• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المنة ببلوع عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أهمية التعلم وفضل طلب العلم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    حديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حقوق المسنين (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة النصر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    المرأة في الإسلام: حقوقها ودورها في بناء المجتمع
    محمد أبو عطية
  •  
    مفهوم الفضيلة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (7)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    خطبة أحداث الحياة
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    {هماز مشاء بنميم}
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الإيمان بالقرآن أصل من أصول الإيمان
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أسباب اختلاف نسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الإخلاص والقوة الإلهية

الإخلاص والقوة الإلهية
التجاني صلاح عبدالله المبارك

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/4/2023 ميلادي - 19/9/1444 هجري

الزيارات: 4236

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإخلاص والقوة الإلهيّة

 

يرتبط مفهوم القوة الإلهية بمفهوم الإخلاص والإيمان؛ قال الله جل وعز: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، فإذا أخلص الفرد العبادةَ لله، فإنه سبحانه وتعالى ينصره، والله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا؛ ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5].

 

يقرر القرآن الكريم أن الطاعة لا بد أن تكون خالصة لله، وأنه لا بد من اتباع قانونه وحده، وحرامٌ على المرء أن يترك هذا القانون، ويتبع قوانين الآخرين، أو شرعة ذاته ونزوات نفسه: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾ [الزمر: 2، 3][1].

 

والإخلاص في العبادة أن يقصد الفرد بها الله سبحانه وتعالى وحده، ولا يشرك به؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، فيصلي لله، لا يصلي لشمس أو قمر، أو نهر أو حجر؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]، ولا يذبح إلا لله؛ قال تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، ويدعو الله؛ قال الله تعالى: ﴿ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ﴾ [مريم: 48]، ويستغيث بالله، ويخاف ويخشى الله؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175]، ويوحِّد الله في أسمائه وصفاته، ويؤمن بها من غير تمثيل أو تعطيل، أو تحريف أو تشبيه، ويوحِّد الله في ربوبيته، فالخالق واحد، والرازق واحد، والقوي واحد، جل وعز.

 

والإخلاص في العبادة أن يكون العمل متابعًا وموافقًا لهدْيِ وطريقة النبي صلى الله عليه وسلم، فهو المبين للوحي، ومبلغ الرسالة، ومن أعمل مخَّه وأجهد فكره بأعمال وعبادات يتقرب بها إلى الله على غير طريقة النبي صلى الله عليه وسلم، فعمله مُبتدَع مردود، لا يقبله الله؛ وفي حديث العرباض بن سارية قال: ((وَعَظَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا بعد صلاة الغداة موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجِلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودِّعٍ، فماذا تعْهَد إلينا يا رسول الله؟ قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدًا حبشيًّا، فإنه مَن يعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ))[2].

 

هذا القانون الذي أمرنا الله في الآيات السالفة باتباعه والسير عليه، ليس من وسيلة لتبليغه للإنسان سوى رسول الله، فهو وحده الذي يوصل أحكام الله وشرائعه إلى البشر، وهو وحده الذي يفسرها ويشرحها بقوله وفعله، فالرسول - إذًا - هو ممثِّل حاكمية الله القانونية في حياة البشر، وعلى هذا فطاعته هي عين طاعة الله، والله نفسه يأمر بقبول أوامر الرسول ونواهيه، والتسليم بها دون نقاش؛ يقول تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65][3].

 

والإخلاص هو توجيه العبودية لله وحده، وأن يكون التوجيه والقصد وإفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة على ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقترب معنى الإخلاص من معنى التقوى والإحسان، فإن الإحسان هو أن تعبدَ الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك؛ كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزًا يومًا للناس فأتاه رجل، فقال: ما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته، وبلقائه، ورسله، وتؤمن بالبعث، قال: ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به، وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: متى الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلمَ من السائل، وسأخبرك عن أشراطها: إذا وَلَدَتِ الأمَة ربَّها، وإذا تطاول رعاة الإبل البُهْم في البنيان، في خمسٍ لا يعلمهنَّ إلا الله؛ ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ﴾ [لقمان: 34]؛ الآية، ثم أدبر، فقال: رُدُّوه، فلم يَرَوا شيئًا، فقال: هذا جبريل؛ جاء يعلم الناس دينهم))[4].

 

والإخلاص والتقوى عاقبتهما الجنة؛ قال الله تعالى: ﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 63]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴾ [النبأ: 31]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ [الحجر: 45]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ﴾ [الطور: 17].

 

والذي أريد أن أبلِّغه أن منزلة الإخلاص والتقوى من المنازل التي ينبغي أن تكون من ثوابت أي مسلم، وأن النصر والتوفيق في كل شيء مَنُوط بهما، فإذا ظننت وقدرت أن تنتصر في حرب ومواجهة وأنت تعصي الله وأبعد ما تكون عن الإخلاص والتقوى، فقد أسأت التقدير والظن.

 

ويستخدم أعداء الإسلام القوة بكافة أضرابها لإطفاء نور الله، ولكنهم واهمون وضعفاء؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 32، 33]، فإرادتهم وقوتهم لا تساوي شيئًا أمام إرادة القوي المريد جل وعز.

 

في التوضيح عن هذا الفهم الذي يراود الأعداء؛ يقول محمد الغزالي في كتاب (حصاد الغرور): "ألَا لعنة الله على تجار الحروب وموقدي نارها، كم نود أن يتوطد السلام في عالم تستقر فيه حقوق الإنسان وكرامات الأمم! لكن هل مستقبل الإنسانية يأخذ هذا الاتجاه؟ كلا... ونحن - المسلمين - في هذه الآونة الحاسمة، نشعر بأن الآخرين يقيمون كيانهم على أنقاضنا، ويبنون سعادتهم على شِقوتنا، وعندما يضع نفر من الناس خطتهم في الثراء على ثروة مسروقة، أو خطتهم في البناء على أرض منهوبة، فهيهات أن يتمخَّض هذا البدء عن نهاية صالحة، إنه كمسلك إخوة يوسف عندما رسموا الطريق لراحتهم المنشودة؛ فقالوا: ﴿ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ﴾ [يوسف: 9]، هكذا تتعاون الصهيونية والصليبية على إقامة السلام العالمي، ومنع الحروب الدينية أو المدنية، اسحقوا العرب والإسلام، وأقيموا لبني إسرائيل دولة كبرى على أطلال هذا الماضي الكريه، وبعدئذٍ سيحظى العالم بالاستقرار والرفاهية، هذه هي سياسة الآخرين تجاهنا"[5].

 

إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طبَّقوا الإسلام في حياتهم ومعاشهم تطبيقًا عمليًّا، وتمثلوا كلام الله جل وعز، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، في كل سكناتهم وحركاتهم، فسادوا بهذا التمثل والالتزام الأرضَ، وأصبحوا فيها قوة عليا ومسيطرة.

 

إن الإسلام يفجِّر طاقات الأفراد، ويحوِّل القوى الكامنة فيهم إلى قوى حرة ظاهرة، لا إلى قوى أرضية صغيرة، لها بدايات ونهايات، لكن إلى قوة أكبر، قوة كونية.

 

قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5]، وقال: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾ [الزمر: 2، 3]، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي * فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ ﴾ [الزمر: 14، 15]، وقال له: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]، وقال: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2]؛ قال الفضيل بن عياض: "هو أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي، ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا، لم يُقبَل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا، لم يُقبَل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السُّنَّة؛ ثم قرأ قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾ [النساء: 125]، فإسلام الوجه: إخلاص القصد والعمل لله، والإحسان فيه: متابعة رسوله صلى الله عليه وسلم وسنته؛ وقال تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الفرقان: 23]، وهي الأعمال التي كانت على غير السنة، أو أُرِيد بها غير وجه الله؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: ((إنك لن تُخلَّف فتعمل عملًا تبتغي به وجه الله تعالى، إلا ازددتَ به خيرًا ودرجة ورِفعة))، وفي الصحيح من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث لا يُغِلُّ عليهن قلبُ مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين؛ فإن دعوتَهم تحيط من ورائهم))؛ أي: لا يبقى فيه غل، ولا يحمل الغل مع هذه الثلاثة، بل تنفي عنه غلَّه، وتُنقِّيه منه، وتخرجه عنه؛ فإن القلب يغل على الشرك أعظم غلٍّ، وكذلك يغل على الغش، وعلى خروجه عن جماعة المسلمين بالبدعة والضلالة، فهذه الثلاثة تملؤه غلًّا ودَغَلًا، ودواء هذا الغل واستخراج أخلاطه بتجريد الإخلاص، والنصح، ومتابعة السنة؛ وسُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل رياء، ويقاتل شجاعة، ويقاتل حَمِيَّة، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله))، وأخبر عن أول ثلاثة تُسعَّر بهم النار؛ قارئ القرآن، والمجاهد، والمتصدق بماله، الذين فعلوا ذلك ليُقال: فلان قارئ، فلان شجاع، فلان متصدق، ولم تكن أعمالهم خالصة لله؛ وفي الحديث الصحيح الإلهي يقول الله تعالى: ((أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه غيري، فهو للذي أشرك به، وأنا منه بريء))، وفي أثر آخر: ((يقول له يوم القيامة: اذهب فخُذْ أجرك ممن عملت له، لا أجر لك عندنا)).

 

وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم))، وقال تعالى: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ [الحج: 37]، وفي أثر مروي إلهي: "الإخلاص سرٌّ من سري، استودعتُه قلبَ مَن أحببته مِن عبادي".

 

وقد تنوعت عباراتهم في الإخلاص، والصدق، والقصد واحد، فقيل: "هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة"، وقيل: "تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين"، وقيل: "التوقِّي من ملاحظة الخلق حتى عن نفسك"، و"الصدق التنقي من مطالعة النفس"، فالمخلص لا رياء له، والصادق لا إعجاب له، ولا يتم الإخلاص إلا بالصدق، ولا الصدق إلا بالإخلاص، ولا يتمَّان إلا بالصبر، وقيل: "من شهد في إخلاصه الإخلاص، احتاج إخلاصه إلى إخلاص، فنقصان كل مخلص في إخلاصه بقدر رؤية إخلاصه، فإذا سقط عن نفسه رؤية الإخلاص، صار مخلِصًا مخلَصًا".

 

وقيل: "الإخلاص استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن، والرياء: أن يكون ظاهره خيرًا من باطنه، والصدق في الإخلاص: أن يكون باطنه أعمر من ظاهره".

 

وقيل: "الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق، ومن تزيَّن للناس بما ليس فيه سقط من عين الله"، ومن كلام الفضيل: "ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما"[6].



[1] أبو الأعلى المودودي، تعريب أحمد إدريس، الخلافة والملك، الكويت، دار القلم، ط: 1، 1978، ص: 16.

[2] أبو عيسى محمد بن عيسى، تحقيق وتعليق: إبراهيم عطوه عوض، الجامع الصحيح، وهو سنن الترمذي، الجزء الخامس، القاهرة، شركة ومكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، ط: 1، 1962، ص: 44.

[3] أبو الأعلى المودودي، المصدر السابق، ص: 17.

[4] أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: محب الدين الخطيب، الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، الجزء الأول، القاهرة، المكتبة السلفية، ط: 1، 1403ه، ص: 33.

[5] محمد الغزالي، حصاد الغرور، القاهرة، دار الشروق، ص: 74.

[6] بو عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن قيم الجوزية، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، تحقيق: محمد المعتصم بالله البغدادي، الجزء الثاني، دار الكتاب العربي، بيروت، ط: 7، 2003، ص: 88 – 92.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإخلاص والرياء
  • الإخلاص وصدق النية
  • الإخلاص والوفاء
  • الإخلاص وصية الله للمرسلين ولأممهم
  • الإخلاص وأثره في العمل (خطبة)
  • أصول النصرة الإلهية
  • الإخلاص والتقوى (خطبة)
  • الدقة والنظام وشدة الانضباط سمة الخلق الإلهي
  • أخطاء في معنى الإله

مختارات من الشبكة

  • خطبة بعنوان " الإخلاص "(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإخلاص في القول والعمل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإخلاص سبيل الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وثمرات أخري للإخلاص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير سورة الإخلاص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أثر الإخلاص في نفس الداعية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور الإخلاص والفلق والناس للناشئين(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • إخلاص الإخلاص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإخلاص دواء الأعمال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صمونجي بابا(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب