• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    رسول الرحمة والإنسانية (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    زاد الداعية (10): التوحيد أولا وقبل كل شيء
    صلاح صبري الشرقاوي
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ذلكم وصاكم به (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    المحبة تاج الإيمان (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب لم تكفرون ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (31) «ازهد في ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    التحقيق في كون سورة الكوثر مكية لا مدنية
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    فضل ذكر الله بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الأمر بإكرامه صلى الله عليه وسلم وتوقيره وإعزازه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    ما ورد من استغفار الأنبياء عليهم السلام في القرآن ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    مفهوم اليسر
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    حسن الظن بالله تعالى (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    فضل طلب العلم وأهله ومسؤولية الطلاب والمعلمين ...
    محمد بن حسن أبو عقيل
  •  
    اسم الله تعالى: المجيد (1)
    ناصر عبدالغفور
  •  
    خلاف العلماء في حكم النية في الوضوء
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

خطبة عن تأملات في سورة يوسف

خطبة عن تأملات في سورة يوسف
د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/5/2023 ميلادي - 26/10/1444 هجري

الزيارات: 19785

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن تأملات في سورة يوسف

 

الحمدُ للهِ قصَّ علينَا من نبأِ المُرسلِينَ ما فيه عبرةٌ لأولِي الألبابِ، أرسَلَ الرُّسلَ مُبشرينَ ومُنذرينَ، وأَنزَلَ مَعهُمُ الكتابَ؛ لِيحكمَ بينَ النَّاس فيما اختلفوا فيهِ، ولِيقومَ الناسُ بالقسطِ ويَخافُوا يومَ الحسابِ، نَشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللَّه وحده لا شريكَ له، العليمُ الحكيمُ الوَهَّابُ، وَنشهدُ أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبدُ الله ورسولُه، بعثه ربُّه رحمةً للعالَمينَ بلا شَكٍّ ولا ارتيابٍ، اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وباركْ عليه، وعلى جميعِ الآلِ والأصحابِ والتَّابعينَ لهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم المآبِ، أمَّا بعدُ:

فاتَّقوا اللَّه َ-عبادَ اللهِ- حقَّ تقواه، اتقوا مَن يَراكُم في الظلماتِ، اتقوا اللَّهَ السميعَ البصيرَ.. اتقوا مَن يَعلم سِرَّكم وجَهرَكُم، اتقوا اللَّهَ العليمَ الخبيرَ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

عبادَ اللهِ، ذكرَ ربُّكم جلَّ في علاه عن نبيِّهِ يوسفَ -عليهِ السلامُ- دُعاءَه الذي يَجبُ أنْ نَجعلَه بينَ أَعيُنِنَا ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101] هذهِ النِّعمُ التي يُعدِّدُهَا يوسفُ لم تَكنْ وَليدةَ اللحظةِ، بل هيَ نِتاجُ رِحلةِ أَلمٍ وعناءٍ وسجنٍ وغُربةٍ، حتَّى قالَ نبيُّنا صلى اللَّهُ عليه وسلم: "وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ"؛ متفقٌ عليهِ.

 

تَبدَأُ رِحلةُ يوسفَ -عليه السلام- حينمَا قصَّ لأبيهِ رُؤيَا رآهَا ﴿ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴾ [يوسف: 4]، فعَلِمَ أَبوهُ أنَّ لَه شأنًا، وأنه سَيُرزَقُ النُّبوةَ والرفعةَ والحُكْمَ، فبدأَ يَحفَظُهُ مِن حَسدِ إِخْوتِهِ لا سِيَّما وقد كانَ مُقرَّبًا إلى قَلبِ أَبيهِ.

 

ثم اجتمعَ إِخوةُ يُوسُفَ ليكيدوا لهُ بعدَ الذي رَأوهُ مِن حُبِّ يعقوبَ لِيوسفَ فأَلْقَوْهُ في بِئرٍ مُظلمةٍ وهو فتىً صغيرٌ لا يَملكُ الغَوْثَ لنفسِه، حتى مَرَّ بهِ قَومٌ فاستخرَجُوهُ وباعوهُ عبدًا. نَبِيٌّ مِنَ الأنبياءِ بِيعَ عَبدًا ليخدِمَ في بيتِ عَزيزِ مِصرَ.

 

لَم تكُن هذه مِحنَةَ يُوسفَ الوحيدةَ؛ بل إنَّ سَيدةَ القصرِ رَاودَتْهُ عن نَفسِه؛ لما فيهِ مِن جَمالٍ وحِشمةٍ وهَيبةٍ، فامتنعَ وقالَ: ﴿ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23]، فكَادَتْ له بمعَاونَةِ صُويحبَاتِهَا وقالتْ لهنَّ: ﴿ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴾ [يوسف: 32] فلَم يَخفْ ولَم يَتزعزَعْ؛ بل رأَى أنَّ السجنَ أحبَّ إليهِ مِن مَعصيةِ اللهِ ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [يوسف: 33] فلَبِثَ في السِّجنِ سَنواتٍ، وقُيِّدَ بالحديدِ وافْترَشَ الأرضَ، وقَد يَلحَقُه مَا يَلحَقُ المسجونَ مِن جَلَّادِي السجنِ إلَّا أنَّه صبرَ وعَلِمَ أنَّ الفرجَ بِيدِ اللهِ، وأنَّ معَ العُسرِ يُسرًا.

 

وبعدَ هذهِ السنواتِ الطِّوالِ مِنَ العُبودِيةِ والسِّجنِ والمُكايَدَةِ، رأى المَلِكُ رُؤيا في منامِهِ فأَزعَجَتْهُ ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ﴾ [يوسف: 43]، فلَم يَقدِرْ على تفسيرِهَا غيرُ يوسفَ، فلمَّا فسَّرَها أُعجِبَ بهِ الملِكُ، وطلبَ منه أن يكونَ وزيرًا له: ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 54، 55]، أرادَ اللَّهُ تَفرِيجَ كَرْبِه وتَنفيسَ هَمِّهِ، فهيَّأَ لهُ الأسبابَ.

 

يَقعُ الضِّيقُ والجَدبُ وشَظَفُ العَيشِ بإخوتهِ الذين أَلْقَوْهُ في الجُبِّ، فيأتونَ مِصرَ يَسألونَ خَازِنَهَا الطعامَ -ومِصرُ يومئذٍ أعظمُ البلادِ وأَوفرُهَا خيرًا- وخازنُ مِصرَ ووزيرُها هو أَخوهُم يوسفُ، فعرَفَهُم ولَم يَعرفوهُ، فأعطاهُم يوسفُ طَعامَهُم، ثم دارَ الحديثُ معهم عَن أَهلِهِم فأخبروهُ عن أَبيهِم وحُزنِه على وَلدِه يُوسفَ حتى أصابهُ العمَى، ثُمَّ أَحضروا أَخاهُم، ثُمَّ حصل ما تَعرفونَ مِن قِصتهِ وحَجْزِ يوسفَ لهُ، فزادَ حُزنُ أبيهِم على وَلَدَيْهِ حتى قال عنهُ الرحيمُ الرحمنُ: ﴿ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ * قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 84 - 86].

 

وقبلَ رَحيلِهِم سَألَهُم يوسف عليه السلام سُؤالًا تَتفطَّرُ منهُ الأكبادُ، وليسَ أَجملَ مِن كلامِ اللهِ وهو يَقصُّ علينا هذا اللقاءَ المَهِيبَ ﴿ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ * قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ * قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 89 - 92].

 

ثم أعطاهُمْ قميصَه لِيضعُوهُ على وجهِ أَبيهِم، وأمرهُم أنْ يَأتوهُ بهِ؛ لكنْ أَبوهُم لَم يَنتظِرْ حتَّى يَرجِعونَ؛ بل شَمَّ رائحةَ يُوسفَ قبلَ أنْ يَعلَمَ الخبرَ: ﴿ اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ * وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ * قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ * فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يوسف: 93 - 98].

 

وبعدَ هذهِ السنواتِ العصيبةِ والتعبِ والألمِ والسِّجنِ والمشقةِ اجتمعَ يُوسفُ بأبيهِ وإِخوتِه بعدَ أنْ آتاهُ اللَّهُ المُلكَ فلَم يَسألْ مِنَ الدنيا شيئًا إلَّا الوفاةَ على الإسلامِ: ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101].

 

فاللهمَّ أَحْيِنَا على الإسلامِ وتَوفَّنَا على الإسلامِ واحشرْنَا في زُمرةِ المسلمينَ.

 

أقولُ ما سمعتم وأستغفِرُ اللَّهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ، فاستغفروه إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ وكفى، والصلَّاة والسلام على النبي المجتبى، أمَّا بعد:

أيها المؤمنونَ، مَن أرادَ أنْ يَقرأَ عن الصبرِ وعاقِبتِه فلْيقرأْ سيرةَ يوسفَ، ومَن أرادَ أَن يَنظرَ إلى العِفَّةِ فليقرأْ قِصةَ يوسفَ، ومَن أرادَ أن يَتعلَّمَ اليقينَ وحُسنَ الظنِ باللهِ فلْيتأمَّلْ قصةَ يوسفَ، ومَن أرادَ أن يَرى العفوَ عندَ المقدرةِ فلْيقرأْ وليتأملْ سِيرةَ يوسفَ.

 

إنَّ سيرةَ يوسفَ -عليه السلام- مدرسةٌ متكاملةٌ، وأَبرزُ مَا فِيهَا بعدَ اليَقينِ والصَّبرِ والأَلمِ والمشقَّةِ عِفَّتُهُ وعَفافُهُ، فهو شابٌّ مملوكٌ لامرأةِ العزيزِ رَاودَتْهُ هيَ عَن نفسِه فأَبَى، أرادَتْهُ -وهيَ السيدةُ- فامتنَعَ، مَنعهُ خَوفُه مِنَ اللهِ وحَجزَهُ عنهَا مُراقبةُ اللهِ "إذَا مَا خلوتَ الدَّهرَ يومًا فلا تَقُلْ خَلوْتُ؛ ولكنْ قُلْ عليَّ رَقيبٌ"، قالَ ﴿ مَعَاذَ اللَّهِ ﴾ [يوسف: 23] فعصَمهُ اللَّهُ، عصمَهُ اللَّهُ بالسِّجنِ، ولا عَجَبَ؛ فَأقدَارُ اللهِ كلُّها خَيرٌ، وكانَ السِّجنُ أحبَّ إليهِ مِن أنْ يُدنِّسَ طهارَتَه، أو يَخونَ عِفَّتَه، أو يَنحدِرَ في وَحْلِ الرذيلةِ.

 

فإلى أولئكَ الذين يَبيعونَ أعراضَهُم بالمجَّانِ، إلى أولئكَ الذين أضاعوا عِفَّتَهُم وخدشُوا شَرفَهُم بأَبْـخَسِ الأثمانِ، إليهم نقولُ: تعلَّمُوا مِن سِيرةِ يوسفَ وقولوا كما قالَ: ﴿ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23].

 

إلى تلكَ المسكينةِ المغرورةِ بالدِّعَايةِ والإعلاناتِ والأفلامِ والمسلسلاتِ، المفتونةِ بالموضاتِ والأزياءِ والتشبُّهِ بالغَربيَّاتِ والمُنحلَّاتِ، إليها نقولُ: استغفرِي ربَّكِ وارجعي إليهِ كما رَجعَتِ امرأةُ العزيزِ، اعترفي بذنبِكِ كما اعترَفَتِ امرأةُ العزيزِ، واللَّهُ يَقبلُ توبةَ مَن تابَ، ويَغفِرُ لمَن استغفر وإليهِ أنَابَ ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ﴾ [الشورى: 25، 26].

 

نسألُ اللَّهَ أنْ يغفرَ لنا ما قدَّمْنا وما أخَّرْنا وما أسرَرْنا وما أعلَنَّا، إنه على كلِّ شيءٍ قديرٌ.

 

اللهم فرِّج همَّ المهمومينَ من المُسلمين، ونفِّس كربَ المكروبين، واقضِ الدَّيْنَ عن المَدينين، واشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين برحمتك يا أرحمَ الراحمين.

 

اللهم ادفَعْ عنا الغَلا والوبَا والرِّبا والزلازِل والمِحَنَ، وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطَن، عَن بلدِنا هذا خاصَّةً، وعَن سائرِ بلادِ المسلمينِ عامَّةً يا ربَّ العالمين، يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم الطفْ بإخوانِنَا المنكوبينَ في كل مكان، اللهم ارحمْ مَيتَهُم، واشفِ مُصابَهُم، وتَولَّ أَمرَهم، وأَحسِنْ عاقبتَهُم، وفرِّجْ كربَهُم يا ربَّ العالمينَ.

 

اللهم وفِّق وليَّ أمرِنا ووليَّ عهدِه لما تحبُّ وترضَى.

 

اللهم آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ أئمَّتنا وولاةَ أمورِنا، واجعلْ ولايتَنا فيمن خافكَ واتقاكَ واتبعَ رِضاكَ يا ربَّ العالمين.

 

اللهمَّ اغفرْ لآبائِنا وأمهاتِنا، اللهمَّ ارحمهُم كما رَبَّوْنَا صِغارًا ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير الربع الثاني من سورة يوسف كاملاً بأسلوب بسيط
  • في أفياء سورة يوسف
  • مقاصد سورة يوسف
  • سورة يوسف وتصوير الحياة الاجتماعية في هذه المرحلة التاريخية
  • سورة يوسف والإعجاز التربوي

مختارات من الشبكة

  • تأملات في حقيقة الموت (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في سورة ق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رسول الرحمة والإنسانية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذلكم وصاكم به (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحبة تاج الإيمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن الظن بالله تعالى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل طلب العلم وأهله ومسؤولية الطلاب والمعلمين والأسرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالكبار.. (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتبار بالأمم السابقة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالوالدين وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/3/1447هـ - الساعة: 10:54
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب