• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    القران الكريم في أيدينا، فليكن في القلوب
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    مقام العبودية الحقة (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    الصدقات والطاعات سبب السعادة في الدنيا والآخرة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الخشوع المتخيل! الخشوع بين الأسطورة والواقع
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    الانقياد لأوامر الشرع (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    الوقت في الكتاب والسنة ومكانته وحفظه وإدارته ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    تفسير سورة العلق
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    النهي عن الوفاء بنذر المعصية
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الدرس السادس والعشرون: الزكاة
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الخلاصة في تفسير آية الجلابيب وآية الزينة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    خطبة: وقفة محاسبة في زمن الفتن
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    فضل التبكير إلى صلاة الجمعة والتحذير من التخلف ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    مختصر رسالة إلى القضاة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    كيف أكون سعيدة؟
    د. عالية حسن عمر العمودي
  •  
    أوقات إجابة الدعاء والذين يستجاب دعاؤهم
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد / في أسماء الله
علامة باركود

علو الله تعالى على خلقه (1)

علو الله تعالى على خلقه (1)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/3/2023 ميلادي - 9/8/1444 هجري

الزيارات: 13587

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

علو الله تعالى على خلقه (1)


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى؛ ﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴾ [الْأَعْلَى: 2-5]، نَحْمَدُهُ فَهُوَ أَهْلُ الْحَمْدِ كُلِّهِ، وَلَهُ الْمُلْكُ كُلُّهُ، وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، عَلَانِيَتُهُ وَسِرُّهُ، فَأَهْلٌ أَنْ يُحْمَدَ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ ﴿ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ * وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 84- 85]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَأَتْقَاهُمْ لَهُ، نَعَتَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ بِنُعُوتِ الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ وَالْكَمَالِ، وَنَزَّهَهُ عَنِ الْأَنْدَادِ وَالْأَمْثَالِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَصِفُوهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ بَيَّنَ لِعِبَادِهِ فِي كِتَابِهِ جُمْلَةً مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 180].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لَا أَحَدَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ سُبْحَانَهُ، وَأَعْلَمُ الْبَشَرِ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ رُسُلُهُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّمَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُعَلِّمُوا النَّاسَ مَا عَلَّمَهُمْ. وَمَا أَجَلَّهَا مِنْ نِعْمَةٍ، وَأَعْظَمَهُ مِنْ شَرَفٍ لِلْبَشَرِ؛ أَنْ يُخْبِرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ نَفْسِهِ، سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ.

 

وَمِمَّا أَخْبَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ الْأَمِينِ؛ عُلُوُّهُ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى خَلْقِهِ، وَالْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ فِي إِثْبَاتِ عُلُوِّهِ كَثِيرَةٌ وَمَنَوَّعَةٌ:

فَمِنْهَا آيَاتٌ فِيهَا اسْمُهُ الْعَلِيُّ، وَاسْمُهُ الْأَعْلَى، وَاسْمُهُ الْمُتَعَالِ، وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى صِفَةِ الْعُلُوِّ، وَخُتِمَتْ آيَةُ الْكُرْسِيِّ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 255]، وَكَأَنَّ الْمُؤْمِنَ وَهُوَ يَقْرَؤُهَا بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَقَبْلَ النَّوْمِ يَسْتَحْضِرُ عُلُوَّ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُكَرِّرُ الِاسْتِحْضَارَ لِعُلُوِّهِ سُبْحَانَهُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، فَيُعَظِّمُهُ وَيَذْكُرُهُ وَيَعْبُدُهُ، وَقَدْ يَقْرِنُ بِهِ اسْمَهُ الْكَبِيرَ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الْحَجِّ: 62]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [سَبَأٍ: 23]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ﴾ [غَافِرٍ: 12]، وَقَدْ يُقَدَّمُ اسْمُ الْكَبِيرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ﴾ [الرَّعْدِ: 9]، وَقَدْ يُقْرَنُ بِهِ اسْمُ الْعَظِيمِ كَمَا فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَفِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [الشُّورَى: 4]، وَفِي مَقَامٍ آخَرَ أَمَرَ عِبَادَهُ بِتَسْبِيحِهِ وَقَرَنَ أَمْرَهُ بِاسْمِهِ الْأَعْلَى ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الْأَعْلَى: 1]، وَسُمِّيَتِ السُّورَةُ بِاسْمِهِ الْأَعْلَى، وَهِيَ مِنَ السُّوَرِ الَّتِي يُسَنُّ قِرَاءَتُهَا فِي الْمَحَافِلِ الْكَبِيرَةِ كَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ؛ لِلدَّلَالَةِ عَلَى عُلُوِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ﴾ [اللَّيْلِ: 19-20]، وَوَصَفَ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ بِالْعُلُوِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 34] «أَيْ: لَهُ الْعُلُوُّ الْمُطْلَقُ بِجَمِيعِ الْوُجُوهِ وَالِاعْتِبَارَاتِ، عُلُوُّ الذَّاتِ وَعُلُوُّ الْقَدْرِ وَعُلُوُّ الْقَهْرِ، الْكَبِيرُ الَّذِي لَا أَكْبَرَ مِنْهُ وَلَا أَجَلَّ وَلَا أَعْظَمَ، كَبِيرُ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ». بَلْ إِنَّ الْمُصَلِّيَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ يَتَذَكَّرُ عُلُوَّ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ سَجْدَةٍ يَسْجُدُهَا، فَيَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى. كُلُّ ذَلِكَ تَعْلِيمٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ بِعُلُوِّ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، «فَالْأَعْلَى: مَفْهُومٌ فِي اللُّغَةِ أَنَّهُ أَعْلَى شَيْءٍ، وَفَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ» فَسُبْحَانَ رَبِّنَا الْعَلِيِّ الْأَعْلَى.

 

وَآيَاتٌ أُخْرَى فِي الْقُرْآنِ فِيهَا إِثْبَاتُ عُلُوِّ اللَّهِ تَعَالَى بِذِكْرِ فَوْقِيَّتِهِ ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 18]، وَوَصَفَ سُبْحَانَهُ الْمَلَائِكَةَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فَقَالَ: ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 50]. وَلَمَّا تَزَوَّجَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَآيَاتٌ أُخْرَى فِي الْقُرْآنِ فِيهَا إِثْبَاتُ عُلُوِّ اللَّهِ تَعَالَى بِذِكْرِ مَا يُرْفَعُ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ؛ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 55]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ﴾ [النِّسَاءِ: 158]. وَمِثْلُ ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ...» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَرَفْعُ أَعْمَالِ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى دَلِيلٌ عَلَى عُلُوِّهِ بِذَاتِهِ سُبْحَانَهُ.

 

وَتَارَةً يُعَبَّرُ عَنِ الرَّفْعِ بِالصُّعُودِ كَمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ﴾ [فَاطِرٍ: 10]. وَمِثْلُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَصُعُودُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَوْضَحِ الْأَدِلَّةِ عَلَى عُلُوِّهِ بِذَاتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

 

وَآيَاتٌ أُخْرَى فِي الْقُرْآنِ فِيهَا إِثْبَاتُ عُلُوِّ اللَّهِ تَعَالَى بِذِكْرِ مَا يُنَزِّلُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى خَلْقِهِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 176]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 44]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 1]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [الْقَدْرِ: 1]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 193]. وَالرُّوحُ الْأَمِينُ هُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَلَ بِالْقُرْآنِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، تَكَلَّمَ بِهِ حَقِيقَةً، وَنَزَلَ مِنْ عِنْدِهِ حَقِيقَةً؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عُلُوِّ اللَّهِ تَعَالَى بِذَاتِهِ عَلَى مَخْلُوقَاتِهِ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مُهْتَدِينَ مُتَّبِعِينَ، لَا ضَالِّينَ وَلَا مُبْتَدِعِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: عُلُوُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ تَوَاتَرَتْ بِهِ أَدِلَّةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ، وَدَلَّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ وَالْفِطْرَةُ، وَهُوَ أَمْرٌ مَعْلُومٌ لَدَى كُلِّ مُسْلِمٍ؛ لَوْلَا أَنَّ مُبْتَدِعَةً ظَهَرُوا بَعْدَ زَمَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَاسْتَمَدُّوا عَقَائِدَهُمْ مِنْ دِيَانَاتٍ مُحَرَّفَةٍ، وَفَلْسَفَاتٍ وَضْعِيَّةٍ، وَمَذَاهِبَ بَاطِنِيَّةٍ، ثُمَّ رَأَوْا أَنَّ عَقَائِدَهُمُ الْمُنْحَرِفَةَ فِي عُلُوِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ تُصَادِمُ نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَتُخَالِفُ الْعَقْلَ وَالْفِطْرَةَ، فَحَرَّفُوا مَعَانِيَ النُّصُوصِ الْوَاضِحَةِ، وَصَادَرُوا الْعَقْلَ وَهُمْ يَتَبَجَّحُونَ بِهِ، وَخَالَفُوا الْفِطْرَةَ السَّوِيَّةَ.. وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَصِحَّ أَقْوَالُهُمُ الْمُنْحَرِفَةُ فِي نَفْيِ عُلُوِّ اللَّهِ تَعَالَى بِذَاتِهِ عَلَى خَلْقِهِ. فَمِنْهُمْ طَائِفَةٌ زَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي كُلِّ مَكَانٍ بِذَاتِهِ، لَا بِعِلْمِهِ وَإِحَاطَتِهِ، فَكَانَ رَبُّهُمُ الَّذِي زَعَمُوهُ مَوْجُودًا بِذَاتِهِ فِي الْمَزَابِلِ وَالْحُشُوشِ وَالْحَمَّامَاتِ وَأَمَاكِنِ الْقَذَرِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ زَعْمِهِمْ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَطَائِفَةٌ أُخْرَى زَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ، وَلَا مُتَّصِلًا بِهِ وَلَا مُنْفَصِلًا عَنْهُ، وَلَا فَوْقَهُ وَلَا تَحْتَهُ... إِلَى آخِرِ تُرَّهَاتِهِمُ الَّتِي وَصَفُوا بِهَا الرَّبَّ سُبْحَانَهُ، فَشَبَّهُوهُ بِالْمَعْدُومِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.

 

وَيَسْتَمِيتُ الْمُبْتَدِعَةُ الضُّلَّالُ فِي إِيصَالِ هَذِهِ الْعَقِيدَةِ الْفَاسِدَةِ إِلَى عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ وَأَطْفَالِهِمْ، بِمَا يَنْشَطُونَ فِيهِ مِنْ دُرُوسٍ وَمُحَاضَرَاتٍ وَنَدَوَاتٍ، يَبُثُّونَهَا فِي وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْجَمَاعِيِّ. بَلْ صَارُوا يَخْطُبُونَ بِعَقِيدَتِهِمُ الْفَاسِدَةِ عَلَى الْمَنَابِرِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْبِلَادِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهَا مِنْ أَدْعِيَةِ الطَّوَافِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، وَيُصَوِّرُهَا وَيَبُثُّهَا لِلْعَامَّةِ، وَبَعْضُهُمْ يُلَقِّنُهَا لِلْأَطْفَالِ اللَّاجِئِينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ؛ لِذَا وَجَبَ الْحَذَرُ مِنْهُمْ وَمِنْ إِضْلَالِهِمْ لِلنَّاسِ؛ فَإِنَّ عُلُوَّ اللَّهِ تَعَالَى بِذَاتِهِ عَلَى خَلْقِهِ مُسْتَقِرٌّ فِي الْفِطَرِ السَّوِيَّةِ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ الْعُقُولُ الصَّرِيحَةُ، وَتَوَاتَرَتْ بِهِ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَكِنَّ أَصْحَابَ الْأَهْوَاءِ فِي ضَلَالِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 23].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علو الله فوق العرش ( للأطفال )
  • مسألة علو الله واستوائه على عرشه: بين المتكلمين وأهل الحديث
  • علو الله تعالى على خلقه (2)
  • علو الله تعالى على خلقه (3)
  • علو الله تعالى على خلقه (4)

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة العلو للعلي العظيم (العلو للعلي الغفار في إيضاح صحيح الأخبار وسقيمها) (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الأربعون حديثا في علو الله العلي الأعلى على خلقه واستواءه على عرشه، ويليه نقل عن 100 من علماء السلف في إثبات علو الله على خلقه واستواءه على عرشه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الشباب وعلو الهمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسس وقواعد الإيمان بصفات الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • انتقاد العلماء لبعض ما في الصحيحين دليل صحتهما وعلو درجتهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علو الهمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علو مكانة الصحابة وفضائلهم في تفسير ابن كثير (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الإسلام يحقق السيادة والعلو والتمكين في الأرض وعصمة من الضلال والزيغ والانحراف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علو الهمة يتحقق بعدم سؤال الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفاوت الأولاد في الذكاء وعلو الهمة(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/12/1446هـ - الساعة: 15:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب