• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

وهو العلي العظيم (خطبة)

وهو العلي العظيم (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/6/2023 ميلادي - 14/11/1444 هجري

الزيارات: 6731

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾

 

الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ تفردِ بالعزَّةِ والعظمةِ والجلالِ، لهُ الغنى كلُّهُ ولهُ مُطلقُ الكمالِ، سبحانهُ وبحمده، تُسبحُ لهُ السماواتُ السبعُ والأرضُ، والشمسُ والقمرُ، والنجومُ والشجرُ والجبالُ، ﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾ [الرعد: 13]، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك لهُ، الكبيرُ المتعال.

تباركَ اللهُ في علياء عزتهِ
وجلَّ معنًى فليسَ الوهمُ يُدنِيهِ
جلالُهُ أزليٌّ لا زوالَ لهُ
وملكُهُ دائمٌ لا شيءَ يُفنِيهِ
حارَت جميعُ الورى في كُنه قُدرتهِ
فليسَ تدرِكُ معنًى من معانِيهِ

 

وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، المنعوتُ بأعظم الأخلاقِ وأشرفِ الخِصالِ، اللهم صلِّ وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وصحبهِ، خيرُ صحبٍ وخيرُ آلٍ، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم المآل، وسلَّم تسليمًا كثيرًا؛ أَمَّا بعْدُ:

فاتَّقُوا اللهَ عباد الله وأَطيعُوه، واقْدُرُوهُ حقَّ قَدْرِهِ وعَظِّمُوه.. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70-71]..

 

معاشر المؤمنين الكرام، نحنُ في زمن كَثُرتْ فيه الأشغالُ، وتغيَّرتْ فيه الأحوالُ، وتشعبت فيه الأماني والآمال، وانبهرَ الناسُ فيه بما وصلوا إليه من تقدمٍ حضاريٍّ وتقنيٍّ في كلِّ مجال، فنقصَ لذلك تعظيمُ الخالق جلَّ وعلا في قلوبهم؛ جاء في الأثر أنَّ الصحابي الجليل عبدالله بنِ عمرَ رضي الله عنهما خرج إلى بعضِ نواحي المدينةِ ومعه بعض أصحابه، فمرَّوا على راعيٍّ يرعى غنمه، فقالَ له عبدُ اللهِ: هل لك أن تبيعَنا شاةً من غَنمكَ ونُعطيكَ ثمنَها؟ قالَ الراعي: إنها ليستْ لي، إنها لسيدي، قالَ ابن عمر: قلْ له أنَّ الذئبَ أكلَها، فرفع الراعي إصبعَهُ إلى السماءِ، وقال: فأينَ اللهُ؟ فما زال ابنُ عمرَ يقولُ: فأينَ اللهُ؟ فأينَ اللهُ؟

 

أيها الأحبة الكرام، الإيمانُ بالله جلَّ وعلا مبنيٌّ على التعظيم والإجلال، بل إنَّ تعظيمَ اللهِ تباركَ وتعالى هو روحُ العبادةِ وأصلُها، فلا يُتصورُ عبادةٌ من غير تعظيم، تأمَّل هذا التوجيه الربانيَّ الكريم: ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 74]، واعلم أنَّ هناك فرقًا كبيرًا بين الإيمانِ بالله تعالى، وبين الإيمانِ بعظمة اللهِ جلَّ وعلا، فهذه السماواتُ العظيمةُ قال عنها فاطرها: ﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ﴾ [مريم: 90]، وقال عن الجبال الصمِّ الصِّلاب: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [الحشر: 21]، ثم انظر ماذا قال الله عزَّ وجلَّ عن حال الكافر: ﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحاقة: 30-33]، فهو وإن كان يؤمن بوجود الله، فإن ذلك لم ينفعه؛ لأنه كان لا يُعظمُ الله ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾ [نوح: 13]، يقولُ العلَّامةُ ابنُ القَيِّمِ رحمَه اللهُ: (وَلَوْ تَمَكَّنَ وَقَارُ اللَّهِ وَعَظَمَتُهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ، لَمَا تَجَرَّأَ عَلَى مَعَاصِيهِ؛ فَإِنَّ عَظَمَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَجَلَالَهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ تَقْتَضِي تَعْظِيمَ حُرُمَاتِهِ، وَتَعْظِيمُ حُرُمَاتِهِ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذُّنُوبِ، وَالْمُتَجَرِّئُونَ عَلَى مَعَاصِيهِ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ).

 

إذًا يا عباد الله، فتعظيمُ اللهِ جلَّ وعلا هو أساسُ الإيمانِ والعبادة، فالعبدُ إذا عظَّمَ ربهُ عظَّمَ أمرهُ ونهيه، ففعلَ المأمور، وتركَ المحذور، وأعظَمُ ما يفعلهُ العبدُ من الأسباب لتعظيم ربِّ الأرباب، هو التأمَّلُ والتفكرُ في آيات اللهِ ومخلوقاته، فتأمَّل يا رعاك الله في آياتِ الله القرآنية، واربط بينها وبين الآياتِ الكونية؛ لترى لوحةً واسعة، سِعةَ الكون كلِّه، لوحةٌ كتِبت بحروفٍ كبيرةٍ واضحة، تُفهمُ بكل سهولة، فقط أعمِل حواسك، وأحضِر عقلك، ليمتلئَ قلبك إجلالًا وعظمةً لخالقك جل وعلا: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37]، وقال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]، وقال جلَّ وعلا: ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46].

 

قال أبو معاذ الرازي: لو تكلمت الأحجار ونطَقت الأشجار، وخطبت الأطيار، لقالت: لا إله إلا اللهُ الملكُ القهار.

 

أيها الأحبة الكرام، إنَّ التأمُّلَ في مخلوقات اللهِ تعالى وأحوالها، التأمُّلَ في ارتفاع هذه السماءِ الفسيحةِ واتساعها، وكثرةِ نجومها وأفلاكها ومداراتها، التأمُّلَ في شروق الشمسِ وغروبها، في تضاريسِ الأرضِ وامتدادها، في روعة البحرِ وكائناته، في تناسق الأمواجِ وتتابُعها، في تراكيب الجبالِ وعلوها في تشعُّب الوديانِ وعمقها، في كثبان الرمالِ وتشكيلاتها، في ركام السُّحبِ وتكوينها، في هبوب الرياحِ وسُكونها، في نزول الأمطارِ وسيولها، في جريان الأنهارِ واضطرابها، التأمُّلَ في النبتة النامية، والسنبلةِ المائلة، والبرعُمِ الناشئ، والزهرةِ المتفتِّحة، التأمُّلَ في الطائر المحلقِ في الفضاء، والسمكِ السابحِ في الماء، والدويبةِ الساربةِ في الصحراء، التأمُّلَ في انبثاق الصبحِ، وانتشارِ الضياء، في هدأة الليلِ وحلولِ المساء، في نور القمرِ ونجومِ السماء، التأمُّلَ في حنان الأمِّ وعطفها، في براءة الأطفالِ ولعِبها، في شقشقة الطيورِ وتحليقها، في تمايل الأغصانِ وتشابكها، في روائح الزهورِ وألوانها، في انعقاد الثمارِ وتنوُّعها، في تجمعات النملِ وأسرابها، في خلايا النحلِ وتعاونها، في تركيب الانسانِ وبديع خلقه، في سمعه وبصره، وفي عقلهِ وقلبهِ وحسه، وكلِّ جارحةٍ من جوارحه...

 

جاء في حديثِ ابن مسعود رضي الله عنه قال: (ما بين السماءِ والأرضِ مسيرةَ خُمسُمَائَةِ عام، وما بين كُلِّ سماءٍ وسماء، مسيرةُ خُمسمائَةِ عام، وسُمكُ كُلِّ سماءٍ مسيرةُ خُمسُمَائَةِ عام، وما بين السماءِ السابعةِ والكرسيِ خُمسُمَائَةِ عام، وما بين الكرسيِ والماءِ خُمسُمَائَةِ عام، والكُرسيُ فوقَ الماءِ، واللهُ سبحانهُ وتعالى مستويٍ على عرشه، ولا يخفى عليه شيءٌ من أحوال خلقهِ، ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 103]، وجاء في حديث صحيح قال عليه الصلاة والسلام: (أُذن لي أن أحدِّث عن ملَكٍ من ملائكة الله مِن حَمَلة العرش، إن ما بين شحْمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سَبْعِمائة عام).

 

وتأمل في هذا الكمال المطلق، فاللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، ورَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ، وبِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ، وهو يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

 

تَبارَكَ وتَعَالى: ﴿ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12]، ﴿ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ﴾ [الجن: 28]، و﴿ أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 50]، و﴿ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [آل عمران: 5]، ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ﴾ [النساء: 85]، و﴿ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴾ [الكهف: 45].

 

عزَّ وجَلَّ: ﴿ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [النمل: 88]، و﴿ أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [فصلت: 21]، و﴿ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ [السجدة: 7]، ﴿ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ﴾ [الرعد: 8]، ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 88].

 

سُبْحَانَهُ وبِحَمْدِهِ: ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [البروج: 9]، ﴿ ﴿ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [سبأ: 21]، و﴿ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الأنعام: 102]، ﴿ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ﴾ [فصلت: 54]، و﴿ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ﴾ [الملك: 19].

 

جَلَّ وعَلا: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الحديد: 3]، ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ﴾ [فاطر: 44]، ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 20]، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].

 

الا إنَّ التأمَّل في كلِّ ذلك ليُحرِّك القلبَ والعقل، ويُشعرُ العبدَ بعظمة الخالق جلَّ وعلا، وأنَّ عظمتهُ وجلاله فوقَ ما يَتصورُ العقلُ مِنْ العظمةِ والجلال، وأنَّهُ سبحانه قويٌّ قَدِير، فوقَ كلِّ من معاني القوة والقُدرَة، وأنَّهُ جلَّ وعلا حَيٌّ قَيومٌ، بأكمَلِ مَعاني الحياةِ وأشملِها، وأنَّهُ تبارك وتعالى عَليمٌ حكيم، وسِعَ عِلمُهُ وحِكمتهُ الأشياءَ كُلَّها، وأنَّهُ عزَّ وجلَّ فوقَ نَوامِيسِ الكونِ وخارج نطاق القوانينِ؛ لأنَّهُ سبحانه هو الذي وَضَعَها، ولأنَّهُ مَوجُودٌ قبلَ المخلوقاتِ وبَعدَها، ولأنَّهُ جلَّ وعلا هو الذي خلقها، وإذا شاءَ أفنَاهَا كمَا أوجدَها، وإجمالًا سترى نَفسكَ مملُوءةً إيمَانًا بأنَّ خالقَ هذا الكونِ ومُدبِرَهُ، مُتصِفٌ بكُلِّ صِفاتِ الكمالِ، مُنزهٌ عن كُلِّ صِفاتِ النَّقصِ، وأنهُ جلَّ وعلا مَلِكٌ عَظيمٌ، مُقتَدِرٌ حَكيمٌ، واحدٌ في مُلكِهِ، مُستويٍ على عرشهِ، يُدبِرُ أَمرَ عبادهِ ومملَكتِهِ، كَوَّنَ الأكوانَ، ودَبَّرَ الأزمَانَ، ولا يَشْغَلُهُ شَأنٌ عن شأنٍ، يأمرُ وينهَى، يخلُقُ ويرزُقُ، يُبدِئُ ويُعيدُ، يُحييُ ويُميتُ، يَخفِضُ ويَرفَعُ، ويَحكُمُ بما شاء، لا مُعقبَ لحكمه، عليٌّ كبيرٌ، عزيزٌ قديرٌ، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 190-191]..

 

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا لاَ مُنْتَهَى لِحَدِّهِ، وَلا حِسَابَ لِعَدَدِهِ، وَلا انْقِطَاعَ لأمَدِهِ، سبحانه وبحمده، ملكوتُ كلِّ شيءٍ بيده: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ [فاطر: 41]، وأشهد أنَّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدهُ ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته ومن والاه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

معاشر المؤمنين الكرام، إنَّ المتأمِّلَ في الكون وآفاقه، المتفكرَ في بديع صنعِ الله وآياته - يشعرُ بجلال اللهِ وعظمتهِ، فالكونُ بكُلِّ ما فيه خاضعٌ لأمرِ سيدهِ، منقادٌ لتدبير مولاه، شاهدٌ بوحدانيةِ اللهِ وعظمته، دائمُ التسبيحِ بحمده، ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44].

 

سبحانه وبحمده أحاطَ بكلِّ شيءٍ علمًا، ووسعِ كلَّ شيءٍ رحمةً وحِلمًا، وقهرَ كلَّ مخلوقٍ عِزةً وحُكمًا، ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ [طه: 110].

 

جلَّ جلاله تواضعَ كلُّ شيءٍ لعظمته، وذلَّ كُلُّ شيءٍ لعزتِه، وخضعَ كلُّ شيءٍ لهيبتهِ، واستسلَمَ كُلُّ شيءٍ لمشيئته، ﴿ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ ﴾ [الأنبياء: 19].

 

تباركَ وتقدَّس لا تدركهُ الأبصارُ، ولا تغيرهُ الأعْصَارُ، ولا تتوهمُه الأفكارُ، ﴿ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ﴾ [الرعد: 8].

 

عزَّ وجلَّ تنزَّه عن الشركاء والأنداد، وتقدَّسَ عن الأشباهِ والأضدادِ، وتعالى عن الزوجةِ والأولاد، ﴿ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد ﴾ [الزمر: 36]، ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾.

 

جلَّ في عُلاه مَن تكلمَ سمعهُ، ومن سكَتَ علِمَهُ، ومن تابَ قبِلهُ ورحمهُ، ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَاد ﴾ [آل عمران: 30].

 

سبحانه وبحمده وجلَّ شأنُه، الورقةُ لا تسقطُ إلا بعلمه، والقطرةُ لا تنزلُ إلا بعلمه، والحبةُ لا تنبتُ إلا بعلمه، والكلمةُ لا تُنطقُ إلا بعلمه، ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19]، ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 59].

سبحانه سبحانه،

إليهِ وإلَّا لا تُشدُّ الركَائِبُ
ومِنهُ وإلَّا فالمؤَمِلُ خَائِبُ
وفيهِ وإلَّا فالغرامُ مُضَيعٌ
وعنهُ وإلَّا فالمحدِثُ كاذِبُ

♦♦ ♦♦

وللهِ في الآفاقِ آياتٌ
لعلَّ أقلَّهَا هو ما إليهِ هَدَاكَا
ولعَلَّ ما في النفس من آياته
عَجَبٌ عُجَابٌ لو ترى عَيناَكا
والكَونُ مَشحُونٌ بأسرارٍ إذا
حَاولتَ تَفسِيرًا لها أَعْيَاكَا
يا أيَّها الإنسَانُ مَهلًا ما الذي
بالله جلَّ جلالهُ أغرَاكا؟

 

ألا فاتقوا عباد الله وعظِّموه، واقْدِروه حقَّ قدرهِ، وراقبوه فمراقبةُ اللهِ وتعظيمهُ صمامُ أمان، ووازعُ خيرٍ، ومانعُ شرٍّ بإذن الله، ثم اعلموا أنَّ ثمرةَ الاستماعِ هي الانتفاع، وأنَّ دليلَ الانتفاعِ هو الاتِّباع، فطوبى لمن استمعَ فانتفعَ فأطاع؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18].

 

ويا بن آدم، عِشْ ما شئت فإنك ميِّت، وأحبِب مَن شئت فإنك مُفارقه، واعمَل ما شئت فإنك مَجزيٌّ به، البر لا يَبلى والذنب لا يُنسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

 

اللهم صلِّ على محمد.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اسم الله (العلي) واسم الله (العظيم)

مختارات من الشبكة

  • خطبة وهو العلي العظيم(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدرس الخامس عشر {وهو العلي العظيم}(مقالة - ملفات خاصة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: (وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسماء الله الحسنى وصفاته العلى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فتح العلي المتعال في بيان حقوق الأطفال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب