• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

التوبة واستقبال رمضان (خطبة)

التوبة واستقبال رمضان (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/3/2023 ميلادي - 2/9/1444 هجري

الزيارات: 65848

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التوبة واستقبال رمضان

 

الحمد لله العفوِّ الغفور، الذي غمر بستره فأجمل، الكريم الشكور، الذي عم ببرِّه فأجزل، الرحيم المحسن، الذي أتم إحسانه على المؤمنين فأكمل، القيوم الدائم، الذي لا يتغير ولا يتبدل، سبحانه وبحمده، لا يُسأل عما يفعل، وكل من سواه فيُسأل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الزمر: 62]، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، المصطفى المجتبى الخليل، الهادي إلى أقوم سبيل، المؤيَّد بالملائكة وجبريل، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:

فأوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله عباد الله، فتقوى الله خير ما عملتم، وأفضل ما ادَّخرتم، وأكرم ما أسررتم، وأجمل ما أظهرتم؛ ﴿ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185].

 

معاشر المؤمنين الكرام: العاقل من تفكَّر في مآله، والموفَّق من جد واجتهد في صالح أعماله، نظر في المصير، فجانب التقصير، خاف من ذل المقام بين يدي الملك العلَّام، فاجتنب الحرام وهجر الآثام، ولله در أقوام إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون، نظروا في عيوبهم، فاستغفروا لذنوبهم، ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون؛ ﴿ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 136].

 

يا عباد الله: من بادر الأعمال استدركها، ومن جاهد نفسه ملكها، ومن سار على الطريق سلكها، ومن طلب التقوى بصدق أدركها؛ ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [غافر: 39، 40]، ها هي التوبة - يا عباد الله - قد فتحت لنا أبوابها، وحل بيننا زمانها، وآن أوانها، فهلم يا عباد الله: هلم لنجدد توباتنا، هلم لنفرَّ سراعًا إلى مولانا ومالك أمرنا؛ فهو القائل سبحانه: ﴿ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 39]، فأدعوكم أحبتي في الله ونفسي، أدعوكم لأن نفتح صفحةً جديدةً مع الله، ولتكن صفحةً بيضاءَ مشرقة، نبدؤها بتوبة ناصحة صادقة، ونية وعزيمة محققة، وألَّا نفرط فيها كما فرطنا في الفرص السابقة، فرحِم الله عبدًا سارع إلى طاعة ربه ومولاه، واتخذ قرارًا عازمًا وغلب هواه؛ فكان له من عظيم الأجر ما تقر به يوم القيامة عيناه: ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ [الزمر: 56]، ثم اعلموا - يا عباد الله أن التوبة ليست لمغفرة الذنوب فقط، بل هي بذاتها عبادة جليلة مستقلة، مطلوبة من الجميع، من المحسن والمسيء، من المذنب وغير المذنب، فالجميع مطالَب بالتوبة، وبشكل دائم ومتجدد، وفي كل وقت وحين؛ تأمل قول الحق جل وعلا: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((يا أيها الناس، توبوا إلى الله واستغفروه؛ فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة))، فإذا كان هذا حال سيد البشر، ومن غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما الذي ينبغي أن يكون عليه حال المقصرين أمثالنا؟

 

ثم إن التوبة - يا عباد الله - من أحب الأعمال الصالحة إلى الله؛ ففي الحديث الصحيح: ((لَلَّهُ أشدُّ فرحًا بتوبة عبده من أحدكم إذا استيقظ على بعيره، قد أضله بأرض فَلاة))، وإذا كان الجميع مطالب بالتوبة؛ بنص قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ﴾ [التحريم: 8]، فهذا دليل على شدة أهميتها، وعلى أن الجميع في أمَسِّ الحاجة إليها، وكما أن الجميع في احتياج متجدد للهداية، فهم يدعون الله باستمرار: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]، فهم كذلك جميعًا في احتياج متجدد للتوبة.

 

فجددوا - يا عباد الله - توبتكم، وتداركوا بصادق الرغبة ما فاتكم، واحذروا الغفلات؛ فإنها درَكات، وبادروا نفيس الأوقات قبل الفوات، واستكثروا من الطاعات والصالحات، ونافسوا في الخيرات والمكْرُمات، وتعرضوا للرحمات والنفحات، والجِدَّ الجد تغنموا، والبِدار البدار ألَّا تندموا؛ ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ [الزمر: 56].

 

أحبتي في الله: هلمَّ لنتوب، هلم لندخل على ربنا التواب الرحيم بقلب نادم متألم، ونفس خاضعة منكسرة، لسان الحال والمقال: إلهي ومولاي وسيدي، يا رب، يا رب:

بك أستجير فمن يجير سواكا
فأجِرْ ضعيفًا يحتمي بحماكا
يا غافر الذنب العظيم وقابلًا
للتوب قلب تائب ناجاكا
يا رب عدت إلى رِحابك نادمًا
مستسلمًا مستمسكًا بعُراكا
أدعوك يا رب لتغفر حَوبتي
وتُعينني وتُمِدني بهداكا
فاقبل دعائي واستَجِبْ لِرجاوتي
ما خاب يومًا من دعا ورجاكا

 

هلم يا عباد الله لنتوب؛ فالتوبة من أعظم العبادات وأحبها إلى الله جل وعلا، بل إن الله تبارك وتعالى يفرح بتوبتنا فرحًا عجيبًا لا تستطيع العبارات وصفه؛ ففي صحيح مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيِسَ منها، فأتى شجرةً، فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها، قائمةً عنده، فأخذ بخِطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح)).

 

هلم يا عباد الله لنتوب؛ فقدوتنا وإمامنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم كان يتوب في اليوم الواحد أكثر من سبعين مرةً، وفي رواية أكثر من مائة مرة، والحديث في البخاري.

 

هلم يا عباد الله لنتوب؛ فربنا العظيم الرحيم جل جلاله ينزل في كل ليلة إلى سمائه الدنيا، نزولًا يليق بجلاله وكماله، فينادي: ((هل من تائب فأتوبَ عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟))، وجاء في البخاري ومسلم: أن الله تبارك وتعالى: ((يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)).

 

هلم يا عباد الله لنتوب؛ فربنا العفو الغفور يقول عن نفسه العلية: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه: 82]، ويقول جل وعلا: ﴿ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 39]، وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له)).

 

هلم يا عباد الله لنتوب؛ فالله جل وعلا يقول: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11]، ويقول تعالى: ﴿ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [التوبة: 74].

 

هلم يا عباد الله لنتوب؛ فربنا الكريم الرحيم ينادينا: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]، ويكرر النداء وينوِّعه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ﴾ [التحريم: 8]، ويبشرنا بالقبول؛ فيقول: ﴿ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 39]، بل إنه جل وعلا بواسع رحمته، وعظيم كرمه، يبدل سيئات التائب إلى حسنات؛ فيقول سبحانه: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70].

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 26 - 28].

 

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى؛ أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين، فعلى قدر الصدق يكون الفوز والفلاح؛ قال جل وعلا: ﴿ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ﴾ [محمد: 21]، ولا بد للصدق من دليل؛ قال تعالى: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 2، 3].

 

معاشر المؤمنين الكرام: لا شك أن شهر رمضان المبارك هو أعظم مواسم المؤمن وأغلاها، وأفضلها وأشرفها وأزكاها، رمضان مَوسِم نفيس جليل، ليس له في المواسم شبيه ولا مثيل، فأسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يبلغنا وإياكم شهر رمضان، وأبشركم كما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه؛ فيقول: ((أتاكم رمضان، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تُفتح فيه أبواب السماء، وتُغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغل فيه مَردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِم خيرها فقد حُرِم))، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((أتاكم شهر رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه برحمته، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، ينظر إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأرُوا الله من أنفسكم خيرًا، فإن الشقيَّ من حُرم رحمة الله)).

 

وحُقَّ والله للمؤمن أن يُبشَّر بموسم مبارك، تتضاعف فيه فرص الفوز والغنائم، وتكثر فيه أسباب التوفيق وقوة العزائم، وتُزال عنه المعوقات والمثبطات؛ فمردة الشياطين قد صُفدت، وسحائب الإيمان قد هبَّت وأقبلت، وبيوت الله قد ازدانت وتهيأت، وأبواب السماء والجِنان تفتحت، ونفحات الرحمن تنزلت، ودعوات المسلمين تضافرت وكثُرت، وقلوب الصائمين لانت ورقَّت، ونفوسهم تشوقت وتلهفت، فحريٌّ بالمسلم يا عباد الله أن يقدُر لهذا الشهر العظيم قدره، وأن يعرف له شرفه وفضله، وأن يستقبله أحسن استقبال، وأن يفرح بقدومه غاية الفرح، وأن يستعد له أحسن الاستعداد، وأن يُقبِلَ عليه أفضل الإقبال، فهي - يا عباد الله - مناسبة غالية ثمينة، وأوقات مميزة نفيسة، والسعيد والله من اغتنمها، واجتهد في الطاعات، فعمرها واستثمرها، ووالله لو قيل لأهل القبور تمنَّوا، لتمنَّوا يومًا من رمضان.

 

فيا من أدرك رمضان، استشعر قيمة ما وُهب لك، وبادر فرصتك، واعلم أن الله جل جلاله يدعوك للمسابقة في الخيرات، ويدعوك للمنافسة والمسارعة في الطاعات؛ فيقول جل وعلا: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148]، ويقول سبحانه وبحمده: ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [الواقعة: 10 - 12].

 

وتأملوا - عباد الله - قول ربكم جل وعلا: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ﴾ [البقرة: 245]، لتعلموا أن الله جل وعلا قد استقرضكم أموالكم، واستقرضكم أوقاتكم، واستقرضكم أعمالكم، ليوفيكم أجورًا مضاعفةً أضعافًا كثيرة؛ ففي صحيح مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: ((كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة عشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم؛ فإنه لي، وأنا أجزي به))، فاتقوا الله عباد الله، واستعدوا لرمضان، واعقدوا العزم على المتاجرة مع الله بأحسن ما تجدون.

 

واستعيذوا بالله أن تمر بكم مواسم الخير، وفرص الفوز والسعادة، ثم لا تزدادوا هدًى، ولا ترعووا عن هوًى؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أتى على المسلمين شهر خير لهم من رمضان، ولا أتى على المنافقين شهر شر لهم من رمضان، ثم قال في نهاية الحديث: هو غُنْمٌ للمؤمن، ونقمة للفاجر)).

 

نعم أحبتي في الله: رمضان فرصة، وأي فرصة، فاتقوا الله في هذه الفرصة الغالية، وحفِّزوا هِمَمَكم، وشُدُّوا عزائمكم، وابذلوا قصارى جهدكم، وأروا الله من أنفسكم خيرًا، وعليكم بالصبر والمصابرة، والجد والمثابرة، فبالجد والاجتهاد فاز من فاز، وسعِد مَن سعد، فاصدقوا الله يصدقكم، واستقبلوا شهركم بتوبة نصوح، وعودة صادقة، ونية وعزيمة محققة، استروحوا روائح الجنان، وتعرضوا لنفحات الكريم الرحمن، وتزودوا بزاد التقوى والإيمان، بلغني الله وإياكم شهر البر والتقوى والإحسان، وجعلنا دومًا من أهل الذكر والقرآن.

 

ويا بن آدم، عِشْ ما شئت...

 

اللهم صلِّ على محمد...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صفاء النفس.. واستقبال رمضان
  • استقبال رمضان
  • ذهاب الزمان واستقبال رمضان (خطبة)
  • استقبال رمضان (خطبة)
  • استقبال رمضان
  • أحوال الناس في استقبال رمضان (خطبة)
  • خطبة استقبال رمضان
  • أحسنوا الاستقبال.. لتحسنوا الاستغلال (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • التوبة.. التوبة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوبة إلى الله تعالى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوبة الصادقة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الترغيب في التوبة (توبوا إلى الله توبة نصوحا)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • وتوبوا إلى الله جميعا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 4/5/1432هـ - حان وقت التوبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأمور المعينة على التوبة (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة المسجد النبوي 14/5/1433 هـ - التوبة قبل فوات الأوان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوبة والندم على ما فات واستقبال شهر رمضان بقلب متلهف للطاعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أبحر في سفينة التوبة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب