسَلَ إلى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَعَاهُمْ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولُهُ اجْتَمَعُوا، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا تَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إذَا جِئْتُمُوهُ؟


قَالُوا: نَقُولُ: وَاَللَّهِ مَا عَلِمْنَا، وَمَا أَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَمَّا جَاءُوا، وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ[1]، فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ سَأَلَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي قَدْ فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ، وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي، وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْمِلَلِ؟ قَالَتْ: فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إلى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِن الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَن الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَن الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ، لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ- قَالَتْ: فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ- فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ، وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ مِن اللَّهِ، فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ، فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا، فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا، فَعَذَّبُونَا، وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا، لِيَرُدُّونَا إلى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِن الْخَبَائِثِ، فَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَضَيَّقُوا عَلَيْنَا، وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا، خَرَجْنَا إلى بِلَادِكَ، وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ، وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ، وَرَجَوْنَا أَلَّا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ"[2].


عِبَادَ اللَّهِ، في هذا القَدر مِن الحَدث نخرُج بدروسٍ وعِبَرٍ نجملُها في دَرسَين:

الدرس الأول: الاعْتصَامُ بالكِتاب والسُّنةِ حَبلُ النَّجَاةِ:

لمَّا حَار المسلِمون في الذي ينبغي فِعلُه للردِّ على النجاشِي، جاء الحلُّ سَريعًا نتيجة سَلامة الفِطرة عِندهُم، فقَالُوا: "نَقُولُ: وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا، وَمَا أَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ"، وقال جعفر: "وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا"، فَلم يقولوا: نتحايل حتَّى ننجُو من بَطشِ النجاشِي، ولم يَكذِبوا، ولم يُنافِقوا، ولم يُدَاهِنوا، ولم يحرِّموا ما أحلَّ الله، ولم يُحِلوا ما حرَّمه الله، فلمَّا تمسَّكوا بالأصْلِ جَعلَ اللهُ لهُم فَرَجًا ومَخرجًا مِمَّا هُم فِيه ونستفيدُ مِن هذا لِواقِعنا ما يَلي:

• عدمُ التفريط في الكتابِ والسُّنةِ والاجتهاد في فهمِهمَا والعمل بهما، قالَ تَعالى:﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59]، قال ابْنُ عَوْنٍ: ثَلَاثٌ أُحِبُّهَا لِنَفْسِي وَإِخْوَانِي: هَذِهِ السُّنَّةُ أَنْ يَتَعَلَّمُوهَا وَيَسْأَلُوا عَنْهَا، وَالْقُرْآنُ أن يَتَفَهَّمُوهُ وَيَسْأَلُوا عَنْهُ وَيَدَعُوا النَّاسَ إلَّا مِنْ خَيْرٍ[3]. وقيل للإمام مالك: ما النجاةُ؟ قال: السُّنة سَفينةُ نوحٍ من ركبَ فيها نجَا، ومن تخلَّف عنها هَلك.


• الحذرُ من دُعاة الفِتنة الذين يحكِّمون عُقولَهم فقط في نُصوصِ الكتابِ والسنة. فالحق عندهم ما وافق عُقولَهم وما عداه فهو بَاطلٌ يجبُ تركُه، كما يجبُ الحذر مِمَّن يُسمُّونَ أنفُسَهم زُورًا وبُهتانًا بالقُرآنِيين، والقُرآنُ مِنهم بَراءُ، فهؤلاءِ حذَّرنا مِنهم النبي صلى الله عليه وسلم بِقوله: "أَلا هَلْ عَسَى رَجُلٌ يَبْلُغُهُ الحَدِيثُ عَنِّي وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ، فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَلالًا اسْتَحْلَلْنَاهُ. وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَرَامًا حَرَّمْنَاهُ، وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ"[4]. وصدقَ رسُولُ الله، رِجالٌ قعَدوا على كَراسِيهِم في بيُوتهم أو مُحاضَراتهم أو في مواقِعهم على وسَائل التواصل وأمام الكَاميرات، يردُّون أحاديثَ المُصطفى ويقدَحونَ في الأحاديثِ الصَّحيحة مِمَّا رواه الأئِمة الثقاة عِند المُسلمين قَاطبةً.


• أنَّ الاعتصام بالكتاب والسنة حبلُ النجاة، قالَ تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103]، قيل في حبلِ الله تفسيراتٌ، منها: أنَّه القرآن. وقال صلى الله عليه وسلم عن سُنَّتِه: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ"[5].


الدرس الثاني: التَّخلِيةُ قَبلَ التَّحلِيةِ:

إذا تأملنا خِطَاب جَعفر رَضي الله عنه أمام النَّجاشي أنَّه ذَكَر أولًا ما يَنهى عَنه النبي صلى الله عليه وسلم من مَسَاوِئ الجَاهِلية، ثم ثنَّى بالأوامِر، وهذا تنبيهٌ للمُصلحين والدعاة في كلِّ مكان وزمان؛ أنَّ التخلية قبلَ التَحلِية. فأنتَ إذا أردتَ أن تملأ كأسًا بالمَاء أو الشاي وهو متسخٌ، تقوم أولًا بإزالة الوسخِ قبل مَلئِه. فعلينا أن نجتَهِد في ترك المنهِيات أولًا قبل الاجتهاد في الطَّاعات. ومن جُملة ما ذكرَه جَعفر مِمَّا يفعلونه في الجَاهلية وينهَاهم عَنهُ النبي صلى الله عليه وسلم: عِبادةُ الأصنام، وأكل المَيتة، وفِعل الفواحش، وقطع الأرحام، وإساءة الجِوار، وقول الزُّور، وظُلم القوي للضَّعِيف. ولنَا أن نسأل في جاهِليتنا المُعاصِرة:

• ألَسنَا نَعبدُ أهواءَنا وشَهَواتِنا ونعشَقُها إلى حدِّ التفريطِ في الكَثير من الوَاجِبات، ومُباريات كُرةِ القدم خيرُ شاهدٍ.


• أليس فِينا من يستحِلُّ أَكل المَيتةِ بدون ذكاةٍ (ذبحٍ)، ومِنَّا من أعمَاهُ الرِّبح المَادي والطَّمع فيُطعِم زبائنه في المَطاعِم لُحوم الحَمِير والكِلابِ أو الدَّجاج الميِّت. وكثيرٌ من الوقائع المتواترة خير شاهِدٍ.


• وأمَّا الفواحشُ القَولِية والفِعلية وكثرتها؛ فهي أشهَرُ من أن يستدلَّ لها، وقد أخبرنِي بعضُ جيران مؤسسةٍ تعليمية عن الانحطاطِ الأخلاقي للتلاميذ الذين يتجمَّعون حذاء بيتِه؛ فَيسمعُ مِنهم الكلامَ السَّاقط، ومنهم من عَرض بيتَه للبيع للفِرار من جِوار مُؤسسة يُفترض فيها أن تكون تَربوية بالأسَاسِ، وهذا نداءٌ للمسؤولين على الشأن التعليمي بضرورة خلقِ فضاءات تثقيفية داخل المؤسَّسات التعليمية لإيوائِه التلاميذ في حالِ غيابِ أستاذ أو مَا أشبه ذلك.


• أليس الكثيرُ منَّا يشتَكِي من أقارِبهِ وجيرانِه ويشتَكِي مِنَ الجَفَاء الذي يَجدُه مِنهم.


• ألسناَ نَعِيش حوادثَ تدلُّ على أكلِ القويِّ للضعيفِ، ومنها انتشار السَّرقةِ تحتَ التهديدِ، والرشوة لأكلِ حقِّ الغير، واستِغلال المُناسَبات للزيادة في أثمنةِ السِّلعِ وتذاكِر النَّقل وهلُمَّ جرًّا من الأمثلةِ. فاللَّهم إنَّا نعوذ بِك من مَساوئِ الأخلاقِ، واصرفْ عنَّا سيِّئهَا، وآخِر دَعوانَا أن الحَمدُ لله رَبِّ العَالمين.


الْخُطْبَةُ الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَصَلَّى اللَّهُ وسَلَّمَ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى وَآلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَن اقْتَفَى.


بعد ذِكر جَعفر لأمورِ الجَاهِلية، ذكر ما يُضادها مِمَّا ينبغِي التحلِّي والعمل بِه، ومن ذلكَ:

• توحيدُ الله عز وجلَّ الذي يضادُّ الشِّركَ به وعبادة الأصنامِ واتباع سُنَّة الآباء كما يَفعلُ أهلُ الجَاهليَّة.


• الأمرُ بصِدقِ الحَديث؛ ومن ذلك قولُه صلى الله عليه وسلم:«عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إلى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إلى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا»[6].


• الأمرُ بأداءِ الأمانةِ؛ ومن ذلك قولُه صلى الله عليه وسلم:«أَدِّ الْأَمَانَةَ إلى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ»[7].


• الأمرُ بصِلةِ الرَّحمِ؛ ومن ذلكَ قولُه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ »[8].


• الأمرُ بحُسنِ الجوارِ؛ ومن ذلكَ قولُه صلى الله عليه وسلم:«مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِي جَارَهُ»[9].


• الأمرُ بالكفِّ عن سَائِر المَحارِم؛ كقتلِ الأنفسِ المَعصُومَة، والفَواحِش ما ظهر منهَا وما بطَن، وقول الزور واتهام النَّاس بمَا لم يَفعلُوه، وأكلِ أموَال اليتامَى، وقذف المُحصَناتِ المؤمناتِ في أعْراضِهنَّ بما لَم يفعَلنَ.


• الأمر بجُملة من الأوامرِ والعِباداتِ التي يجبُ الحفاظ عليها؛ كالصَّلاة والزكاة والصِّيام؛ لأنها غايةُ الخلق، قال تعالى:﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].


فاللَّهم إنَّا نسألُك فِعل الخَيراتِ وتَرك المُنكراتِ، واتِّباع هَديِ نَبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم آمين. (تتمة الدُّعاءِ).

 



[1] الأساقفة: عُلَمَاء النَّصَارَى الَّذين يُقِيمُونَ لَهُم دينهم، واحدهم أَسْقُف.

[2] سيرة ابن هشام: 1/ 335-337.

[3] فتاوى ابن السبكي: 1/ 265.

[4] رواه الترمذي برقم: 2664، وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ.

[5] صحيح الجامع، برقم:2549.

[6] رواه مسلم، برقم: 2607.

[7] رواه الترمذي، برقم: 1264، وقال: حسن غريب.

[8] رواه البخاري، برقم: 2076.

[9] رواه البخاري، برقم: 5185.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الهجرة إلى الحبشة: دروس وعبر (1)
  • الهجرة إلى الحبشة: دروس وعبر (2)
  • الهجرة إلى الحبشة: دروس وعبر (4)
  • الهجرة وأثرها على الشباب المسلم
  • أحداث غزة الأخيرة ابتلاء انطوى على دروس وعبر ومواقف وآمال وآلام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: الهجرة النبوية دروس وعبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • همة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وعن أبيه: دروس وعبر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من قصص القرآن والسنة: قصة قارون دروس وعبر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دروس وعبر من التاريخ والسير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دروس وعبر وفوائد من السيرة النبوية (6)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة الإسراء والمعراج دروس وعبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دروس وعبر وفوائد من السيرة النبوية (5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة الإسراء والمعراج: دروس وعبر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دروس وعبر وفوائد من السيرة النبوية (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دروس وعبر وفوائد من السيرة النبوية (3)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/1/1447هـ - الساعة: 15:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب