• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

القناعة برزق الله

القناعة برزق الله
الشيخ عبدالعزيز السلمان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/5/2023 ميلادي - 9/11/1444 هجري

الزيارات: 3161

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القناعة برزق الله

 

عِبَادَ اللهُ، مَا أَحْسَنَ أَنْ يَعِيشَ الْمَرْءُ قَانِعًا بِمَا رَزَقَهُ اللهُ في هَذِهَ الحَيَاةِ فَلا يَمُدُّ بَصَرَهُ إلى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَلا تَتَطَلَّعُ نَفْسه إلى سَلْبِ حُقُوقِ النَّاسِ أَوْ ظُلْمِهِمْ والاعْتِدَاءِ عَلَى مَا وَهَبَ اللهُ لَهُمْ مِنْ نِعَمٍ جِسَامٍ فَإنَّ القَانِعَ يَشْعُرُ وَيُحِسُّ بِسَكِينَةً وَطُمَأنِينةً كَمَا يَشْعُرْ بَأنَّهُ غَنِيُّ عَنْ كُلِّ الخلق قال الشاعر:

إِذَا كُنْتَ في الدُّنْيَا قَنُوعًا
فَأَنْتَ وَمَالِكُ الدُّنْيَا سَوَاءُ

 

آخر:

وَإِنَّ اقْتِنَاعَ النَّفسِ مِن أَحْسَنِ الغِنَى
كَمَا أَنْ سُوءَ الحِرْصِ مِنْ أَعْظَمِ الفَقْرَ


وَذَلِكَ أَنْ لَهُ نَفْسًا رَاضِيةً بِمَا قَسَم الله آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً لَمْ يَتَسَرَّبْ إِلِيْهَا الجَشَعُ وَالطَّمَعُ اللذَانِ هُمَا مِنْ أَقْبَحِ القَبَائِحِ وَأَسْوَأ الشَّمَائِلَ وَلا يَزَالُ صَاحِبُ هَذَيْنَ أَوْ أَحَدُهُمَا إِلا وَهُو مَذْمُومٌ وَبَأَقْبَحِ الصِّفَاتِ مَوْسُومٌ لا تَعْرُضُ لَهُ القِنَاعَةِ وَلَوْ كَانَتَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا لَهُ، قَدْ مَلأَ حُبَهَا قَلْبَهُ وَغَمَرَ مَحَبَّتُها والتَّفَانِي فِي طَلَبَا قَلْبَهُ وَصَارَ لا يَرْضَى مِنْهَا باليسِير وَلا يَقْنَعُ بالكَثِيرِ وَقَلَّمَا تَجِدُ مُتَّصِفًا بِهَذَا الوَصْفِ إلا وَهُوَ مُتَشَتِّتُ الفِكْرُ قَلِيلُ الرَّاحَةِ عِنْدَهُ مِنْ الحَسَدِ والهَلَعِ وَضَعْفِ التَّوَكُّلِ عَلى الله الشَّيْء الكَثِيرَ الذي يُخْشَى عَلَيْهِ مَعَ اسْتِدَامَتِهِ مَعَهُ مِنْ سُوءِ الخَاتِمَةِ.


شِعْرًا:

فَإِن تَكُنِ الدُنيا تُعَدُّ نَفيسَةً
فَإِنَّ ثَوابَ اللَهِ أَعَلَى وَأَنْبَلُ
وَإِنْ تَكُنِ الأَرْزَاقُ حَظًا وَقِسمَةً
فَقِلَّةُ حِرصِ المَرءِ في الكَسْبِ أَجمَلُ
وَإِن تَكُنِ الأَموالُ لِلتَركِ جَمعُها
فَما بالُ مَتروكٍ بهِ المَرْءُ يَبخَلُ


آخر:

دَعِ الضَراعَةَ لِلمُحتاجِ مِثلِكَ إِذ
ما في الخَلائِقِ طُرًا غَيْرَ مُحْتَاجِ
واضْرَعْ إلى سَيِّدٍ تُغْنِي مَوَاهبُهُ
عَنْ غَيْرِهِ وَهُوَ كِنْزُ القاصِدِ الرَّاِجي
وَكَيفَ تَرجو سِوى المَولى وَأَنتَ تَرى
ما في البَرِيَّةِ طَرًا غَيرَ مُحتاجِ


آخر:

فَاطْلُبْ إِلى مَلك الْمُلُوك ولا تَكُنْ
بادِي الضَّرَاعَةِ طَالِبًا مِن طَالِبِ


آخر:

أَرَى اليأسَ مِنْ أَنْ تَسْأَلِ النَّاسِ رَاحَةً
تميتُ بِهَا عُسْرًا وَتَحْيِي بِهَا يُسْرَا


أَمَّا القَانِعُ ذُو النَّفْسِ الأَبَيَّةِ الرَّاضِيَةِ الْمُطْمَئِنَّةِ الْمُتَوَكِّلَةِ عَلَى اللهِ فَيُرْجَى لَهَا أَنْ تَنَالَها الآيَة الكَرِيمَةُ: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ﴾ [الفجر: 27] الآية.


قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًا فِي بَدَنِهِ مَعَهُ قُوتَ يَوْمِهِ فَكَأنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذِافِيرَهَا».

 

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا مِنْ يَوْمٍ إلا يُنَادِي فِيهِ مَلَكٌ مِنْ تَحْتِ العَرْشِ يا ابْنَ آدَمَ قَلِيلٌ يَكْفِيكَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٌ يُطْغِيكَ.


شِعْرًا:

لا تَجْزَعَنَّ لِعُسْرَةٍ مِنْ بَعْدِهَا
يَسْرَانِ وَعْدٌ لَيْسَ فِيهِ خِلافُ
كَمْ عُسْرَةٍ ضَاقَ الفَتَى بِنُزُولِهَا
لِلَّهِ فِي أَعْقَابِهَا أَلْطَافُ


آخر:

كَمْ كَافِرٍ باللهِ أَمْوَالِهِ
تَزْدَادُ أَضْعَافًا عَلَى كُفْرِهِ
وَمُؤمِنٌ لَيْسَ لَهُ دِرْهَمٍ
يَزْدَادُ إِيمَانًا عَلَى فَقْرِهِ
لا خَيْرَ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ عَاقِلاً
يَمُدُّ رِجْلَيهِ عَلَى قَدْرِهِ


وَقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: أَطْيَبُ العَيْشِ القَنَاعَةُ وَأَنْكَدُ الْعَيْشِ الجَشَعُ وَمِنْ الأَخْلاقِ الذَّمِيمَةِ التي تَجْعَلُ الإِنْسَانَ بَخِيلاً بِمَا فِي يَدِهِ مُتَطَلِّعًا لِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ الحِرْصُ والإفْرَاطُ في حُبِّ الدُّنْيَا وَجَمْعِهَا وَلَوْ أَدَّى ذَلِكَ إلى إهْدَارٍ الكَرَامَةِ وَإرَاقَةِ مَاءِ الوَجْهِ فَالْحَذرَ عِبَادَ اللهِ مِنْ الحْرِصِ عَلَى الدُّنْيَا فَإنَّ حُبَّهَا رَأْسُ كُلُّ خَطِيئَةٍ.

 

شِعْرًا:

إِنْ رُمْتَ عِزًا على فَقْرٍ تُكَابِدِ
فَاسْتَغْنِ عَنْ مَالِ أَهْلِ البَذْخِ والبَطَرِ
فَإنِّمَا النَّفْسُ مَا لَمْ تَنْأ عَنْ طَمَعٍ
فَرِيسَةٌ بَيْنَ ذُلِّ النَّفْسِ والظُّفُرِ



آخر:

أَلا إِنَّما الدُنيا مَطِيَّةُ راكِبٍ
تَسِيرُ بِهِ فِي مَهْمَةٍ وَسِبَاسِبِ
فَإنَّا إلى خَيْرٍ يَسُرُّ نَوَالُهُ
وَأمَّا إِلى شَرٍّ وَسُوءِ مَعَاطِبِ
فَلولا ثَلاثٌ هُنَّ أَفْضَلُ مَقْصَدٍ
لَمَا كُنْتُ فِي طُولِ الحَيَاةِ بِرَاغِبِ
مُلازَمَةُ خَيْرِ اعْتِقَادٍ مُنَزِّهًا
عَنْ النَّقْصِ وَالتَّشْبِيهِ رَبَّ الْمَوَاهِبِ
وَنَشْرُ عُلُومِ لِلشَّرِيعَةِ نَاظِمًا
عُقُودِ مُعَانِيهَا لِتَفْهِيمْ طَالِبِ
وَصَوْنِي نَفْسِي عَنْ مُزَاحَمَةٍ عَلَى
دَنِيِّ حُطَامٍ أَوْ عَلَى مَنَاصِبِ
فَفِي ذَاكَ عَزٌّ بِالقُنُوعِ وَرَاحَةٌ
مُعَجَّلةٌ مِنْ خَوْفِ ضِدِّ مُغَالِبِ
وَحَسْبُكَ فِي ذَا قَوْلُ عَالِمِ عَصْرِهِ
مَقَالُ مُحِقٍّ صَادِقٍ غَيْرِ كَاذِبِ
كَمَالَ الفَتَى بالعِلْم لا بَالْمَنَاصِبِ
وَرُتْبَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَسْنَى الْمَرَاتِبِ

 

آخر:

إِذَا مَا حَذرتَ الأمر فَاِجعَل إزاءَه
رُجُوعًا إلى رَبٍّ يَقِيكَ المَحَاذِرَا
وَلا تَخْشَ أَمْرًا أَنْتَ فِيهِ مُفوِّضٌ
إِلى اللَّهِ غَايَاتٍ لَهُ وَمَصَادِرَا
وَكُنْ للّذِي يَقْضِي بِهِ اللهُ وَحْدَه
وَإنْ لَمْ تَوَافِقُه الأَمَانِيُّ شَاكِرَا
وَلا تَفخَرنْ إلا بِثَوبِ صِيانَةٍ
إِذَا كُنْتَ يَومًا بَالفَضِيلَةِ فَاخِرَا
وَإنِّي كَفيلٌ بِالنَّجَاء مَنَ الأَذَى
لِمن لَم يَبتْ يَدْعُو سَوى الله نَاصِرَا


قَالَ بَعْضُهُمْ فِي مُنَاجَاتِهِ لِرَبِّهِ: إِلَهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلاي وَعِزتِكَ وَجَلالِكَ مَا أَرَدْتُ بِمَعْصِيتَكَ مُخَالَفَتَكَ، وَمَا عَصَيْتُكَ إِذْ عَصَيْتُكَ وأَنَا بِكَ جَاهِلٌ، وَلا بِعُقُوبَتِكم مُسْتَخِفٌ، وَلكِنْ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي، وَغَلبَتْ عَلَيَّ شَقْوَتِي، واغْتَرَرْتُ بِسِتْرِكِ الْمُرْخِي عَلَيَّ فَعَصيْتُكُ بِجَهْلِي وَخَالَفْتُكَ بَسَفِهي وَأَسْوَأَتَاهُ مِنْ الوُقُوفِ بَيْنَ يَدْيَكَ وَأخَجَلاه من العَرْضِ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَتُوبُ وَأَعُود، وَأَعَاهِدُ وَأَنْقُضُ العُهُودِ.



آخر:

وَإنِّي امْرؤُ بالطَّبِعْ أُلْغِي مَطَامِعِي
وَأزْجُرْ نَفْسِي طَابِعًا لا تَطَبُّعَا
وَعِنْدِي غِنَى نَفْسٍ وَفَضْلُ قَنَاعَةٍ
وَلَسْتَ كَمَنْ إِنْ ضَاقَ ذَرْعًا تَضَرُّعَا
وَإِنْ مَدَّ نَحْوَ الزَّادِ قَوْمٌ أَكُفَّهَا
تَأَخَّرْتُ بَاعًا إِنْ دَنَا القَوْمِ أَصْبُعَا
وَمُذْ كَانَتْ الدُّنْيَا لَدَيَّ دَنِيئَةً
تَعَرَّضْتُ لِلإعْرَاضِ عَنْهَا تَرْفُّعَا
وَذَاكَ لِعِلْمِي إِنَّمَا اللهُ رَازِقٌ
فَمَنْ غَيْرُهُ أَرْجُو وَأَخْشَى وَأَجْزَعَا
فَلا الضَّعْفُ يُقْصِي الرِّزْقَ إِنْ كَانَ دَانِيًا
ولا الحَوْلُ يُدْنِيهِ إِذَا مَا تَجَزَّعَا
فَلا تَبْطِرَنْ إِنْ نِلْتَ مِنْ دَهْرِكَ الغِنَى
وَكُنْ شَامِخًا بَالأَنْفِ إنْ كُنْتَ مُدْقِعًا
فَقَدْرُ الفَتَى مَا حَازَهُ وَأَفَادَهُ
مِنْ العِلْمِ لا مَالٌ حَوَاهُ وَجَمَّعَا
فَكُنْ عَالِمًا فِي النَّاسِ أَوْ مُتَعَلِّمًا
وَإِنْ فَاتَكَ القِسْمَانِ أَصْغِ لِتَسْمَعَا
وَلا تَكُ لِلأَقْسَامِ مَا اسْتَطَعْتَ رَابِعَا
فَتَدْرَأَ عَنْ وُرْدِ النَّجَاةِ وَتُدْفَعَا


اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ نَسْأَلُكَ أَنْ تُوفِّقْنَا لِمَا فِيهِ صَلاحَ دِينِنَا وَدُنْيَانَا وَأَحْسِنْ عَاقِبَتِنَا وَأَكْرِمْ مَثْوَانَا وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا.

 

اللَّهُمَّ يَا مَنْ لا تَضُرُّهُ الْمَعْصِيَةُ وَلا تَنْفَعُه الطَّاعَةِ أَيْقِظْنَا مِنْ نَوْمِ الغَفْلَةِ وَنَبِّهْنَا لاغْتِنَامِ أَوْقَاتِ الْمُهْلَةِ وَوَفِّقْنَا لِمَصَالِحْنَا وَاعْصِمْنَا مِنْ قَبَائِحْنَا وَذُنُوبَنَا وَلا تُؤاخِذْنَا بِمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ ضَمَائِرُنَا وَأكنَّتْهُ سَرَائِرُنَا مِنْ أَنْوَاعِ القَبَائحِ والْمَعَائبِ التي تَعْلَمُهَا مِنَّا وَاغْفِرَ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ والْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

 

فصل: عَنْ عَوْف بن مَالِكٍ الأَشْجَعِي قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- تِسْعَة أَوْ ثَمَانِيَة أَوْ سَبْعَةً فَقَالَ: «أَلا تُبَايعُونَ رَسُولَ اللهِ»؟ وَكُنَّا حَدِيثِي عَهْدِ بِبَيْعَةٍ، فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ! ثُمَّ قَالَ: «أَلا تُبَايعُونَ رَسُولَ اللهِ»؟ قَالَ: فَبَسَطْنَا أَيْدِيْنَا وَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ الله فَعَلامَ نُبَايعُكَ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَالصَّلَواتُ الخَمْسُ، وَتُطِيعُوا اللهَ، وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفيَّةً، وَلا تَسْأَلُونَ النَّاسَ شَيْئًا، فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاولُهُ إِيَّاهُ».

 

شِعْرًا:

مَنِ استعانَ بغَيرِ اللهِ في طَلَبٍ
فإنَّ ناصِرَهُ وعَجزٌ وخِذْلانُ

آخر:

مَنِ استعانَ بغَيرِ اللهِ في طَلَبٍ
أَجَابَ كُلَّ سؤال عن هَلٍ بِلَمِ

آخر:

فَحَسِّنِ الوَعْدَ بالإنْجَازِ تُتْبعُهُ
إِذَا مَوَاعِيدُ قَوْمٍ شَانَهَا الخُلُفُ
إنِّي لأَكْرِمُ وَجْهِي أَنْ أَوْجِّهَهُ
عِنْدَ السُّؤالِ لِغَيْرِ الواحِدِ الصَّمَدِ
عَزُّ القَنَاعَةِ وَالإِيمَانُ يَمْنَعُنِي
مِنْ التَّعَرُض لِلْمَنَانَةِ النَّكِدَ
رَضِيتُ بِاللهِ فِي يَوْمِي وَفِي غَدِهْ
وَاللهُ أَكْرَمُ مَأْمُولِ لِبَعْدِ غَدِ


آخر:

اسْتَرْزِقِ الله فالأرَزَاقَ في يَده
ولا تَمُدُّّ إلى غَيْرِ الإِلهِ يَدَا

آخر:

مَا شِقْوَةُ المَرْء في فَقرٍ يَعيشُ بِهِ
وَلا سَعَادَتُهُ يَوْمًا بإكثار
إنَّ الشّقيَّ الذي في النارِ مَنْزِلُهُ
وَالفَوْزَ فَوْزُ الذي يَنْجُو مِن النَّارِ


وَعَنْ زَيْدِ بِنْ أَسْلَمَ قَالَ: شَرِبَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَبِنًا فَأعْجَبَهُ، فَسَأَلَ الذي سَقَاهُ: مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ؟ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى مَاءٍ - قَدْ سَمَّاهُ - فَإِذَا نَعَم ُمِنْ نَعم الصَّدَقَةِ وَهُمْ يَسْقُونَ، فَحَلَبُوا مِنْ أَلْبَانها فَجَعَلْتُهُ فِي سَقَائِي فَهُو هَذَا فَأَدْخَلَ عُمَرُ يَدَهُ فِي فَمِهِ فَاسْتَقَاءَ. أَي: أَخْرَجَهُ مِنْ جَوْفِهِ.

 

وَعَنْ عُمَرَ بِنْ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي العَطَاءَ، فَأَقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ مِنِّي، فَقَالَ: «خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ وَأَنْتَ غَيْرَ مُشْرِفٍ وَلا سَائِلٍ، فَخُذْهُ، وَمَا لا فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ»؛ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَعَنْ ابْنِ السَّاعِدِي قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْهَا وَأَدَّيْتُهَا إِلِيْهِ أَمَرَ لِي بِعَمَالَةٍ، فَقُلْتُ: إِنَّمَا عَمِلْتُ للهِ، قَالَ: خُذْ مَا أُعْطِيْتَ فَإِنِّي قَدْ عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَمَّلَنِي، فَقُلْتُ مِثْلَ قَوْلِكَ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَعْطِيْتَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَهُ فَكُلْ وَتَصَدَّقْ»؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ»؛ رَوَاهُ الخَمْسَةُ.

 

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ»؛ رَوَاهُ البُخَارِي، وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا.

 

وَقَدْ اشْتَمَلَ الحَدِيثَانِ الأَخِيرَانِ عَلَى جُمَلٍ جَامِعَةٍ نَافِعَةٍ:

الأولى: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ»، فَفِيهَا الحَثُّ عَلَى مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ عَلَى انْصِرَافِهَا عَنْ التَّعَلَقُّ بَالْمَخْلُوقِينَ، وَذَلِكَ بِالاسْتِعْفَافِ عَمَّا فِي أَيْدِيهِمْ، فَلا يَطْلُبُ مِنْهُم شَيْئًا لا بِلِسَانِ الحَال ولا بِلِسَانِ الْمَقَالِ بَلْ يَكُونُ مُعْتمدًا على الله وحْدَهُ.

 

شِعْرًا:

أَحْسنْ الظَّنَّ بَربّ عَوَّدك
حَسَنًا أَمْسَى وَسوَّى أَوَدَكْ
إنَّ رَبًا يَكْفِيكَ الذي
كَانَ بالأمْسِ سَيَكْفِيكَ غَدَكْ


آخر:

إِذَا مَا شِئْتَ طِيبَ العَيْشٍ فَانْظُرْ
إِلى مَنْ بَاتَ أَسْوَأُ مِنْكَ حَالا
وَاَخْفَضَ رُتْبَةً وَأَقَلَّ قَدْرًا
وَأَنْكَدَ عَيْشَةً وَأَقَلَّ مَالاً

 

آخر:

لا تَسْأَلَنَّ إلى صَدِيق حَاجَةً
فَيَحُولُ عَنْكَ كَمَا الزَّمَانُ يَحُولُ
وَاسْتَعْن بالشيءِ القلِيلِ فَإنَّهُ
مَا صَانَ عِرْضُكَ لا يُقَالَ قَلِيلُ
مَنْ عَفَّ خَفَّ عَلَى الصَّدِيقِ لِقَاؤهُ
وَأَخُو الحَوائجِ وَجْهُهُ مَمْلُولُ
وَأَخُوكَ مَنْ وَفَّرْتَ مَا في كَفِهِ
وَمَتَى عَلِقْتَ بِهِ فَأَنْتَ ثَقِيلُ

 

آخر:

نَصَحْتُكَ لا تَأتِي لِمَخْلُوقٍ سَائِلاً
وَتَتْرُكُ بَابَ الله ذي الفَضْلِ جَانِبًا

وَفي الجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ: وَهِي قَوْلُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ». الحَثُّ عَلَى الاسْتِغْنَاءِ باللهِ والثِّقَةِ بِهِ وَالاعْتِمَادِ عَلَيْهِ فِي الدَّقِيقِ والجَلِيلِ.

 

وَالثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرُهُ اللهُ». فَفِيهَا أَيْضًا الحَثُّ عَلَى مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ عَلَى الصَّبْرِ الذي هُوَ حَبْسُ النَّفْسِ عَلَى مَا تَكْرَهُ تَقَرُّبًا إلى اللهِ لأنَّهُ يَحْتَاجُ إلى الصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ حَتَّى يُؤَدِّيهَا وَعَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ حَتَّى يَتْرُكَهَا للهِ وَإلى الصَّبْرِ عَلَى أَقْدَارِ اللهِ الْمُؤْلِمةِ فَلا يَتَسَخَّطْ.

 

وَفِي الحَدِيثِ الآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الغِنَى عَنْ كِثْرَةِ العْرَضِ = ». إلخ بَيَانٌ أَنَّ الغِنَى لَيْسَ بِسَعَةِ الثَّرْوَةِ وَوَفْرَةِ الْمَالِ وَكثْرَةِ الْمَتَاعِ، وَلَكِنْ الغِنَى غَنَى النَّفْسِ، فَمَنِ اسْتَغْنَى بِمَا فِي يَدِه عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَلَمْ تَشْرُفْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ وَلَمْ تَتَطَلَّعْ إِلَيْهِ فَهُوَ الْغِنيُّ الجَدِيرُ بِلَقَبِ الغَنِيّ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ مُقِلاً، إِذْ رَضَاهُ بِمَا قَسَمَ اللهُ وَعِفَّتُهُ وَزُهْدهُ وَقَنَاعَتُهُ جَعَلَتْهُ فِي دَرَجَةٍ مِنْ الغِنَى دُونَهَا بِطَبَقَاتِ أَهْلِ الثَّرَاءِ الذينَ حُرمُوا الزَّهَادَةَ وَالقَنَاعَةَ وَالرِّضَا بِمَا كَتَبَ اللهُ لَهُمْ، الذِينَ تَذْهَبُ أَنْفُسُهُمْ حَسْرَةً إِذَا فَأتَتْهُم صَفَقَةٌ أَوْ ضَاعَتْ عَلَيْهِمْ فُرْصَةٌ. بَلْ مَا جَاءَهُ رِضَيَ بِهِ وَقَنِعَ بِخَلافِ مِنْ كَثُرَ مَالُهُ وَتَشَعَّبَتُ أَمْلاكُهُ وَصَارَ قَلْبُهُ مُوَزِّعًا بَيْنَ ضَيْعَتِهِ وَعِمَارَاتِهِ وَذَهبِهِ وَفِضَّتِهِ وَأَوْرَاقِهِ وَسَائِرِ أَمْوَالِهِ وَلَيْسَ لَهُ هَمَّ إِلا جَمْع الْمَالِ فَهُوَ مَعْشُوقُهُ يَحْرِصُ عَلَيْهِ أَشدَّ الحِرْصِ، واسمع إلى من يصرف المُبالغة في المدح إلى المخلوق وينسى الخالق:

مَنْ زَارَ بَابَكَ لَمْ تَبْرحْ جَوَارِحُهُ
تَرْوي أَحَادِيث ما أَوْلَيْتَ مِنْ منَنَ
فَالْقَلْبُ عَنْ جَابْرٍ وَالكَفُ عَنْ صِلَةٍ
وَالْعَيْنُ عَنْ قُرَّةٍ والسَّمْعُ عَن حَسَنِ



آخر:

وَمَا فِي الأَرْضِ أَشْقَى مِنْ جَهَولٍ
عَصَى رَبَّ العِبَادِ مَدَى الحَيَاةِ
يُضَيّعُ عُمْرهُ في جَمْع مَالٍ
مَخَافَةَ فَقْرِهِ أو لِلتَّبَاهِي

 

وَيَتَمَيَّزُ غَيْظًا إذا فَاتَهُ مِنْهُ القَلِيلُ وَبُودّه لَوْ ضَمَّ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ إِلى مَا فِي يَدِهِ لا يَتَلذَّذُ بِمَأْكَلِ وَلا بِمَشْرَبٍ وَلا يَرْتَاحُ لِمُنَادَمَةِ جَلِيسٍ لاشْتِغَالِ قَلْبِهِ بِهِ فَهَذَا هُوَ الفَقِيرُ حَقًّا المَحْرُومْ صِدْقًا وَصَدَقَ مَنْ قَالَ:
آخر:

وذي حِرْصٍ تَرَاهُ يَلُمُّ وَفْرًا
لِوَارثهِ وَيَدْفعُ عن حِمَاهُ
كَكَلْبِ الصَّيْد يُمْسِكُ وَهُوَ طَاوٍ
فَرِيَستَهُ لِيَأْكُلَهَا سِوَاهُ


آخر:

أَصْبَحَت الدُّنْيَا لَنَا عِبْرَةً
والْحَمْدُ لله عَلى ذالِكَا
قَدْ أَجْمَعَ النَّاسَ على ذَمِّهَا
وَمَا أَرَى مِنْهُمْ لَهَا تَارِكَا


آخر:

يُفْنِي البَخِيلُ بجَمْعِ المالِ مُدَّتَهُ
وَلِلْحَوَادِثِ وَالوُرَّاثِ مَا يَدَعُ
كَدُودَةِ القَزِّ مَا تَبْنِيهِ يَهْدِمُهَا
وَغَيْرُهَا بالذي تَبْنِيهِ يَنْتَفِعُ


آخر:

إِذَا زَادَكَ الْمَالُ افْتِقَارًا وَحَاجَةً
إِلى جَامِعِيهِ فَالثَّرَاءُ هُوَ الفَقْرُ

آخر:

وَمَنْ يُنْفِقْ السَّاعَاتِ في جَمْعِ مَالِهِ
مَخَافَة فَقْرٍ فَالذي فَعَلَ الفَقْرُ

اللَّهُمَّ يسِّرْ لَنَا أَمْرَ الرِّزْقِ وَاعْصِمْنَا مِنْ الحِرْصِ وَالتَّعبِ فِي طَلَبِهِ وَمَنْ شَغْل القَلْبِ وَتَعَلُّقِ الهَمِّ بِهِ، وَمِنْ الذُّلِّ لِلْخَلْقِ بِسَبَبِهِ وَمِنْ التَّفْكِير والتَّدْبِيرِ فِي تَحْصِيلِهِ، وَمَنْ الشُّحِّ وَالحِرْصِ عَلَيْهِ بَعْدَ حُصُولِهِ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينََ الأحْيَاءِ منْهُمْ والمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.

 

مَوْعِظَةٌ، عِبَادَ اللهِ أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ العَزيزِ العَلام الحَيِّ القَيُّومِ الذي لا يَنَامُ وَأُوصِيكُمْ في مُعَامَلَتِهِ بِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ فِي الأَقْدَامِ وَالأَحْجَامِ وَالفَزَعِ إِلَيْهِ عِنْدَ تفَاقُمْ الشَّدَائِدِ واشْتِبَاهِ الأَحْكامِ، وَالاعْتِمَادِ عَلَيْهِ فِي الدَّقِيقِ وَالجَلِيل، والتَّسْلِيم لَهُ في النَّقْض وَالإِبْرَام، وَالرَّغْبَةِ فِيمَا لَدَيْهِ فَبيَدَيهِ الخَيْرُ وَهُو الكَرِيمُ الجَوَادُ، وَمَقَابَلَةِ قَضَائِه بِحَقِيقَةِ الرِّضَى وَالاسْتِسْلامِ، أَمَا شَرَّفكمُ وَفَضَّلَكمُ بِجَزِيلِ العُقُولِ وَالإِفْهَامِ، أَمَّا أَوْضْحَ لَكُمْ الطَّريقَ المُوصِلَ إلى دَارِ السَّلامِ، أَمَّا بَعَثَ إِلَيْكُمْ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- لِتَبْلِيغِ الشَّرَائِعَ وَالأحْكَامِ، أَمَّا أَنْزَلَ عَلَيْهِ الذِّكْرَ لِيُبَيّنَ لِلنَّاسِ مَا أَوْدَعَهُ فِيهِ مِنْ الأَحْكَام، أَمَا دَعَاكُمْ إِلى التَّوَكّلِ عَلَيْهِ وَالاعْتِصَامِ، أَمَّا حَثَّكُم إلى العَمَلَ فِيمَا يُقَرِّبُ إلى دَارِ السَّلامِ، أَمَّا حَذَّرَكُمْ عَوَاقِبَ مَعَاصِيهِ وَنَهَاكُمْ عَنْ الآثَامِ، أَمَا أنْذَركُم هَوْلَ يَوْمٍ أَطْوَلَ الأَيَّامِ، اليَوْمُ الذي يَشِيبُ فِيهِ الوِلْدَانْ، وَتَنْفَطِرُ فِيهِ السَّمَاءُ، وَتَنْكَدِرُ فِيهِ النُّجُومِ، وَتَظْهَرُ فِيهِ أَمُورٌ عِظَامٌ، أَمَّا خَوَّفكمُ مَوَارِدُ الحَمَامِ، أَمَا ذَكَّرَكُمْ مَصَارِعَ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ الأَنَامِ، أَمَا أَمَدَّكُم بالأبْصَارِ وَالأَسْمَاعِ وَصِحَّةِ الأَجْسَامِ، أَمَا وَعَدَكَمُ بِقَبُولِ تَوْبَةِ التَّائِبِينَ رَحْمَةً مِنْهُ جَرَتْ بِهِ الأَقْلامُ، فَوَاللهِ لَحُقَّ لِهَذَا الرَّبِ العَظِيمِ أَنْ يُطَاعَ فَلا يُعْصَى عَلَى الدَّوَامِ، فَيَا أَيُّهَا الشُّيُوخُ بَادِرُوا فَمَا لِلزرْعِ إِذَا أَحْصَدَ إلا الصِّرَامُ، وَيَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ جُدُّوا في العَمَلِ فُرَبُّ امْرئٍ مَا بَلَغَ التَّمَامَ، وَاحْذَرُوا عِقَابَ رَبِّكُم يَوْمَ يُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ، يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضِ غَيْرَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ وَبَرَزُوا للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ، يَوْمٌ مَا أَطْوَلَ الوُقُوفَ فِيهِ وَأثْقَلَهُ عَلَى كُلِّ مُجْرِمٍ جَبَّارٍ يَوْمَ الْمُنَاقَشَةِ فِيهِ عَنْ الفَتِيلِ والنَّفِيرِ والقِطمِيرِ وَصَغَائِرَ الأعْمَالَ وَالكَبَائِرْ، فَتَأَهَّبُوا لِذَلِكَ اليَوْمِ العَظِيمِ وَاسْتَعِدوا لَهُ أَتَمَّ اسْتِعْدَادٍ.

 

اللَّهُمَّ يَا عَظِيمَ العَفْوِ يَا وَاسِعَ الْمغْفِرَةِ يَا قَرِيبَ الرِّحْمةَ يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ فَرِّغْنَا لِمَا خَلَقْتَنَا لَهُ، وَلا تَشْغَلْنَا بِمَا تَكَفَّلْتَ لَنَا بَهِ وَهَبْ لَنَا العَافِيةَ في الدُّنْيَا وَالآخِرة، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينََ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الثقة في رزق الله
  • القناعة

مختارات من الشبكة

  • الدرس الثالث عشر: القناعة(مقالة - ملفات خاصة)
  • القناعة والرضا مفتاح السعادة الحقيقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قناعة المرأة(مقالة - ملفات خاصة)
  • القناعة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • القناعة طريق الفوز والسعادة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • كيف يحقق المؤمن عبودية الافتقار إلى الله تعالى؟ (9) (عز القناعة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عز القناعة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نظرية عبدالله بن عمرو بن العاص في القناعة(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • القناعة وعدم الإسراف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ثمرات القناعة والإيثار وإلقاء السلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب