• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المواساة وجبر الخواطر (خطبة)
    د. عبدالحميد المحيمد
  •  
    لطائف من القرآن (5)
    قاسم عاشور
  •  
    حديث: يا رسول الله، إن ابنتي مات عنها زوجها وقد ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    أحكام سجود السهو (4)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    من أحكام المصافحة (خطلة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ما كان الله ليذر المؤمنين على ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    الإلحاد الناعم: حين يتسلل الشك من نوافذ الجمال ...
    أ. محمد كمال الدلكي
  •  
    شرح حديث المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    عقوبة من أساء بين الشريعة والافتراء (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    سنن باقية من سورة الأنفال
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الدعاء (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    أمراض القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    من مائدة الحديث: لزوم شكر الله تعالى على نعمه
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الإخلاص... مفتاح القبول وأساس العمل
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    أسماء الله بلفظ الاسم والاسم المضاف والفعل
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    ثلاث آيات قرآنية تدل على نزول عيسى عليه السلام في ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

أوصاف القرآن الكريم (15) { الله نزل أحسن الحديث }

أوصاف القرآن الكريم (15) { الله نزل أحسن الحديث }
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/4/2023 ميلادي - 15/9/1444 هجري

الزيارات: 10055

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أوصاف القرآن الكريم (15)

﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ﴾


الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ؛ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ ﴿ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 185]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ رَمَضَانَ تَكْفِيرًا لِلسَّيِّئَاتِ، وَمُبَارَكَةً لِلْحَسَنَاتِ، وَرِفْعَةً لِلدَّرَجَاتِ، وَبَابًا إِلَى الْجَنَّاتِ، وَنَجَاةً مِنَ النِّيرَانِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ خَيْرُ مَنْ صَلَّى وَصَامَ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، وَأَقَامَ شَعَائِرَ الْإِسْلَامِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَحْسِنُوا فِي هَذَا الشَّهْرِ الْكَرِيمِ؛ فَإِنَّهُ فُرْصَةٌ عَظِيمَةٌ، مَنْ فَاتَتْهُ فَاتَهُ خَيْرٌ كَثِيرٌ. أَكْثِرُوا مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَابْذُلُوا الْإِحْسَانَ، وَأَتِمُّوا الشَّهْرَ بِخَيْرِ الْأَعْمَالِ ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الْمُزَّمِّلِ: 20].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: شَهْرُ رَمَضَانَ هُوَ شَهْرُ الْقُرْآنِ، فِيهِ أُنْزِلَ وَفِيهِ تَكْثُرُ تِلَاوَتُهُ، وَيَجْتَمِعُ الْمُسْلِمُونَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا عَلَى سَمَاعِ الْقُرْآنِ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، وَذَلِكَ خَاصٌّ بِرَمَضَانَ دُونَ غَيْرِهِ.

 

وَلِلْقُرْآنِ أَوْصَافٌ كَثِيرَةٌ وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا، وَالْقُرْآنُ كَلَامُهُ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِكَلَامِهِ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْأَوْصَافِ، وَفَضْلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ.

 

وَمِنْ أَوْصَافِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ ﴾ [الزُّمَرِ: 23]، فَوَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ.. كَلَامُ أَحْسَنِ الْخَالِقِينَ.. كَلَامُ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ.. كَلَامُ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ.

 

وَالْقُرْآنُ حَدِيثُ الرَّحْمَنِ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ؛ وَلِذَا وَصَفَهُ بِأَنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ، وَحُسْنُ الْقُرْآنِ شَامِلٌ لِكُلِّ جَوَانِبِ الْحُسْنِ؛ فِي مُفْرَدَاتِهِ، وَجُمَلِهِ، وَتَرَاكِيبِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ وَبَلَاغَتِهِ، وَفِي أَخْبَارِهِ وَقَصَصِهِ، وَفِي أَحْكَامِهِ وَشَرَائِعِهِ، وَفِي أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ، كَمَا أَنَّهُ مُسْتَغْرِقٌ لِلْحُسْنِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 82].

 

وَحُسْنُ مُفْرَدَاتِهِ وَمَعَانِيهِ وَبَلَاغَتِهِ اعْتَرَفَ بِهَا أَعْدَاءُ الْقُرْآنِ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ؛ كَمَا قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فِي وَصْفِهِ: «إِنَّ لَهُ -وَاللَّهِ- لَحَلَاوَةً، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً، وَإِنَّ أَعْلَاهُ لَمُثْمِرٌ، وَإِنَّ أَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ، وَمَا هُوَ بِقَوْلِ الْبَشَرِ». وَلِذَا كَانَ كُفَّارُ مَكَّةَ -وَهُمْ يُعَارِضُونَ الْقُرْآنَ- مَبْهُورِينَ بِهِ، مُتَعَجِّبِينَ مِنْهُ، مُقِرِّينَ بِحُسْنِهِ، مُعْتَرِفِينَ بِغَلَبَتِهِ، فَيَتَسَلَّلُونَ لَيْلًا لِسَمَاعِهِ يُتْلَى، وَلَا يُرِيدُونَ أَنْ يَشْعُرَ بِهِمْ أَحَدٌ. وَخَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنَ التَّأَثُّرِ بِهِ إِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ فَلَغَوْا فِيهِ ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ [فُصِّلَتْ: 26].

 

وَمِنْ حُسْنِ الْقُرْآنِ: حُسْنُ قَصَصِهِ؛ فَفِيهِ أَحْسَنُ الْقَصَصِ، وَكُلُّ قِصَّةٍ فِيهَا أَحْسَنُ مَا تَضَمَّنَتْهُ الْقِصَّةُ مِمَّا يَنْفَعُ الْعَبْدَ، وَالْإِعْرَاضُ عَمَّا لَا يَنْفَعُهُ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ كِتَابُ نَفْعٍ وَهِدَايَةٍ ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [يُوسُفَ: 3]. وَمِنْ حُسْنِ الْقَصَصِ صِدْقُ أَحْدَاثِهَا، وَقَصَصُ الْقُرْآنِ أَصْدَقُ الْقَصَصِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَصَّهَا عَلَى عِبَادِهِ ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾ [النِّسَاءِ: 87].

 

وَمِنْ حُسْنِ الْقُرْآنِ: حُسْنُ أَحْكَامِهِ وَتَشْرِيعَاتِهِ ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ﴾ [الْبَقَرَةِ: 138]، وَصِبْغَةُ اللَّهِ تَعَالَى هِيَ دِينُهُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْعَقَائِدِ وَالشَّرَائِعِ وَالْأَخْلَاقِ، فَلَا أَحْسَنَ صِبْغَةً مِنْ صِبْغَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. «وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ نَمُوذَجًا يُبَيِّنُ لَكَ الْفَرْقَ بَيْنَ صِبْغَةِ اللَّهِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنَ الصِّبَغِ، فَقِسِ الشَّيْءَ بِضِدِّهِ، فَكَيْفَ تَرَى فِي عَبْدٍ آمَنَ بِرَبِّهِ إِيمَانًا صَحِيحًا، أَثَّرَ مَعَهُ خُضُوعُ الْقَلْبِ وَانْقِيَادُ الْجَوَارِحِ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَحَلَّى بِكُلِّ وَصْفٍ حَسَنٍ، وَفِعْلٍ جَمِيلٍ، وَخُلُقٍ كَامِلٍ، وَنَعْتٍ جَلِيلٍ، وَيَتَخَلَّى مِنْ كُلِّ وَصْفٍ قَبِيحٍ، وَرَذِيلَةٍ وَعَيْبٍ، فَوَصْفُهُ: الصِّدْقُ فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ، وَالصَّبْرُ وَالْحِلْمُ وَالْعِفَّةُ وَالشَّجَاعَةُ، وَالْإِحْسَانُ الْقَوْلِيُّ وَالْفِعْلِيُّ، وَمَحَبَّةُ اللَّهِ تَعَالَى وَخَشْيَتُهُ وَخَوْفُهُ وَرَجَاؤُهُ، فَحَالُهُ الْإِخْلَاصُ لِلْمَعْبُودِ، وَالْإِحْسَانُ لِعَبِيدِهِ، فَقِسْهُ بِعَبْدٍ كَفَرَ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَشَرَدَ عَنْهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، فَاتَّصَفَ بِالصِّفَاتِ الْقَبِيحَةِ، مِنَ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ وَالْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ وَالْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ وَعَدَمِ الْعِفَّةِ، وَالْإِسَاءَةِ إِلَى الْخَلْقِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، فَلَا إِخْلَاصَ لِلْمَعْبُودِ، وَلَا إِحْسَانَ إِلَى عَبِيدِهِ. فَإِنَّهُ يَظْهَرُ لَكَ الْفَرْقُ الْعَظِيمُ بَيْنَهُمَا، وَيَتَبَيَّنُ لَكَ أَنَّهُ لَا أَحْسَنَ صِبْغَةً مِنْ صِبْغَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي ضِمْنِهِ أَنَّهُ لَا أَقْبَحَ صِبْغَةً مِمَّنِ انْصَبَغَ بِغَيْرِ دِينِهِ».

 

وَمِنْ حُسْنِ الْقُرْآنِ: حُسْنُ التَّقَاضِي وَالتَّحَاكُمِ إِلَيْهِ؛ فَهُوَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ عِبَادِهِ، وَحُكْمُهُ عَدْلٌ وَرَحْمَةٌ لِلْعِبَادِ ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 50].

 

وَإِذَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ بِحُسْنِهِ الشَّامِلِ لِكُلِّ الْحُسْنِ قَدْ كَفَرَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْبَشَرِ مِمَّنْ سَمِعُوهُ فَبِمَاذَا يُؤْمِنُونَ؟! كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 185]؛ «أَيْ: إِذَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْكِتَابِ الْجَلِيلِ، فَبِأَيِّ حَدِيثٍ يُؤْمِنُونَ بِهِ؟ أَبِكُتُبِ الْكَذِبِ وَالضَّلَالِ؟ أَمْ بِحَدِيثِ كُلِّ مُفْتَرٍ دَجَّالٍ؟ وَلَكِنَّ الضَّالَّ لَا حِيلَةَ فِيهِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى هِدَايَتِهِ»؛ وَلِذَا خَاطَبَ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: ﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 6]، وَخَاطَبَ مَنْ كَفَرُوا بِالْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ ﴾ [النَّجْمِ: 59]، أَيْ: إِنْكَارًا لِلْقُرْآنِ. وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ ﴾ [الْوَاقِعَةِ: 81]، وَالْمُنْكِرُونَ لِحُسْنِ الْقُرْآنِ، الْمُكَذِّبُونَ بِهِ؛ مُتَوَعَّدُونَ بِالْعَذَابِ بَعْدَ الْإِمْلَاءِ وَالْإِمْهَالِ ﴿ فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾ [الْقَلَمِ: 44-45].

 

وَلِأَنَّ الْقُرْآنَ بَلَغَ الْمُنْتَهَى فِي الْحُسْنِ كَانَ مُعْجِزًا لِلْخَلْقِ فِي لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ وَأَخْبَارِهِ وَأَحْكَامِهِ؛ وَلِذَا تَحَدَّى اللَّهُ تَعَالَى الْبَشَرَ أَنْ يَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ أَوْ بِسُورَةٍ مِثْلِهِ، وَلَمَّا زَعَمُوا أَنَّهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى؛ تَحَدَّاهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ﴿ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ* فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ﴾ [الطُّورِ: 33-34].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهُ وَخَاصَّتُهُ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِكَثْرَةِ تِلَاوَتِهِ وَتَدَبُّرِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَثْمِرُوا مَا بَقِيَ مِنْ رَمَضَانَ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ فَقَدْ مَضَى نِصْفُهُ، وَبَقِيَ نِصْفُهُ، وَمَا بَقِيَ خَيْرٌ مِمَّا مَضَى؛ فَفِيهِ عُشْرُهُ الْأَخِيرَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي شُرِعَ فِيهَا الِاعْتِكَافُ، وَنُدِبَ فِيهَا الِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِمُسْلِمٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ»؛ فَأَرُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا تَجِدُوا خَيْرًا.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْقُرْآنُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ مُعْرِضُونَ عَنْهُ تِلَاوَةً وَحِفْظًا وَتَدَبُّرًا وَفَهْمًا وَعَمَلًا؛ فَالْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ حُرِمُوا أَحْسَنَ الْحَدِيثِ وَأَصْدَقَهُ وَأَنْفَعَهُ، وَاسْتَبْدَلُوا بِهِ أَسْوَأَ الْحَدِيثِ وَأَكْذَبَهُ وَأَضَرَّهُ، وَلَا سِيَّمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَيْبِيَّاتِ وَالْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ. وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَصَابَتْهُمُ الْغَفْلَةُ عَنْ أَحْسَنِ الْحَدِيثِ، فَهَجَرُوا الْقُرْآنَ، وَلَا يَقْرَؤُونَهُ إِلَّا فِي رَمَضَانَ، وَيَسْتَبْدِلُونَ بِهِ غَيْرَهُ مِنْ لَغْوِ الْحَدِيثِ، وَسَاقِطِ الْكَلَامِ. وَضَرَرُهُ عَلَيْهِمْ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ. إِنَّ إِيمَانَ الْمُؤْمِنِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَتَخَفَّفَ الْمُؤْمِنُ مِنْ لَغْوِ الْحَدِيثِ كَلَامًا وَسَمَاعًا وَقِرَاءَةً، وَيَسْتَبْدِلَ بِهِ كَثْرَةَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَسَمَاعِهِ، وَإِدَامَةَ النَّظَرِ إِلَيْهِ، مَعَ التَّدَبُّرِ وَالْفَهْمِ وَالْعَمَلِ.

 

وَإِيمَانُهُ بِأَنَّ قَصَصَ الْقُرْآنِ أَحْسَنُ الْقَصَصِ يُحَتِّمُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْدِلَ الْقُرْآنَ بِمَا يَقْرَأُ مِنْ قَصَصٍ وَرِوَايَاتٍ، وَمَا يُشَاهِدُ مِنْ أَفْلَامٍ وَمُسَلْسَلَاتٍ، وَمَا يُحْكَى عَلَيْهِ مِنْ أَخْبَارٍ وَأَحْدَاثٍ؛ فَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ بِالْقَصَصِ، وَهِيَ صِدْقٌ وَحَقٌّ فِي كُلِّ تَفَاصِيلِهَا، وَمَمْلُوءٌ بِأَخْبَارِ الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ، وَهِيَ وَاقِعَةٌ لَا مَحَالَةَ، فَمَنِ اسْتَبْدَلَ الْخَيَالَ الْحَالِمَ بِالْوَاقِعِ الصَّادِقِ فَقَدِ اسْتَبْدَلَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ.

 

وَإِيمَانُهُ بِأَنَّ أَحْكَامَهُ وَشَرَائِعَهُ أَعْدَلُ الْأَحْكَامِ وَالشَّرَائِعِ وَأَحْكَمُهَا وَأَرْحَمُهَا يُوجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ بِمَا فِي الْقُرْآنِ، وَيَسْتَبْدِلَ بِهِ زُبَالَةَ أَفْكَارِ الْبَشَرِ وَجَهْلَهُمْ وَضَلَالَهُمْ وَآرَاءَهُمْ، الْمُعَارِضَةَ لِأَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى.

 

وَمَنْ أَمْسَكَ عَنْ أَحَادِيثِ النَّاسِ وَلَغْوِهُمْ، وَقَضَى جُلَّ وَقْتِهِ مَعَ الْقُرْآنِ فَقَدِ اخْتَارَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ، وَمَنْ جَالَسَ الْقُرْآنَ فَقَدْ جَالَسَ أَحْسَنَ جَلِيسٍ؛ فَإِنَّهُ يُنَاجِي اللَّهَ تَعَالَى بِكِتَابِهِ الْكَرِيمِ، وَكَلَامِهِ الْعَظِيمِ. وَلَا يُحْرَمُ مِنَ الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ إِلَّا مَحْرُومٌ، وَلَا يُعْرِضُ عَنْهُ إِلَّا مَخْذُولٌ مَرْذُولٌ ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فُصِّلَتْ: 41-42].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أوصاف القرآن الكريم (2)
  • أوصاف القرآن الكريم (12) (والقرآن المجيد)
  • أوصاف القرآن الكريم (13) (والكتاب المبين)
  • أوصاف القرآن الكريم (14): ﴿ تلك آيات الكتاب الحكيم ﴾ (خطبة)
  • خطبة: أوصاف القرآن الكريم (16): {تلك آيات الكتاب}
  • أوصاف القرآن الكريم (17) {كتابا متشابها مثاني}

مختارات من الشبكة

  • الأسماء الحسنى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من طرق استثارة المعاني والأفكار(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أوصاف القرآن الكريم (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أوصاف القرآن (3) الكريم(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • وإنه لكتاب عزيز (أوصاف القرآن الكريم 11)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن الكريم: وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • (ولقد أنزلنا إليك آيات بينات) أوصاف القرآن الكريم (9)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن الكريم (7)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن الكريم (6)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/6/1447هـ - الساعة: 22:56
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب